أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رضوان ايار - جدلية الوجود الإنساني ....حول موقف -هابرماس- من العلاقة بين الدولة و الدين















المزيد.....

جدلية الوجود الإنساني ....حول موقف -هابرماس- من العلاقة بين الدولة و الدين


رضوان ايار

الحوار المتمدن-العدد: 4368 - 2014 / 2 / 17 - 19:23
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


*رضوان أيار
جدلية الوجود الإنساني
حول موقف "هابرماس" من العلاقة بين الدولة و الدين
سنة 2004 ، بالأكاديمية الكاثوليكية بميونيخ ، كان اللقاء شيقا بين هرمين ، أولهما يورغن هابرماس الفيلسوف وعالم اجتماع الألماني المعاصر و ثانيهما جوزيف راتزنغر أو" البابا بندكت السادس عشر" الذي انتخب لمنصب البابا في 19 أبريل 2005) . كان الموضوع " فتح حوار مسؤول و واع " حول علاقة الدين بالعلم. بالطبع ليس نقاش العلاقة بين الدين و العقل جديدا ، ليس وليد الألفية الثالثة ، انه نقاش أزلي و أبدي مادام يرتبط ببعدين "متجاذبين" و مختلفين من حيث الطبيعة و الجوهر و التوجه و هما "العقل و القلب " "العلم و الإيمان". هو نقاش مستهلك شغل الغرب المسيحي كما شغل المسلمين ، شغلهم لأن بين البعدين توثرا كان فكريا لكنه تحول إلى صراع متعدد الأشكال و أخطرها طبعا شرعنة العنف و الحروب المقدسة ، - تحول إلى صراع- يوم اقتحم رجال الدين مجال السياسة ، فصاروا يقررون في استراتيجيات تدبير الشأن العام و حتى في علاقة الإنسان بالله وبالتعاليم ، و تحول إلى صراع متعدد الأشكال يوم بدأت مناوشات حماة الحداثة تستفز حماة الدين و تستنفرهم للرد بأشكال عنيفة . هو نقاش قديم إذن لكن له دوما راهنيته ، فما أحوجنا الى فتح ذات الحوار في الدول المسلمة التي تشق طريقها نحو عالم الحداثة و العصرنة أو على الأقل المساهمة في إنضاج شروط هذا الحوار .
أطرت الحوار بين الرجلين – و بالتحديد مداخلة هابرماس التي سنتطرق اليها - مجموعة استفهامات لم تطرح صراحة لكن المتمعن في الكلام يستشفها دون كثير من الجهد منها مثلا :
هل يمكن للإنسان أن يحيا دون أن توجه حياته مقولات دينية ؟ و هل بوسعه أن يحيا دون فكره النقدي العلمي و التنويري ؟ أكان من اللازم القول بان حركية المجتمعات الإنسانية في اتجاه دولة الدستور و الديمقراطية تفترض جدلا هدم جدار الدين و من تم إقباره بما هو عنصر ردة و تخلف ؟ أكان هذا تكتيكا و تخطيطا أم فقط ركوب لصهوة التحدي و مقامرة بالوعي الجمعي ؟ أكان من اللازم القول بأن الاشتغال بالعقل و بالعلم و الدعوة إلى الحداثة هو تعجيل باستعباد الإنسان و استلابه و من تم التعجيل بموته ، حيث انه إذ يصبح عبدا للتطور العلمي و التقني المتسارع يغدو آلة تشغلها آلات ؟ أو القول بكثير من الراديكالية الغير واعية بتبعاتها " إن الاشتغال بالعقل و العلم خيانة عظمى للنص الديني " ؟ أليس من قبيل الإجحاف و التجني أن نخير المرء بين عقله و روحه ، و نعلم مسبقا أنه مزدوج التكوين و التركيب ؟ هل الجمع بين المقولات الدينية و الفكر العلمي فعلا مفارقة و تناقض و تقية و خوف و انفصام و...كل ما قيل و يقال ، أم أن هذا فقط ما يبدو ؟
