أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامح عسكر - درس من تاريخ الجبرتي














المزيد.....


درس من تاريخ الجبرتي


سامح عسكر
كاتب ليبرالي حر وباحث تاريخي وفلسفي


الحوار المتمدن-العدد: 4363 - 2014 / 2 / 12 - 21:36
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في تاريخ الجبرتي شهادة للفرنسيين الذين حاكموا سليمان الحلبي.."قاتل كليبر"..بأنه- رغم قسوة الأحكام في حق سليمان ورفاقه- إلا أنها كانت بنظام ومحاكمة.. اعترف فيها المتهمين ولم يعجلوا بقتل سليمان كما يفعل المسلمين...

يقول الجبرتي مادحاً وثيقة المحاكمة:

" لما فيها من الاعتبار وضبط الأحكام من هؤلاء الطائفة الذين يحكمون العقل ولا يتدينون بأي دين-يقصد الفرنسيين- إلى أن قال على سليمان...وقبضوا عليه وقرروه ولم يعجلوا بقتله وقتل من أخبر عنهم..بل رتبوا حكومة ومحاكمة وأحضروا القاتل وكرروا عليه السؤال والاستفهام...

إلى أن قال:

بخلاف ما رأيناه من أفعال أوباش العساكر الذين يدعون الإسلام ويزعمون أنهم يجاهدون، وقتلهم الأنفس، وتجاريهم على هدم النية الإنسانية بمجرد شهواتهم الحيوانية"..انتهى

ترجمة كلام الجبرتي: أن المسلمين- سواء عرب أو أتراك-لو كانوا بدلاً من الفرنسيين لقتلوا سليمان بمجرد الشبهة، ولن يحاكموه لأن المحاكمة تعني النظام والقانون، وهذا يعني أن الجبرتي يشهد بأن المسلمين في عصره لم يكونوا منظمين ولم يكن لديهم قانون..

فرضاً لو ظهر بأن سليمان الحلبي كان بريئاً من قتل كليبر وتعجل الجنود في قتله فور إلقاء القبض عليه..ألم يكن هذا ظلما؟...سيكون ظلماً وربما يُحاكمون من تعجّل بقتل سليمان..هذا يعني أن العقل هو الذي يصنع النظام والقانون ويحقق العدالة للجميع.

كنت ولا زلت أعتقد بأن الدولة المصرية الحديثة أنشأها التنويريين في القرن التاسع عشر، وأسأل نفسي هل لو كان الإخوان -وهؤلاء الهَمَج- يحكمون مصر في تلك الفترة هل سيسمحون بمجالس نيابية أو قضاء مستقل أو أحزاب سياسية أو جيش وطني؟

كلا إنها لديهم بدعة ،فالخلافة تفرض عليهم أن الرأي هو رأي السلطان، وأن القضاء هو قضاء الشرع الذي يخدم هذا السلطان، وأن الجيش هو جش عقائدي يحارب من أجل الدين وتفسيراته وأهواء ورغبات المشايخ..

هذا هو معنى الفوضى أنه لا دولة ولا نظام ولا قانون سوى قانون السلطان، وأن الشعب يجب عليه الطاعة طالما كان السلطان يرفع لواء الشريعة والمذهب.

لقد تعاطف العرب مع سليمان وقضيته بدعوى النضال والمقاومة، ونسوا أن محاكمته جرت في أجواء نزيهة ومنظمة رغم قسوة وبشاعة العقوبة، مثلما تعاطف العرب مع مانديلا لنفس الأسباب ،وتناسوا أن دولة جنوب إفريقيا رغم عنصريتها إلا أنها كانت دولة نظام وقانون، لم يسمحوا بقتل مانديلا ولا المساس به، بل حاكموه وسجنوه في أجواء منظمة، نفس الحال بالنسبة لغاندي.. سجنوه ولم يقتلوه حتى رأس الهند وأصبح نموذجاً للحاكم العادل والحكيم.

