|
تزوير مسيحية يسوع – 22
حسن محسن رمضان
الحوار المتمدن-العدد: 4363 - 2014 / 2 / 12 - 16:48
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ملاحظة: هذه المقالة تُعتبر كتكملة لسلسلة المقالات السابقة تحت عنوان (تزوير مسيحية يسوع – 1 إلى 21)، ويجب أن تُقرأ المقالات السابقة كمقدمة أساسية وضرورية لهذه المقالة.
"إن الكتابات التي يصفها بعض الناس بأنها غير أخلاقية، هي الكتابات التي تكشف لهؤلاء عارهم". أوسكار وايلد
لا شك في أذهان الباحثين اليوم أن نصوص العهد الجديد لا تروي (تاريخاً) وقعت أحداثه سواء ليسوع أو لغيره من أشخاص العهد الجديد، بل هي تروي (قصة تتغلب فيها الأسطورة والخيال والتزوير لتخترع للقارئ عقيدة في يسوع)، لا أكثر من هذا ولا أقل. بل إن الشك قد تطرق حتى إلى ما قد يعتبره القارئ من البديهيات. فلو سألنا مثلاً أي شخص عن اسم أم يسوع لأجاب مباشرة بأنها "مريم". إلا أن هناك دليل ضمن نصوص العهد الجديد عند التمعن فيه يُلقي بظلال من الشك على هذا الجواب البديهي. إذ ثلاثة أناجيل فقط من الأربعة، مرقس ومتّى ولوقا، هي التي تذكر اسم والدة يسوع على أنها مريم. ولكن كاتبي متّى ولوقا كانا ينقلان مادتهما مباشرة من إنجيل مرقس كما هو ثابت، وبالتالي قد يكونا تأثرا به فيما يخص تلك التسمية. أما الإنجيل الرابع، إنجيل يوحنا، فإنه (يصمت تماماً عن ذكر اسم والدة يسوع) ولا يسميها إلا بـ (أم يسوع) [يوحنا 2: 1 و 3 و 5 و 12، 19: 25 و 26]، ولكنه في نفس الوقت يقول: (أخت أمه مريم) [يوحنا 19: 25]، أي أخت والدة يسوع اسمها مريم. وليسأل القارئ الكريم الآن نفسه هذا السؤال: هل أعرف عائلة ما لديهم أختان يحملان نفس الأسم تماماً؟ أو هل سمعت أو قرأت عن مثل هذه العائلة التي تحمل بناتها أسماء متشابهة تماماً؟ الإجابة واضحة بالطبع، وهو ما ينفي ضمناً أن يكون اسم أم يسوع هو (مريم). بالطبع، هذه قضية تدعو للتأمل، فلا شيء في إطار (التزوير) يرقى إلى (حقيقة) أو إلى (يقين)، وهذا هو حال نصوص العهد الجديد. موضوع هذه المقالة هي ممارسات التزوير عند كتبة الأناجيل حتى في حال نقلهم عن بعضهم البعض، وتعمد تحوير وتزوير الوقائع والأحداث والحوار في سبيل تثبيت عقيدة ناشئة جديدة في يسوع.
سوف أتطرق بالتحليل هنا أحد الأمثلة الشهيرة في نقد النص المسيحي. يذكر كاتب إنجيل مرقس هذه القصة: (وفيما هو [أي يسوع] خارج إلى الطريق، ركض واحد وجثا له وسأله: أيها المعلم الصالح، ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية؟ فقال له يسوع: لماذا تدعوني صالحاً؟! ليس أحد صالحاً إلا واحد وهو الله) [مرقس 10: 17-18]. هذه العبارة (لماذا تدعوني صالحاً؟! ليس أحد صالحاً إلا واحد وهو الله) محرجة جداً للفضاء اللاهوتي المسيحي الذي تطور بعد قتل يسوع على الصليب ويريد أن يرى في يسوع أنه (إله). فالعبارة هي (جملة اعتراضية تنفي الصلاح عن يسوع وعلى لسانه هو) وتحصرها تحديداً في (الله)، وهذا يعني بدوره أن يسوع هو ليس الله. ولذلك عندما أتى (كاتب إنجيل متّى) بسنوات لاحقة لينقل هذه القصة من نسخته لإنجيل مرقس، كتب القصة هكذا: (وإذا واحد تقدم وقال له: أيها المعلم الصالح، أي صلاح أعمل لتكون لي الحياة الأبدية؟ فقال له: لماذا تدعوني صالحاً؟ ليس أحد صالحاً إلا واحد وهو الله) [متى 19: 16-17]. تبدوان العبارتين متطابقتين في (الترجمة العربية) تماماً (فقال له: لماذا تدعوني صالحا؟ ليس أحد صالحاً إلا واحد وهو الله). إلا أن هذا الذي في إنجيل متّى (في ترجمته العربية) هو (تزوير بحت قام به المترجمون العرب وبعض المترجمون في النسخ الغربية ومِن طراز رديئ مفضوح واضح أيضاً) وكل ذلك في محاولة منهم التوفيق (harmonize) بين الإنجيلين. لأن النص الحقيقي في إنجيل متى بنسخه اليونانية هو هكذا: (Why do you ask me about what is good? There’s only one who is good) (فقال [أي يسوع] له: ولماذا تسألني عن ما هو صالح؟ يوجد واحد فقط هو صالح) وفي بعض النسخ (ولماذا تسألني عن ما هو صالح؟ الله هو الصالح فقط) [انظر على سبيل المثال وليس الحصر، وذلك بالإضافة إلى النسخ اليونانية: Common English Bible أو Amplified Bible أو Contemporary English Version أو Darby Translation أو Douay-Rheims 1899 American Edition أو Easy-to-Read Version أو New Century Version أو New English Translation أو New International Version]. هذا بالإضافة إلى أن سؤال الرجل ليسوع في إنجيل متّى، بترجمته الصحيحة، يبتدئ هكذا: (أيها المعلم) من دون وجود كلمة (الصالح) كما في إنجيل مرقس [انظر الترجمات السابقة أو النص اليوناني]. وحتى يتبين للقارئ ما فعله كاتب إنجيل متّى في النص الأصلي لإنجيل مرقس سوف أضع العبارتين بجانب بعضهما البعض:
في إنجيل مرقس: الرجل يقول: (أيها المعلم الصالح) ويسوع يجيب: (لماذا تدعوني صالحا؟! ليس أحد صالحاً إلا واحد وهو الله). بينما في إنجيل متّى: الرجل يقول: (أيها المعلم) ويسوع يجيب: (ولماذا تسألني عن ما هو صالح؟ الله هو الصالح فقط).
إذ بينما في إنجيل مرقس يسوع مِن الواضح أنه يستثني نفسه: (لماذا تدعوني صالحا؟!)، وهي عبارة صادمة جداً للعقيدة المسيحية التي تريد أن ترى فيه أنه (إله)، فإن كاتب إنجيل متّى عند نقله هذه القصة (تعمد تحوير الكلمات وتغييرها) حتى يبدو يسوع وكأنه (ضِمن مصطلح الصلاح). فهو تعمد تغيير (لماذا تدعوني صالحاً) إلى (لماذا تسألني عن ما هو صالح)، فجعل الموضوع هو (سؤال عن الصلاح وجواب عنه) بدلاً من القصة الأصلية وهي (اعتراض من جانب يسوع على تسميته هو بـ "الصالح")، ثم بعد ذلك حوّر كاتب إنجيل متّى في الإجابة حتى تتماشى مع عقيدته في يسوع، وبذلك يبدو يسوع في إنجيله وكأنه لا يستثني نفسه. وهذا مثال على (تزوير مركب)، فكاتب إنجيل متّى (مُزوّر)، والمترجمون، وخصوصاً المسيحيون العرب، (مزوّرون). ولا أحد إطلاقاً (بريئ) في هذا الفضاء العقائدي المسيحي المعقد.
على ضوء ما فعله كاتب إنجيل متّى أعلاه في مصدره الذي كان ينقل منه مباشرة، أي إنجيل مرقس، فإنني سأضرب عدة أمثلة على هذا (التزوير المتعمد) الذي تولاه كاتب هذا الإنجيل. فقصة يسوع في إنجيل متّى هي قصة (معدلة ومطورة ومُحسّنة) بتعمد وبقصد وذلك لأسباب عقائدية بحتة في شخص يسوع. فكاتب إنجيل متّى كان يتعمد (تحسين) صورة يسوع حتى يُبرزه كـ (إله) ويزيل كل عبارات التشكيك في هذه العقيدة. فما يقرأه القارئ في إنجيل متّى هو ليس (تاريخ يسوع) بل (أسطرة مبالغ بها لأسطورة يسوع)، ولا أكثر من هذا ولا أقل. هذه أدناه نماذج لبعض الأمثلة على ما قام به كاتب إنجيل متّى، وهي كثيرة جداً. وما على القارئ الكريم إلا أن يضع إنجيل متّى في مقابل مرقس، وسوف يكتشف مباشرة حجم التزوير الذي مارسه كاتب إنجيل متّى في نصوصه:
مثلاً، في يرد في إنجيل مرقس عن يسوع أنه (كان قد شفى كثيرين) [مرقس 3: 10] عن الجموع الذي تبعته، وهذا يعني أنه لم يُشفهم كلهم ولكن (فقط) الكثير منهم، إلا أن كاتب إنجيل متّى عندما نقل القصة من إنجيل مرقس أضاف عليها هذا التعديل: (فشفاهم جميعاً) [متى 12: 15] حتى يجعل معجزة يسوع شاملة.