و ما يعطي للنقاش راهنيته أيضا أن تمت أسئلة ذات طابع محلي و إقليمي –إن جاز التعبير- لابد من ملامستها و تكسير الطابوهات المعرفية حيالها و منها : ألم يكن بوسع النضال السياسي الديمقراطي و التقدمي في بلداننا -بدل أن يكون مناوئا- أن يستثمر العقائد الإيمانية لخدمة مشاريع التحرر و النهضة ، خصوصا و أن القيود و السلاسل لم ترتبط – كما يرى المتدينون - بالنص الديني أساسا بل بما التصق به و اختلط معه من شتى صنوف الخيال الشعبي و الثقافة الشفهية و الممارسات الرجعية التي لا يتوافق معها الدين بالضرورة ؟ ألم تكن عملية الغربلة ممكنة أم أن الهدم و التكسير كان هو الخيار الأوحد ؟ ألم تكن المطالبة بالهدم ادانا ببدء الخصام بين دعاة التحرر و بين قواعدهم الخلفية الداعمة التي ستتحول في سرعة قياسية إما إلى قواعد سلبية تتفرج على ما يقع و تصفق للمنتصر أو بكل الإسفاف الممكن تصطف داعمة لزعامات الرجعية نكاية لا أكثر ؟
بالعودة إلى التاريخ و بموضوعية ، هل استطاعت أوروبا بكل ما أوتيت من فلاسفة و من ثورات سياسية و اجتماعية أن تحقق هذا المشروع "تكسير جدار الدين " حتى نستطيع نحن ؟ أم أن الفكر الديني ظل نشيطا و مثابرا ؟ ألم يطلب من الكنيسة -في عز الإصلاح الديني- فقط أن لا تمد يدها على السلطة السياسية و بالمقابل أن تحافظ على دورها الروحي و الفكري ؟ لماذا لا يعترف التقدميون عندنا أنهم أخطئوا التقدير و أنهم من جاء بالإسلاميين إلى الحكم دون و عي منهم و لا نية ؟ لماذا لا يعترف التقدميون أنهم كانوا ك"سيزيف" يحرثون الماء و كان الإسلاميون يحرثون في السر و العلن ، في السهول و الجبال أجيالا من المصوتين سيدعمونهم للحكم عشرين سنة أخرى بعد تبنيهم للديمقراطية التي قالوا منذ حين فقط أنها ممارسة كافرة ؟
استهل هابر ماس مداخلته بطرح تساؤل اعتبره ضروريا حول مدى اكتفاء الدولة العلمانية الحرة بذاتها و بتثبيت قيمها دون الحاجة إلى فرضيات معيارية مستقاة من حقل الدين ، هل السلطة السياسية القائمة على القانون الوضعي في غنى عن سند ديني ؟ و هل من المقبول تنزيل التعاليم الدينية و تسيدها في ظل وجود قوى لا يمكن طمس وجودها هي بالأساس غير متدينة ؟ و في ظل وجود دولة يحتكم فيها الجميع الى المتواضع حوله ؟ المراد هنا هو النظر إلى حجم المسافة التي من الممكن رسمها بين الحقلين ، و في هذا السياق أكد هابرماس أن المجتمعات الإنسانية من أجل ضمان لحمتها هي في حاجة إلى بناء مشترك ما يشكل مرجعا للمتدينين و ل اللا دينيين على السواء، إنها في حاجة إلى أخلاق جديدة تراعي مسار التوجهين و احترام القناعات انطلاقا من أن مسار تطور المجتمع لا يمكن الفصل فيه بين مساهمة هذا أو ذاك في حدود قدراتهما و تخصصهما ، إن المجتمع في حاجة إلى العقل المبدع و المتحرر من الفرضيات الاطلاقية في نفس الآن ،إنها دعوة إلى التعايش المؤسس على قواعد معيارية مشتركة و الرافض لكل النزعات الدوغمائية من كلا الاتجاهين ، هي بالطبع ليس دعوة للمهادنة و للذوبان بل إن الرهان و المهمة الأساس هي العمل كل من مجال تخصصه على التعبئة لاحترام الدستور بما هو قانون وضعي مؤسس على اقتناعات أخلاقية و موضوعية ، دينية و وطنية . في هذا المستوى نضمن امتثال الجميع ، مادام أن كلا الاتجاهين يؤمن بالوطن أولا ، و بعدم وجود تناقض بين قناعاته-كيفما كانت مرجعيتها - و بين بنود الدستور .
