علاء الدين الخطيب
الحوار المتمدن-العدد: 4363 - 2014 / 2 / 12 - 15:49
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في ظلال الثلج الأبيض السويسري التقا الوفدان، وتحت المعاطف الجوخية السوداء اشتعلت الغرائز. انتصبت التصريحات النارية. هذا يحتج وذاك يصرخ، هذا يأخذ على خاطره وذاك يحرد عند زاوية القاعة. والإبراهيمي يوزع ابتساماته والحبوب الزرقاء ويطيّب الخواطر ويمسحها بذقنه. الأول يريد مناقشة ملف الإرهاب والثاني يريد مناقشة الحكومة الانتقالية، الأول يريد تطويب شهداء الجيش السوري والثاني يريد تطويب شهداء المعارضة.
كلا الفريقين يصدران التصريحات الشعبوية وفق صيغة ضمير المتكلم:
"نحن هنا للدفاع عن شعب سوريا"، "نحن ممثلو الشعب والوطن السوري"، "نحن هنا ليس خوفا بل كرامة لسوريا"، "نحن هنا نتحمل المرّ لنتجنب الأمرّ"، "حضورنا هنا قرار تاريخي مفصلي"، "نحن نضحي ونعارك ونحارب هنا لسوريا"، "نحن .... ونحن.... نحن سوريـــــــــــــــــــــــــــــــا"
ووفق صيغة الضمير الغائب:
"أجبرناهم على الحضور ليعترفوا بنا"، " هم عصابة قتلة ومجرمين"، " هم يريدون شرْعَنة القتل والإرهاب"، " هم مجرد عملاء وأدوات للخارج"، "لقد قهرناهم وفضحناهم أمام العالم"، "هم .... وهم.... هم خونة عملاء كفار أعداء لسوريــــــــــــــــا".
وعلى حواف جنيف سويسرا يسمع السوريون ويشاهدون، يشفقون على "نحن" وحتى على "هم" من برد ثلوج الألب وقسوة حياة "الستايْل السويسري" على الفريقين. يشرب السوريون الأنخاب بصحة الوفد "نحن" وتأبينا للوفد "هم"، ثم يقيمون صلاة الشكر لله على نصر "نحن" وتشييعا لهزيمة "هم". ثم يعود السوريون لأطفالهم يلاعبونهم بالآي باد، ويقيمون حفلة الرقص على أنغام الفالس والتانجو ولا ينسون الدبكة ورقص البطن. تكبر المساجد وتقرع الكنائس فرحا ب"نحن" واستغفارا ل"هم"، وتنحني ركبهم صلاةً وتسجد جباههم شكرا. ثم ينام السوريون بمخادعهم الحريرية مبتسمين بأحلام سعيدة وأبواب قصورهم مفتوحة عسى أن يطرقها فقير جائع، لكن هيهات لجائع وفقير أن يكون سوريا.
ويستيقظ السوريون مرة أخرى لمشاهدة تلفزيون الواقع على روائح الهيل يمارس الجنس الساديْ مع القهوة المغلية على نيران"هم".
فجأة يقف السوريون مذعورين، صاح الطفل وفي يده قصاصة ورق صفراء مهترئة (بابا، ماذا تعني هذه الكلمة "أنتم").
#علاء_الدين_الخطيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