طه رشيد
الحوار المتمدن-العدد: 4368 - 2014 / 2 / 17 - 15:34
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تعرفت على انور، او بكلمة ادق، تعرف علي حين كنت مع زوجتي في زيارة زوجة احد القادة الفلسطينيين، التي تعالج آنذاك في المستشفى الامريكي الكائن في ضاحية الاغنياء الباريسية " نوي سور سين " ،زرتها تلبية لرغبة قريبي الشهيد سامي بشير محمود الذي كان يعمل في اعلام منظمة التحريرالفلسطينية.
كان انور رشيق القوام واسع الابتسامة، دمث الخلق والاخلاق .. تعارفنا بسرعة . قدمت نفسي له : سائق تاكسي نهارا وطالب دراسات عليا ليلا ( دراستي لم تكتمل لحد الان وقد فات الاوان) . شد على يدي بحرارة وقال: انور ابو عيشة دكتوراه قانون . وبعد الاهلا وسهلا وتصفح احوال البلاد والعباد في فلسطين والعراق وبقية البلدان العربية،نزلنا سوية الى كافتريا المستشفى. طلب مني ان اشرح له ظروف عمل التاكسي في باريس، الصعوبات والمغريات والايرادات والمصاريف والضرائب . ويبدو ان الامر قد راق له، اذ افصح عن رغبته بممارسة نفس المهنة.
تكررت لقاءاتنا وانتقلت تلك اللقاءات من المستشفى الى بيوتنا وتعرفت على زوجته الفرنسية الرائعة التي سرعان ما عبرت عن محبتها لنا نحن معشر العراقيين، لانها ترى باننا نقاسم الفلسطينيين نفس معاناة الغربة والمنفى والاحساس باللاعودة .
بدأت التقيه فجر كل يوم تقريبا في الحي اللاتيني وسط باريس حيث نبدأ عملنا، نتقاسم فنجان قهوة و" كرواسون" وبعضا من اطراف الحديث عن مواضيع شتى تتوزع غالبا بين الثقافي والسياسي.
كان الدكتور انور ابو عيشة مبادرا خلاقا سواء في تواجده في نقابة سواق التاكسي اليسارية الـ c g t او في طبيعة عمله . كان من اوائل السواق الذين اقتنوا تلفونا جوالا مع بطارية تزن بضع كيلوات !
كان اللقاء معه يشكل فسحة من الفرح والامل والصداقة الحقة..
وتسارعت الاحداث ونجحت المباحثات الاولى بين الفلسطينيين والاسرائليين، منتصف التسعينيات، وبدأت ملامح تشكل دولة فلسطينية تلوح في الافق. فقرر ابو عيشة العودة لبلده ليعمل استاذا في جامعة القدس ، ورغم الفرق الهائل بين باريس والمدن الفلسطينية الا ان ابو عيشة تلائم سريعا مع الوضع الجديد ليصبح عضوا في المجلس البلدي لمدينة الخليل ورئيسا لجمعية التعاون الثقافي الخليل ـ فرنسا .
كان يحمل لي الرسائل من قريبي في رام الله وبالعكس، واصفا الفرق بين غزة وباريس كمن يقارن بين بغداد اليوم ومقاطعة موناكو الفرنسية ! الا انه كان سعيدا للغاية كما هو حالي اليوم في بغداد.
ما لبث انور ابو عيشة حتى نصب في العام الماضي وزيرا للثقافة في فلسطين وهو اهل لها والاجدر بهذا الموقع باعتراف الجميع ، صاعدا من الهامش الكبير الى المتن الاكبر.
ا
#طه_رشيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