أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - توفيق أبو شومر - التوحيدية كارثة ثقافية














المزيد.....

التوحيدية كارثة ثقافية


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 4370 - 2014 / 2 / 19 - 16:39
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


قال لي أحد المثقَّفين بفخر:
"أنا لا أخرج من بيتي، ولا أرى أحدا إلا نادرا"
فهل هناك فترة تاريخية، أو أدبيةُ تُشبه حالنا اليوم؟
أليس اعتزالُ المثقفين كارثةً ثقافية ووطنية؟!!
وما أعراض هذا المرض على مجتمعنا؟
قلت: هاأنت قد أعدتَ إليَّ صورةَ أشهر أدباء العُزلة، وهو من أكبر فلاسفة العرب ومفكريهم، فهو الذي قال:
"هناك طائفةٌ مِن الكُتَّابِ يسنونَ أقلامهم للمكائد، أكثر مما يسنونها للكتابة، وهناك مَن أقلامُهم مسخَّرةٌ للتبرير، وليست موظفةً للتغيير"
وأورد هذا الفيلسوفُ المبدع في كُتبه مجموعةً من الحِكَم، نَقَلَها عن الحُكماء السابقين، ومما نقله عن الفيلسوف اليوناني ديوجانس، عندما سُئل:
متى تطيبُ الدنيا؟
فقال: "إذا تفلسف ملوكُها، وحَكَمَ فلاسفتُها"
وقال وهو يبكي حالته المادية:
"أنا لا أسترزق من مهنتي، وهي مهنة ( نسخ الكتب)، مع صحة نقلي، وتزويق خطي، وخلوِّهِ من التصحيف والتحريف، بمثل ما يسترزقُ البليدُ الذي يمسخُ الأصلَ والفرعَ"
إنه فيلسوفُ الأدباء وأديبُ الفلاسفة، أبو حيان التوحيدي، المجايلُ للشاعر أبي الطيب المتنبي، في منتصف القرن العاشر الميلادي، أو الرابع الهجري.
إنه يشير إلى حالة الأدباء والمثقفين، ويشخِّصُ حالتهم تشخيصا دقيقا، لا مثيل له.
فهو يُشير إلى يأسهم وقنوطهم، وانصراف الناس عنهم، وانزوائهم وفقرهم.
وهو الذي أحرق كُتبه، في حادثة لا مثيل لها، وقال وهو يُشعل فيها النار:
هيهاتَ هيهات لا كُتبي ولا أقلامي
تُغني بنيَّ إذا أحَمَّ حِمَامي
النارُ أولى بالذي أنا جامعٌ
إمَّا لدفءٍ أو لنُضْجِ طعامي
اعلمْ يا صديقي، أنَّ الأسوأ من ذلك كله أن يصل المثقفون والمبدعون إلى الحالة المَرَضِيَّةِ (التوحيدية)، نسبة إلى أبي حيان التوحيدي، وهي أقسى درجات الإحباط المَرضيَّة، وهي تتلخص في أن يتخلص المبدعون من فكرهم وعبقريتهم،ويعودوا إلى قطيع العوام، عودة اليأس والإحباط، وليستْ عودة الوعي والثقافة!
فمرض التوحيدية مرضٌ خطير، أصاب فيلسوف الأدباء، وأديب الفلاسفة،أبو حيان التوحيدي، وأصاب غيره من قبله، عندما أقدم التوحيدي على حرق كتبه، تأثر بمن سبقوه من المثقفين المحبّطِيْن، فهو يقول:
"لي في إحراق كتبي أُسوةٌ بمن سبقوني، فأبو عمرو بن العلاء دفن كُتبَه في باطن الأرض، وداود الطائي رمى كتبه في البحر، ويوسف بن أسباط دفن كتبه في غارٍ، وقال: دلنا العلمُ في الأول، ثم أضلَّنا في الثاني، وأبو سفيان الداراني أحرق كتبه، وقال: والله ما أحرقتك، حتى كدتُ أحترقُ بك، وسفيان الثوري مزق كتبه وطيرها في الريح!!"
نعم، إن مرض التوحيدية هو أخطر الأمراض، التي تصيب النخاع الثقافي للأمم، فتشلُّ حركتها، وتصير الأممُ المصابةُ مُعوِّقةً، عاجزة عن اللحاق بركب الأمم، وإليك أعراض مرض الحيانية:
هجرة المبدعين والنابغين من الأوطان، وهو من أخطر أمراض التوحيدية، وكذلك غياب الرؤية الإستراتيجية، والخطط المستقبلية للثقافة في المجتمع، ومن الأعراض الخطيرة أيضا اعتبارُ التاريخ الماضي السالف، هو الطريق الوحيد الموصل للمستقبل، وهو يعني،وضع سدود وموانع أمام الثقافات المختلفة، ومنعها من الوصول للقارئين، وتحريم تداولها وترجمتها من اللغات الأخرى، ومن أعراضه، أن تصبحَ الغايةُ من التعليم فقط الحصولَ على الوظيفة، ويصبح التعليمُ حشوا للعقول، وليس تثقيفا وتوعية، ومن أعراض مرض التوحيدية تسليعُ العلوم، أي جعلها سلعة، تُباع وتشترى، في شكل شهادات، من المعاهد والجامعات. ومن الأعراض الخطيرة لهذا المرض أيضا، قصرُ الثقافةِ بمفهومها الشامل، على الهوامش، كالخطابة، وكتابة القصص، والأشعار، والديماغوجية السياسية الحزبية، واعتبار ثقافة الأحزاب السياسية هي جُماع المفهوم الثقافي.



