قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا
الحوار المتمدن-العدد: 4356 - 2014 / 2 / 5 - 11:29
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
تلعب الغواية موتيفا رئيسيا في كثير من الأعمال الأدبية والأساطير الدينية ، بدءا من غوايات الهة الاوليمب مرورا بغواية الانبياء ، كيوسف مثلا ، الذي تعرض وحسب الموروث الديني لغواية "سيدته " ، التي همت به .. وهم بها هو ايضا ..
يقول الواقعيون بأن يوسف هَم بتلبية رغبتهما المُتبادلة ، لكن المُنزهون يرفضون هذا "التفسير " جملة وتفصيلا ، ويذهبون بعيدا في البحث عن تفسير تنزيهي ، الى أن توصلوا الى أن المقصود ب –"هَم بها" ، أي هَم بأن يقتلها ، لأنها حاولت أن "تُشركه " في فاحشة ، والعياذ بالله الذي نزَه رُسله عن الفواحش .
وسواء كانت الغواية من مصادر خارجية (كالمرأة في مثالنا هذا ،أو الشيطان ، ومرة أخرى وفق الموروث الديني ) ، فأن الانسان يتعرض يوميا لغوايات ، يقاومها بصعوبة أو يستسلم لها في نهاية الصراع .ولا أبغي أن أتحدث هنا عن ميكانيزم الاستسلام ، بل عن السقوط في "الغواية " ، والتنظير لهذا السقوط على أنه فعل ثوري مُقاوم .
ولعل غواية التلاعب بالمال العام ، أو استغلال المنصب لأهداف ومصالح شخصية وفئوية ، تحت مسوغات ، مبررات والاستجابة لرغبة الجماهير ، أو الحالة الثورية ، هي من أسوا السقطات في أشراك الغواية .
وقد قرأت بتمعن مقالة الاستاذ محمد حلمي ، المُعنونة ب :" الطليعة الثورية.. ما العمل؟" ، وشدَ انتباهي تحليله الدقيق لسقطات المنظمات والاحزاب الثورية التي رافقت العمل النضالي ومنذ أيام لينين ، والذي اقتبس الاستاذ محمد مقولته أمام الاممية وهي كما يذكر الاستاذ خطبته الاخيرة اذ قال: “لقد ارتكبنا كومة من الحماقات”.
وفقط القائد العملاق والفذ هو من يتحدث عن الاخطاء دونما حرج ، وأين لنا بمثل لينين .
اذن ، ومع الزمن أفتقد الكثير من الثوار ، فضيل التواضع ومراجعة الحسابات بنظرة نقدية ، أدَت في نهاية المطاف الى الانعزال عن الجماهير والتقوقع على الذات .
ومع التنظير المتواصل لنخبوية الطليعة الثورية ، والاستعلاء على البسطاء والذين هم الشركاء الفعليون للنضال ، فقد كان من السهل "السقوط " في شباك غواية "نحن المجموعة المميزة " ، "نحن الافضل " "نحن من نعرف أفضل من اي واحد أخر ما هي الحقيقة "، نحن النخبة المنزهة عن كل عيب .
تزامن هذا مع التنظير لقائد وحيد وأوحد ، تستمد منه الجماهير مُقومات حياتها ، وبرأيه الثاقب وبصيرته المُتفتحة تتقدم الاوطان ، ومن روحه العظمى تتغذى الثورة والثوار .
ونتج عن ذلك قمع كل صوت ينبس ببنت شفة ، تُخالف هذا "الحراك الثوري " حول القائد وشخصيته ، بل وتم اتهام الاخرين بأنهم اعداء طبقيون واعداء للثورة ، لا بد وأن تتم معاقبتهم بما "يستحقون "!!
وكان من نتائج هذا النهج ، أن "هَم الحزب الطليعي " ، ب"قتل الجماهير وطليعتها " ، لأنها توقفت عن تنزيه القائد وحزبه !! والنهاية معروفة للجميع ....
ومع خالص شكري للأستاذ محمد حلمي
#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