أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - منذر الفضل - توعية العراقيين بحقوقهم الإنسانية طبقا للقانون الدولي















المزيد.....



توعية العراقيين بحقوقهم الإنسانية طبقا للقانون الدولي


منذر الفضل

الحوار المتمدن-العدد: 1 - 2001 / 12 / 9 - 12:54
المحور: حقوق الانسان
    




توعية العراقيين بحقوقهم الإنسانية طبقا للقانون الدولي

Raising the Awareness of Iraqis of Rights under International Law
By: Dr. Munther Al-Fadhal
Professor of law
Stockholm – Sweden
Website:http://home.bip.net/alfadhal/
Research presented to the conference of INC which settled in London
Dated on: 1 – 3 mars 2001
Transitional Justice and the Practical Application of Human Rights Advocacy in Iraq

مقدمة

أولا - مفاسد الطغيان والحكم الشمولي المطلق

تشير تجارب التاريخ إلى مفاسد الحكم الشمولي ونظام الحكم الدكتاتوري القائم على تمجيد وتأليه دور الحاكم الفرد على حساب دور الشعب مما يؤدي إلى ضياع الحقوق وتدمير القيم الإنسانية ويتحول البشر إلى مجرد هياكل عظمية جائعة وخائفة وخاوية بين أنقاض من الانتصارات الوهمية للطاغية.
وقدثبت – عبر مختلف مراحل التاريخأن وجود حكم الطغيان هو مصدر للتخلف الفكري والعلمي والثقافي والاقتصادي والاجتماعي ويعد هذا الأسلوب في الحكم مناخا خصبا لجميع الرذائل الخلقية , ذلك لآن الإنسان التي تهدر حقوقه الطبيعية كبشريتحول إلى مجرد فرد ضمن قطيع افقدهم الطاغية أدميتهم وصاروا يبحثون عن الطعام ويتصارعون من اجل البقاء.
أي أن الفرد يعيش في الحياة ليأكل حسب حصة يحددها الطاغية ويشغل الفرد تفكيره ويكثف جهوده في سد الرمق ومثله في ذلك مثل باقي الكائنات الحية الأخرى التي تمشي على الأرض دون نخاع. فلا حق للإنسان في ظل نظام الحكم الدكتاتوري المطلق إلا ما يصدر من الصنم من مكارم للرعية .
غير من المستحيل أن يظل أو يعيش كل البشر على هذا الحال , فالحياة تحكمها مجموعة من القوانين الطبيعية والاجتماعية والاقتصادية , وثبت عبر كل مراحل التاريخ أن الطاغية يخاف شعبه ,ولهذا يسلبهم حقوقهم الإنسانية لكي لا يثوروا ضده ويضعفوا سلطانه .
كما أن من الطبيعي أن يكون المبدع والمفكر والرافض لعبادة الصنم أو السجود للطاغية أنسانا شاذا وخارجا عن القانون في نظر الطاغية وربما منحرفا عن الوضع العام و لهذا علية أن يدفع الثمن الباهض إذا طالب بحقوقه الإنسانية الثابتة شرعا وقانونا , سواء تلك المنصوص عليها في القانون الدولي أم في الدستور و القوانين الوطنية.
ولهذا فقد شجع فلاسفة اليونان الناس على ا لثورة ضد الطاغية ومقاومة جبروته وظلمه ومفاسدهلل حصول على حقوقهم البشريةوتأمين الحياة الحرة الكريمة العادلة ونذكر مثلا ما قاله الفليسوف( شيشرون ) عن قوانين اليونان قائلا إنها تقضي بمنح الجائزة الأولمبية لكل من يقتل الطاغية بل أن للقاتل أن يسأل من القاضي ما يتمناه لآن قاتل الطاغية هو المنقذ الحقيقي للشعب من حاكم شرير حرم الناس من حقوقهم ا لطبيعية(1).
ومن سمات الطاغية في مختلف عصور التاريخ انه لا يعترف بدستور ولا يحترم القانون ولا يحترم الإنسان , يجمع كل السلطات بيديه , يسخر الثروات لمصلحته وعلى ملذاته ولا قانون إلا ما يأمر به وفي حكمة يتفضل على الشعب جاعلا من نفسه منقذا ومخلصا أرسلته العناية الإلهية للبشر. وتجسيدا لهذه النفس المريضة لابد للطاغية من أن يتلذذ بعذاب الشعب ويحرمهم من حقوقهم الأساسية وينشر صوره ومخبريه في كل زاوية من زوايا المجتمع .
ومن مفاسد الحكم الشمولي المطلق إسرافه على إ نشاءوديمومة الأجهزة الأمنية المتعددة ال أوصاف والمهام والإنفاق على المخبرين وا لقوات العسكرية وا لأمنية لكي تركز دعائم سلطته بينما يفترض في وجود هذه القوات أنها تقوم من اجل دعم سلطة القانون ولحماية الشعب و أمن البلاد ومص الحها العليا , ولهذا يبذل الطاغية جهودا كبيرة لعسكرة الدولة والمجتمع وقتل الحياة المدنية على حساب حقوق الإنسان وحريات البشر الأساسية لضمان ديمومة الحكم له ولمن يخلفه.
وكذلك يحصر الطاغية السلطات كلها بيده ولا يعترف بمبدأ الفصل بين السلطات أو بمبدأ الم ؤسسات الدستورية لدولة القانون, فتنعدم الدي مقراطية ويشيع الخوف وينعدم الرأي والرأي الأخر وينهار التدرج القانوني المعروف وتكثر الاستثناءات علىالقوانين وتكون الحرية والديمقراطية العدو اللدود لنظام الحكم الشمولي المطلق .(2)