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البصاق ليس مطرا من السماء
- جيش يهودي لغزو أسبانيا
- أسباب شيخوخة الأحزاب
- اتقوا عدوى الإحباط
- رياح التسونامي الاقتصادي تضرب إسرائيل
- من هم فرق الرعب في غزة؟
- لماذا تجسس إسحق بيرغيل على إسرائيل؟
- الناس على دين إعلامهم
- فضيحة عاشق من شرطة إسرائيل
- تصفية اللاجئين خطة رقم 2
- تصفية المخزون النضالي الفلسطيني في اليرموك
- رسالة خاصة إلى العوليم ليبرمان
- من هو القائد الذي هزم شارون؟
- من هو حاخام الإكس ري؟
- مؤتمر مستقبل جيش إسرائيل
- الفنانة نجوى كرم لاسامية
- ملفات جاسوسية إسرائيلية جديدة
- قصاصو الأثر في الجيش الإسرائيلي والدروز
- هل بيتكم كبيتي مخزن لأدوات الكهرباء؟
- قصة مدرسة أمريكية


المزيد.....




- لاستعادة زبائنها.. ماكدونالدز تقوم بتغييرات هي الأكبر منذ سن ...
- مذيع CNN لنجل شاه إيران الراحل: ما هدف زيارتك لإسرائيل؟ شاهد ...
- لماذا يلعب منتخب إسرائيل في أوروبا رغم وقوعها في قارة آسيا؟ ...
- إسرائيل تصعّد هجماتها وتوقع قتلى وجرحى في لبنان وغزة وحزب ا ...
- مقتل 33 شخصاً وإصابة 25 في اشتباكات طائفية شمال غرب باكستان ...
- لبنان..11 قتيلا وأكثر من 20 جريحا جراء غارة إسرائيلية على ال ...
- ميركل: لا يمكن لأوكرانيا التفرّد بقرار التفاوض مع روسيا
- كيف تؤثر شخصيات الحيوانات في القصص على مهارات الطفل العقلية؟ ...
- الكويت تسحب جنسيتها من رئيس شركة -روتانا- سالم الهندي
- مسلسل -الصومعة- : ما تبقى من البشرية بين الخضوع لحكام -الساي ...


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - توفيق أبو شومر - التوحيدية كارثة ثقافية