نجم الدليمي
الحوار المتمدن-العدد: 1237 - 2005 / 6 / 23 - 12:32
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
مأثرة الشعب السوفييتي في 1418 يوما
0 بمناسبة الذكرى الستين للانتصار على الفاشية )
الدليل والبرهان
بقلم الدكتور . نجم الدليمي
"الحرب اختبار لجميع القوى الاقتصادية والتنظيمية لكل أمة"
لينين
الحلقة الاولى
مقدمة
في 9/5/2005 تحل الذكرى الستون للانتصار على الفاشية الألمانية. وبهذه المناسبة تحتفل الأحزاب الوطنية والتقدمية واليسارية والشعوب بهذا الانتصار الكبير الذي حققه الشعب السوفييتي تحت قيادة الحزب الشيوعي السوفييتي برئاسة يوسف ستالين, والذي ألحق أكبر هزيمة بالإمبراطورية الألمانية الفاشية وسحقها في عقر دارها وأنقذ شعوب العالم أجمع من خطر الفاشية, هذا الطاعون والخبيث الذي ولدته الرأسمالية العالمية.
أولا: الماركسية- اللينينية والحرب
تقر الماركسية- اللينينية بوجود نوعين من الحروب: عادلة وغير عادلة. وقد خاض الشعب السوفييتي حربا وطنية عادلة في الفترة من حزيران عام 1941 إلى أيار عام 1945, وتم تحرير البلاد وطرد الغزاة الألمان. وهذه الحرب العادلة كانت تحمل طابعا ايديولوجيا وطبقيا, وشكلت أكبر امتحان واشتباك حربي بين الاشتراكية والرأسمالية.
ليست الحرب ظاهرة ملازمة وحتمية للمجتمع البشري, بل ظهرت بظهور الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج, أي بظهور المجتمعات الطبقية. .وهذه الحروب غير العادلة أخذت تحمل طابعا عدوانيا وشرسا. إنها ظهرت في المجتمعات العبودية والإقطاعية والرأسمالية, وكلما تطور شكل الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج رافقها تطور في عدوانية وهمجية هذه الحروب غير العادلة.
هذه الحروب وليدة للتناقضات الاجتماعية والاقتصادية في المجتمع الطبقي. والهدف الرئيسي من هذه الحروب غير العادلة هو الاستحواذ على ثروات الشعوب لصالح الطبقة الحاكمة بهدف بسط نفوذها السياسي والاقتصادي والأيديولوجي على هذه الشعوب, بدليل أن السلام لم يسد من أصل 3421 سنة من تاريخ المجتمع البشري سوى 268 سنة, أما بقية السنوات فكانت مسرحا للحروب غير العادلة. ولم تمر منذ عام 1968 ولغاية اليوم سنة واحدة من دون إشعال هذه الحروب غير العادلة سواء على النطاق المحلي أو الإقليمي أو العالمي(1).
يرجع أحد أهم الأسباب للحروب غير العادلة في ظل النظام الرأسمالي, وخاصة في مرحلته المتقدمة الإمبريالية, إلى تفاقم واشتداد حدة التناقضات والصراعات بين الدول الإمبريالية نفسها, وإلى اشتداد الصراع والتناقض الاقتصادي- الاجتماعي والأيديولوجي داخل كل بلد رأسمالي وفشل النظام الإمبريالي العالمي في معالجة أزماته الدورية والحتمية بالطرق السلمية, وأصبح أسلوب إشعال الحروب غير العادلة أحد أهم الأساليب القذرة لتصريف أزمة هذا النظام البربري والمتوحش. وما نعيشه ونراقبه اليوم خير دليل ملموس على هذا.
ساعد تفاقم واشتداد حدة الصراعات الاقتصادية والاجتماعية بين الدول الرأسمالية نفسها على خلق كل الظروف المساعدة لنمو وتطور الفكر الفاشي الرجعي. الفاشية هي الوليد الشرعي النابع من رحم النظام الإمبريالي العالمي, وهي تمثل أيضا تكريسا للظلام والإرهاب والاستغلال وإبادة الشعوب. وبسبب هذه الأزمات وصل النازيون الألمان وغيرهم إلى السلطة.
لكل حرب مضمون سياسي وإيديولوجي واقتصادي. ولا يمكن أن تكون الحروب خارج هذه المحددات الأساسية. وكان جوهر برنامج هتلر يكمن في هيمنة ألمانيا على أوربا والقضاء على الاتحاد السوفييتي وتوسيع السلطة الألمانية وهيمنتها على أميركا وآسيا وأفريقيا, وتحويل الرايخستاغ الثالث إلى إمبراطورية عالمية, والاستحواذ على خيرات الشعوب ونهبها وقيادة العالم. هذه هي أهم الأهداف للإمبراطورية الألمانية الفاشية(2). أما هدف الإمبريالية الأميركية من حربها الثالثة "الباردة" وحربها الرابعة, فيكمن في الاستحواذ على خيرات الشعوب, وخاصة منابع النفط, وتقويض الاتحاد السوفييتي والقضاء على الشيوعية وقيادة العالم. والخطر على العالم في الفترة من عام 1946 حتى عام 1991 لم ينبع من الاتحاد السوفييتي, بل كان ولا يزال ينبع من النظام الإمبريالي العالمي بقيادة الإمبريالية الأميركية.
يعتبر القرن العشرين, كما هو معروف, من أكثر القرون دموية في عمر النظام الإمبريالي العالمي, اذ شهد القرن العشرون ثلاث حروب عالمية تحمل طابعا اقتصاديا وإيديولوجيا وعسكريا...وهي الحرب العالمية الأولى (1914-1918) وذهب ضحيتها 10 ملايين قتيل و20 مليون جريح ومعوق, وبلغت كلفتها المادية 388 مليار دولار, والحرب العالمية الثانية (1939- 1945), حيث بلغ عدد الضحايا البشرية ما بين 45 و50 مليون قتيل, وعدد الجرحى والمشوهين ما لا يقل عن 100 مليون شخص, وبلغت كلفتها المادية 4 ترليونات دولار, أما الحرب العالمية الثالثة المسماة "الحرب الباردة" والتي امتدت من عام 1946 إلى عام 1991فقد بلغت كلفتها المادية ما بين 13 و15 ترليون دولار(3). وبدأت الحرب العالمية الرابعة بعد غياب الاتحاد السوفييتي وأخذت طابعا "علنيا وشرعيا"!! منذ عام 2001 ولغية اليوم, وهي حرب غير عادلة أشعلتها الامبريالة الأميركية وحلفاؤها ضد غالبية شعوب العالم وتحت "مبدأ" "من ليس معنا فهو ضدنا", وتحت شعار "مكافحة الإرهاب الدولي", هذه الخرافة الوهمية والمفتعلة التي ينطبق عليها المثل أو الحكمة الصينية القائلة "من الصعب الإمساك بالقط الأسود في غرفة مظلمة, وخاصة إذا كان القط غير موجود أصلا".
النظام الإمبريالي العالمي وقوى الثالوث العالمي هي المسؤولة عن إشعال الحروب العالمية غير العادلة التي نشبت في القرن الماضي وفي بداية القرن الحادي والعشرين. وفي هذا الصدد يشير لينين إلى أن "النصر يرتهن في أية حرب في نهاية المطاف بحالة همة الجماهير التي تهدر دماءها في ساحة الوغى", وأكد قائلا: "إذا بلغ الأمر حد الحرب يجب أن يخضع كل شيء لصالح الحرب, ويجب أن تخضع حياة البلاد برمتها للحرب, ولا يجوز أدنى تهاون بهذا الشأن", كما قال إن "الحرب ينتصر فيها الذي عنده مزيد من الاحتياطات ومزيد من مصادر القوة ومزيد من الصمود في وسط الشعب".
ثانيا: لماذا أعلنت الحرب؟ مما هو هدفها؟
لكل شعب من شعوب العالم مآثر سواء أكانت اقتصادية أم عسكرية أم ثقافية أم سياسية وغير ذلك. وهذه المآثر التاريخية أدت وستؤدي دورا إيجابيا كبيرا في حياة هذا الشعب أو ذاك. ولا يمكن إلغاء أو محو أو تزوير هذه المآثر الكبرى. ومهما حاولت الأقلام الصفراء وخونة الشعوب من تشويه هذه المآثر, فإن مصيرهم الفشل, ومصيرهم في المستنقع ومزبلة التاريخ. ويعد الحصول على الاستقلال السياسي وتحرير الشعب من الظلم والعبودية والدكتاتورية والفاشية والحصول على الحرية وغير ذلك مأثرة كبرى لهذا الشعب أو ذاك. ولكل مأثرة وزنها وتأثيرها الخاص في مسيرة التاريخ البشري. ومن ذلك, على سبيل المثال, ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى عام 1917 والانتصار على الفاشية الألمانية (1941- 1945) وثورتا العشرين و14 تموز في العراق وانتصار الشعب الصيني والشعب الفيتنامي... لكل هذه المآثر والأحداث السياسية طابع محلي وعالمي في آن واحد. وقد أدت هذه المآثر الشعبية دورا رئيسيا في تغيير موازين القوى السياسية عالميا, وخاصة ثورة أكتوبر والانتصار على ألمانيا الفاشية عام 1945.
دل انتصار الشعب السوفييتي في حربه الوطنية العظمى العادلة على حقيقة موضوعية, وهي أنه لا توجد قوة مهما كانت تقهر وتروض الشعوب, ومنها الشعب السوفييتي.
يرجع نشوب الحرب العالمية الثانية إلى ظهور الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والفكرية التي اجتاحت النظام الإمبريالي العالمي, وخاصة الولايات المتحدة الأميركية, بدليل انخفاض الإنتاج الصناعي الأميركي في عام 1933 بنسبة 64 بالمائة مقارنة بعم 1929, وانخفض الإنتاج الصناعي الفرنسي والبريطاني بنسبة 81 و88 بالمائة على التوالي. وبلغ عدد العاطلين عن العمل في البلدان الرأسمالية 30 مليون عامل منهم 13 مليون عاطل عن العمل في أميركا و5 ملايين في ألمانيا و2600000 عامل في بريطانيا(4). وكان الصراع داخل النظام الإمبريالي العالمي بين الكتلتين الإمبرياليتين: ألمانيا وإيطاليا واليابان من جهة, وأميركا وبريطانيا وفرنسا من جهة أخرى كان أحد أهم الأسباب الرئيسية لاندلاع الحرب العالمية الثانية.
قال هتلر في 30/3/1941: "مهمتنا حيال روسيا هي سحق قواتها المسلحة والقضاء على الدولة". ولا بد, حسب خطة “ost” ("أوست") الألمانية من "إضعاف الشعب الروسي إلى درجة تجعله غير قادر على عرقلة... بسط السيطرة الألمانية على أوربا"(5).
لقد استطاع الحلف الفاشي بقيادة ألمانيا الهتلرية والذي ضم كلا من إيطاليا واليابان وبلغاريا وهنغاريا ورومانيا وفنلندا... احتلال بولونيا في خلال 35 يوما, والدانمرك في خلال يوم واحد, والنروج وبلجيكا وهولندا ولوكسمبورغ...في خلال فترة قصيرة , وهزم الجيش البريطاني, إلا أنه لم يحتل بريطانيا. وسرعان ما استسلمت فرنسا. وأصبحت أوربا في صيف عام 1941 تحت سيطرة الحلف الفاشي بقيادة ألمانيا الهتلرية(6). أي, بمعنى آخر, لم تقف أوربا وشعوبها أمام الغزو الألماني الفاشي إلا لحظات . وأصبح كل اقتصاد أوربا المحتلة يعمل لصالح استمرار الطاحونة الهتلرية الفاشية.
كان الهدف الرئيسي لهتلر في حربه غير العادلة ضد الشعب السوفييتي استئصال الفكر الشيوعي والقضاء على السلطة السوفييتية والاستحواذ على خيرات الشعب السوفييتي. وكذلك كان هتلر يهدف أيضا إلى احتلال دول الخليج النفطية التي كانت تحت الهيمنة البريطانية حينذاك وإقامة ما يسمى بالنظام العالمي الجديد, وأساسه الإيديولوجي الفاشية. وبهذا الخصوص يشير البرفسور في التاريخ الجنرال دميتري فولكاغونوف إلى أن "أيديولوجيا الفاشية , التي تكون الأساس النظري والسياسي لمذهب الإمبريالية الألمانية العسكري, هي أكثر أصناف الإيديولوجيا البرجوازية رجعية. وتنعكس فيها بوضوح الأزمة الروحية للنظام الرأسمالي بأكمله...وإن معاداة الشيوعية هي النواة الاجتماعية السياسية لإيديولوجيا الفاشية... ولا يجوز نسيان أن أيديولوجيا الفاشية هي مجرد واحد من الأصناف المتطرفة لآراء الرأسمال الاحتكاري"(7).
وهدف الإمبريالية الأميركية من إشعال حربها العالمية الرابعة بذريعة "مكافحة الإرهاب الدولي" يكمن بالدرجة الأولى في العمل لتقويض وتخريب الحركة الشيوعية العالمية بكل السبل الممكنة "السلمية" و"غير السلمية" والاستحواذ على خيرات وثروات شعوب العالم , وخاصة منابع النفط, وإقامة ما يسمى بالنظام العالمي الجديد تحت قيادتها, أي السيطرة على العالم؟!
يشير الجنرال فاليري فارينيكوف, عضو مجلس الدوما (البرلمان) والمشارك في الحرب الوطنية العظمى, إلى أن قيادة البلاد حصلت على معلومات تؤكد استعداد ألمانيا الهتلرية للهجوم على الاتحاد السوفييتي, وحصلت قيادة الاستخبارات العسكرية السوفييتية في عام 1941 على معلومات بأن ألمانيا بدأت بالاستعداد لتجهيز 80 فرقة عسكرية وتوجيهها نحو الحدود السوفييتية. وفي شهر أيار عام 1941 زاد عددها إلى 120 فرقة عسكرية. وكان وزير الإعلام الألماني غيلبيز يؤكد أن هذه القوات ستكون أداة ضغط رئيسية في يد هتلر من أجل ممارسة الضغوطات على السلطة السوفييتية بهدف توقيع اتفاقيات تجارية. وسيناقش هتلر قريبا هذا الموضوع مع ستالين.
في 16/6/1941 حصل الكرملين على برقية من ألمانيا جاء فيها أن "كل الاستعدادات العسكرية الألمانية تؤكد الهجوم على الاتحاد السوفييتي, ويمكن القيام بذلك في أي وقت"!!
كان الوضع الدولي في تلك الفترة حرجا ومعقدا, فالمد الفاشي في ألمانيا يتصاعد , وأزمة النظام الرأسمالي تتعمق أكثر وأكثر, وتشدد الصراعات والتناقضات داخل المعسكر الإمبريالي العالمي. وكان الاتحاد السوفييتي الدولة الوحيدة التي تقاوم الوحش الإمبريالي الألماني الفاشي, سيما وأن روسيا قد خرجت من الحرب العالمية الأولى (1914- 1917) والحرب الأهلية (1918- 1922).
