أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله خليفة - جذورُ الطائفيةِ الفكريةِ














المزيد.....


جذورُ الطائفيةِ الفكريةِ


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 4362 - 2014 / 2 / 11 - 09:46
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إن السببيات شاملةٌ واحدةٌ لكلِ فكرةٍ كبيرة؛ للأديان والمذاهب والمدارس الفكرية، وتتلخصُ في مدى قدرة الفكرة في نموها الايجابي على أن تكون مرشدةً للتقدم الإنساني، وفي جانبها السلبي حين تعوق هذا التقدم وتكرسُ نفسَها لوقفه والأسوأ لمحاربته، وهذا يتعلق بقدرتها على التداخل مع القوى الشعبية الصاعدة في كل مرحلة.
في صدام الإماميات والحنبلية في بغداد أواخر العصر العباسي الثاني، يتشكل قوسا القوميتين المحافظتين الفارسية والعربية البدوية الصحراوية.
الأولى تستعينُّ بثقافةِ اللاعقل، بهيمنةِ النجومِِ والكواكب المتحدة بالأرواح وقوى البشرية المفارقة التي غدت مهيمنةً من السماء، وبطقوس الزراعة القديمة، عبر ثقافة الندب وتعذيب الذات، معبرة عن قوى الفرس العليا الارستقراطية العسكرية، والثانية تستعينُ بحرفية النصوص المقدسة الكلية، حيث كل حرفٍ حتى لو إمتلأ بالخرافة يغدو حقيقة، وهي ترتبطُ هنا بقوى الفئات الوسطى العربية ذات الجذور البدوية التي تناوئ التحديث وتلتحق بها حتى أعماق الجزيرة العربية بعد قرون.
الثقافة الإسلامية أمام منحيين كبيرين متضادين.
لم تستطع ثقافةُ العقل والعلوم والنقد في العصر العباسي أن تخترق الحجبَ المعتمة، وثمة مستويان اجتماعيان يصطدمان:
الملاكُ الكبارُ في فارس يستعيدون السيطرةَ على الأراضي، ويتغلغلون في الخلافة العربية: بني بويه المؤثرون هم رموزُ هذه المرحلة.
البدو والأعراب العرب الذين ملأوا المدينةَ العاصمة يجدون أنفسهم امام سيطرات غير عربية: فارسية وتركية، وخاصة الفرس الذين يصارعونهم كثيراً على حدود الأرض وهم أصحاب السلطان.
تنفجر الحنبليةُ بكراهية شديدة للعقلانية وللتحليل والفلسفة، ويصرخ قائلهم: (من تمنطق فقد تزندق!). والمفكرون الفرس يوغلون في الماورائيات، ويعودون لتقاليد الشعوب القديمة في كسر الجدران بين الحس والغيب. وتتدفق الصوفياتُ كشكلٍ بارزٍ للاعقلانية وتحلُ الأرواحُ الغيبية في الأجسام البشرية المحدودة وتصعد نحو السماء للذوبان في المطلق!
في المدارس اللاعقلانية وقتذاك هجومٌ سياسي على العروبة وجسدِها الاجتماعي الملموس وهو هؤلاء البدو الذين لم يستطيعوا أن يتطوروا ولم يستوعبوا الفلسفةَ العربية في جنونها المتصاعد.
ولهذا هم يستعيدون الأحكامَ المبسطةَ للشريعة؛ استخدام الحدود وتطبيقها الصارم والعودة للتقاليد البدوية، وعدم الاجتهاد والتحليل، ومقاومة الغزاة المختلفين مع الملة، وضد أي أناس يدخلون الأفكار(المنحلة) و(الفاسدة).
هنا يحدث الافتراقُ بين الجزيرة العربية وفارس. بين الحنابلةِ والشيعة.
ولكنهم جميعاً يتفقون على الأحكام الحِرفية الحدودية فيما يتعلق بقطع إيدي اللصوص البسطاء وترك الحرامية الكبار الذين يملكون الإقطاعيات الواسعة ويشنون الحروب.
المذاهب السنية الأخرى المتعاونة مع الدول الشمولية لا تطور اجتهاداً ديمقراطياً، فتظل الأحكامُ المحافظة سائدة، والمرونة تتكلس، ولهذا فإن الفوارق بين المذاهب السنية تتوارى مثل أن الفروق المضمونية بين المذاهب الإسلامية تتلاشى، وتبقى الخلافات العبادية تميزها.
