|
البعث السوري على خطى توأمه العراقي
عبدالخالق حسين
الحوار المتمدن-العدد: 1238 - 2005 / 6 / 24 - 12:21
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لقد أثبت النظامان البعثيان، العراقي المقبور والسوري الذي ينتظر، أن البعث مرادف للجريمة ووجوده يعتمد كلياً على مواصلة الإرهاب، سواءً كان في الحكم أو خارجه. وما يجري الآن في العراق وسوريا ولبنان على أيدي فلول البعث وحلفائهم من السلفيين الإرهابيين، في مواصلة القتل والخطف والاغتيال، لدليل على أن الإرهاب جزء لا يتجزأ من آيديولوجية البعث أو العبث، أين ما كان. وإصرار النظام السوري على إفشال الديمقراطية في العراق ولبنان، وإغراق البلدين بمستنقعات من دماء الشعبين، مثال آخر على أن الإنسان لا يستفيد من العقل والعقلانية، ولا من تجارب الآخرين، ولا يتبنى الحلول الصحيحة إلا بعد أن تستنفد عنده الحلول الخاطئة. ولكن بالنسبة للبعث، فلغبائه وجهله وعبثية آيديولوجته وإصراره على مواصلة الجريمة، فإن الخاطئة لن تنتهي عنده ولن يعثر على الحلول الصحيحة، بل سينهي قبل ذلك كما انتهى نظام البعث في العراق وكما انتهى صدام حسين في حفرة العنكبوت مذعوراً كالجرذ، يلفه الخزي والعار والشنار. إن إصرار النظام السوري على مواصلة الإرهاب في العراق واضح من الكلمة التي ألقاها السيد فاروق الشرع، وزير خارجية النظام في مؤتمر بروكسل الدولي لدعم العراق يوم 22/6/2005، عندما قال: إن «سورية على استعداد للتعاون التام مع الحكومة العراقية لتعزيز أمن الحدود (بين البلدين) بطريقة عملية وفعلية.. ولكن العقوبات الأميركية تحول دون الحصول على وسائل حماية الحدود...» (الشرق الأوسط، 23/6/2005). وهذا يعني أن السوريين كذبوا حين قالوا أنهم مسيطرون على الحدود، ولكن بزلة لسان، اعترف الشرع أنهم لم يسيطروا على الحدود، وألقوا اللوم في فشلهم على أمريكا.. فأمريكا إذنْ، هي المسؤولة عن تسلل الإرهابيين إلى العراق وليس النظام السوري. هكذا المنطق وإلا فلا!!!! تقول الحكمة (حدث العاقل بما لا يليق، فإن صدق فلا عقل له). فهل حقاً تريد سوريا ضبط الحدود ومنع تسلل الإرهابيين الأجانب من دخول العراق ولكن العقوبات الأمريكية عليها تحول دون ذلك؟ الكل يعلم أن العقوبات الأمريكية ضد سوريا هي شكلية ورمزية ولا قيمة اقتصادية أو أمنية لها، مثال، حضر الرحلات الجوية للطائرات الأمريكية من الهبوط في المطارات السورية ومنع الطائرات السورية من استخدام المطارات الأمريكية. فما تأثير ذلك على النظام السوري؟ وهذه الرحلات أساساً كانت شبه معدومة حتى قبل هذا "العقوبات". الحقيقة الواضحة للعيان أن النظام السوري هو نظام بوليسي متشدد يحصي على الناس أنفاسهم، فكيف يمكن للمتسللين الإرهابيين الأجانب دخول سوريا والعبور إلى العراق من حدودها دون علم السلطة؟ فسوريا تختطف العراقيين الأبرياء مثل السيد شاكر الدجيلي من مطار دمشق وهو في طريقه إلى العراق ولا يعرف له أثر لحد الآن، فكيف لا تعرف بالمتسللين الإرهابيين؟ وهناك تقارير موثقة تفيد أن سوريا فتحت معسكرات لتدريب الإرهابيين في أراضيها وتسهل وصولهم إلى العراق، وحتى تدفع لهم رواتب ومكافئات مالية لقاء قيامهم بالعمليات الإرهابية ضد العراقيين، كما اعترف الإرهابيون الذين وقعوا في أسر القوات العراقية. كذلك سمحت سوريا لقيادة حزب البعث العراقي الساقط بالإقامة في مدنها وإدارة العمليات الإرهابية منها. كما واستمرت عمليات اغتيال السياسيين اللبنانيين وكان آخرهم الشهيد جورج حاوي، الأمين العام السابق للحزب الشيوعي اللبناني. فجميع الذين تم اغتيالهم، ابتداءً من الشهيد رفيق الحريري إلى الشهيدين سمير قصير وجورج حاوي، هم من المعارضين للوجود السوري في لبنان. لذلك فإصبع الاتهام موجهة إلى النظام السوري وعملائه وجواسيسه. نعم سحبت سوريا قواتها المسلحة من لبنان وفق قرار مجلس الأمن الدولي 1559 وتحذيرات وضغوط من أمريكا وفرنسا، ولكن أبقت شبكات جواسيسها وعملائها هناك ينشرون الذعر والرعب والقتل في صفوف اللبنانيين، مهددين بالحرب الأهلية، ليقولوا للشعب اللبناني أنكم لا تستطيعون حماية أنفسكم بدوننا. وهذا بالضبط ما يفعله فلول البعث العراقي حيث ينشرون القتل والذعر في العراق ليقولوا للشعب العراقي أنهم لن يسمحوا لهم بالعيش بسلام والتمتع بالأمن والاستقرار بدون أن يكون حزب البعث هو الحاكم والقابع على صدره. هذا هو حزب البعث وسياساته التدميرية الانتحارية. لا شك أن القيادة السورية تعتقد أنها ذكية تتمتع بالشطارة الخارقة وتستطيع إفشال الخطة الأمريكية في دمقرطة المنطقة. إن سلوك النظام السوري هو مزيج من سلوك البلطجية والبدوية في العناد والمكابرة والإصرار على الخطأ، ظناً منهم أنهم سيلحقون الهزيمة بأمريكا، ويمنون النفس بما حصل لأمريكا في فيتنام. وهذا دليل آخر على غباء القيادة السورية في التمييز بين ظروف الحرب الفيتنامية وما يجري الآن في العراق. إن النظام السوري ومن يدعمه من الجهات العربية، يعيشون في وهم قاتل ولم يتعلموا من هزائمهم ودروس التاريخ المريرة. فتاريخ الحكومات العربية كله هزائم وكوارث جلبوها على شعوبهم المنكوبة التي أدمنت على الأنظمة المستبدة وتأليه المستبدين ومعاداة الديمقراطية. إنهم يعادون الديمقراطية الوليدة في العراق ولبنان ويعملون على إفشالها ولا يهمهم في ذلك ذبح الشعبين وحرمانهما من الأمن والاستقرار.
النتيجة واضحة لكل ذي عقل سليم. إن أمريكا هي الدولة العظمى وفي حالة حرب عالمية مع الإرهاب العالمي. وقد بدأت هذه الحرب بعد كارثة 11 سبتمبر 2001، بسحق حكم الطالبان القروسطي في أفغانستان، ومن ثم تدمير نظام البعث الفاشي في العراق. وليعلم الذين يراهنون على هزيمة أمريكا في معركتها بسبب ما تدفعه من جنودها، أنهم يعيشون في وهم ما بعده من وهم. فأمريكا تدفع هذا العدد من الضحايا من جنودها حتى في حالة تدريب قواتها في وقت السلم وفي داخل أراضيها. كذلك تفيد الإحصائيات أن عدد الذين يقتلون عن طريق الإجرام داخل أمريكا في حدود 34 شخصاً يومياً. لذا فمقتل 2-3 من الجنود الأمريكيين في العراق سوف لن يرغم الإدارة الأمريكية على الانسحاب، كما يحلم العربان. كذلك يجب أن لا يراهن العرب من أعداء الديمقراطية على موقف الدول الأوربية وخاصة فرنسا، في تعاطفها مع العثيين ورغبتها في إفشال أمريكا في معركتها في العراق. فالحكومات الغربية بدأت تدرك أن ليس هناك دولة في العالم مصونة من شرور الإرهاب الإسلامي-البعثي وأن معركة أمريكا هي معركتهم جميعاً وفشل أمريكا هو كارثة على العالم وهزيمة للحضارة والحداثة وانتصار للإرهاب والهمجية.