ولد هجوم هتلر على بريطانيا بالسلاح الجوي اعتقادا لدى القيادة السوفييتية بأن هتلر لن يقاتل على جبهتين في آن واحد, أي ضد بريطانيا والاتحاد السوفييتي. وفي آذار عام 1941 نوه الجنرال ف. غوليكوف رئيس دائرة الاستخبارات العسكرية السوفييتية بضرورة تعزيز الحدود الغربية للاتحاد السوفييتي بالقوة العسكرية , مؤكدا وجود معلومات تشير إلى أنه تم تشكيل ثلاث مجموعات من الجيش الألماني حددت لكل مجموعة منها مهمة محددة , وهي توجيه ضربة عسكرية إلى موسكو ولينينغراد وكييف, وأبلغ القيادة السوفييتية باحتمال بدء الهجوم العسكري الألماني على الاتحاد السوفييتي في غضون 15/5-15/6/1941!!
وفي أبريل عام 1941 أبلغ السفير البريطاني وزير الخارجية السوفييتي مولوتوف بأنه لا يستبعد إمكانية عقد معاهدة سلام بين بريطانيا وألمانيا وفق شروط هتلر, وهذا يعني, من حيث المبدأ, أن الاتحاد السوفييتي سيكون وجها لوجه في حربه مع ألمانيا الفاشية. وفي 10/5/1941 سافر غيس, الشخص الثالث في ألمانيا, إلى بريطانيا, وفي خلال الزيارة تم إيقاف اقصف الجوي الألماني لبريطانيا!!
كان ستالين يتصور أن الهدف من الموقف البريطاني هو دفع ألمانيا النازية إلى إعلان الحرب على الاتحاد السوفييتي. وكان ستالين يريد إبعاد (تأجيل) الحرب ولو لمدة سنة من أجل استكمال الاستعدادات العسكرية لمواجهة ألمانيا النازية, كما كان يتوقع أن ألمانيا لن تبدأ الهجوم على الاتحاد السوفييتي بسبب وجود اتفاق عدم اعتداء بين الدولتين!!
بدأ العدوان الألماني الفاشي عل الاتحاد السوفييتي في 22/6/1941. وقبل ذلك أصدر ستالين مرسوما للجيش السوفييتي بتهيئة الجيش لخوض الحرب العادلة والدفاع عن الوطن الاشتراكي. ومرسوم ستالين هذا نفذته القيادة العسكرية السوفييتية, ولا سيما المارشال تيموشينكو وجوكوف. وكان هتلر وجنرالاته الفاشيست يعتقدون أنهم سيحققون النصر العسكري على الاتحاد السوفييتي في غضون 3-4 أشهر, وبالتحديد من 22/6/1941 وحتى أكتوبر عام 1941, قبل حلول فصل الشتاء القارس, وبعد ذلك يحقق هتلر هدفه في قيادة العالم؟!
خصص هتلر لاحتلال لينينغراد 650 ألف عسكري مع آلياتهم الحربية من طائرات ودبابات.., وموسكو مليون و200 ألف عسكري وأكثر من 1600 طائرة حربية وفرقتي دبابات, وكييف 950 ألف عسكري وفرقة من السلاح الجوي, أي أن هتلر أعد وهيأ في بداية هجومه عل الاتحاد السوفييتي 5000 طائرة حربية 4500 دبابة و50 ألف مدفع ومدفع رشاش... وتم في خلال فترة قصيرة احتلال جمهوريات البلطيق وجزء كبير من أراضي جمهورية بيلوروسيا وأوكرانيا ومولدافيا. وكان الجيش الألماني يتحرك مسافة 20- 30 كيلومترا في اليوم. وكانت القيادة الألمانية تتصور أن الهجوم العسكري المكثف سيساعد على تفكك الاتحاد السوفييتي إلى دويلات, كما راهنت القيادة الألمانية على تأجيج الصراعات القومية داخل الاتحاد السوفييتي لتحقيق هدفها(8).
كانت الحرب غير العادلة التي شنتها الإمبراطورية الألمانية الفاشية على الاتحاد السوفييتي حربا إيديولوجية بشكلها ومضمونها. وقد بدأ هتلر قبل إعلان هذه الحرب يصرح بأن القوات السوفييتية اخترقت حدود الدولة الألمانية, وبأن الخطر البلشفي يهدد ألمانيا والعالم أجمع؟! (وهذا ما فعلته أميركا في حربها العالمية الثالثة (الحرب الباردة"), حينما ادعت وجود "خطر شيوعي" وخطر سوفييتي"...على العالم). ومن واجب الشعب الألماني إنقاذ الثقافة العالمية من "الخطر الشيوعي"!! وأعلن هتلر للعلم أجمع أن صراعه مع الاتحاد السوفييتي ضروري لألمانيا وللعلم قاطبة؟!
وفي هذا الصدد قال تشرشل رئيس وزراء بريطانيا يوم بدأ هجوم هتلر على الاتحاد السوفييتي: "لم يكن أحد معاديا صريحا وواضحا للشيوعية مثلى, وأنا لم أسحب كلامي هذا الذي قلته أو أتراجع عنه, ولكن كلامي لن يضطلع اليوم بأي دور. لدينا هدف واحد فقط لا يمكن أن نتراجع عنه تحت أي ظروف كانت. لن نقوم بمباحثات مع هتلر وذريته . وإذا كان هتلر يعتقد أن هجومه على روسيا السوفييتية سيخلق لدينا شعورا من أحل تغيير موقفنا, فهو على خطأ وضلال مبين"(9). وهذا يعني أن تشرشل أدرك بنفسه أن الخطر على الثقافة العالمية لا ينبع من الشيوعية, بل من ألمانيا الفاشية.
يشير البروفسور في علم الفلسفة ستيبان تيوشكيفيتش إلى أن "الحرب العالمية هي أكبر مواجهة مسلحة بين كتلتين في التاريخ. وقد شارك فيها من الطرفين ما يربو على 60 دولة وأربعة أخماس سكان الكرة الأرضية. وجرت العمليات الحربية في أراضي 40 بلدا. وحمل السلاح ما يربو على 110 ملايين شخص... وبحلول نهاية الحرب العالمية الثانية كانت القوات المسلحة تضم أكثر من 50 مليون شخص و360 ألف مدفع هاون وما يربو على 50 ألف دبابة وحوالي 120 ألف طائرة"(10).
ثالثا: مراحل الحرب العالمية الثانية
المرحلة الأولى: بدأت هذه المرحلة في 1/9/1939 وامتدت إلى حزيران عام 1941. وقد قامت ألمانيا في خلال هذه المرحلة باحتلال بولونيا والنرويج وبلجيكا وهولندا.., أي أنها سيطرت على معظم دول أوربا, وبدأ الاقتصاد الأوربي يعمل لصالح الحرب غير العادلة التي أشعلها هتلر.
المرحلة الثانية: امتدت هذه المرحلة من 22/6/1939 إلى 18/11/1942, وبدأت بالهجوم على الاتحاد السوفييتي, حينما جهزت ألمانيا 70 بالمائة من أفراد القوات المسلحة الألمانية و86 بالمائة من سلاح الدبابات و75 بالمائة من المدفعية وغير ذلك.
المرحلة الثالثة: بدأت هذه المرحلة في 19/11/1942 وانتهت في 31/12/1943 وتميزت بالهجوم العسكري المضاد الذي شنه الجيش الأحمر ضد الغزاة الألمان. وقد تم تدمير 330000 مجموعة عسكرية ألمانية . وأهم معارك هذه المرحلة معركتا ستالينغراد وكورسك...
المرحلة الرابعة: استمرت هذه المرحلة من 1/1/1944 إلى 9/5/1945, وتميزت بكون الجيش الأحمر حرر البلاد السوفييتية من قوات الغزو والاحتلال وحقق النصر على ألمانيا النازية. وفي هذه المرحلة استسلمت برلين بلا قيد أو شرط أمام القيادة السوفييتية.
المرحلة الخامسة, وبدأت في 9/5/1945 وانتهت في 2/9/1945 باستسلام الإمبراطورية اليابانية إزاء ضربات الجيش الأحمر السوفييتي. والغريب أن أميركا قامت في 6/8/1945, بعد استسلام القيادة اليابانية, بقصف مدينة هيروشيما بقنبلة ذرية, ثم قصفت مدينة ناغازاكي, وذهب ضحية ذلك أكثر من 300 ألف مواطن ياباني.
نعتقد أن إجراء الحكومة الأميركية وقرار الرئيس الأميركي ترومان بقصف المدينتين اليابانيتين كانا يهدفان بالدرجة الأولى توجيه رسالة غير مباشرة إلى القيادة السوفييتية تحذرها من احتمال تكرار ذلك على الاتحاد السوفييتي.
أدركت القيادة السوفييتية, ولاسيما ستالين, المغزى العسكري الأميركي لإجراء الحكومة الأميركية غير الإنساني المتمثل في قصف المدينتين اليابانيتين بعد استسلام اليابان بدون قيد أو شرط, فطلب ستالين على الفور من العلماء السوفييت صنع قنبلة ذرية بأسرع وقت. وقام ستالين بتوفير كل المستلزمات الضرورية المادية وغير المادية لتحقيق الهدف. وفي غضون سنتين تم صنع القنبلة الذرية بالرغم مما حل من خراب ودمار اقتصاديين- اجتماعيين وعسكريين بسبب العدوان الفاشي الألماني. وكانت تقديرات الخبراء الأميركيين أن الاتحاد السوفييتي لن يستطيع امتلاك القنبلة الذرية إلا بعد 10- 15 سنة. وفي 6/11/1947 أعلن الاتحاد السوفييتي امتلاكه القنبلة الذرية.
الحلقة الثانية
"لقد خضنا حربا وطنية وتحررية وعادلة"
ستالين
رابعا: قوة الاقتصاد الاشتراكي أساس الانتصار
يقول لينين: يجب علينا أن نخلق مثالا لا يقنع بالأقوال فقط, بل يظهر بالأفعال أيضا أن المهمة الرئيسية تكمن في مجال البناء الاقتصادي. كما أكد أيضا أن "على بلد السوفييتات أن يظهر ذاته ويذود عن نفسه مواجها العالم... لا كقوة تقدر على إبداء المقاومة للخنق العسكري فحسب, وإنما
كقوة تستطيع أن تضرب مثالا".وحذر لينين من أن البرجوازية لا تترك البلاد السوفييتية وشأنها, وإنما تبذل قصارى جهدها للقضاء عليها, وقد يكون العصر عصر حروب (حروب بالذات, لا حرب واحدة) يفرضها على روسيا السوفييتية الغزاة. وهذا أمر ممكن.
يشير البروفسور فاديم زغلادين إلى وجود 4 مراحل للتطور الاقتصادي- الاجتماعي في الاتحاد السوفييتي, وهي:
المرحلة الأولى:وهي مرحلة ما بعد ثورة أكتوبر(1917-1929) التي ترتب فيها على الاشتراكية البرهنة على قدرتها على البقاء, وعلى الطبقة العاملة السوفييتية أن تعرض عمليا لا مقدرتها على تنظيم الإنتاج بدون الرأسماليين فحسب, بل وإدارته على نطاق الدولة العملاقة. وقد أنجزت هذه المهمة, الأمر الذي ضمن أول انتصار للاشتراكية, والذي ارتدى أهمية تاريخية عالمية.
المرحلة الثانية: وتشمل فترة الثلاثينات والأربعينات. وقد تميزت بالتصنيع, وأثبتت قدرة الدولة السوفييتية على تحقيق وتائر عالية للتطور الاقتصادي لضمان بقاء الاشتراكية وقدرتها على الدفاع عن نفسها بفعالية.وما الحرب الوطنية العظمى التي خاضها الشعب السوفييتي وانتصاره وتحرير الوطن وسحق الفاشية الألمانية إلا خير دليل على ذلك. وتمت البرهنة على أن الاشتراكية كسبت المرحلة الثانية في مباراتها مع الرأسمالية.
المرحلة الثالثة: استمرت من أواسط الأربعينات حتى أواسط الستينات (1945- 1965), وتميزت بفترة المباراة مع البلدان مع البلدان الرأسمالية المتطورة فيما يخص وتائر وحجم الإنتاج الصناعي, وأصبح الاتحاد السوفييتي دولة صناعية كبرى عصرية , وأثبتت الاشتراكية قدرتها على تطوير الاقتصاد بوتائر أعلى من وتائر تطور الاقتصاد الرأسمالي. وقد أشار الاقتصادي البريطاني ف. ليندسني في هذا الخصوص إلى أن "روسيا تعيش حالة نمو اقتصادي سريع".
المرحلة الرابعة: وهي المرحلة التي استمرت من عام 1966 حتى أواسط الثمانينات من القرن الماضي وتميزت بسمتين رئيسيتين, وهما: الثورة العلمية التكنيكية التي حددت تطورات بنيوية ضخمة في الاقتصاد في كل من الاتحاد السوفييتي وأميركا على حدة, وفي العلاقات الاقتصادية العالمية ودخول التكنيك اللازري والإشعاعي... والسمة الثانية هي المباراة بين النظامين بارتقاء تناسب القوى بين الاشتراكية والرأسمالية وبالمستوى الجديد (12).
بعض المنجزات الاشتراكية الاقتصادية والعسكرية في فترة حكم ستالين (1922- 1945)
أولا- تم تشييد 9000 مؤسسة صناعية كبرى, وازداد إنتاج وسائل الإنتاج (قطاع أ) 13,4 مرة قياسا بعام 1913.
ثانيا- تطورت الميتالورجيا وصناعة المكائن الدقيقة. وتجاوز الإنتاج الإجمالي لكل صناعة الاتحاد السوفييتي في عام 1940 مستوى الإنتاج الصناعي لروسيا السوفييتية عام 1920 بمقدار 38 مرة, بينما ازدادت منتجات بناء المكائن ومعالجة المعادن 512 مرة.
ثالثا- أرست سياسة التصنيع قاعدة للتصنيع الثقيل والحديث الذي تفوق من حيث وتائر الإنتاج الإجمالي على الفروع الأخرى للصناعة الوطنية. وشكل نمو منتجات كل صناعة الاتحاد السوفييتي نسبة 13 بالمائة وسطيا في خلال سنوات الخطة الخمسية, وشكل نمو المنتجات الصناعية العسكرية نسبة 39 بالمائة.
رابعا- ازداد الإنفاق العسكري من 23 مليار روبل عام 1938 إلى 57 مليار روبل عام 1940, وشكل الإنفاق العسكري نسبة 32.6 بالمائة من ميزانية الدولة.