توقف هابرماس كثيرا عند مسألة الدستور فاقترح أن لا يصاغ بشكل تعسفي يتم معه إقصاء طرف من الاثنين أو استبعاد سلطة الدولة ، إن للمواطنين عامة حق مقدس لا يناقش و هو الحق في "المواطنة " ، وعليهم واجب التواصل و المشاركة و المواكبة و العمل على خدمة الصالح العام و لا الارتكان للمصلحة الخاصة التي تغذيها اليقينيات و المسلمات ، و على الدولة واجب تنزيل ما اتفق عليه عن طريق التشريع الديمقراطي ، وتكمن وظيفة القوى الدينية هنا في بناء أخلاق تكون سندا للسلطة السياسية و دافعا نحو احترام التعاقدات..إن الفضائل مهمة لاستمرارية الديمقراطية ، بمعنى أن الدولة الحديثة تستمد شرعيتها من الديمقراطية و من الإرادة الداخلية للأفراد ، فالفرد الذي لا يحمل قيم إنسانية كونية لا يمكنه المساهمة الفعالة في بناء المجتمع ، لا يمكنه ركوب المخاطر من أجل المصلحة العامة..إنها مسألة مركبة إذن ، فالمجتمع في حاجة إلى تشريع وضعي و إلى خلفيات و تحفيزات أخلاقية و ثقافية تضمن التضامن الشعبي المجرد إبان الأزمات السياسية و الاجتماعية .
كيف يمكن لهذا الرهان أن يتحقق ؟
يراهن هابرماس على القيم الأخلاقية و خصوصا على قيمتي الاحترام و الاعتراف ، فالاحترام يجعل الدين يقبل العقل و يقبل بالاجتهادات الإنسانية المواكبة للتقدم التقني و العلمي ،كما يجعل الفلسفة مستعدة تماما لتستفيد من الوحي الديني ، الاحترام يجنب الجماعات الدينية الدوغمائية التي تظهر عندما تلزم –هذه الجماعات- الآخر بقبول و بالعمل وفق نوع خاص من الضمير ، و تصور خاص للخطأ و الصواب ، و رؤية محددة لماهية الأمراض المجتمعية و لطرق حلها و تجاوزها .
الدولة الديمقراطية الحديثة مطالبة بدعم الاجتهاد لتبديل معاني بعض المفاهيم لتتجاوز التأويل الديني ليشمل العموم ، أي معتنقي الديانات الأخرى و الذين لا يؤمنون بدين ، و ليس في ذلك طمس للهوية ، فلا هوية إلا المشترك ، و من مصلحة الدولة أن تتعامل بلباقة مع كل المصادر الثقافية بما هي روافد مهمة للوعي الجمعي و بما هي معطيات موجودة و راسخة واقعيا و لا يمكن بجرة قلم تجاوزها . أما الاعتراف فيساهم في تحديث الوعي العام ، انه يستلزم و يسعى إلى التعايش بين العقليات الدينية و العلمانية من جهة ، و تقديم كل طرف لمساهماته لصالح البلد واضعا بكل جدية نصب عينه الآخر من جهة أخرى . إن كل دين- عامة- هو تصور عن العالم يطالب بحقه في السلطة لتسييد هذا التصور و لبناء شكل محدد للحياة ، لكن على الدين أن يستغني عن هذا الحق لبناء دولة مدنية محايدة يتعايش فيها الجميع بدل دولة دينية ، و على التابع لجماعة دينية أن ينظر لنفسه في كل مرة كمواطن أولا ، فالدولة في حاجة إلى مواطن يشعر بالانتماء إلى الوطن قبل الانتماء للجماعة للدينية ، هذا التطلع هو في مصلحة الجماعة الدينية أولا مادام يسمح لها بالتعبير عن مشاريعها صراحة في إطار واضح و شفاف ، هو العمل السياسي ، و على المواطن العلماني من جهته –و هذا مهم جدا - أن لا يرى في هذا المطلب انتصارا له و خنقا للدين على شرفه ، فينكر –على المتدينين - الصحة الممكنة للتصورات الدينية حول العالم ، و لا يجوز له حرمان المواطن المؤمن من حقه في التعبير بلغة دينية و طرح مواضيعه للنقاش العلني و المفتوح ....
أستاذ الفلسفة
الفقيه بنصالح



#رضوان_ايار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شرود ابدي
- قصة
- قصص قصيرة
- معطلة و ليشربوا البحر


المزيد.....




- “فرح أطفالك طول اليوم” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
- “التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية ...
- بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول ...
- 40 ألفًا يؤدُّون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
- المقاومة الاسلامية في لبنان تواصل إشتباكاتها مع جنود الاحتلا ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رضوان ايار - جدلية الوجود الإنساني ....حول موقف -هابرماس- من العلاقة بين الدولة و الدين