كلُ فكرة تتجمدُ عن خلقِ التقدم تركزُ على الأشكال، والكلية الصارمة، وأن لا ثمة تناقض وتعدد في مبناها، وأنها كانت ولا تزال هي نفسها منذ أن ظهرتْ حتى يوم القيامة، وتجعلُ أتباعَها يعيشون في أشكالِها العبادية بصرامة، وترفضُ الاجتهادَ والممكنَ والاحتمالات والسيرورة والتغيير، أي تخاف أن يتوجه أتباعها للتحللِ من قيودها الصارمة، والاجتهاد في تفسيراتها، ويعودون لتحليل الحياة وتناقضات العيش، ويبصرون التقدمَ الذي يجيءُ من جهات أخرى، ودرسه ورؤية مدى الاستفادة منه.
الفكرةُ في طورِها الأولِ حين تكون مناضلةً لتغيير أحوال الناس لا تكون مثل هذا، لا بد لها من قيود ما، وضبط للاتباع بأشكال، لكنها تكون متفائلة، فرحة، منفتحة، لأن الانتصارات والممكنات القادمة التحولية تجعلها ثوريةً فاعلة في عالمها وتقدم لجماعتها عيشاً جديداً متطوراً، فترفض التطرفَ وتحب الحلول الوسط والاجتهادات التي توسعُ ذلك التقدم.
الفكرة حين تصبح زنزانةً تجعل مبادئها شكلية، تناور عن المضمون والاحتمال والممكن والاجتهاد والانفتاح على الآخرين والاستفادة من إيجابياتهم، وتخافُ من التقدم، وتغذي التعصب، والعداوة.
الفكرة حين تصبح امتيازات للبعض، واستغلالاً وطنياً أو عالمياً تبتعد عن كشف الحقائق، ودرس الظروف العامة بموضوعية، وتنزلق نحو دهاليز غريبة، فتضخم جزئيات لدرجة تحويلها لجبال، وتنفخُ من شخصيات مريضة لأنها تغذيها بالوجود.
الفكرة تغدو متطورة حين تكون على علاقة وثيقة ديمقراطية بالناس، تتغذى من أسئلتهم ونقدهم، وتوسع من فهمها لتصنع جوانب جديدة من التقدم الذي لا يتوقف.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مخاطرُ الجملةِ الثوريةِ الزائفةِ
- أزمةُ الأريافِ العربية بين عصرين
- شعبٌ واحدٌ لا شعبان
- خطاباتٌ عابرة
- نقابيةٌ غيرُ ديمقراطيةٍ
- جاء وقتُ البرجوازيةِ الوطنية
- الانتهازيون خطرٌ على الدول
- مرحلة صناعية سياسية
- مساراتٌ ثقافيةٌ صحفيةٌ
- تحرير تجارة الأغنام
- تدهورُ الوعي العمالي
- تدهورُ الثقافةِ الوطنية
- ديمقراطيةٌ وسيطرةٌ
- الثقافة والسلطة في إيران
- أيّ معارضةٍ؟
- الوطنيةُ البحرينيةُ والعلمانية
- خرابُ آسيا
- الفاشيةُ في المشرق
- الفاشيةُ في إيران
- الفاشية في التطور العالمي


المزيد.....




- 100 ألف فلسطيني يصلون العشاء في المسجد الأقصى
- استقبال مواطنين من الطائفة الدرزية السورية أثناء دخولهم إسرا ...
- وفد درزي سوري يعبر خط الهدنة بالجولان لزيارة الطائفة في إسرا ...
- 80 ألفا يؤدون صلاة الجمعة الثانية من شهر رمضان في المسجد الأ ...
- بأنشودة طلع البدر علينا.. استقبال وفد من رجال الدين الدروز ا ...
- كابوس في الجنة: تلوث المياه يهدد جزر الكناري!
- تعرف على 10 أهم بنوك إسلامية في أوروبا وأميركا
- حماس: اعتداءات المستوطنين يستوجب موقفا اسلاميا حازما
- حماس: منع الاحتلال اعتكاف المصلين للمرة الثانية في المسجد ال ...
- على أنغام -طلع البدر علينا-.. وفد من رجال الدين السوريين من ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله خليفة - جذورُ الطائفيةِ الفكريةِ