عُشَّاقُ لغَةِ الضَّاد، المَقالُ الخامِسُ عَشر ..بقلم الكاتب ماهر عبد الواحد

محمود سلامة محمود الهايشة
(Mahmoud Salama Mahmoud El-haysha)

الحوار المتمدن-العدد: 4358 - 2014 / 2 / 7 - 20:56
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    

ماهو رأيك – صديقى العزيز- في هذا البيت لقيس بن الخطيم :
إذا أنت لم تنفع فضُرَّ ، فإنما يُرَجَّى الفتى كيما يضرَّ وينفعا
أتيت لك بهذا البيت من أجل المحسنات البديعية والطباق ، فذكرنى ببيتين آخرين ، هما :
1- البيت الأول لزهير، يقول :
ومنْ لمْ يَذدْ عَنْ حَوْضِهِ بسِلاحِهِ يُهَدَم ومَنْ لمْ يظلم الناسَ يُظلمِ
2- البيت الثاني لعمر بن أبي ربيعة ، يقول :
ليت هند أنجزتنا ما تعد وشفَـتْ أنفسنا مما تــجد
واستبدَّت مَـرَّةً واحِـJـدَة إنَّما العاجزُ من لا يَسْتبد
دعنا ، أخى العزيز ، نطابق الثلاث أبيات على واقعنا المُعاش لنرى هل و نحن في القرن الواحد والعشرين مازلنا نعيش في العصر الجاهلي :
• هل تلاحظ يا أخى العزيز ، أن من يضرون بمصرَ يضرونها بالقانون وبالدستور ، وأن وزير داخليتنا لم يُطلبْ أحَدٌ مُحَاكمته على تقصيره في حفظ الأمن وعجزه عن حماية مديريات وأقسام الشرطة .
• هل تلاحظ يا أخى العزيز ، أن قضاءنا الشامخ ارتكب من الظلم مالا يصدقه عقل ولا يقبله ضمير .
• هل تلاحظ يا أخي العزيز ، أن مظلة الاعلام الكاذب، الغير أمين ساهمت في ترسيخ الاستبداد في مصر الحديثة .
إذن نحن مازلنا نعيش في العصر الجاهلى .
-----------------------------------------------------------------------
دعونا نرجع للغتنا الجميلة ، وبلاغتها ، فقد عرف بعض أهل اللغة المطابقة أو الطباق بأنه ذكر الشىء وضده ، كالليل والنهار، والسواد والبياض ، ومن الأمثلة على ذلك :
1- قوله سبحانه وتعالى : " ولكم في القصاص حياة " 179 البقرة
2-" يُخرج الحَىَّ من الميت ويُرجُ الميتَ من الحىّ " 19 الروم .
3- وقال النبي عليه الصلاة والسلام للأنصار : " إنكم تكثرون عند الفزع ، وتقلون عند الطمع " .
ومثله قول السموأل :
وما ضرنا أنا قليلٌ وجارُنا عزيز وجار الأكثرين ذليلُ
---------------
لكن البعض الآخر من أهل اللغة عَرَّفوا الطباق بقولهم : هو أن يشترك معنيان بلفظة واحدة ، مثل قول الأفوه الأودى:
وأقطعُ الهَوْجَلَ مُسْتأنِساً بهَوْجَلٍ مُسْتأنسٍ عَنْتريس
عنى بالهوجل الأول الأرض ، وبالثاني الناقة .
قال سيدنا رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، أوتيت مجامع الكلم ، فمن أقواله :
1- " إنَّ ممَّا يُنْبِت الربيعُ ما يَقْتُل حَبَطاً أو يُلِمُّ " .
الحبط : اكثار الماشية للأكل وسط العُشبِ ، حتى تمتلىء بطونها دون إخراجٍ .
أو يُلِّم : أى يمرض ويقترب من الموت .
المعنى : تأكلُ الأنعامُ عندَ الوفرَةِ والربيع بنهم وحرص وافراط ، فتنتفخ بطونها وتموت ، وضرب هذا المثل لتشبيه من يجمع الدُنيا ويحرصُ عليها ويبخل بما جمع حتى يمنع الحقوق فيهلك في الآخرة بدخوله جهنم ووجوب العذاب .
-----------------
2- " وهل يَكبُ الناسَ على مَناخرهم في نار جهنم إلا حصائِدَ ألسنتهم" .
حصائد : مفردها حصيدة .
حصائد الألسنة : أى ما قالته الألسنة ، وهو ما يقتطعونه من كلام لا خير فيه .
التشبيه : شبَّه سيدنا رسولُ الله ، صلى الله عليه وسلم ، ما تقوله السنتنا بما يحصد من الزرع إذا جُذَّ ، وشبَّه اللسانَ وما يقتطعه من القول بحد مِنجَلِ الحصاد .
----------------
3- " الناسُ كإبلِ مائة ، لا تجد فيها راحلة " .
الراحلة : هى كل بعير نجيب قوى ، جاهز للأسفار والأحمال والأعمال الشاقة ، وهو تام الخلق ، حسن المنظر .
المعنى : شبه سيدنا رسول الله ، الكامل في الخير والزهد والتقوى وخشية الله ، بالراحلة النجيبة ، وهى نادرة في الإبل الكثيرة .
---------------
4- وقد علمنا هذا الدعاء الجميل على ما فيه من مجاز واستعارة :
" رَبَّنا تقبَّلْ تَوْبتي ، واغسِلْ حَوبتى " .
الحَوْبَة : والحوب أى المأثم .
المراد : لما كانت المعصية كالدرن الذي يصيب الإنسان فيفحش أثره ، ويقبح منظره ، أقام عليه الصلاة والسلام إماطة وزرها ، وإسقاط إثمها مقام غسل الأدران و إماطة الأدناس ، لأن الإنسانَ يعودُ بعدَها نقى الأثوابِ طاهر اً نقيَّا .
وإلى الغد نكمل إن شاء الله .
بقلم/ مـاهر عبد الواحـــــد (نشر بتصرف).

#محمود_سلامة_محمود_الهايشة (هاشتاغ)       Mahmoud_Salama_Mahmoud_El-haysha#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات