كمال محمد علي
الحوار المتمدن-العدد: 4359 - 2014 / 2 / 8 - 22:44
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
أن البنية الاجتماعية العراقية تتحدد بكونها بنية أجتماعية راسمالية أو في طريقها , تربطها بالامبريالية علاقة تبعية بنيوية , تكونت بتكونها التاريخي نفسه , منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر وماتزال تتطور فيه , وهذا النمط من الانتاج الرأسمالي التبعي هو نمط كولونيالي, وهو سبب تخلفنا , أذ ان هذا الشكل يعجز عن القضاء على علاقات الانتاج السابقة على الراسمالية , لكون البرجوازية العراقية لم تولد ولادة مثيلتها الغربية , بل كان للتدخل الاستعماري دور في نشئتها .
أن وظيفة النظام السياسي والايديولوجي لسيطرة البرجوزية العراقية , تكمن في الحيلوله دون تكوّن الطبقات الكادحة في قوة سياسية مستقلة مناهضة للبرجوازية . أما منطق تاييد السيطرة الطبقية للبرجوازية المسيطرة فيقضي بضرورة منع الجماهير من أن تتكون في قوه سياسية مستقله , بأعتباره , امر حياة او موت لها . والمثال الحديث في هذا المجال هو القمع الاخير لعمال النفط في الجنوب , منع تشكيل النقابات العمالية او بعبارة اخرى حرمان الطبقة العاملة من حقها في ممارسة دورها في تغير المجتمع وتحقيق مطالبها العادلة في العيش الكريم .
لذالك كان واضحا موقف الاحزاب السياسية البرجوازية ( ذات الطابع الديني في الظاهر او المسمى ) من التظاهرات التي خرجت في بغداد والمحافظات , التي طالبة في تحسين الوضع الخدمي والصحي والمعيشي , والكيفية التي تم التعامل معها حيث قمعت مرة بأعتبارها بعثية او يمكن ان يستفاد منها البعث المقبور , مرة اخرى الخوف من ان تطالها أعمال الارهاب ( للعلم ان اغلب عمليات الارهاب مموؤلة من اشخاص داخل العملية السياسية حسب تصريح الحكومة الموقرة طرطرا), ومرة الرضوخ لها وتحديد فترة زمنية لتملص من انجازها .
أن اصرار البرجوازية العراقية على أن ياخذ الصراع الطبقي الذي تمارسه ضد نقيضها الطبقي , اي الطبقة العاملة , مجرى طائفيا , هو احدى مهامها الاساسية لايهام الطبقة العاملة ولأخفاء أن الطائفي يتلاءم مع ضرورات البرجوازية العراقية في سعيها الدائم إلى تابيد سيطرتها الطبقية وعلاقة التبعية البنيوية بالامبريالية , ولهذا نرى البرجوازية الامبريالية حريصة على ديمومة ( الطائفية ) كنظام سياسي وأيديولوجي لسيطره البرجوازية الكولونيالية سحب تعبير الشهيد مهدي عامل . وهذا ما فعلته في السابق بريطانيا في الحكومات السابقة , وما فعلته أمريكا اليوم في الحكومة الحالية .
لذا من الضروري الفصل بين ما هو طائفي والديني وعدم الدمج بينهما , حيث تسعى البرجوازية العراقية لأيهام الطبقة العاملة وباقي الشغيلة في المجتمع العراقي. أن التحليل الماركسي , في تحديد الايديولوجيا الدينية , كايديولوجيا الطبقة المسيطرة قبل المرحلة الراسمالية وتخليها عن هذه السيطرة للايديولوجيا الطائفية , في المرحلة الكولونيالية الساحة العراقية اليوم واضحا في التاريخ الحديث عندما تحالف أصحاب الاراضي الاقطاعيين مع رجال الدين سوى كانوا ( ممثلين الاتجاة السني او الشيعي ) في ضرب ومحاربة انجازات حكومة عبد الكريم قاسم واسقاطها بمساعدة القوى الامبريالية .
