أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - أحمد عدلي أحمد - القوى اليسارية والمعتدلة اللبنانية لماذا خسرت الانتخابات؟















المزيد.....

القوى اليسارية والمعتدلة اللبنانية لماذا خسرت الانتخابات؟


أحمد عدلي أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 1239 - 2005 / 6 / 25 - 01:22
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


كنت كتبت قبل نحو شهرين أنتقد الرؤى السوداوية التي أطلقها البعض منذرا باضطراب في لبنان بعد أن خرج المتظاهرون إلى الشوارع منددين باغتيال الحريري داعين لخروج القوات السورية من لبنان فيما عرف بانتفاضة الاستقلال، وكتيت وقتها أنها مقدمة لقدوم لبنان الحقيقي المؤسس على إرادة الشعب وصوت الجماهير الذي لا يجب أن يغضب منه من يدعون أنهم في صف الجماهير ، والحق أن الانتخابات اللبنانية جاءت تتويجا لهذه الغضبة الجماهيرية ، ولا شك أن إجراء انتخابات حرة في بلد غابت عنه الآلية الديموقراطية قبل أكثر من ثلاثين عاما لهو حدث جليل بحد ذاته ، غير أن تحليل نتائج الانتخابات يظل ضروريا حتى نتحسس آفاق المستقبل في هذا البلد الصغير مساحة الكبير تأثيرا في المنطقة العربية ، وسوف أركز مقالي هنا على إخفاق اليسار المسيحي وقوى الاعتدال المسيحي المتحالفة معه في لبنان في الانتخابات الأخيرة محللا الأسباب والنتائج ، وأبدأ أولا بتعليق على مصطلح اليسار المسيحي فهو يبدو غريبا لمن لا يعرف السياسة اللبنانية، لأن اليسار كاتجاه سياسي علماني بطبيعته ، مما يجعل نعته بالمسيحي مستغربا إلا أن السياسة اللبنانية تميزت بوضع فريد هو انتشار الأيدلوجيات السياسية على أسس طائفية ، فقبل حرب لبنان 1975 كان يمكن القول بأن القطاع من القوى السياسية والبشرية الذي تبنى الأفكار اليسارية كان متركزا في الطوائف المسلمة ، بينما كان اليمين مسيحي بطبيعته ، وكان ذلك مرتبط لحد بعيد بتوزيع القوى الاقتصادية والاجتماعية بين الطوائف، فلما كانت أغلب الثروة والسلطة مركزة في يد المسيحيين كان طبيعيا أن تتركز بينهم القوى المعبرة عن المصالح البرجوازية ، والعكس صحيح بالنسبة للطوائف المسلمة التي كانت تضم القطاعات التي اعتبرت نفسها مستضعفة اقتصاديا ومهمشة سياسيا ، ولذلك كانت الحرب التي اندلعت في ربيع 1975 حربا بين اليمين واليسار بنفس القدر الذي كانت فيه حربا طائفية ، حتى أن الحزب الشيوعي اللبناني الذي يتشكل معظم أعضائه من المسيحيين كان جزءا من الجبهة المسلمة في الحرب التي كانت تتخذ من الأحياء الغربية لبيروت عاصمة لها، ولكن الأوضاع التي قادت إليها الحرب وما بعدها ، وما رافقها من أوضاع إقليمية تصاعدت فيها قوة تيارات الإسلام السياسي خاصة بعد الثورة الإيرانية التي زرعت حزب الله في لبنان أدت إلى تراجع وجود اليسار بين الطوائف المسلمة في لبنان، فتمركز الشيعة حول الحزب الديني الشيعي المذكور ، وتمركز المسلمون حول المؤسسات ذات الطبيعة الخيرية، وبالذات مؤسسة الحريري ، وبدرجة أقل المؤسسة الإسلامية للمشاريع الخيرية (الأحباش) ، بينما بدأ اليسار يجد له أقداما على الجانب الآخر مع تراجع القوى التقليدية للمعسكر المسيحي وبالذات القوات اللبنانية التي أدخل قائدها السجن ، والتيار الوطني الحر الذي نفي قائده إلى فرنسا ، وبعد أن أدت الحرب إلى خلخلة قوى البرجوازية المسيحية بشكل هائل الأمر الذي أدى بالعديد من زعماء القوات اللبنانية لمراجعة مواقفهم لتكون أقل يمينية وأقل تطرفا، وقد أدى كل ذلك لبروز الحركات اليسارية بين المسيحيين ، وبالإضافة إلى الحزب الشيوعي اللبناني الذي كان القوة المسيحية الوحيدة عام 1975 ظهرت حركة اليسار الديموقراطي ، وحركة التجدد الديموقراطي ، واستطاعت الحركتان في الانتخابات السابقة حصد نسبة لا بأس بها من المقاعد المخصصة للمسيحيين في المجلس برغم معارضتها للوجود السوري في لبنان الذي كان يهيمن على سير الانتخابات، ولكن هذه القوى التي لعبت دورا حاسما في الزخم السياسي الذي أخرج سوريا من لبنان ، وقاد للانتخابات الأخيرة فقدت أغلب مكاسبها في الانتخابات الأخيرة التي ناضلت من أجلها، بعد فشلها في الحفاظ على أي مقعد من مقاعد المتن الشمالي وكسروان-جبيل التي اجتاحها اليمين المسيحي بقيادة (مشال عون) العائد إلى لبنان، وقد ترافق ذلك مع تراجع العديد من المكتسبات التي حققتها المظاهرات الشعبية بشكل مخيف، فالأعلام اللبنانية التي لم يرفع عداها في مختلف التظاهرات تراجعت أمام أعلام وشعارات الوطني الحر ، والتأكيد على الوحدة والحوار من جميع الأطراف بدء يتراجع مع التجييش الطائفي الذي بدأه حزب الله مع الحديث عن التحديات والمخاطر التي تستهدف الطائفة الشيعية ، ثم تبعه عون في الجبل ، والذي لم يجد الحريري الابن بدا من استخدامه في انتخابات الشمال بعد أن اتضح أنه الطريق الأسهل لاكتساح المنافسين.