ثانيا خطة البحث


لغرض الإشارة إلى جانب من أسس توعية العراقيين بحقوقهم المهدرة في العراق والثابتة في قواعد القانون الدولي والدستور والقوانين النافذة والى طرق التوعية بها لابد من توزيع البحث على النحو التالي
القسم الأول
الحقوق الأساسية للشعب العراقي
أولا
الحقوق الثابتة في الوثائق الدولية
ثانيا الحقوق الثابتة في الدستور
ثالثا
الحقوق الثابتة في القوانين
القسم الثاني
طرق التوعية بحقوق الشعب العراقي
أولا
العوامل الخارجية
ثالثا - العوامل الداخلية
التوصيات هوامش و إشارات
ملحق ( نماذج من المخالفات والجرائم الخطيرة ضد حقوق الإنسان) القسم الأول الحقوق الأساسية للشعب العراقي
أولا
الحقوق الثابتة في الوثائق الدولية
قبل الإشارة إلى بعض أهم الحقوق الثابتة لل إنسان في القانون الدولي , لابد من القول أن العصر الحديث هو عصر التنظيم الدولي الذي لا يمكن أن تسمح فيه المنظمات الدولية للأشخاص أو للدول ارتكاب الجرائم ضد حقوق البشر لان ذلك يضر بالأمن والاستقرار والسلم . ولهذا اعتبر ت المعاهدات TREATY بين الدول من المصادر الأصلية للقانون الدولي , أي إنها هي المصدر الأول و المباشر في إنشاء القاعدة القانونية الدولية و إنها مثل التشريع الداخلي بالنسبة للق انون الداخلي .والمعاهدة الدولية يجب احترامها وتنفيذ بنودها من الدول التي وقعت عليها بإرادتها ومما يترتب على ذلك أن المخالف لنص وصها لابد أن يتعرض للجزاء .(3)
وفي نطاق الحقوق الثابتة للإنسان في الوثائق الدولية , سواء أكان ذلك بالنسبة للمواطنين العراقيين أم غيرهم , فان هناك العديد من المعاهدات الدولية عقدت لضمان الحقوق المدنية والسياسية للإنسان إلى جانب العديد من المعاهدات الدولية التي تضمن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للبشر ومن ذلك مثلا , حق العمل والعمال والحق في التعليم وضمان حق ممارسة النشاطات الا قتصادية القانونية وحق الإنسان في الحماية للعائلة وحقوق الأمومة والطفولة وحق الإنسان في ضمان الدولة لمستوى من المعيشة لموا طنيها والحق في ضمان كل فرد في التمتع بأعلى مستوى من الصحة البدنية والعقلية وكذلك ضمان حقوق المعوقين وكبار السن وفي المساواة وعدم التميز بسبب العرق أو الدين أو المذهب أو اللون أو غير ذلك.(4)
وفيما يخص العراق , فان الدولة العراقية حين أقرت بجميع هذه الحقوق والتزمت بالمعاهدات ا لخاصة بها ووقعت على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان فانهوجب م حاسبة الدولة العراقية ومسالة النظام عن الانتهاكات ضد هذه الحقوق وعن عدم الالتزام بنصوصها ووجوب قيام المسؤولية القانونية عن هذه المخالفات التي تبث وقوعها ضد الحقوق الأساسية للإنسان في العراق . إذ لا يكفي أن توافق الدولة على المعاهدات أو الإعلان أو العهود الدولية و إنما يجب احترامها والخضوع للمسؤولية عند مخالفتها .كما لا يمكن التذرع بمبدأ السيادة الوطنية أو مسالة التدخل بالشؤون الداخلية للدولة للتخلص من الالتزامات الدولية ولا شك أن النظام لم يحترم جميع الالتزامات الدولية التي نصت على حماية حقوق البشر لصفتهم الآدميةفأهدرت حقوق الإنسان في العراق بصورة لم يسبق له نظير في دول العالم وتكشفت ملايين الأدلة والوثائق عن هذه الجرائم الخطيرة ضد حقوق الإنسان في العراق مما يلزم كشفها وعرضها أمام العالم وضرورة محاسبة المسؤولين عنها وتعويض المتضررين منها .


