أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جواد البشيتي - عندما يَسْتَمِدُّون من القرآن شرعية لوجود إسرائيل!















المزيد.....

عندما يَسْتَمِدُّون من القرآن شرعية لوجود إسرائيل!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 4354 - 2014 / 2 / 3 - 22:44
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



كيف يمكن استخدام العقيدة الإسلامية نفسها في جَعْل الفلسطينيين والعرب يتقبَّلون فكرة الاعتراف (أيْ اعترافهم هُمْ) بإسرائيل على أنَّها دولة يهودية، إقليمها (الذي هو القسم الأكبر من أرض فلسطين) مُلْك أبدي لـ "الشعب اليهودي" فحسب؟
الجواب أتى من "شيخ" أردني يُدْعى أحمد العدوان، ويُعرِّف نفسه على أنَّه "عالِم إسلامي"؛ ولقد تزامن جوابه مع جهود يبذلها وزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري لحَمْل الفلسطينيين على قبول اقتراحه أنْ يعترفوا بإسرائيل على أنَّها "وطن قومي للشعب اليهودي"، ولحَمْل إسرائيل، في الوقت نفسه، على قبول اقتراحه أنْ تعترف بالدولة الفلسطينية على أنَّها "وطن قومي للشعب الفلسطيني".
"الشيخ"، الذي لا رادِع يردعه عن "صَهْيَنَة" و"تَلْمَدَة" بعضٍ من أصول العقيدة الإسلامية، قال، في لهجة قائل "وجدتها": لا شيء في القرآن اسمه "فلسطين"؛ والله كتب الأرض المقدسة (أيْ فلسطين) لبني إسرائيل إلى يوم القيامة. ثمَّ خاطَب "المحرِّفين لكلام ربهم"، قائلاً: من أين أتيتم باسم فلسطين، وقد سمَّاها الله "الأرض المقدسة"، وأورثها لهم (أيْ لبني إسرائيل) إلى يوم القيامة؟!
إنَّها لمحاولة سافرة للتأسيس لاعتراف "ديني ـ إسلامي" بحق "دولة الوعد الربَّاني" في الوجود من خلال تفسير وتأويل مُغْرضين لآيات قرآنية تضمَّنتها سورة "المائدة"؛ وهذه الآيات هي: "وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنْ الْعَالَمِينَ. يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ. قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ. قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَداً مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ. قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ. قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ".
هؤلاء، وبثلاثين من الفضة، ارتضوا لأنفسهم أن يكونوا خَدَماً عند "شعب الله المختار"، فزَعَموا أنَّ الله قد كَتَبَ فلسطين لـ "بني إسرائيل"، إذْ قال "يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ"، وأنَّ "عقوبة تحريمها على بني إسرائيل" قد انتهت، إذْ قال "قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ".
في الإصحاح الثاني عشر نقرأ قَوْل "الرَّب" لأَبْرَام: "اذْهَبْ من أرضكَ، ومن عشيرتكَ، ومن بيت أبيكَ، إلى الأرض التي أَريكَ".
أَبْرَام هذا إنَّما كانت له أرض (أو كان له مَوْطِنٌ) غير تلك التي قَرَّر "الرَّب" مَنْحها له، أيْ غير أرض فلسطين؛ ولقد أَمَرَه "الرَّب" أنْ يَتْرُكَ تلك الأرض، وأنْ يَتْرُكَ حتى عشيرته (فـ "الرَّب" لم يَقْلْ له "اذْهَب مع عشيرتكَ"، التي كانت تعيش معه في تلك الأرض) ليَذْهب إلى هذه الأرض الجديدة (التي لم يَعِشْ فيها قَطْ). "الرَّب"، ومن كلِّ تلك الجماعة العرقية، أو العشيرة، اصطفى، واختار، رَجُلاً واحداً فحسب (مع زوجته، وجارية زوجته، وابن أخيه، والنُّفوس التي امتلكها هو وابن أخيه) هو أَبْرام.
وامْتَثَل أَبْرام لأمر "الرَّب"، فذهب أَبْرام، وذهب معه لوط. وكان أَبْرام ابن خمس وسبعين سنة لّمَّا خَرَج من "حاران". وأَخَذ أَبْرام معه امرأته "ساراي"، وأَخَذ معه، أيضاً، لوطاً ابن أخيه، وكل مقتنياتهما التي اقتنيا، والنفوس التي امتلكا في "حاران".
وجاء في الإصحاح نفسه: وخرجوا ليذهبوا إلى أرض كنعان؛ وكان الكنعانيون حينئذٍ في الأرض؛ وظَهَر الرَّب لأَبْرام، وقال: "لِنَسْلِكَ أَعْطي هذه الأرض".
وبحسب الإصحاح نفسه، قال أَبْرام: الرَّب إله السماء الذي أخذني من بيت أبي، ومن أرض ميلادي، والذي كلَّمني، والذي أقسم لي قائلاً: لِنَسْلِكَ أَعْطي هذه الأرض..
أمَّا في الإصحاح الخامس عشر فقال "الرَّب" لأَبْرام: أنا الرَّب الذي أخرجكَ من أَور الكلدانيين ليُعْطيكَ هذه الأرض، لِتَرثَها؛ أَعْلَم يقيناً أنَّ نسلكَ سيكون غريباً في أرض ليست لهم..
