أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامي المنصوري - ألأبيونية في المسيحيه اليهوديه















المزيد.....



ألأبيونية في المسيحيه اليهوديه


سامي المنصوري

الحوار المتمدن-العدد: 4350 - 2014 / 1 / 30 - 12:05
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



ألأبيونية في المسيحيه اليهوديه



ألأبيونية في المسيحيه اليهوديه
هذه المقالات ليس من تأليفي وانما مقتضبات واقتباسات و ملخصات واستنتاجات من بطون الكتب والمقالات والنشرات والابحاث من مصادرها كيفما وردت لكتاب وباحثين أجانب ومستشرقين وعرب منهم المسلم او المسيحي او لا ديني والعلماني وغيرهم بهذه الصوره جمع مقال عام شامل بصوره حياديه ومعتدله -
انا لا اعتمد للمراجع البحثيه على الكتاب العقائديين و المتطرفين في الاديان والمذاهب والملل لان الشيعي متعصب والوهابي متعصب والمسيحي الارثوذوكسي متعصب الخ الخ والغرض من المقال ليس اظهار عيوب الديانات بل اظهار وجهات النظر المختلفه كلن حسب معتقده دون تدخل مني و لمقارنة الاديان مع بعضها البعض ومع الحضارات السابقه والاساطير والحكايات في قديم الزمان - لتوضح معنى الديانات واصولها تجريدا من تدخل الخالق الاله الله ولتؤكد ان الاديان بشريه الصناعه بالصوره والصوت والمنطق لا غير - أنا باحث في التاريخ و الاديان و الكائنات الفضايه
اذا كنت ديني عقائدي متطرف الفكر لا تقرأ المقال لأنه عكس هواك

Ebonite’s
Gospel of the Ebonite’s
خياطة، نهاد، الفرق والمذاهب المسيحية (منذ البدايات حتى ظهور الإسلام
العودات، حسين، العرب النصارى (عرض تاريخي
كتاب "البحث عن يسوع" لـ كمال الصليبي مرجعاً داعماً..

مصطلح "اليهودية المسيحية" يشتمل على طوائف.. ولكن هدفنا الدقيق هو: الأبيونية:
>
>
الأبيونية.. الأبيونية.. وتحديداً قسمها الثاني.. والتي تؤمن (كرروا من بعدي وبصوت مرتفع): << تؤمن بأن يسوع المسيح ولد من عذراء والروح القدس، لكنهم لم يؤمنوا بأن له وجوداً سابقاً، وهو - بالتالي - ليس إلهاً..... والإنجيل الذي يعتمدونه هو "إنجيل العبرانيين
هو "إنجيل العبرانيين".....>>
ولكن ما تاريخهم وأين تواجدوا في الجزيرة العربية؟.. فلنقرأ:
<<حيث بدأ التبشير النصراني نتيجة لهجرة النصارى المبكرة إلى جزيرة العرب، ويرى بعض المؤرخين أن أول هجرة نصرانية بدأت عام 70 م بعد تدمير أورشليم، ثم توالت الهجرات كلما حصل اضطهاد في فلسطين، وهجرات نصرانية ويهودية. وهجرات مجموعات عقائدها مزيجاً من اليهودية والنصرانية وجدت سبيلها إلى جزيرة العرب مثل الأبيونيين والناصريين والكسائيين. فالأبيونيون جماعة من قدماء اليهود المتنصرين، معتقداتهم مزيج من اليهودية والنصرانية، وهم يعتقدون بوجود الله الواحد خالق الكون، وينكرون رأي بولس الرسول في المسيح، ويحافظون على حرمة يوم السبت. وبعضهم آمن أن المسيح بشر وأنكر الصلب، وأن الذي صلب هو غير المسيح وقد شبه على من صلبه. والناصريون اعترفوا بألوهية المسيح وحافظوا على شريعة موسى، أما الكسائيون فقد كانوا يحافظون على الختان وحرمة يوم السبت، وكانوا يتوجهون بصلاتهم نحو بيت المقدس، ويعتقدون بوجود إله واحد وباليوم الآخر وبالملائكة.>>
بأن أتباع يسوع "الناصري" عُرفوا في أورشليم بـ "شيعة الناصريين" أو "النصارى" (Nazaraioi) (أعمال الرسل 24 : 5) قبل أن يتسموا "مسيحيين" (Christianoi) للمرة الأولى في أنطاكية (أعمال الرسل 11 : 26). وكان مذهب "النصارى" يسمى "الطريق" (hodos كما في أعمال الرسل 9 : 2)، أو "طريق الرب" (hodos tou kuriou كما في أعمال الرسل 18 : 25؛ قابل مع التسمية الإسلامية للمذاهب الصوفية بـ "الطرق"، وبالمفرد "طريقة").... ويبدو أن مذهب النصارى الذي هو "الطريق" كان مركزه أصلاً في "العربية" (أي بلاد العرب) قبل أن تنتقل به جماعة يسوع إلى فلسطين. وعندما تبيّن لبولس - وهو اليهودي المتعلم، والفريسي أصلاً - بأن يسوع هو المسيح بالفعل، لم يشأ أن يتوجه من دمشق إلى أورشليم ليتلقى المعلومات عن مذهبه من أتباعه النصارى الذين بقوا هناك، وهم الذين كانوا "عاميين" و "عديمي العلم" (أعمال الرسل 4 : 13) ، بل توجه فوراً إلى "العربية" ليقف على حقيقة أمر "الطريق" من مصدرها الأصلي. ويبدو أن ما وجده بولس في "العربية" وعاد به إلى دمشق هو "الرقوق" (membrana) التي يتحدث عنها في الرسالة الثانية التي بعث بها من سجنه في روما إلى "الابن الحبيب" تيموثاوس، في أواخر حياته، إذ يقول (2 تيموثاوس 4 : 9 - 13)
"بادر أن تجيء إليّ سريعاً.... لوقا وحده معي.... الرداء الذي تركته في ترواس (مقاطعة بغرب الأناضول).... أحضره [معك] متى جئت، والكتب أيضاً، ولاسيما الرقوق."
يتضح من هذا الكلام أن بولس كانت لديه "رقوق" مهمة يعتمد عليها كأصول لتبشيره بـ "المسيح يسوع" ثم بـ "يسوع المسيح"، مهما كان مصدر هذه الرقوق. وهي التي كان لوقا وتيموثاوس، في الأقل، من بين أتباع بولس، على علم بوجودها. ولعل هذه "الرقوق" بقيت موجودة بعد وفاة بولس إلى حين، فاستُخدمت كمصادر في كتابة الأناجيل ثم ضاعت، أو أُتلفت.>>
المصدر: الصّليبي، كمال، البحث عن يسوع (قراءة جديدة في الأناجيل)، دار الشروق للنشر والتوزيع، عمان، الطبعة الأولى، 1999، ص107 - 109.
هل هذه الرقوق هي إنجيل الأبيونيين؟ أو ما يسمى "إنجيل العبرانيين"؟ إنجيل "عيسى" وليس إنجيل "يسوع"؟
عيسى ابن مريم.. ليس يسوع.. هل اختلط عليك الأمر يا "بولس"؟.. هل قمتَ بإسقاط اسم أم "عيسى" على أم "يسوع"؟.. هل أخذت قصة ولادة "عيسى" وإنجيله "إنجيل العبرانيين" فمزجته بقصة "يسوع" والروايات عنه (أناجيله)؟
Canoiques اناجيل تعتمدها الكنيسه

Apocryphes اناجيل لا تعتمدها الكنيسه ابوكريف
الاناجيل الاربعه الاربعه متي –مرقص – لوقا الاناجيل الازائيه synoptiques
الانجيل الرابع يوحنا ذو طابع غنوصي او عرفاني في القرن الثاني ميلادي

رسائل بولص الرسول
رسالة برنابا
القرن التاسع انقسم المسيحيون الى كاثولك و ارثودوكس
303 م اتلف الامبراطور ديوكلسيبانوس أمر باتلاف الكتب المسيحيه
العهد الجديد يشمل الاناجيل الاربعه وسفر اعمال الرسل و رسائل القديس بولص وبطرس وسفر الرؤيا
انجيل العبرانيين الابيونيه
النصارى من الناصره
الغنوصيه Docetism
الغنوصيه على النقيض من الابونيه
الطبيعه البشريه هي الناسوت
الطبيعه الالهيه هي اللاهوت هذه الكينوته متحدتان ام منفصلتان يعني الصلب حصل على الناسوت و اللاهوت معا ام على الناسوت فقط
"النصارى" (Nazaraioi)
هو "الرقوق" (membrane
Gospel of the Ebionites

الجذور الأبيونية لنفي ألوهية المسيح في الإسلام

يحدثنا الكاتب الراحل بإيجاز عن معالم منهجه المادي التاريخي في تناول التاريخ الإسلامي بكتابه القيم " قريش من القبيلة إلى الدولة المركزية " قائلا :

" لنبتعد عن الأساطير ..ولنسلم بعجزنا عن دراسة الماورائيات دراسة موضوعية , ولنتحاشى
العواطف الفجة , والإجابات المعلبة..
بعد أن نفعل ما سبق يصبح المطمح واضحا ومحددا , وهو إعادة كتابة التاريخ العربي الإسلامي بمنهج علمي يتلمس الطريق إلى الحقائق الموضوعية الكامنة وراء الأحداث.."



وعلى هذا الأساس المادي التاريخي , وعبر العشرات من المصادر الموثقة , يقدم باحثنا رؤيته عما أسماه" فترة التكوين " لمحمد (التكوين الفكري) , والتي مثلت بنظر الباحث الأساس المعرفي الذي بنى عليه محمد دعوته , وتغطي هذه الفترة بنظر الباحث " الخمسة عشرة" عاما السابقة لدعوته منذ كان زوجا لخديجة بنت خويلد في الخامسة والعشرين من عمره ..
تلك الفترة التي يراها الباحث حاسمة في بناء ثقافة محمد بالتوراة والإنجيل , والتي كان لقريب زوجته , المسمى " ورقة بن نوفل" دورا كبيرا ومهما في بنائها !
وهو الرجل الذي تبحر في علمه بالتوراة والإنجيل ..

ويرى باحثنا أن محمدا قد تأثر بأفكار ورقة هذا ,والذي آمن بوحدانية مجردة بالله , وبأن المسيح لم يكن إلا نبيا , فأنكر بذلك تماما ألوهية المسيح …

والنظرة السابقة عن ألوهية المسيح بنظر الباحث أخذها ورقة عن طائفة من اليهود المتنصرين إستوطنت التخوم الشمالية لشبه جزيرة العرب , وجنوب الشام , حملت فكرها نقلا عن إحدى الجماعات الغنوصية المسماة بالأبيونيين ..

فمن هم الأبيونيين ؟

يحدثنا د. رمسيس عوض في كتابه " الهرطقة في الغرب" عن هذه الفرقة كإحدى الفرق التي ظهرت في القرن الأول الميلادي ضمن من أسمتهم الكنيسة بالهراطقة , قائلا:

" الأبيونية _ وهي كلمة عبرانية معناها الفقير أو المسكين _ حركة قريبة الشبه بالتهويدية( إحدى حركات الهرطقة في القرن الأول الميلادي) من حيث استمساكها بدرجات متفاوتة بالتعاليم الموسوية , انتشرت في فلسطين والمناطق المجاورة مثل قبرص وآسيا الصغرى حتى وصلت إلى روما . وبالرغم من أن معظم أتباعها من اليهود فقد اتبعها عدد من الأمم ( أي من غير اليهود) . ظهرت الهرطقة الأبيونية في أيام المسيحية الأولى لكنها لم تصبح مذهبا له أتباعه ومريدوه إلا في أيام حكم الإمبراطور "تراجان" (52 _117 م).
واستمرت في البقاء حتى القرن الرابع الميلادي فيما يقول المؤرخون أو نحو منتصف القرن الخامس الميلادي فيما يقول الأنبا " جريجوريوس"…

…ويقسم الباحثون "الأبيونية " إلى ثلاثة أنواع :
1- الأبيونية الفريسية المتطرفة .
2- الأبيونية المعتدلة
3- الأبيونية الأسينية.

نبدأ بالنوع الفريسي المتطرف فنقول أنه أكثر الأنواع الثلاثة شيوعا واستمساكا على نحو حرفي بالشريعة الموسوية. أنكر المسيحيون الأبيونيون عذرية مريم واعتقدوا أن المسيح بشر
لا يختلف عن موسى وداود وأنه ثمرة علاقة جسدية ربطت مريم بيوسف , وحافظوا على السبت وسائر نظم اليهود ورفضوا الإعتراف بالأناجيل الأربعة باستثناء نسخة عبرية شائهة
وممسوخة من إنجيل "متى" لم يعد لها وجود الآن .كما أنهم أنكروا ألوهية المسيح وذهبوا إلى
أنه مجرد إنسان هبط عليه الروح القدس عند تعميده في طفولته على هيئة حمامة وأن هذا الروح القدس تركه وقت الصلب …

… يقول الأنبا "جريجوريوس" في كتابه " علم اللاهوت المقارن" إن الأبيونيين الفريسيين
اتسموا بالتزمت وأنكروا لاهوت المسيح " ولم يعترفوا بوجوده الإلهي قبل التجسد ورفضوا
أن يعتبروه اللوجوس أو كلمة الله وحكمته , كما أنكروا ميلاده المعجزي من العذراء .."..

