أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - العشق في الفلسفة














المزيد.....

العشق في الفلسفة


صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 1238 - 2005 / 6 / 24 - 12:21
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


العشق في الفلسفة

إن الحب فعل لإحساس لاشعوري ينتاب الفرد لحظة التقاءه بالطرف الأخر الذي يساهم بهذا الفعل بحالة لاشعورية أيضاً ناتجة عن تواتر روحي تؤسس لعلاقة الحب. وللفعل الشعوري مساهمته من خلال حاسة النظر المتحسسة لسمة الجمال وتفاصيله، وحاسة السمع وما ترصده من صدى للكلمات، وحاسة النطق وما تعبر عنه من أحاسيس، وحاسة اللمس وما تنقله من تواتر للإحساس، وحاسة الشم وما تتحسس من عطر النفس. تلك الأحاسيس الخمسة، لاتفعل فعلها إلا من خلال إيعاز تتلقاه من الروح.
يتساءل ((أفلاطون)) عن مدلول الهوى قائلاً:" ما أدري ما الهوى، غير أني أعلم أنه جنون إلهي لاممدوح ولامذموم".
يعتقد معظم الفلاسفة أن العشق هو فعل لاحق لحالة الحب، فالحب هو ميكانزم العشق الذي يشعل أحاسيس العاشق ويجعلها تنطلق بصورة لا إرادية متجاوزة الضوابط الاجتماعية المسموح بها للتعبير عن حالة فياض مدلولات الحب.
وهناك من الفلاسفة من لايقر بتلازم حالة الحب مع حالة العشق، ويجد أن حالة الحب لاتولد بالضرورة حالة العشق. فالحب حالة قائمة بذاتها، تنمو ضمن إطار وحدود معينة يتحكم بها طرفي العلاقة. ولكن حينما تتجاوز علاقة الحب حدودها المفترضة، تنتقل إلى حالة أخرى أكثر تطوراً من حالة الحب ذاتها لتؤسس لحالة العشق بين الطرفين نتيجة فياض الأحاسيس والعواطف عن حدودها المفترضة.
في هذا الإطار من تنامي حالة الحب، تتحقق حالة العشق متجاوزةً مدلولات وتفاصيل الحب ذاته. وهكذا ترتقي حالة العشق لتصل إلى حالة الهيام والتعلق والاحتواء الروحي المزدوج لمنظومة الأخر.
يرى ((الجاحظ))" أن العشق هو اسم لما فضل عن المقدار الذي اسمه الحب، وليس كل حب يسمى عشقاً. وإنما العشق اسم للفاضل عن ذلك المقدار، كمثل السرف اسم لما زاد على المقدار الذي يسمى جوداً".
وهناك رؤية أخرى لفلاسفة آخرون عن العشق، حيث يجدوا أن حالة العشق لاعلاقة لها بحالة الحب وحدوده، وإنما هي حالة ناتجة عن حالة الفراق بين حبيبين تضرم نار الاشتياق في مساكن النفس المتلهفة لرؤية الحبيب.
وتستعر حالة العشق كلما طال الفراق، لتفعل فعلها المدمر في الروح وما تصدر عنها من ايعازات غير منضبطة لمساكن الجسد. وتلك تفعل فعلها في تدمير الكينونة لتعبر عن حالة المعاناة والقهر الداخلي وتؤسس لحالة جلد الذات، ولايمكن معالجتها أو التقليل من آثارها إلا بانتهاء حالة الفراق والتقاء المعشوقين.
يعتقد ((جالينوس))" أن العشق من فعل النفس، وهي كامنة في الدماغ والقلب والكبد. وفي الدماغ هناك ثلاثة مساكن: التخيل في مقدمة الرأس، والفكر في وسطه، والذكر في مؤخره. ولايطلق اسم عاشق إلا على من فارق محبوبه، ولم يفارق تخيله وفكره، وذكره وقبله وكبده. فيمتنع عن الطعام والشراب نتيجة اشتغال الكبد، ومن النوم نتيجة اشتغال الدماغ وتخيل المحب وذكره والتفكير به، فتكون جميع مساكن النفس قد اشتغلت به، وعند عدم اشتغال النفس بالمحب عند الفراق، لايعد ذلك عشقاً. والعاشق متى التقى معشوقه، خلت مساكنه من الاشتغال".
عليه فإن العشق حالة لرد فعل الحب ذاته، يساهم بها عاملين: تنامي مكونات الحب وخروجها عن حدودها المفترضة، وعامل الفراق الذي يمتد لهيبه ليطال مساكن الجسد. وعموماً أن حالة الحب والعشق وعوامله، هي أفعال لاشعورية تختص بها الروح أكثر من الجسد لكن الأخير يتداعى، بتداعي الروح ذاتها ويتعافى بعافيتها. ولاعلاج لتداعي الجسد من حالة العشق، دون معالجة الروح ذاتها التي لاتستقر ولاتتعافى إلا بلقاء المعشوق!.
لـ ((أبن سينا)) رؤية في العشق يخلصها بقوله:" واجب الوجود عشق وعاشق ومعشوق، ذلك لأن كل جمال ملائم وخبر مدرك فهو محبوب ومعشوق وكلما كان الإدراك أتم والمدرك أشد خبرية كان العشق أتم وأكمل. وإذا كان واجب الوجود مبدأ كل جمال وبهاء واعتدال، كان عاشقاً لذاته ومعشوقاً لذاته، وكونه عشقاً وعاشقاً ومعشوقاً لايحدث في ذاته كثرة، لأنه بإدراكه لذاته من حيث هو خبر محض يكون عاشقاً. ومن حيث هو مدرك لذاته يكون معشوقاً ومن حيث هو خبرية جديدة بأن تعشق يسمى عشقاً فهو إذاً لذاته وبذاته أعظم عاشق ومعشوق".
إن رؤية الفلاسفة لحالة العشق وما ينتاب العاشق، تستند إلى علاقة الحب ومدها ورسوخها في الذات ومدى تأثيرها في منظومة الروح التي تتعاطى مع ترددها لتحل رموزها وصياغاتها بطريقة مخالفة تماماً عن منظومة الحواس الخمس، ومن ثم تصدر ترددها الخاص لتفعل فعلها في مساكن الجسد وتصيبها بداء الروح أسيرة العشق.



