الخليل علاء الطائي
الحوار المتمدن-العدد: 4352 - 2014 / 2 / 1 - 16:18
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مبدئياً يعلم القاصي والداني – في أمريكا وفي العراق – بأن النجيفي ورهط القائمة العراقية المنحلة وعلى أنقاضها (متحدون) إنما يمثل وبقية الرهط التيار الخصم في الوضع العراقي حالياً. التيار الطائفي – السني – والبعثي سياسياً, داخل العملية السياسية.. حصان طروادة... الذي يترقب الوقت المناسب لتفجيرها من الداخل و إلإنقضاض عليها بالكامل والعودة بالعراق الى ما قبل 2003 . لاجديد في هذا المدخل إنما في الحراك الذي تقدم به على شكل مبادرة سلمية وتوقيت طرحها . فقد تمخضت عبقريته بشكل مفاجيء بعد عودتهِ من أمريكا, وموضوع وغرض الزيارة كان حول الأنبار وأزمتها ومنع تسليح الجيش العراقي, أو عرقلة ذلك وأمور يعلمها بندر السعودي قبل النجيفي. وتدخل المبادرة ضمن مخطط التآمر والإرهاب , حيث يقود النجيفي شقها السياسي في تعطيل مفاصل الدولة مع بقية حلفائه ومواليه. وفي التوقيت تنسجم الغاية مع الوسيلة, حيث كثرت الدعوات للحلول السلمية, فالحل العسكري وحده لا يكفي !... لايكفي لإنجاز ما فشل الإرهاب في تحقيقهِ. ولو تأملنا مبادرة النجيفي نقف عند مضمونها الحقيقي وغايتها. إذ يُفترض في كل مبادره مُخلصة أن تهدف أولاً الى إنقاذ الشعب من الإرهاب وتطهير مناطقهِ من (دولتهِ) الطائفيه الوهابية ومن يرتبط بها ويواليها, وأن يلتزم صاحب المبادرة الحياد وتقديم المصلحة العامة – مصلحة العراق وأمنهِ ووحدة أراضيهِ ومستقبل شعبهِ – وبالطبع في مقدمة ذلك ضرب الإرهاب وتجفيف منابعهِ وخطوط إمدادهِ وحواضنهِ..
فهل تضمنت مبادرة النجيفي هذه الأهداف ؟ لننظر فيها...
يدعو النجيفي الى وقف إطلاق النار والبدء بحوار مع؟.... مع الآرهابيين ولا أحد غيرهم يرفع السلاح بوجه العراقيين والعملية السياسية الديمقراطية. وإذا تحدث معتوه بغير ذلك فيعني إتساع الأرضية الإرهابية منذ ما عُرف ( بالإعتصامات) ووجود عشائر إرهابية من فصيلة المدعو علي حاتم السليمان.. والفصل الأول من المؤامرة, بعد وقف النار, سحب الجيش من الأنبار وهنا مربط الفرس كما تقول العرب, ولنا في سحب الجيش درس لايمكن نسيانه حيث إستلمت المجاميع الإرهابية مدن الأنبار والفلوجة وأقامت دولتها. وما زالت تحكم في الفلوجة وأماكن أُخرى .والسؤال لماذا الآن وقف النار؟ ولماذا لم يتقدم النجيفي بهذا المشروع قبل قبل هذا الوقت؟ فالمبادرة موجهة للقوات المسلحة أن تنسب وتترك الأنبار...
بعدها يدعو الى الحوار , حوار مع من؟ مع قوى لاشريعة لها غير القتل .. قوى إكتشف العالم همجيتها وتوحشها. أي حوار وهم يصرخون ( قادمون يا بغداد) وينفذون الإعدامات الميدانية أمام الناس. فهل تضمنت المبادرة إنسحاباً للإرهابيين من المدن؟ وهل أشارت الى معالجة إمدادات الإرهاب , والى القوى الداعمة والممولة لهُ, أفراداً أم عشائراً أم دولاً وهي قوى تتحدث بوضوح عن أدوارها الإجرامية؟ مضمون المبادرة لايُوَضح ذلك فإنسحاب الجيش إقرار ببقاء( داعش) وأخواتها وتمهيد الطريق للخطوة التالية التي نصَّت عليها المبادرة المعجزة , بإعتبار هذه الخطوة( السلمية) تؤدي الى (الحل الشامل!) في العملية السياسية... ويعني إسقاطها كما صَّرح بذلك صالح المطلك في أكثر من مناسبة وعلى أكثر من فضائية.
تتضمن المبادرة العفو عن الذين رفعوا السلاح بوجه القوات المسلحة ( دفاعاً عن النفس !) ويقصد منهم العلواني ( الدكتور النائب أحمد العلواني) -كما ورد بالإسم - والعمل على إطلاق سراحهِ , تمهيداً للعفو العام عن المحكومين بجرائم الإرهاب الوارد في مطالب ( أهل الأنبار). فهل يُخفى على أحد ما ترمي إليهِ مبادرة النجيفي؟ وهل تضمنت إسكات الفتاوي التكفيرية, إسكاتها على الأقل وليس معاقبتها؟ وواقع الحال يتطلب أكثر من ذلك... تطبيق القانون وحماية المدنيين والحفاظ على هيبة الدولة وقواتها المسلحة وحقوق ضحايا العمليات الأرهابية ...