… وقد حملت جماعة الأبيونيين الفريسيين حملة شعواء على القديس "بولس" وأنكروا رسوليته بسبب استماتته للحيلولة دون تهويد المسيحية أو احتوائها في إطار الشريعة الموسوية…

…وعلى الرغم من هرطقة الأبيونيين الفريسيين فقد أدى واحد منهم واسمه "سيماكوس" خدمة جليلة للعالم المسيحي نحو نهاية القرن الثاني أو بداية القرن الثالث بترجمة العهد القديم إلى اليونانية. وهي ثالث ترجمة قيض لها الظهور في تاريخ المسيحية بعد ترجمة كل من اكويلا
وثيوديون له .ويمتدح العلامة "جيروم" الذي عاش في القرن الرابع الميلادي ترجمة "سيماكوس"اليونانية بمقارنتها بالترجمتين الأخريين..
… والجدير بالذكر أن ترجمة سيماكوس تركت أعمق الأثر في "جيروم" أثناء إضطلاعه بترجمة الكتاب المقدس إلى اللاتينية…

…. أما النوع الثاني من الأبيونيين فيسميه الأنبا " جريجوريوس" الأبيونيين المعتدلين الذين
استمروا حتى أيام القديس أيرنيموس "342_ 420م" ويتفق هذا النوع الأول من الأبيونيين
على أن يسوع هو المسيح المنتظر وعلى إنكار لاهوته …
… ويتساهل الأبيونيون المعتدلون فيذهبون إلى معجزة ميلاد المسيح من مريم العذراء…

… وقد انبثق من الأبيونية بنوعيها الأول والثاني نوع ثالث من الهرطقة يعرف بالأبيونية
الغنوصية أحيانا والأبيونية الأسينية أحيانا أخرى (نسبة إلى إيسين وهي جماعة سرية ظهرت
قبل المسيحية بنحو مئة وخمسين عاما) وتميل هذه الجماعة الأبيونية الثالثة إلى التأملات الصوفية وإلى الزهد والتقشف …
…وقد رفضت الأبيونية الغنوصية الجانب الأكبر من تاريخ اليهودية واعتبرته انحرافا عن صحيح العقيدة الموسوية.ولهذا نبذت الإيمان بالعهد القديم باستثناء الأجزاء الخمسة منه الموحى بها إلى موسى …
… وأيضا ذهبت الأبيونية الغنوصية إلى تقسيم الأنبياء إلى نوعين : أنبياء الحقيقة مثل آدم ونوح وإبراهيم وإسحق ويعقوب وقارون وموسى وأنبياء الفهم (وليس الحقيقة) مثل داوود وسليمان وأشعيا وأرميا. وإلى جانب إنكارهم فيما يبدو لبعث الأجساد ونشورها .
يرفض الأبيونيون الغنوصيون مذهب التثليث أي الإيمان بالآب والإبن والروح القدس .ولكنهم
آمنوا بنوع من الثنائية الغامضة فذهبوا إلى وجود قوتين إلهيتين تتمثل إحداهما في مبدأ ذكر هو إبن الله الذي اعتقدوا أنه تجسد في آدم أول الأمر ثم يسوع في آخر الأمر .وتتمثل الأخرى في الروح القدس . ويبدو أن هذه الجماعة مارست الإيوخارست (سرالمناولة) من الخبز الخالي من الخميرة والماء بدلا من الخمر التي درجت المناولة في المسيحية على استخدامه ..


… ويقول الأنبا "جريجوريوس " إذا كانت الأبيونية الفريسية قد ورثت تعاليمها من الكنيسة اليهودية فإن الأبيونية الأسينية هي ثمرة الخلط بين المسيحية والمذهب اليهودي الأسيني وبعض المباديء التصوفية الغنوسية والشرقية".


( إنتهى هذا الإقتباس المختصر بتصرف عن كتاب د. رمسيس عوض " الهرطقة في الغرب" )

ويقدم لنا الباحث "خليل عبد الكريم" هؤلاء الأبيونيين من عدة مصادر أخرى في كتابه السابق المشار إليه سابقا :


(" وأظهر ما تتميز به عقيدة هؤلاء الأبيونيين تمسكهم بالتوحيد المجرد , وإنكارهم دعوى تأليه المسيح واعتباره مجرد إنسان نبي والتزامهم بكتب موسى والأنبياء وما تقضي به من شعائر وفروض "/ عقائد النصارى الموحدين بين الإسلام والمسيحية –حسني يوسف الأطير).

(" ومن بين اليهود الذين قبلوا المسيح وكان هناك من دخلوا في شركة كاملة مع إخوانهم الأممين ولم يدعوا أي امتياز لأنفسهم عنهم استنادا إلى الناموس ..وذلك بإصرارهم على ضرورة حفظ الناموس ..وعلى هذا فقد انتقلوا من كونهم حزبا في إطار الكنيسة إلى وضع شيعة خارجة عنها ونجدهم في نحو منتصف القرن الثاني وقد أصبحوا زمرة من الهراطقة ..
وبعد ذلك بوقت قصير صنفهم الكاتبون تحت اسم (الأبيونيين) ..ولقد أنكروا أن يكون بولس رسولا ولم يستخدموا سوى إنجيل متى بل وفي صورة مشوهة وكان ..رأيهم أن المسيح رجل عادي حبل به بالشكل العادي ولم يتميز سوى ببره وعطية الروح القدس السامية …ومن ناحية أخرى يتحدث العلامة "أوريجانوس " عن طائفتين من الأبيونيين ويوضح أن إحدى الطائفتين تنكر الحمل العذراوي بالمسيح , بينما تؤيد ذلك الطائفة الأخرى … واتخذوا لهم لقب الناصريين … وهم يتحدثون الآرامية , وكان لهم إنجيلهم الخاص و… استخدموا إنجيل متى … "/ موسوعة آباء الكنيسة- المجلد الأول – الهرطقات النابعة من اليهودية أولا الأبيونيون والناصريون ).

( " يمكننا وصف الأبيونيين عموما بأنهم المسيحيون من اليهود الذين عملوا على الإحتفاظ بقدر الإمكان على تعاليم العهد القديم ..ويقول "جيروم " من القرن الرابع إنه وجد في فلسطين
مسيحيين يعرفون باسم ناصريين وأبيونيين ولا نستطيع الجزم هل كانا مذهبين أو أنهما كانا
جناحين لمذهب واحد… وإنجيل الأبيونيين أو إنجيل الإثنى عشر رسولا كما كان يسمى يمثل
مع "إنجيل العبرانيين " … الروح المسيحية اليهودية … ويقول "إبيفانيوس" 376م أن الناصريين لديهم إنجيل متى في صورة أكمل في العبرية الآرامية"/ دائرة المعارف الكتابية الجزء الأول – وليم وهبة )

ويسلط الباحث مزيدا من الضوء على إختلاف الأبيونيين مع رؤية "بولس" الرسول , والقائل
بألوهية المسيح :

( "إن الفرقة البيونية تقول إن بولس مرتد وكانت تسلم بإنجيل متى , لكن كان هذا الإنجيل عندها مخالفا لهذا الإنجيل المنسوب إلى متى الموجود عند معتقدي بولس الآن في كثير من المواضع , ولم يكن البابان الأولان فيه . فهذان البابان وكذا كثير من المواضيع محرفة عند
هذه الفرقة … "/ إظهار الحق- الشيخ رحمت الله بن خليل الهندي –نقلا عن "عقائد النصارى
الموحدين" للأطير )

و لنلاحظ هنا بوجه خاص الجذور الأولى لفكرة التحريف كتهمة كانت تقذف بها بعض الفرق اليهودية/ المسيحية بعضها البعض , والتي تبناها "محمد" بعد ذلك على نطاق واسع..ولنتابع
إذا إقتباساتنا في السياق ذاته…

( " وكان كيرنثوس الذي عاصر الحواريين يؤكد أن الإصحاحيين الأولين في إنجيل متى , والمشتملين على قصة ميلاد يسوع لم يكونا أصلا في النسخة العبرانية , بل هما من إضافة
شيعة شاؤول (بولس) دعاة تأليه إبن مريم "/ عقائد النصارى الموحدين – الأطير )


فالإنجيل الخاص للأبيونيين إذا والمخالف لإنجيل "بولس" بحسب موسوعة آباء الكنيسة هو إنجيل "متى" , وهوالذي إعترض الأبيونيون على ما رأوه إضافات إليه من عمل بولس وشيعته بما يدعم وجهة نظر بولس في تأليه المسيح..

هذا الإنجيل الأبيوني الخاص هو ما يسمى بإنجيل العبرانيين ..وهو الذي تمسك به الأبيونيون
به كإنجيل خاص بهم مهملين باقي الأناجيل ..

( " وقد استكملوا فقط ما يدعى إنجيل العبرانيين ولم يبالوا كثيرا بالأسفار الأخرى" & " من المحتمل أن يكون إنجيل الناصريين هذا هو الأصل العبراني لإنجيل متى ثم طرأت عليه توسعة وتعديل"/ عقائد النصارى الموحدين/ الأطير)

ويضيف المؤلف نقلا عن الشيخ محمد الغزالي بحسب زعمه , عن الأبيونيين وما نشب بينهم
وبين بولس من صراع حول تأليه المسيح :

( وقد تعرضوا من فرقة بولس المغيرين لدين المسيح للإضطهاد ومن ثم فروا بدينهم خارج فلسطين بعد أن وسمهم شاؤول أو بولس وزمرته بالهرطقة , ومنهم الجماعة التي وصلت إلى جزيرة العرب وتلك التي إستوطنت حدود الشام التي على مشارفها )


ونخلص إذا من مجمل هذه الإقتباسات المطولة , إلى أن ما قد يفهم منها , أن جماعة " الأبيونيين" متعددة الآراء والفرق كانت في الأساس جماعة يهودية النزعة رأت في المسيحية إمتدادا لليهودية بما ينتج عنه أن المسيح لم يكن إلا بشرا و نبيا يهوديا في زمرة الأنبياء الإسرائيليين..

فلما إخترع "بولس " قصة ألوهية المسيح والتي مزج فيها عقائد الفداء السائدة بالمنطقة المتوسطية كالعقيدة الأوزيرية المصرية , وعقائد آلهة الفداء الأخرى "ميثهرا"& "تموز"& "ديونيسيوس"..الخ مزجها بالفلسفة اليونانية لاسيما فلسفة الكلمة واللوجوس الرواقية فأسس من ذلك كله إنطلاقا من واقعة صلب المسيح مفترضة الحدوث , أسس ديانة جديدة تتسق مع المزاج الهليني الذي تمتزج فيه ثقافات الشرق بالغرب , وترتكز على الميراث اليهودي المقدس , وتنافس عقائد الفداء المماثلة ..

رأى الأبيونيون في ذلك إنتقاصا من اليهودية ذاتها , بتأسيس دين مستقل عنها فنشبت بينهم
وبين "بولس" وحزبه (الذي قدر له الإنتصار المؤثر فيما بعد بعدة مئات من السنين بديانته
المسيحية الجديدة"يهودية الجذر" على عقائد الفداء الأخرى , ليصنف مخالفوها في زمرة الهراطقة!) نشبت بينهم صراعات قادت هؤلاء " الأبيونيين" إلى شمال الجزيرة العربية , وتخوم الشام المجاورة لها , وتركوا أثرا فكريا من بعدهم في نصارى هذه البقعة يتمثل في نفي ألوهية المسيح , وفي كونه محض رسول قد خلت من قبله الرسل ..

لننتقل بعد ذلك مع الباحث إلى "ورقة بن نوفل" ذلك الرجل النصراني العالم بالتوراة والإنجيل , وإبن عم زوجة محمد : "خديجة بنت خويلد" :

( " كان ورقة من هؤلاء الذين اعتنقوا النصرانية , وكان يعد من أعلم رجال مكة بالنصوص
المقدسة , ولقد عاش ما عاش مع رهبان الشام" محمد رسول الله" _ناصر الدين آتيين دينييه
وسليمان بن إبراهيم )


(… حفظ من النصرانية ما حفظ ووعى من علم الأحبار والرهبان ما شاء الله أن يعي , ثم عاد بهذا كله إلى مكة فأقام فيها … / "على هامش السيرة" _طه حسين)

وأن خديجة ..كانت تزور إبن عمها ورقة بن نوفل , وكان قد تنصر وقرأ الكتب , وسمع من أهل التوراة والإنجيل … / " السيرة النبوية للندوي" ).


( ..ويكتب " يعني ورقة" من الإنجيل بالعربية ..لأن ورقة تعلم اللسان العبراني والكتاب العبراني , فكان يكتب الكتاب العبراني كما كان يكتب الكتاب العربي لتمكنه من الكتابين واللسانين "فتح الباري"_ "إبن حجر العسقلاني" )


( "أن القس " يقصد ورقة بن نوفل" , قريب خديجة زوجة محمد" كان يؤوب إلى ما بقى من الرهبان على دين عيسى الذي لم يبدل , وهم الشيعة أو الفرقة النصرانية التي لم تزعم أن إبن
مريم إله يعبد مع الله , وهم النصارى الموحدون أو النصارى المتهودون أو الأبيونيون"/ نقلا عن "إبن حجرالعسقلاني" في كتابه "فتح الباري/ ج1).



