|
المضمون الاجتماعي للطائفية في العراق .........7
عارف معروف
الحوار المتمدن-العدد: 1241 - 2005 / 6 / 27 - 10:49
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
من ضمن عوامل الطرد والتفتيت والتشظية التي لعبت دورا وبيلا بالضد من صيرورة الاندماج والوحدة للشعب العراقي في دولته الحديثة، يمكن ملاحظة : 1-الارث التاريخي:يعود تشكل الطوائف والفرق الاسلامية خصوصا الفرقتين الرئيسيتين، السنة والشيعة، الى مرحلة مبكرة من التاريخ الاسلامي عكس ما يشاع ، جهلا وزيفا، من ان هذه الظاهرة كانت نتاجا متأخرا وبفعل عوامل ومؤثرات خارجية ، اذ ان ظاهرة الانقسام والتجزء والتولد هي ظاهرة طبيعية وتاريخية عرفتها كل الاديان والايديولوجيات وعكست باستمرار او تاسست على مصالح وانقسامات اجتماعية او اثنية في الجوهراو رؤى واجتهادات فكرية او تفسيرية ،ولا يشذ الاسلام عن ذلك وقد نشأ التشيع كما هو معلوم لمن يتناول التاريخ الاسلامي وفق منهج ورؤى علمية وموضوعية تلبية لمطالب وحاجات وانعكاسا لانقسامات ومصالح، ووقف ند وناقد لفكر وممارسة مؤسسة الخلافة طيلة قرون عديدة ، مما جعل اتباعه ومعتنقيه عرضة لاضطهادات وضغوط وحرمانات استمرت لقرون طويلة وخلفت ندبا وجراحات عميقة ولم يختلف الامر كثيرا ايام خلافة بني عثمان . ولان العراق كان ، تاريخيا ، مركز نشؤ التشيع كظاهرة تاريخية ، ولان قطاعا لايستهان به من سكانه كان قد تأثر به ونشأ على اعتناقه فقد تعرض هؤلاء باستمرار الى التمييز والقمع من قبل سلطات بني عثمان او على الاقل الاهمال والاقصاء ، واعتمدت الدولة العثمانية في التعامل مع العراق وولاياته على اساس تقريب السنه واعتمادهم وكان ذلك من اسباب تعزيز ليس مشاعر الانقسام فحسب بل واسسه الاقتصادية والاجتماعية. 2- موقف الانكليز و تأسيس الدولة الحديثة :اتخذ الانكليز موقفا سلبيا واضحا من اشراك الشيعة في الحكم بفعل عوامل ومؤثرات عديدة اولها موقفهم الشاك والحذر اتجاه المؤسسة الدينية الشيعية والعشائر التي تتاثر بفتاواها وتتبعها بسبب الد عوة التي تبنتها بالجهاد ضدهم الى جانب العثمانيين المسلمين ، عكس ما بادر اليه الكثير من زعامات السنه والضباط العراقيين في الجيش العثماني من دعاة تاسيس دولة عربية ممن عملوا ضمن تنظيمات سرية وعلنية معادية للسيطرة العثمانية واسنادهم لثورة الشريف الحسين بن علي ضدها، ثم ما اعقب ذلك من كون الشيعة كانوا القوة الرئيسية في ثورة العشرين ووقائعها . هذا من ناحية ومن ناحية اخرى فأن تأسيس الدولة الحديثة قد اعتمد على بطانة واتباع فيصل بن الحسين وجلهم من الضباط من عرب الوسط السنه كذلك فان " الكادر " الاداري الذي كان متاحا من "الافندية" من بقايا الادارة العثمانية كان في معظمه من السنه وكان من الطبيعي الاعتماد عليه في النهوض باعباء الادارة الجديدة ، ناهيك عما اسلفنا من الموقف السلبي للمؤسسة الشيعية من العملية السياسية التي جرت آنذاك وتحريم اوابداء الشكوك اتجاه العمل في الدولة الجديدة . 