والسؤال ما الذي أدى لذلك التراجع غير المتوقع لليسار المسيحي والاعتدال المسيحي المتحالف معه الممثل في القوات اللبنانية (بعد إعادة إنتاجها)؟ صحيح أن هذا التحالف قد استطاع تعويض جزء من خسائره في انتخابات الشمال الأخيرة ، ولكنه (وحتى إشعار آخر) لا يمكن أن يقدم نفسه وقد فشل في الفوز بمقعد واحد في الجبل المعقل الرئيسي للمسيحيين باعتباره تيارا مؤثرا داخل الجماعة المسيحية في لبنان. برأيي أنه الفشل في صياغة الخطاب الإعلامي الملائم بحيث لا يبدو ذلك التيار وهو يقدم نفسه في صورة المعتدل والحريص على الوحدة الوطنية أنه يتنازل عن مسيحيته (بالمعنى السياسي طبعا) وهذه هي المعادلة الفريدة للنجاح السياسي في لبنان أن لا تتخلى عن طائفيتك مهما كانت معتقداتك السياسية أو الأيدلوجية ، وقد بدأ هذا الفشل منذ اللحظة الأولى لتشكيل التحالف المعارض الذي تشكل مع التمديد للحود ، إذ بدا الحلفاء المسيحيون برغم تاريخهم و شعبيتهم أقل حجما من جنبلاط الشريك الدرزي في التحالف، ومع تصاعد النشاط السياسي للتحالف بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري بدا الظهور الإعلامي لجنبلاط يزداد بشكل مكثف بحيث أصبح المتحدث الوحيد تقريبا للمعارضة، ومع تشكيل التحالف الثلاثي بين (جنبلاط_ قرنة شهوان_ تيار المستقبل) ، و دخول الآلة الإعلامية لآل الحريري على خط الدعاية للتحالف بدا للمسيحيين أن القوى المسيحية لا تملك الكثير من القرار داخل التحالف الذي أصبح وجهه الإسلامي يزداد يوما بعد يوم. شخصيا لا أعتقد أن شخصيات بحجم نسيب لحود أو فارس سعيد يمكن أن تذوب أو تسلم قيادها لآخرين ، وربما كان هناك اتفاق على أن يتولى وليد جنبلاط الدور الإعلامي داخل التحالف، ربما لاستغلال كاريزمته الشديدة وخطابه المثير للجماهير ، في مقابل الرصانة الفكرية وهدوء المثقف الذي يسيطر على خطاب نسيب لحود والذي لا يناسب مرحلة وصفت بأنها انتفاضة الاستقلال الشعبية ، وربما كان هذا الفارق بين الزعيم السياسي النزق والمثقف الذي يمارس ثقافته داخل عالم السياسة هو الذي دفع جنبلاط للتنقل من قناة لقناة ، بينما أبقى نسيب لحود وفارس سعيد أسري هدوئهما إلا قليلا ، ولكن كاريزما جنبلاط وسطوة سعد الحريري الإعلامية والمالية أخافت الموارنة الذين وجدوا في عون العائد المنافس الماروني القوي الذي يمكن أن يقف في وجه هذه السطوة المتصاعدة لخصوم الماضي ، وفي وجه وحدة الجبل(الاسم الذي أطلق على تحالف قرنة شهوان- جنبلاط) التي وجدوا فيها تتويجا لم يريدوه لجنبلاط على الجبل الذي طالما تصارع على زعامته مع القوى المسيحية هناك. وليس صحيحا أن خطاب عون عن الفساد وكشفه هو الذي قاده لتحقيق النتائج التي حقق إلا إذا اعتبرنا أن كراهية الفساد هو أمر ينفرد به المسيحيون، ولكن خطاب عون الآخر الذي روجه مرشحوه في الدوائر وهو خطاب طائفي بامتياز هو الذي قاده للفوز.
إن عودة اليسار المسيحي لا تعني تراجعه عن التعبير عن مشاريعه التوافقية والوطنية تحت وطأة الخوف من شعبية عون ومجاراته في خطابه الطائفي المنفلت من أي قيمة لاحترام الخصوم، وإنما تحتاج إلى زخم إعلامي حقيقي لتأكيد أن رؤاه الوطنية والتقدمية لا تتعارض مع المصالح المسيحية التي لا أن تخرج عن رؤى الحرب التي مفادها أن نصر طرف يعني بالضرورة هزيمة طرف آخر وهو تحد حقيقي بالنظر إلى معايير الإعلام التجاري الذي يفرد للتصريحات مساحات على قدر إثارتها ، بل وعنفها ، ورهن كذلك بمدى قدرة التحالف الذي كان اليسار المسيحي ضمنه على تقديم الجديد سياسيا واقتصاديا وعدم الانسياق بشكل كامل وراء معركة الرئاسة التي سيحولها التيار العوني في خطابه الطائفي (وهي طائفية تمارس في الصلب بعيدا عن المظهر الخارجي الزائف لخطابه كخطاب لا طائفي) إلى محاولة للقوى الإسلامية للسيطرة على الرئاسة الأولى (المارونية طبقا للدستور) متناسيا حقيقة الوضع غير الدستوري للرئيس لحود وحقيقة أنه كان من أول المنددين به والداعين لإسقاطه.