وحينما علم "محمد" بوفاة "ورقة " :

("… قال ورقة : لم يأت رجل بمثل ما جئت به إلا عودي وإن يدركني يومك أنصرك نصرا
مؤزرا . ثم لم ينشب ورقة أن توفي , وفتر الوحي ..حتى حزن رسول الله..فيما بلغنا فغدا
من أهله مرارا لكي يتردى من شواهق جبال الحرم "/ السمط الثمين في مناقب أمهات المؤمنين _ محب الدين أحمد الطبري )


… ولنطالع بعد ذلك مع الباحث جانبا مما جاء به محمد في قرآنه عن "يسوع" المسيح :


( "إنما المسيح عيسى بن مريم رسول الله وكلمة ألقاها إلى مريم وروح منه"/ النساء 171 )


( " ما المسيح إبن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل "/ المائدة 75 )


( " لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح إبن مريم " / المائدة 71&72 )


( " ذلك عيسى إبن مريم قول الحق الذي فيه يمترون ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه" /مريم 23 )


( " قال إني عبد الله أتاني الكتاب , وجعلني نبيا "/ مريم 19 )



وأترك باحثنا "خليل عبد الكريم" وكتابه قليلا , لأنتقل سريعا ومؤقتا إلى الباحث:
"حسين العودات" في كتابه " الموت في الديانات المشرقية" , لنقف معه على أمر هام يخص المسيحية عموما بكل مذاهبها يتمثل في وجود كثيرين بشبه جزيرة العرب كانوا على علم بتلك الديانة, جلس محمد إلى بعضهم :

("… وكان في شبه الجزيرة العربية , آلاف العبيد والموالي على النصرانية , ولم تخل مدينة
أو قبيلة منهم , فكان في مكة وفي الطائف وفي يثرب وفي مواضع أخرى من جزيرة العرب ,
رقيق نصراني , كان يقرأ ويكتب ويفسر للناس ما جاء في التوراة والأناجيل , ويقص عليهم
قصصا نصرانيا , ويتحدث إليهم عن النصرانية , ومنهم من تمكن من إقناع بعض العرب في
الدخول في النصرانية… " / المفصل في تاريخ العرب_ جواد علي )

("… حتى أن قريشا اتهمت الرسول في بدء دعوته بأنه يأخذها عن غلام أعجمي , وقال ابن
هشام في السيرة النبوية : وكان رسول الله.._فيما بلغني_ كثيرا ما يجلس عند المروة إلى مبيعة غلام نصراني يقال له جبر , عبد لبني الحضرمي , فكانوا يقولون : والله ما يعلم محمد
كثيرا مما يأتي به إلا جبر النصراني … وفيه نزلت الآية القرآنية :" ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين ").. إنتهى الإقتباس

وتعليقي على منطق محمد في هذه الآية , ولماذا إذا كنت تجلس كثيرا إلى رجل لم تكن تفهم لغته تماما أو ربما بصعوبة ؟.. هل كنتما تستمعان بحديث لا تفهمان منه إلا القليل أو ربما
لا تفهمان شيئا على الإطلاق ..فتكتفيان بمتعة الصمت , وأن يتأمل كلاكما الآخر لمدد طويلة !!!!!!!!!


وفي السياق نفسه نعود للباحث " خليل عبد الكريم" وكتابه , لنعلم أن محمدا قد عرف أشخاصا , نصرانيين أبيونيين(؟!) ك: بحيرا وسرجيوس ونسطورس وانسطاس وعداس وميسرة وناصح , و أن الأخيران هما غلامان لزوجته خديجة !!!

وبعض هؤلاء الذين أوردهم الباحث إلتقاهم محمد في سفره للشام في تجارة زوجته خديجة !


وإن كان "خليل عبد الكريم" , في كتابه الذي إعتمدت عليه بشكل رئيس هنا , قد ذهب بشكل شبه صريح إلى أن " خديجة بنت خويلد" و إبن عمها " ورقة" قد أشرفا على إعداد محمد فكريا
فلا يسعني إلا أن أتحفظ بشدة حيال ذلك لإفتقاري لبرهان مقنع , وكاف على هذا القصد المزعوم؟! ..

ومن ذلك الحديث السابق يفهم أن ماورد بقرآن محمد , عن نفي ألوهية المسيح وبنوته لله
لم يكن من الصعب على محمد أن يعرفه أو أن يقول به في غياب وحي مزعوم وهو قريب الصلة جدا , برجل كورقة تأثر بهذه الفكرة التي قال بها النصارى الأبيونيين المعاصرين لهما آنذاك, أولئك الذين عرفهم ورقة عن قرب حين مكث بينهم في الشام يستمع إليهم ويحاورهم قبل أن يستقر بمكة , و هي الفكرةالتي تتفق كذلك مع ميل محمد للتوجه الحنفي اليهودي التوحيدي ,هذا التوحيدالذي يمثل الوجه العقائدي للحلم السياسي بدولة عربية قرشية موحدة..
ناهيك عن معرفة محمد بالتيارات الفكرية المسيحية الأخرى عبر أشخاص عديدين , بعضهم
كانوا من عبيد زوجته !!
والعجب كل العجب ممن يرون في ذلك الشأن الأرضي إعجازا , لا سبيل لعلم به إلا بوحي من السماء مجنح !!!!!

ولا يسعني في الختام إلا الإكتفاء بأن أرجح جدا أن محمدا بصفة عامة , لم يكن كما يزعم سدنة التدين المدرسي الإعلامي في عصرنا ,كان رجلا حوله جهله بالقراءة والكتابة إلى إنسان بلا ثقافة , معزول تماما عن أي معرفة , فلا يكون للوارد في قرآنه من مصدر أمامنا وفقا لتلك الرؤية إلا أن نقبل بإيمان أعمى بالوحي المزعوم كمصدر وحيد لتلك الثقافة …

لقد عرف محمد خلال حياته أناس كثيرون , كانوا على ثقافة واسعة بشتى ألوان التيارات الفكرية والدينية السائدة آنذاك , بعضهم كان من خاصة أهله وأقاربه كجده عبد المطلب المطلع على اليهودية وأحد كبار أتباع ومنظري التيار الحنفي , مرورا بقريب زوجته "خديجة" ورقة بن نوفل ( البطل المجهول لهذا المقال !!) , وصولا إلى أقطاب ثقافية مرموقة بمعايير هذا الزمان من شعراء وغيرهم من مفكرين نصارى وأحناف من أمثال : " قس بن ساعدة"
الذي قال عنه محمد بأنه يبعث يوم القيامة أمة وحده لما إستمع إليه قبل الإسلام , و"امية بن أبي الصلت" الذي كان محمد يستزيد من سماع شعره وقال عنه " أنه آمن شعره وكفر قلبه", حيث إعتقد أمية أنه بالنبوة أولى من محمد لما تميز به من علم غزير , ومات في الطائف ,قبل محمد بعامين كافرا بمحمد ودعوته !!
و"زيد بن عمرو بن نفيل "… و"زهير بن أبي سلمى" الخ…


ولنختتم كلامنا السابق بما تحدث به الباحث "حسين العودات" في كتابه المشار إليه سابقا
والذي يعبر عما أردت أفضل تعبير, يقول:

( … أن صلات العرب مع الأديان والتقافات العالمية كانت قائمة , بغض النظر عن عمق
درجتها , ولم يكن العرب في شبه جزيرتهم , بعيدين عن التيارات الثقافية والحضارية الإنسانية ومعطياتها , فمن سكن مكة أحاط بعلم العرب العاربة وأخبار أهل الكتاب , وكانوا يدخلون البلاد للتجارة فيعرفون أخبار الناس . وكذلك من سكن الحيرة وجاور الأعاجم علم
أخبارهم , وأيام حمير وسيرهم في البلاد , وكذلك من سكن الشام خبر بأخبار الروم وبني إسرائيل واليونان , ومن وقع بالبحرين وعمان فعنه أتت أخبار السند وفارس , ومن سكن اليمن علم أخبار الأمم جميعا , لأنه كان في ظل الملوك السيارة..
وإن أهمل المؤرخون العرب نسبيا , تأريخ حياة العرب الفكرية والدينية قبل الإسلام لضرورات الدعوة الإسلامية(!!!!!!!!!!!!!!!!!) , ولئن بالغ بعضهم في البحث عن سلبيات
تلك المرحلة والحديث عنها , فإن ذلك لا يلغي وجود ثقافة متعددة الجوانب , مطلعة على الثقافة الإنسانية بشكل أو آخر.. )

وكذلك :

( ..فإن ظهور الإسلام لم يكن قفزة في فراغ , لأن التطور الإقتصادي والإجتماعي والفكري العربي , وصل إلى مرحلة متقدمة قبيل ظهور الإسلام , كان بالإمكان معها إستيعاب رسالة الإسلام ..)


فما جاء به محمد بنظري هو محض دين وضعي بشري هو جماع لأديان عصره وثقافاته التي وعاها من يهودية , ومسيحية , وحنيفية , بل ووثنية أسطورية بعضها معاصر , وبعضها عتيق غابر في الأولين..و ليس زعمه بالأصل الإلهي الغيبي لدينه هذا إلا سنة في الأقدمين , يبطلها المنهج المادي التاريخي العلمي المعاصر والمحايد , وهو المنهج الذي تصر جموع المتدينين على تعطيله فقط حينما يتصل الأمر بدينها , وربما قبلته بفصام بارد حين تنظر لمعتقدات الآخرين , وتاريخها !!!!! .


إبن الراوندي






ان دراستك ( عن الجذور الأبيونية لنفي ألوهية المسيح في الإسلام ) تعتبر اضافة جادة تتلاقى مع دراستنا عن مانى ودراستنا عن الفرقة الدوسيتية الغنوصية , والتى جميعها يشير الى حقيقة تاريخية لا يمكن انكارها , الا وهى ان التيارات الفكرية والعقائدية التى كانت تعج بها منطقة الشرق الاوسط تركت اثارها على المناخ الفكرى للجزيرة العربية , وتمثلت فى معتقدات الفرق اليهودية والفرق المسيحية المتعددة التى كانت تعيش فى هذه البقعة

اذا تتبعنا كل ما جاء عن عيسى ( يسوع ) فى الفكر الاسلامى خاصة القرآن , عن ميلاده وحياته ومعجزاته وانكار قتله وصلبه وانكار الوهيته , فان كل ما ذكره القرآن على انه وحى الهى لا ياتيه الباطل من بين يديه او خلفه , ما هو الا تلخيص وايجاز وانتقاء لعقائد مسيحية سبقت الاسلام بستة قرون , خلال هذه القرون ظهرت مذاهب متعددة اختلفت مع بعضها البعض فى طبيعة المسيح الانسانية والالهية وعلاقته بالله ,

هل هو مجرد انسان مثل باقى البشر ؟

هل هو الله متجسدا ؟

هل هو احد شخوص ( اقانيم ) الاله ؟

وان كان هو ابن الله فهل هو مساو ومعادل للاب ؟ أم انه اقل درجة ؟

وان كان هو كلمة الله ( اللوغوس ) فهل اللغوس هو نفسه الله ام انه اول مخلوقات الله والذى به خلق العالم والوجود ؟

وان كان هو الله او ابن الله فهل عندما صلب وقتل على الصليب صلب وقتل الجانب الانسانى فيه فقط ؟

وان كان الله ليس بجسد او مادة فهل كان جسد المسيح مجرد خيال وهمى ام انه جسد حقيقى ؟

اسئلة لا تنتهى , وكل سؤال يفتح المجال لاسئلة اخرى !!