3- الجيش والجهاز الاداري: سبقت الاشارة الى ان الدولة الحديثة ومن خلفها الانكليز رأوا ان من اهم مستلزمات اشادة البناء الجديد وتحقيق الوحدة الوطنية والاندماج بالنسبة لتنوع اثني وبناء عشائري كالذي كانت عليه مكونات العراق ، هو اشادة جيش قوي وقد كانت المادة الاولية المهيأة لهذا الجيش هي مجموعة الضباط اللذين خدموا في الجيش العثماني السابق وخصوصا من التحق بفيصل والانكليز من ذوي الافكار القومية والطامحين الى تأسيس دولة عربية ، لقد وجد هؤلاء في المؤسسة العسكرية الناميةاساسهم وقاعدة قوتهم ونفوذهم في الحياة السياسية ، خصوصا وانهم جميعا, كسيرة وتطلعات ، لم يكونوا عسكريين محترفين فحسب بل ومسيسين حتى النخاع ،لقد انصب عمل هؤلاء الاساسي في السعي الى انماء هذه المؤسسة وتوسيع دورها في حياة البلاد واعدادها لاداء ادوار كانوا يحلمون بها ويطمحون اليها ليس على صعيد العراق فحسب بل وبلاد العرب ولقد انصب اهتمام معظمهم بل كلهم على محاولة رفع ميزانية تمويل هذه المؤسسة وتطوير تسليحها كما وكيفا وتضخيم حجمها باوسع كثيرا من مقتضيات ومتطلبات وحاجات الكيان العراقي الفعلية ، وكان المعين الذي تستمد منه هذه الحاجة مادتها هو :المتعلمين من مدن شمال وغرب العراق ، شانها شان جهاز الدولة الاداري النامي ، استنادا الى معطيات كثيرة منها انهم الاكثر تهيؤا انذاك من ناحية مستواهم التعليمي المتاح ، الاكثر رغبة واندفاعا بالمقارنة مع ندرة اشباههم من وسط وجنوب العراق وعزوف القلة المتعلمة وعدم رغبتها بالانضمام في اطار الدولة الجديدة استنكافا او اذعانا لموقف المؤسسة الدينية الشيعية ، خصوصا في البداية اما بعد ذلك فقد لعبت الصلات القرابية والتكتلات على اساس المناطق دورها في تقليل الفرص المتاحة امام منافسيهم وافساحها امام من يرتبط بهم وهو عامل طبيعي تماما في الظروف التاريخية التي يعيشها العراق ولم يكن يحمل ، ابتداءا ، في ثناياه اي عداء او قصد اجتماعي انما نجم ذلك عنه لاحقا كنتيجة ، فالموظف من "عانة" مثلا يشعر بالرغبة بل والواجب في ان يتيح الفرصة او الشاغر الوظيفي او التعليمي لابن بلدته "عانه" بدلا من " راوه " القريبه او سامراء البعيدة فما بالك بابن " الناصرية " او البصره ونحن بازاء رابطة وصيرورة فتية هي الرابطة الوطنية! . ان هذا العامل كرس من قبل الضباط القوميين ومن تبعهم ونشا تيار واضح بل وطاغ في الجيش هو التيار القومي وسم منذ البدء بسمات معينه تمت بصلة واضحة لتكوين قومي طائفي مناطقي معين ، حضي بدعم الاسرة الهاشمية ومن خلفها الانكليز في البدء وظهرت ارهاصاته جلية في 1936بالموقف من انقلاب بكر صدقي وتصفية قائديه والتشهير بكونه حركة "شعوبية" وهو كما اظن اول استعمال حديث لهذه المفردة التاريخية في وصف قطاعات من العراقيين على اساس انتماءهم القومي او المذهبي او السياسي وستتكرر لاحقا في مناسبات عديدة وتكرس كمصطلح له محتوى محدد، كما اسلفنا، في عرف ولغة المؤسسة القومية العربية في العراق ودولتها، وربما تجلى جزئيا في مقتل الملك غازي، ثم في 1941.وكذلك بعيد ثورة 14 تموز، وسيلاحظ ، مثلا،ان معظم الضباط اللذين وقفوا مع قاسم خلال فترة وجوده في السلطة وقاتلوا معه عند انقلاب شباط 1963كانوا من محلات بغداد القديمة التي نشأ فيها الناس على اساس مشاعر التسامح الديني والطائفي وتغليب الهم الوطني ، كما تميز جلهم بالتمدن وبعد الصلة بالروابط العشائرية والقبلية ، في حين تميز خصومهم ومناؤيهم في ان معظمهم كانوا من التكوين القومي الطائفي المناطقي المعين الذي اشرنا اليه فيما سبق ، و ان معظمهم كانوا قريبي الصلة بالعشائرية والقبلية وكذلك من عوائل حديثة الاقامة في بغداد، نسبيا، ومن احياءها ومحلاتها التي قامت على التكتل العشائري او القبلي او المناطقي . وسنرى فعل هذه الظاهرة يؤثر حتى في الصراع السياسي الذي نشب في صفوف حائزي السلطة الجدد واستقطابهم على ذات الاسس مما سيكون له آثاره الجلية اللاحقة. 