|
هجص توريث من لا يستحق
أحمد صبحى منصور
الحوار المتمدن-العدد: 4350 - 2014 / 1 / 30 - 19:53
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الباب الثانى: الهجص السّنى فى الميراث الفصل الثالث : هجص توريث من لا يستحق مقدمة قلنا إن فقهاء الدين السُّنى لم ينتبهوا للفوارق بين ( الأقربين ) و ( ذى القربى ) فى قوله جل وعلا : ( لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً (7) وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُوا الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً (8) النساء ) . وواضح أن الميراث ينحصر فى الوالدين والأقربين ، بينما يكون من حق ذى القربى الحصول على صدقة من الورثة إذا حضروا تقسيم التركة . وقلنا أيضا أن أولى القربى مع الوالدين هم أصحاب الوصية:( كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ (180) البقرة ) حيث تقوم الوصية للوالدين والمختارين من الورثة بربط توزيع الميراث بالعدل تبعا للظروف التى تستدعى ذلك . بسبب جهل فقهاء السُّنّة بذلك أضافوا للورثة ما ليس فيهم ،وحذفوا من الورثة أصحاب الحق ، كما سبق . نتوقف الآن مع من أضافوه للورثة بغير حق ، وبالاعتداء على التشريع الالهى فى الميراث ، وهو ما نطلق عليه ( الهجص). وهذا الهجص بإضافة من لا يستحق من الورثة له أنواع . نتوقف معها هنا : أولا : هجص بسبب إعتبارهم ذى القربى ورثة : يتجلى هذا فى إضافة الأقارب العصب من ناحية الأب كالعم وابن العم . وقد قلنا تبعا لما جاء فى آيتى الميراث أن الأقربين الورثة هم الوالدان والأولاد والأخ والاخوة و الزوج والزوجة . وبعد الأخ الأقرب بالعصبة لا حق لمن بعده كالعم وابن العم . ولكن أئمة السُّنة يجعلون العم ثم ابن العم من الورثة فى عدم وجود الوالد والأولاد والأخ وابن الأخ ، بل ينفرد أقربهم بكل التركة . ثانيا : هجص بسبب عدم فهمهم للتساوى بين الأب والأم فى الميراث وقد تعرضنا لهذه المساواة بين الأب والأم فى الميراث والوصية وسائر الحقوق ، والتى جهلها أئمة السنيين ، وضربنا مثلا لأثر هذا الجهل فى تغيير ميراث الأب بأن يصير أحيانا أقل من الأم . ولكن نشير هنا الى خطأ افدح مترتب على هذه التفرقة بين الأب والأم فى الميراث ، وهو أنهم يجعلون الأخ لأم وارثا ، دون الأخ الشقيق المولود من نفس الأم فى حالة موت الأخ . وهذه كوميديا هزلية لأنهم جميعا من أم واحدة ، ولكن للشقيق الأقرب فقط حق الارث من الأخ المتوفى ، فكيف للأخ من الأم أن يحجب الأخ الشقيق فى حالة موت الأخ ؟ ثالثا : هجص بسبب تأثرهم بثقافة الاستعباد فى العصور الوسطى ( إعتبار سكان البلاد الأصليين موالى ) طبقا لتشريع رب العزة فى الميراث فإن المتوفى له ( تركتان ) ، فهو ( يترك ) ثروة يرثها الوالدان والأقربون ، و( يترك ) أيضا مسئولية يتحملها الورثة ، فهناك ( موالى ) أى أتباع من الأقارب الفقراء والضعاف والخدم كانوا محل رعاية المتوفى ، وبعد أن ( يتركهم ) يجب أن يتحمل الورثة رعايتهم . وهذا معنى قوله جل وعلا : ( وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً (33) النساء ). بالفتوحات التى إرتدّ بها الخلفاء الراشدون عن الاسلام أصبح أصحاب البلاد المفتوحة فى درجة أقل من العرب ، بين الاسترقاق الصريح والحرية المقيدة ، وجاء التعبير عن هذا بوصفهم ( موالى ) اى أتباعا وخدما واشياء من ( سقط المتاع ) . كان هذا عاما لكل الشعوب التى خضغت للإحتلال العربى . وتفضّل العرب على من يعتنق الاسلام على يد شخص عربى بأن يكون ( مولى ) له ويحمل ( الولاء ) لقبيلة هذا العربى . وقد إستمر هذا من عصر الخلفاء الراشدين الى أواخر القرن الثالث الهجرى . ومثلا فإن إبن برزدويه ( البخارى ) يحمل ولاءا عربيا هو ( الجعفى ) إذ أسلم جده المجوسى على يدي اليمان الجعفي والي بخارى ، فحمل الولاء للجعفى هو وذريته . وكذلك الامام مسلم القشيرى وهو أبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم بن ورد بن كوشاذ القشيري النيسابوري ، فهو من نيسابور ، وحمل ولاء قبيلة قشير العربية . مقابل هذا الولاء صاغ أئمة الفقه السُّنى حقا للعربى صاحب الولاء على المولى الذى ينتسب اليه بالتبعية ، وهذا الحق هو أن يرث العربى مال المولى ، أى يكون ( الولاء ) من عوامل الآرث مع النسب ( الوالدان والأولاد ) و ( الزواج ) . وصنعوا فى ذلك حديثا يقول (الولاء لحمة كلحمة النسب ). وطبعا هو حق لطرف واحد ، هو العربى فقط على المولى ، وليس على العربى أى حق ، فلا يرث المولى سيده العربى . وهنا يتحقق الاتناقض التام بين تشريع القرآن فى قوله جل وعلا : ( وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً (33)النساء ). وبين هجص أئمة السّنّة فى ( الولاء ) . رابعا : نماذج من هجص السُّنّة : يطول الحديث لو تعرضنا لهجص مالك فى (الموطأ ) وهجص الشافعى فى ( الأم )، فهذا فوق الاحتمال ، خصوصا مع الثرثرة والاعادة والتكرار والتناقض . نكتفى بفقهاء الوهابية فى عصرنا البائس وهم ينقلون هذا الهجص ، وهم يحسبون أنهم يُحسنون صنعا . نذكر بعض ما ذكره سيد سابق فى ( فقه السُّنّة ) والتويجرى فى ( موسوعة الفقه ) . يقولون : 1 ـ أسباب الارث ثلاثة : النسب الحقيقي و النسب الحكمي وهو الولاء : - لقول الرسول صلى الله عليه وسلم " الولاء لحمة كلحمة النسب " والزواج الصحيح . أى جعلوا الولاء من أسباب الارث . 2 ـ وأصحاب الفروض اثنا عشر : أربعة من الذكور وهم الاب والجد الصحيح وإن علا والاخ لام والزوج . وثمان من الاناث وهن الزوجة والبنت والاخت الشقيقة والاخت والاخت لام الابن والام والجدة الصحيحة وإن علت . هنا يجعلون الأخ لأم مميزا ، ومن اصحاب الفروض . 3 ـ معلوم أن اصحاب العصبية الذين يأخذون كل التركة إذا إنفردوا بها أو يأخذون الباقى كالابن والأخ ، ولكن قسموهم ـ خلافا للقرآن ـ الى : عصبة بالنفس: وجعلوهم : ( كل وارث من الذكور إلا الزوج والأخ لأم، وهم: الابن، وابن الابن وإن نزل، والأب، والجد وإن علا، والأخ الشقيق، والأخ لأب، وابن الأخ الشقيق وإن نزل، وابن الأخ لأب وإن نزل، والعم الشقيق، والعم لأب، وابن العم الشقيق وإن نزل، وابن العم لأب وإن نزل، والمعتِق.) هنا أضافوا الولاء ، أو المعتق . وأضافوا العم وابن العم . وقالوا إن ( جهات التعصيب ) هى : ( البنوة. ثم الأبوة. ثم الإخوة وبنوهم..ثم الأعمام وبنوهم. ثم الولاء.). وقالوا إن جهات التعصيب بعضها أقرب من بعض وهي خمس على الترتيب:البنوة.. ثم الأبوة.. ثم الإخوة وبنوهم.. ثم الأعمام وبنوهم.. ثم الولاء.فإذا وُجدت جهة البنوة أخذت المال، فإن لم توجد انتقلت التركة إلى جهة الأبوة، فإن لم توجد جهة الأبوة انتقلت التركة إلى الإخوة، فإن لم توجد انتقلت إلى العمومة، فإن لم توجد انتقلت إلى الولاء. وقالوا إن عدد الوارثين من الرجال 15 ، وهم : الابن وابنه وإن سفل بمحض الذكور .