في المبادرة طلب تعويض المتضررين من العمليات العسكرية التي تقوم بها القوات المسلحة والأمنية, ويشمل هذا البند قتلى الإرهابيين وبدون الإشارة الى الضحايا الذي قُتلوا على أيديهم ومُثِّلَ وشُهِّرَ بهم! لم تتهم المبادرة جهةً خارجية, وعندما تُطرح هذه التهمة في السابق كان مقصودهم إيران أما في هذه الأزمة الأنبارية فالتدخل المفضوح سعودي الهوية والمال والتدريب لذلك يصمت عنها النجيفي وأعوانه صمت الشيطان الأخرس.
إن ما يرمي إليه النجيفي ليس حل الأزمة, ولا مصلحة العراق ولا مصلحة الأنبار كمنطقة سكانية عراقية مظلومة من قبل الإرهاب يراد لها أن تكون دولة طالبان في الشرق الأوسط الجديد برعاية السعودية وقطر وتركيا وإسرائيل .. الأمر الذي يتنافى مع حقيققة تطلعات الشرفاء والمثقفين من أبنائها. ولايغيب عن بالنا توقيت طرح المبادرة لكسب الأصوات والظهور بمظهر المدافع عن حقوق الأنباريبن ( المظلومين) من قبل جيش الحكومة الصفوية... وحتى لحظة كتابة هذا المقال أسمع من يقول بلسان حال النجيفي ومشروعه الطائفي...أن الجيش يتكون من طائفة الشيعة وقالها في أمريكا علانيةً وطلب من أصحاب القرار الأمريكي التدخل لإبعاد هذا الجيش عن الأنبار وتسليح العشائر, والمقصد تشكيل جيش جديد , مليشيا طائفية بعثية تحظى بدعم الولايات المتحدة الأمريكية, إنسجاماً مع فكرة دعم المعارضات ( المعتدلة) كم في السيناريو السوري. ويبدو أن لعبة النجيفي في أمريكا ومعه الداعشي الآخر المطلك لم تجد إذناً صاغية, فالردود الأمريكية أوضحت الأولوية في تسليح القوات العراقية وتدريبها على محاربة الإرهاب وتزويد القوات الحكومية بالصواريخ وطائرات الأباتشي وتأتي زيارة بيرنز نائب وزير الدفاع للعراق ,خلال اليومين الماضيين, لهذا الغرض وليس لتسليح العشائر في الأنبار كما يشتهي إرهابيوا متحدون. إن مبادرة النجيفي هدفها تمكين الإرهابيين من تنظيم صفوفهم وقواعدهم وكسب الوقت قبل أي معركةِ قادمة تضربهم في عقر دارهم, فضلاً عن تطلعهم الى ( معركة بغداد ) التي تحدث عنها الكاتب محمد عبد الجبار الشبوط في عموده ليوم -29- 1- 2014- من صحيفة (الصباح) العراقية.
ولو كان النجيفي أخذ الضوء الأخضر من الراعي الأمريكي لما تقدم بهذه المبادرة. فالولايات المتحدة لاتريد طالبان شرق أوسطية ولا تريد تقسيم العراق في الحاضر على الأقل.
طرح النجيفي مبادرتهِ بصفتهِ الطرف المتحدث بإسم الإرهابيين وناطقهم الرسمي في الداخل والخارج, وتحقيق أهدافهم في إلغاء دور الجيش وعدم تسليحه وتحويل مركز القوة والقرار, في حفظ الأمن, الى العشائر, في رجعة غير موفقة الى نظام اللاّدولة , وما هي العشائر التي يريد تسليحها؟ أهي العشائر التي تقاتل الى جانب القوات المسلحة وتريد إعادة النظام والقانون لمدن الأنبار.. وهي مزودة بالسلاح وأقسامٌ منها في القوات المسلحة, وبإشراف الحكومة. أم يريد تسليح ما يسمى المجلس العسكري لعلي السليمان ومن لفَّ لفَّهُ؟ فهو على وهم كبير لأن هؤلاء أعدوا أنفسهم منذ سنوات لإحتضان الإرهاب وتمرير مخططاته وجرائمهِ.. والوقت يعمل في غير صالحهم.إذن مالمقصود بتسليح العشائر وأية دولة متخلفة هذه التي تستبدل القوات المسلحة بالعشائر؟
في هذا الوقت تمضي القوات المسلحة نحو تحديث سلاحها وتلتزم بالمهنية وتطبيق القانون , مع إسناد كل القوى الشريفة على الأرض, الأمر الذي يشكل هاجساً وقلقاً للنجيفي والمطلك وغيرهما والذين يعقدون الآمال على المشروع الطائفي – البعثي وعودة الزمن الى الوراء.
المخطط الذي بدأ تنفيذه في باطن ما يسمى ( ساحات الإعتصام ) فشل في تحقيق أهدافه الأساسية, والمعركة القادمة ,- آتيةٌ لاريب فيها- في الفلوجة لتطهيرها من الإرهابيين الذين ينتظرون مصيرهم ومن وقف معهم... و لن تنقذهم المبادرات ولا حراك وجولات أصحابها المشبوهة.....
#الخليل_علاء_الطائي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