يرد في إنجيل مرقس قصة المرأة التي كانت تعاني من نزف مزمن ولمست ثياب يسوع لتشفى، فإذا بيسوع يلتفت قائلاً (مَن لمس ثيابي؟) [مرقس 5: 30]، فيجيبه تلاميذه بنبرة قد تُفسّر بنبرة استهزاء أو ضيق: (فقال له تلاميذه: أنت تنظر الجمع يزحمك، وتقول: من لمسني؟!) [مرقس 5: 31]، فما كان من يسوع إلا أنْ (ينظر حوله ليرى التي فعلت هذا) [مرقس 5: 32]. بالطبع، هذه القصة كما هي في إنجيل مرقس تحتوي على (مشكلتان) عند كاتب إنجيل متّى، الأولى هي أن يسوع يبدو (جاهلٌ) تماماً بشخصية التي لمسته، بينما يُفتَرض في الإله أن يكون عالماً بكل شيء ولا يسأل أحد، والمشكلة الثانية هي (نبرة الاستهزاء) الواضحة جداً في رد تلاميذه عليه. فما كان من كاتب إنجيل متّى، حتى يتغلب على هاتين الإشكاليتين، إلا أن (ألغاهما تماماً) من القصة، ومِنْ ثم أصبحت القصة عنده بعد أن لمست المرأة النازفة ثوب يسوع هكذا: (فالتفت يسوع وأبصرها، فقال: ثقي يا ابنة، إيمانك قد شفاكِ) [متى 9: 22]. فيسوع في إنجيل متّى، على عكس يسوع في إنجيل مرقس، يتصرف وكأنه عارف عالم بكل شيء، ولا يتجرأ تلاميذه على الاستهزاء به.
في إنجيل مرقس ترد حكاية الأعمى الذي بصق يسوع في عينيه هكذا (وجاء إلى بيت صيدا، فقدموا إليه أعمى وطلبوا إليه أن يلمسه. فأخذ بيد الأعمى وأخرجه إلى خارج القرية، وتفل في عينيه، ووضع يديه عليه وسأله: هل أبصر شيئا؟ فتطلع وقال: أبصر الناس كأشجار يمشون [المعنى أنه لم يُشفى تماماً من المرة الأولى]. ثم وضع يديه أيضا على عينيه، وجعله يتطلع. فعاد صحيحاً وأبصر كل إنسان جلياً) [مرقس 8: 22-25]، فيسوع يبدو في إنجيل مرقس وكأنه لم يستطع أن يُشفي الأعمى من المرة الأولى عندما بصق في عينيه ولذلك اضطر أن يُعيد المحاولة وهذا بالطبع غير مقبول إطلاقاً عند كاتب إنجيل متّى، فأي (إله) لا بُد له أن تنفذ مشيئته من المرة الأولى. فما كان منه إلا أن (ألغى القصة تماماً) من إنجيله بسبب ما يبدو أنه (عجز ولو كان جزئياً) من جانب يسوع. الخلاصة هي أنه لا شيء بريئ إطلاقاً في النصوص المسيحية المقدسة، لا شيء إطلاقاً.