#أحمد_عدلي_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخطاب الإسلامي الجديد..هل هو جديد بالفعل؟
- ما الذي كان خاطئا؟
- لبنان الحقيقي جاي
- نجاحات المعارضة اللبنانية تظهر في ساحة رياض الصلح
- الإنسان إذ يصبح رقما
- عندما يصبح الموت هو الغاية المقدسة
- هنتجونيون عرب
- خدعة الديموقراطية الإسلامية
- هل من تجديد حقيقي للإسلام؟
- الإسلام والحريم
- المرأة في المجتمع العربي...بين الظهور والإخفاء
- إنتاج الإسلام الإرهابي
- رؤية جديدة لنكاح المتعة....دراسة فقهية تاريخية في ظل الإسلام ...
- ..الجنس..الوحش الجميل :دراسة اجتماعية لتطور النظرة الدينية ل ...
- ..الجنس..الوحش الجميل :دراسة اجتماعية لتطور النظرة الدينية ل ...
- تساؤل الهوية ...لبنان نموذجا


المزيد.....




- مدفيديف: الناتو منخرط بشكل كامل في الصراع الأوكراني
- السعودية.. إحباط 5 محاولات لتهريب مئات آلاف حبوب -الكبتاغون- ...
- مصر.. الداخلية تكشف تفاصيل واقعة مصرع عامل دليفري بعد تداوله ...
- اليونيفيل: إصابة 4 جنود إيطاليين من قوات حفظ السلام في جنوب ...
- محمود الهباش: وجود إسرائيل في غزة لن يكتسب شرعية مهما طال
- مشاركة عزاء للرفيق رؤوف الحباشنة بوفاة جدته
- من هو الكاتب بوعلام صنصال وما مصيره منذ وصوله للجزائر؟
- خبير عسكري: الاحتلال يستهدف مربعات سكنية بسبب تعثر عمليته ال ...
- هل اكتشفت أم محمد هوية الواشي بنصر الله؟
- قوات الاحتلال تقتحم جنين ونابلس واعتداءات للمستوطنين في الخل ...


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - أحمد عدلي أحمد - القوى اليسارية والمعتدلة اللبنانية لماذا خسرت الانتخابات؟