عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)
الحوار المتمدن-العدد: 4354 - 2014 / 2 / 3 - 22:07
المحور:
دراسات وابحاث قانونية
من المقولات التي يحفظها كل مسلم وعربي هي (العدل أساس الملك ) بل اتخذتها بعض الأنظمة العدلية والقضائية شعار تحكم من تحته على منصة تسمى منصة العدالة دون أن تعرف معنى هذه الجملة الصغيرة التي تحتوي في داخلها أعظم نظرية عدل في التأريخ , علينا أن نفهم أن العدل ليس مجرد قانون وقاض وشرطة بل العدل مرتكز الوجود المنتظم الدائم للإنسان وبدون هذا العدل لا يمكن أن ترى قيام سلطة ونظام ودولة بمعنى الملك الذي تشير له المقولة .
سئل الإمام علي ما هو العدل , قال أن تضع الأمور بموازينها أي بمواقعها الحقيقية ,من هذه النقطة نرى أن مجرد وضع الأشياء التي تسيطر وتنظم وتقنن الوجود الإنساني كل في محلها لا نجد هناك ظلم ولا حيف ولا اعتداء ولا تجاوز حق على حق لأن كل شيء يجري وفق ما هو مرسوم له ,حتى في معنى السلطة عندما تحكم نظرية أو سلطة أو أيديولوجية بخلاف القواعد العادلة ستجد أن ميزان العدل انحرف ولا بد من أعادته لموضعه ,أما من خلال منع عوامل الانحراف من الفعل أو دفع المجتمع للدفاع عن قيمة العدل , هنا أصبح كل شيء بموضعه .
لذا فإن من أولى مهمات القوى الطاغية والمنحرفة والتي تعادي الإنسان وتعمل بالضد من مصالحه التي هي مصالح الملك والوجود أن تغير من قواعد العدل وتحصرها في مؤسسة تابعة لها تدافع عن الباطل والانحراف والتزييف باسم العدل وكذلك حرف مفهوم العدل الاجتماعي من خلال تبرير ظلم الإنسان لأخيه الإنسان بجملة من المقولات والنظريات منها عش مظلوم ولا تعيش ظالم وأن الحق لا بد أن ينتصر ولو في الحياة الأخروية وغيرها من المعطيات الفكرية التي تصنعها الأنظمة الظالمة لتعيد الإنسان إلى عالم ما قبل هذه المقولة عالم تتصارع فيه قوى الشر فيما بينها ويترك الحق ضعيفا بلا ناصر لأن كل الجهود والقدرات تسخر في صراع الشر _ الشر.
الأحتكام للعدل الذي رسمته المقولة بأنه الجدار الذي يحمي النظام الاجتماعي ويلخص قضية علاقة الإنسان بالدولة ليس من الأمور بالغة التعقيد ولا من المشكلات التي لا يمكن تحملها أو التعامل معها , على المجتمع ككل نظام وشعب وسلطو أن تؤمن أولا بها بأنها ركيزة الوجود الحق والدائم وأن تؤمن أيضا بالعدل كحق أنساني فوق كل الحقوق , هنا يمكننا أن نتعامل بقضية يمكن أن تتحول إلى قضية تمهيدية ومن المسلمات لأن الإيمان الحقيقي بالعدل يرفع من النفس وتترافع به السلوكيات حتى من محاولة التفكير بالظلم .
إن العدل بهذا التصور هو الركيزة التي لا يمكن لمجتمع أن يبني قوته ويبني لمستقبله أن يتجاوز هذه الحقيقة أو ان يحاول الالتفاف عليها أو التقليل من قيمتها ,هنا يمكننا أن نظيف شرط رابع لمقومات الدولة بعد الشعب والأرض والنظام ,العدل الذي يمكن أن يحمي هذه الشروط ويصونها وقيل قديما الكفر يدوم إن كان عادلا والظلم خراب وأجله قصير.
#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)
Abbas_Ali_Al_Ali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