"الرَّبُّ" أَقْسَم، وَوَعَد؛ لكنَّه، وفي كلامٍ جامِعٍ مانِعٍ، قال لأَبْرام: إنَّ نسلكَ سيكون غريباً في هذه الأرض (التي منها فلسطين) التي ليست لهم.. (ليست لهم بالمعنى الدِّنيوي لـ "الوطن"؛ وينبغي لكلِّ من استوطن "أرض الميعاد" من اليهود أنْ يقول مُعْتَرِفاً إنَّ فلسطين لم تكن لنا، وهي ليست لنا؛ لكنَّ "الرَّب" هو الذي أعطانا إيَّاها، حتى يتيسَّر عليه، وعلى غيره، تمييز "الحقيقة" من "الوهم"، و"الواقع" من "الخرافة"، في قِصَّة "أرض الميعاد".
وجاء في الإصحاح نفسه: في ذلك اليوم قَطَع الرَّب مع أَبْرام ميثاقاً قائلاً: "لِنَسْلِكَ أَعْطي هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات"؛ فيا له من تَناسُبٍ بين "الجغرافيا" و"الديمغرافيا"؛ فـ "الرَّبُ" مَنَح هذه الأرض الشاسعة (من النيل إلى الفرات) لـ "نَسْل أَبْرام"، والذي بعد عشرات السنين لن يُعَد إلاَّ بالعشرات أو المئات!
ومِنَ الجارية المصرية هاجر (جارية ساراي) جاء الابن الأوَّل لأَبْرام، وسُمِّي إسماعيل.
وفي الإصحاح السابع عشر، قرَّر "الرَّب" تغيير اسم أَبْرام وجعله إبراهيم، وتغيير اسم ساراي وجعله سارة؛ وقرَّر أنْ يجعل سارة تُنْجِب لإبراهيم ولداً، فأنجبت له إسحاق؛ وقرَّر الرَّب أخيراً أنْ يقيم عهده مع إسحاق عهداً أبدياً لِنَسْلِه من بَعْدِه؛ فـ "الأرض الجديدة" أعطاها الرَّب (في عهده الأبدي) لإسحاق، ولِنَسْلِه من بَعْدِ (حارِماً ابن أَبْرام الأوَّل، مع نسله).
والآن، يُعامِلون كل ما أَتَيْنا على ذِكْرِه من "العهد القديم" على أنَّه "مُسلَّمة"، أو "حقيقة لا ريب فيها"، متَّخِذين من هذه النصوص التي يَعوزها الإثبات (العلمي والتاريخي) دليلاً على صِدْق وشرعية المزاعم الصهيونية؛ فأرض فلسطين (على الأقل) هي بـ "أمْرٍ إلهي" مُلْكٌ أبدي لأولئك الذين يزعمون أنَّهم من نَسْل إسحاق.
هذا المذكور (في "العهد القديم") من الأقوال لا يعدو كونه نصوصاً كُتِبَت لَمَّا تهيَّأت فرصة تاريخية لبني إسرائيل القدماء ليقيموا لهم مُلْكاً سياسياً في أرض فلسطين؛ ولقد كتبها زعماء لهم لِيُكْسِبوا سعيهم هذا "شرعيةً دينيةً" لدى أتباعهم. وَلْنَتَذَكَّر أنَّ "العهد القديم (التوراة)" لم يُدَوَّن إلاَّ بعد موسى بمئات السنين؛ وظلَّوا متوفِّرين على تدوينه حتى القرن الثاني قبل الميلاد. وهذه "الشرعية الدينية (الأُسطورية)" هي خير دليل على أنَّ أولئك الذين سعوا قديماً ليبتنوا لهم "دولةً" في أرض فلسطين كانوا مقتنعين تماماً بافتقارهم إلى "الحق القومي والتاريخي" في أنْ تكون لهم "دولة" في فلسطين؛ ولقد غرسوا خرافة "الوعد الرَّباني لأَبرام" في تربة الوعي الديني لجماعتهم حتى يسهل عليهم خَلْق الدافع أو الحافز القوي في نفوس أتباعهم؛ فهؤلاء كان ينبغي لهم أنْ يَفْهموا هذه الخرافة على أنَّها من صُلْب إيمانهم الديني القويم.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حقُّ العودة-.. هل فَقَدَ -واقعيته-؟
- خَبَر غير سار للاجئين الفلسطينيين في الأردن!
- مأساة ثورة!
- حقيقة إشكاليَّة الحقيقة!
- عَصْرُ اضطِّهاد النِّساء لم يَنْتَهِ بَعْد عند العرب!
- دستور لشَرْعَنة الانقلاب!
- سقوط -التأويل العلمي- ل -آيات الخَلْق-!
- ميثولوجيا سياسية!
- -المادية- تُجيب عن أسئلة الدِّين!
- سورية.. صراعٌ ذَهَبَ بما بقي من -يقين-!
- -العامِل الإيراني- في جولة كيري!
- الاستثمار الدِّيني في فرضية -الجسيمات الافتراضية- Virtual Pa ...
- السؤال الذي يَعْجَز الدِّين عن إجابته!
- آدم وحواء.. وثالثهما!
- كيف لِمَنْ يَعْتَقِد ب -آدم وحواء- أنْ يَفْهَم داروين؟!
- البابا فرانسوا: حتى الله يتطوَّر!
- هذا الدليل البسيط على صواب أو خطأ نظرية -تمدُّد الكون-!
- هذا الإحباط الشعبي الثوري!
- ما وراء -أُفْق الكون-!
- عاصفة من -التَنَبُّؤات الفلكية-!


المزيد.....




- ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم ...
- عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي ...
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات ...
- الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ ...
- بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م ...
- مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ ...
- الإمارات تعلق رسميا على مقتل -الحاخام اليهودي-.. وتعلن القبض ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جواد البشيتي - عندما يَسْتَمِدُّون من القرآن شرعية لوجود إسرائيل!