أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سجاد الوزان - الوجود والعدم ( Being and Nothingness ) ج1















المزيد.....

الوجود والعدم ( Being and Nothingness ) ج1


سجاد الوزان

الحوار المتمدن-العدد: 4357 - 2014 / 2 / 6 - 11:17
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


النشوء من العدم :

إن فكرة النشوء من العدم أو علم الوجود من العدم، وهي ما يسمى حديثاً بأسم (( التدبير الذكي )) - intelligent desing -، وتأسس هذا النهج الجديد على فرضية محورية : ( مبناها مفهوم ما يسمى التعقيد الغير قابل للاختزال – irreducible complexity - ) .(1)
وجوهر هذه الحجة هو إن الطبيعة بها منظومات تستلزم كثيراً من الأجزاء المختلفة والتي لا تعمل إذا فقدت جزءا ومن ثم لم تكتمل جميع أجزائها معاً، ويشير أصحاب هذا الرأي إلى البكتيريا ذات السوط، وتجلط الدم، وإلى جهاز المناعة، ويرون فيها أمثلة للتعقيد غير قابلة للأختزال، وتمضي الحجة زاعمة أنه احتمال ضعيف جداً القول إن الانتخاب الطبيعي جمع كل أجزاء هذه المنظومات معا وفي وقت واحد، وإنما جمعها تدبير ذكي .(2)

طبعاً ومع كل الاحترام للفيزيائي جيمس تريفيل، فعندما يطرح هذه النظرية يعاملها وكأنها باطلة من أساسها، ينسى إن أولئك الذين آمنوا بها، هو ما أملاه عليه اختصاصهم، وأنا أتفق معهم كثيراً مع مسألة ذلك التعقيد، الذي حتى تصوره يكون صعباً للغاية، وقد يكون أصعب من مشكلة الفيزياء نفسها، ذلك إن أقل خلل في جهاز من أجهزة الجسم أو جهاز المناعة نفسه، يفرض خللاً في المنظومة جميعها، وقد تتوقف هذه المنظومة إذا ما جوبهت بالعلاج، لذا فالصراع بين علماء الفيزياء والكوسمولوجيا وعلماء البيولوجية أو الفسلجة هو صراع معلوماتي لا ينتهي، ولا بد من أن تتدخل الفلسفة في حل هذا النزاع الطويل والذي يجعل من العلوم مصدر للتناقض في تفسير الموجودات ونشأتها وأصلها .
إن المنهج الفلسفي لذاته عقيم ومجرد من أي استدلال تجريبي ملاحظاتي، ولكن إذا ما جعلنا موضوع الفلسفة هو التفكير بالعلوم ونتائجها فستكون المقوم الأصيل في أبراز قراءة موحدة للكون تستنتج معارفها ومواضيعها من العلوم، وبذلك سنحقق فلسفة واقعية علمية تجريبية وعقلية مجردة في آن واحد، بدلاً من أن تكون مجردة فقط، وبالتالي ستكون تلك القراءة للوجود قراءة موزونة فيها جانب من الصحة والدقة، تزداد احتمالية كون ذلك الموضوع صحيحاً ويجانب اليقين لآنيته .

إن التعريف الإيثمولوجي لمفهوم الوجود في المعجم الفلسفي الغربي نجده – الوجود – مشتق من اللاتينية Esse بمعنى Etre وضدها العدم أو اللاوجود، وفي المعجم الفلسفي العربي بمعنى ظهر للعيان، وقد بينا ذلك في بحثنا حول ( الكون بين أزلية التفكير وإشكالية الوجود )، وعموماً فقد ينقسم الوجود إلى وجود خارجي ووجود ذهني :

أولاً : الوجود الخارجي : هو كون الشيء ظاهراً ظهوراً عينياً لدى الأعيان كما هو الحال في وجود المادة في الخارج، فعند توفر مادة قابلة للاحتراق، وعامل مساعد على الاحتراق، فلا بد هنا من توفر وجود النار، لكون مكوناتها قد توفرت وتلازمت، وهذا هو وجود عيني خارجي للنار .