ادت هذه الاسئلة لاختلاف المسيحيين الاوائل , فنتج عن ذلك مئات الفرق التى تنسب نفسها للمسيحية

وتنوعت ما بين فرق تستند على الفلسفة اليونانية

وفرق تستند على الافكار الغنوصية القديمة التى تسبق المسيحية تاريخيا

وفرق تسنتند على الفكر اليهودى البحت

وفرق مزجت بين هذا وذالك
وازاء هذا الخضم الذى لا ينتهى من الافكار والعقائد حاولت المجامع المسيحية بدءا من مجمع نيقية ان تصل لصيغة واحدة يتفق عليها كافة المسيحيين واعتبرت من يخالفها من الهراطقة

ومع ذلك تسللت افكار كثير من العقائد المخالفة الى كافة ارجاء اسيا واوروبا وافريقيا

ومن بين هذه الفرق كانت الفرقة الابيونية التى لم يعدم لها اتباع فى كل مكان وعبر قرون المسيحية الاولى

وقبل ظهور الاسلام كان لهذه الفرقة اتباع متواجدين فى شمال الجزيرة العربية وجنوب الشام

واتباع هذه الفرقة كان معظمهم من اليهود الذين اعتنقوا المسيحية وكانوا يقدسون العهد القديم وشرائعه مما جعلهم لا يميلون لتعاليم بولس الذى حط من شأن طقوس وشرائع التوراة فعلم انه لا قيمة للذبائح الحيوانية وتقديس يوم السبت وتقديس فرض الختان الخ

لذلك اعتبروه المضل الذى اضل المسيحية وحرف تعاليم المسيح ونادى بالوهيته

اما عن نظرتهم للمسيح فلم يروا فيه انه الله او احد اقانيمه وانما اعتبروه مجرد رسول ونبى مثله مثل موسى , اتاه الله المعجزات والعجائب

ولم يؤمنوا بالاناجيل المنسوبة لمتى ومرقص ولوقا ويوحنا ولا بالرسائل ولا بسفر الرؤيا , فهى فى نظرهم كتب محرفة ومضللة

وكان يطلق عليهم " الناصريين " بالاضافة للقبهم " الابيونيين "


وعندما نلخص ما اورده القرآن بخصوص المسيح نلاحظ مدى قبول الاسلام للمسيحية بصورتها الابيونية

فلقد اطلق على اتباع المسيح اسم " النصارى " وهى صيغة متقاربة من " الناصريين " اتباع المسيحية الابيونية

والمسيح ما هو الا رسول او نبى قد خلت من قبله الرسل , وهو نفس موقف الابيونية من المسيح

وانكر الاسلام الوهية المسيح انكارا مطلقا كما علم بذلك الابيونيين

وغيرها من الامور التى اسهب الاستاذ ابن الراوندى فى توضيحها

وما يهمنى الان هو السؤال الذى يجب ان يجيب عليه كل من يحترم عقله ويحترم التاريخ

هل ما جاء به محمد فى مثل هذه العقائد جديد ؟

وهل هو وحى السماء ؟

ام انه وافق على اراء احدى الفرق المسيحية التى رأى من وجهة نظره انها اقرب ما تكون للحقيقة , فنادى بمثل ما نادت على انه الحق ؟

واخيرا

لقد قدم الاستاذ ابن الرواندى الكثير من المراجع التى استند عليها فى التعريف بالابيونية والتى اثبت بها ان ما قالت به هذه الفرقة هو نفسه ما استراح له محمد فلخصه فى القرآن على انه تنزيل رب العالمين وانه الحق الذى لا ريب فيه والذى فيه يمترون

وزيادة فى التوثيق اضيف ما جاء فى بعض المراجع التى تتصف بمقدار كبير من المصداقية والتاريخية والتى تسهم بدورها فى تدعيم ما ذهب اليه الاستاذ ابن الراوندى فى بحثه , وهذا لمن اراد الاستزادة فى معرفة تاريخ هذه الفرقة ومعتقداتها

دائرة المعارف الكتابية تحت مادة : الابيونية

دائرة المعارف الكتابية

وهي مشتقة من كلمة معناها " المساكين " . وكان الأبيونيون مذهباً هرطوقياً كما جاء في أقوال الآباء الأولين . أما من جهة آرائهم - كما من جهة آراء أغلب المذاهب الهرطوقية في العصور الأولى - فكل ما نعلمه عنهم هو ما جاء بأقوال معارضيهم . ولم يكن هؤلاء المعارضون يعنون عناية كافية بالدراسة الدقيقة لآراء من هاجموهم . وتزداد الصعوبة بالنسبة للأبيونيين لوجود شك فيمن هم المقصودون بهذا الاسم ، فقد كان الاسم يطلق على جميع المسيحيين من اليهود بدون النظر إلى آرائهم ، وفي بعض الأحيان كان يطلق على طائفة قريبة من الغنوسيين الذين لم يعترفوا إلا بأصل بشري للرب يسوع المسيح .

ونوجد بعض الكتابات - مثل كتابات أكليمندس السكندري - جاء بها بعض أقوال الآباء عن آراء هذه الطائفة ، ولكن لوجود بعض الاختلافات في هذه الأقوال ، أصبح من العسير تحديد هذه الآراء على وجه الدقة . كما توجد بعض الكتب الأبوكريفية التي بها ما يشبه الأبيونية . وما وصلنا من إنجيل العبرانيين - وهو الإنجيل الوحيد الذي قبله الأبيونيون - يعطينا صورة عن آرائهم . ولم يصلنا من هذا الإنجيل إلا بعض المقتطفات المتفرقة التي لا نعلم مدى دقتها . كما يجب أن نذكر أنه لايمكن أن يستمر مذهب قروناً عديدة في ظروف متغيرة دون أن يتعرض لتطورات .

أولاً - أصل الاسم : يظن ترتليان وأبيفانيوس وغيرهم من الآباء أن هذا الاسم مشتق من اسم شخص اسمه أبيون أو أهبيون ، ولكن المرجح الآن أن هذا ليس صحيحاً ، فلا يوجد أي أثر أو ذكر لشخص بهذا الاسم ، ويبدو أن اسم الأبيونيين ومعناه " المساكين " مأخوذ عن أول التطويبات ( مت 5 : 3 ) على أساس أنهم امتداد - في العهد الجديــــــــــــــــــــد - " للمساكين والفقراء " الوارد ذكرهم في المزامير ( مثل مز 69 : 33 ، 70 : 5 ، 74 : 2 ) ، وشبيه بهذا اطلاق الجماعات البروتستنتية - قبل حركة الإصلاح ، في القرنين الثاني عشر والثالث عشر في فرنسا - على أنفسهم اسم " الفقراء " ( أو " فقراء ليون ") . كما أن ما جاء برسالة يعقوب ( 2 : 5 ) " أما اختار الله فقراء هذا العالم أغنياء في الإيمان … " قد يبرر المسيحيين من اليهود في إطلاق هذا الاسم على أنفسهم .

وقد مال البعض إلى اعتبار أن الاسم قد أطلقه عليهم معارضوهـــــــم للدلالة على " فقر آرائهم " .


ثانياً - مصادر المعرفة بآراء الأبيونيين : إن المراجع الرئيسية - كما سبق القول - هي ماجاء بكتابات إيريناوس وترتليان وهيبوليتس :


1- إيريناوس وترتليان وهيبوليتس : كان أهم ما يميز الأبيونيين ، في نظرهم :

(أ‌) وهو جانب سلبي - أنهم لم يفرقوا - مثلما كان يفعل غيرهم من الغنوسيين - بين الله الأسمى وبين خالق العالم - الديمرج - الذي كان يقول عنه الغنوسيون إنه إله اليهود ، بل كانوا يعتقدون أن " يهوه " هو الله الأسمى ، إله اليهود وخالق السموات والأرض .

(ب‌) وهو سلبي أيضاً ، أنهم أنكروا ولادة المسيح المعجزية ، وقالوا إنه كان ابن يوسف ومريم بالمفهوم العادي .

(ج) إنهم - مثل الكيرنثيين والكربوكراتيين - نادوا بأن قوة إلهية حلت على المسيح عند معموديته جزاء له على قداسته الكاملة . وتزعم إحدى هذه النظريات أن الروح القدس هو ابن الله الأزلي ، بينما تقول نظرية أخرى إن القوة التي حلت عليه هي الحكمة السماويـــــــــــة أي " الكلمة " ( اللوجوس ) ، وبفعل هذه القوة الإلهية صنع المعجزات وتكلم بحكمة تفوق حكمة البشر ، ولكن هذه القوة الإلهية فارقت يسوع على الصليب ، ولذلك صرخ : " إلهي إلهي لماذا تركتني ؟ " ( مت 27 : 46 ) ، ومع ذلك فإن هذه القوة الإلهية هي التي أقامته من الأموات وأصعدته إلى الأعالي .

2- أوريجانوس وجيروم : وكلاهما يقول إن الأبيونيين ترجموا كلمة " علمة " ( إش 7 : 14 المترجمة عذراء ) " " بسيدة صغيرة " . وهناك نقطة أخرى يذكرانها ، فيقول أوريجانوس إنه يوجد فريقان من الأبيونيين : أولهما ينكر ولادة الرب يسوع المعجزية ، وثانيهما يؤمن بها . أما جيروم في خطابه لأغسطينوس ، فلا يؤكد ذلك فحسب ، بل يفصـــل بينهما ، ويسمى الذين يؤمنون بالميلاد المعجزي بالناصريين ، ويسمى منكريها بالأبيونيين . ويتكلم أوريجانوس في كتابه الثاني ضد " سلوس " عن الأبيونيين ، وكأن الفرق الوحيد بينهم وبين سائر المسيحيين ، هو خضوعهم لناموس موسى ، وبذلك يدحضون الرأي القائل بأن اليهود باعتناقهم المسيحية قد تخلوا عن ناموس آبائهم . ويقول جيروم إن الأبيونيين كانوا يعتقدون أن المسيح سيملك ألف سنة باعتباره مسيا اليهود .


3-أبيفانيوس : وهو الكاتب الذي يعطينا أكبر قدر من المعلومات عن الأبيونيين . وهو يعتبرهم - من أول وهلة - هراطقة مع الناصريين ، ويجمع بينهم وبين الأسينيين . ويقول إنهم يستخدمون إنجيل متى بدون سلسلة نسب المسيح . ويفترض أن الأبيونيين ينتسبون لرجل اسمه " أبيون " له علاقة بالسامريين والأسينيين والكيرنثيين والكربوكراتيين ، ومع ذلك كانوا يدعون بأنهم مسيحيون . ويقول إنهم كانوا ينكرون ميلاد المسيح العذراوي ، ولكنهم يقرون بأن قوة سماوية حلت عليه عند المعمودية ، وهي نفس الحكمة السماوية التي أوحت للآباء ، وبمعنى ماسكنت فيهم ، وأن جسد المسيح - على نحو ما - كان جسد آدم ، وأن هذا الجسد صلب وقام ثانية . ولم يقبلوا إلا إنجيل متى في الصورة التي قبله بها الكيرنثيوس ( أي إنجيل العبرانيين ) ، مع كثير من الخرافات . ويقول أبيفانيوس إنهم كانوا يسمحون بالزواج مرتين وثلاث مرات إلى سبع مرات ، ومع أنهم سمحوا بالزواج ، إلا أنهم كانوا يحتقرون المرأة ويتهمون حواء بخلق الوثنية , وفي هذا يتفقون مع الأسينيين في رأيهم في الجنس . وبالإجمال من الصعب تكوين فكرة متكاملة عن الأبيونيين مما كتبه أبيفانيوس ، وإن كانت ثمة نقاط هامة فيما كتب .

-الشهيد جستين : وإن كان الشهيد جستين لا يذكر الأبيونيين بالاسم في حواره مع تريفو اليهودي ، إلا أنه يذكر فريقين من المسيحيين اليهود :


(أ‌) الذين لا يحفظون الناموس فحسب ، بل يريدون أيضاً إلزام المؤمنين من الأمم بأن يتهودوا .

(ب‌) الذين هم أنفسهم يحفظون الناموس ، ولكن لهم شركة مع المؤمنين من الأمم غير المختونين .

ويبدو أن الفريق الأول كانوا صورة مبكرة لأبيونيين ، ولا ينسب لهم جستين أي انحرافات تعليمية .


ثالثاً - كتابات الأبيونيين : وأهم مصدر لمعرفتنا بها ، هو أبيفانيوس - كما سبق القول - وأهم هذه الكتابات : إنجيل العبرانيين والكتابات الكليمنتية ( المواعظ ، والإقرارات ) وصعود إشعياء وأناشيد سليمان . ويجب ملاحظة أن هذه الكتابات تمثل أراء الطوائف المختلفة من الأبيونيين ، وسننظر فيها بإيجاز :


1- إنجيل العبرانيين ( انظر الأبوكريفا : الأناجيل )

2- الكتابات الكليمنتية : وينسبها أبيفانيوس للأبيونيين ، وهي مصدر هام لمعرفة آرائهم . وقد وصلتنا كاملة في ثلاثة أو أربعة أشكال ، وهي : المواعظ والإقرارات مع صورتين مختصرتين لهما . ويبدو أنها جميعها تنقيح لمؤلف سابق اختفى . وأساسها جميعاً رواية دينية ، طعمت فيها مواعظ لبطرس ومحاوراته مع سيمون الساحر . وجاء فيها أن كليمنت كان شاباً رومانياً يتيماً ذا مكانة ، وكان يبحث عن ديانة ، فتقابل مع برنابا الذي بشره بالمسيح معلناً له أنـــــه " ابن الله " وأنه ظهر في اليهودية . وإذ أراد كليمنت أن يعرف أكثر عن يسوع ، سافر إلى قيصرية حيث تقابل مع بطرس ، ومن هناك رافق بطرس إلى مختلف الأماكن التي ذهب إليها متعقباً سيمون الساحر وفي أثناء رحلاته يتقابل مع أبيه وأخيه وأمه ، ومن هنا جــــــاءت " الإقرارات " . وتظهر الأبيونية في أحــاديث بطرس ، فالأفكار اللاهوتية فيها هي أساساً يهودية وأسينية ، ويبدو ذلك في المعاداة الشديدة للرسول بولس . وهي تحوي عناصر لا تتفق مع اليهودية القويمة ، فالمسيا يكاد يكون معادلاً للشيطان . و إذا استثنينا حديـــث برنابا ، فالرب يسوع يسمى باستـــــــــمرار " النبي " في المواعظ ، " والمعلم " في الإقرارات . ولا يذكر شيء عن ميلاده المعجزي أو أنه شخص سماوي ، ومع ذلك ففي " الإقرارات " لا يعتبر مجرد إنسان ، إذ يقال إنه " أخذ صورة جسد يهودي " ، وهو ما يتفق مع ماذكره عنهم أبيفانيوس من أنهم كانوا يعتقدون أن المسيح ظهر في جسد آدم . والرسول بطرس -الذي يصورونه مسيحياً مثالياً - لا يأكل إلا الأعشاب ، ويمارس الاغتسال كثيراً مثلما يفعل الأسينيون ، ويعلن بطرس في أحاديثه أن النبي الحقيقي : " يطفيء نيران المذابـــح ويبطل الحرب " ، وهي سمات أسينية ، ولكنه يقر الزواج ، على النقيض من الأسينيين كما يصفهم فيلو ويوسيفوس .