خامسا- شغل الاتحاد السوفييتي قبيل الحرب الوطنية العظمى من حيث حجم منتجات المكائن واستخراج خامات الحديد المرتبة الثانية في العالم والأولى في أوربا, ومن حيث صهر حديد الزهر والفولاذ وإنتاج الطاقة الكهربائية المرتبة الثالثة في العالم والثانية في أوربا, ومن حيث استخراج الفحم المرتبة الرابعة في العالم والثالثة في أوربا.
سادسا- شغل الاتحاد السوفييتي في عام 1937 المرتبة الأولى في حجم الإنتاج الصناعي في أوربا والمرتبة الثانية عالميا, كما شغل الاتحاد السوفييتي المرتبة الأولى في صناعة سيارات النقل (الشحن) في أوربا والمرتبة الثانية في العالم, وكان لدى الاتحاد السوفييتي قبل الحرب العالمية الثانية 273 ألف سيارة.
سابعا- تم في خلال تموز- كانون الأول من عام 1941 نقل 2593 مؤسسة صناعية كبرى منها, على سبيل المثال, مؤسسات لصناعة الطائرات والمدافع والذخيرة... وفي هذا الخصوص ذكر الكاتب الانكليزي الكسندر فيرت أنه "ينبغي إدراج إجلاء الصناعة في النصف الثاني من عام 1941 وبداية عام 1942 وتوزيعها في الشرق في عداد مآثر الاتحاد السوفييتي التنظيمية والبشرية المذهلة جدا إبان الحرب".
ثامنا- تم في خلال الحرب الوطنية العظمى إنشاء 3500 مؤسسة صناعية وأعيد في المناطق المحررة بناء 7500 مؤسسة صناعية كبرى دمرت في خلال فترة الحرب, وتم في خلال فترة الحرب صنع 67 مليون عربة قطار للحرب, وتم في عام 1942 نقل 1200 مصنع ومعمل من أوكرانيا إلى سيبيريا, وتم في عام 1941 إشراك 500 ألف امرأة (ربة بيت) في العمل بالمصانع والمعامل المدنية والعسكرية, وكذلك تم إشراك 360 ألف تلميذ مدرسة. وكانت نسبة النساء العاملات في الاقتصاد الاشتراكي قد بلغت 50 بالمائة؟ وفي خلال 3 سنوات من الحرب العادلة تقلص عدد العاملين في الاقتصاد الوطني من 56 مليون شخص إلى 3.30 مليون شخص, ويعود السبب الرئيسي إلى التحاق العاملين في الاقتصاد الوطني إلى الجيش الأحمر وحركة الأنصار والمنظمات السرية وغير ذلك.
تاسعا- أصبحت منطقة الأورال العمود الفقري لدفاع الاتحاد السوفييتي, وسرعان ما أخذت صناعة الأورال تنتج ما يصل إلى 40 بالمائة من المنتجات الإجمالية , بما في ذلك 60 بالمائة من الدبابات المتوسطة, و100 بالمائة من الدبابات الثقيلة. وكان نصف القذائف التي ترمى على العدو مصنوعا من فولاذ الأورال. وازداد إنتاج الفولاذ من أيلول عام 1941 إلى كانون الثاني عام 1942 بمقدار 98 مرة.
عاشرا- كانت ألمانيا تنتج في عام 1942 من حديد الزهر أكثر من الاتحاد السوفييتي 10 مرات, ومن الفولاذ 7 مرات, ولكن في السنة نفسها كان إنتاج الاتحاد السوفييتي في صناعة الطائرات الحربية أكثر من ألمانيا 1,9 مرة, وفي صناعة الدبابات 3,9 مرة, وفي صناعة المدافع 3,1 مرة, وفي صناعة الرشاشات والبنادق 3 مرات, وفي صناعة المدافع الرشاشة 6,5 مرة.
الحادي عشر- زادت إنتاجية العمل في الصناعة منذ نيسان عام 1942 حتى نيسان عام 1944 بنسبة 40 بالمائة. وانعكس ذلك بصورة جوهرية على زيادة إنتاج المنتجات العسكرية, فازداد إنتاج الطائرات الحربية في كانون الأول عام 1942 بنسبة 3,3 مرة مقارنة بكانون الأول عام 1941 (بما في ذلك محركات الطائرات أكثر بنسبة 5,4 مرة), والدبابات مرتين(بما في ذلك محركات الدبابات 4,6 مرة), ومنظومات المدافع 1,8 مرة, والمدافع الرشاشة 1,9 مرة, ومدافع الهاون من عيار 120 مم 5 مرات, وقنابل الطائرات 2,1 مرة. وكان لدى القوات السوفييتية في صيف عام 1943 من الدبابات والمدافع الذاتية الحركة أكثر مما لدى ألمانيا الهتلرية بنسبة 3,4 مرة.
الثاني عشر-استطاع الاتحاد السوفييتي في عام 1942 أن ينتج 14 نوعا من الطائرات الحربية. وكان ينتج شهريا 2260 طائرة. وكانت لديه 21700 طائرة حربية. وفي خلال فترة الحرب العالمية الثانية, أي من كانون الثاني عام 1941 إلى أيار عام 1945, صنع الاتحاد السوفييتي 119635 طائرة حربية, في صنعت ألمانيا النازية 80600 طائرة حربية. واستطاع السلاح الجوي السوفيتي في عام 1943 السيطرة الكاملة على الأجواء السوفييتية والألمانية في آن واحد, كما استطاع الاتحاد السوفييتي في الفترة 1942- 1944 أن ينتج شهريا أكثر من 2000 دبابة. و في خلال تلك الفترة, أي من كانون الثاني عام 1941 إلى أيار عام 1945 امتلك 102800 دبابة, أما ألمانيا الهتلرية فكان في حوزتها 43400 دبابة.
الثالث عشر- ازداد عدد أفراد الجيش الأحمر من 5373000 عسكري في عام 1939 إلى 11500000 عسكري في عام 1945 (13).
الرابع عشر- يشير الجنرال بوريس غوليشيف إلى أنه ازداد في عام 1940 حجم الإنتاج الصناعي الإجمالي 8 مرات مقارنة بعام 1913, ,تم في غضون 13 سنة قبل الحرب العالمية الثانية بناء 482 مدينة جديدة و9000 معمل ومصنع جديد, وشغل الاتحاد السوفييتي المرتبة الأولى في إنتاج الحنطة, والمرتبة الثانية في إنتاج الماشية (الأبقار...). وكان عدد الطلبة السوفييت في مختلف المراحل الدراسية أكثر من عدد الطلبة في كل من ألمانيا وإيطاليا وبريطانيا وفرنسا واليابان(14).
الخامس عشر- استطاعت القيادة السوفييتية إمداد وتجهيز الجيش الأحمر بالمعدات والوقود والسلع الغذائية والملابس وغير ذلك مما هو ضروري لتحقيق النصر. فقد تم, على سبيل المثال, إمداده بعشرة ملايين طن من الذخيرة و13,4 مليون طن من الوقود و40 مليون طن من السلع الغذائية و38 مليون معطف و70 مليون سروال و64 مليون زوج من الأحذية(15).
السادس عشر- يشير أوليغ شينين السكرتير العام للحزب الشيوعي السوفييتي حاليا إلى أن الإنتاج الصناعي في الاتحاد السوفييتي ازداد في خلال الفترة 1922- 1982 بنسبة 500 مرة في روسيا, واوكراينا730 مرة, و286 مرة في بيلوروسيا, و145 مرة في أذربيجان, و432 مرة في أوزبكستان, و969 مرة في مولدافيا, و938 مرة في كازاخستان, و712 مرة في قرغيزيا, و900 مرة في طاجيكستان, و1084 مرة في أرمينيا, و305 مرات في جورجيا, و209 مرات في تركمانستان. كما بلغ معدل النمو السكاني السنوي في ظل السلطة السوفييتية ما بين مليونين و3 ملايين نسمة.(16)
خامسا: جبهات القتال الرئيسية
بدأ هتلر في 22/6/1941 حربه غير العادلة على الاتحاد السوفييتي. وهيأ في بداية الغزو العسكري 190 فرقة, و5,5 مليون عسكري, وأكثر من 4000 دبابة, و5000 طائرة حربية, و200 سفينة حربية, و48 ألف مدفع...(17) وبالمقابل, كانت الاستعدادات العسكرية للقيادة السوفييتية منذ عام 1942 ولغاية تحقيق النصر على ألمانيا الهتلرية في 9/5/1945كبيرة فاقت استعدادات ألمانيا بكل الأصناف العسكرية بنسبة 1,5- 2 مرة. كما قامت القيادة السوفييتية بفتح جبهات عسكرية قتالية بلغ عددها في خلال فترة الحرب الوطنية العظمى (1941- 1945) 83 جبهة عسكرية. فقد تم , على سبيل المثال, فتح 13 جبهة قتالية عسكرية في عام 1941, و17 في عام 1942, و23 في عام 1943, و15 في عام 1944, و15 في عام 1945 (18).
من أهم الشعارات التي كانت تلهب الشعور الوطني لدى المواطنين السوفييت والجيش الأمر: "كل شيء للجبهة, كل شيء للنصر", "العدو سيحطم, والنصر حليفنا", "ولا خطوة إلى الوراء", "الوطن- ستالين", "في العمل كما في الجبهة" وغيرها من الشعارات ذات المضمون الوطني.
لقد ساعدت الوطنية السوفييتية على خلق الشعور والوعي والإخلاص لدى المواطن السوفييتي إزاء دولته العظمى. وأخذت الوطنية طابعا فعالا في حياة وسلوك المواطن السوفييتي سواء في خلال فترة الحرب الوطنية العظمى أو بعدها. وكانت هناك 6 معارك حاسمة في تاريخ الحرب الوطنية العظمى, وهي:
1. معركة ستالينغراد: وهي تعتبر من أقوى المعارك العسكرية بين الجيش الأحمر والجيش الألماني. وأصبح اسم هذه المدينة معروفا في جميع أنحاء العالم لصمودها ومقاومتها البطولية للجيش الألماني النازي وتحقيق النصر. وشارك في هذه المعركة من الطرفين أكثر من مليوني عسكري. واستمرت هذه المعركة 200 يوم . وقد أسقطت قوات هتلر النازية 100 ألف طن من القنابل, وتم استخدام مليون و400 ألف قذيفة وقنبلة. وتكبد الجيش الألماني النازي خسارة عسكرية بلغت 1,5 مليون جندي وضابط, ناهيكم عن خسائره في الآليات والمعدات الحربية. أما خسارة الجيش الأحمر فبلغت 478749 قتيلا بين ضابط وجندي و650870 جريحا.
2. معركة كورسك: بدأت هذه المعركة في تموز 1943 وانتهت في آب 1943 وشكلت الانتصار الثاني الكبير للجيش والقيادة السوفييتيين. وشارك في هذه المعركة أكثر من 4 ملايين عسكري من الطرفين. وقد استخدم الجيش الأحمر والجيش النازي 13000 طائرة حربية و12000 دبابة وأكثر من 69 ألف مدفع ورشاش... شارك الجيش الألماني بخمسين فرقة عسكرية منها 16 فرقة دبابات و20 فرقة عسكرية احتياطية. وكانت خسارة الجيش الألماني 500 ألف ضابط وجندي وأكثر من 3700 طائرة حربية و9000 مدفع ومدفع رشاش و1500 دبابة. أما خسائر الجيش الأحمر فبلغت 900 ألف جندي وضابط وعددا كبيرا من الآليات والمعدات العسكرية. وحمل الانتصار في هذه المعركة طابعا وأهمية سياسية وعسكرية لصالح القيادة السوفييتية.
3. معركة لينينغراد: فرض الجيش الهتلري حصارا على مدينة لينينغراد دام 900 يوم. وكان الموقف البطولي لأهالي المدينة رائعا, إذ استطاعت القيادة السوفييتية حشد 500 ألف مواطن للدفاع عن المدينة, وتطوع 300 ألف شخص لتحرير المدينة, وتم تشكيل 10 فرق مسلحة ضمت 150 ألف شخص. وكانت نسبة الشيوعيين والكومسوموليين تتراوح ما بين 70 و90 بالمائة. وأسقطت طائرات الجيش الألماني النازي أكثر من 100 ألف قنبلة حارقة وشديدة الانفجار و150 ألف قذيفة. وتم في النهاية تحرير المدينة وطرد الغزاة. وتكبد الطرفان خسائر بشرية كبيرة في الآليات والمعدات.
4. معركة موسكو: أعدت هيئة الأركان الألمانية أحدث القاذفات الحربية التي بلغ عددها 300 طائرة حربية ضباط طيارون لديهم خبرة في قصف المدن, وكانوا قد شاركوا في قصف المدن في بريطانيا وفرنسا ويوغسلافيا واليونان وبولونيا...وتم منذ 22/7/1941 حتى 1/9/1942 قصف موسكو ليل نهار. وشاركت في هذا القصف 8595 طائرة حربية, وفي 5/12/1941 بدأ الهجوم العسكري على موسكو من قبل الجيش الألماني. قام الجيش الهتلري بهجومين عسكريين من أجل احتلال مدينة موسكو, ولكن فشلت خطط الجنرالات الألمان في تحقيق هدفهم. ويعود السبب الرئيسي إلى المقاومة الشعبية والجيش الأحمر والمتطوعين الموسكوفيين. واضطلع الجيش السوفييتي بدور كبير في إحباط الهجومين العسكريين الألمانيين على موسكو. وتكبد الجيش الألماني خسارة عسكرية وصلت إلى 800 ألف جندي وضابط. وتم أسر 91 ألف عسكري ألماني بينهم 24 جنرالا, وواحد برتبة فيلدمارشال. كما خسر الجيش الألماني 84 بالمائة من معداته العسكرية.
5. معركة بيلوروسيا: وقع أغلب أجزاء جمهورية بيلوروسيا تحت هيمنة الاحتلال الألماني النازي. وقام الجيش الهتلري بقتل مليونين و200 ألف مواطن بيلوروسي, كما قام الغزاة الفاشيست الألمان ببناء 260 معسكر اعتقال . وتم في أحد معسكرات الاعتقال قتل 80 ألف شخص. وتم في منطقة خاتين حرق 80 ألف طفل وامرأة وشيخ. ولكن تم بصمود الشعب البيلوروسي السوفييتي ومقاومة الجيش الأحمر وحركة الأنصار تحرير المدينة. وقد تم, على سبيل المثال, تدمير 70 فرقة عسكرية ألمانية, وتم في عملية فيسلا أودر عام 1945 سحق وتدمير 60 فرقة عسكرية.
6. معركة دنيبر: لا تختلف هذه المعركة من حيث أهميتها السياسية والعسكرية عن المعارك السابقة. وكان هدفها تحرير أوكرانيا والدونباس. وكان طول جبهة القتال بين الطرفين 1000 كيلومتر. واستمرت المعركة من آب عام 1943 حتى كانون الأول عام 1943. وقد أحبط الانتصار في هذه المعركة آمال وطموحات هتلر وفريقه الفاشي(19).
