أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد سعيد قاضي - جون مل والمجتمع العربي














المزيد.....

جون مل والمجتمع العربي


أحمد سعيد قاضي

الحوار المتمدن-العدد: 4357 - 2014 / 2 / 6 - 00:03
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تعتبر الحرية جزئاً أصيلا وحاجة ضرورية لكل إنسان وعنصراً رئيسياً في حياة كل كائن حي وتعني الكرامة للبشر. ولكن هنالك العديد من العوامل المتداخلة التاريخية تمنع البشر من الحصول على حريتهم كاملة منها وجود التجمعات البشرية وهي أيضاً ضرورة بشرية كما يقول ابن خلدون "الاجتماع الإنساني ضروري فالإنسان مدني بالطبع أي لا بد له من الاجتماع الذي هو المدنية" لكن هذا الاجتماع البشري من ناحية أخرى، رغم ضرورته منذ بداية التاريخ إلى اليوم، إلا أنه يشكل أكبر ضاغط ومانع للحريات الفردية لأفراد المجتمع بطرق خفية تلمس اللاوعي عند كل عضو في هذا المجتمع وبالتالي يخضع الأفراد لرقابة وحساب المجتمع ككل وعقاب المجتمع قاسياً شديد القسوة.
لذلك حاول جون مل الفيلسوف الانجليزي تعريف الحرية وحدودها ونقاط التماس بينها وبين المجتمع. فقد عرّف الحرية "في حياة الفرد منطقة حرام لا يجوز للمجتمع أن يطأ ساحتها، هي موطن الحرية الصحيحة، وتتمثل في تصرفات الفرد التي تمسّ الآخرين، فإن مسّتهم جاء هذا بمحض اختيارهم، ونعبّر عنها بحرّية الضمير، والفكر والوجدان، وهي تتضمّن حرية التعبير والنشر، ثم حريتنا في تشكيل حياتنا على الوجه الذي يلائمنا، وحرية الراشدين في اجتماع بعضهم البعض للتعاون على أمر لا يضر أحد".
رغم صعوبة رسم حدود الحرية الفردية إلا أن نظرية جون مل حول الحرية تحتوي عنصراً قد يسهّل هذا التحديد وهو المنفعة الشخصية وهي التلذذ بالملكية الخاصة بأمان. وعليه وكما حتوى التعريف فإن لكل شخص حرية التصرف والتفكير والاجتماع والاتحاد والقول والتفكير والشعور والملبس والطعام والقيام بأي عمل بشرط ألا يمس حرية الآخرين أي عدم الاضرار بالآخرين.
وبالمقابل فإن سلطة المجتمع، المدعومة قانونياً، على الفرد لا تفعّل إلا في حال اعتداء شخص على حرية الآخرين أي أضرّ بما هو منفعة لغيره من الناس رغم أن منفعة ذاك الشخص لا تقوم على تجاوز حدوده إلى حرية الآخرين. وبذلك محرّم على المجتمع المس بالمساحة الخاصة لكل شخص مهما يقوم بها من أعمال وتصرفات ما دام لا يمسّ ولا يضرّ مصلحة غيره من الأفراد ولا يتجاوز حدود حريته إلى المجال العام المتعلّق بالمجتمع أو المجال الخاص لأي فرد آخر في المجتمع.
وبذلك تم ترسيم نوعا ما حدود واضحة المعالم بين الحرية الفردية وسلطة المجتمع. فهل ينطبق مفهوم مل للحرية على المجتمع العربي؟
يلاحظ الدارس للمجتمع العربي أنه مجتمع ليس فاقداً فقط للحرية وإنما من أشد المحاربين لها وأحدث الأمثلة على ذلك ما حدث في عدد من الدول بعد الفورات أو الانتفاضات التي اجتاحت العالم العربي في أواخر عام 2010 واستمرت حتى الآن. حيث أن من وصل إلى الحكم هم جماعات إسلاماوية متشددة تعادي الحرية في خطابها المتطرف وفي فعلها على أرض الواقع.
لكن رغم وضوح عداء هذه الجماعات للحرية الفردية وعدم احترامها للأفراد ومعتقداتهم واختياراتهم وما يلبسون ويأكلون وهذه أبسط معاني الحرية إلا أن الشعوب العربية اختارت هذه الجماعات لتحكمهم بالنار والحديد. فمن الواضح أن الشعوب العربية إذن تخشى وتشمئز وتقشعر أبدانها عندما ترى في الأفق حرية قادمة. بل حدث للعرب ما قام به السود عندما حصلوا على بعض حرياتهم في الولايات المتحدة فقام بعضهم يدعو للعبودية ويترجّى الأسياد أن يقبلوهم خدما من جديد وعبيداً من جديد.
ومثالٌ آخر يدل على ابتعاد العرب الشديد عن مفهوم مل للحرية وهو أن حرية العقيدة والتي تندرج تحت حرية الضمير بأوسع معانيها عند مل وهي حرية شخصية لا يحق للمجتمع التدخل بها، ممنوعة في المجتمع العربي فالمخالف في العقيدة حتى داخل الدين نفسه كالإسلام والمسيحية إذا ما كان يعتنق شخص ما مذهب مغاير فإن الدنيا تقوم ولا تقعد كما نقول في العامية وينبذ الناس هذا الشخص ويشتموه ويكفّروه. وهذه أبسط الحقوق الشخصية والكثير من الأعمال نتيجتها بالمثل كأكل لحم الخنزير وشرب الخمور أو السفور أو التجمع في أحزاب تنطوي على أيديولوجية مختلفة عن الآخر في العالم الإسلامي بما أن المجتمع العربي هو إسلامي بشكل عام. كل هذه الأمثلة والتي تمثّل أبسط حقوق الفرد الشخصية تتم مقاومتها بشراسة في المجتمع العربي وبل يكون عقاب ممارسها قاسياً جداً أحياناً لدرجة أن يعتبر كالحيوان الآثم يجب ذبحه.
لذلك فإن العرب أشد بعداً عن مفهوم مل للحرية، وبينهم وبين الحرية عشرات العقود إذا لم نقل أكثر من ذلك بكثير في ظل التعصب والجهل، والأيديولوجية الرجعية وعدم تقبّل آراء الآخر، والخوف من الحرية المتفشّي في عقلية الشعوب العربية.



