أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - زين اليوسف - قُبلة يهوذا














المزيد.....

قُبلة يهوذا


زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)


الحوار المتمدن-العدد: 4352 - 2014 / 2 / 1 - 08:10
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


"يا يهوذا أبقبلة تسلم ابن الإنسان؟؟"*..عندما قالها المسيح عليه السلام -حسب الرؤية المسيحية- لم يقلها و كأنه كان يجهلها بل لعله قالها و هو على يقين من وقوعها..فالمسيح كان يعلم مُسبقاً بخيانة يهوذا قبل وقوعها..كان يعلمها منذ عشائه الأخير معه و لكنه كان يمنحه الفرصة للتراجع عنها..و كان يعلم بها و هو يقتسم معه الخبز المُقدس كما كان يعلمها أيضاً عندما رأى الملح ينسكب أمامه هو وحده دون سواه.

لماذا لم يتراجع المسيح حينها؟؟..المسيح تصرف مثلنا تماماً عندما نكون في حالة من الاندماج العاطفي مع الآخرين..فمن منَّا يتراجع عندما يعلم باحتمالية خيانة من يحب تجاهه؟؟..و من منَّا يفكر في تلك الاحتمالية أصلاً؟؟..فأغلبنا يظل يراهن على تلك اللحظات المُقدسة بالنسبة إليه و التي تجمعه بذلك الشخص حتى آخر لحظة..يراهن عليها لتحميه من خيانته..و هكذا كما كان رهان المسيح على يهوذا و على حب يهوذا له رهاناً خاسراً نحن أيضاً نكرر ذواتنا مع من هم حولنا بذات الطريقة و لكن باختلاف أسلوب يهوذا معنا.

لعل لهذا السبب تُعتبر يهوذا من الشخصيات المثيرة بالنسبة إلى الثقافة الغربية..و لعله مثال حي على أنه بإمكانك أن تبيع من تعشق و لا بأس أيضاً من أن تقبض الثمن بالفضة و لا بأس أيضاً أن تخبره بخيانتك و أنت في ذات الوقت تخبره بمدى حبك له عن طريق قُبلة على خده كما فعل تماماً يهوذا بالمسيح عليه السلام.

نسبة لا بأس بها من المفكرين المسيحيين ترى أن شخصية يهوذا شخصية لا تستطيع أن تُدينها بشكل كامل رغم وضوح خيانتها..بل يمكنك أيضاً أن تقتنص حالة عدم الإدانة تلك و تعاطف أغلب الرسامين معها من لوحاتهم التي وضعوا فيها تصورهم لها..فأغلب اللوحات التي تصور يهوذا لا تظهر معالم وجهه بشكل شيطاني كما نعتقد أو نتصور..و لكنها تظهره في الأغلب بالمظهر البائس قدر الإمكان!!.

و حتى في فيلم آلام المسيح كانت شخصية يهوذا شخصية بائسة لا يمكنك إلا أن تشفق عليها من مواجهتها لمعضلة الدنانير الفضية بالإضافة إلى حيرته وشكه تجاه حقيقة ألوهية المسيح..و في الأغلب ستشفق على مصير يهوذا المأساوي الذي قاده في النهاية إلى الجنون بسبب الخوف و الندم و من ثم معاقبته لنفسه بالانتحار..بل و قد تتمنى لو مُنح فرصة ثانية لتصحيح خطأه.

حتى في الثقافة الإسلامية لا تجد كراهية أو حتى إدانة عميقة لتصرف يهوذا..ما تجده هو مجرد إدانة عابرة تتلخص بكلمة "خائن" و لكنك لن تجد على الأغلب من يصفه بأكثر من ذلك و لن تجد من يصفه بصفات شيطانية..بالرغم من أنه في الرواية الإسلامية للأحداث كان هو من صُلب عوضاً عن المسيح..و هذه فرصة لا تعوض لنا لنمارس هوايتنا في الشماتة تجاهه و لكننا لم نمارسها بالرغم من ذلك!!.

لعل سبب الإجماع على هذا التعاطف مع يهوذا يرجع إلى أننا بشكل أو بآخر في مراحل حياتنا نظل نتنقل بين المسيح و بينه..فأحياناً نحن المسيح بتسامحه مع من يغدر به و بقبوله لخيانة الآخرين له كواقع "مُبرر"..و أحياناً أخرى نحن يهوذا بإنسلاب إرادة مؤقت يؤدي إلى ارتكاب الخيانة تجاه أكثر الناس قُرباً إلى قلوبنا.

لعل لهذا السبب لم نمارس -كما لم يفعل غيرنا- طوال مئات السنين أي إدانة تجاه يهوذا لأننا لا نريد أن نكون قاسيين تجاهه كي لا يصبح الآخرون يوماً ما كذلك تجاهنا عندما نصبح مثله..و لا نريد أن ننزع قُدسية قبلة يهوذا وما تمثله بالنسبة لنا لأنها في نهاية الأمر دليل على أننا مجبرون على الخيانة و لكن ما دفعنا إليها هو الدنانير الفضية التي كانت أكبر منا و التي "قد" تكون قبلتنا أكبر منها لدى الآخر.

*إنجيل لوقا-الإصحاح 22-الآية 48.



#زين_اليوسف (هاشتاغ)       Zeina_Al-omar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دستور و مثلَّية و سرير – 2
- دستور و مثلَّية و سرير - 1
- لا عذراوات في بلدي
- لو كان الله رجلاً
- اغتصاب سلفي
- أولويات مريم العذراء
- بضعة رجال عُقماء
- الإلحاد في اليمن..اختيار يُحترم أم رِدة لا تُغتفر؟؟ - 3
- الإلحاد في اليمن..اختيار يُحترم أم رِدة لا تُغتفر؟؟ - 2
- الإلحاد في اليمن..اختيار يُحترم أم رِدة لا تُغتفر؟؟ - 1
- أن تكون جنوبياً فهذا يعني
- الرسول عاشقاً
- مُنادي الرب -قصة-
- في بلد العُميان
- 3..2..1..أكشن
- أحبكِ و كفى -قصة-
- ردة الله
- القُبلة الأولى
- القافلة تسير و نحن ننبح
- بين ساقيَّ أنثى


المزيد.....




- لاستعادة زبائنها.. ماكدونالدز تقوم بتغييرات هي الأكبر منذ سن ...
- مذيع CNN لنجل شاه إيران الراحل: ما هدف زيارتك لإسرائيل؟ شاهد ...
- لماذا يلعب منتخب إسرائيل في أوروبا رغم وقوعها في قارة آسيا؟ ...
- إسرائيل تصعّد هجماتها وتوقع قتلى وجرحى في لبنان وغزة وحزب ا ...
- مقتل 33 شخصاً وإصابة 25 في اشتباكات طائفية شمال غرب باكستان ...
- لبنان..11 قتيلا وأكثر من 20 جريحا جراء غارة إسرائيلية على ال ...
- ميركل: لا يمكن لأوكرانيا التفرّد بقرار التفاوض مع روسيا
- كيف تؤثر شخصيات الحيوانات في القصص على مهارات الطفل العقلية؟ ...
- الكويت تسحب جنسيتها من رئيس شركة -روتانا- سالم الهندي
- مسلسل -الصومعة- : ما تبقى من البشرية بين الخضوع لحكام -الساي ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - زين اليوسف - قُبلة يهوذا