الحلقة الثالثة
"كل شيء للجبهة , كل شيء للنصر"
من شعارات الحرب الوطنية العظمى
سادسا: سقوط برلين وتحرير أوربا من القوات الألمانية النازية
بعد أن حقق الجيش الأحمر السوفييتي انتصاراته في المعارك البطولية, ومنها معارك ستالينغراد وكورسك ولينينغراد وموسكو وغيرها, بدأت القوات الألمانية النازية تتقهقر أمام ضربات الجيش السوفييتي. وتم تحرير البلاد السوفييتية من الغزاة الألمان. إلا أن القيادة السوفييتية لم تتوقف عند حد هذه الانتصارات, فواصلت معاركها البطولية بهدف سحق الفاشية الألمانية في عقر دارها واستسلام برلين بدون قيد أو شرط.
أدركت القيادة السياسية والعسكرية ضرورة تحرير بولونيا, فتم وضع خطة عسكرية لهذا وتهيئة أكثر من مليوني عسكري و7000 دبابة و5000 طائرة حربية وأكثر من 33 ألف مدفع. واستمر الهجوم العسكري السوفييتي من 12/1/1945 إلى 3/2/1945, وفقد الجيش السوفييتي 600 ألف جندي وضابط. وتم كذلك تحرير تشيكوسلوفاكيا. وكان ثمن التحرير 140 ألف جندي وضابط سوفييتي, أما ثمن تحرير أوربا من الفاشية فكان مليون جندي وضابط فقدهم الاتحاد السوفييتي.
وضعت القيادة السياسية والعسكرية السوفييتية خطة عسكرية للاستيلاء على برلين ما بين 16/4- 18/5/1945. وتم تعبئة كل المستلزمات الضرورية المطلوبة لتحقيق الهدف المنشود. وكما يشير الجنرال فارينيكوف, عضو البرلمان الروسي حاليا والمشارك في الحرب الوطنية العظمى, أراد الأميركيون والبريطانيون أن يحتلوا برلين قبل الجيش الأحمر,إلا أن الجيش الأميركي- البريطاني لم يكن مهيأ لتحقيق هذا الهدف.
شعر هتلر بهزيمته المحققة بسبب تراجع قواته العسكرية أمام القوات العسكرية السوفييتية, وأصدر أمرا إلى رئيس حامية برلين بتاريخ 9/3/1945 جاء فيه: "ينبغي الدفاع عن العاصمة حتى آخر جندي وآخر رصاصة...لا يجوز إعطاء العدو دقيقة من الهدوء...يمكن لبرلين أن تقرر مصير الحرب".وبعث هتلر في 25/4/1945 برقية إلى الجنرال الألماني دينتس جاء فيها: يعتبر الكفاح في سبيل برلين معركة ألمانيا المصيرية. وكل المهمات والجبهات الأخرى تتسم بأهمية ثانوية قياسا لها (المقصود برلين)".وقال هتلر أن "تسليم برلين للأنجلوسكسونيين أفضل من السماح للروس بدخولها".
كان يحمي برلين مليون جندي وضابط ألماني و3300 طائرة حربية و1500 دبابة و1040 مدفع هاون, إضافة إلى وجود أكثر من 200 كتيبة من المجندين غير النظاميين. وكانت هناك حامية يربو عدد أفرادها على200 ألف عسكري. في مواجهة هذه القوة العسكرية سحق الجيش الأحمر 93 فرقة عسكرية ألمانية وأسر 480 ألف جندي وضابط. وفي النهاية سقطت برلين على يد الجيش الأحمر السوفييتي.
كتب الجنرال باتون قائد الجيش الأميركي: "لا رغبة عندي في خوض تحليل مفصل. لكني أستطيع ذكر واقع لا مفر منه: لقد عملت الماكينة العسكرية الروسية طوال الحرب بلا توقف ساحقة حشود جنود هتلر كالمطحنة". كما اضطر الجنرال الألماني فريستر إلى الاعتراف بأن "الجندي السوفييتي قاتل عن وعي من أجل أفكاره السياسية". وفي ليلة 9/5/1945 وقع قادة الجيش الألماني وثيقة الاستسلام الكامل أمام قيادة الجيش الأحمر. ومثل الجانب السوفييتي المارشال جوكوف, أما الجانب الألماني فمثله الجنرال كيتيليم. وقد كلف احتلال برلين 352475 جنديا وضابطا سوفييتيا(20).
سابعا: جبهات القتال الشعبية السوفييتية
عملت القيادة السياسية والعسكرية السوفييتية لتشكيل 5 جبهات قتالية من أجل تحرير البلاد من الغزاة الألمان . وتمثلت هذه الجبهات في: جبهة الجيش الأحمر السوفييتي, جبهة الشعب شبه العسكرية (قوات مدنية), جبهة حركة الأنصار الشعبية, جبهة قوات نضال المفارز الشعبية السرية التي كانت مهمتها جمع المعلومات السياسية والاقتصادية والعسكرية... عن الغزاة الألمان المحتلين وتحريض الشعب السوفييتي على القوات الغازية, جبهة العمل الشعبي, أي المواطنين الذين يعملون في المصانع والمعامل والمزارع من أجل تمويل وإمداد الجيش الأحمر والشعب السوفييتي بالسلاح والغذاء... يمكن القول إنه لا يوجد فرق بين هذه الجبهات الشعبية إلا من حيث درجة المسؤولية والمهمات المحددة لكل جبهة.
انضم إلى هذه الجبهات القتالية (حركة الأنصار وقوات العمل السري...) أكثر من 4 ملايين شخص شكلوا 60 فرقة عسكرية و200 فوج. واضطلع هؤلاء الأفراد بدور كبير إلى جانب قوات الجيش الأحمر في تحرير ستالينغراد ولينينغراد والدفاع عن موسكو وغيرها من المدن.
بعض إنجازات حركة قوات الأنصار
تم تشكيل 6200 مجموعة من المقاتلين الأنصار تجاوز عدد أفرادها مليون مقاتل. وقد ألحقت بالجيش الألماني الفاشي خسائر مادية وبشرية كبيرة منها على سبيل المثال:
1. تم أسر وجرح مئات الألوف من الضباط والجنود وموظفي إدارة الاحتلال الألمان في خلال فترة الحرب الوطنية العظمى.
2. تم تدمير وتعطيل 4538 دبابة وسيارة مصفحة منها 2300 دبابة, وتم كذلك تدمير 20 ألف ناقلة عسكرية وإسقاط 1100 طائرة.
3. تم تدمير 50 ألف مدفع وبندقية من مختلف الأصناف, وتم كذلك تفجير وحرق أكثر من 2900 مستودع ضخم للجيش الألماني, وتم أيضا تدمير 10 آلاف قاطرة و17 ألف عربة قطار و12 ألف جسر.
4. نفذت قوات الأنصار الشعبية 21 ألف تفجير للقطارات ونسفت قرابة 120 قطارا مصفحا وفجرت 2000 جسر لخطوط السكك الحديدية, كما فجرت قوات الأنصار أيضا 250 مركزا لتقاطع السكك الحديدية ومحطة قطار ونسفت واحتجزت ما ربو على 65 ألف سيارة وغير ذلك.
5. بلغت خسائر الجيش الألماني نتيجة لمقاومة الأنصار أكثر من 1,5 مليون جندي وضابط.
6. تم في جمهورية بيلوروسيا, على سبيل المثال, تشكيل فصائل مقاومة من الأنصار بلغ عدد أفرادها 440 ألف نصير ونصيرة بينهم أكثر من 130 ألف شيوعي وكومسومولي. وبلغ عدد أعضاء المنظمات السرية 200 ألف عضو حصلوا على أوسمة من مختلف الدرجات منهم 249 نصيرا حصلوا على وسام بطل الاتحاد السوفييتي.
تميزت حركة الأنصار الشعبية والمنظمات السرية السوفييتية بالتنظيم والانضباط والالتزام الحديدي. وقد ألحقت خسائر مادية وبشرية بالجيش الألماني. وليس من باب المصادفة أن يخصص هتلر 50 فرقة عسكرية ألمانية مهمتها الأولى محاربة قوات الأنصار الشعبية.
شكلت حركة الأنصار والمنظمات السرية... أعلى شكل راق ومتقدم للوطنية السوفييتية والولاء للوطن والنظام الاشتراكي. كم تميزت هذه الحركات بكونها ضمت كل قوميات الاتحاد السوفييتي. وكان يترأس كل منظمة للأنصار إما عضو في لجنة الحزب المركزية, وإما كادر متقدم. كما اعتبرت القيادة العسكرية الألمانية أن حركة الأنصار هي عدوها رقم 1 (22).
ثامنا: دور الحزب في تحقيق الانتصار
أدى الحزب الشيوعي السوفييتي بقيادة يوسف ستالين دورا كبيرا في توجيه وتعبئة الموارد البشرية والمادية والعسكرية من أجل تحقيق الهدف الرئيسي, إلا وهو تحرير البلاد من الغزاة الألمان وسحق الفاشية الألمانية في عقر دارها. وكان الحزب يمتلك تجربة غنية في الكفاح ضد الغزاة وقوى الثورة المضادة في داخل البلاد. قال لينين في هذا الصدد: "كيف كنا نفعل في أخطر أوقات الحرب الأهلية؟ لقد حشدنا خيرة قواتنا الحزبية في الجيش الأحمر, ولجأنا إلى تعبئة الصفوة من عمالنا, وتوجهنا في البحث عن الطاقات الجديدة إلى حيث تكمن أعمق جذور دكتاتوريتنا"(23).
أدركت القيادة السياسية للحزب الشيوعي السوفييتي أنه لا بد, من أجل تحرير البلاد وطرد الغزاة الألمان, من اتخاذ إجراءات متعددة لتحقيق الهدف المطلوب كان من أهمها: حشد خيرة القادة والكوادر الحزبية وإدراجها في قيادة الجيش الأحمر وقوات الأنصار والمنظمات السرية, وقيام القيادة السياسية بإسباغ أهمية كبيرة على زيادة الإنتاج الحربي وتطويره كما ونوعا من دبابات وطائرات ومدافع وقذائف وألغام. ووضعت القيادة أمامها مهمة رئيسية, وهي التفوق بالإنتاج العسكري والصناعي على ألمانيا النازية, فازداد الإنتاج العسكري في أعوام 1941, 1942, 1943, 1944إلى 140 و186 و224 و251 بالمائة على التوالي مقارنة بعام 1940إذا اعتبرنا إنتاجه يساوي 100. كما ازداد إجمالي الإنتاج الصناعي بنسبة 98 و77 و90 و103 بالمائة في الفترة نفسها (24). وأسبغت قيادة الحزب أهمية على تطوير وزيادة الإنتاج الزراعي, واضطلعت السوفخوزات والكولخوزات بدور كبير في توفير الغذاء للجيش وللشعب السوفييتي.
في بداية الحرب الوطنية العظمى كان عدد الشيوعيين في الجيش الأحمر 360 ألف شيوعي, أي بنسبة 15 بالمائة من عدد أفراد القوات المسلحة السوفييتية. وفي كانون الأول من عام 1941 وصل عدد الشيوعيين في الجيش السوفييتي إلى مليون و260 ألف عضو. وفي الفترة من حزيران عام 1941 إلى كانون الأول عام 1941 استشهد 500 ألف شيوعي عسكري. وفي فترة الحرب الوطنية العظمى (1941- 1945) بلغ عدد أعضاء الحزب الشيوعي في الجيش الأحمر 8 ملايين شيوعي، واستشهد خلال فترة الحرب الوطنية العظمى اكثر من 3 مليون شيوعي. عملت قيادة الحزب لإدراج 60 بالمائة من قيادة وكوادر الحزب في قيادة المعارك العسكرية والأنصارية, وكان من بينهم 54 عضوا في اللجنة المركزية ومرشحا لعضويتها منهم 16 عملوا في الصناعات الحربية, وفي النصف الأول من عام 1941 انخرط 8800 كادر شيوعي في الجيش الأحمر, ثم ازداد العدد من 20 ألفا إلى 80 ألف كادر حزبي. وأولت القيادة السياسية أهمية كبيرة لزيادة المخصصات المالية للدفاع السوفييتي, فقد بلغت المخصصات المالية في عام 1943 نسبة 60 بالمائة من الميزانية الحكومية و40 بالمائة من الاقتصاد الوطني.
قامت قيادة الحزب بإرسال 565 سكرتير لجنة 104 سكرتير لجنة كومسومول و204 رؤساء لمجلس نواب الشعب (البرلمان) لقيادة النضال الشعبي, كما عملت 154 ألف فرقة كومسومولية ضمت زهاء مليون عامل شاب في المصانع والمعامل والمزارع. وقد ازدادت إنتاجية العمل من نيسان عام 1942 إلى نيسان عام 1944 بنسبة 40 بالمائة . وتبرع المواطنون السوفييت في خلال الحرب الوطنية العظمى بمبلغ 11812 مليار روبل (25).
أشارت جريدة "البرافدا" في 22/3/1942 بهذا الخصوص إلى أن "شخصية المسؤول السياسي سوف تدخل تاريخ الحرب الوطنية العظمى كشخصية من أكثر شخصياتها مجدا وشرفا, شخصية تحمل الرشاش بيدها وترتدي بزة التمويه وتعتمر الخوذة سائرة في المقدمة وقائدة من ورائها المقاتلين نحو هدف سام ونبيل . ألا وهو سحق الفاشيست الألمان وتحرير الوطن".
وكان للمرأة حضور كبير ومشاركة فاعلة في تحرير البلاد. وقد وصل عدد النساء المقاتلات في 1/1/1942 إلى 86831, وفي 1/1/1943 ازداد إلى 163173, ثم إلى 147551 في عام 1944, ثم إلى 202419 في عام 1945 (26).
شارك في الحرب الوطنية العظمى نحو 9 ملايين من أعضاء الحزب. وازداد في خلال فترة الحرب عدد أعضاء الكومسومول إلى 12 مليون عضو منهم 5 ملايين في الجيش الأحمر. وحصل 65 بالمائة من الشيوعيين و13 بالمائة من أعضاء الكومسومول على وسام بطل الاتحاد السوفييتي. واستطاع الحزب أن يخلق مقاتلين في الميدان العسكري والاقتصادي بلغ عددهم 9529245 شخصا, وكانوا مقاتلين في مؤخرة الجيش السوفييتي ولا يزال منهم على قيد الحياة 106788 حصل من بينهم 4240 على وسام بطل الاتحاد السوفييتي (27).
