|
اغتيال الحرية!
امال طعمه
الحوار المتمدن-العدد: 4369 - 2014 / 2 / 18 - 15:09
المحور:
ملف - المرأة بين النص الديني والقانون المدني الحديث، قانون الأحوال الشخصية للمسلمين ولغير المسلمين،بمناسبة 8 مارت -آذار عيد المرأة العالمي 2014
سالت الدماء الحمراء على الأرض ..معلنة النصر ..والشرف!
كان دمها رخيصا..مجرد فتاة خرجت عن طوع أهلها..خرجت عن المألوف ..خرجت عن الخط والمسار المعهود؟؟ خرجت عن إطار الأنثى السجينة..أرادت الإنطلاق بحريتها ..الإنطلاق بعقلها ..الإرتقاء الى أماكن شاهقة لايدركها هؤلاء المسجونون في زنزانة العادات! والمزروعون على أرصفة التقليد! والمتقوقعون في أديرة لا قداسة فيها! أديرة تعبد جسد المرأة وتهوس به وتهيم بتعاريجه! وعند أول فرصة تدوسه ! وعند أول شك تمزقه! تقدس رغبتها بالجسد الأنثوي وتميت الروح الذي تسكنه!
كثر الحديث عنها.. في الحارة التي تسكنها .. كانت قد جاءت مع عائلتها من قرية نائية.. إلى المدينة ! الأب يعمل في دائرة حكومية والأم مكانها المنزل! والأخوة يدرسون في الجامعات.. كانت طفلة صغيرة عندما هاجرت من كروم الزيتون إلى غابة الإسمنت ! لم تعش أجواء القرية!ولم تعرف أن عقل كل القرية قد هاجر مع عائلتها وأن تلك المدينة نسخة ممسوخة من القرية! جاء دورها..بعد حين ..نجحت في الثانوية ..تفوق وامتياز هي الطالبة الفقيرة ! لم تأخذ دروسا خصوصية ولم تذهب لمعاهد معروفة ، كانت واسعة الإطلاع ، سريعة البديهة، كانت أشطر من الأولاد ! فتاة عقلها كبير، بمئة ولد! هذا ماكان يقوله أباها المسكين! هكذا كانت ذكية!
كبرت ..ظنت أن التقليد والعادات كلها ظلت ورائها في القرية..لتجد أبيها لم يزل بذات العقلية! وأن أخوتها المتعلمين زادوا تطرفا وانغلاقا وسلطوية! مانفع ذاك التعليم وتلك الجامعات؟ يدخلها الفتى ..فيضيق الأفق وتزيد القبلية!
كلهن في الحارة يلبسن الحجاب! هكذا قالت أمها ونظرات الاستهجان في عينيها :أما أن لك يا ابنتي أن ترضي ربك ! ضحكت هي وقالت :وهل أغضبته حتى أرضيه؟ لم ترد أن تلبس الحجاب ..قالت:حجبت السوء عن عقلي قبل ان أحجب الضوء عن جسدي! أما أن لكم أن تحجبوا السوء أنتم عن عقولكم!
بعض النسوة في الحارة الشعبية بدأن يثرثرن .. يزرعن الفتنة بأحاديثهن.. تلك الفتاة السافرة ..انظرن كيف تمشي مختالة بجمالها! ياليت تلبس الحجاب لتستر ذاك الجمال ، وتستر على عقول الشباب! أنظرن! مازالت سافرة ..كيف يسمح أبوها واخوتها بهذا الفجور!أنظرن ..يال الغرور!
كثر الحديث ..والهمسات والنظرات..وبعض الشجارات ! اصطنعها صِبية الحارة مع اخوتها والمارة! وبعض الطوشات بين الجارات وتلك الغمزات..وذلك الاستعلاء! رضخت لمشيئة أبيها ..وكلام نسوان الحارة!وكلام بعض العقلاء.. أم بعض البلهاء! لم تر أبدا في لبس الحجاب اشكال،بل رأت المشكلة في عيون بل عقول الرجال! أمسكت ذلك المنديل . ووضعته على الشعر الطويل! ومشت في طريقها..عساها يوما ستدق أبواب الحرية! مع هذا لم تشعر أنها الأن محمية من العيون المشتهية! بضع كلمات وبضع نظرات وبضع تحرشات! مازالت نفس الأشياء تحدث ونفس الأشياء السطحية!
