|
صحيفة رسمية سورية تتهم نشطاء حقوق الإنسان بالعمالة: لكنه ضحك كالبكاء
محمد منصور
الحوار المتمدن-العدد: 1240 - 2005 / 6 / 26 - 09:05
المحور:
حقوق الانسان
دهشت حقا للصيغة التي كتب بها المحرر السياسي في جريدة (الثورة) السورية مؤخرا (1) هجومه العلني السافر على مجموعة الحقوقيين ونشطاء حقوق الإنسان الذين طالبوا الاتحاد الأوربي بعدم توقيع اتفاق الشراكة مع سورية إلا بعد إقرار الحكومة لبند حقوق الإنسان... ومبعث دهشتي ليس لغة التخوين والتجريم الضمني التي كتب بها الخبر، ولا محاولة التفريق البائسة والمفضوحة بين حقوق الإنسان وحقوق الوطن... إذ لا وطن بلا إنسان، والوطن الحر الكريم السيد يقاس بمدى حرية وكرامة أبنائه ومواطنيه وليس بالاتفاقات الدولية وبروتوكولات الشراكة أو عضوية الأحلاف والأندية والمهرجانات... أقول إن مبعث دهشتي هي الحديث عن جهود (السوريين) في صياغة اتفاق الشراكة، وعن ما اسماه المحرر السياسي: (الجهود المضنية التي بذلها أبناء الشعب السوري في مؤسساته الرسمية والأهلية والخاصة للوصول إلى اتفاق شراكة مع أوروبا) فعن أي سوريين يتحدث المحرر السياسي يا ترى! إن أبناء الشعب السوري الذين يتحدثون باسمهم ليس لهم ناقة ولا جمل في أي قرار داخلي أو خارجي اتخذ على مدار الثلاثين عاما الماضية.. فهم مصادرون في الأقوال والأفعال... وظيفتهم أن يجبروا على الخروج في مظاهرات التأييد.. أو الاستنكار حسب ما تريده الدولة، وحسب ما يخطط له الحزب القائد... وقد بلغت حد الاستهانة بهم وبكرامتهم أنه كانت تعلق في المؤسسات والدوائر الرسمية طيلة العقود الثلاثة الماضية ولا تزال إعلانات عن مواعيد المسيرات ونقاط الانطلاق ومواعيد التجمع وعناوين تلك المسيرات مع تهديد علني ( كتابي أو شفهي) يفيد بأن من لا يحضر يقع تحت طائلة المساءلة القانونية. إن أبناء الشعب السوري لم ينتخبوا بحرية لا أعضاء مجلس شعب ولا حتى رؤساء بلديات وقد ظهر ذات مرة الفنان أيمن زيدان في برنامج مجلة التلفزيون على القناة الأولى في التلفزيون السوري ليشكر بالفم الملآن القيادة السياسة التي سمحت، واختارت بعض الفنانين ليكونوا أعضاء في مجلس الشعب!! إن أبناء الشعب لم يتمكنوا يوما من إسقاط حكومة أو إقالة وزير.. وحتى رئيس الحكومة التي اعترفت الدولة بفساده ثم أعلنت انتحاره (المهندس محمود الزعبي) بقي يشكل حكوماته الرشيدة طيلة ثلاثة عشر عاما... ولم يتمكن الشعب السوري عبر وسائل الإعلام التي يقال أنها تنطق باسمه من أن يكتشف فساده، أو يحتج، حتى حين أسس ابنه الدكتور مفلح شركة أنتاج تلفزيوني (على سبيل المثال لا الحصر) يا رعاكم الله! ثم أين هي المؤسسات الأهلية والخاصة التي ساهمت في صياغة اتفاق الشراكة... هل هي النقابات المهنية المملوكة لحزب البعث العربي الاشتراكي، والتي هي سيف مسلط ضد أعضائها تسارع لمعاقبتهم متى طلب منها