فالمعركة ضد الإرهاب هي معركة مصيرية لا تخص أمريكا وحدها، بل تخص كل العالم المتحضر وخاصة الدول الغربية. لذلك، فإذا لم يكف النظام السوري عن نهجه الدموي في مواصلة الإرهاب ضد الشعبين، العراقي واللبناني، فإنه مصيره سوف لن يختلف عن مصير نظام البعث العراقي المقبور، إذ لا بد وأن ينتهي إلى مزبلة التاريخ. ومصير بشار الأسد وعصابته سيكون ذات المصير الذي لقيه رفيقه في الإرهاب صدام حسين وعصابته المجرمة، سينتهون في حفرة حقيرة. كذلك بات شبه مؤكد لمخططي السياسات الغربية، بأنه لا يمكن القضاء على الإرهاب في الشرق الأوسط وحل القضية الفلسطينية ودمقرطة المنطقة ما لم يتم القضاء على النظام السوري البعثي الفاشي كما حصل لتوأمه العراقي الفاشي.
#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل للعقل دور في اختيار الحلول الصائبة؟
-
قراءة في بيان، ليبراليون عرب: صرخة ضد التبسيط
-
لا يمكن-تطهير- كتب التراث..... تعقيباً على الأستاذ أشرف عبدا
...
-
ملاحظات حول الدستور الدائم
-
الماركسية وأفق البديل الاشتراكي
-
الدكتاتور عارياً!!
-
انتصار المرأة الكويتية ترسيخ للديمقراطية
-
أزمة قوى التيار الديمقراطي في العراق
-
مخاطر الحرية المنفلتة
-
شاكر الدجيلي ضحية القرصنة السورية
-
الفتنة أشد من القتل... تضامناً مع العفيف الأخضر
-
تحليل نتائج الانتخابات البريطانية الأخيرة
-
حكومة الوحدة الوطنية وإشكالية المحاصصة
-
فوز بلير التاريخي انتصار للديمقراطية
-
المحاصصة شر لا بد منه!!
-
حملة الانتخابات البريطانية والقضية العراقية
-
محنة العراق وبن سبأ الإيراني
-
فتنة المدائن صناعة بعثية
-
هل البعث قابل للتأهيل؟؟؟
-
ملاحظات سريعة في ذكرى سقوط الفاشية
المزيد.....
-
لثاني مرة خلال 4 سنوات.. مصر تغلظ العقوبات على سرقة الكهرباء
...
-
خلافات تعصف بمحادثات -كوب 29-.. مسودة غامضة وفجوات تمويلية ت
...
-
# اسأل - اطرحوا أسئلتكم على -المستقبل الان-
-
بيستوريوس يمهد الطريق أمام شولتس للترشح لفترة ثانية
-
لندن.. صمت إزاء صواريخ ستورم شادو
-
واشنطن تعرب عن قلقها إزاء إطلاق روسيا صاروخا فرط صوتي ضد أوك
...
-
البنتاغون: واشنطن لم تغير نهجها إزاء نشر الأسلحة النووية بعد
...
-
ماذا نعرف عن الصاروخ الروسي الجديد -أوريشنيك-؟
-
الجزائر: توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال
-
المغرب: الحكومة تعلن تفعيل قانون العقوبات البديلة في غضون 5
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|