كانت تريد أن تملأ الكون حبا وفكرا وحيوية! أرادت أن تساهم في حركة الحياة ولو بالقليل !هي الفتاة شبه القروية! أرادت أن تقول للدنيا أنا هنا وانتظريني سوف أفعل أشياء عظيمة! وقفت تصدح بقصائدها على المدرجات! وتكتب بعض الكلمات على حائط الحياة! كانت تدعو لنبذ العنف وتحرير الفكر وإلغاء العبودية للذكورية ! وتسلط الشهوة في فكر الذكر! كانت تدعو إلى تقديس المرأة كلها! لا الرغبة في جسدها ! كانت تدعو إلى تقديس الحياة! كانت تدعو إلى التحرر!! إلى الحرية في مجتمع يعشق العبودية!كانت تدعو الى المحظورات! كانت مختلفة وكانت لاتسلك نفس الطريق! ولا تسير خلف نفس القواعد!.. رفضها الجميع ..ياله من مجتمع خواف! يرفض الإختلاف لمجرد الإختلاف! قيل عنها الكثير في الجامعة في الحارة.. وصفوها بأبشع الصفات،،وشتموها بأقسى الكلمات كل هذا لأنها خرجت عن المألوف! لم تفعل خطية ولم ترتكب إثما،فقط كانت تقول رأيها بدون خوف!هل هذه خطية؟
في مجتمع يهرب من الحياة ويهرع إلى الموت ! يمقت الحقيقة ويقدس الكذب! يهرب من الحب ويلتجأ إلى الكره..ربما كانت هذه من الكبائر! أن تواجه الناس بالحقيقة وتعري وجوههم الذميمة! وتنزع القدسية عن أفكارهم القبيحة!نعم أنها ليست فقط خطيئة إنها من الكبائر!
لم يكن هناك خيار ,,لدى أهلها الأبرار.. فبعدما قيل لهم ..ابنتكم هناك في أحضان شاب .. وعلى سرير الرذيلة! كان الإختيار وكان القرار.. وهل يغسل العار بغير الموت ! كان الموت هو الوسيلة! دون محاكمة دون قضية! كان شبح الزيف والخداع يقتل الحرية!
سكين حادة ملساء وطعنة خرقاء ..وصرخة مدوية! وعينان انطفأت فيهما الحياة! لكن لم تنطفأ فيهما الحرية! نظرة خوف وجزع! نظرة حزن على الحب! أين ذهب يا أبي! وأنت يا أخي ! وأنت يا أمي ألم تحركك الحنية! كيف قدرتم على اغتيالي واغتيال أحلامي! كيف هانت عليكم رؤية ألامي!
حركتهم الكلمات والعواطف وبئسها من عواطف مزيفة! لارتكاب جرم أسموه زورا شرف! كل هذه الدماء! لأجل ضياع بضع قطرات من دماء! يا له من هبل و ترف! أن نقتل الحياة ..من أجل عار وزيف شرف!
وكان العار قد غُسل بسيلان الدماء..وطعنة من سكين! ويأتي أحدهم بخبر يقين! لم تكن مع أحدهم ولم تكن يوما مع غيره ! ولم تفعل رذيلة أو خطية! كانت ضحية! ضحية اغتيال الحرية! ضحية كلمات حقد وغيرة أسكتت نهرا من العطاء! كانت ضحية تقليد وعادات وبضعة كلمات.. ضحية عقلية قبلية جوفاء! تلك الفتاة المنسية.. كانت ماتزال عذراء..
فإلى متى ؟مسلسل العار وجرائم الشرف؟؟
#امال_طعمه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
زي السحر
-
تأملات الوداع
-
الفالنتاين
-
من هذه الحياة (4).. ذاك الثوب الأبيض
-
الكتابة بين الحقيقة والخيال
-
بعضا من الورود!
-
لحظة انتحار
-
العداد
-
مشاعر أم
-
اضواء ...على وضع المرأة
-
اضواء.. على تحرر المرأة
-
من هذه الحياة(3)اوهام رجل..
-
ترهات فيسبوكية
-
من هذه الحياة(2).. وجاء الموعد
-
نحن والسر الفيروزي!!
-
قميص أسود
-
من هذه الحياة(1).. بانتظار الخبر السعيد
-
تمرد تحت المطر
المزيد.....
-
مقتل 10 أشخاص في هجوم مسلحين على قرية علوية بريف حماة وفتح ت
...
-
ماذا دار بأول اتصال بين ترامب والسيسي بعد إعلان مقترحه لنقل
...
-
اجتماع عربي يرفض -تهجير الفلسطينيين خارج أرضهم-، وإسرائيل تف
...
-
النرويج تفرج عن سفينة يقودها طاقم روسي بعد الاشتباه بدورها ف
...
-
السودان: مقتل العشرات في هجوم للدعم السريع على سوق بأم درمان
...
-
من أصحاب الأحكام العالية.. من هو المصري الذي أفرجت عنه إسرائ
...
-
بحرية الحرس الثوري الإيراني تكشف عن -مدينة صاروخية- جديدة
-
راجمات الصواريخ تدك القوات الأوكرانية
-
ترامب يقيل روهيت تشوبرا مدير مكتب الحماية المالية للمستهلك ا
...
-
السفير الإيراني يوضح مستقبل العلاقات بين موسكو وطهران في عهد
...
المزيد.....
-
دراسة نقدية لمسألة العنف القائم على النوع الاجتماعي بالمغرب
...
/ أحمد الخراز
المزيد.....
|