|
هل الإسلام جاء من بلاد الفرس؟
ياسين المصري
الحوار المتمدن-العدد: 4363 - 2014 / 2 / 12 - 00:17
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كثيرا ما دار بذهني هذا السؤال وأنا أتابع القراءة والبحث عن محمد نبي الأسلمة التاريخي، والمكان الذي نشأت فيه ديانته وكيفية نشرها. أريد أن أعرف أكثر ما يمكن معرفته عن تاريخها المبكر، وسط هذا الركام الذي لا نظير له من كتب التراثية الإسلاموية، وأيضا غير الإسلاموية رغم قلتها.
والسؤال قد يبدو غريبا وعجيبا في حد ذاته، وربما يثير قدرا من السخرية أو الغضب والامتعاض. لأن القضية محسومة ولا جدال حولها منذ زمن طويل، وأصبحت من المسلمات اليومية لدي المتأسلمين جميعا مثل الماء والهواء وشروق الشمس وغـروبها!! ولكننا عندما نحاول أن نعرف، فسوف نجد الكثير والكثير جدا مما يجعله سؤالا مبررا ومشروعا لذاته، ومن ثم يدعو كل العقلاء في العالم إلى المزيد والمزيد جدا من البحث والفحص عن التاريخ المبكر لديانة الأسلمة المحمدية، سواء فوق الأرض أو في بطن الأرض. ولتقريب السؤال أكثر إلى الفهم، نبدأ أولا في طرح تصور معين.
لا شك أن الكثيرين في العالم يسمعون عن تنظيم القاعدة المتحالف مع الطالبان في أفغانستان، ويعرفون أنه تنظيم سياسي يلتحف بغطاء إسلاموي إجرامي حقيقي بامتياز، وذلك بهدف إسقاط الحكومات الإسلاموية الكافرة في بلدان الشرق الأوسط والأمة المتأسلمة جميعها، وإحلالها بـ"دولة الخلافة المحمدية". وأن هذا التنظيم الإرهابي يقبع كما هو معروف في كهوف ومغارات جبال تورا بورا بعيدا عن أعين الأعداء. نفترض جدلا أن خلافا نشب، لسبب ما لا يهمنا في شيء ولكن من الممكن حدوثه، بين قادة التنظيم والقادة الطالبانيين الذين هم في حمايتهم، فماذا يحدث؟ إذا لم يخرج التنظيم سلميا من البلاد، ينقسم على نفسه إلى فريقين، فريق يحاول مهادنة الحماة والانسجام معهم وتنفيذ مطالبهم، وفي مقابل ذلك يعيش أفراده وأتباعه في وئام وسلام ويسمح لهم بالخروج إلى ضوء الشمس، وبناء منازلهم وأماكن عبادتهم ومعيشتهم الخاصة. أما الفريق الآخر الذي يصر على معاداتهم، فلا يبقى أمامه سوى البحث عن حماة جدد في مكان آمن آخر ومن ثم يشد الرحال إليه. بطبيعة الحال تجري قبل ذلك مباحثات ومشاورات حتى يتم الاتفاق على شروط وأهداف ترضى الطرفين، وقد تكون أهدافهما واحدة، فيصبح الأمر بينهما مجرد مواثيق ومعاهدات لما بعد تحقيقها. يشد الفريق المنفصل عن التنظيم رحاله إلى معقله الجديد، وليكن في جبال الهملايا في "الصين". ولا بد له أن يغير إسمه الحركي من تنظيم "القاعدة" إلى تنظيم "الظهواهريين" مثلا.
وفي المعقل الجديد يكون من السهل على الظواهريين إقناع أهل البلد الأصليين بعدالة قضيتهم، لأن أهدافها واحدة. فيتمكنون بعد 100 عام أو أكثر أو أقل من تشكيل جيش جرار يسيرونه نحو الشرق الأوسط، وفي أيام معدودات يقهرون الجيوش ويسقطون العروش ويحلون محل الحكومات في السيطرة على البلاد وإخضاع العباد.
لا بد أن يتخذ الظواهريون من القاهرة عاصمة لهم، لوجود أكثرية من الموالين لهم والمتعاطفين معهم والجهاهلين بمقاصدهم. وبعد التخلص من أعدائهم التقليديين من الحكام السابقين ومن يواليهم، يسرعون إلى توليف عقيدة معينة يعتمدون عليها في تحسين صورتهم من ناحية، ويركنون إليها من ناحية أخرى في إبادة خصومهم وسحق معاريضهم. وسوف يجد "الظواهريون" في البلاد الموطوءة عددا كافيا من المنافقين والدجَّالين وقطاع الطرق وتجار الحروب والصعاليك والآكلين على جميع الموائد ليوضعوا لهم دستورا مكتوبا مع كم هائل من الكتب التي تتضمن أسس وتعليمات وحيثيات عقيدتهم الدينية ـ السياسية التي أطلقوا عليها إسم "الخضوع"، بشرط: أن يتم كل هذا في سرية تامة، ومن يقع في يده غـير ما يتفق مع عـقيدتهم يجب عـليه حرقه على الفور. هنا لا بد أن يظهـر "بن لادن" على أنه كان النبي المنتظر الذي بعثه الله في جبال تورا بورا ليخرج الناس جميعا من الظلمات إلى النور، وأنه جاء ذكر له في كتب اليهود والنصارى أعداء الله ورسولة والمؤمنين. وإذا لم يجد أحد ذكر لإسمه، فلأن هذه الكتب حرفها أحفاد القردة والخنازير. وأنه كان آخر الرسل وأفضل الخلق أجمعين. وكانت له معجزات مثل موسى وعيسى، وأنه استنطق الصخر والشجر مثما استنطق سليمان النمل والهدهد .... الآن نصل إلى سؤال هام هو: هل عقيدة "الخضوع" المفترضة هذه، والتي ابتدعها الظواهريون ونسبوها إلى نبيهم "بن لادن" وعمموها بالمفخخات والدبابات وقاذفات الجحيم على كافة البلدان في الشرق والغرب تحت تعبير "دولة الخلافة الظواهرية"، جاءت من جبال "تورا بورا" في أفغانستان أم من جبال "الهملايا" في الصين؟!!.
في المقال القادم سوف نترك هذا اللغز قائما وندلف مباشرة إلى صلب الموضوع، في محاولة شاقة لتبديد الإحساس بغرابة الأسئلة والتعجب منها. وفي أفضل الأحوال نأمل في التمكن من إزلة ما تحدثه من غضب وامتعاض. أما السخرية فلتبقى صفة مميزة للطباع البشرية إلى أبد الآبدين .
ودمتم بخير وأمان.
#ياسين_المصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المرض المزمن الذي أصاب المصريين
-
الناس اللي تحت
-
إنتو شعب واحنا شعب حكاية حزينة للغاية
-
مصر والطريق إلى الديموقراطية
-
الشيخ أحمد وزملاؤه
-
أما آن الأوان للأزهر أن يتحرك؟؟
-
بين هذا وذاك
-
العربان المتأسلمون
-
الشيطان الأكبر
المزيد.....
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|