تاسعا: مواقف مبدئية
كانت سياسة الاتحاد السوفييتي تهدف إلى الدفاع عن الوطن الاشتراكي والحفاظ على منجزاته الكبيرة والإنسانية. إلا أن تفاقم واشتداد التناقضات والصراعات داخل النظام الإمبريالي العالمي وظهور النظام الألماني الفاشي وليد النظام الإمبريالي كان أحد أهم الأسباب لإشعال حربه غير العادلة ضد الاتحاد السوفييتي بهدف تقويض السلطة السوفييتية ومنجزاتها. وفي هذا الصدد أشار ستالين في نداء له في 3 تموز عام 1941 إلى أنه "لا يجوز اعتبار الحرب ضد ألمانيا الفاشية حربا اعتيادية, فهي أكثر من حرب بين جيشين. إنها إلى جاني ذلك حرب عظيمة يخوضها الشعب السوفييتي بأسره ضد ألمانيا الفاشي والغاية من الحرب الوطنية الشعبية هذه ضد الغزاة الفاشيست هي أكثر من إزالة الخطر المحدق ببلادنا, فهي أيضا نجدة لكل شعوب أوربا الراسخة تحت نير الفاشية الألمانية"(28).
تسلم ستالين في 8 تموز عام 1941 رسالة شخصية من تشرشل رئيس وزراء بريطانيا جاء فيها أن "الجيوش الروسية تقاوم غزو النازيين القاسي وغير المبرر بتاتا مقاومة قوية وجريئة وشجاعة... سنفعل كل شيء كي نساعدكم بقدر ما يسمح الوقت والظروف الجغرافية ومواردنا. وكلما طال أمد الحرب كبرت المساعدة التي في وسعنا أن نقدمها لكم". وكتب ستالين بتاريخ 30/8/1941 برقية إلى السفارة السوفييتية في لندن لإبلاغ الحكومة البريطانية بموقف القيادة السوفييتية جاء فيها أن "الحكومة الانجليزية تساعد الهتلريين في الواقع بسياستها المترقبة السلبية. يريد الهتلريون أن يضربوا خصومهم على انفراد: الروس اليوم, وغدا الانجليز, وإنجلترا تساعد الهتلريين بسلبيتها , ولا يبدل الوضع بتاتا واقع أن إنجلترا تصفق لنا وتشتم الألمان بأقذع الكلمات. فهل يفهم الانجليز هذا؟ أعتقد أنهم يفهمون. فماذا يودون إذن؟ إنهم يودون, كما يبدو إضعافنا".
كما واصلت الحكومة السوفييتية تأكيدها ضرورة فتح الجبهة الثانية في أوربا. وقد كتب ستالين في هذا الصدد رسالة إلى تشرشل في 3/9/1941 جاء فيها أن "الألمان يعتبرون الخطر في الغرب زيفا وينقلون من الغرب دون عقاب كل قواهم إلى الشرق لقناعتهم بأن الجبهة الثانية في الغرب غير موجودة ولن توجد". ورد تشرشل على رسالة ستالين قائلا: "نحن مستعدون لوضع خطة مشتركة معكم. وتوفر القوة الكافية لدى الجيوش البريطانية من أجل تحقيق اقتحام القارة الآوربية في عام 1942 على الأحداث التي يصعب التنبؤ بها".
وأكد ستالين في رسالته إلى تشرشل أن "غياب الجبهة الثانية يصب الماء في طاحونة أعدائنا المشتركين".
استجابت أميركا وبريطانيا لطلب الحكومة السوفييتية فتح الجبهة الثانية في أوربا. ولكن سرعان ما تقدمت الحكومة الانجليزية في مذكرتها المؤرخة في 10 حزيران عام 1942 بتحفظات مفادها أنه إذا لم تفتح الجبهة الثانية في عام 1942 فسوف تفتح في عام 1943.
حاول تشرشل استمالة روزفلت بكل السبل نحو الامتناع عن فكرة فتح الجبهة الثانية في أوربا والموافقة على الاستعاضة عن هذه العملية بإنزال قوات الحلفاء في شمال أفريقيا. ووافق روزفلت على موقف حكومة إنجلترا في أثناء المباحثات الانجليزية- الأميركية التي جرت في لندن في تموز عام 1942. وبعث تشرشل في 18 تموز عام 1942 برسالة إلى ستالين أعلن فيها للحكومة السوفييتية لأول مرة رفض الحلفاء فتح الجبهة الثانية في عام 1942. وكتب ستالين في رسالته الجوابية إلى تشرشل المؤرخة في 23 تموز: "انطلاقا من الوضع القائم في الجبهة السوفييتية- الألمانية يجب أن أعلن وبصورة قاطعة تماما أن الحكومة السوفييتية لا يسعها التسليم بتأجيل تنظيم الجبهة الثانية في أوربا إلى عام 1943". وأخيرا, في 6/6/1944 تم فتح الجبهة الثانية.
" العدو سيحطم ، النصر سيكون لنا "
الحلقة الرابعة
عاشرا:ازدواجية السلوك والمعايير لدى "الحلفاء"
إن الحرب الوطنية العظمى التي خاضها الشعب السوفييتي بقيادة الحزب الشيوعي السوفييتي كانت حربا ومقاومة عادلة ومشروعة من أجل تحرير البلاد من الغزاة النازيين, وكانت في الوقت نفسه تحمل طابعا طبقيا وآيديولوجيا, وكانت أصعب امتحان بين النظام الاشتراكي الوليد (الحديث) وبين أعتى نظام فاشي عرفه التاريخ الحديث, وهو الذي ولد في رحم النظام الإمبريالي العالمي, أي أنها كانت حربا طبقية وايديولوجية وعسكرية بين الاشتراكية والرأسمالية.
لقد تميز موقف القيادة الأميركية- البريطانية بازدواجية السلوك والمعايير, بدليل أنها لم تحدد, بعد أكثر من سنتين على شن هتلر حربه على الاتحاد السوفييتي, موقفها المبدئي من الحرب, فكانت تغازل النظام الألماني من جهة, وتلوح للقيادة السوفييتية بإشارات معينة إلى أنها ضد هتلر!! وخير دليل يؤكد صحة ذلك هو أن القيادة الأميركية- البريطانية أعلنت رسميا دعمها للاتحاد السوفييتي, إلا أن الجوهر الرئيسي لموقف القوى الرجعية المتطرفة الحاكمة في أميركا وبريطانيا هو استمرار الحرب وأن يحارب الاتحاد السوفييتي لوحده ألمانيا الهتلرية ولفترة طويلة بهدف استنزاف قوى الدولتين. وفي هذا الصدد حدد الرئيس الأميركي ترومان موقف أميركا من الحرب العالمية الثانية إذ قال: "إذا رأينا أن ألمانيا تكسب (الحرب) فإن علينا أن نساعد روسيا, وإذا كانت روسيا ستكسب (الحرب) فإن علينا أن نساعد ألمانيا. وهكذا فليقتلوا أكبر عدد ممكن"(30)
أشار غروميكو وزير خارجية الاتحاد السوفييتي إلى أن "تطلعات وحسابات واشنطن والإمبريالية الأميركية كانت تتناقض تناقضا صارخا مع المهمات الحقيقية التي كانت تواجه الائتلاف المناهض للهتلرية لسحق ألمانيا الفاشية والعسكرية اليابانية"(31).
كان عداء أميركا وبريطانيا للاتحاد السوفييتي يحمل طابعا ايديولوجيا- طبقيا, ولم تكن لدي الدولتين رغبة حقيقية لمساعدة الاتحاد السوفييتي في حربه العادلة ضد ألمانيا النازية. وفي هذا الخصوص أشار أندريه غروميكو إلى أن "القرار حول إرساليات المواد وفق "لاند- ليز" إلى الاتحاد السوفييتي ليس نتيجة سخاء ما من جانب الولايات المتحدة, إنه إدراك للخطر الشديد الذي كانت تشكله ألمانيا الهتلرية واليابان على الولايات المتحدة"(32).
إن "الحلفاء" لم ينفذوا "بالقدر الكافي التزاماتهم وفق بروتوكول مؤتمر موسكو, وخاض الجيش الأحمر معركة موسكو في خريف وشتاء عام 1941 دون دعم كاف من جانب الحلفاء... وغالبا ما كانت الأسلحة التي قدمها الحلفاء من الطراز العتيق أو معطوبة في أغلبها", و"لم تشكل إرساليات البضائع الصناعية من جانب الحلفاء خلال الحرب سوى 4 بالمئة فقط من المنتجات الصناعية السوفيتية"(33).
"أجرت الولايات المتحدة مفاوضات منفردة مع العدو (المقصود هتلر) في وقت واحد منتهكة بذلك جميع الاتفاقيات, ومنها صيغة الدار البيضاء بهدف جس نبضه, ولكن على أساس معاداة السوفييت. وجرت المفاوضات في فترة كانون الثاني- نيسان عام 1943 في سويسرا"(34).
لقد أثبتت القيادة السياسية والعسكرية السوفييتية امتلاكها للفن السياسي والعسكري وإدارة وتوجيه الحرب العادلة لصالحها, وبهذا الخصوص أشار الرئيس الأميركي روزفلت في عام 1943 إلى أن "الجيش الأحمر والشعب الروسي أجبرا حقا قوات هتلر المسلحة على سلوك طريق الهزيمة النهائية ونالا إعجاب شعب الولايات المتحدة الذي سيدوم أحقابا طويلة". وأشار الفيلدمارشال الانجليزي مونتغومري عن "منقبة روسيا العسكرية العظمى" إلى أن الاتحاد السوفييتي "تأتى عليه أن يتحمل وحده تقريبا كل ضراوة الضربة الألمانية" وأن "الانجليز لن ينسوا أبدا ما عانته روسيا"(35). وأكد روزفلت في برقيته إلى ستالين في أيلول عام 1941 قائلا: "أنا لا أستطيع أن أعبر (لكم عن درجة إعجابنا بالنضال الدفاعي للجيش السوفييتي"(36).
يشير بافل جيلين العضو المراسل في أكاديمية العلوم في الاتحاد السوفييتي إلى أن "امتداد الجبهة السوفييتية الألمانية (من 3000 إلى 6000 كم) يتجاوز امتداد مسارح العمليات في شمال أفريقيا والبحر الأبيض المتوسط وأوربا الغربية مجتمعة من مرتين إلى أربع مرات, وذلك على امتداد 1418 يوما"(37).
بعد انتصار الشعب السوفييتي بقيادة الحزب الشيوعي السوفييتي على النازية في ألمانيا,خططت القيادة الأميركية- البريطانية اليمينية المتطرفة والمتمثلة بترومان وتشرشل لإعلان الحرب العالمية الثالثة, أو ما يسمى بالحرب الباردة, بدليل أن آلان دالس رئيس وكالة المخابرات المركزية الأميركية وضع خطة في عام 1946 تهدف إلى تقويض الاتحاد السوفييتي. وحددت الفترة الزمنية لهذه الخطة بخمسين سنة. وصادق مجلس الأمن القومي والرئيس ترومان على هذه الخطة. وكان هدفها الرئيسي العمل لتفكيك دولة الاتحاد السوفيتي من الداخل وبدون إعلان حرب عسكرية والقضاء على الحزب الشيوعي السوفييتي, والعمل لتقليص عدد سكان روسيا إلى 50 مليون نسمة وتحويل الاتحاد السوفييتي- روسيا إلى سوق لتصريف "فائض" الانتاج الرأسمالي وبلد مصدر لأهم مواد الخام الأولية, وخاصة النفط والغاز... ومصدر للكادر العلمي من ذوي التأهيل العلمي الرفيع, والعمل لإغراق الاتحاد السوفييتي- روسيا في دوامة من عدم الاستقرار الاقتصادي الاجتماعي عبر تنفيذ "برامج" متعددة الأسماء والألوان, والعمل لإضعاف وتخريب قوته الاقتصادية والعسكرية, وتحويل الشعب السوفييتي- الروسي إلى عبيد للغرب الإمبريالي. وبهذا الخصوص أكد دالس في خطته, قائلا: "...سنجد لنا أنصارا ومؤيدين وحلفاء داخل روسيا"؟! وأكد أيضا: "سوف نعمل بجد مع جيل الأطفال والشباب من أجل تفسيخهم... وتحويلهم إلى جواسيس"(38).
الحادي عشر: الخسائر البشرية والمادية للشعب السوفييتي.
أكد يوسف ستالين قائلا: "لقد خضنا حربا وطنية وتحررية عادلة". لقد شكلت الحرب الوطنية العظمى أكبر امتحان عسكري واقتصادي وسياسي للحزب الشيوعي السوفييتي والجيش الأحمر والشعب السوفييتي. وكان طريق النصر على ألمانيا الفاشية طويلا وشاقا وصعبا. وتميزت الستراتيجية العسكرية السوفييتية بالحزم في ما يخص الدفاع والهجوم , والدليل على ذلك سحق وأسر 607 فرق عسكرية منها 507 فرق عسكرية ألمانية على يد الجيش الأحمر(39).
لقد فقد الشعب السوفييتي في حربه العادلة على ألمانيا النازية ما بين 27 و30 مليون شخص
(بين مدني وعسكري)، اما خسائر ايطاليا البشرية فبلغت 320 الف شخص ، وامريكا 325 الف شخص، وتشيكوسلوفاكيا 364 الف شخص ، وفرنسا 400 الف شخص ، ويوغسلافيا مليون و600 الف شخص ، واليابان 2 مليون شخص ، وبولونيا 6 ملايين شخص ، والصين 10 ملايين شخص .
يشير الجنرال السوفييتي أ. غ. فومين, المشارك في الحرب الوطنية العظمى وسكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفييتي حاليا إلى أن خسائر الجيش الأحمر بلغت 8,668400 ضابط وجندي, ووقع في الأسر1444100 عسكري سوفييتي, وبلغ عدد المفقودين خلال الفترة من عام 1942 حتى عام 1945 ما مجموعه 939700 عسكري(40).
وبلغ عدد الأسرى من المدنيين السوفييت ما بين 5-6 ملايين شخص تم نقلهم إلى ألمانيا,وبالإضافة إلى ذلك, عذب الفاشيون الألمان في الأراضي السوفييتية المحتلة وأبادوا قرابة 10 ملايين شخص. وعلى سبيل المثال, أقدم الفاشيون الألمان في ضواحي مدينة لينينغراد على قتل وتعذيب 172 ألف شخص, وقتلوا في ضواحي مدينة ستالينغراد أكثر من 144 ألف شخص, وتم في مدينة كييف إعدام أكثر من 300 ألف شخص من الأطفال والشيوخ والنساء, وفي مدينة أوديسا تم قتل 100 ألف شخص, وقتل في مدينة خاركوف ما يقارب 200 ألف شخص, وتم في مدينة لفوف إعدام 700 ألف شخص(41).
كما أقدمت ألمانيا الفاشية الهتلرية على تدمير 32 ألف مؤسسة صناعية و65 ألف كيلومتر من السكك الحديد و36 ألف مكتب ومؤسسة بريد و40 ألف مستشفى و84 ألف مدرسة ومعهد وجامعة و45 ألف مكتبة علمية و98 ألف مزرعة (كلخوز) و1876 مزرعة سفخوز (مزرعة دولة). كما تم تدمير 1710 مدن سوفييتية و2890 محطة للسيارات والمكائن. وتم حرق أكثر من 70 ألف قرية سوفييتية, كما تم تدمير وهدم أكثر من 6 ملايين بناية سكنية. وفقد الاتحاد السوفييتي خلال فترة الحرب (1941- 1945) 30 بالمئة من ثروته الوطنية.