والأب، والجد من قبل الأب وإن علا بمحض الذكور.والأخ الشقيق، والأخ لأب، والأخ لأم.وابن الأخ الشقيق وابن الأخ لأب وإن نزلا بمحض الذكور.والعم الشقيق وإن علا، والعم لأب وإن علا.وابن العم الشقيق، وابن العم لأب وإن نزلا بمحض الذكور.والزوج، والمعتق وعصبته.) وقالوا عمن يرث بالفرض فقط،: ( وهم سبعة:الزوج، والزوجة، والأم، والجدة من جهة الأم، والجدة من جهة الأب، والأخ لأم، والأخت لأم ). هكذا تلاعبوا فى مستحقى الميراث فأضافوا لهم من جهة العصبية العم وابن العم ، ومن جهة الفروض الأخ لأم ، وجعلوا الولاء ـ أو العتق ـ سببا للإرث . 4 ـ المضحك هنا أن مالك والشافعى والشيبانى وابن حنبل كانوا يعبرون عن ظاهرة إجتماعية سياسية موجودة وهى ( الولاء ) . وقد إندثرت هذه الظاهرة بالتدريج منذ القرن الرابع الهجرى ، وأنمحت تماما منذ القرن السابع الهجرى ولم يكن لها وجود فى العصر المملوكى . وبالتالى اصبحت مقطوعة الصلة تماما فى عصرنا الراهن ، فإذا كانت هجصا فى عصرها فكيف يكتبها أئمة السلفية المعاصرون فى التشريع السّنى لعصرنا ؟ هل يوجد الآن مصريون يدينون بالولاء لأفراد فى الجزيرة العربية ؟ وهل قام أحد الأعراب بعتق شخص من ايران فيستحق أن يرثه ؟ هذا يوضح أن ائمة السلفية فى عصرنا غائبون تماما عن عصرنا . وعاجزون تماما عن الاجتهاد بما يوافق عصرنا . هم فقط يجترُّون المكتوب فى العصر العباسى بحذافيره وبأحاديثه وبأكاذيبه ، ويرفعون لواء تطبيقه علينا . أرحم بنا وبهم أن نجمعهم جميعا فى كيس زبالة ونلقى بهم على الحدود المصرية الليبية السودانية ..! أخيرا : هجص ترتب على هجص 1 ـ بكثرة المُضافين للورثة تكاثرت حالات ( العول ) 2 ـ و بكثرة المُضافين للورثة إزداد الخلاف فى الردّ ، أى ما يتبقى من التركة ، فجعلوه للعم وابن العم ولبيت المال ، على إختلاف شديد فيما بينهم . كان السهل والأكثر عدلا التمسك بشرع الله جل وعلا فى الميراث .
#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كتاب الميراث: ب2 ف 2 (هجص فى موانع الارث )
-
كتاب الميراث: ب2 ف 1 هجص ( لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر ا
...
-
كتاب الميراث : الردّ والعول :
-
كتاب الميراث : تقسيم الميراث
-
كتاب الميراث : تطبيق الوصية وسداد الديون
-
دور الدولة الاسلامية والفرد المسلم فى تطبيق الوصية والميراث
...
-
كتاب الميراث : لمحة عن المعروف وتطبيق الشريعة الاسلامية
-
كتاب الميراث : الورثة هم فقط ( الأقربون ) وليسوا ( أولى القر
...
-
كتاب الميراث : العدل فى تشريع الميراث : بين العدل والمساواة
-
التقوى المقصد الأسمى لتشريع الميراث فى القرآن الكريم
-
كتاب الميراث : ب1 ف2 : مقاربة إصطلاحية : مفهوم : وصّى .
-
كتاب الميراث : المقدمة ، والفصل الأول من الباب الأول
-
( هل كانت النبوة فى النساء ؟..نعم .!) ردُ على تعليق هام .!
-
هل كانت النبوة فى النساء ؟..نعم .!
-
إستمرار تأثير أحاديث الشفاعة فى البخارى فى ميدان الانحلال
-
الشفاعة الحنبلية ونشر الانحلال الخلقى فى العصر العباسى الثان
...
-
الحنابلة وإضطهاد أهل الكتاب ب 5 ف 10
-
أملا فى أن يتطهّر موقع ( أهل القرآن ) من هذا الغباء
-
حول قرار جعل ( الإخوان ) جماعة ارهابية
-
دستور ( اهل القرآن )
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|