4- تأثير المحيط الاقليمي والعامل المذهبي : كان لابد للعراق ، بحكم موقعه من ان يكون ساحة صراع بين العثمانيين والفرس كما اسلفنا وقد انعكس ذلك على طبيعة الصراعات الاجتماعية خلال قرون ، اما بعد تأسيس الدولة الحديثة فقد تجلى هذا التأثير في : التأثير الايراني من خلال المؤسسة الدينية الشيعية نظرا للتوافق المذهبي مما كان يثير باستمرار حفيظة العرب السنة واتهامهم للشيعة بالتبعية الايرانية من جهة وتاثير المحيط العربي الذي قام دائما للاسف على اساس شك و سؤ فهم انتج باستمرار مواقف عدائية تجاه العرب الشيعة وبالتالي اتجاه غالبية الشعب العراقي وولد بالنتيجة لدى الشيعة شكوكا قوية وحذرا مبررا ازاء دعاوى القومية العربية والنظام العربي عموما والذي برهن ويبرهن حتى الان على انه جدير بهذه المخاوف والشكوك وانه يتعامل مع العراقيين فعلا على اسس طائفية ، ومنذ البداية كان الحضور العربي ماثلا في حضور ونفوذ عدد من رموزه ومشاركتهم الفعالة في تاسيس بنى ومناهج الدولة الحديثة قائما على ذات الاسس والممارسات . لقد نمى هذا التيار في صفوف الضباط وكانت له كتلة كبيرة ونوعية مؤثرة انتقل مركز تاثرها وقدوتها ،لاحقا، ومنذ مطلع الخمسينات الى نموذج وقيادة الثورة المصرية ، خصوصا في صفوف ضباطها ذوى الرتب الصغيرة والمتوسطة وباتت تطمح كما اسلفنا الى الاستيلاء على السلطة السياسية يدفعها عجز الطبقة الحاكمة ووصولها الى طريق مسدود اولا ، نمو حجمها ومصالحها ثانيا رغبتها في بناء نموذج على اساس المثال المصري باعتبارها فئات بيروقراطية تجد مصلحتها ترتبط ارتباطا عضويا بجهاز للدولة واسع ومتضخم، نمو ثروة البلادالموضوعة بقدر لايستهان به تحت تصرف هذه الدولة ،ونمو خوف خفي من حليفها في حركة التذمر الاجتماعي ، الطبقات الفقيرة وحركتها السياسية ومحتواها السياسي والفكري المناويء في الجوهر او المزاحم والمنافس لغايات هذه الطبقة، على الاقل، الامر الذي انعكس في بضعة صدامات بين التيار القومي والوطني خلال الفعاليات الشعبية حتى قبل اسقاط النظام الملكي . 5- تغير التركيبة السكانية للعاصمة واثره في الصراع الاجتماعي وفي انتاج نوع جديد من العلاقة :شجع نمو العاصمة ومتطلباته وما توفره من خدمات وفرص ثمينه في ذلك الزمان ، قياسا الى واقع الحياة في اجزاء البلاد الاخرى وحفز الهجرة والنزوح اليها وكانت مناطق شمال وغرب العراق هي السباقة في ذلك حيث تطلب الطلب على الموظفين والعسكريين وغيرهم ان يهاجر هؤلاء وعوائلهم واقاربهم ممن بات يحلم بفرصة في بغداد اليها وفضلوا السكن في جهة النهر القريبة من مواطن نزوحهم في كرخ بغداد وتكتلوا في احياء على اساس قرابة الدم او منطقة الانحدار الجغرافي فكانت احياء "الدوريين" و"التكارته" و" المشاهدة " وازقة السوامرة في الجعيفر وبالقرب من جسر الشهداء وازقة و" درابين " العانيين والراويين والجبور في مناطق كرخ بغداد كالشيخ علي والشيخ بشار وسوق حمادة والشيخ معروف