في إنجيل مرقس يخبرنا كاتبه عن ذهاب يسوع إلى مدينته الناصرة، إلا أن يسوع (لم يقدر أن يصنع هناك ولا قوة [يقصد معجزة] واحدة، غير أنه وضع يديه على مرضى قليلين فشفاهم) [مرقس 6: 5]. بالطبع، هذا التحديد (لم يقدر أن يصنع هناك ولا قوة [معجزة] واحدة) غير مقبول إطلاقاً عند كاتب إنجيل متّى، فأعاد صياغة الجملة هكذا (ولم يصنع هناك قوات كثيرة لعدم إيمانهم) [متى 13: 58]، أي أنه عمل معجزات هناك ولكن ليست كثيرة وألقى باللوم على أهل الناصرة بسبب عدم إيمانهم. إلا أن هناك جانب آخر في هذه القصة يكشف بعض أجزاء من حياة يسوع التاريخي (الحقيقي) ويلقي الضوء عليها. إذ نتساءل: وهل يحتاج المؤمنون إلى معجزات أصلاً حتى تُمنع عن الذين لا يؤمنون؟! فالذي يحتاجها هو غير المؤمن ابتداءاً، فلماذا إذن نقرأ هذه الجملة (لم يقدر أن يصنع هناك ولا قوة [يقصد معجزة] واحدة) كما في إنجيل مرقس أو (ولم يصنع هناك قوات كثيرة لعدم إيمانهم) كما في إنجيل متّى، ثم نقرأ التبرير الإنجيلي لهذا العجز اليسوعي الواضح بأن الذي منعه هو (عدم إيمانهم)، أي أهل بلدته؟ إذ يجب أن تتذكر دائماً أن (لا شيء بريئ في نصوص الأناجيل)، لا شيء إطلاقاً، فلماذا هذه القصة بتحويراتها المتعددة موجودة في الأناجيل؟
قد تطرقت ضمناً لإجابة هذا السؤال (في أحد مقالاتي السابقة)، ولا أرى بأساً من إعادة هذه الجزئية باختصار هنا. والإجابة هي أن تلك الأحداث، في إطارها العام، تُمثل إشكالية (شهيرة ومُحرجة جداً) في الضمير الجمعي للمسيحيين الأوائل وكان (لابد) لهم من ذكرها بسبب شهرتها و (تبريرها) بطريقة ما. إذ تُمثل حادثة استهلال "كرازة" يسوع، على حسب رواية كاتب إنجيل لوقا بالذات في تسلسل الأحداث، في مدينته "الناصرة"، وفشله الكامل في إقناع أهلها، وذلك بعد استهزائهم بنسبه (أليس هذا ابن يوسف؟!) [لوقا 4: 22] و [مرقس 6: 3-4] و [متى 13: 55-56]، ومعرفة يسوع القاطعة بذلك الاستهزاء في شخصه بالذات: (فقال لهم: على كل حالٍ تقولون لي هذا المثل: أيها الطبيب اشفِ نفسك) [لوقا 4: 23]، وتحديهم له بعمل معجزات وفشله الكامل في ذلك (لم يقدر أن يصنع هناك ولا قوة واحدة، غير أنه وضع يديه على مرضى قليلين فشفاهم) [مرقس 6: 5]، ثم إلقاء القبض عليه وإخراجه بالقوة [الترجمة الحرفية للكلمة اليونانية التي يترجمها المترجم العربي بـ (وأخرجوه) هي (thrust him) أي (دفعوه بقوة)، وفي ترجمة (World English Bible) يتم ترجمتها (threw him out of the city) (ألقوه)] إلى (خارج المدينة، وجاءوا به [الترجمة الحرفية للكلمة اليونانية: (واقتادوه)] إلى حافة الجبل الذي كانت مدينتهم مبنية عليه حتى يطرحوه إلى أسفل) [لوقا 4: 29]، ثم هرب يسوع منهم بطريقة ما لا توضحها الأناجيل المختلفة وإنما تتعمد إباهمها وتغطيتها [لوقا 4: 30]، تُمثل هذه الأحداث كلها نقطة فارقة في تاريخ المسيحية المسكوت عنه. إذ لابد أن قصة إخراج يسوع بطريقة (مُهينة جداً) من جانب أهل مدينته التي تربى فيها ونشأ، والتي جميع أفراد سكانها يعرفونه حق المعرفة الشخصية ولسنوات طويلة جداً منذ طفولته وبجميع تفاصيل حياته الشخصية الدقيقة التي تلخصها مقولة (اشفِ نفسك)، وبعد فشله الذريع أمامهم، كانت هذه التفاصيل من الانتشار الواسع بين معارضي العقيدة المسيحية الأوائل إلى درجة أن كتبة الأناجيل لم يكن مُتاحاً لهم إطلاقاً أن يغضّوا النظر عنها، ولكن كان يجب عليهم أن يتولوا (تلطيف) القصة و (تبريرها) بواسطة (اختراع) تفاصيل متعددة للأحداث حتى تتسق مع اللاهوت المخترع الجديد آنذاك للمسيحية. ولابد أيضاً أن أهل مدينة (الناصرة) كانوا من الانتشار، أو على الأقل روايتهم لِما حدث ليسوع عندهم