|
المدرسة: شيطنة الفكر... الإسلام الآلي... نور العقل
بلعابيد عائشة
الحوار المتمدن-العدد: 4368 - 2014 / 2 / 17 - 19:23
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أي تفكير في الحلول لما نعيشه يجب أن يبدأ بأسباب ما نعيشه لا بنتائجه والمؤسف أننا تعودنا أن نفكر في النتيجة ونعتبرها مشكلة وهي في الواقع مجرد تمظهر بسيط لمشكلة اعمق وأسباب تنغرز عميقا وتتشبَّثُ بالأفكار كما تفعل شجرة معمِّرة، منذ مدّة أفكر في سبب ما يحدث ولماذا يحدث بهذدا الشكل ولماذا هذا التوقيت الآن وهل له أسباب خافية غير تلك التي تظهر؟ للإجابة إحتمالات عديدة جدا ولكنني استبعدت اهمها التي تبدو منطقيا انّها السبب الحقيقي والوحيد أي الدين (عند من يعتقدون ان الابتعاد عنه هو السبب وعند من يعتقدون أن وجوده بكثافة في حياتنا هو السبب) على حد سواء: ما يحدث لنا ليس بسبب الدين ولذلك الحل ليس في الدين وحتما ليس من أفواه المتمشيخين وأشباههم وأتباعهم والذين يعتقدون أنهم أكثر تحررا منهم وهم في الواقع سلفيون تحت ثياب مختلفة سرعان ما يتوضح ذلك لو حدثتهم قليلا...الحل في نظري هو في التنمية ولكن أي أنواع من التنمية؟ تبدأ تلك التنمية التي أقصدها من العقول إحياء العقل بعدما أمتناه طيلة اجيال وتحوله إلى سلة مهملات كبيرة تحتوي كل أنواع الخرافات والبقايا ةوالأساطير وعاجزة تماما عن بناء فكرة واحدة منطقية أو رؤية موقف إنتقادي واحد... العقول الحية هي التي ستؤديإلى انبلاج فجر آخر من الحياة داخل مجتمعاتنا...كيف ماتت العقول؟ لكل مجتمع مؤسساته القمعية مؤسسات تعمل على تربية فرد يليق بنظامها السياسي ولا يقلقه وهي الأهم والأكثر خطورة إذا كان فيكتور هيجو قال "أفتحوا مدرسة لتغلقوا مئة سجن" فإنني أقول لقد تساوت المدارس عندنا مع السجون بل أصبحت المدارس أسوأ من السجن وإذا كان السجن يلقي القبض على جسد مدة معينة مهما طالت فهي قصيرة فإن المدرسة بوسائلها وبرامجها والوقت المخصص لها تلقي القبض على العقول مدى الحياة وقد تقتلها إذا أحست بخطرها... مدارسنا تعلمنا النمطية والابتعاد عن النقد والكسل وخمول الدماغ إذ يعتمد أكثر من 99 بالمئة من البرنامج التدريسي على الحفظ والتكرار والحشو ويحول كل النصوص إلى محفوظات حتى تلك التي لا تتطلب الحفظ يالضرورة... المدرسة مع الاسف لا تعمل على تنمية الذكاء والفطنة إلا بما يخدم مصلحة سياسية ما ولذاك فهي أكثر شيطانية من النظام السياسي نفسه... عندما تقضي أكثر من 12 سنة في تعلم الغباء وتكوين الجهل فإنّك تتخرج جاهلا بدرجة إمتياز ومع حفلة عارمة تجلب الفرح والسرور للمحيط ولكن عقلك الحزين لحظتها حصل على شهادة وفاته الأبدية...نتائج هذه العملية على المدى البعيد هي ما نلاحظه اليوم عدم القدرة على التغيير، الإستسلام التام لللعادات والتقاليد والمجتمع وغياب الفرد واختناق الحريات والرَّقابة الذاتية ومراقبة الآخر والوصاي على الافكار ورفض الإختلاف والخضوع التام لأي تفكير رجعي...هذا الغياب للعقل يترافق مع انحسار وتراجع لكل القيم الحضارية وحتى للقيم الدينية تاركة المجال لشكل واحد من السلوك وشكل واحد من التدين... إنه التدين الآلي أو الإسلام الآلي الذي لا يشبه أي خطاب اسلامي آخر لا تاريخ الوهابية شبيه بهذا ولا السلفية ولا ابن تيمية ولا يمكن اتهام أي شخص تاريخي بذلك إذ المسألة بسيطة جدا العقل الميت لا يفكر وإذا لم يفكر فإنّه يكفي بالحركات الآلية والتفاسير السطحية والقيم الكسولة التي تجعل من الخارج الظاهر للناس أسمى مبتغياتها ليتحول الدين نفسه إلى مجرد جثة ميتة نتنة تنبعث منها كل الروائج الكريهة... ولأن العقل الميت أيضا لا يفكر فهو لم يختر التدين كشكل بديل عن التفكير إنّما هذاهو الجاهز والسهل والمتوفر إذ لو وجدت اي فكرة أخرى أكثر بساطة وسهولة لأقبل عليها دون اكتراث... انتشار التدين الآلي هذا لا يخدم الدين ولا يعبر عن حب للتدين هو دين سلبي يناسب العقول التي لا تفكر التي تقبل أي شيء مهما كان وتقدِّس كل كلام وكل موروث وتعبد كل مزار حتى لو كان قبر كلب...إذا أردنا تغييراً فعليا يجب أن ننمي العقول ونغير المناهج التلقينية حتى يكف الأموات عن التحكم في الأحياء وحتى يتوقف السوقة عن احتلال الفضاءات وحتى يموت الشيوخ أينما كانوا كل المشايخ وأتباعهم ومدّعين الدجل والحمقى لأن الإنتشار الموازي للدجل والتدين الآلي هو دليل آخر على سخافة الشيوخ ودعواهم ودليل على الفراغ الذي نعيشه ودليل على غياب نور العقل... هل ننتظر السياسة من أجل إحداث تغيير مماثل؟ لا أظن ولا أمل لي في ذلِك السياسة بذلت جهدا لتصل إلى نتائج مماثلة سياسة تقتل العقل وتعوضه بالشيوخ تارة وبالاوهام تارة أخرى.... فالفرد العربي يعيش حالى من الضياع بين وهم الأفلام والمسلسلات التي تدخل بيته على مدار اليوم والليلة ويكبر في ذهنه أحلام اليقضة في الفضائيات التي لن تبرح مكانها وستظل فضائيات وهو أرضي يحتاج إلى أن يعيش ويفكر ويحيى ويتنقل ويمارس هواياته وبين الشيوخ التي تحرم ما سبق وأن رآه في الفضائيات وتمنع عنه الحلم والوهم وتعده بالفوز والراحة يوما ما (يوم غير تاريخي طبعا) إذا صبر على شقائه واكتفى ببلاهته المعتادة... الفقر ليس مادي الفقر الحقيقي عندما تتوقف عن التفكير وتترك نفسك لأشباه المثقفين واشباه المتعلمين... وأنصاف البشر
#بلعابيد_عائشة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قوات جيش الاحتلال تقتحم مدينة سلفيت في الضفة الغربية
-
وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور
...
-
بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
-
” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس
...
-
قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل
...
-
نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب
...
-
اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو
...
-
الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
-
صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
-
بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|