والرحمانية مما سنرى اثاره الواضحة وبصماته الجلية المدهشة في الاحداث السياسية التالية ! ... الخ وعبر بعضهم ضفة النهر ليسكن الاعظمية على اساس التكتل الطائفي . لقد ساهم هذا الامر بعد ذلك في تعزيز وحفز مشاعر الانتماء الثانوي على اساس المناطقية او العشائرية، وهذا امر طبيعي ، وانعكس وسهل امر قيام الروابط والتنظيمات السياسية على اساس هذه الصلات وهو امر حصل ويحصل في معظم انحاء العراق حيث غالبا ما تشمل دائرة التاثير السياسي العائلة والاقارب بفعل مستوى التطور التاريخي للمجتمع العراقي حيث عمق تاثير الرابطة القرابية وندرة ان يتحدد الوعي السياسي على اساس الخيار والتجربة الذاتية . اما المصدر الثاني للهجرة و الذ ي تلى ذلك من ناحية التوقيت فهو جنوب وجنوب شرق العراق ، فتحت ضغط علاقات الملكية المشوهة شبه الاقطاعية واساليبها البالية والخراب الاقتصادي والفاقة، هاجر مئات الالوف من فلاحي الجنوب ومعدميه الى بغداد وبعض المدن ، وقد نالت العاصمة حصة الاسد منهم ، وسكنوا في بيوت من التنك وصرائف الطين والقصب في تجمعات تتاخم العاصمة ا و في قلبها كانت تفتقر الى اي من مستلزمات السكن والاجتماع الانساني اللائق بل والضروري مثل الشاكرية ورحمانية الكرخ وخلف مجزرة امانة العاصمة في الرصافة وغيرها وبغية ان يسدوا رمقهم ولعدم حصولهم على اي تعليم او تأهيل عملوا في ابسط المهن واشدها ارهاقا واحيانا في اكثرها انحطاطا ، فكانوا عمال بناء وكناسين ومنظفي مجاري وفراشي مدارس ومستشفيات وعملت نسائهم في مثل ذلك وفي خدمة البيوت . وكان اسم " الشروكية او الشراكوة او الشروك"كما عرفوا لدى البغادة ذي دلاالة مكانية، اولا، باعتبار نزوحهم من الجزء الجنوبي الشرقي للبلادلكنه اكتسب لاحقا دلالة اجتماعية معينه واصبح في عرف الطبقة السائدة مفردة تشير الى الدونية والانحطاط والهامشية رغم ان " الشروكية " ضموا في صفوفهم لاحقا ،( بعيد ثورة تموز وخلال الستينات) بعض عوائل الشيوخ ممن انتزع ما بحوزتهم من اراضي وتهاووا سريعا الى درك المعدمين وعملوا في ذات المهن مع بني جلدتهم حيث كان افضل ما يمكن ان يكون عليه احدهم من مرتبة ، كما يغمزهم اندادهم، ولكن حقا وصدقا،هو ان يصبح شرطيا او عريفا في الجيش فكونوا جل القاعدة الاساسية لمراتب الجيش والشرطة وستظهربعض نتائج ذلك واضحة خلال العقود اللاحقة ايضا . لكن لهذا الامرمعادله التاريخي المعاكس ذو الدلالة الاجتماعية المهمة، التي تسند وتعزز ما نذهب اليه من ان السلطة السياسية كانت مفتاح السيطرة على الثروة الاجتماعية في العراق ومحور الصراع الحقيقي خلف مظاهر الطائفية ، فثمة بالمقابل فلاحين معدمين وافراد شرطة وحراس ليليين وفراشي مدارس تسلقوا مراتب الهرم الاجتماعي برعاية صدام حسين وقبله البكر ليصبحوا شيوخا وملاكين كبار ومدراء عامين ووزراء لكن الفرق ان هؤلاء جاءوا من تكريت او الدور وكانت السلطة السياسية ، وبالنتيجة الدولة وثرواتها في يد اقاربهم وذويهم !!