لذلك عندما قلت بأن ما حدث في مصر من عزل رئيسين منتخبين متتاليين ، الفارق بينهم عامان، ومحاكمتهما بنظام وقانون.. هو في المحصلة .."عمل حضاري رائع".. لم يحدث في تاريخ مصر، وأنه دلالة على تحضر ورقي الشعب المصري ، بخلاف ما حدث في ليبيا واليمن، بل في سوريا لو وقع بشار في أيدي المعارضة لقتلوه ومثلوا بجثته ، ونفس الحال بالنسبة لزين العابدين بن علي، لو وقع في أيدي ثوار تونس في البداية لقتلوه...

كل هذا لم يحدث مع الشعب المصري بل أكرموا رؤسائهم ، حتى وجدنا القاضي المصري يقف في شموخ ويطلب محامياً عن مرسي رغم وضوح خيانته وفشله الذي كان يعصف بالدولة المصرية، وهذا دليل على قوة الدولة المصرية ومؤسساتها ورسوخها في أذهان ووجدان المصريين.

هذا كله لم يأتي بالشطارة أو الفهلوة،بل جاء بالعمل المنظم ودراسة تكوين الدولة الحديثة، أفضل منتوج بشري إداري وصل له الإنسان، حتى بعدما ظهر من يعادي تلك الدولة وحاول السيطرة عليها وتغيير هويتها وطبيعتها،وقفت في وجهه صارخة تستنجد بالشعب الذي نزل في ثورة شعبية مليونية لكي ينقذ دولته من أيدي المخربين ودعاة الفوضى والإرهاب..وتحقق له ما أراد واستجابت الدولة له وأقصت المخربين وتنفست الصعداء،وتريد أن تضع أقدامها على أول طريق البناء من جديد .



#سامح_عسكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ابن تيمية أكثر شيوخ المسلمين كذباً في التاريخ
- تهجير السلفيين في اليمن
- حماس والخيار الصعب
- الإرهاب وحديث إنما الأعمال بالنيات
- مصر تريد زعيم لا يعرف الخوف
- خواطر حول اللحية
- مصلحة مصر أن تقطع علاقتها بقطر
- لا خلافة في الإسلام
- شَرَف الجيش وعُهر الإخوان
- حاكمية التفكير البدائي
- التطور الطبيعي للثورة المصرية(2-2)
- التطور الطبيعي للثورة المصرية(2-1)
- الثورة السورية الملعونة
- فصل الدين عن الدولة ضرورة دينية ودنيوية
- من ذكرياتي مع الفريق السيسي(3-3)
- من ذكرياتي مع الفريق السيسي(3-2)
- من ذكرياتي مع الفريق السيسي(3-1)
- تجفيف منابع الإرهاب أولى من الحرب عليه
- اليسار ولمحات من المشهد المصري
- العقلية الإرهابية صنيعة الاختزال


المزيد.....




- الرئاسة المصرية تكشف تفاصيل لقاء السيسي ورئيس الكونغرس اليهو ...
- السيسي يؤكد لرئيس الكونغرس اليهودي العالمي على عدم تهجير غزة ...
- السيسي لرئيس الكونغرس اليهودي العالمي: مصر تعد -خطة متكاملة- ...
- الإفتاء الأردني: لا يجوز هجرة الفلسطينيين وإخلاء الأرض المقد ...
- تونس.. معرض -القرآن في عيون الآخرين- يستكشف التبادل الثقافي ...
- باولا وايت -الأم الروحية- لترامب
- -أشهر من الإذلال والتعذيب-.. فلسطيني مفرج عنه يروي لـCNN ما ...
- كيف الخلاص من ثنائية العلمانية والإسلام السياسي؟
- مصر.. العثور على جمجمة بشرية في أحد المساجد
- “خلي ولادك يبسطوا” شغّل المحتوي الخاص بالأطفال علي تردد قناة ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامح عسكر - درس من تاريخ الجبرتي