هل من صلة بين العفيف الأخضر والمقريزي؟

كاظم حبيب
(Kadhim Habib)

الحوار المتمدن-العدد: 1239 - 2005 / 6 / 25 - 11:51
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

تسنى لي أن أقرأ بعناية العديد من كتابات الأستاذ الفاضل والشخصية العلمية والعلمانية المرموقة السيد عفيف الأخضر. وقد كنت معجباً بالكثير من تحليلاته حول قضايا الإسلام ومسألة السلطة والعلاقة بين الدين والدولة. وقد تميزت كتاباته بسمات واضحة يستطيع الإنسان التعرف عليها بسهولة إذا ما قرأ مقالا له ولكن لا يحمل اسمه. فكتابات الرجل تستند إلى:
• العلمية والموضوعية في البحث والتدقيق وعدم الانجرار وراء العواطف.
• يكتب بأسلوب رصين وسلس.
• يعتمد على المصادر الموثوق منها في إبداء الرأي وتحديد الموقف.
• وله موقف واضح إزاء العلاقة بين الدين والدولة, فهو موقف علماني مدني ديمقراطي حديث.
• يحترم الدين أو الأديان والمتدينين والمتعبدين ويدافع عن حريتهم وحقهم في ممارسة طقوسهم الدينية, ولكنه يسعى إلى تحقيق التنوير الديني في المجتمع العربي وفي المجتمعات الشرق أوسطية وشمال أفريقيا. ولا يخفي ذلك على أحد.
• ويبتعد في أبحاثه كلية عن الهزء بالرأي الآخر أو إذلال صاحبه أو الإساءة إليه أو تحويله إلى مسخرة. ولكنه واضح وثابت وصادق وجرئ في طرح رأيه العلمي.
ولهذه السمات الإيجابية والعلمية في كتابات العفيف الأخضر, حظي باحترام جمهرة كبيرة من المثقفين الديمقراطيين من قراء العربية أو قراء الفرنسية أو حتى من خصومه في الفكر والسياسة.
واستناداً إلى ذلك, يحق لنا أن نتساءل: هل يمكن أن يكون الكتاب المنسوب إلى شخص تحت اسم "دكتور المقريزي" والموسوم "المجهول في حياة الرسول" محمد هو للكاتب العلماني والديمقراطي العفيف الأخضر؟
قرأت كتاب المجهول في حياة الرسول للكاتب د. المقريزي بعناية وأعد قراءة بعض صفحاته. ويمكنني القول بكامل الثقة بأن الكتاب لا يعود إلى العفيف الأخضر بأي حال, رغم أن هناك نقاط التقاء معينة أولاً, ورغم وجود جملة من الحقائق التاريخية الثابتة المذكورة في الكتاب التي لا يرقى إليها الشك بالنسبة إلى حياة الرسول ثانياً, ولا ينفيها الكثير من رجال الدين المتخصصين بحياة الرسول محمد ثالثاً, إلا أن الكتاب لا يمت بصلة إلى أسلوب العفيف الأخضر في الكتابة ولا إلى طبيعته واتجاه تفكيره والطريقة التي يعالج بها مشكلات الإسلام والإسلام السياسي أو العلاقة بين الدين والدولة أو الموقف من المرأة.
ليس لدي أي اعتراض على حق أي إنسان في تبيان وجهة نظره وإصدارها في كتاب حول الإسلام أو غير الإسلام وحول الأنبياء والأولياء والقديسين, إذ أن هذا حق مطلق من حقوق الإنسان الثابتة التي لا يجوز المساس بها بأي حال من جهة, كما أن من حق القراء أن يقرروا موقفهم من الكتاب والكاتب, إذ أن لهم القدرة على التفكير والتمييز بين الصالح والطالح, وبين الصواب والخطأ, وليس من حق أحد أن يكون وصياً على من يكتب وما يكتب وكيف يكتب.
وويبدو لي أن السيد التونسي الغنوشي يحاول بشكل يائس وبائس تصفية حسابات فكرية وسياسية مع الكاتب العقلاني العفيف الأخضر من خلال الادعاء زوراً وبهتاناً بأن الأخضر هو صاحب الكتاب الموسوم "المجهول في حياة الرسول" محمد. فالعفيف الأخضر شخصية علمية وتقدمية ديمقراطية متفردة تحاور الناس المسلمين من مواقع الإسلام بلغة رصينة وحكيمة وعليمة وبعيداً عن الإساءة أو التحريض. فالكتاب الموسوم ب "المجهول من حياة الرسول" يتميز بما يلي:
• إنه كتاب غير رصين ويخلط بين الجد والهزل ويميل إلى الإساءة أكثر من مناقشة وقائع تاريخية.
• ومع امتلاكه الكثير من المصادر الجادة التي لا يرقى إليها الشك, إلا أنه لا يتميز بالعلمية والموضوعية في طريقة عرض أفكاره ومناقشة المشكلة المطروحة.
• كما أنه وكأنه ينطلق من مواقع دين آخر غير الدين الإسلامي ويريد تصفية حساباته مع الدين الإسلامي ومع محمد بن عبد الله, رغم كل النقد الذي يمكن أن يوجه لأي دين كان أو لممارسي تلك الأديان. إن الكتاب يتضمن روحية انتقامية غير مقبولة في البحث العلمي يمارسها المقريزي.
لقد كتب الكثيرون عن محمد بن عبد الله وزوجاته الكثيرات. يجد الإنسان ذلك في عشرات الكتب ومنها كتاب "الشخصية المحمدية" للشاعر العراقي الشهير والراحل معروف الرصافي (صادر عن دار الجمل في كولون), أو كتاب "أحوال المرأة في الإسلام" للكاتب المصري فهمي منصور, أو عن "المرأة في الإسلام" للكاتب العراقي هادي العلوي .... إلا أن ليس هناك من حاول طرح الموضوع بهذه الصيغة, علماً بأن كتاب الرصافي جرئ جداً وواضح تماماً, علماً بأنه قد كتب بين عامي 1933-1935 تقريباً.
لا أجد أي علاقة بين الكاتب العفيف الاخضر والمقريزي بأي حال, وعلى السيد الغنوشي أن يسحب اتهامه والاستعداء الذي أججه ضد العفيف الاخضر لدى بعض المسلمات والمسلمين, وعليه أن يعتذر له ويتوب إلى ربه, إن كان صادقاً في إيمانه, إذ أن بعض الظن أثم فاجتنبوه!

#كاظم_حبيب (هاشتاغ)       Kadhim_Habib#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات