أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - مصر و تونس و الإنتفاضات العربية : كيف وصلت إلى طريق مسدود و كيف الخروج منه / الجزء الثاني















المزيد.....



مصر و تونس و الإنتفاضات العربية : كيف وصلت إلى طريق مسدود و كيف الخروج منه / الجزء الثاني


شادي الشماوي

الحوار المتمدن-العدد: 4349 - 2014 / 1 / 29 - 21:13
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


الجزء الثاني / مصر و تونس و الإنتفاضات العربية : كيف وصلت إلى طريق مسدود و كيف الخروج منه
( مقال لسمويل ألبار بمجلّة الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ،" تمايزات " عدد 3 / 2014 )
Demarcations Issue 3, Winter 2014
الرابط على الأنترنت :
http://www.demarcations-journal.org/issue03/egypt-tunisia-and-arab-revolts-impasse.htm
ملاحظة لا بدّ منها : هذه ترجمة غير رسمية .
This is not an official translation.
ملاحظة إضافية : للحصول على نسخة بي دي أف كاملة من هذا المقال ، عليكم بمكتبة الحوار المتمدّن .
---------------------------------------------------
كلمة لكاتب المقال :
الجزء الأوّل
من شعب موحّد إلى شعب مقسّم :
لا يمكن توحيد " الشعب " بتفكير آمل :
الإنتفاضات و الثورة :
كيف يمكن لقيادة شيوعية ثورية أن " تغيّر اللعبة " :
قوّتان متنافستان " عفا عليهما الزمن " – و تعزّز الواحدة منهما الأخرى :
ميكانيكية الماركسية المزيّفة مقابل المادية الجدلية :
حلقة مفرغة من التعزيز المتبادل :
لماذا مصر على ما هي عليه اليوم :
هل هناك طريق وسطي بين الرأسمالية و الإشتراكية :
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
الجزء الثاني
كيف ستكون الثورة الحقيقية :
مثلما ناقشنا أعلاه ، أسباب الإنتفاضات العربية عميقة و متعدّدة و قد غذّت حركات و تيّارات تفكير متناقضة بحدّة ، و تناقضات معقّدة . لكن خلف كلّ هذا يوجد واقع أساسي هو واقع أنّ الناس فى هذه البلدان يجدون تنظيم المجتمع فى منتهى اللاعدل و أنّ بلدانهم غارقة فى التخلّف و تخضع لإملاءات الزمر الرجعية محلّيا و إلى القوى الأجنبية الإستعمارية الجديدة ، و أنّ ظروف الحياة القائمة لا يمكن القبول بها . مئات الآلاف وحتى الملايين أظهروا أنّهم ينوون النضال و التضحية لوضع نهاية لهذه الوضعية . غير أنّ هذا الينبوع الجاري من الرغبة فى التغيير الثوري سينحصر فى النهاية و قد ينتكس حتى إلاّ إذا إرتبط بفهم حقيقي للماذا هذه المجتمعات على الحال التى هي عليه و أهمّ من ذلك ، ما الذى يمكن أن نفعله لتغييرها على نحو تحريري حقّا .
بهذا المعنى ، فى حين أنّ نهوض النضال كان متأخّرا عن موعد إستحقاقه منذ مدّة طويلة و عمل مرحّب به فى العالم ، فإنّ الوضع الأساسي للناس فى الشرق الأوسط و شمال أفريقيا و حاجتهم لمجتمع مغاير تماما بالكاد تكون فريدة من نوعها فى هذا الجزء من الكوكب . ففى كلّ مكان المسألة هي إذا كان ممكنا للناس المضطهَدين عبر العالم بأسره أن ينهضوا ضد الظروف الإجتماعية القائمة. و يلحقوا الهزيمة بالمستغِلين الذين إستفادوا لوحدهم من هذه الظروف و الحكومات و الجيوش التى تدعمها . و إذا على أساس إلحاق الهزيمة بهؤلاء الأعداء ، كان من الممكن بناء مجتمع تحرّري حقّا لن يلبّي الحاجيات المادية للشعب فحسب بل سيكون قادرا على فتح أفق جديد تماما فى تاريخ الإنسانية . و بالفعل ، وجد قرن كامل من النضال أثناءه قاتل الناس لإنجاز هذه الثورة ، الثورة الشيوعية .