3- كتابات الرؤى : وأول هذه الكتابات - التي اكتشفت حديثاً - " صعود إشعياء " ، ويشير الكاتب إلى استشهاد بطرس في روما ، ولكنه لا يذكر بولس . ويبدو أن ماجاء به من وصف شيوخ ورعاة " يكره بعضهم بعضاً ويخربون القطيع " هو نظرة أحد المتهودين للكنيسة عندما سادت فيها تعاليم بولس . ومع ذلك نلاحظ حفاظهم على جلال الله وتعليم الثالوث أيضاً ، فقد جاء به : " فجميعهم يمجدون آب الكل وابنه الحبيب والروح القدس " . أما فيما يتعلق بشخص المسيح ، فإنه نزل في طبقات السموات المتتابعة إلى الأرض ليولد . كما يؤكد عذراوية مريم وأن الطفل ولد بدون ألم بطريقة معجزية . ونفس الفكرة عن ميلاد المسيح نجدها في أناشيد سليمان .


رابعاً - تاريخ الأبيونية :



1- الأبيونيون والأسينيون : تؤكد كل المراجع ، الرابطة الوثيقة بين الأبيونيـين والأسينيين ، رغم وجود اختلافات واضحة ، فالأبيونيون يقرون الزواج ، بينما يرفضه الأسينيون إذا أخذنا بآراء فيلو ويوسيفوس . ويبدو أن هذا الرفض لا يصدق إلا على فئة منهم كانت في عين جدي . كما أن بعض المتهودين - أي الأبيونيين - كانوا يمتنعون عن الزواج ( 1 تي 4 : 3 ) . ويبدو أن الأسينيين بمختلف مذاهبهم تحولوا إلى المسيحية عقب سقوط أورشليم وهروب الكنيسة إلى " بلا " ، وعندما انضموا إلى المسيحيين في المنفى ، بدأت خميرة البارسيين ( من أتباع زرادشت ) تعمل في الكنيسة هناك ، فأثمرت الأبيونية ، ولعل هذا هو المقصود من القول بأن " أبيون بدأ تعليمه في بلا " . وبناء على الأقوال الكتابية وبعض الرؤى القديمة غير القانونية ، يبدو أن الأبيونيين لم يكونوا هراطقة منذ البداية ، فيما يتعلق بالتعليم عن المسيح ، ولكنهم أقروا الالتزام بالناموس الطقسي ، ونادوا بأن المؤمنين من أصل أممي لا بد أن يختتنوا قبل أن يقبلوا في الكنيسة . ولكن إبطال الناموس كان يرتبط - في أقوال بولس - أشد الارتباط بلاهوت ربنا يسوع المسيح ، ولربما شعر البعض منهم أنه لكي يحتفظوا بآرائهم ، عليهم أن ينكروا لاهوته وحقيقة تجسده ، ولكن ظواهر حياته جعلت من المستحيل اعتباره مجرد إنسان ، ومن هنا جاء هذا الخلط من أن قوة إلهية - أيون - قد حلت عليه ، كما أنه إذا كان قد ولد ولادة معجزية ، ففي ذلك غض من عظمة موسى ، فلابد لهم إذاً من أن ينكروا الميلاد العذراوي . لم يظهر القول بأن المسيح لم يكن سوى إنسان إلا على يد ثيودوتس ، ولم يذهب كل المسيحيين من اليهود مذهب الأبيونيين ، بل احتفظ الناصريون بالتعليم القويم ، وفي نفس الوقت خضعوا لمطالب الناموس . والثنائية الموجودة في التعاليم الكليمنتية هي محاولة لتعليل قوة الشر في العالم وعمل الشيطان . والكتابات الكليمنتية تؤكد ما قاله الآباء من أن الأبيونيين لم يستخدموا سوى إنجيل متى بعد استبعاد الأصحاحات الثلاثة الأولى ، فهم يقتبسون منه أكثر من أي إنجيل آخر ، وإن كانوا قد اقتبسوا اقتباسات واضحة من الإنجيل الرابع . وتتجنب هذه الكتابات نسبة الألوهية للمسيح ، فهو المعلم والنبي ، ولا يدعي " ابن الله " إلا في الحديث المنسوب لبرنابا .


2- منظمة الأبيونيين : يبدو أن المسيحيين اليهود قد كونوا منظمة خاصة بهم منفصلة عن الكنيسة الجامعة ، وكانوا يسمون الأماكن التي يجتمعون فيها " مجامع " لا كنائس ، وإذا صحت روايات المواعظ الكليمنتية ، فإنهم قد كونوا لأنفسهم نظاماً أسقفياً كاملاً ، فالطقوس اليهودية الصارمة كانت تمنع اليهودي من الأكل مع غير اليهودي . وولائم المحبة في الكنيسة الأولى كانت تستوجب هذه الشركة ، وحيث وجد مسيحيون من الأمم ، كان الأبيونيون يمتنعون عن مشاركتهم ، ومن ثم لزم أن تكون لهم كنيسة منفصلة ليكون من الممكن أن يشترك كل المسيحيين من اليهود معاً في ولائم المحبة .


خامساً - تعاليم الكنيسة الأولى كما تبدو من خلال الأبيونية :


1- عقيدة الكنيسة الأولى في المسيح : يجب علينا في تناول هذا الموضوع أن ندرك أن الذين كتبوا في الأيام الأولى ضد الهراطقة ، كانوا يميلون إلى المغالاة في بيان وجوه الاختلاف بين الهراطقة والتعليم القويم . وفي نفس الوقت علينا أن ندرك الصعوبة النفسية في اعتبار شخص - تقابله يومياً وتراه يأكل وينام كباقي الناس - بأنه أكثر من إنسان ، إله . كانت هذه صعوبة أمام الجميع وبالأخص أمام اليهود . ورغم كل ذلك لم يستطع الأبيونيون - أمام كل الظواهر في حياة المسيح - أن يقولوا إنه كان مجرد إنسان ، فكان عليهم أن يزعموا أن قوة إلهية حلت عليه عند المعمودية ميزته عن سائر الناس . لقد كان الأبيونيون الأوائل يعتقدون أن المسيح شخص واحد كما كان يعتقد سائر المسيحيين ، ولكنهم شيئاً فشيئاً تحولوا إلى الاعتقاد بأنه كان فيه عنصر سماوي منفصل عن يسوع . وعلى العموم كان الأبيونيون يتمسكون - بصور ودرجات مختلفة - بعقيدة الثالوث ، وفي هذا دليل قوي على أنها كانت عقيدة الكنيسة على اتساعها .


2-تعليم بولس في الكنيسة الأولى : مما يستلفت النظر أن كاتب " المواعــــــظ " وكذلك كاتب " الإقرارات " يتجاهلان الرسول بولس ، بل لم يحاولا التشهير به - ولو تحت ستار سيمون الساحر ، كما يزعم البعض - بل لم يجسرا على إلصاق أي تهمة باسمه ، فلا بد أنه كان لبولس وتعاليمه مكانة رفيعة في أوائل القرن الثاني . حتى إنه لم يكن في استطاعة أحد أن ينال منه أو يهاجمه هجوماً مباشراً . وهذا الاحترام الكبير لبولس يدل على مدى ماكان له ولتعاليمه من قبول ، فلا بد أن كل تعاليمه عن الخطية الأصلية ، والفداء بموت المسيح الكفاري وسائر تعليمــه ، لابد أن كل هذه التعاليم قد تمسكت بها الكنيسة الأولى تمسكاً شديداً ، وإلا لما تحَّرج الأبيونيون عن مهاجمة بولس مباشرة في الكتابات الكليمنتية . ويزعم شويجلر أن الشهيد جستين كان أبيونيا لأنه لم يذكر بولس بالاسم ولم يستشهد به . ويمكن الرد على ذلك بأن جستين وجه كتاباته إلى أباطرة وثنيين لا قيمة لبولس عندهم ، وكذلك الحال في محاوراته مع تريفو اليهودي ، ولهذا فهو أيضاً لم يذكر بطرس أو يعقوب أو يوحنا ، وهو إن كان لم يذكر بولس بالاسم ، إلا أن صدى أقوال بولس يتردد كثيراً في عباراته وأفكاره .


وفي ضوء الاكتشافات الأثرية الحديثة في مصر ، لا ينقطع الأمل في اكتشاف مخطوطات تلقي ضوءأ أكبر على هذه الهرطقة . فلو عثرنا مثلاً على إنجيل العبرانيين أو مخطوطة هيجسيبوس ، لأمكننا الوصول إلى الإجابة على كثير من الأسئلة التي تواجهنا .


وهذه مقتطفات من انجيل الابيونيين الذى لا يوجد منه نسخة واحدة ولكن هناك بعض الفقرات من ذلك الانجيل استشهد بها بعض آباء الكنيسة فى كتبهم

وهذا النص متاح فى هذا الموقع
[url]

http://www.comparative-religion.com/chr ... apocrypha/
[/url]

the gospel of the ebionites
The Gospel of the Ebionites is known only by the quotations from Epiphanius in these passages of his Panarion: 30.13.1-8, 30.14.5, 30.16.4-5, and 30.22.4.

The following selection is excerpted from Montague Rhode James in The Apocryphal New Testament (Oxford: Clarendon Press 1924), pp. 8-10.



All our knowledge of this is derived from Epiphanius, and he uses very confusing language about it (as about many other things). The passages are as follows:

And they (the Ebionites) receive the Gospel according to Matthew. For this they too, like the followers of Cerinthus and Merinthus, use to the exclusion of others. And they call it according to the Hebrews, as the truth is, that Matthew alone of New Testament writers made his exposition and preaching of the Gospel in Hebrew and in Hebrew letters.

Epiphanius goes on to say that he had heard of Hebrew versions of John and Acts kept privately in the treasuries (Geniza?) at Tiberias, and continues:

In the Gospel they have, called according to Matthew, but not wholly complete, but falsified and mutilated (they call it the Hebrew Gospel), it is contained that There was a certain man named Jesus, and he was about thirty years old, who chose us. And coming unto Capernaum he entered into the house of Simon who was surnamed Peter, and opened his mouth and said: As I passed by the lake of Tiberias, I chose John and James the sons of Zebedee, and Simon and Andrew and Thaddaeus and Simon the Zealot and Judas the Iscariot: and thee, Matthew, as thou satest as the receipt of custom I called, and thou followedst me. You therefore I will to be twelve apostles for a testimony unto (of) Israel.

And:

John was baptizing, and there went out unto him Pharisees and were baptized, and all Jerusalem. And John had raiment of camel s hair and a leathern girdle about his loins: and his meat (it saith) was wild honey, whereof the taste is the taste of manna, as a cake dipped in oil. That, forsooth, they may pervert the word of truth into a lie and for locusts put a cake dipped in honey (sic).

These Ebionites were vegetarians and objected to the idea of eating locusts. A locust in Greek is akris, and the word they used for cake is enkris, so the change is slight. We shall meet with this tendency again.

And the beginning of their Gospel says that: It came to pass in the days of Herod the king of Judaea that there came John , baptizing with the baptism of repentance in the river Jordan, who was said to be of the lineage of Aaron the priest, child of Zecharias and Elisabeth, and all went out unto him.

The borrowing from St. Luke is very evident here. He goes on:

And after a good deal more it continues that:

After the people were baptized, Jesus also came and was baptized by John--;-- and as he came up from the water, the heavens were opened, and he saw the Holy Ghost in the likeness of a dove that descended and entered into him: and a voice from heaven saying: Thou art my beloved Son, in thee I am well pleased: and again: This day have I begotten thee. And straightway there shone about the place a great light. Which when John saw (it saith) he saith unto him: Who art thou, Lord? and again there was a voice from heaven saying unto him: This is my beloved Son in whom I am well pleased. And then (it saith) John fell down before him and said: I beseech thee, Lord, baptize thou me. But he prevented him saying: Suffer it (or let it go): for thus it behoveth that all things should be fulfilled.