#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التشريعات القانونية والمبادئ الدستورية
- الطاغية والسلطة
- ممارسات الطاغية
- شريعة الطاغية
- حاشية الطاغية
- الطاغية والاستبداد
- الطاغية ووعاظ السلاطين
- الطاغية والدين
- الفلسفة وعلم المنطق
- مفهوم الخير والشر في الفلسفة
- الفرق بين العالم والجاهل
- مفهوم الحب عند جلال الدين الرومي
- *الصراع بين السياسي والمثقف: قيم أم مصالح؟
- دولة القبيلة بين القيم والمصالح
- أسلوب المقاومة السلمية ضد الأنظمة المستبدة
- انماط السلوك غير السوي في المجتمعات المقهورة
- الخطاب العلني للقوى المقهورة ضد القوى القاهرة
- لقاء صحافي مع الباحث وخبير المياه في الشرق الأوسط السيد صاحب ...
- سمات الخطاب المستور للقوى المقهورة
- ردًّ الفعل الشعبي ضد ممارسات القهر والاستبداد


المزيد.....




- مدفيديف: الناتو منخرط بشكل كامل في الصراع الأوكراني
- السعودية.. إحباط 5 محاولات لتهريب مئات آلاف حبوب -الكبتاغون- ...
- مصر.. الداخلية تكشف تفاصيل واقعة مصرع عامل دليفري بعد تداوله ...
- اليونيفيل: إصابة 4 جنود إيطاليين من قوات حفظ السلام في جنوب ...
- محمود الهباش: وجود إسرائيل في غزة لن يكتسب شرعية مهما طال
- مشاركة عزاء للرفيق رؤوف الحباشنة بوفاة جدته
- من هو الكاتب بوعلام صنصال وما مصيره منذ وصوله للجزائر؟
- خبير عسكري: الاحتلال يستهدف مربعات سكنية بسبب تعثر عمليته ال ...
- هل اكتشفت أم محمد هوية الواشي بنصر الله؟
- قوات الاحتلال تقتحم جنين ونابلس واعتداءات للمستوطنين في الخل ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - العشق في الفلسفة