ثانيا
الحقوق الثابتة في الدستور العراقي ( الحقوق الغائبة )
ينظم الدستور عادة سلطات الدولة ويحدد الاختص اصاتويبين الحقوق العامة والالتزامات للأفراد باعتباره القانون الأساسي أو القانون العلي في الدولة.(6)
أيأن الدستور ينص على نظام الحكم وعلى الأسس العامة للدولة والحقوق المدنية والسياسية والثقافية والاجتماعية للمواطنين ومنها الحريات الشخصية كالحق في الأمن وحرية التنقل وحرمة المساكن وحرمة المرا سلات وكفالة حرية الرأي والتجمع السلمي والتظاهر وحرية تكوين الجمعيات والأحزاب الس ياسية وكفالة حرية التملك والحق في العمل والمساواة بين المواطنين وحق التقاضي وحق الدفاع عن النهم والحق في توكيل محام والحق في التعليم والحق في الرعاية الصحية والاجتماعية وغيرها .
ففي
دستور العراق الأول الصادر عام 1925 نص الباب الأول منه على حقوق الشعب .(7) وهذه الحقوق هي حق الجنسية والحق في المساواة وحماية الحريات وحرمة المساكن والحق في التقاضي والحق في التملك وغيرها. كما نصت الدساتير اللاحقة على الحقوق ذاتها , إلا أن العبرة ليس في النص على هذه الحقوق و إنما في احترامها من سلطات الدولة ومدى كفالة تطبيق أسس الاحترام لها من أجهزة المختصة. وعلى سبيل المثال تضمن الدستور العراقي لعام
العديد من الحقوق والحريات للشعب العراقي غير أن النظام أهدر جميع هذه الحقوق بصورة لم يسبق له نظير في دول العالم.فقد ضمن الدستور حق التملك وحق الجنسية وحق التعليم والحق في الرعاية الصحية والحق في التقاضي والكثير من الحقوق الأخرى , بينما لم يحترم النظام أي حق من هذه الحقوق ومارس أقسى أشكال الانتهاكات لها طبقا للأدلة والوثائق الثابتة في هذا الخصوص , فانتهك النظام جميع الحقوق الدستورية للشعب العراقي .(8)
ثالثا
الحقوق الثابتة في القوانين
وظيفة القانون في المجتمع هي حماية الحقوق والحريات الأساسية للأشخاص وفي حفظ كيان المجتمع و أمنه واستقراره لغرض كفالة تقدمه , قلا مجتمع بلا قانون ولا عدل ( المساواة ) وعدالة( الأنصاف ) بدون تطبيق سليم للقانون من السلطة القضائية .وتقاس الشعوب المتحضرة بمدى الاحترام الطوعي للقانون وفي خضوع الحكام والمحكومين لسلطته وفي دعم المؤسسات الدستورية وتفعيل دورها.
إلا أن وظيفة القانون في تحقيق هذه الأهداف في ظل نظام حكم الفرد المطلق القائم على الاستبداد والطغيان أمر غير ممكن لوجود التعارض بين سلطة القانون و سلطات واستبداد الحاكم , لان القانون يقيد سلطاته,ولان طبيعة هكذا نظام تتعارض مع الوظيفة المنشودة للنصوص القانونية المنظمة للحياة المدنية .
والحقوق الثابتة للمواطنين العراقيين في القوانين هي جميع الحقوق المنصوص عليها في القانون المدني وقانون العقوبات وقانون الأحوال الشخصية وقانون العمل وقانون الجنسية وقانون الضمان الاجتماعي وقانون أصول المحاكمات المدنية وقانون أصول المحاكمات الجزائية وتلك المنصوص عليها في القانون الإداري وغيرها من التشريعات الداخلية العديدة التي تضمن حقوق وحريات المواطن.
وعلى سبيل المثال ينص القانون المدني العراقي على حق الشخص في الحصول على التعويض المدني عن الضرر الذي يصيبه في جسده أو في كيانه الاعتباري ( الضرر المعنويأو في ذمته المالية , مهما كان مصدر أو سبب الضرر , وينص قانون التقاعد وكذلك قانون الضمان الاجتماعي في العراق على حق الشخص في الراتب التقاعدي وحقه في وجود الضمان في العيش وغيرها من الحقوق الأساسية المنصوص عليها في قوانين متفرقة .