ليس بوسعنا أن نقدّم عرضا كاملا لتاريخ هذه الثورة هنا .( 32) لقد وُجدت مكاسب هائلة لا سيما فى الدول الجديدة التى مثّلت حكم الجماهير الشعبية نتيجة الثورتان فى روسيا و الصين ،نوع مختلف كلّيا من الإقتصاد غير القائم على الإستغلال وخطوات جبّارة فى تغيير طريقة إرتباط الناس بعضهم ببعض. و قد كانت هذه السيرورة مليئة بالهياج الشديد و المآسي و شهدت قمم نجاح و كذلك لحظات دنيا و حتى مأساوية فى مسار تاريخها الإيجابي عامة . و لا ينبغى أن نفاجئ بأن يعتبر حكّام العالم المعاصر ، الطبقة الحاكمة الرأسمالية – الإمبريالية و مستغِلون و رجعيون آخرون فى علاقة بهم ، هذه التجربة " فظيعة " بالنسبة للإنسانية و يبذلون جهدهم لتشويهها و يحرّفوا التاريخ الحقيقي ويحجبوه . لهذا تلخيص أفاكيان لتجربة أوّل مرحلة من الثورة الشيوعية ذات أهمّية حاسمة بالنسبة للمضطهَدين و لكلّ من يبحث عن طريق للتقدّم نحو نوع من المجتمع مختلف كلّيا . فهذه الخلاصة الجديدة قائمة على التجربة الواقعية للجهود العظيمة و الإيجابية فى عمومها و على نقد حقيقي لهذه الجهود و إدماج مزيد من الفهم من مجالات أخرى من النشاط الإنساني كالبحوث العلمية و الثقافية و الفكرية . و النتيجة هي خلاصة جديدة للشيوعية تضع الثورة البروليتارية على أساس أكثر علمية جاعلة الثورة على حدّ سواء ممكنة التحقيق أكثر و مرغوب فيها أكثر .
إنّ أهمّ شيء بشأن الإشتراكية ليس حتى التحسينات العميقة التى أدخلتها على حياة الناس و إنّما هي تحديدا إنتقال نحو حقبة جديدة كلّيا من تاريخ الإنسان فيها ، لنستشهد بأفاكيان :
" الشيوعية : عالم حيث يعمل الناس و يناضلون معا من أجل الصالح العام ...حيث يساهم كلّ فرد بما يقدر عليه فى المجتمع و يتلقّى ما يحتاج إليه للعيش حياة حَرِيّة بالإنسان...حيث لن توجد بعدُ إنقسامات داخل الشعب تخوّل للبعض أن يحكموا البعض الآخر و يضطهدوه ، سالبينهم ليس فقط وسائل الحياة اللائقة و لكن أيضا معرفة ووسائل الفهم الحقيقي للعالم و العمل على تغييره." (33) .
لقد سعى مناهضو الثورة إلى جعل كلّ إمرء يعتقد أنّ هدف الشيوعية أسوء من حلم مستحيل التحقّق . و هم يحاججون بأن محاولة توجيه المجتمع فى ذلك الإتجاه لا يمكن أنينتج إلاّ طغيانا و يشرع فى دوس كلّ فردية . لكن دراسة عميقة للتاريخ الفعلي للثورة قد بيّن أنّ ذلك إفتراء . كان من الممكن بناء مجتمعات إشتراكية لا تلبّي بصورة متصاعدة الحاجيات الأساسية للشعب فحسب بل طفقت كذلك تغيّر طريقة رؤية الناس لبعضهم البعض . عوض كلمة السرّ الرأسمالية " أنا أوّلا " ، بات شعار " خدمة الشعب " المعيار الذى ألهم الملايين ، مثلما شاهدنا فى الصين الثورية . لا وجود ل " طبيعة إنسانية غير قابلة للتغيير " لكن بالأحرى إمكانية أن تغيّر الإنسانية الأوضاع [ الموضوعية ] و تغيّر نفسها . وتبيّن الخلاصة الجديدة للشيوعية لأفكيان كيف يمكن أن ننجز حتى ما هو أفضل فى المرحلة التالية من القيام بالثورة البروليتارية بالتعلّم من الأخطاء و النواقص التى ميّزت تجارب الدول الإشتراكية الأولى و تجنّبها .
و لنأخذ مجالا حيويّا واحدا ؛ الخلاصة الجديدة لأفاكيان، تعنى فهما مختلفا لأهمّية لا فحسب السماح بالمعارضة و الصراع الفكري فى المجتمع الإشتراكي فحسب بل تعنى أيضا التشجيع عليهما و نبذ فكرة " إيديولوجيا رسمية " تفرض على المجتمع بكلّيته ، و بطرق عدّة مقاربة مغايرة تجاه الإلغاء خطوة خطوة للطبقات و الإختلافات بين العمل الفكري والعمل اليدوي الذى تقوم عليه الطبقات .
ينبغى أن يكون للثورة لبّ و قوّة قيادية فى ذلك القسم من السكّان، البروليتاريا و المضطهَدين اللآخرين، ضحايا الإستغلال و الرجعية و الذين هم أكثر المتحرّقين للتغيير الثوري . بيد أن هذه الثورة لا يجب أن تتمحور حول الثأر ، أو مجرّد تعويض لسلطة المستغِلين السابقين بسلطة أولئك الذين تعذّبوا . إنّها تعنى قيادة المجتمع عبر سيرورة تاريخية تامة معقّدة إلى حدّ بلوغ هدفها الشيوعي .
و اليوم نحن فى وضع حيث ألحقت الهزيمة بالجهود الماضية للثورة البروليتارية لكن الحاجة إلى الثورة أكبر من أي زمن مضى و القوى التى تقف وراء دفع الناس نحو الثورة لا تزال سارية المفعول . إلاّ أنّه بالنسبة لإمكانية أن تؤدّى الثورة إلى ثورة ناجحة و الرغبة فى ذلك ، ينبغى أن تنجز أيضا ثورة فى النظرية ، فى الإيديولوجيا من خلالها يظهر لبّ ديناميكي للشيوعيين الثوريين المصمّمين على و القادرين على قيادة الجماهير فى إفتكاك السلطة و فى الإبحار فى سيرورة طويلة من تغيير المجتمع . هذه هي أهمّية ما قام و لا يزال يقوم به أفاكيان ، و لهذا يمكن بمعنى معيّن أن يقارن بالإختراقات النظرية لماركس التى أرست أساس المعارك الثورية الناجحة و تشكيل دول إشتراكية فى القرن العشرين. مستوعبين هذا العلم كما تطوّر اليوم و ماسكين به مسكا صلبا و مطبقينه لتفحّص المشاكل والإجابة عنها، مشاكل كيفية القيام بالثورة ، هي مهمّة الذين فى كلّ مكان يريدون القتال من أجل عالم جديد .
توفّر الخلاصة الجديدة للشيوعية المقاربة الأساسية المصقولة لمعالجة مشاكل المجتمع فى البلدان العربية و ضياغة مخطّط لحلّها عبر الثورة .
بنظرة شاملة من الممكن رؤية مظهرين كبيرين وثيقي الصلة من التغيير الثوري الذى ينبغى أن يكون فى موقع القلب من أي برنامج ثوري حقيقي . أوّلا ، هناك كافة الشبكة العنكبوتية للعلاقات بالنظام الإمبريالي العالمي الذى يبقى هذه المجتمعات إقتصاديّا و عسكريّا و سياسيّا و ثقافيّا واقعة فى شرك و تابعة [ للإمبريالية العالمية ] . و ليس بإمكان ثورة حقيقية مجرّد محاولة اللهو مع هذه السلاسل أو حتى أسوأ ، أن تحاول أن تقدّر كيف أنّه لنوع ما من " الإستعمال " هذا الرابط أو ذاك بالنظام الإمبريالي العالمي كصنف من الرافعة أو الميزة . إنّ صناعة البترول العصرية الممركزة إمبرياليّا ، لنضرب مثالا واحدا واضحا يعنى عدد من البلدان فى المنطقة ، سلسلة ضخمة تكبّل الناس و المجتمع ككلّ و ليست نهائيّا وسيلة ممكنة " للتحرّر الوطني " .(34) فى النهاية و رغم كلّ شيء ، هل أنّ الجزائر الغنيّة بالتبترول أقرب إلى كسر السلاسل و التحرّر من الهمنة الفرنسية ، حتى لا نشير إلى إنقلاب فى مكانة و أوضاع الجماهير الشعبية ، من ما كانت عليه قبل بضعة عقود ؟ و الشيء نفسه ينسحب على على البرامج التونسية التى تدعو للترفيع فى تصدير الفسفاط ومواد منجمية أخرى و إلى إرساء مزيد من مراكز إستقبال المكالمات الهاتفية التى لا أفق لها و مزيد تصدير محاصيل تدرّ المال و تطوير" صناعة" السياحة المتقلّصة و المبلّدة للذهن و الملوّثة للبيئة أو أي طريق آخر لنهب موارد البلاد و مقدّرات الشعب و مؤهلاته لتتماشى و الرأسمال الأجنبي و تزيد سوءا اللامساواة الفظيعة التى هي بعدُ تستعبد الإنسانية .
و الهدف المباشر الآخر للثورة هو إطلاق العنان لسيرورة كاملة من التغيير الإجتماعي الذى سيشرع فى كنس العلاقات الإجتماعية الرجعية والأبوية والمتخلّفة و التى لا تزال تثقل جدّا كاهل جماهير الشعب و المجتمع بأسره . و هتان المهمّتان لا يمكن إنجازهما إلاّ معا لأنّ التغيير الإجتماعي غير ممكن دون التحرّر الوطني و وحده التغيير الصريح لهذه المجتمعات يمكذن فعلا من تحريرها من النير الأجنبي . و بغض النظر عن المراحل التى قد يعنيه ذلك ، فإنّ هذا يعنى إنتهاج طريق الثورة الإشتراكية .
و " الإشتراكية أشياء ثلاثة :
أوّلا ، الإشتراكية شكل جديد من السلطة السياسية فيه المضطهَدون و المستغلّون سابقا ، فى تحالف مع الطبقات الوسطى، و الحرفيين و الأغلبية العظمى من المجتمع ، تتحكّم فى المجتمع بقيادة حزب طليعي ذو نظرة نافذة . و هذا النوع من سلطة الدولة يراقب المستغلّين القدامى منهم و الجدد. و يوفّر إمكانية ديمقراطية – أ- تطلق العنان لإبداع الناس و مبادراتهم فى كافة الإتجاهات و – ب- يوفّر لجماهير الشعب الحقّ و القدرة على تغيير العالم و الإضطلاع بإتخاذ القرارات الهامة، و يشجّع على التقاش الأبعد مدى ، و يحمى حقوق الفرد.و هذه الدولة الإشتراكية التى أتحدّث عنها هي دكّة إطلاق الثورة فى أماكن أخرى من العالم.
ثانيا، الإشتراكية نظام إقتصادي جديد حيث الموارد و القدرات الإنتاجية للمجتمع يمتلكها المجتمع عبر تنسيق الدولة الإشتراكية ، و حيث الإنتاج منظّم بوعي و مخطّط لتلبية حاجيات المجتمع ، و لتجاوز لامساواة المجتمع الرأسمالي الطبقي- مثل إضطهاد الأقليّاتالقومية و تبعية النساء ز إنّه إقتصاد منظّم لتشجيع الثورة فى العالم و لحماية الكوكب. يكفّ الإستغلال و الربح عن التحكّم فى المجتمع و فى حياة الناس. و تكفّ المؤسسات الصيدلية الكبرى و مجمّعات التأمين و المالية عن تحديد معايير تقديم الرعاية الصحّية و البحث العلمي. ستكفّ عن الوجود.لن توجد بعدُ شركة الجنرال موتورز أو البوينغ – ستكفّ عن الوجود هي الأخرى- موجّها تطوّر النقل و إنتاج الطاقة لحاجيات الربحز
ثالثا، الإشتراكية مرحلة تاريخية إنتقالية ، بين الرأسمالية و الشيوعية ، مرحلة صراع ثوري و تجريب لتحويل كافة الهياكل الإقتصادية نو كافة المؤسسات والإتفاقيّات الإجتماعية ، و كافة الأفكار و القيم التى تأبّد تقسيم المجتمع إلى طبقات." (35)
و هذا الصنف من الدول و هذه الثورة لا يهدفان إلى" تأميم " الإقتصاد التابع [ للإمبريالية ] و المشوّه و المفكّك الموجود حاليّا و لا إيجاد " مكانا لنا " فى التقسيم العالمي للعمل . مصادرة كافة الرساميل و المؤسسات التى هي على ملك الإمبرياليين الأجانب خطوة عملاقة و ضرورية ينبغى إتخاذها لإنجاز ثورة . لكنّها لا تعدو أن تكون خطوة و ستمثّل تحدّيا كبيرا بلا شكّ لبناء إقتصاد جديد و حيوي يقفز خارج النظام الإمبريالي العالمي . و مع ذلك دون القيام بهذا ستتمّ خسارة اللعبة مسبّقا .
هناك موارد ضخمة فى البلدان العربية فى نظام إقتصادي – إجتماعي مختلف يمكن أن تنهض بدور مختلف ، دور إيجابي وديناميكي . و الفلاحة التى تخفق فى تغذية الناس فى ظروف الهيمنة الإمبريالية ليس فى مقدورها فقط أن تفعل ذلك بل أيضا أن توفّر قاعدة لنمط جديد مغاير من الإقتصاد الوطني .
المشكل المفتاح ليس " نقص فى النموّ " بل الطريقة التى يُنتج بها من أجل الربح عوضا عن الإنتاج من أجل تلبية الحاجيات الإنسانية و أدّى تفوّق السوق العالمية إلى تطوير بعض مجالات الإقتصاد و ركود و تخلى مفروضين لمجالات أخرى . و قد قاد هذا إلى إحتداد لاعقلي و محطّم للمعنويات لللامساواة بين الجهات القائمة قبلا – مثلا ، بين مصر العليا والسفلى ، و سهل النيل و القاهرة مقابل محافظات على غرار الفيوم ؛ و فى تونس ، الإختلافات القصوى بين المناطق الساحلية و المناطق الداخلية . (36)
رغم أنّ القاهرة مثيرة و معقّدة ، فإنّ حجم المدينة وحده – حتى لا نذكر شكل تطوّرها الفوضوي وغير المخطّط و المنتج للبؤس تماما و كذلك مجازا ، الذى يبعث على الصدمة – يعكس الإضطهاد و التخلّف المفروض الذى يضرب جزء كبيرا من بقية البلاد ، ومنه لا يبحث الشباب إلاّ على الهرب . و هذا ليس سوى مثال بليغ عن الوضع فى عديد البلدان العربية . و هذه الفروقات إلى درجة كبيرة هي نتاج خضوع هذه البلدان لما يجده الرأسمال الإمبريالي و السوق مربحا . هي غير قابلة للتواصل بالمعنى الإنساني و كذلك البيئي .
ثورة حقيقية ستجعل ممكنا تعبئة الناس فى هذه المناطق المتخلّفة و بناء إقتصاد جديد فيه العلاقة الديناميكية بين التخطيط الشامل للدولة على المستوى الوطني ،الذى ينبغى أن يكون أحد أهدافه تجاوز اللامساواة بين المناطق و عدم التوازن الإقتصادي ، و بناء المبادرة و التعويل على الذات على مستويات المحلّية و الجهوية أيضا . سيتخذ الفلاحة كعامل مفتاح للقطع مع السوق العلمية و تعبيد الطريق لتطوّر إشتراكي شامل مشدّدا على تغذية الشعب . و ينبغى أن يوجد إلتزام و تخطيط بما فى ذلك أشكال جديدة من التعاون و التجديد ضمن مختلف قطاعات الشعب – من الأخصائيين إلى عامة الشعب – بغية إنهاء الوضع الحالي أين بقدر ما يطوّر بلد مثل مصر أو تونس فلاحته ، بقدر ما يكون أقلّ قدرة على تغذية سكّانه . فالبلدان كانا قبلا ينتجان غذاءا وفيرا . و اليوم عليهما أن يستوردا الغذاء لأنّ الماء و الأرض و الرفيين أوكلت لهم مهمّة الإنتاج للسوق العالمية ، تصدير القطن و الحنطة و الثمار و البقول خارج الموسم بينما يأكل ملايين الناس الخبز المصنوع من حبوب نصف مكسّرة و لا شي كثير معهنو الذين لا يمكنهم إنتاج أرباح للسوق العالمية لا يحثلون على شغل أصلا . أليس هذا إقتصادا يشبه كثيرا السجن حيث ما يحدّد حياة النزلاء هو الحاجة إلى التصدير و بطرق أخرى الحصول على العُملة الأجنبية لشراء أشياء كان من الممكن أن تصنّع محلّيا منذ البداية خدمة للناس و الكوكب .
