أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جهاد علاونه - أبحث عن يسوع














المزيد.....

أبحث عن يسوع


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 4369 - 2014 / 2 / 18 - 13:47
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يا يسوع أراكَ وجها يلمع , وعينا ثاقبة النظر, أراك يا يسوع بين كلماتي الضائعة تبحثُ فيها عن مخرجٍ يخرجني من أزمتي هذي, إني مخنوقٌ جدا من هذا العالم الذي لا يبالي , مخنوقٌ من وقاحة الدجاجلة, مخنوق من مراوغة الناس, مخنوقٌ من الذين لا يعرفونك جيدا, أولئك الذين لا يتذوقون طعمك في الخبز وفي الماء وفي الخمر, أولئك الذين لا يرون سماحة وجهك وأنت تطلاُ على هذا العالم القاسي, إني أحرقتُ من خلفي كل قوارب النجاة التي ستعيدني يوما إلى أهلي, الآن لا استطيع العودة وارتقيتُ مرتقَ صعبا للغاية, ودعتُ من خلفي كل أقاربي واعتبرتك قريبي الوحيد, ودعتُ كل أحبابي لأنك أصبحت حبيبي الوحيد, نظرتُ حولي تفقدتُ كل الأهل والجيران ولم أجد لي غيرك.

وأراك خطوطا متقاطعة تبحثُ عن ريشة فنان مُلهمة, وعن رشاقة لاعب سيرك يلوي رأسه خلف رقبته ويضع رجليه موضع أذنيه..أحرقتُ من ورائي كل التراث الوثني الذي ورثته عن أجدادي ,وخلوتُ وحدي وصاحبتُ الذئب في خلوتي واستأنستُ بوحوش الصحاري, أراك يا يسوع على موعدٍ معي في قصة عشاء أخرى, يسوع: أنت تعرفُ عني كل شيء ولا أعرفُ عنك شيئا, فقل لي إلى متى سنبقى على هذه الحال؟ ولماذا قومك نسوك واستبدلوك بالطواف حول الأوثان الحجرية؟ لماذا يتركون حضن الأب ويحتضنون أربعة جدران؟ لماذا كل هذه المشاكل؟ لماذا كل هذا اللؤم؟ ما زلتُ أعرف القليل عن معجزاتك مع أنني أراها كل يوم في صحوي وفي نومي , وأراك تقوم من بين الناس الأموات , هم أموات وإن كانوا على قيد الحياة, وأنا بنظري كل من لا يعرفك ميت,وكل من لا يشاهد معجزاتك ميت, وأغلب الناس في عداد الموتى حتى وإن كانوا أحياء يرزقون.

ما زلتُ أصلي كل يوم لكي أعرف عنك بالإشراق أكثر, يأبى نورك الذي دخل قلبي أن يخرج منه , وبعد أن تذوق قلبي طعم الحياة معك يرفض جدا هذا القلب أن يشاركه في الحياة إلهاً آخر, ما زلتُ أجهل صوتك ولا أعرف أين أنت الآن!, ما زلتُ أبحثُ عنك وأبحثُ عن نفسي بين ذراعيك , ما زلتُ أحن إلى يوم الرجوع إليك , ما زلتُ قابضا على يدي, ما زلتُ أحن إليك, أعطش لوجودك معي, أجوع لكي ألمس يديك وأنت تسقيني وتطعمني, قلبي لم يعد يحتمل كل هذا العناء, أعنّي على نفسي قليلا لكي أحتمل وجودي في هذه الحياة, حاول أن تشق بصدري طريقا إليك, حاول أن تبقى في قلبي أطول مدةٍ زمنية, فبلادي قد تصحرت كثيرا والمطر لم يعد يسقط فيها, بلادي احترقت جميعها , بلادي تلتقطُ أنفاسها الأخيرة, بلادي غريقة قد غرقتْ بالجهل وبظلام القرون الوسطى, بلادي تتبع الدجال, وملايين الدجاجلة فيها لبسوا لباس الحرب وتحكم الشيوخُ فيها واستوطنها الغرباء, أرضك التي مشيت عليها وعمدك عليها يوحنا المعمدان الآن سقطت في أيدِ المساجد المزخرفة , فأصبحنا نجهلُ كل شيء ولا نعرفُ أي شيء, بلادي أفسدها زعماء الإصلاح الديني والسياسي , الناس في بلادي ينتظرون عودتك إليها لتكشف لهم عن حقيقة الدجال الذي يتبعونه , بلادي واحة من الدماء الغالية الثمن , وكل شيء في بلادي ينزف, الاقتصاد ينزف والناس ينزفون والمثقفون ينزفون ورائحة الجراح تملئ المكان , والخراف الضالة تبحثُ عن راعيها , بلادي عبارة عن إبرة ضائعة في كومة قشٍ , بلادي مهمومة, بلادي مكسورة النفس والخاطر, بلادي أعجوبة مضحكة ومبكية وشر البلية ما يضحك.

أبحثُ عن مكانٍ أصلي فيه, أبحثُ عن يسوع في الجداول والينابيع الصغيرة , أبحثُ عنك في الزوايا الحادة, لم يبقَ شيء خلفي أملكه, بعتُ كل ما أملكه واخترتُ أن أمشي وراءك على درب الآلام الحزينة , أبحثُ عنك في الغرف الضيقة وفي الزمان الضائع, مشردون نحن, تائهون نحن, معذبون نحن, لا أحد يمد يده إلينا, لا أحد يبحث عنا, النار من حولنا تلتهم منازلنا, النار في قلوبنا, النار في عيوننا, وكل ومضة أمل تجعلني أصعد فوق الدار أنظرُ في السماء باحثا عن ذراعيك لكي يتضمني , أبحثُ في السماء الواسعة عن جناحٍ يحملني إليك, أبحث عن بصيص أمل , أستنجد أحيانا بالثوار الذين ثاروا على النهدين والعينين, أبحثُ عن صوتي في كل مكانٍ ينادي عليك , أبحثُ عن زجاجة نبيذ تكون فيها , أبحثُ عمن يسقيني منها, أبحثُ عن نزار قباني وعن جبران خليل جبران, أبحثُ عن السواعد القوية , أبحثُ عن ملاكٍ طائرٍ يرسل بشوقي إليك , أبحثُ عن ساعي بريد وعن ورقة وعن قلم وعن علبة ألوانٍ ألوّنُ فيها الرياح التي تهبُ على وجهي , أبحثُ عن وطنٍ يؤويني وعن شجرة زيتونٍ أجلس في ظلها , أبحثُ عن تفاح بلادي في خديك , وعن روحي وهي بين يديك.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يسوع ليس تاجرا
- يسوع ليس قاتلا ولا متطرفا
- لماذا جاء يسوع؟
- جوزيف المسيحي
- اختبرت يسوع
- إلى يسوع
- صلاتي ل يسوع
- أحببت يسوع
- اعتدت على الحياة مع يسوع
- الحياة بدون يسوع
- سألوني عن يسوع
- يسوع 2
- من أين جاء أسم محمد؟
- الاقباط أول من بنى الكعبة من الحجارة
- الإسلام هو المشكلة
- الميثولوجيا القرآنية
- أهل الميئين
- القرآن زور التوراة والإنجيل
- الحك بالحجر الأسود
- الله أرسلني للمسلمين وليس للمسيحيين أو اليهود


المزيد.....




- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 بجودة عالي ...
- طقوس بسيطة لأسقف بسيط.. البابا فرانسيس يراجع تفاصيل جنازته ع ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جهاد علاونه - أبحث عن يسوع