And on this account they say that Jesus was begotten of the seed of a man, and was chosen--;-- and so by the choice of God he was called the Son of God from the Christ that came into him from above in the likeness of a dove. And they deny that he was begotten of God the Father, but say that he was created as one of the archangels, yet greater, and that he is Lord of the angels and of all things made by the Almighty, and that he came and taught, as the Gospel (so called) current among them contains, that, I came to destroy the sacrifices, and if ye cease not from sacrificing, the wrath of God will not cease from you .

(With reference to the Passover and the evasion of the idea that Jesus partook of flesh:)

They have changed the saying, as is plain to all from the combination of phrases, and have made the disciples say: Where wilt thou that we make ready for thee to eat the Passover? and him, forsooth, say Have I desired with desire to eat this flesh of the Passover with you?

These fragments show clearly that the Gospel was designed to support a particular set of views. They enable us also to distinguish it from the Gospel according to the Hebrews, for, among other things, the accounts of the Baptism in the two are quite different. Epiphanius is only confusing the issue when he talks of it as the Hebrew Gospel -´-or-rather, the Ebionites may be guilty of the confusion, for he attributes the name to them.

The Gospel according to the Twelve,´-or- of the Twelve , mentioned by Origen (Ambrose and Jerome) is identified by Zahn with the Ebionite Gospel. He makes a good case for the identification. If the two are not identical, it can only be said that we know nothing of the Gospel according to the Twelve.

Revillout, indeed, claims the title for certain Coptic fragments of narratives of the Passion which are described in their propery place in this collection: but no one has been found to follow his lead.



وهذا ما جاء بدائرة المعارف البريطانية تحت مادة : الابيونيون

Encyclopedia Britannica

Ebionites



member of an early ascetic sect of Jews who followed Jesus of Nazareth. The Ebionites were one of several such sects that originated in and around Palestine in the first centuries Ad and included the Nazarenes and Elkasites. The name of the sect is from the Hebrew ebyonim,´-or-ebionim ("the poor")--;-- it was not founded, as later Christian writers stated, by a certain Ebion.Little information exists on the Ebionites, and the surviving accounts are subject to considerable debate. The first mention of the sect is in the works of the Christian theologian St. Irenaeus, notably in his Adversus haereses (Against Heresies--;-- c. 180)--;-- other sources include the writings of Origen and St. Epiphanius of Constantia. The Ebionite movement may have arisen about the time of the destruction of the Jewish Temple in Jerusalem (ad 70). Its members evidently left Palestine to avoid persecution and settled in Transjordan (notably at Pella) and Syria and were later known to be in Asia Minor and Egypt. The sect seems to have existed into the 4th century.Most of the features of Ebionite doctrine were anticipated in the teachings of the earlier Qumran sect, as revealed in the Dead Sea Scrolls. They believed in one God and taught that Jesus was the Messiah and was the true "prophet" mentioned in Deuteronomy 18:15. They rejected the Virgin Birth of Jesus, instead holding that he was the natural son of Joseph and Mary. The Ebionites believed Jesus became the Messiah because he obeyed the Jewish Law. They themselves faithfully followed the Law, although they removed what they regarded as interpolations in order to uphold their teachings, which included vegetarianism, holy poverty, ritual ablutions, and the rejection of animal sacrifices. The Ebionites also held Jerusalem in great veneration.The early Ebionite literature is said to have resembled the Gospel According to Matthew, without the birth narrative. Evidently, they later found this unsatisfactory and developed their own literature--the Gospel of the Ebionites--although none of this text has survived

وهذا ما جاء عنهم بموسوعة انكرتا الالكترونية

Encarta Encyclopedia

Ebionites (Hebrew ebyôn,”poor”), name applied in the 2nd and 3rd centuries to a group of Jewish Christians who retained much of Judaism in their beliefs. The sect is supposed to have originated when the old church of Jerusalem was dispersed by an edict of the Roman emperor Hadrian in AD135--;-- some of the Jewish Christians migrated westward across the Jordan River into Peraea (now in Jordan), cutting themselves off from the main body of the Christian church. They adopted a conservative Pharisaic creed at first, but after the 2nd century, some of them espoused a mixture of Essenism, Gnosticism, and Christianity. According to the 2nd-century Christian prelate and writer Irenaeus, they differed from orthodox Christians in denying the divinity of Christ and in considering Paul an apostate for having declared the supremacy of Christian teaching over the Mosaic law. The 3rd-century Christian writer and theologian Origen classified the Ebionites in two groups, those who believed in the virgin birth and those who rejected it. Both the Sabbath and the Christian Lord s Day were holy to them, and they expected the establishment of a messianic kingdom in Jerusalem. Until the 5th century, remnants of the sect were known to have existed in Palestine and Syria