ونقل الجيش الألماني النازي إلى ألمانيا الهتلرية 7 ملايين حصان و17 مليون رأس بقر و20 مليون رأس خنزير و27 مليون رأس غنم وماعز(42).
يشير بوريس بولوتين إلى أن "الاتحاد السوفييتي فقد خلال الحرب الوطنية العظمى ثلث ثروته الوطنية تقريبا, وخربت المعامل والمصانع التي كانت تنتج حوالي نصف الناتج الصناعي في البلاد قبل الحرب. وحسب المعطيات الرسمية المنشورة تجاوز إجمالي الخسائر الاقتصادية المباشرة والنفقات الحربية الحجم العام للدخل الوطني الناشئ في الاتحاد السوفييتي خلال جميع الخطط الخمسية التي سبقت الحرب, وشكلت الخسائر الناجمة عن تدمير ونهب الممتلكات مباشرة خلال سنوات الحرب العالمية الثانية مبلغا قدره 679 مليار روبل, أما نفقات الدولة السوفييتية على الحرب مع ألمانيا واليابان فتقدر بما يعادل 1890 مليار روبل (حسب أسعار عام 1941). ويمكن القول إن إجمالي الخسائر المادية التي تحملها الشعب السوفييتي في حربه العادلة ضد ألمانيا الفاشية هي 2 تريليون و569 مليار روبل, أي ما يعادل 5 تريليون و138 مليار دولار دولار(بافتراض أن 50 كوبيك يعادل دولار واحد)(43).
لقد أبدى الشعب السوفييتي والجيش الأحمر والحزب الشيوعي السوفييتي خلال فترة الحرب الوطنية العظمى صفحات مشرقة من النضال والمقاومة المشروعة وبنتيجة ذلك تم تحرير البلاد وتحرير أوربا وبلدان أفريقيا... من خطر ألمانيا النازية.
لقد حصل 11462 مقاتلا سوفييتيا(بين مدني وعسكري) من الرجال والنساء والكمسمول على وسام بطل الاتحاد السوفييتي, وكانت حصة الأسد من هذه الأوسمة للمواطنين الروس, وهذا مرده إلى وزنهم السكاني الكبير الذي يشكل أكثر من 50 بالمئة من سكان الاتحاد السوفييتي, فقد حصل المقاتلون الروس على 8166 من أوسمة بطل الاتحاد السوفييتي, وحصل الأوكرانيون على 2096 وساما, والبيلوروسيون على 309 أوسمة, والتتار على 161 وساما, واليهود على 108 أوسمة, والكازاك على 90 وساما, والجورجيون على 90 وساما , والأرمن على 90 وساما, والأوزبيك على 69 وساما, والملدافيون على 61 وساما, والجوفاشيون 44 وساما, والآوسيت على 32 وساما, والاستونيون على 19 وساما, والتركمانستانيون على 18 وساما, وليتوانيا على 15 وساما, والطاجيك على 14 وساما, ولاتفيا على 13 وساما, وقرغيزيا على 12 وساما. كما حصل خلال فترة الحرب الوطنية العظمى مليونا مقاتل سوفييتي على وسام النجمة الحمراء, ومنح أكثر من 7 ملايين مقاتل سوفييتي أوسمة من درجات مختلفة(44). وثد كتب أحد المقاتلين السوفييت رسالة قصيرة جاء فيها: "إذا لم أرجع من الحرب, أرجو منكم أن تعتبروني شيوعيا"(45).
أما خسائر ألمانيا النازية فبلغت 13 مليونا منهم 10 ملايين ضابط وجندي. وبلغ عدد الأسرى الألمان لدى الجيش الأحمر 3,5 مليون أسير, ودمر الجيش الأحمر الآلة العسكرية الألمانية, فقد تم تدمير 75 بالمئة من الدبابات, وأكثر من 70 بالمئة من السلاح الجوي الألماني, و74 بالمئة من المدفعية, و2500 بارجة عسكرية وغير ذلك(45).
الثاني عشر:عوامل الانتصار
كانت الحرب العادلة التي خاضها الشعب السوفييي تحت قيادة يوسف ستالين تمثل أكبر حرب دموية في التاريخ الحديث, وهي أخطر وأبشع حرب وقعت في القرن العشرين من حيث عدد الضحايا البشرية والخراب الاقتصادي- الاجتماعي وعدد الدول المشاركة فيها.
وأهم العوامل التي ساعدت الشعب السوفييتي والحزب الشيوعي السوفييتي خلال فترة الحرب أعوام 1941-1945 على تحقيق الانتصار على ألمانيا النازية هي:
1. الصداقة المتيمة بين شعوب الاتحاد السوفييتي,ولولا ذلك لكان من الصعوبة إلحاق الهزيمة بألمانيا الهتلرية.
2. الدور المهم الذي أدته الوطنية والتربية والوعي والثقافة السوفييتية وسط جماهير العمال والفلاحين والكمسمول والجيش الأحمر في تحرير البلاد وطرد الغزاة الفاشيست.
3. الإيمان الكبير لدى المواطنين السوفييت بنظامهم الاشتراكي وبحزبهم الشيوعي, إذ اعتبروا أن الوطن والسلطة السوفييتية والاشتراكية والحزب بيتهم المشترك, ولا بد من الدفاع عن هذا البيت. ولما كانت لديهم ثقة كبيرة بالقيادة السياسية للبلاد,فقد رفعوا عن وعي وإدراك شعار"الوطن- ستالين".
4. تميزت فترة الحرب الوطنية العظمى بوجود وحدة الشعب ووحدة الحزب ووحدة القيادة العسكرية السوفييتية, وكذلك وحدة الشعب والقيادة العسكرية مع الحزب. وقد انعكس ذلك في شعار "كل شيء للجبهة, كل شيء للنصر".
5. إيمان جماهير الشعب السوفييتي بالايديولوجية الاشتراكية العلمية, وقد عكس شعار "الدفاع عن الوطن الاشتراكي" إيمان الجماهير السوفييتية بذلك.
6. وجود قيادة سياسية كفوءة ومخلصة ونزيهة, قيادة منظرة ومتفانية من أجل شعبها ومبادئها وحزبها. وتجسد ذلك كله في شخصية يوسف ستالين الذي قاد السلطة السوفييتية منذ عام 1922 وحتى عام 1953. لقد كسب ستالين ثقة واحترام الشغيلة السوفييتية وأعضاء الحزب والقيادة العسكرية السوفييتية. خاطب ستالين الجماهير قائلا: "إن الانتصار الذي تم تحقيقه هو انتصار للنظام الاجتماعي السوفييتي, ولنظام الدولة السوفييتية"(47).
7. ما تميز به الاقتصاد الاشتراكي خلال فترة الحرب الوطنية العظمى من قوة ومتانة وتفوق على الاقتصاد الرأسمالي الألماني من حيث الإنتاج الحربي والمدني كما ونوعا.
8. وجود قيادة عسكرية سوفييتية مستعدة وكفوءة ومخلصة, كما أثبتت الحرب الوطنية العظمى تفوق العلم والفن العسكريين الاشتراكيين على العلم والفن العسكريين الرأسماليين.
9. النضال البطولي لقوات الأنصار والمنظمات السرية التي كبدت الجيش الهتلري النازي خسائر بشرية ومادية كبيرة, ناهيك عن دورها في الإمدادات العسكرية والغذائية والمعلومات للجيش الأحمر خلال فترة الحرب.
10. التنسيق الكامل والمستمر بين القيادة السياسية والعسكرية والحكومة السوفييتية وقيادات الأنصار والمنظمات السرية خلال فترة الحرب في جميع الأمور السياسية والاقتصادية والعسكرية...
11. وجود نهج سياسي واقتصادي واستراتيجية عسكرية واضحة وموحدة لدى قيادة السلطة السوفييتية. وقد أظهرت هذه الحرب العادلة قوة ومتانة النظام الاشتراكي سياسيا واقتصاديا وعسكريا وتفوقه على النظام الرأسمالي في ألمانيا, وخير دليل على ذلك إلحاق الهزيمة الكبرى على أعتى دولة فاشية عرفها التاريخ الحديث.
12. قيام القيادة السوفييتية بتطوير وإبداع مستمرين في السياسة والاقتصاد والفن العسكري خلال فترة الحرب. فقد تم التركيز على زيادة الإنتاج الحربي من خلال زيادة المخصصات المالية للصناعة الحربية من أجل زيادة إنتاج الطائرات الحربية والدبابات والمدافع بكل أصنافها والقذائف والألغام والقنابل.., كما نجحت القيادة السوفيتية في إحداث انقسام داخل النظام الإمبريالي العالمي, حيث تحول قسم منه إلى جانب السلطة السوفييتية واعتبر "حليفا". هذا هو فن السياسة العقلاني والمبدئي.
إن الشعب السوفييتي هو بطل الحرب وصانع النصر. وقد أنقذ المجتمع البشري من الفاشية الألمانية, هذا الطاعون الأصفر المقيت.
(29)
( ان لكل حرب مضمونها السياسي والطبقي)
لينين
الحلقة الخامسة
الثالث عشر:ما هي خصائص الحرب العادلة, وما هي نتائجها.
من أهم الخصائص السياسية والاقتصادية والعسكرية للحرب العالمية الثانية والنتائج التي أفرزتها ما يأتي:
1. اضطلع الاتحاد السوفييتي بالدور الفاعل والحاسم في تغيير مسيرة الحرب العالمية الثانية لصالح المجتمع البشري في إلحاق الهزيمة بالقوات الألمانية النازية واستسلامها بدون قيد أو شرط. وتحمل الاتحاد السوفييتي العبء الأكبر من حيث التضحيات البشرية والمادية لتحقيق ذلك النصر.
2. دارت الحرب العالمية الثانية من حيث الأساس بين الاتحاد السوفييتي وألمانيا الفاشية, وجاء دور الحلفاء متأخرا(؟!), وخاصة في ما يتعلق بفتح الجبهة الثانية, وكان سلوك "الحلفاء" يتصف بالازدواجية, كما أدى الاتحاد السوفييتي الدور الرئيسي في تحرير أوربا وبلدان آسيا وأفريقيا من هيمنة مسيطرة الفاشية عليها.
3. ظهور المعسكر الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفييتي, وظهور حلف وارسو ومجلس التعاضد الاقتصادي. وقد شكل المعسكر الاشتراكي قوة سياسية واقتصادية وعسكرية على الصعيد العالمي, مما أدى الى خلق توازن عسكري واقتصادي بين المعسكرين الاشتراكي والرأسمالي خلال أكثر من نصف قرن لصالح الأمن والاستقرار على الصعيد العالمي.
4. ظهر أكثر من 100 دولة جديدة حصلت على استقلالها السياسي وعملت لتعزيز تحررها الاقتصادي. وقد اضطلع الاتحاد السوفييتي وحلفاؤه بدور كبير في تحقيق ذلك.
5. تطور وتعزز دور الحركة الشيوعية العالمية, إذ ظهرت أحزاب شيوعية وعمالية في أكثر من 90 بلدا في العالم.
6. ظهور الثورات الاشتراكية والثورات الوطنية في عدد كبير من بلدان آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية. وقد أدى المعسكر الاشتراكي دورا كبيرا في نجاح وتعزيز هذا الاتجاه الوطني المشروع.
7. ظهور منظمة الامم المتحدة كمنظمة دولية مهمتها الأولى صيانة السلام والأمن للشعوب أقيمت على أساس مبدأ المساواة في سيادة جميع الدول المحبة للسلام, كما ظهر حلف الناتو والبنك الدولي وصندوق النقد الولي...
8. تم الحد من دور ونفوذ ومكانة الامبريالية الأميركية وحلفائها سياسيا واقتصاديا وعسكريا وعلى الصعيد الدولي.
الرابع عشر: الافتراء على السلطة السوفييتية... وبعض "منجزات الإصلاحيين- الديمقراطيين" الروس
حاول ويحاول بعض المؤرخين السياسيين والعسكريين من "الرفاق" السوفييت- الروس من
دعاة ما يسمى بالبيريسترويكا, ومن "الديمقراطيين" و"الإصلاحيين" وغيرهم كتابة تاريخ الحرب العالمية الثانية ناكرين ومتجاهلين دور الحزب والكمسمول, ودور ستالين في تحقيق هذا الانتصار الكبير. إنهم يؤكدون أن الشعب السوفييتي هو الذي حقق الانتصار. لا خلاف- طبعا- على ذلك من حيث المبدأ. ولكن لا يمكن, بدون قائد ومفكر سياسي وعسكري, وبدون حزب ثوري, وبدون تنظيم وتعبئة الموارد البشرية والمادية, تحقيق أي نصر لا في المجال السياسي, ولا في المجال الاقتصادي والعسكري, ولا في الحرب. هذا الدور قام به الحزب الشيوعي تحت قيادة ستالين, وهذه حقيقة موضوعية لا يمكن شطبها أو نكرانها مهما حاولت الأقلام الصفراء المأجورة التي لا بد وأن يكون مصيرها الفشل.
التاريخ لا يحاكم المنتصرين في قضاياهم العادلة, إذ لا يمكن للحرب أن تسير وفق الحسابات الكمبيوترية, فقد يظهر أحيانا بعض التقديرات أو القرارات غير المتكاملة, وأحيانا تظهر بعض الأخطاء في التطبيق العملي للقرارات, وأحيانا تظهر تجاوزات غير مقصودة قد يرتكبها هذا القائد أو ذاك, فظروف الحرب لا يمكن أن تسير في خط مستقيم وبدون تعرجات, كما يحلو للبعض. المهم أن ينظر إلى النتائج السياسية والاقتصادية والعسكرية بشكل موضوعي وعلمي انطلاقا من أن النصر تحقق أو لا. ما الذي كان سيفعله هؤلاء "القادة- الكوادر" من الكتاب والصحافيين والسياسيين السوفييت- الروس اليوم لو انتصر هتلر في حربه غير العادلة على السعب السوفييتي والقيادة السوفييتية؟!
لقد قوض هؤلاء السلطة السوفييتية والنظام الاشتراكي ومنجزاته الإنسانية في الميدان الاجتماعي والاقتصادي والعسكري والثقافي التي تم تحقيقها خلال أكثر من 70 عاما. وما قام به "البيريسترويكيون- الاصلاحيون" السوفييت- الروس عجز هتلر عن تحقيقه خلال حربه غير العادلة ضد الاتحاد السوفييتي في أعوام 1941- 1945.