ذلك، ولا ترفع صوتا لتحتج على ظلم وقع على أحد أعضائها مهما كان الظلم بيّن... والانتهاكات واضحة وجلية؟!! أم هي شركات أولاد المسؤولين واستثماراتهم التي بنيت وكبرت واستفحلت وآباؤهم وأقربائهم في السلطة وبيدهم قرارات المسموح والممنوع، وفتاوى الاستثناءات والامتيازات؟! أخبرنا يا سيادة المحرر السياسي أي سوريين تقصد... مادام حزب البعث هو قائد الدولة والمجتمع وهو الذي ينطق باسم السوريين بقوة المادة الثامنة من الدستور التي عفى عليها الزمن والتاريخ والعرف والحضارة! إن السوريين الذين تتحدث باسمهم أيها المحرر السياسي الرفيع المستوى، هم الذين يطالبون بحقوق البشر.. لأن الوطن ليس حديقة عامة تملؤوها الأشجار والبحيرات والمقاعد الخشبية التي قد نستريح عليها لبرهة قبل أن نتابع مسيرنا... الوطن هو حق التعبير وحق الانتخاب وحق الاعتراض وحق العمل وحق التمتع بقضاء عادل ونزيه وحق أن نقول نعم وأن نقول لا... من دون أن تطلع علينا صحيفة رسمية لتتهم فئة منا بالخيانة وبأنها تقف مواقف تصب في خدمة الصهيونية رغم أن هذه الجريدة تمول من جيوب دافعي ضرائب الدخل والاستهلاك والرفاهية وضريبة رفاهية استخدام الهاتف العادي والموبايل ودخول مطعم ثلاث نجوم وقيادة السيارة، وضريبة حماية البيئة على سيارات قديمة نرغم على استخدامها لأن أسعارها تفوق أسعار أحدث السيارات في دول مجاورة ونامية و(فقيرة) مثلنا! هذه هي حقوق الوطن وهؤلاء هم أبناء الشعب السوري الذين تدافعون عن حقوقهم في توقيع اتفاق شراكة أوربية وهم ليسوا شركاء على الإطلاق في صياغة أي قرار في أوطانهم كما دل على ذلك المؤتمر القطري الأخير لحزب البعث.. الذي انتخب فيه الرفاق البعثيون رفاقا بعثيين لعضوية المؤتمر.. فجلسوا على مدى أيام، يتناقشون ويتداولون، ويقررون عنا في جلسات سرية لم تنقلها وسائل الإعلام إلا عبر فلتر المرآة المشوهة للسيدة بثينة شعبان ثم خرجوا بتوصيات لم تقدم أو تؤخر في كثير أو قليل.. بل كان أول تباشيرها سحب ترخيص صحيفة خاصة انتقدت فساد محافظ!! من المؤسف... بل من المحزن أن تتحول وسائل الإعلام التي يقال أن ثورة الثامن من آذار جعلتها ملكا للشعب... أن تتحول وبصورة سافرة وفجة، إلى منابر تخوين وطني على الصفحات الأولى.. وأن لا يقتصر الأمر على مقالة يكتبها زلمة سلطة مقتنع بنهج السلطة ومسارها ومعجب بإنجازاتها التي لا يلحظها الحاقدون... بل محرر سياسي ينطق باسم الجريدة... وتنطق الجريدة برعايته الإعلامية والأمنية. ومن المضحك أن تخرج علينا (الثورة) ذاتها لتتهمنا، حين نكتب محتجين على هذا السلوك الإعلامي المشين، بأننا لا نتقبل النقد والحوار الوطني... فها نحن أقمنا الدنيا ولم نقعدها لمجرد أنها (فقط) اتهمت مجموعة من الحقوقيين السوريين بأنهم يخدمون أهداف ومصالح الصهيونية والولايات المتحدة الأمريكية... فأية ديمقراطية نطالب بها حقا! أخيرا: أود أن أهمس بأذنك عزيزي المحرر السياسي الشجاع الذي لم يذكر اسمه: ماذا تتوقع لو أن أحدا في الخارج، حتى من أصدقاء سورية المخلصين كالصحفي البريطاني باترك سيل (على سبيل المثال لا الحصر طبعا) قرأ ما كتبته من (عار) على الصفحة الأولى من جريدة (الثورة) هل تتوقع أن يقتنع... أو أن يشيد بوطنيتك وفهمك وذكائك... أو أن يصفق لك... أم تتوقع مثلي: أن يضحك ويضحك ويضحك... لكنه ضحك كالبكاء دمشق - (1) هامش_ نص المادة كما نشرتها صحيفة الثورة السورية على الصفحة الأولى يوم 22/ 6/ 2005 قوى الضغط الخارجي تعارض توقيع الشراكة مستعينة بأصوات غير وطنية من الداخل..يتشدقون بحقوق الإنسان..ويتنكرون لحقوق الوطن كتب المحرر السياسي - ذكر موقع على شبكة الانترنيت ان حقوقيين ومن وصفهم بنشطاء سوريين, طالبوا الاتحاد الاوروبي بعدم توقيع اتفاق الشراكة مع سورية.
وذلك خلال اجتماع الوفد البرلماني الاوروبي بعدد من هؤلاء.
ونقلت وكالة ا ف ب عن المحامي أنور البني ومن معه طلبهم من الوفد بعدم توقيع اتفاق الشراكة مع سورية مسيئين بذلك لمصلحة الوطن امام وفد أجنبي.
ويتحدى هؤلاء بأصواتهم الناشزة, جهداً كبيراً بذله السوريون منذ بدء مسار برشلونة, لوضع اتفاق شراكة يحقق الانسجام بين المصالح الوطنية لسورية والمصالح الاوروبية. وفي الوقت الذي تسمعهم فيه يتشدقون بأحاديث الديمقراطية وحقوق الانسان وقفوا ضد حقوق وطنهم يستعدون الدول والمنظمات الدولية على شعبهم ويعرضون للضياع تلك الجهود المضنية التي بذلها ابناء الشعب السوري في مؤسساته الرسمية والاهلية والخاصة للوصول الى اتفاق شراكة مع اوروبا يؤكد اهلية العمل السوري للانسجام مع الواقع العالمي. وهم بذلك يقفون الموقف ذاته الذي تقفه قوى الضغط الخارجي على سورية ممثلة بالصهيونية والولايات المتحدة الاميركية.
وكان الوفد البرلماني الاوروبي قد قام بزيارة لسورية للبحث بموضوع الشراكة, واستقبله المسؤولون السوريون وفي مقدمتهم السيد الرئيس بشار الأسد, وساهمت جهات سورية عديدة رسمية واهلية وخاصة في توضيح جوانب الحياة السورية التي ترى انها مؤهلة للشراكة.
ويعتبر توقيع الشراكة مع سورية, اجراء متابعة لمحادثات طويلة بدأت مع بداية مسار (برشلونة) وانتهت الى التوقيع بالاحرف الاولى على اتفاق من 1200 صفحة في شهر تشرين الأول الماضي وهو ينتظر التوقيع النهائي.
وقد تطلب الوصول الى هذا الاتفاق كثيراً من الجهد من جهات سورية متعددة لوضع الشروط الافضل الممكنة في بنود هذا الاتفاق, وقد اشار اكثر من وفد اوروبي زار سورية الى ان الاتحاد الاوروبي يتجه الى توقيع الشراكة مع سورية قبل الاحتفال بالذكرى العاشرة للقاء برشلونة, حيث تكون سورية اخر دول الشراكة الاورومتوسطية التي توقع الاتفاق الذي يلحظ اقامة منطقة تجارة حرة عام ,2010 علما انها كانت من انشط الدول التي سعت لانجاح لقاء برشلونة.