بقلم: نانا جاورجيوس
يصرخ الإسلاميين آناء الليل وأطراف النهار بتكفير المسيحيين وإزدراء المسيحية بأنها ديانة شركية لا توحيدية، هل فكر أحد لماذا يصرخ الإسلاميين بهذه الصورة الهستيرية بينما يعلم العالم كله أن المسيحي ليس نصرانياً ؟! لماذا يستميت الإسلامي ويُصرِّ على إستخدام مسمى «نصارى» رغم عدم وجود مصدر تاريخي واحد قبل القرآن يخبرنا أن المسيحيين حول العالم هم نصارى أو من نسلهم! بل على العكس نجد أن الكنيسة الرسولية حاربت كل البدع وقضت عليها، ومن بينها بدعة نصارى عرب الجاهلية التي خرجت بدعتهم عن شيعة اليهود الإبيونيين. فمنذ صعود السيد المسيح وبعد أن سلم الإيمان الصحيح لتلاميذه ورسله قائلاً{ اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم…}«مت28: 19» وأوصاهم أن يكونوا شهودا له حتى أقاصي الأرض{وتكونون لي شهودا في أورشليم وفي كل اليهودية والسامرة وإلى أقصى الأرض}«أع1: 8»وأيضاً{وأَنتُم شُهودٌ على ذَلِكَ} «لوقا24: 38»فحق تلمذة العالم والشهادة للمسيح تسلمها التلاميذ والرسل من السيد المسيح رأساً وسلموه هم بدورهم للكنيسة الأولى تحت مسمى { التسليم الرسولي} وأي تعاليم يُخالف هذا التسليم الرسولي يُعتبر بدع وهرطقات وإنحراف عن تعاليم السيد المسيح، لهذا واجه التلاميذ والرسل بشجاعة كل هذه البدع والهرطقات وكل تعاليم تخالف تعاليم المسيح. وأول من حارب هذه البدع والهرطقات هو التلميذ يوحنا الإنجيلي، فإنجيله هو آخر إنجيل كٌتب في نهاية تسعينيات القرن الأول الميلادي وكانت بعض البدع والهرطقات قد بدأت في الظهور قبل كتابته، لهذا إهتم يوحنا بكشف سر لاهوت المسيح وكيفية تجسده الكلمة الأزلي بإثباتات واضحة لاتقبل الشك. وهذا واضح في تعاليم التلاميذ ورسائلهم للكنيسة الأولى التي أرست الإيمان الصحيح بها، فيقول القديس بطرس الرسول في رسالته الثانية:{ ولكن، كان أيضا في الشعب أنبياء كذبة، كما سيكون فيكم أيضا معلمون كذبة، الذين يدسون بدع هلاك. وإذ هم ينكرون الرب الذي اشتراهم، يجلبون على أنفسهم هلاكا سريعا}«2بط2: 1» ويقول بولس الرسول{ لأنه لابد أن يكون بينكم بدع أيضاً، ليكون المُزَّكون ظاهرون بينكم}«1كو11: 19» فبدع المعلمون الكذبة الذين وصلوا حد الإنكار لإلوهية السيد المسيح الذي اشتراهم بدمه، لهذا وصفهم بولس بـ«الإخوة الكذبة»الذين أرادوا إستعباد الكنيسة والمسيحيين بفكرهم المنحرف«2كو: 26، غلاطية2: 4» فلم يخضع لهم تلاميذ المسيح بل تصدوا لهم كما أوضح بولس الرسول:{الذين لم نذعن لهم بالخضوع ولا ساعة، ليبقى عندكم حق الإنجيل}«غلا2: 5» وبقى عندنا نحن المسيحيين حول العالم حق البشارة بالإنجيل بحسب التسليم الرسولي، لاعند المعلمين الكذبة وأصحاب البدع.
فاليهود إعتبروا أن كل من صار مسيحياً فهو خارج عن تطبيق أحكام شريعتهم فهو «شيعة» وتعنى «بدعة أو هرطقة»، فالمسيحية شيعة وكل من يعتنقها فهو«متشيع أي مهرطق» وخارج عن الإيمان اليهودي، لهذا خرجت من اليهودية بدعة« المسيحيين المتهودين» وهم { اليهود الفريسيين الذين صاروا مسيحيين} ونادوا بالتمسك بتطبيق الشريعة بجانب إيمانهم بالمسيحية، وحاولوا فرض سيطرتهم على الكنيسة الأولى بعيداً عن تعاليم المسيح التي سلمها لتلاميذه ورسله، لفرض تطبيق أحكام الشريعة والناموس وتهويد الأمميين الوثنيين الذين قبلوا الإيمان المسيحي، من هذه الجماعات بدعة«شيعة الناصريين» التي أتُهم القديس بولس الرسول على يد الخطيب ترتلس واليهود المتشددين بإنتمائه إليها «أعمال24: 5» فهم أعتبرونه متشيع أي«مسيحي متهود» خارج عن إيمانهم، ونسبوه للناصريين للتحقير والإزدراء لأن أهل الناصرة محتقرين بين اليهود، رغم عدم إنتمائه للناصرة، لهذا نفى وبشدة إتهام اليهود له بإنتمائه لبدعة الناصريين، ودافع بشدة ضد إتهاماتهم الباطلة قائلاً:{ ولا يستطيعون أن يثبتوا ما يشتكون به الآن علىَّ، ولكنني أقرِّ لك بهذا: أني بحسب الطريق الذي يقولون له« شيعة»، هكذا أعبد إله آبائي، مؤمناً بكل ماهو مكتوب في الناموس والأنبياء}«أع24: 13- 14»..{ الطريق الذي يقولون له شيعة} فهم من يقولون ويدَّعون بهذا، وكأنه يقول هم من أطلقوا علىَّ شيعة وعلى إيماني بالمسيح، فلو إيماني بالمسيح هرطقة وتشيع فليعتبروني كما يريدون، ولكني سأظل أعبد إله آبائي كما جاء في الناموس والأنبياء.
ومصطلح الهرطقة أو البدعة كما أطلقه اليهود على كل يهودي خارج عن اليهودية وآمن المسيح، كذلك إستخدم التلاميذ والرسل في الكنيسة الأولى نفس المصطلح للإشارة إلى الخارجين عن تعاليم كنيسة «التسليم الرسولي» الأولى والتي ثبَّتوا أساسها، فأشار بطرس الرسول للمهرطقين بإسم« بالمعلمون الكذبة» لأن الإيمان الصحيح قد سُلِّم مرة واحدة للقديسين لا للمعلمون الكذبة كما قال يهوذا التلميذ:« الإيمان المسلم مرة للقديسين… لأنه دخل خُلسة أناس قد كُتِبُوا منذ القديم لهذه الدينونة … وينكرون السيد الوحيد: الله وربنا يسوع المسيح»« يهوذا3- 4». فكل من أنكروا إلوهية ربنا يسوع المسيح هم خارجين عن التسليم الرسولي وأُعتُبِروا مهرطقين لفساد تعاليمهم الكاذبة.فالتلاميذ والرسل إعتبروا أن جماعة شيعة الناصريين هذه بدعة رغم إيمان الناصريين بإلوهية السيد المسيح كإبن الله الكلمة المتجسد وأنه تجسد بالروح القدس، ولكن بدعتهم في أنهم آمنوا بالمسيحية واليهودية معاً في آن واحد، أي صاروا مسيحيين متهودين إذ ظلوا متشددين في تطبيق أحكام الشريعة ومحتفظين بالتقاليد اليهودية وبأعمال الناموس وحفظ السبت وشددوا بضرورة الختان كشرط للخلاص لمن يدخل الإيمان المسيحي من الأمميين الوثنيين، وقد إجتمع التلاميذ والرسل لرفض هذا الفكر المتهود، حيث قال بولس:{ لكن لما رأيت أنهم لا يسلكون باستقامة حسب حق الإنجيل، قلت لبطرس قدام الجميع: إن كنت وأنت يهودي تعيش أمميا لا يهوديا، فلماذا تلزم الأمم أن يتهودوا}«غلاطية2: 14»، ولهذا رفض بولس الرسول وبشدة أن يطلق عليه مسمى «شيعة الناصريين» لأن إيمانه ليس متهوداً بل متحرراً كما حررنا المسيح من لعنة الناموس، وكما ورد في«أعمال الرسل 15»:{ وإنحدر قوم من اليهودية وجعلوا يعلمون الإخوة أنه إن لم تختتنوا حسب عادة موسى لايمكن أن تخلصوا }، فبسبب التعاليم المنحرفة والفاسدة للمعلمين الكذبة الذين لم يتسلموا الإيمان تسليماً رسولياً، عقد التلاميذ والرسل مجمع أورشليم الرسولي الأول بين عامي 50، 51م برئاسة أسقف أورشليم القديس يعقوب الرسول، وكان من نتائج هذا المجمع أن أرسلوا لكنيسة الأمميين في أنطاكية وسورية وكيليكية بأنهم كأممين غير ملتزمين بالتهود ولا بتطبيق الناموس، بل فقط { يمتنعوا عن نجاسات الأصنام والزنا والمخنوق والدم}«أع15: 20»، وبأن هؤلاء المعلمين الكذبة علموا الناس تعاليم لم يأمرهم بها التلاميذ والرُسل فهم خارجين عن تعاليمهم :{ إذ قد سمعنا أن أناساً خارجين من عندنا، أزعجوكم بأقوال، مقلبين أنفسكم ، وقائلين أن تختتنوا وتحفظوا الناموس، الذين نحن لم نأمرهم}«أع15: 24»، واضح من رسالة مجمع أورشليم الرسولي الأول لكنائس الأمميين أنهم تصدوا لبدع المتهودين وتعاليمهم الفاسدة والخارجة عن التسليم الرسولي الصحيح والذي علم الأمم والشعوب الوثنية أن المسيح المسيح هو الإله الأزلي الذي تجسد في ملء الزمان، وكما سلمهم المسيح هذه التعاليم سلكوا هم أيضاً في طريق الإيمان الصحيح وعلموا الأمم.
من الإنجيل يتضح أن بدعة الناصريين ليست بالطبع بدعة «النصارى» الذين ذكرهم القرآن، فمن الناحية اللغوية نجد أن مفرد الناصريين« ناصري» أما مفرد نصارى«نصراني»، تذكر كتب التفاسير الإسلامية أن لفظ نصارى جائت نتيجة أن التلاميذ« ناصروا» عيسى بينما نعلم أن من ناصروا رسول الإسلام أسمهم« أنصار» ! والسؤال هنا ما الفرق بين لفظة نصارى وأنصار إذا كان كلا الفريقين« ناصروا» نبيهم ؟! رغم أن القرآن أطلق لفظ «أنصار» على أتباع عيسى وهو نفس المسمى الذي اطلق على أتباع محمد، بقوله:{ فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله}،«قال من أنصارى..قالوا نحن أنصار!» إذاً الحواريون بحسب القرآن هم أيضاً أنصار وليسوا نصارى! فلو كان لفظ أنصار يُقصد به النصارى فكان بالأولى أنصار محمد يطلق عليهم نصارى، أليس كذلك؟! كذلك إسم الفاعل من الفعل «ناصروا» هو «ناصريون أو مناصرون أو أنصار» كما أطلقت على أتباع رسول الإسلام والتي مفردها «أنصاريّ أو ناصر أو نصير»، وليس نصراني كما أطلقها القرآن على أصحاب بدع اليهود التي إنتشرت بجزيرة العرب وأهمها بدعة«النصارى الإبيونيين»، التي لاقت رواجاً فكرياً بجزيرة الجاهلية وبعض مناطق آسيا الصغرى والشام مكونين تجمعات وفرق ضالة مثل نصارى الشام ونصارى مكة ونصارى الحجاز ونصارى يثرب ونصارى نجران ونصارى اليمن….ألخ
ونصارى الإبيونية هم فرقة من شيعة اليهود المتهودين ويتشابهون مع فكر الناصريين في تمسكهم بتطبيق أحكام الشريعة والناموس ويحفظون السبت والختان ولكن الفرق بينهما أن الناصريون آمنوا بإلوهية السيد المسيح بينما أنكرها النصارى الإبيونيين إذ إعتبروا السيد المسيح مجرد إنسان يمتاز فقط عنهم بالنبوة، وبالتالي لايعترفون بعقيدة الثالوث الإلهي للآب والإبن والروح القدس، وينكرون فداء السيد المسيح وصلبه وقيامته مدعيين أن من صلب هو شخص أخر غيره فقد شُبِّه على من صلبوه وبالتالي لايعترفون بخلاصه الأبدي، كذلك لايعترفون برسائل بولس الرسول التي تفسر لاهوت المسيح ومفهوم الخلاص، فالإبيونيين هم شيعة يهود أكثر من كونهم مسيحيين، لأنهم لايؤمنون بالإنجيل اليوناني بنسخه الأربع الذي سلمه لنا التلاميذ والرسل تسليماً رسولياً والذي يُعلن فيه السيد المسيح إلوهيته كإبن الله الكلمة الأزلي والمتجسد، وهذا ما أكده وبتفصيل العلامة والمؤرخ«جواد عليِّ» في موسوعته« مفصل تاريخ العرب قبل الإسلام »،حيث يقول في الجزء السادس صفحة 635: { أما الإبيونيون Ebionites فجماعة من قدماء اليهود المتنصرين عرفوا بهذه التسمية العبرانية الأصل التي تعنى« الفقراء» ولايعرف عن كيفية ظهورهم ونشوء عقيدتهم على وجه صحيح أكيد. وكل ما يقال عن معتقداتها إنها مزيج من اليهودية والنصرانية، وإنها نصرانية بنيت على أسس ودعائم يهودية فهي نصرانية يهودية في وقت واحد…. وهم يعتقدون بوجود الله الواحد خالق الكون، وينكرون رأي بولس الرسول في المسيح، ويحافظون على حرمة يوم السبت وحرمة يوم الرب… ويعتقد أكثرهم أن المسيح بشر مثلنا، أمتاز عن غيره بالنبوة، وبأنه رسول الله، أرسله إلى الناس أجمعين، فهو رسوله ولسانه الناطق برسالته للعالمين، وهو نبي كبقية من سبقه من الأنبياء المرسلين، وقد آمن بعض منهم بعقيدة العذراء وولادتها للمسيح من غير إتصال ببشر، غير أن بعضاً أخر منهم آمن بأن المسيح ابن مريم من يوسف فهو بشر تماماً، وأنكر الصلب المعروف، وذهب إلى أن من صلب كان غير المسيح، وقد شبِّه على من صلبه، فظن أنه المسيح حقاً، ورجعوا إلى إنجيل متى ]بالعبرانية، وأنكروا رسالة بولس على النحو المعروف عند بقية النصارى.}.
فوصف المؤرخ جواد لمعتقدهم هو وصف صحيح وبتفصيل دقيق، فهم جماعة متهودة لايعرف متى ظهروا، وإن كان أول مرجع ذكر بدعة الإبيونيين هو كتاب «البناريون أو خزانة الدواء» المعروف بـ« الهرطقات» عام 377م للقديس أبيفانيوس أسقف سلاميس وذكر أن بدعة الإبيونية ظهرت بعد خراب أورشليم عام70م وتشتت اليهود، مما يدل على أنها ليست بدعة الناصريين المذكورة في سفر أعمال الرسل والتي ظهرت في وقت مبكر قبل خراب أورشليم، بينما نصارى الأبيونية ظهروا في وقت متأخر بعد إنتشار المسيحية الرسمية حول العالم بحسب التسليم الرسولي لكنائس الأمميين، ويذكر أبيفانيوس في «الهرطقات» أنها بدعة إستمدت عقيدتها من الإنجيل العبراني الآرامي المنحول والمنسوب زيفاً للقديس متى والذي كان بحوزتهم ويعتنقون فكره ويمارسون ماجاء به من فروض وطقوس، وهو إنجيل أبوكريفي «منحول» ومحرَّف وغير مكتمل، فأقدم مخطوطات إنجيل متى الحقيقي وُجدت مكُتوبة باليونانية وكانت الكنيسة الرسولية الأولى تستخدمه، كذلك كتابات جميع الآباء الأولين كانوا يقتبسون من إنجيل متى اليوناني. أما الإنجيل بحسب العبرانيين رغم أنه يعترف بميلاد يسوع بالروح القدس من العذراء، إلا أنه ينكر إلوهية السيد المسيح وينكر بنوته لله وينكر صلبه وأن المسيح في إيمانهم مجرد نبي ولم يُصلب لأن من ظنوا أنهم صلبوه قد« شبِّه لهم»، وعند هذا الفكر المنحرف والفاسد لنصارى الإبيونية لنا وقفة وجب معها القول أن هناك {{ خطاً قرمزياً }} واضحاً لاتخطئه الأعين ولا الأفهام بين معتقدات بدعة نصارى الإبيونية وبين ما يقوله كاتب القرآن عن إنكاره لإلوهية المسيح وإنكار صلبه وإن من إدعوا صلبه« شبِّه لهم»، فقد إستمد القرآن معرفته عن المسيحية من معتقدات أهل البدع والهرطقات التي حاربها التلاميذ وحاربتها الكنيسة الأولى منذ وقت مبكر، فبدا وكأن كاتب القرآن لديه قصور معرفي بالأديان الصحيحة وخاصة الإيمان المسيحي المُسَلَّم تسليم رسولي لكنيسة الرسولية الأولى، ورغم خطأ المؤرخ «جواد عليِّ» في إدراجه للمسيحية الصحيحة مع بدعها تحت مسمى عام واحد وهو «الديانة النصرانية» إلا أننا نجده قد فرق بين المسيحية الصحيحة الرسمية أو كما أسماها« النصرانية الرسمية» وبين بدعة «نصارى الإبيونية» بقوله: { نعم، دخلت سادات القبائل والحكام العرب التابعون لهم في هذه الديانة، فصاروا نصارى، ولكنهم لم يتخذوا نصرانية الروم، بل أخذوا نصرانية شرقية مخالفة لكنيسة «القسطنطينية» فإعتنقوها مذهباً لهم. وهي نصرانية عُدّت«هرطقة» وخروجاً على النصرانية الصحيحة « الأرثوزكسية» في نظر الروم. نصرانية متأثرة بالتربة الشرقية، وبعقلية شعوب الشرق الأدني، نبتت من التفكير الشرقي في الدين، ولهذا تأثرت بها عقلية هذه الشعوب فإنتشرت بينها، ولم تجد لها إقبالاُ عند الروم وعند شعوب أوروبة. وكان من جملة مميزاتها عكوفها على دراسة العهد القديم، أي التوراة، أكثر من عكوفها على دراسة الأناجيل….}.