دأب خونة الشعب السوفييتي منذ أواسط ثمانينات القرن الماضي ولغاية اليوم على وضع علامة مساواة بين الاتحاد السوفييتي وألمانيا الفاشية, بين الشيوعية والفاشية, بين ستالين وهتلر, وهم يؤكدون أن الذين حققوا النصر في الحرب العالمية الثانية هم الأميركيون والدولار الأميركي, وأن الجيش السوفييتي لم يكن يجيد فن الحرب..؟!(48).
وكما تشير جريدة "روسيا السوفييتية" بتاريخ 21-10-2004 في ملحقها رقم 50, فقد "تبين أن قيادة الاتحاد السوفييتي (أعوام 1985-1991, 1992-1999...)كانت بالجملة زمرة من الخونة", على شاكلة غورباتشوف وياكوفليف وشيفيرنادزه ويلتسين وكرافجوك وبريماكوف وفولسكي وديرينين وأفاناسيف وبوبوف وبوربوليس ونزربايف وكريموف وصابرمرادوف وكوجما..؟!(49).
بعض من "منجزات الإصلاحيين" الروس
1. انخفض الناتج المحلي الإجمالي خلال 5 سنوات (1992- 1996) بنسبة 40 بالمئة, وانخفض خلال الفترة من عام 1992 وحتى عام 2003 بنسبة أكثر من 55 بالمئة,(لم ينخفض الناتج المحلي الإجمالي خلال فترة الحرب الوطنية العظمى سوى 21 بالمئة). وانخفض الإنتاج الصناعي والاستثمارات بنسبة 60 بالمئة (في فترة 1992-1996), كما انخفض الإنتاج في الصناعات الخفيفة بنسبة 80 بالمئة. واستوردت الحكومة الروسية من السلع الغذائية... بنسبة 60 بالمئة. وانخفضت إنتاجية العمل في عام 2004 بنسبة 70 بالمئة مقارنة بعام 1990, كما بلغت نسبة استهلاك رأس المال الثابت 70 بالمئة(50).
2. يوجد في روسيا اليوم 30 مليون شخص يتعاطون المخدرات, و42 مليون شخص يتعاطون الكحول بشكل مفرط. وتبلغ نسبة النساء المطلقات 62 بالمئة, وذلك لأسباب اقتصادية بالدرجة الأولى. كما يوجد 4 ملايين طفل مشرد, وأكثر من مليون شخص بلا مأوى, ولا تتجاوز نسبة الأطفال الذين يتمتعون بصحة جيدة في روسيا 20 بالمئة.
3. تتعمق الهوة الاقتصادية- الاجتماعية داخل المجتمع الروسي, إذ يسيطر 10 بالمئة من الأغنياء الروس على 85 بالمئة من الدخل القومي, ولا يحصل 10 بالمئة من الفقراء إلا على 2 بالمئة من الدخل القومي.والجدير بالذكر أن الملياردير رومان أبراموفيج يبلغ دخله النقدي 500 لف دولار في الساعة الواحدة, في حين يبلغ دخل الطبيب والمعلم والموظف 15 روبلا, أي ما يعادل 0,50 سنت في الساعة(52).
تتفشى البطالة والمخدرات والجريمة والرشوة في المجتمع الروسي, إذ يبلغ عدد الجرائم السنوية 10 ملايين و11 مليون جريمة. ويبلغ مقدار الرشوة السنوية 60 مليار دولار. وتفقد روسيا سنويا منذ عام 1992 ولغاية اليوم ما بين 1,5 و2 مليون نسمة بسبب زيادة الوفيات على الولادات ولأسباب أخرى. وتقلص متوسط عمر المواطن الروسي من 72 عاما إلى 58 عاما. وفقدت روسيا خلال فترة "الإصلاح الاقتصادي"(1992-2003) 18 مليون نسمة,وتشير تقديرات أخرى إلى 20 مليون نسمة.وتقلص عدد السعرات الحرارية مقابل الفرد من السكان إلى 2000 سعره حرارية في اليوم في حين كان هذا الرقم يتجاوز 3000 في ظل السلطة السوفييتية(53). ونتيجة لما يسمى بالإصلاح الاقتصادي منذ عام 1992 ولغية اليوم "لم ترجع روسيا إلى الرأسمالية, بل إلى عبودية القرون الوسطى"(54).
من "فضائل" و"نجاحات" بعض "قادة وكوادر" الحزب ومن أطلق عليهم لقب "البيريسترويكيين" و"الإصلاحيين- الديمقراطيين" من السوفييت-الروس أنهم أنجزوا وحققوا اللامعقول في كل الميادين, ومنها على سبيل المثال أن الكلفة الشهرية لغذاء الحصان تبلغ 1200 دولار, في حين لا يتعدى المرتب الشهري للبروفسور 200 دولار(؟!). ويوجد في العاصمة موسكو وحدها أكثر من 100 ألف كلب شارد في الشوارع, وهذه الكلاب الجائعة والمسعورة ألحقت أضرارا كبيرة بالمواطنين الفقراء. فهل هذا هو المعقول في ظل ما يسمى بنهج الإصلاح الاقتصادي الذي فرضه صندوق النقد الدولي والبنك الدولي على الشعوب؟ هذا هو الجوهر غير الإنساني والعبودي لسياسة ما يسمى بالإصلاح الاقتصادي والليبرالية المتطرفة بهدف بناء الرأسمالية المتوحشة.
الخامس عشر: بعض الاستنتاجات والمقترحات
ما حققه الشعب السوفييتي والحزب الشيوعي السوفييتي تحت قيادة يوسف ستالين خلال حربه الوطنية العظمى قد شكل فعلا معجزة وانتصارا تاريخيا ليس فقط للشعب السوفييتي, بل للغالبية العظمى من شعوب العالم التواقة إلى السلم والأمن والاستقرار.لقد عاشت شعوب العالم خلال أكثر من نصف قرن نوعا من الاستقرار السياسي والاقتصادي- الاجتماعي النسبي في ظل توازن متكافئ بين المعسكر الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفييتي والمعسكر الإمبريالي بقيادة الإمبريالية الأميركية. إلا أن هذا الاستقرار لم يلب, حتى بشكله النسبي, مصالح قوى الثالوث العالمي, بل كان يشكل عاملا معرقلا وعقبة حقيقية أمام تنفيذ برنامج الحكومة العالمية, وبالتالي وضعت قوى الثالوث العالمي برامج سياسية واقتصادية وعسكرية وأيديولوجية من أجل تقويض المعسكر الاشتراكي, وخاصة الاتحاد السوفييتي. ومما يؤسف له أنها "نجحت" في تنفيذ برنامجها العالمي غير المشروع وغير الديمقراطي بفعل عامل الخيانة في "قيادة" الحزب الشيوعي السوفييتي خلال فترة 1985- 1991. ويكمن جوهر هذا البرنامج في الاستحواذ على ثروات الشعوب, وخاصة النفط والغاز... والعمل لإعادة تقسيم العالم من جديد لصالح الإمبريالية الأميركية والبريطانية والعمل الجاد والحثيث لإلغاء كل المنجزات التي تحققت بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.
1. يتطلب النظام الاشتراكي وجود مفكرين وقادة سياسيين أكفاء ومخلصين ونزيهين يساهمون في إغناء وتطوير النظرية الماركسية- اللينينية على أرض الواقع وضمن الظروف الاقتصادية والاجتماعية لتلك الحقبة الزمنية المعينة. وهذا ما حدث خلال فترة قيادة لينين وستالين للدولة السوفييتية منذ عام 1917 وحتى عام 1953. أما القادة السياسيون الذين تولوا السلطة بعد وفاة ستالين وقادوا الحزب والدولة السوفييتية, فلم يكونوا مفكرين, بل كانوا قادة سياسيين,ولكنهم لم يمتلكوا الصفات القيادية المطلوبة لدولة عظمى مثل الاتحاد السوفييتي: أراد خروشوف بناء الشيوعية عام 1980, وأراد غورباتشوف "تطوير" الاشتراكية في الاتحاد السوفييتي. والنتيجة لا تحتاج إلى توضيح. لقد كان الاتحاد السوفييتي محاطا من جميع الجهات بأعداء طبقيين يملكون فن التآمر والتخريب...
2. لا يمكن تقويض الاشتراكية في حالة وجود حزب ماركسي- لينيني يمثل مصالح العمال والفلاحين... ويسترشد بالفكر الاشتراكي العلمي قولا وفعلا. وهذا ما حدث في الاتحاد السوفييتي من عام 1917 حتى عام 1953. ولكن الحزب الشيوعي السوفييتي تحول وخاصة في فترة أعوام 1985- 1991 إلى جهاز إداري بيروقراطي عششت فيه العناصر الانتهازية والتحريفية من أجل الإثراء الشخصي بالدرجة الأولى. وقد شكلوا النواة الرئيسية لظهور "الطابور الخامس"في الحزب والدولة السوفييتية, كأداة فاعلة ورئيسية لتقويض دولتهم العظمى "بالمجان" لصالح الحكومة العالمية, ولصالح الإمبريالية الأميركية. وهذا ما حدث خلال فترة ما يسمى بالبيريسترويكا (أعوام 1985- 1991).
3. لا يمكن أن يتم تقويض الاشتراكية إذا كانت قيادة وكوادر الحزب الشيوعي ملتحمة ومتراصة ومتفانية فعلا لا قولا لصالح جماهير الشغيلة وتشعر بأحاسيسها الإيجابية والسلبية في آن واحد. وهذا, إن تحقق, يشكل عاملا مهما وإيجابيا لتعزيز دور ومكانة الحزب وسط الجماهير. وحدة الحزب والشعب الحقيقية تشكل الأساس الثابت والمنيع لحماية الاشتراكية من أعدائها الطبقيين.
4. لا يمكن أن يتم تقويض الاشتراكية إذا استطاع الحزب الشيوعي الحاكم أن يخلق الوعي الاشتراكي الحقيقي لدى الشغيلة, وإن ينفذ الشعار الرئيسي: المعامل والمصانع للعمال, والأرض للفلاحين, والسلطة للشغيلة, والديمقراطية والسلام للجميع.
5. لا يمكن أن يتم تقويض النظام الاشتراكي عندما يحافظ الحزب الشيوعي على الهوية الطبقية والإيديولوجية, أي أن يكون حزبا حقيقيا للشغيلة, وأن يقر ويطبق قولا وفعلا الديمقراطية الاشتراكية داخل الحزب والمجتمع.
6. لا يمكن أن يقوض الحزب والنظام الاشتراكي في حالة وجود قيادة مفكرة وأمينة وكفوءة تعكف باستمرار على "تنظيف" الحزب من الانتهازيين والتحريفيين والوصوليين والمرضى نفسيا. في حالة "تنظيف" الحزب من هذه النفاية القذرة والمتعفنة يبقى الحزب قويا تنظيميا وفكريا ومثالا جيدا, ويكسب ثقة واحترام الشعب. في هذه الحالة يصعب اختراق الحزب.
7. لا يمكن أن يتم تخريب الحزب والاشتراكية من الداخل إذا أقرت قيادة الحزب حرية التفكير والصراع الفكري داخليا من أجل إغناء وتطوير النظرية الماركسية- اللينينية, وإغناء وتطوير سياسة الحزب على كل الأصعدة, وفي كل الميادين.
8. لا يمكن أن يتم تخريب النظام الاشتراكي بفعل العامل الخارجي فقط, ولكن يمكن أن يتم تقويض الحزب والاشتراكية من الداخل عن طريق شراء ذمم بعض "قادة" و"كوادر"الحزب الشيوعي الحاكم في السلطتين التنفيذية والتشريعية. وقد استخدمت هذا الأسلوب قوى الثالوث العالمي في صراعها ضد الاتحاد السوفييتي. إنها فشلت في تحقيق مخططها الهدام خلال فترة حكم يوسف ستالين (1922- 1953), ولكنها "نجحت" بعد وفاة ستالين, وخاصة خلال فترة حكم ميخائيل غورباتشوف (1985-1991).
9. لا يمكن للنظام الاشتراكي أن يواجه أزمة اجتماعية واقتصادية إذا تم الاستخدام العقلاني والموضوعي في تطبيق القوانين الاقتصادية الاشتراكية, وخاصة قانون التخطيط الاشتراكي المركزي الذي يتم من خلاله الاستخدام العقلاني للموارد البشرية والمادية مع مراعاة الظروف والإمكانيات المادية والبشرية المتاحة.لم تواجه الاشتراكية منذ عام 1917 وحتى أواسط الثمانينات أي أزمة حادة كالأزمات التي واجهتها الرأسمالية منذ نشوئها ولغاية اليوم. وخير دليل على ذلك أزمة الثلاثينات من القرن الماضي.
10. لا يمكن أن يتم تقويض النظام الاشتراكي لا بالحرب العسكرية ولا بالحصار الاقتصادي إذا كان الحزب الشيوعي الحاكم يتمسك بالنظرية الماركسية- اللينينية ويستند إليها في عمله ونشاطه, وفي إدارة الدولة, وفي الميدان السياسي والاقتصادي- الاجتماعي ويعمل لتطويرها وإغنائها آخذا في الاعتبار الواقع الموضوعي على الصعيدين المحلي والعالمي. وخير دليل على ذلك ما حدث للدولة السوفييتية خلال الحرب الأهلية (1918- 1922) والحرب الوطنية العظمى (1941- 1945).
11. لا يمكن أن يتم تقويض النظام الاشتراكي إذا امتلك القوة العسكرية الرادعة,ومنها السلاح النووي... من أجل الدفاع عن النظام الاشتراكي والحفاظ على منجزاته والحفاظ منجزاته الاجتماعية والاقتصادية والعسكرية.., وهذا ما أدركه المفكر والقائد السياسي يوسف ستالين خلال فترة حكمه (1922- 1953), فقد استطاع أن يلجم جبروت وطغيان النظام الإمبريالي العالمي بقيادة الإمبريالية الأميركية. وخير دليل على ذلك أنه تم سحق الفاشية الألمانية في عقر دارها, وهي التي كانت تشكل النواة والمولود الطبيعي للنظام الإمبريالي العالمي,
12. فشل النظام الإمبريالي العالمي بقيادة أميركا في حسم الصراع مع الاتحاد السوفييتي وحلفائه بالقوة العسكرية أو بالحصار الاقتصادي, وخير دليل على ذلك الفترة من عام 1917 حتى عام 1984
13. :كان انتصار الشعب السوفييتي تحت قيادة الحزب الشيوعي السوفييتي في الحرب الوطنية العظمى العادلة يعني انتصار الاشتراكية على ألمانيا النازية, وليدة النظام الإمبريالي العالمي. وما مأثرة الشعب السوفييتي الكبيرة في انتصاره على الفاشية الألمانية إلا تجسيد حي لقوة الدولة الاشتراكية وتأكيد لحيوية وانتصار الإيديولوجية الماركسية- اللينينية.