(1) وبسبب كتلة " الشروكية" الكبيرة ووجودهم في العاصمة بدأت الطبقات السائدة تتوجس خيفة منهم وتحسب لهم الحساب فاضافة الى كونهم محيطا للمعاناة ومصدرا محتملا للرفض والثورة بدأوا حقا يصبحون حاضنه اجتماعية للحركات " الهدامة " بحسب التعبير الشائع انذاك والحركة الشيوعية بالذات (2). اما بعد ثورة تموز 1958وحيث بداوا يحضون بعطف قيادة الثورة خصوصا عبد الكريم قاسم بحكم عوامل تكمن في تكوينه الاجتماعي والفكري والتي ترجمت في سلسلة من الاجراءات السريعة التي تهدف الى التخفيف من معاناتهم وحل ازمتهم بتوفير السكن الانساني اللائق لهم واشاعة التعليم بين ابنائهم او جعله ممكنا وميسرا وغيرها من الاجراءات كما انهم وجدوا حيزا فسيحا للحراك السياسي واطارا للتعبير عنهم سياسيا في الحركة الشيوعية التي عدوها باديء الامرووفقا لمستوى معارفهم السياسية وخبرتهم انذاك، رديفا لقاسم والقاسمية فناصروا الاثنين معا ومن النادر ان تجد ضمن هؤلاء منتميا او محبذا للحركات القومية انذاك لاسباب طبقية لاتحتاج الى توضيح واستطراد فقد كانت هذه الحركات بعيدة تماما عن معاناتهم ومطامحهم ولم يكونوا يفهمونها او تفهمهم اضافة الى انهم لم يشكلوا اصلا وسطا مرغوبا لدعاة العمل القومي ذوي الاصول والمنابت الطبقية التي كانت تنفر من " الشروكية " تماما وفي ذلك الحين وبقدرما كان حراكهم السياسي ياخذ منحى واضحا كانوا يثيرون بالفعل توجس ومخاوف الطبقات السائدة اوالفئات الصاعدة حديثا ، بعد تموز، وشهدت تلك المرحلة وفي حمى الصراع الاجتماعي المكشوف في الستينات اعتداءات واستهدافات من قبل الاشقياء وعصابات العنف المدعومة من قبل القوى القومية وسعوا الى ارهابهم وقمعهم واستلابهم سياسيا بعدان هالهم ان تكون لهم ارادة وشأفة ، وقد اكدوا من جانبهم مخاوف خصومهم حينما تصدوا ، بالفعل ، لدبابات شباط 1963بصدورٍ وايدٍعزلاء الاَ من العصي والسكاكين والحجارة، دون ان تعنيهم كثيرا او قليلا الهوية الطائفيةللقيادة التي استماتوا في الدفاع عنها ، ودون ان يعبأوا بمسالة اي عشيرة او طائفة ينتمي اليها عبد الكريم قاسم او ماجد محمد امين او طه الشيخ احمد او عبد الكريم الجدة ، في حين كان دأب من تصدوا لهم التلصص من ثقوب الابواب لمعرفة الكيفية التي يصلي بها عبد الكريم قاسم ! ( كما سيصبح ديدنهم بعد عقود في مراجعة المعلومات عن كل عراقي ، حتى وان كان بعثيا، وفحص كل شاردة وواردة عنه لالتماس عرقه وانتمائه الطائفي!) لكن اعدادهم الغفيرة التي ملأت الشوارع والساحات جعلت انقلابيي شباط يلجأون الى المناورة ووضع صور قاسم على الدبابات وايهامهم انهم جاءوا لنصرته ثم لم يتوان بعضهم بعد ان احكموا الطوق حول وزارة الدفاع من ضربهم بالرشاشات وبعض قذائف الدبابات فسقط منم من سقط مضرجا بحبه واحلامه واماله وسيكون لهم مثل ذلك مرات اخرى سواءا دفعة واحدة كما في سنوات 1991و1999او بالتقسيط كما كان شانهم منذ 1963حتى 2003!(3) ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) كان علي حسن مجيد نائب عريف في مقر الفرقة الثانية عام 1973 واصبح بعد ذلك وزيرا للدفاع و كان حسين كامل عريف سائق واصبح وزيرا للتصنيع العسكري والحق برزان ووطبان وسبعاوي ابراهيم حسن وكانوا فلاحين واولادا لفلاح فقير، بدورات مفوظي الشرطة خلال 1969واصبحوا بعد ذلك رئيس مخابرات ووزير داخلية ومدير امن عام ودكتور على التوالي وكان ادهام ابراهيم حسن فراش وحارس مدرسة ابتدائية في تكريت واصبح شيخا عشائريا وملاكا كبيرا وعين عبد حسن مجيد في بدء استلام التكارته للسلطة شرطيا في مجلس الخدمة العامة واصبح مدير امن الرئاسة وملاكا واسع الثراء وكان