|
بين الوظيفة والمشاريع الصغيرة
طاهر مسلم البكاء
الحوار المتمدن-العدد: 4353 - 2014 / 2 / 2 - 21:19
المحور:
الادارة و الاقتصاد
ينشد العراقيون من غير الموظفين ، الحصول على وظيفة ثابتة في الدولة ويضعون هذا الهدف امرا ً مهما ً في حياتهم لأعتقادهم ان ذلك يوفر اسقرارا ً اقتصاديا ً ، وبمناسبة اطلاق وزارة العمل العراقية لبرنامجين ضخمين للقروض الميسرة خاصة بالمشاريع الصغيرة نود في هذه السطور ان نوضخ للأخوة العاطلون عن العمل ان المشاريع الصغيرة يمكن ان تكون افضل بكثير من الوظيفة بقيودها الأدارية والمالية حيث الأرتباط اليومي أغلب اوقات النهار بعمل نمطي يؤدي بالنتيجة الى الملل وموت الأبداع ،كما ان رزقه محدود بالراتب الشهري الذي تتغلب عليه ظروف السوق المتغيرة على الدوام . وقد اثبت القطاع العام عدم قدرته على استيعاب جميع الأيدي العاطلة في البلاد ، ومن غير المعقول ان يكون الجميع موظفين لدى الدولة ،وهنا يبرز دور القطاع الخاص بشكل واضح لأستيعاب افواج العاطلين عن العمل وتوفير فرص عمل كريمة لهم،وهذا ما متبع في دول العالم المتقدم ومنها الدول الكبرى في عالم اليوم ،وتتميز المشاريع الصغيرة في كونها وسيلة جيدة لأيجاد عمل للعاطل ،كما انها من جانب آخر ميسرة وليست بالضخامة التي تحتاج فيها الى كلف ومستلزمات تعجيزية ،فهي تتمييز ببساطتها وبنفس الوقت قابلة للتطور والتوسع الى ابعد مدى فيما لو توفرت ظروف النجاح للمشروع ،وهناك عشرات التعريفات للمشاريع الصغيرة بعضها يعتمد عدد العمال وبعضها مبلغ رأس المال و غير ذلك . فكرتها بابسط صورة هي استثمار مبالغ بسيطة في مشروع تحتاجه المنطقة التي يسكن فيها العاطل صاحب فكرة المشروع أو في منطقة اخرى تتوفر فيها ظروف النجاح، ويعتمد نجاحها على العديد من العوامل من ابرزها : - شخصية صاحب المشروع وامكانيته في ادارة العمل الجديد وايصاله الى مرافئ النجاح . - دراسة منطقية مسبقة حول موائمة المشروع مع المنطقة ووضع نسب متوقعة للنجاح ، فمثلا ً ان مشروع تصوير واستنساخ يجب ان يكون بالقرب من مؤسسات حكومية أو جامعة او ما شابه ،وهكذا الأسواق الغذائية يجب ان تكون قريبة من احياء سكنية أو طريق عام ،ومحلات بيع البذور والأسمدة قريبة من تواجد المزارعون ...الخ ،وعلى كل حال فأن صاحب المشروع يجب ان يبحث باسهاب كيفية تصريف منتجاته . - أخذ المنافسة بنظر الأعتبار، وهي وجود مشاريع مشابه في نفس المنطقة ،فأذا كانت المنطقة واسعة ويمكن ان تستوعب العديد من المشاريع المتشابهه ،فأن تركيز المشاريع في مكان واحد يجعلها مقصد لأعداد كبيرة من المستهلكين، كما في حالة الأسواق المركزية المتجاورة ،والعكس في حالة كون المنطقة صغيرة والقدرة الشرائية محدودة ،فأن زيادة المشاريع المتشابهه في مكان واحد سيكون سلبي حيث من المتوقع تعرضها للفشل لزيادة العرض وقلة الطلب . - العمل المستمر على تطوير المشروع وزيادة نموه ، بدراسة حاجة المستهلك وتلبيتها وتقديم افضل خدمة . وتنشأ أغلب هذه المشاريع مستندة على قروض مالية تقدمها الدولة أو جهات مانحة مثل المنظمات والمصارف الأستثمارية ،وعادة تكون بنسب فوائد بسيطة أو تكاد أن تكون معدومة وبأقساط ميسرة تشجيعا ً للعاطل عن العمل على سلوك هذا الطريق الذي يؤخذ به من وضع البطالة والسلبية في المجتمع الى الى حالة جديدة تجعله شخصية فاعلة لنفسه ولعائلته ويقدم خدمة عامة للمجتمع . وقد نجحت فكرة المشاريع الصغيرة نجاحا ً كبيرا ً دل عليها أنتشارها الواسع في عالمنا اليوم واللجوء اليها في مختلف دول العالم النامية والمتقدمة ،الفقيرة والثرية، كونها وسيلة ناجحة لمعالجة البطالة من جهة كما أنها من جهة اخرى تؤدي خدمة عامة لعموم المواطنين لايمكن للدولة ولا القطاعات الكبيرة القيا م بها ، وهذه المشاريع قابلة للنمو بمجهودات اصحابها الذاتية بعد ذلك والتحول الى قطاعات متوسطة او كبيرة فيما لو توفرت الظروف المناسبة لذلك ، وهناك الكثير من المشاريع العالمية العملاقة قد ابتدأت كمشاريع صغيرة ،ومع ذلك فلا يشترط تحول المشروع الصغير الى كبير ليكون دليل نجاح بل أن نجاحه كمشروع صغير يوفر الغرض الذي أنشأ من اجله في توفير عمل للعاطل وتقديم خدمة لعموم المواطنين ،كما ان انتشار