إلا أن هذه الحقوق منتهكة في العراق في ظل نظام الحكم الحالي وهناك الكثير من الأدلة على ذلك , وكذا الحال في قضاياالاتهام والتحقيق و الاحاله و في انعدام ضمانات التقاضيوالرعاية وتنفيذ القانون أو في رد الاعتبار للمتهمأو في الدفاع عن التهمة المنسوبة للشخص أو غير ذلك . وإذا أريد لآي مجتمع التقدم الحضاري وبناء مؤسسات المجتمع المدني ودولة القانون لابد من تفعيل هذه الحقوق واحترامها وإلا فان المجتمع سينهار بدون قانون وتسود شريعة الغاب ويأكل القوي حقوق الضعيف .
ولا يجوز أن تتعارض أسس هذه القوانين مع الدستور النافذ , و إنما تصدر انسجاما وتنفيذا للأسس الواردة في الدستور , أي أن القوانين الداخلية تنقل الحقوق الأساسية للشعب إلى حيز الواقع بوضع الجزاء على من ينتهك هذه الحقوق , فإذا كانت الحقوق الأساسية مجرد نصوص مسطرة و غائبة فان النظام القانوني يكون عبار ةعننظام بلا عدل ولا عدالة تسود فيه شريعة القوة ويتعرض للانهيار .
والى جانب التناسق الداخلي بين القوانين الوطنية والدستور والتي يفترض أن تراقب صحتها وبطلانها المحكمة الدستورية العليا , هناك توافق بين القوانين الوطنية وقواعد ا لقانون الدولي وما تفرضه الالتزامات الدولية على الدول في ميدان منع آباد الجنس البشري وتنظيم ساعات العمل وحقوق العمال والرعاي ة الصحية والحقوق الأساسية للمواطنين و إقامة المساواة بين البشر وغير ذلك وإلا سيكون للتعارض بين هذه القوانين الوطنية والالتزامات الدولية أثرا سلبيا ويشكل مخالفة دولية لابد من تصحيحها واحترام الاتفاقات والعهود وا لقواعد الدولية.