14. لو تم تدريس "البروتوكولات الصهيونية" في المدارس والمعاهد والجامعات السوفييتية, وكذلك في البلدان الاشتراكية, وفي الأحزاب الشيوعية غير الحاكمة, وهي البروتوكولات التي كانت ولا تزال تمثل البرنامج الملموس والحقيقي للحكومة العالمية من أجل السيطرة على العالم وقيادته, لما استطاعت الحكومة العالمية وحلفاؤها أن تقوض الاتحاد السوفييتي وبلدان أوربا الشرقية, وأن تخرب وتضعف الحركة الشيوعية العالمية وتسبب لها تشويشا فكريا وانقسامات مستمرة لا نهاية لها.
15. كان من المفروض أيضا أن يتم تدريس مادة الاقتصاد الاشتراكي والفلسفة والشيوعية العلمية في البلدان الاشتراكية نظريا وتطبيقيا والحديث بشكل موضوعي عن النجاحات وعدم التخوف من ذكر السلبيات, لأن هذه السلبيات ظاهرة طبيعية ناشئة من ولادة نظام جديد. لو تم تحقيق ذلك وغيره لكان الاتحاد السوفييتي وحلفاؤه موجودين, ولفشل الخصوم في اختراق "قيادة" الحزب, ولكان العالم يعيش بأمان واستقرار, ولاستطاع أن يحافظ على توازنه السياسي والاقتصادي والعسكري, وعلى إقرار مبدأ التعايش السلمي بين الأنظمة الاجتماعية- الاقتصادية المختلفة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول, ولاستطاعت شعوب العالم أن تعرف الحقيقة الموضوعية عمن يقف وراء الحروب غير العادلة والفقر والأمراض والمجاعة والاستغلال... ولكن...
16.يخطئ من يعتقد أن من الممكن ترويض الشعوب بالقوة العسكرية أو بالتجويع والإرهاب أو
بضخ الدولار من اجل شرائها أو شراء كل النخب الحاكمة.و يمكن إحباط مخطط قوى الثالوث العالمي بإقامة جبهة شعبية ديمقراطية عالمية تضم جميع الأحزاب والمنظمات الاجتماعية
والمهنية المناهضة والرافضة لمشروع عودة الاستعمار الإمبريالي الجديد تحت مبررات
واهية منها, على سبيل المثال, "مكافحة الإرهاب الدولي و"النضال من أجل الديمقراطية"
وتصدير "ثورة الألوان" والعمل لشراء ذمم بعض "قادة" الدول والكوادر المتنفذة في
السلطتين التنفيذية والتشريعية والسعي إلى "خلق معارضة ديمقراطية" واستخدامها كعامل داخلي بهدف تقويض هذا النظام أو ذاك من خلال تقديم الدعم المادي وغير المادي لهذه
المعارضة الديمقراطية. كل هذه الأساليب مصيرها الفشل شريطة أن تدرك الشعوب
وأحزابها الوطنية واليسارية هذا الخطر.
لن يجلب النظام الإمبريالي العالمي لشعوب العالم إلا البطالة والفقر والجريمة والمخدرات والتفسخ والتفكك الأسري والأزمات الاقتصادية والاجتماعية والتبعية السياسية والاقتصادية وتعمق الهوة الاجتماعية والاقتصادية لصالح فئة طفيلية لا علاقة لها بخلق الإنتاج المادي, كما أنه لن يجلب سوى تفاقم المديونية على الصعيدين الداخلي والخارجي. ويعكس هذا النظام في جوهره شن الحروب غير العادلة من أجل الاستحواذ على ثروات الشعوب والعمل لتصريف أزماته الاقتصادية والاجتماعية الداخلية, ولهذا يعتبر القرن العشرون من أكثر القرون دموية في ظل النظام الإمبريالي العالمي. وبسبب إشعاله الحروب غير العادلة فقد العالم ما بين 80 و100 مليون نسمة, ناهيك عن عدد الجرحى والمعوقين والمفقودين!!
يؤكد لينين أن "الإمبريالية هي "رفض" للديمقراطية عموما وللديمقراطية بأكملها, كما أن الإمبريالية رجعية على طول الخط", وأن "الرأسمالية في طورها الإمبريالي ترفض الديمقراطية الاقتصادية والسياسية على السواء". وفي ظل الإمبريالية يتم التوجه نحو تقليص الديمقراطية الحقيقية وعسكرة الاقتصاد, وهذا يتم في ظل اشتداد التناقض الاجتماعي والاقتصادي الناشئ عن هيمنة الاحتكارات والذي عبر عنه لينين بأنه "تناحر بين الامبريالة الرافضة للديمقراطية والجماهير المتطلعة إليها"(55).
أجمل ستالين نتائج الحرب الوطنية العظمى في عام 1946 بالكلمات التالية: "يعني انتصارنا لأول ما يعني انتصارا لنظامنا الاجتماعي السوفييتي, ويعني أن النظام السوفييتي قد اجتاز المحنة بنجاح في وطيس الحرب وأثبت قدرته على الحياة"(56).
المراجع
1. مجلة "العربي". شباط 1996 . ص58.
2. الكسندر ميخالوفيج سمسونوف. الحرب العالمية الثانية (1939- 1945). موسكو. 1985. ص 16 (باللغة اروسية).
3. مجلة "الثقافة السياسية", العدد 44 . 2003. ص 122 (باللغة الروسية). مجلة "الشيوعي", العدد 1. كانون الثاني-شباط . 2004. ص 37 (باللغة الروسية).
4. جريدة "برافدا روسيا". العدد 18, 7- 13/5/ 2003 (باللغة الروسية).
5. مجلة "العلوم الاجتماعية والعصر", العدد 2. موسكو 1985. ص 68.
6. المصدر السابق, ص 264.
7. المصدر السابق, ص 142- 144.
8. جريدة "العلنية", العدد 11, 20/5/ 1995 وجريدة "روسيا السوفييتية", 22/2/ 2005. (باللغة الروسية).
9. جريدة "العلنية", العدد 11, 20 /4/ 1995 (باللغة الروسية).
10. مجلة "العلوم الاجتماعية والعصر", العدد2, موسكو, 1985, ص 263 وجريدة "العلنية" العدد 2, 25 /2/ 2005 (باللغة الروسية).
11. فاديم كارنيف. تراث ستالين الذري. موسكو, 2001, ص 52-54 (باللغة الروسية). قاموس المعلومات, الحرب الوطنية العظمى (1941- 1945). موسكو, 1925, ص 112- 117 (باللغة الروسية).
12. س. ف. كاروبينكو. إشكالية الكرملين, الماضي والمستقبل. موسكو, 2004. ص 407 (باللغة الروسية) ومجلة "العلوم الاجتماعية والعصر", العدد 11 ,موسكو, 1985. ص 25-27.
13. قاموس المعلومات, الحرب الوطنية العظمى (1941- 1945), موسكو, 1985, ص 366, 370- 372 (باللغة الروسية). "مجلة "العلوم الاجتماعية والعصر", العدد 2. 1985. ص 127- 131. جريدة "العلنية", العدد12, 7/5/ 1995 (باللغة الروسية). جريدة "روسيا السوفييتية". 6/5/ 1995. جريدة "روسيا السوفييتية", 21/10/ 2004. التلفزيون الروسي, 21 /6/ 2004.
14. جريدة "برافدا روسيا", العدد 18, 7-13 /5/ 2003 (باللغة الروسية).
15. جريدة "برافدا روسيا", العدد 8, 24/2/- 2/3/ 2005(باللغة الروسية)
16. أوليغ شينين. زمن الصراع- زمن الهجوم. موسكو, 2001, ص 372, 429-430 (باللغة الروسية).
17. جريدة "البرافدا", 15-18 /4/ 2005 (باللغة الروسية).
18. قاموس المعلومات, الحرب الوطنية العظمى (1941- 1945), موسكو, 1985,ص 447- 453 (باللغة الروسية).
19. قاموس المعلومات, الحرب الوطنية العظمى (1941- 1945), موسكو, 1985, ص 240, 245 (باللغة الروسية), ومجلة "العلوم الاجتماعية والعصر", العدد 2, موسكو, 1985, وجريدة "العلنية", العدد 12, 7/5/ 1995 (باللغة الروسية), وجريدة "روسيا السوفييتية", 26 /3/ 2003, 9 نيسان 2005 (باللغة الروسية).
20. مجلة "العلوم والعصر", العدد 2, مصدر سابق, ص 141, 192-194, 254, و"الجريدة العلنية", العدد 12, 7/5/ 1995, وجريدة "روسيا السوفييتية", 21/10/ 2004 (باللغة الروسية).
21. جريدة "روسيا السوفييتية", 6 /5/ 1995 (باللغة الروسية), جريدة "العلنية", العدد 12, 7/5/ 1995 (باللغة الروسية).
22. مجلة "العلوم الاجتماعية والعصر", العدد 2, مصدر سابق, ص 111, 117, جريدة "روسيا السوفييتية", 6 /5/ 1995, وجريدة "برافدا روسيا", العدد 8, 24/2-2/3/ 2005 (باللغة الروسية).
23. لينين. المؤلفات الكاملة. المجلد 45, ص 383 (باللغة الروسية).
24. حرب الاتحاد السوفييتي الوطنية العظمى (1941-1945). موسكو, 1948, الطبعة الثالثة, ص 505 (باللغة الروسية).
25. مجلة "العلوم الاجتماعية والعصر", العدد2, مصدر سابق, ص 111, 130, 133, وجريدة "العلنية", العدد9, 29/9/ 2001 (باللغة الروسية), والجريدة "الاقتصادية",العدد 10, آذارعام2005 (باللغة الروسية), وجريدة "البرافدا" 18-19/3/2003 (باللغة الروسية).
26. جريدة "البرافدا", 18-19/3/ 2003 (باللغة الروسية).
27. جريدة "روسيا السوفييتية", 1/12/ 2001 (باللغة الروسية), جريدة "العلنية", العدد 9, 29/9/ 2004 (باللغة الروسية), وجريدة "روسيا السوفييتية", 19/3/ 2005 (باللغة الروسية).
28. ستالين. حول حرب الاتحاد السوفييتي الوطنية العظمى. موسكو, 1953, ص 16 (باللغة الروسية).
29. مجلة "العلوم الاجتماعية والعصر", العدد 2, مصدر سابق, ص 162-167, 170.
30. المصدر السابق. ص 157.
31. غروميكو. التوسع الخارجي لرأس المال: التاريخ والعصر الراهن. موسكو, 1982, ص 185 (باللغة الروسية).
32. المصدر السابق. ص 201.
33. مجلة "العلوم الاجتماعية والعصر", العدد 2, مصدر سابق, ص 160- 161.
34. المصدر السابق. ص 228.
35. المصدر السابق. ص 78.
36. جريدة "العلنية", , العدد 11, 20/4/ 1995 (باللغة الروسية).
37. مجلة "العلوم الاجتماعية والعصر", العدد 2, مصدر سابق, ص 79.
38. جريدة "روسيا السوفييتية", 9 /5/ 1955 (باللغة الروسية).
39. جريدة "برافدا روسيا", العدد 8 ,2 /3/ 2005 (باللغة الروسية), وجريدة "روسيا السوفييتية", 16/4/ 2005 (باللغة الروسية).
40. جريدة "العلنية", العدد 1, 21/1/2005 (باللغة الروسية), وجريدة "روسيا السوفييتية", 21/10/2004 (باللغة الروسية), جريدة روسيا السوفييتية الملحق رقم 64 5/5/2005.
41. مجلة "العلوم الاجتماعية والعصر", العدد 2, مصدر سابق, ص 113, وجريدة "روسيا السوفييتية", 1/12/2001 (باللغة الروسية).
42. قاموس المعلومات, الحرب الوطنية العظمى (1941-1945). موسكو, 1985, ص 118 (باللغة الروسية), الاتحاد السوفييتي بالأرقام, موسكو, 1985, ص 40-410باللغة الروسية), وجريدة "رسيا السوفييتية", 1/12/2001 (باللغة الروسية).
43. الاتحاد السوفييتي في أرقام, مصدر سابق. ص 40-41 , ومجلة "العلوم الاجتماعية والعصر", العدد 11, موسكو. 1
44. جريدة "روسيا السوفييتية", 6/5/1995, 1/12/2001, 5/4/2005, وجريدة "العلنية", العدد 1, 21/ 1/2005 (باللغة الروسية".
45. جريدة "البرافدا", 15-18/4/2005 (باللغة الروسية".
46. مجلة "العلوم الاجتماعية والعصر", العدد 2, مصدر سابق, ص 194, جريدة "روسيا السوفييتية", 6/5/1995, جريدة "أرغومينتي إي فاكتي", العدد 189, 2004 باللغة الروسية), وجريدة "العلنية", العدد 1, 21/1/2005 (باللغة الروسية).
47. جريدة "البرافدا", 15-18/4/2005 (باللغة الروسية).
48. المصدر السابق,وجريدة "روسيا السوفييتية, 19/4/2005 (باللغة الروسية).
49. أنظر جريدة "البرافدا", 15- 18 /4/2005, مجلة "الشيوعي", العدد 1, كانون الثاني- شباط عام 2003, ص 109 (باللغة الروسية), ومجلة "الشيوعي", كانون الثاني شباط عام 2004, ص 41 (باللغة الروسية).
50. أوليغ شينين. زمن الصراع- زمن الهجوم. موسكو, 2001, ص 408, 433 (باللغة الروسية), س. ف. كاوربيتكوف. إشكالية الكرملين, مصدر سابق, ص 401, جريدة "روسيا السوفييتية", 10/7/ 2004 (باللغة الروسية), وجريدة "باتريوت", العدد 11, آذار 2005 (باللغة الروسية).
51. جريدة "روسيا السوفييتية", 11/3/2004, جريدة "البرافدا", 20-21/7/2004 (باللغة الروسية).
52. جريدة "باتريوت", العدد 11, آذار 2005 (باللغة الروسية).
53. س. ف. كاوربيتكوف. مصدر سابق, ص 344 (باللغة الروسية), مجلة "الشيوعي", العدد 5, أيلول- تشرين الأول 2004, ص 50 (باللغة الروسية, "الجريدة المستقلة", 1/10/2004 (باللغة الروسية,وجريدة "روسيا السوفييتية", 10/1/2994 (باللغة الروسية, وجريدة "سري للغاية", العدد 3, 2004 (باللغة الروسية).
54. جريدة "روسيا السوفييتية", 13/3/2995 (باللغة الروسية).
55. قسطنطين زورادوف. الاقتصاد السياسي للثورة. موسكو, 1982, ص 202ز
56. أوليغ شينين, رئيس مجلس اتحاد الأحزاب الشيوعية- الحزب الشيوعي السوفييتي(السكرتير العام للحزب الشيوعي السوفييتي حاليا). الانقلاب المضاد للثورة في الاتحاد السوفييتي ومهام الحركة الشيوعية. 25/1/2003.
موسكو
أيار/ 2005
#نجم_الدليمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