ثانياً : الوجود الذهني : هو كون الشيء حاصلٌ لدى الذهن، أي هو الوجود العقلي والمنطقي، فقد يكون الشيء موجوداً لدى الذهن وغير موجود في الخارج، كوجود صورة للنار في الذهن من غير أن يحترق صاحبها، أو وجود صورة السم من غير أن يتسمم صاحبها، فالنار والسم هي موجودات عقلية ذهنية ولكن قد لا تكون موجودة في الخارج .
لذا فإن عالم الذهن يقدم إدراكاً وتصوراً فقط لمفاهيم الوجود، وقد تكون هذه المفاهيم انتزاعية من الخارج، لذا فالوجود بالكون هو ما كان ثابتاً حاصلاً متحققاً عيناً .
لذا فالوجود الذهني هو فهمٌ لماهيات الخارج، من غير أن يثبت الذهن وجود أصالة لماهيات الموجودات الذهنية، لأنه لو كانت الأصالة لماهيات الموجودات وليس للموجود بعينة، لاستلزم وحدة الماهية، ولاستلزم وجود ما ينتج عن النار من عملية حرق في الذهن فيحترق الذهن أو في الخارج ليحترق الخارج، بل وستمتلك النار وعياً في الخارج، وذلك غير ممكن، لذا فالأصالة للوجود ومقدمٌ على الماهية، ولا وجود لأصالة الماهية .

ويرى القديس " أوغسطين " أن مشكلة الوجود ترتبط كسائر المشكلات عنده بالله، وتدور حول مشيئته في خلق هذا الوجود وكيفية العمل وصلته المستمرة به، وبالتالي لا وجود للوجود بدون الله، إلا أنها ليست منه، وعملية الخلق هي خلقٌ من العدم، وبمجرد الكلام تم ذلك وبفعلٍ حر ومن العدم، والمشيئة الإلهية هي الكفيلة بذلك، وبخلق الوجود والعالم خلق الزمان بفعل أزلي وبإرادة أزلية .(3)


وأما القديس " توماس الإكويني " فإننا نجده يربط بين الوجود والذات، ليكن الوجود عنده هو وجود الذات(4)، أو ما يعرف بالثابت الذات .


وأما " جان بول سارتر " الذي فهم الوجود على أساس إحالة كل ما هو موجود إلى مجرد إدراك له، إنها محاولة تهديم لكل ما هو مثالي في المعرفة، وقد حصر نظريته في الممكن العقلي، وبذلك فإن سارتر يشكل خطراً كبيراً على التيارات العقلية الأخرى، والتي كانت تعبر عن الوجود في إطار الآنية أو الكينونة بالنفس الناطقة العاقلة .(5)

وهذا قد يتناقض مع الفلسفة الوجودية التي هي عبارة عن التفرقة بين الذات العارفة المدركة، وموضوع المعرفة .
ويرى سارتر في كتابه ((الوجود والعدم)) إن ( الوجود سينكشف بطريقة مباشرة بالملل والغثيان ... )، ويضيف قائلاً : " إن الواقع الإنساني متألم في وجوده وهو يبرز إلى الوجود مؤرقاً دائماً بكيان الموجود دون استطاعته أن يكون كذلك لأنه في الحقيقة لا يستطيع أن يصل إلى الوجود في ذاته – Etre En Soi -، إلا إذا فقد نفسه كموجود لذاته – Etre Pour Soi -، وعلى هذا الأساس يمكن فهم الوجود عنده بمعنيين :
وجود حقيقي أو العالم هو : " الوجود في ذاته " .
وجود لذاته، وهو وجود كوعي أو كشعور أو كوجدان بما يتميز به الإنسان وحده .
ولكي نؤسس لهذا الوجود الأخير وجب علينا أن نفصله عن الموجود في ذاته (العالم) وإن تمت الازدواجية بين الموجود لذاته (الوعي = الأنا) فإنه سوف يتشكل لنا العدم ومن هنا إبطال للوجود بذاته وهو الوجود الحقيقي .
إن أي إنسان من حيث هو موجود، إنسان واعي يخطط دائماً لمشروع لكي يوجد على غير ما هو عليه الآن، ويحاول أن يحقق مشروعه في عالم (الموجود في ذاته)، ذلك لأن الوعي يرغب أن يصير شيئاً في ذاته رغم بقائه واعياً .(6)