ويعتبر موقف حقوقيين ونشطاء آخرين ضد هذا المسعى السوري ذي الطابع الوطني ومطالبتهم الاتحاد الاوروبي بعدم التوقيع على الاتفاق نوعا من تبديد الجهد الوطني الذي وظف في هذا الاطار وإساءة لعلاقات حسنة تبنيها سورية مع منظمة دولية هي الاتحاد الاوروبي واستعداء ضدها.
وينسجم هذا الموقف مع ضغوط من اطراف مختلفة على الاتحاد الاوروبي لمنعه من توقيع اتفاق الشراكة مع سورية.
وقد أشارت السيدة بياتريس باتري رئىس الوفد البرلماني الاوروبي في اطار ذلك الى ان الاوروبيين ينظرون الى السوريين شركاء واصدقاء بعيداً عن ضغوط الولايات المتحدة مشيرة الى ان الاتحاد الاوروبي له رؤية مختلفة عن الجانب الامريكي فهو يريد التعاون مع سورية وحواره معها مستمر, وينظر السوريون الى الاتحاد الاوروبي النظرة ذاتها من حيث كونهم اصدقاء وشركاء ويسعون لتثبيت هذه الحالة بين الجانبين عبر الحوار الديمقراطي ويتحملو ن من اجل ذلك الكثير من الشروط ويقدمون الكثير من التعديلات ويجرون تغيرات من أجل الانسجام اكثر مع الوضع العالمي.
وهذه مصلحة عامة وطنية لاتخص فئة ولاحزباً ولامجموعة..
ويلاقي هذا التوجه السوري معارضة من قوى لاتريد الخير لسورية وبينها - بكل أسف ودون تشبيهات - قوى الضغط الصهيوني في المواقع العالمية المختلفة.
وتستهجن سورية ان يكون بين السوريين من يرضى ان تتحد جهوده مع جهود قوى الضغط على سورية حتى ولو كانت صهيونية او امريكية.
وتؤكد ضرورة التزام الجميع بمصلحة الوطن, والتفريق بين المعارضة الوطنية السياسيةوبين المعارضة للوطن لأسباب سياسية.
#محمد_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في مجابهة تطلعات التلفزيون السوري نحو المهنية: بثينة شعبان و
...
-
الحرية لحسين العودات ورفاقه... ولنا!
-
الحرية لعلي عبد الله: السيد رياض نعسان آغا هل كنت تضللنا؟
-
كيف أكتب تقريرا أمنياً بنفسي
-
الظواهر الجنسية عند العرب!
-
كيف يقرأ المسؤول العربي النقد بعقلية تآمرية!!
-
مهرجان لاينافسنا فيه أحد
-
الوطن: حقوق أم شعارات
-
رسالة مباشرة إلى مسؤول أمني
-
لماذا يشعر المواطن السوري بالقرف من الحياة؟!
المزيد.....
-
وزير الدفاع الإيطالي: سيتعين علينا اعتقال نتنياهو وجالانت لأ
...
-
كندا تؤكد التزامها بقرار الجنائية الدولية بخصوص اعتقال نتنيا
...
-
بايدن يصدر بيانا بشأن مذكرات اعتقال نتانياهو وغالانت
-
تغطية ميدانية: قوات الاحتلال تواصل قصف المنازل وارتكاب جرائم
...
-
الأمم المتحدة تحذر: توقف شبه كامل لتوصيل الغذاء في غزة
-
أوامر اعتقال من الجنائية الدولية بحق نتانياهو
-
معتقلا ببذلة السجن البرتقالية: كيف صور مستخدمون نتنياهو معد
...
-
منظمة التعاون الإسلامي ترحب بإصدار المحكمة الجنائية الدولية
...
-
البنتاجون: نرفض مذكرتي المحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتني
...
-
الأونروا: 91% من سكان غزة يواجهون احتماليات عالية من مستويات
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|