أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - الفرح يليق بك يا فينسنت














المزيد.....


الفرح يليق بك يا فينسنت


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4362 - 2014 / 2 / 11 - 00:32
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هل يجوز أن أكتب، في ظلِّ ما نعيشه من إرهاب وويل، عن "فان جوخ"؟ الرجل النبيل الذي منح البشريةَ أطنانًا من البهجة والسموّ ورقصات سنابل القمح؛ رغم الحزن الذي دثّر حياتَه، ونوباتِ الصرع التي عصفت بأيامه، والوحدة التي نخرت عظامَ حجرته الفقيرة حتى قرر إنهاء حياته برصاصة في الصدر، اخترقت قلبًا لم يعرف الفرح. نعم يجوز؛ لسببين. أولا لأنني الآن أجولُ في الريف الهولندي الذي احتضن هذا العظيم، بعد جولة نهارية في متحف “فان جوخ” الوطني بأمستردام. وثانيًا: لكي يتعلّم الأشقياءُ الذين يورثون البشرَ الدمَ والثكل والدمار، أنّ هناك مَن يورث الأرضَ أعمالا خالدة تعيش من بعدهم قرونًا؛ فيكونوا مثل الأنبياء الذين يتألمون لكي يهبوا السعادةَ لغيرهم. أولئك صُنّاع الفرح، نقيضُ صنّاع الهلاك الذين يتركون بصماتِهم السودَ ويمضون إلى الخانة المظلمة من التاريخ.
عاش الرجلُ فقيرًا محرومًا من الحب والبهجة؛ فقال: "سأصنعُ السعادةَ عن طريق خلق الجَمال." لكنه كان منهزمًا خائرَ الروح. لم يثق بنفسه أبدًا، في حين منح ثقته الكاملة للألوان التي غمرت فرشاته الكثيفة ليتعلم منها، فيما بعد، أبناءُ المدرسة "الوحشية" و"التعبيرية". عرف كيف يمنح اللّونُ للإنسان طاقاتٍ نفسيةً وروحيةً هائلة. نوباتُ الصرع التي اعتادت أن تضربه، جعلته متقلّب المزاج فانعكس ذلك على لوحاته التي تطفرُ بالتباين اللونيّ الحاد. ففي حين خرج بعضُها مفرطَ الإعتام ينهل من سُمرة طمي الأرض القاتم، أشرقَت أخرى بألوان تتفجّر بالحياة والنور وذهبية القمح وطفولة الزهور. يحتلُّ هذا النبيلُ النحيلُ المساحةَ الأكبر من قلبي، من بين كلّ فناني العالم. لأن أعصابه احترقت، وشمعة عمره ظلّت تذوي كلَّ مساء في وحدته ووحشته، بينما ينكفئ على فرشاته وباليت ألوانه لكي يورثَنا مع كل ضربة فرشاة، كنزًا غنيًّا من أعظم لوحات التاريخ.
في آخر خمس سنوات من عمره القصيرَ، 37 عامًا، رسم لنفسه أكثر من ثلاثين بورتريه شخصيًّا تمثل حالاته المزاجية المتأرجحة بين الكآبة والمرح الطفوليّ. آخر عامين، اعتزل الناسَ واعتكف في ملجأ كنيسة "سانت ريمي”. ورسم هناك أجمل لوحاته. وفي العام الأخير، عاش تحت رعاية شقيقه "ثيو" في فندق صغير. حيث بدأت صحته في التدهور السريع. وفي إحدى نوبات الإحباط خرج إلى الحقل القريب وأطلق النارَ على صدره، ثم تحامل مترنحًا ليُسلمَ الروح فوق فراشه في29 يوليو 1890، وآخر كلماته لأخيه: "الحزنُ سوف يدومُ إلى الأبد!"
فينسينت فان جوخ، أيها الحزين الذي وهبتنا إشراقة زهرة الشمس وجديلة القمح وحقول البطاطس وطواحين الهواء، يليق بك الفرح.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زنقة الرجالة
- صانعُ الفرح، وصُنّاع الهلاك
- ليلةٌ تضيئُها النجوم - فان جوخ
- إخناتون والعياط
- رأس نفرتيتي، أسرقُها؟!
- العوار والعماء
- كنْ صوت من لا صوتَ له
- العياط وأمهات مصر
- لغة أجدادِنا
- لماذا خدع يعقوب بسطاءنا؟
- ابتسامة جورج سيدهم
- موعدنا في كاتدرائية المسجد
- الدستور والسلفيون
- مصريةٌ رغم أنف مَن يكره!
- أطفالُ السماء
- الفارس -إبراهيم عيسى-
- البايونير عدلي منصور
- شكرًا للمصادفات!
- طفل اسمه سيف
- عام في منزلة بين منزلتين


المزيد.....




- الجنة الدولية للصليب الاحمر تتسلم الاسير الاسرائيلي كيث سيغا ...
- الجنة الدولية للصليب الاحمر في خانيونس تتسلم الاسير الثاني
- الجنة الدولية للصليب الاحمر في خانيونس تتسلم الاسير الاسرائي ...
- إطلاق نار على قوات إسرائيلية في سوريا وجبهة المقاومة الإسلام ...
- تردد قناة طيور الجنة الجديد بجودة HD على جميع الأقمار الصناع ...
- بدء احتفالات الذكرى الـ46 لانتصار الثورة الاسلامية في ايران ...
- 40 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
- 40 ألفاً يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
- تفاصيل قانون تمليك اليهود في الضفة
- حرس الثورة الاسلامية: اسماء قادة القسام الشهداء تبث الرعب بق ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - الفرح يليق بك يا فينسنت