غالب محمود العبد شرطي حراسات في السكك الحديد واصبح شيخ فخذ البيجات من البو ناصر وملاكا مطنب الثراء وكان خير الله طلفاح يسخر منه ويروي في مجالسه الخاصة طريفة عنه وهي انه توسط لديه في الستينات لنقله من الشرطة هو وحصان الدورية الذي كان يستخدمه وليس بمفرده!!.. وثمة العشرات بل المئات من الامثلة مما يعرفه كل عراقي! (2) تنبه كاتب فطن ، رغم انه غير عراقي، الى ذلك واشار اليه اشارة واضحة لا تخلو من دلالة . فقدهاجر جبرا ابراهيم جبرا الى العراق عام 1948 من بيت لحم في فلسطين وعمل استاذا محاضرا في الجامعة العراقية وفي شركة نفط العراق وعرف جراء ذلك مايعتمل ويمور في التنور العراقي من نيران وانقسامات عن طريق الطلبة من جهةومااستشعره مما تحس به الطبقات السائدة من هواجس عن طريق صلاته الاجتماعية بالنخب الثرية من جهة اخرى فعبر في رواية" صيادون في شارع ضيق" التي نشرها عام 1960 بالانكليزية عن خوف بطلته الثرية مما يمثله " الشروكية " من تهديد كامن وكيف سيزحفون على العاصمة لو حصل شيء ، وكرر البعض ذات الشكوك والمخاوف بعد 9 نيسان 2003!! (3) يعرف كل من واجه الاعتقال والتحقيق او بالاحرى التعذيب فقد كان دائما هو الشكل الاوحد المعروف للتحقيق السياسي، ان الهيئات التحقيقية، منذ الستينات، كانت تتطير من " حرف الشين" فان تكون بشين واحدة ، شيوعي فقط مثلا، افضل لك بكثير، من ناحية قسوة التحقيق او شد ة العقوبة والمصير، من ان تكون" دبل شين" اي شيعي وشيوعي اما ان تكون" شين مكعب " ،اي شيعي وشيوعي وشركاوي فهذه ثالثة الاثافي ومصيرك سيكون الاعدام على اقل تقدير!!
#عارف_معروف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
! جورج حاوي : يا انصار العقل ... اتحدوا
-
المضمون الاجتماعي للطائفية في العراق .........6
-
المضمون الاجتماعي للطائفية في العراق .........5
-
المضمون الاجتماعي للطائفية في العراق .......4
-
المضمون الاجتماعي للطائفية في العراق ........3
-
من اجل العمل المشترك لقوى اليسار والتقدم والديمقراطية
-
المضمون الاجتماعي للطائفية في العراق .........2
-
المضمون الاجتماعي للطائفية في العراق ...........1
-
هل الماركسية علم ام عقيدة ؟
-
صور صدام ... اية لعبة هذه المرة؟!
-
في البديهيات..... تجربة امريكا الديمقراطية في العراق!
-
التكفير والانتحار.. رأي في اسس المشكلة
-
مذبحة الاعظمية...اشهد اني رأيتهم يعدونهم للذبح!
-
هل -الزرقاوي- اردني ام عارقي؟
-
بمناسبة الاعلان عن قرب بدء محاكمة اقطاب النظام: هل اعتقل صدا
...
-
عواء بشري
-
ازمنة الحب 3-زمن سعدي الحلي واحمد عدوية
-
ازمنة الحب 2- زمن فيروز
-
ازمنة الحب 1- زمن عبد الحليم حافظ
-
كيف حل السيد ميثم الجنابي ازمة اليسار العراقي المعاصر؟
المزيد.....
-
قائد الثورة الاسلامية يستقبل حشدا من التعبويين اليوم الاثنين
...
-
144 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى
-
المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة
...
-
ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم
...
-
عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي
...
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات
...
-
الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|