ورغم أني لا أريد الخوض في مناقشة المذهب الوجودي، فقد نتفق معهم كثيراً، وقد نخالفهم ببعض الأفكار، فمثلاً سارتر الوجود الحقيقي عنده ((هو الوجود بذاته)) أي وجود ذات الوعي الوجداني والشعوري، والذي يفرض وجوداً ذاتياً للإنسان واعياً وعياً جوانياً فقط، دون أن يكون له وعي خارجي مساوي لانفعال وشعور الوعي الخارجي، أو وعيه بالخارج، فمثلما أن كل كائن مفكر ويدرك بأنه يدرك، كالإنسان يريد أن يشعر بأن له وعياً في ذاته ويمتلك الوعي ذاته بما (هو هو) وعي، ويريد أن يمتلك تصوراً واضحاً وجلياً، عن وعيه بالذات من خلال وعيه بالموجودات التي تحيط بعالمه الخارجي(البراني)، ليعيش وعياً تاماً أو كاملاً لوجوده كإنسان كامل، في الوعي بما هو وعيٌ للوجود بالذات، ووعيٌ للوجود بالخارج، ليتسنى له حصول التطابقية بين الصورة الذهنية، أو الوعي الداخلي الوجداني، مع الصورة الخارجية للوجود بالخارج، والتي هي لا تفارق الوجود الذهني، أو الوجود بالذات الواعية، وليكون عند ذلك الوعي كاملاً لا يفقد أي شيء من عناصر الإدراك والتأمل لبناء معرفة قطعية وتكاملية للوجود، لينتقل الإنسان إلى مرحلة أخرى من التفكير بما بعد الوجود أو وجوده هو .


المراجع :

(1): جيميس تريفيل، لماذا العلم (Why Science)، عالم المعرفة، ترجمة شوقي جلال، ص39 .
(2): مصدر سابق، ص 39
(3):د.علي زيعور، أوغسطينيوس، دار إقرء، بيروت، ص162
(4): إشكالية الوجود والتقنية عند مارتن هيدجر، إبراهيم احمد، منشورات الأختلاف، ص 31 .
(5): جورج طربيشي، معجم الفلاسفة، دار الطليعة، ص 641 – ص642 .
(6):Jaqueline Russ. Dictionnapre de philosophie : les philosophie. 1850 citation. P 125 .، نقلاً عن مصدر رقم (4)، ص36 .



#سجاد_الوزان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثقافة البصرية بين التغييب والترهيب والاستعادة
- القدرة الكونية ( كتصور مفهوم وأزلية المادة ) The capacity of ...
- الهروب إلى الجحيم الإنساني ( الباطن يحترق )
- القدرة الكونية ( الصدفة وعلاقة المادة بالطاقة) The capacity ...
- القدرة الكونية ( مرجعها بين وجود المطلق ونسبية الموجود ) The ...
- موت الثقافة وانهزام المثقف ( العراق أنموذجاً )
- العقل العربي وتفكيك بنيته الفكرية (Arab mind and the dissoci ...
- العقل العربي وتفكيك بنيته الفكرية (Arab mind and the dissoci ...
- العقل العربي وتفكيك بنيته الفكرية (Arab mind and the dissoci ...
- نطالبكم بالنظر لما يجري في العراق والعالم العربي دمٌ ينزف، و ...
- العرب هوية جنسية : (Arabs sexual identity ) الأتهام وقبح الق ...
- الجريمة والعنف الاجتماعي (Crime and Social violence )
- الروح بين العالم العقلي ... العالم النفساني (Mental world… P ...
- الكون بين أزلية التفكير وإشكالية الوجود (niverse Between the ...
- الشباب بين مشكلة العقل وخطأ التفكير ( Young people between t ...
- النظرية العكسية ( Inverse Theory )
- التطرف الإسلامي ( Radicalism Islamic) أسبابه وعلله
- نظرية المعرفة عند العرب Epistemology when the Arabs
- الهوية العربية ...بين أزمة البحث عن الذات، والثقافات الدخيلة


المزيد.....




- من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا ...
- ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا ...
- قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم ...
- مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل ...
- وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب ...
- واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب ...
- مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال ...
- -استهداف قوات إسرائيلية 10 مرات وقاعدة لأول مرة-..-حزب الله- ...
- -التايمز-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي لن ...
- مصادر عبرية: صلية صاروخية أطلقت من لبنان وسقطت في حيفا


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سجاد الوزان - الوجود والعدم ( Being and Nothingness ) ج1