تسعى البرجوازية المسيطرة في محاوله للخروج من مأزقها الراهن عبر مشاريع طائفية توفيقية لما اسمته بالحل السياسي للازمة العراقية , هو الحل الذي يبقي على سيطرتها ولايلغيها . تجلى هذا بوضوح في المهاترات السياسية التي عقبت التظاهرات التي طالبت تحسين الوضع الخدمي , حيث أخذت هذه الاحزاب البرجوازية في أتهام بعضها البعض بعد قدرتها في بناء المجتمع والنهوض بالعملية السيايسة وأتهام الطرف الاخر بالفساد المالي والاداري , متناسية هذه الاحزاب البرجوازية , كيف حولت مؤسسات الدولة المختلفة , لمناطق نفوذ لمصالحها الاقتصادية , وهو الشكل التاريخي لطبيعة البرجوازية الخياني للوطن وللطبقة العاملة بحكم أرتباطها بالبرجوازية الامبريالية والتابعة لها .
أن مسألة النظام السياسي الواجب تغييرة في العراق , مسالة تفكك العراق وتمزق وحدته , يطرحان بالضرورة مسألة النظام السياسي الذي بات فية عاجزاً عن تامين وحدته , لكون يحدد الفكر البرجوازي الدولة ووظائفها على الشكل التالي : مجتمع متعدد الطوائف , للدولة فيه دور مؤسسي تحكيمي توازني , وعلاقة الدولة بالطوائف هي علاقة مؤسسية او لا وجود للطوائف بدون الدولة والعكس صحيح . فالطوائف , كاقليات هي كيانات مستقلة قائمة بذاتها , والدولة فوق الطوائف لأنها للطوائف جميعها , تقوية الدولة حتى يعود إلى الطوائف توازنها . في حين واقع الحال غير ذلك حيث يحدد الفكر المادي الماركسي , ليست الطوائف كيانات أجتماعية قائمة بذاتها , بل هي علاقات سياسية تحددها حركة معينة في الصراع الطبقي , وان الجماهير لايمكن تحديدها كطوائف , بل كطبقات , وماتسعى ألية البرجوازية على أظهار الجماهير طوائف , هو الذي يمنع وجودها السياسي الطبقي , وان الدولة تمارس دور الحكم بين الطبقات .
أننا نعلم أنه لا يكفي توافر الشروط الموضوعية لنجاح التقدم الاجتماعي و الاقتصادي والسياسي ما , إنما ينبغي أيضا أن تتوافر إلى جوارها الشروط الذاتية الملائمة , واهم هذه الشروط على الإطلاق ,هو وجود قيادات إشتراكية مخلصة مسلحة بالفكر العلمي الماركسي , وقادرة على تطبيقة خلاّقاً يتسق مع الظروف الموضوعية للنضال الذي تخوضه وعلى تنظيم قوى التحول الاجتماعي الثورية ( الطبقة العاملة ) و الارتقاع بوعيها وحشدها وضمان التفاف الجماهير حولها، وضد ما تقوم به الاحزاب الاسلامية في الوقت الحاضر من نشر افكارها الارتدادية لا عقلانية والتي تناولت فكرياً وفلسفياً جميع المسائل المتعلقه بالعقل والتقدم والعلم بعقلية قروسطيـــــــــــــة عقيمة مثلها .
أن توجية النقد في الاساس الى قيادات اليسار التاريخية ورموزه ( الحزب الشيوعي العراقي ) , أصبح له أهمية قصوى , بدلا من ان تلقي العبء والمسولية على الاستعمار وأعوانة والبرجوازية وخياناتها . أن الخوف من التعرض بالنقد للماضي بممارساته واشخاصه ورموزه , الذي مارسة القادة التقليديين للحزب الشيوعي العراقي وكذلك الشيوعية العربية , جعل موقف اليسار في العراق ضعيف وعدم الوضوح سمته , لنلعن المقدسات والمحرمات , لنقف عند الدراسة النقدية لممارسات العمل الثوري والحزبي على مستوى القيادات , لنطرح السؤال مرة اخرى , لماذا تعجز هذه القيادات من الاستفادة من نضوج الموقف الثوري في العراق وتحويلة لصالح القوى الثورية ؟
#كمال_محمد_علي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