القسم الثاني - طرق التوعية بحقوق الشعب العراقي
أولا الطرق الداخلية
منالمعروف أن هناك العديد من العوامل التي تسهم في توعية العراقيين بحقوقهم الإنسانية الدستورية والقانونية , و لغرض الإشارة للبعض منها لابد من القول أن من أولى الطرق هي في ضرورة نشر ثقافة حقوق الإنسان من المراحل ال دراسية الأولى وحتى المراحل الجامعية وفي توسيع الثقافة القانونية للمواطنين .
كما أن من العوامل المهمة في هذا الصدد ضرورة تأسيس وزارة خاصة لحقوق الإنسان تتولى هذه المهام بال تنسيق مع أجهزة الدولة الأخرى وتراقب معايير حقوق الإنسان ومدى التزام أجهزة الدولة بها .
ولهذا فان خطوات حكومة إقليم كردستان في تأسيس وزارة خاصة لحقوق الإنسان في ظل الفيدرالية هي خطوة رائدة وشجاعة وموفقةعلى طريق بناء مؤسسات دستورية في كردستان العراق وفي تفعيل دور القانون في المجتمع و رسم مظاهر المجتمع المدني ونبذ الشخصنه وعبادة الفرد في الحكم . وفي هذا السياق لابد من إعادة إصلاح النظام القانوني في العراق بما ينسجم والعراق التعددي والديمقراطي ( عراق ما بعد نظام صدام ) وبما يحقق التوافق مع قواعد القانون الدولي والالتزامات الدولية التي تكفل حقوق الإنسان . فالهرم القانوني والنظام القضائي في العراق لابد أن يكون لمصلحة الإنسان الذي يحتاج إلى توعيته بحقوقه والتزاماته من خلال وسائل عديدة , إعلامية وثقافية واجتماعية ودراسية , ذلك لان النظام القانوني الحالي لا ينسجم وعراق المستقبل القائم على المؤسسات الدستورية وحماية حقوق المواطن ودعم المجتمع المدني بتفعيل دورة. me7 وان إصلاح النظام القانوني لابد أن تبدأ من الدستور بصياغة قواعده الجديدة وحتى أدنى درجة من درجات القواعد القانونية الآمرة . ولا يعقل
مثلا
استمرار وجود نص المادة 42
من الدستور النافذ لعام
والتي تمنح السلطات غير المحدودة لرئيس الدولة بحيث يكون فوق القانون دون مسؤولية , كما لابد من أن تكون النصوص القانونية تتمتع بشيء من الثبات دون إهمال عوامل التغيير في الحياة.
ونعتقد بضرورة تأسيس محكمة دستورية عليا في عراق المستقبلتراقب تطبيق القانون ومدى احترامه وتفصل في مدى شرعية القوانين أو بطلانها وعدم دستوريتها وفي أن يكون أداء القسم من رئيس الدولة ونوابه عند تولي المسؤولية أمام رئيس وأعضاء المحكمة الدستورية العليا حتى يعد قدوة لجميع المواطنين في احترام القانون ومن خلال الاستفادة من تجارب الدول المتحضرة . كما نعتقد بضرورة تفكيك الأجهزة الأمنية ال متعددة في ظل النظام الدكتاتوري والاكتفاء بالأجهزة المعقولة في العراق الجديد و بما تكفل أمن المواطنين وخدمتهم شريطة أن تخضع هذه الأجهزة ( الشرطة والمخابرات ) لوزارة العدل ولسلطة القانون وإلغاء جميع المظاهر السرية في التعامل مع حقوق المواطنين وكذلك في نشر الأحكام القضائية بما ينسجم و حرمة الحياة الخاصة.
ثانيا
الطرق الخارجية (تفعيل القرار 688