هذه المشاريع بأعداد كبيرة وعلى مساحات واسعة مثل الأحياء السكنية والساحات العامة والأرياف والطرقات العامة وغيرها يجعلها مجتمعة ،من الأهمية ، توازي المشاريع الكبرى في حل مشكلة العاطلين عن العمل ان لم تتفوق احيانا . القروض الميسرة التي تقدم من الدولة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ تقوم أغلب الدول متمثلة في الوزارات المعنية بتشغيل العاطلين ،كوزارة العمل والشؤون الأجتماعية في العراق ، بتقديم قروض ميسرة وبدون فوائد لأعداد كبيرة من العاطلين ،وتحرص على ان تكون الفوائد ضئيلة او معدومة وهذا ما حصل في العراق في عامي 2007 و2008 حيث اعطى المتقدمون من خمسة الى عشرة ملايين دينار عراقي اعتمادا ً على حجم المشروع المقدم من العاطل ،وحاليا ً تعمل الوزارة على اعادة برنامج القروض الميسرة وجعله برنامجا ً مستمرا ً لكل من تشمله الضوابط من العاطلين عن العمل . ومع ان التجربة تلك كانت ايجابية ورائعة وشملت اعداد كبيرة ،غير ان هناك بعض السلبيات التي رافقتها كان من اهمها الضوابط المشددة التي توضع للحصول على القرض مثل الترتيبات الضريبية التي تشمل المشروع وتوفير الكفلاء والحذر الشديد من العاملين على البرنامج حيث ان بعض القروض وعلى الرغم من الضوابط المشددة استخدمت لأغراض اخرى ،اذ يعمد بعض المقترضون الى مشاريع وهمية فيما يتصرفون بمبلغ القرض في امور اخرى كالزواج او شراء دار او شراء سيارة ...الخ ،وتعمد الدولة في اغلب الحالات المكتشفة الى احالة المخالف الى القضاء لأن الهدف من هذه القروض هو معالجة البطالة وتدعيم القطاع الخاص لتقديم اوسع خدمات للمواطنين . وبأيجاز فان تحقق هذه المشاريع على ارض الواقع يحقق : - معالجة البطالة . - تدعيم وتنمية الأقتصاد المحلي . - تقليل نسب الفقر والنهوض بالمستوى المعاشي للعوائل الفقيرة . - ولادة مشاريع هي عبارة عن خدمات يحتاجها المواطن ترهق كاهل الدولة فيما لو انصرفت لها ،كما ان الشركات الكبرى لاتتناولها .
وتواجه هذه المشاريع تحديات وخاصة في بداية المشروع بسبب قلة خبرة القائم بالمشروع وخاصة في عملية التعامل مع السوق وكيفية تصريف منتجاته ،كما ان دول مثل العراق تعتمد اليوم على ملئ السوق بسلع عن طريق الأستيراد الغير مدروس ، يجعل هذه المشاريع المبتدئه في تنافس مباشر مع سلع رخيصة لشركات ودول كبرى ،على سبيل المثال ،توفر السلع الصينية الرخيصة .
#طاهر_مسلم_البكاء (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الفلوجة مفترق طرق
-
كيف تعمل مشروعا ً مستفيدا ً من القروض الميسرة ؟
-
كلام في حضرة الوطن
-
عجائب الكرة العراقية والأتحاد الدولي
-
آفاق جنيف
-
الله اكبر يا عراقي
-
النفاق الغربي بين الحريري وعرفات
-
اختلاف الرايات .. حقيقة ام هرطقة
-
مواجهة داعش ..انتباهة ام دعاية
-
التهميش والحرمان من اسباب ما يحدث اليوم
-
عصر ..انقراض العرب
-
امريكا تغض الطرف عن الأرهاب السعودي الصهيوني
-
تؤخر الموازنة .. من الدولة ام البرلمان
-
التطاول .. دعوة الى الفوضى والأباحية
-
محمد نور وثورة
-
هل كان لخيم الأعتصام ضرورة
-
لكي لا يتحول العراق الى سوريا جديدة
-
انسان اليوم متمدن ام متوحش
-
لماذا يقتل الأنسان أخيه الأنسان
-
استولاد مخلوق غير مسيطر عليه
المزيد.....
-
ارتفاع أسعار القهوة 94% يضرب آخر مناطق الاستهلاك المرتفع بال
...
-
رئيس الوزراء العراقي يؤكد أهمية الشراكة والتكامل مع مصر في م
...
-
-تسلا- تحقق مكاسب بقيمة 600 مليون دولار من -البيتكوين-
-
اقتصاد أوروبا يسجل نموا صفريا على أساس فصلي بالربع الأخير
-
مراقبة كويكب يحتمل ارتطامه بالأرض.. وتحديد موعد الخطر
-
اقتصاد منطقة اليورو ينمو بوتيرة أقل من التوقعات
-
انكماش الاقتصاد الألماني
-
ارتفاع سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار اليوم الخميس
-
داماك: سوق العقارات في دبي يشهد زخماً استثنائياً
-
ارتفاع قوي في أرباح وإيرادات -ميتا- خلال الربع الأخير
المزيد.....
-
دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر
/ إلهامي الميرغني
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ د. جاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|