لقد كان لمصر حظّا سعيدا بإمتلاكها نهر النيل ومياهه الجارية على ما يبدو لا تنضب . لا يتمتّع كلّ البلدان بمثل هذه الموارد ، لكن يمكننا أن نعتبر هذا الوضع مثالا سيّئا لكيف أنّ نظام الربح يحوّل الميزات إلى نقيضها : كميّة الماء التى يحصل عليها الفلاحون يحدّدها رأس المال و سلطة العلاقات التى تسحقهم و تمنع أرضهم من أن تكون منتجة بالتمام ؛ فالريّ مثلما يطبّق الآن يمكن أن يكون مصدرا للثروة لكنّه يترافق أيضا بتحطيم التربة ( عبر مراكمة الملح مثلا ) ، و الملايين الذين يمضون أيامهم و هم غارقون إلى الركبة فى المياه يعنون من أمراض فظيعة تتسبّب فيها المياه كانت الصين الماوية قد إجتثّتها قبل نصف قرن من الآن ، و يموت أطفالهم بسبب غياب الماء الصالح للشراب . و هناك سبب إقتصادي بسيط لإيقاف التسرّب الواسع النطاق فى قنوات الريّ و أشكال أخرى من تبذير المياه ؛ و غالبية هذه المياه فعليّا " تصدّر " لأنّها تستعمل لزراعة منتوجات تصديرية مستهلكة جدّا للمياه مثل الأزهار ؛ و فى النهاية ، جاء تطوّر الفلاحة السقوية فى مصر على حساب إمكانية تطوير الفلاحة فى بلدان أخرى على طول النيل و منابعه و هكذا هو مواصلة للعلاقات الإضطهادية الإستعمارية المفروضة على المنطقة .
على ضوء كلّ ما تقدّم حتى أحد أكثر مكاسب عبد الناصر فخرا ن بناء السدّ العالي بأصوان ، يجب رؤيته على أنّه إشكالي (37) ، مثال عن طريق لن تسلكه مصر إشتراكية . لقد قيل إنّ عبد الناصر إرتأى أنيجعل من النيل و أرضه الخصبة شيء يساوى النفط فى جلب الثروة فى بعض البلدان العربية الأخرى ، و بطريقة تناقض ظاهري صار ذلك حقيقة : و قد فرضتها قوانين الرأسمالية ، طريقة مسكه قادت إلى تبعية إقتصادية معرقلة و إلى إستقطاب أكبر فى الثروة و حياة لا تطاق بالنسبة للغالبية العظمى من المصريين .
إنّ إقتصادا مختلفا جذريّا مستديما بيئيّا يحتاج أن يُبنى ليكون قادرا على :
1- عدم الإعتماد على الإستغلال و توفير الظروف المادية للتقدّم نحو مجتمع خالي من الطبقات ،
2- تلبية حاجيات الشعب ،
3- المساعدة على تجاوز اللاتوازن الجهوي و الصدام بين الصناعة و الفلاحة و يواجه الإمبريالية ويكون معتمدا على الذات ،
4- أن يكون نموذجا و منطقة إرتكاز عملية لمزيد التقدّم الثوري فى المنطقة و فى العالم ككلّ . و كلّ الفكرة عن ما يمثّل " تطوّرا " ستكتسب مغزى جديدا و مغايرا جذريّا حين لن يعود " النموّ" يحكم عليه وفق معيار النظام الإمبريالي العالمي و القوانين التى وضعتها مؤسساته كالبنك العالمي و صندوق النقد الدولي . فى هذا النوع من المجتمع الثوري ملكية الدولة و تخطيط الدولة يغدوان وسائلا محورية لتحقيق الأهداف الثورية و التغيير الإجتماعي .
