محمود سلامة محمود الهايشة
(Mahmoud Salama Mahmoud El-haysha)
الحوار المتمدن-العدد: 4355 - 2014 / 2 / 4 - 02:04
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
8 - تناقض المعاني :
قال امرؤ القيس :
فلو أنّ ما أسعى لأدْنى معيشةْ كفَاني ولم أطلبْ قليلا من المالِ
ولكـنما أسْعى لمجدٍ مُؤثـّلٍ وقدْ يُدْركُ المجدّ المؤثلَ أمثالى
ثم قال في موضع آخر :
فتملأ بَيْتنا أقِـطا وسَمْنا وحَسْبُكَ مِنْ غِنى شِبْعٌ ورىٌ
-----------
- المجد المؤثل : أى الثابت .
- الأقط : وهو اللبن الرائب .
المعنيان في الأبيات غير متناقضان ، كل ما هنالك أنه زاد في أحدهما زيادة لا تنقض ما في الآخر ، حيث وصف نفسه في الموضع الأول بسمو الهمة والسعى للمجد ، وأطرى في الموضع الآخر القناعة والاكتفاء بالشبع والرى ، لكننا نجد البعض يعيب الشاعر ويعتقد وجود تناقض بالمعنيين ، ولو تصفح قول امرىء القيس جيدا ، ما وجد أى تناقض .
-----------
9 - سوء فهم الصيغ البيانية :
كثيرا ما نقرأ عن تداخل المعاني الدال عليها الشعر، وجماع الوصف ان يكون المعنى مطابقا للغرض المقصود ، من مدح ، هجاء ، نسيب ، وصف ، تشبيه أو رثاء .
عاب بعض النقاد ، قولَ مهلهل بن ربيعة :
فلولا الريحُ أسمع من بحجرٍ صليلَ البيض تقرَعُ بالذكور
- مهلهل : من قدامى الشعراء الجاهليين وهو خال امرىء القيس .
- صليل البيض : صوت طنين السيوف .
- الذكور : السيوف ذات الحديد الصلد .
- حجر : موضع ( مكان مدينة الرياض الآن ) .
قد تكون المسافة بين الرياض وحجر طويلة ، بحيث أن الصوت لا يصل ، ولكنها كناية عن شدة الصوت ، أى عيب هنا ؟ ، لكننا نجد أن البعض يعارض من أجل المعارضة فقط .
وقد تكرر ذلك في مواضع عديدة ، كما حدث من طعن النابغة على حسان بن ثابت رضى الله عنه ، في قوله :
لنا الجفناتُ الغرُّ يلمعن بالضُحى وأسيافنا يقطرن من نجدةٍ دما
-----------
الجفنات : جمع جفنة ، وهى القصعة ، تجمع أيضا على جفان .
الغر : البيض .
يلمعن : يشرق .
النجدة : الشجاعة .
حيث يطعنون على حَسّان في قوله : " الغر " وكان ممكناً أن يقول البيض ، لأن الغرة بياض قليل في لون آخرغيره ، وقالوا : فلو أنه قال " البيض " لكان أكثر من الغرة ، وفي قوله " يلمعن بالضحى " ولو قال بالدجى لكان أحسن ، وفى قوله " وأسيافنا يقطرن من نجدة دما " قالوا : ولو قال : " يجرين " لكان أحسن .
وقد وافقتهم في اعتراضهم أول الأمر ، ثم تداركت الموافقة بعد قراءتى لتحليل قدامة فى ( نقد الشعر ص 93 ) حيث يقول :
حسان لم يرد بقوله " الغر " أن يجعل الجفان بيضاً ، لكنه أراد المشهورات ، كما يقال " يوم أغر " و " يد غراء " ، وأما قوله " يلمعن بالضحى " ليس يكاد يلمع بالنهار إلا الشىء الساطع فأما الليل فأكثر الأشياء مما له أدنى نور وأيسر بصيص يلمع فيه ، وأما قول النابغة " يجرين " خير من قوله " يقطرن" لأن الجرى أكثر من القطر ولم يرد حسان الكثرة ، وانما قصد ما يقوله الناس من أن سيفه يقطر دما .
بقلم/ مـاهر عبد الواحـــــد (نشر بتصرف).
#محمود_سلامة_محمود_الهايشة (هاشتاغ)
Mahmoud_Salama_Mahmoud_El-haysha#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