كانت من الانتشار، ضمن مناطق متعددة في الإمبراطورية الرومانية بحيث كانوا يؤكدون لمستمعيهم بأنهم (لم يروا إطلاقاً من يسوع ما يقوله المسيحيون الأوائل عن إلههم الجديد هذا)، وبالتالي كان لابد لكتبة الأناجيل مِنْ أن يبرروا (الغياب الكامل للمعجزات في الناصرة مع وجود الشهود المباشرين على هذا الغياب والفشل ورفض أهلها الإيمان بيسوع "المولود من عذراء")، فكان الحل أنهم وضعوا على لسان يسوع مقولته (فقال لهم يسوع: ليس نبي بلا كرامة إلا في وطنه وبين أقربائه وفي بيته) [مرقس 6: 4] و [متى 13: 57] و [لوقا 4: 24 – مع ملاحظة أن لوقا تعمد إلغاء كلمات مرقس (وبين أقربائه وفي بيته) وذلك لأسباب قد تكون موضوعاً لمقالة قادمة]، وبالتالي تعمد كتبة الأناجيل (إلغاء) شهادة ليس فقط أهل (الناصرة) ولكن أيضاً شهادة (أقرباء يسوع وأهل بيته) ولم يعي هؤلاء الكتبة إطلاقاً بأنهم أكدّوا الحقيقة التاريخية البارزة وهي أن (أهل بيت يسوع ذاته قد كذّبوه ورفضوه ولم يعرفوا إطلاقاً أنه "مولود من عذراء")، ومن هنا نفهم ما ورد في مرقس عن يسوع (ولما سمع أقرباؤه خرجوا ليمسكوه، لأنهم قالوا: إنه مختل) [مرقس 3: 21] أي "مجنون"، ونفهم إشارة يسوع (التحقيرية) لأمه وأخوته في الإنجيل [متى 12: 46-50] وفي [يوحنا 2: 4]. ويمكننا هنا الإشارة إلى ملاحظة أن الأغلبية الساحقة لمعجزات يسوع هي (بناء على المجهول)، أي أن الشخص موضوع هذه المعجزة لا يتم تعريف هويته إطلاقاً، وإنما يتم إبهامه بتعمد واضح، وذلك حتى لا يتم التعرف عليه أو على أقاربه أو أبنائه من بعده. إذ حتى وإن ذُكر الاسم، فهو أيضاً (بناء على المجهول)، لأن لك أن تتخيل نفسك وأنت تكتب لجمهور كبير ثم تذكر اسم شخص ما باسمه الأول (فلان)، ثم اسأل نفسك هذا السؤال: كم فلان موجود في هذه المنطقة وكيف يمكنهم أن يتعرفوا عليه تحديداً؟ لا شيء (بريئ) إطلاقاً في تلك النصوص المقدسة، تلك هي الحقيقة، وإنما كلها نتاج تزوير واختراع. إلا أن مشكلة أي (اختراع) للروايات التاريخية هي أنها في تفاصيلها (غير واقعية)، وبالتالي من الممكن للباحث الناقد أن يستدل على التناقضات الضمنية بين (الرواية) وبين (العقيدة)، ليُثبت إما تزوير الرواية أو تزوير العقيدة أو تزويرهما معاً.
يجب عليك أن تتذكر دائماً عند قراءتك لنصوص العهد الجديد بأن لا أحد بريء، لا المؤلفون، ولا الكَتَبَة، ولا المترجمون، ولا حتى مَنْ يبررون لهذا التزوير الفاضح ممن هُم بيننا اليوم. لا أحد بريئ.
...يتبع
#حسن_محسن_رمضان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تزوير مسيحية يسوع – 21
-
تزوير مسيحية يسوع – 20
-
تزوير مسيحية يسوع – 19
-
تزوير مسيحية يسوع – 18 – الجزء الثاني
-
تزوير مسيحية يسوع – 18 – الجزء الأول
-
تزوير مسيحية يسوع – 17 – الجزء الثاني
-
تزوير مسيحية يسوع – 17 – الجزء الأول
-
تزوير مسيحية يسوع - 16
-
تزوير مسيحية يسوع - 15
-
تزوير مسيحية يسوع - 14
-
تزوير مسيحية يسوع - 13
-
تزوير مسيحية يسوع - 12
-
تزوير مسيحية يسوع - 11
-
تزوير مسيحية يسوع - 10
-
تزوير مسيحية يسوع - 9
-
تزوير مسيحية يسوع - 8
-
تزوير مسيحية يسوع - 7
-
تزوير مسيحية يسوع - 6
-
تزوير مسيحية يسوع - 5
-
تزوير مسيحية يسوع - 4
المزيد.....
-
استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024
-
“فرح أطفالك طول اليوم” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
-
“التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية
...
-
بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول
...
-
40 ألفًا يؤدُّون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|