لاشك أن لمراقبة المنظمات غير الحكومية مثل منظمة العفو الدولية والمنظمات الحقوقالأخرى أهمية كبيرة في تذكير الدول با لتزاماتها الدولية وتشكيل رأي عام دولي يضغط على الدول التي تنتهك حقوق الإنسان . ولهذا العامل الخارجي دورة في تفعيل احترام ا لمعايير الدولية المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وفي المعاهدات الدولية والاتفاقيات العديدة . فالسجون مثلا تحكمها ضوابط دولية لابد من مراعاتها وحقوق البشر أصبحت معروفة للجميع رغم التعتيم الإعلامي والقبضة ال حديدية للحكم الدكتاتوري ولهذا لابد من توسيع قنوات الاتصال مع العالم الخارجي والسماح ل لمواطنين بالاتصال مع المنظمات الدولية غير الحكومية عند تعرض حقوقهم للضرر.
ومن جانب أخر لم تعد قضية احترام حقوق البشر مسألة داخلية تخص الأمن الوطني للدولة فقط , و إنما أضحت قضية تهم الأمن والسلم الدوليينومصدر للنزاعات تحد من مبدأ السيادة الوطنية لان السيادة ا لوطنية ليست مفهوما مطلقا أو هو سياج يتحصن به الطغاة عند انتهاك حقوق الشعوب.
وعند انتهاك الحقوق يكون البشر هم الضحايا و يكونون بحاجة ماسة
هم و أسرهم
إلى مساعدة فعلية من المجتمع الدولي ومؤسساته.إذ كيف يمكن للمجتمع الدولي أن يسكت مثلا عن جريمة استخدام ا لطاغية للسلاح الكيماوي ضد شعب اعزل يناضل من اجل الحرية والحياة الحرة ؟
ومما يتعلق بالعوامل الخارجية في توعية وضمان حقوق المواطنين العراقيين القرار رقم 688 الصادر عن مجلس الأمن الدولي في
إبريل من عام 1991 . إذ من المعلوم انه وبعد وقف إطلاق النار في حرب الخليج الثانية , انتفض الشعب العراقي ضد الطغيان والحروب لوضع الحد لمسلسل المآسي في العراق. وعلى اثر قمع الانتفاضة هرب حولي 2 مليون كردي في رحلة جماعية مأساوية خارج الحدود ا لعراقية من بطش النظام مما دفع مجلس الأمن إلى إصدار القرار المذكور لحماية الشعب العراقي من القمع دون أن ينص القرار على الجزاءات القانونية التي تفعل القراروتلزم النظام على احترام حقوقالب شر.وعلى الرغم من مرور 10 سنوات على صدوره , فان وضع حقوق الإنسان ازداد تدهورا في العراق دون أية فاعلية من مجلس الأمن ولا من المنظمات الدولية .
وإذا من غير المناسب هنا الدخول في تفاصيل بنود القرار وتحليل نصوصه والثغرات التي تضمنها , فأنه من المفيد أن نذكر أهم فقراتالقرار 688 وهي
أن مجلس الأمن يدين القمع الذي يتعرض له السكان المدنيون العراقيون في أجزاء كثيرة من العراق والذي شمل مؤخرا المناطق السكنية ا لكردية وتهدد نتائجه السلم والأمن الدوليين في المنطقة.
يطالب مجلس الأمن بان العراق على الفور , كإسهام منه في أزاله الخطر الذي يهدد السلم و الأمن الدوليين في المنطقة , بوقف القمع ويعرب عن الأمل في السياق نفسه في إقامة حوار مفتوح لغرض احترام حقوق الإنسان.
يصر مجلس الأمن على أن يسمح العراق بوصول مساعدات إنسانية دولية فورية للمحتاجين من الشعب العراقي .
يطلب إلى الآمين العام مواصلة جهوده الإنسا نيةفي العراق لغرض الاطلاع على محنه العر اقيين وأشكال القمع من السلطات العراقية.
يطلب إلى الأمين العام استخدام الموارد الم وجودة تحت تصرفه لتلبية الاحتياجات العاجلة للسكان العراقيين المشردين .
يناشد جميع الدول الأعضاء والمنظمات الإنسانية الإسهام في جهود الإغاثة الإنسانية .
يطالب مجلس الأمن العراق أن يتعاون مع الأمين العام من اجل تحقيق الغايات المذكورة
يقرر مجلس الأمن إبقاء هذه المسالة قيد النظر.