هنا فرَّق العلامة جواد بين المذهب الأرثوزكسي الصحيح والذي كان منتشراً بين الروم وشعوب أوروبا، في وقت لم تجد هرطقة النصرانية في الشرق الأدنى إقبالاً من شعوب العالم، ليس لأنهم أهتموا بتطبيق توراتهم أكثر بل لإنكارهم لاهوت المسيح ولم يؤمنوا بالإنجيل الصحيح بنسخه الأربعة بحسب التسليم الرسولي، فيهود الإبيونية تشتتوا ونشروا تعاليمهم بين قبائل عرب الجاهلية الذين تنصروا على أيدي تجار النصارى والذين كانوا يتاجرون بين الشام وجزيرة الجاهلية وبعضهم عُينوا أساقفة وتسموا « أساقفة أهل الوبر أو أساقفة الخيام» كما ذكر المؤرخ جواد في صفحة588، فلم يكن إيمان نصارى العرب عن طريق التسليم الرسولي للتلاميذ والرسل الذين لم يدخلوا جزيرة الجاهلية ليكرزوا بإنجيلهم مباشرة فيها، فكان حتمياً ومنطقياً جداً تأثر قبائل عرب الجاهلية بنصارى الإبيونية المتهودين، وكان منطقياً أيضاً وجود توراتهم العبرية وهي الأساس في تطبيق شرائعها، بجانب إنجيلهم العبراني المكتوب بالآرامية والذي يحتوي تعاليم نصارى الإبيونية وفرائضها، وكان من الطبيعي أن تتنصر بعض قبائل العرب ومنها بعض بطون قبيلة قريش والتي منها فرع عبد العزي بن قصي كما تشهد كتب السير، فيقول تاريخ اليعقوبي :{ وأما من تنصر من أحياء العرب، فقوم من قريش من بني أسد بن عبد العزى، منهم: عثمان بن الحويرث بن أسد بن عبد العزى، وورقة بن نوفل ابن أسد،…}« تاريخ اليعقوبي ج1-ص 257» وأسد بن عبد العزي حفيدته هي السيدة خديجة بنت خويلد بن أسد التي هي أول زوجات رسول الإسلام، والذي لم يتبقى من فرعه سوى خديجة وعمها عمرو بن أسد وإبن عمها القس النصراني ورقة ابن نوفل بن أسد الذي بارك مراسم زواجها بمحمد وشهد عليها وخطب قائلاً:{ فنحن سادة العرب وقادتها وأنتم أهل ذلك كله لا ينكر العرب فضلكم …. فاشهدوا عليّ معاشر قريش إني قد زوّجت خديجة بنت خويلد من محمد بن عبد الله وذكر المهر،…} «السيرة الحلبية – جزء1» نلاحظ ان المصادر الإسلامية وكُتَّاب السيرة تجاهلوا ذِكر ديانة خديجة قبل وأثناء زواجها بمحمد، فلو كانت مُشركة وكافرة كانوا ركَّزوا على كفرها وأعلنوه بفخرٍ وهي التي صارت أول إمرأة إهتدت للإسلام وآمنت بنبوة زوجها ! ولكن تعمد تجاهل ذكر نصرانيتها التي هي ديانة أبيها وجدها حتى لايذكر أنها تزوجت حسب طقوس النصرانية، فيذكر لنا كتاب الروض الأنف للسهيلي أنها كانت تُسمى بـ { الطاهرة} في الجاهلية فيقول:{ وخديجة بنت خويلد تسمى : الطاهرة في الجاهلية والإسلام}، فطبيعي أن تُسمى بالطاهرة في الإسلام لأنها تديَّنت وآمنت بالله، بينما هذا الإسم ليس من الطبيعي أن تتسمى به وهي على وثنيتها، فلماذا تُدعى طاهرة وهي مُشركة وكافرة ؟! فـ« المشركون نجس» كما ذكر القرآن، وصفة الطهارة لاتطلق إلا على المؤمنين بالله،أليس كذلك؟ كذلك تذكر كتب السيَّر أنها كانت أرملة لرجلين ولم تُطلق لأي من زوجيها السابقين، فهي على النصرانية التي لا طلاق فيها، مثلما لم يطلقها ولم يتزوج عليها رسول الإسلام طيلة حياتها، فزواجه بها كان زواجاً نصرانياً.
أما نسب القس ورقة والسيدة خديجة يلتقيان بنسب رسول الإسلام عند الجد الرابع« قصي بن كلاب» لهذا نجد أن المصادر الإسلامية للسيرة تجاهلت الفرع المنحدر من عبد العزي بن قصي لأنه الفرع النصراني من قبيلة قريش والذي إنحدر منه قس مكة ورقة ابن نوفل الذي كان أول من ترجم إنجيل العبرانيين الآرامي المنحول لقبيلة قريش، فصار إنجيل النصارى العرب هو إنجيل عبراني مُعرَّب من الآرامية، فتذكر كتب السير أن القس المتنصر ورقة ابن نوفل الذي كان ينقل إلى العربية من الإنجيل العبراني لإجادته اللغة العِبرية، فيقول صحيح البخاري عن القس المتهود:{ كان امرأ تنصر في الجاهلية وكان يكتب الكتاب العبراني فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب}، وهذا ما أكده المؤرخ جواد عن إستخدام نصارى الإبيونية لإنجيل متى بحسب العبرانيين وهو إنجيل إبوكريفي منحول، وإنتشار إستخدامهم للغة العبرية الآرامية في كتاباتهم وعلومهم الدينية وصلواتهم وإقامة شعائرهم إنتشاراً واسعاً، فيقول في الجزء السادس صفحة 599 : { كما نجد الصبغة النصرانية للأعلام واضحة…. وذلك بسبب أن النصرانية كانت متأثرة بثقافة بني إرم، وكانت تستخدم اللغة الإرمية في الصلوات وفي تأدية الشعائر الدينية الأخرى. ولغة بني إرم هي لغة العِلم عند النصارى الشرقيين، فكان من الطبيعي إستعمال النصارى العرب لهذه اللغة في الكنائس وبيعهم وأديرتهم وفي دراستهم للدين وما يتصل باللاهوت من علوم. ومن هنا استعمل كُتابهم قلم بني إرم في كتاباتهم، ومن هذا القلم تولد القلم النبطي المتأخر الذي تفرع منه القلم العربي الذي كتب به أهل الحجاز عند ظهور الإسلام، فصار القلم الرسمى للمسلمين}.
إلى هنا إنتهى كلام العلامة جواد وهو كلام صحيح ومنهجي وموثق بدقة متناهية. فمن الطبيعي والمنطقي جداً أن نجد أن مايؤمن به نصارى الإبيونية هو نفسه مايقوله القرآن بشأن إنكاره لإلوهية السيد المسيح ولصلبه ولقيامته، وتجاهله لمسيحي العالم ومايؤمنون به بحسب التسليم الرسولي، في الوقت الذي فيه المسيحيين حول العالم ومنذ بداية إنتشار المسيحية عُرِفوا بإسمهم في أنطاكيا أولا:{ وَدُعِيَ التَّلاَمِيذ«مَسِيحِيِّينَ» فِي أَنْطَاكِيَةَ أَوَّلاً}«أعمال 11: 26»، وكما قال أغريباس لبولس:{ بقليل تقنعني أن أصير مسيحيًا}«أع26: 28» وكانت تسمية المسيحيين تُطلق عليهم أحياناً كنوع من الإستهزاء والمعايرة كما ذكر القديس بطرس الرسول:{ إن عُيِّرتم بإسم المسيح، فطوبى لكم… ولكن إن كان كمسيحي، فلا يخجل، بل يمجد الله من هذا القبيل}« 1بط4: 14 ،16» ،ويذكر المؤرخ اليهودي يوسيفوس فلافيوس «35م-100م» والذي عاصر التلاميذ والكنيسة الأولى ونقل لنا في تاريخه والذي يعتبر أول مرجع تاريخي يؤرخ عن شخصية السيد المسيح وعن صلبه وقيامته وعن أتباعه الذين يُدعون « مسيحيين» فيقول في صفحة 214 من كتاب تاريخ اليهود :{ ولم يزل إلى يومنا هذا بعض الناس يُدعون مسيحيين الذين يعترفون به رئيساً لهم}.
ورغم كل هذه الإثباتات الإنجيلية والتاريخية نجد أن رسول الإسلام لم يستطع أن يفرق أو بمعنى أصح تجاهل التفرقة بين الديانة المسيحية الواسعة الإنتشار حول العالم وأتباعها كمسيحيين الذين هم أتباع الإيمان بحسب التسليم الرسولي الصحيح، وبين أصحاب البدع التي حاربت المسيحية كبدعة نصارى الإبيونية التي إنتشرت بين قبائل عرب الجاهلية ومنهم قبيلة قريش التي عاش بينهم وتأثر بثقافتهم وبفكرهم النصراني، فلم يذكر المسيحيين أبداً في قرآنه بإسمهم الحقيقي ولم يذكر شيئاً عن معتقداتهم وإيمانهم الصحيح بحسب أناجيلهم اليونانية التي كتبها تلاميذ المسيح، أما نصارى عرب الجاهلية الذين إعتنقوا معتقدات شيعة يهود الإبيونية فيقول عنهم الدكتور جواد في الجزء السادس من موسوعته صفحة599 :{ وقد نعت الرواة وأهل الأخبار، العرب التي دانت بالنصرانية بـ «العرب المتنصرة» ، تمييزاً لهم عن العرب الآخرين الذين لم يدخلوا في هذه الديانة…}. هكذا نجد أن من أسماهم بالمتنصرين أو بالنصارى العرب هم الرواة وأهل الأخبار قبل الإسلام، والسؤال، هل كان جبريل ينقل لصاحب القرآن عن الرواة وأهل الأخبار الجاهليين ولا يعلم أنه كان ينقل عنهم بدع وهرطقات قامت ضد المسيحية الصحيحة؟! فالتلاميذ والرسل والآباء الأولين بل وشعب الكنيسة الأولى أطلق عليهم مسيحيين منذ صعود السيد المسيح مباشرة وقبل ظهور هرطقة نصارى الإبيونية والتي إنتشرت بين عرب الجاهلية المتنصرين وتشعبت لعدة شيَّع وفرق ومذاهب وهرطقات متنوعة.
وبالرغم من هذا نجد أن رسول الإسلام عند إتصاله ومخاطبته للعالم المسيحي الخارجي أي المسيحيين خارج حدود جزيرته، نجد أنه قد ميَّزهم عن نصارى قرآنه، ونلاحظ هذا في بعض الأحاديث الصحيحة وبعض مكاتباته، فنجده يقول:{ إذا افتتحتم مصر فاستوصوا بالقبط خيرا، فإن لهم ذمة و رحما}« المحدث: الألباني- صحيح على شرط الشيخين»، فلماذا لم يقل «استوصوا بالمصريين»، أو لماذا ميَّزهم بالقبط ولم يسميهم «بنصارى مصر»؟!
في حديث أكثر وضوحاً نجده يقول:{الله الله في قبطِ مِصرَ؛ فإنَّكم ستظهرونَ عليهم، ويكونُون لكم عُدَّةً وأعواناً في سبيل الله }، فإن كان يقصد الهوية القبطية كان إكتفى بقول« الله الله في المصريين» وإذا كان يقصد الهوية الدينية فلماذا لم يصفهم بـ«نصارى مصر» إذا كان الأقباط نصارى كما يدعي الإسلاميين اليوم؟!
نقطة أخرى، في مكاتباته الرسمية للدول الخارجية لدعوتهم للإسلام، هناك ملاحظة مهمة تجيب على هذه التساؤلات، وهم تحديداً ثلاثة مكاتبات لهرقل وعظيم كسرى والمقوقس، فيقول في مكاتبته لهرقل: { بسم الله الرحمن الرحيم• من محمد عبدالله ورسوله، إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ سَلامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الإِسْلامِ ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْك إِثْمَ الأَرِيسِيِّينَ وَيَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ}
وبعث نفس نص الرسالة لكسرى ويقول في نهايتها أيضاً:{… فإن أبيت فعليك إثم المجوس}، وفي نهاية رسالته الثالثة للمقوقس الذي خاطبه بـ « عظيم القبط» وهي بالطبع تسمية لاتعني «عظيم المصريين» لأن المقوقس لم يكن مصرياً بل بيزنطياً، ويختم رسالته بنفس القول:{ فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الْقِبْطِ}، نلاحظ قوله: { عَلَيْك إِثْمَ الأَرِيسِيِّينَ – عليك إثم المجوس – عَلَيْكَ إِثْمَ الْقِبْطِ } ،وبالرغم أن الأريوسية بدعة ضد المسيحية والمجوسية ديانة بشرية ولكنه في النهاية خاطبهم بحسب ديانتهم، ومايهمنا قوله « إثم القبط» فلماذا ذكر أهل مصر بالقبط ولم يذكرهم بهويتهم كمصريين إذا كان يخاطبهم بحسب هويتهم الجنسية؟! وما المقصود إذاً«بإثم القبط»؟! فمخاطبته للأقباط جائت على أساس هويتهم الدينية كمسيحيين كما خاطب الأريوسيين والمجوس ، فالإثم ليس وصف للهوية الجنسية بل الدينية، ولو كان الأقباط في نظره مجرد نصارى لايختلفون عن نصارى قرآنه فما الذي منعه أن يخاطبهم كنصارى وليس كأقباط مسيحيين؟!
نستطيع القول أن رسول الإسلام كانت علاقته وثيقة بالنصرانية الإبيونية والتي شب عليها في مجتمعه وتأثر بفكرهم المتهود بل وإستقى قرآنه عن المسيحية من إنجيلهم العبراني ومن عقيدتهم المنحرفة التي إقتنع بها هو شخصياً بل وآمن بها، ولم تكن له ثمة معرفة ولا علاقة بالديانة المسيحية ولا بمعتقدها الصحيح والتي كانت منتشرة في بلدان العالم قبل أن يُولد بأكثر من خمسة قرون من الزمان .
فما يستميت فيه الإسلاميين اليوم من أباطيل وإفتراءات ضد المسيحية والمسيحيين عموماً وضد الأقباط بوجه خاص أنما هي إدعاءات كاذبة ومحاولة لإستخدام أسلوب تلبيس إبليس، ولكنهم معذورين حقاً فعلى من سيُمارسون كراهيتهم ومهمتهم التكفيرية؟! وكأن لسان حالهم يقول:«إن لم يكن المسيحيين بنصارى، فعلى من نطلق هذا المسمى الإسلامي لنقوم بتكفيرهم» ؟!——————
المــــــــــــــــراجع:
(1) المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام-الجزء السادس:المــــــــــؤرخ الإســـــــلامي جــــــــواد عــــــلى
(2) تاريخ اليهود: المـــــــــــــؤرخ اليهـــــــــودي يوسيـــــــــفوس فلافـــــــــــيوس
(3) الســـــــــيرة الحلبية – الجزء الأول: إبن هشام
(4) تاريخ اليعقوبي – الجزء الأول: أحمد بن أبي يعقوب بن جعفر
(5) الروض الأنف: أبو القاسم السهيلي



#سامي_المنصوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الغنوصيه في المسيحيه Gnosticism
- النصرانية في أرض العرب
- البحث عن يسوع الناصري
- المسيح في الكتب
- المسجد الأقصى
- عندما سرق الحجر الأسود
- كورش في تراث ألاديان
- التراث اليهوديّ
- الصعاليك في شبه جزيرة العرب
- قصة الخليقة والبعث والقيامه
- أسطورة خلق أدم و الجنه
- أسطورة شعب الله المختار - أصل التوحيد الإبراهيمي
- الاساطير في الاديان
- تأثيرات زرادشتية ( فارسية) في - الاديان – 4
- تأثيرات زرادشتية ( فارسية) في - الاديان - 3
- تأثيرات زرادشتيه في الا ديان – 2 -
- تأثيرات زرادشتية ( فارسية) في - الاديان - 1 -
- أساطير صينية ايضاً موجودة في القرآن
- اساطير سرجون السومري و موسى 2
- ألتناقض بين بولس و المسيح - 3 -


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامي المنصوري - ألأبيونية في المسيحيه اليهوديه