#أحمد_سعيد_قاضي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البرجوازيون وتشويه الحقائق في المنهاج الفلسطيني!
- الدكتاتورية الذاتية تقاوم التغيير!
- متى يمكن الحديث عن وقوع ثورة عربية؟!...في مفهوم الثورة العرب ...
- حول الهجمة الإمبريالية على سوريا
- تذكير إن نفعت الذكرى!
- -لا لعودة الفلول، لا لعودة الإخوان، يسقط يسقط حكم العسكر-
- المسار الثوري في مصر 5: المقاربات الدولية للأحداث
- المسار الثوري في مصر 4: صراع ذو أوجه وأشكال متعددة
- المسار الثوري في مصر 3: المجلس العسكري، رأس الحربة في الثورة ...
- المسار الثوري في مصر 2: ملامح خيانة الإخوان المسلمين للثورة
- المسار الثوري في مصر 1:تحديد مفاهيم ومرجعيات
- دينامية الثورة...في فهم دوافع الثورة
- تقويض أسس الدولة 3: في خصائص السلطة!
- تقويض أسس الدولة 2:الأمة، الإقليم، السلطة!
- تقويض أسس الدولة 1:تمهيد
- عقلية التأليه عند الإسلامويين!
- إسلام بدون مسلمين!
- العمود الفقري لأحداث سوريا ومصر!
- الثورة البرجوازية في العالم العربي والمقاربات التروتسكية!
- في الماركسية-تحليل بنية النظام الرأسمالي 2


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد سعيد قاضي - جون مل والمجتمع العربي