ويتضح من القرار المذكور عدم وجود أي جزاء على النظام في انتهاكاته الخطيرة لحقوق الإنسان وفي تشريد السكان المدنيين وهجرتهم إلى إيران وتركياو إلحاق الضرر بهم مما هدد السلم والأمن الدوليين.ولهذا نعتقد بضرورة تفعيل القرار المذكور وتشكيل فرق تفتيش لفحص واقع حقوق الإنسان في العراق . وفي هذا الصدد ذكر السيد ماكس فان دير شتويل المقرر السابق لحقوق الإنسان في العراق
أنالنظام في العراق هو من أسوء الأنظمة انتهاكا لحقوقالإنسان بعدالحرب العالمية الثانية
ضرورة تفعيل نص القرار 688 الخاص بحماية الشعب العراقي و العمل على إرسال المفتشين الدوليين لمراقبة أوضاع حقوق الإنسان في العراق ولابد من تفتيش السجون السرية والعامة والخاصة .

إلغاء عقوبة الإعدام من جميع القوانين العراقية.
تعديل القوانين العراقية و إصلاحها بما يتلاءم وال تطورات الحديثة وبما يحقق التوافق مع الالتزامات الدولية وكذلك التناسق الداخلي بين مبادئ الدستور الدائم لعراق المستقبل مع القوانين النافذة .
محاسبة المسؤولين العراقيين الذين تتقرر مسئوليتهم القانونية عن الجرائم ضد الشعب العراقي.
تعويض جميع المتضررين من العراقيين عن الأضرار التي لحقت بهم وفقا للدستور والقانون. تعديل وضع المرأة وضمان حقوقها الإنسانية في التشريعات العراقية بما يلغي التمييز بين الجنسين وضمان حقوق الطفل العراقي وكذلك حقوق كبار السن والمعوقين وحقوق الشباب.

ضرورة إنشاء محكمة دستورية عليا تراقب دستورية القوانين وتؤدي دورها القانوني الفاعل في المجتمع المدني لعراق المستقبل.
إلغاء جميع المحاكم الخاصة و الاستثنائية وإلغاء جميع السجون السرية والخاصة و إيجاد آليات قانونية لغرض إصلاح وتأهيل مرتكب الجريمة بالاستفادة من تجارب الدول المتقدمة لغرض إعادة بناء الإنسان بما يتناسب والقيمة العليا لل بشر باعتماد مبدأ أن العقوبة للإصلاح .

العمل على إلغاء جميع القرارات والقوانين الصادرة من مجلس قيادة الثورة ومن رئيس النظام والمخلفة للالتزامات الدولية ول لدستور مثل قرارات قطع اللسان وقطع الأذان والوشم وقرارات قطع اليد والرجل وقرارات قطع الرأس بالسيف بالنسبة للنساء وكذلك قرار القائد العام للقوات المسلحة في إيقاع عقوبة الذبح ضدالإيرانيين والشيوعيين والكرد من الحزبالديم قراطي الكردستاني والعرب الذين يقاتلون مع القوات الإي رانية وغيرها.( انظر ملحق تشريعات القسوة ).
خضوع جميع الأجهزة الأمنية في عراق المستقبل لوزارة العدل وإلغاء السرية في أع مالها التي تمس حقوق الإنسان العراقي.



هوامش و إشارات:

1- انظر الأستاذ الدكتور إمام عبد الفتاح إمام - الطاغية دراسة فلسفية من الاستبداد السياسي - سلسلة عالم المعرفة
2- المرجع السابق
3- للمزيد من التفاصيل انظر الدكتور عبد الكريم علوان - الوسيط في القانون الدولي العام - الكتاب الأول الطبعة الأولى عمان1997
4- انظر تفصيل الدكتور غازي صباريني - الوجيز في حقوق الإنسان وحرياته الأساسيةعمان 1997
5- انظر مثلا اتفاقية منع إبادة الأجناس والمعاقبة عليها لسنة 1948, وقد وقع العراق على هذه الاتفاقية ومارس نظام الرئيس صدام ابشع صنوف ال إبادة للجنس البشري ضد الشعب الكردي في كردستان العراق واستخدم السلاح الكيماوي والغازات السامة لقمع الكرد لمنعهم من المطالبة بحقوقهم الوطنية وال قومية المشروعة وكذلك ارتكب النظام جريمة إبادة الجنس البشري ضد عرب الاهوار بتسميم المياه وتجفيف البحيرات و ارتكب النظام جريمة إبادة ا لجنس البشري ضد الشيعة من خلال طرق ووسائل إجرامية متعددة. وهذه الجرائم لا تسقط بالتقادم ولا يمنح مرتكبها حق اللجوء وليست جرائم سياسية , كما أن مما يعتبر جريمة ضد الجنس البشري عمليات التهجير و التعريب التي جرت وتجري في مناطق مختلفة من العراق وبخاصة في مدينة كركوك وخانقين والمدن والقرى الأخرى بهدف تغيير الهوية السكانية وطرد السكان لأسباب عرقية أو دينية أو مذهبية أو غير ذلك , وقد ارتكبت وما تزال هذهالجريمة ضد الكرد والعرب والتركمان وغيرهم. وانظر مثلا اتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية التي عرضت للتوقيع عام 1968 ,وكذلك اتفاقية جنيفعام 1951 الخاصةبوضع اللاجئينا لمعدلة ببرتوكول نيويورك عام 1967 , وانظر قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة بخصوص جريمة الاختفاء القسري أو غير الطوعي حيث ارتكب النظام في العراق سلسلة خطيرة من جرائم الا ختفاء لم يسبق لها نظير في جميع دول العالم طالت الكرد والتركمان والعرب والآشوريين وجميع الأعراق والأديان والمذاهبفي العراق وبلغت حسب إحصائية منظمة العفو الدولية اكثر من 17 ألف ضحية هذا عدا جريمة النظام في ال أنفال وفي كردستان العراق وفي مدنالجنوب قبل وبعد الانتفاضة عام 1991.
6- انظر مفصلا مؤلفنا في المدخل إلى علم القانون عمان 1995
7- القانون الأساسي ( دستور عام1925 )
8- انظر الدستور العراقي لعام 1990 وراجع على سبيل المثال تقارير منظمة العفو الدولية حول انتهاك هذه الحقوق للشعب العراقي المنشورة في ورقة العمل التي قدمناهاإلى مؤتمر في لندن والموسوم ( مبدأ استقلال القضاء و إهدار حق التقاضي في العراق ) , وكذلك بحثنا الموسوم انتهاكات حقوق الإنسان والجرائم الدولية في العراق – قدم إلى مؤتمر لاهاي - هولندا عام 1998
9- UN- The High Commissioner for Human Rights – An Introduction - 1996
10 - الدكتور عبد الرحيم صدقي القانون الدولي الجنائي القاهرة 1986
الدكتور مصطفى الأنصاري - عمليات التهجير في العراق- المركز الوثائقي لحقوق الإنسان في العراق 1991 الدكتور عبد الحسين العطيةمأساة الشعب العراقي و إرادة الحياة 1995



#منذر_الفضل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشكلات التطرف والارهاب الدولي


المزيد.....




- بعد مذكرتي اعتقال نتنياهو وغالانت.. سيناتور جمهوري يوجه تحذي ...
- قادة من العالم يؤيدون قرار المحكمة الجنائية باعتبار قادة الا ...
- معظم الدول تؤيد قرار المحكمة الجنائية باعتبار قادة الاحتلال ...
- اتحاد جاليات فلسطين بأوروبا يرحب بمذكرتي اعتقال نتنياهو وغال ...
- الأمم المتحدة: نتائج التعداد بيانات عامة دون المساس بالخصوصي ...
- وزير الدفاع الإسرائيلي ينهي الاعتقالات الإدارية بحق المستوطن ...
- من هم القادة الذين صدرت بحقهم مذكرات اعتقال من المحكمة الجنا ...
- ماذا يحدث إذا رفضت دولة اعتقال نتانياهو بموجب مذكرة -الجنائي ...
- الحرب بيومها الـ413: قتلى وجرحى في غزة وتل أبيب تبحث خطةً لت ...
- الجامعة العربية ترحب بمذكرتي اعتقال نتنياهو وغالانت


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - منذر الفضل - توعية العراقيين بحقوقهم الإنسانية طبقا للقانون الدولي