و سيعنى هذا إعادة التفكير فى التطوّر المديني و العلاقة بين الريف و المدن الكبرى على ضوء الحاجة الأكبر ، من منظور تطوّر عقلاني و طويل الأمد و مندمج ، بالمعنى الإنساني و كذلك بالمعنى البيئي ، و ليس فقط ما هو الأوفر ربحا .
الدولة :
و فى غالبية بلدان الشرق الأوسط و شمال أفريقيا ، يمكن وصف الدولة كأحسن ما يكون الوصف بأنّها مستعمرة جديدة . الدولة بأكملها و ليس الحكومة فحسب لكن أيضا قوات الجيش و الأمن و الإدارة البيروقراطية ، قد أنشأها و تشكّلت و تدرّبت على الطاعة بصفة مباشرة أو غير مباشرة للنظام الإمبريالي العالمي و قوى مثل فرنسا و بريطانيا و بالطبع الولايات المتحدة . و هذه الدول مدينة بالفضل تماما للطبقات الحاكمة المحلّية و الأجنبية و تخدمها . وهي تعزّز علاقات الملكية المهيمنة لتضمن " أفضل جوّ إستثماري ملائم " للمستغِلين العالميين و المحلّيين . الدولة هي التى تنفّذ البرامج المملاة من قبل الإمبريالية مثل سياسة التقشّف لصندوق النقد الدولي و الدولة هي التى على إستعداد لإستعمال العنف الوحشي لقمع الشعب . و الدولة الرجعية لا يمكن إطلاقا قصمها عن الجسد الإمبريالي الملحقة به. و تجربة العقود الماضية فى البلدان العربية و كذلك العالم ككلّ ، من ناصر إلى القذّافي إلى حافظ الأسد، قد بيّنت مجّددا أن جهاز الدولة المنظّم لحماية نظام إستغلالي غير قابل لأن يكون وسيلة لتغيير ثوري مستوفي .
الدولة هي العدوّ المركزي للشعب و العامود الفقري للنظام الإقتصادي – الإجتماعي الرجعي و لهذا يجب أن يكون تحطيم هذه الدولة الرجعية ينبغى إيجاد نوع جديد تماما من الدولة من القمّة إلى القاع ، فيه يكون المستغَلون سابقا ، بقيادة طليعة شيوعية حقيقية ، قادرين على أن يوحّدوا حولهم الغالبية العظمى من السكّان . ودولة من هذا القبيل لا يمكن أن تكون إلاّ شكلا من أشكال دكتاتورية البروليتاريا المناسبة لبلد معيّن .
وحينما تكون دولة ثورية قد تركّزت بالإعتماد على الذين كانوا سابقا مستغَلين ، فإنّ آفاقا جديدة كلّيا قد تفتح للتغيير الإجتماعي الذى سيتطلّب و يمكّن فى آن معا من دولة – ومجتمع – يقاومان بحيوية و يعارضان النظام الإمبريالي العالمي المهيمن حاليّا . مثلا ، عندما تكون الثورة قد كسرت سلطة و ملكية الفئة المالكة للأرض و القبضة الشديدة لنظام الربح على الإستثمارات و التوزيع ، فإنّه يكون ممكنا بلوغ الإكتفاء لذاتي فى الفلاحة بسرعة بالتعويل على جماهير الشعب و ستكون البلاد فى موقع أفضل بكثير لمقاومة الحصار الغذائي و أشكال أخرى من الضغط .
و ما تسمّى ب " النماذج " التى يروّج لها البعض – مثل نظام فنزويلا فى ظلّ تشافيز و خليفته مادورو – هي جميعا تلوينات متنوعة للإبقاء على الدولة القديمة جوهريّا كما هي و الأمل فى العثور على وسيلة توافق مع العالم الإمبريالي ، مثلا عبر بيع النفط فى حال فنيزويلا و الأكوادور . و النتائج هي أن هذه المجتمعات جوهريّا لم تتغيّر و تظلّ تحت رحمة كافة أنواع الضغوط. و هتان المهمّتان الكبيرتان للثورة – القطيعة مع الشبكة الاقئمة لإضطهاد الإمبريالية للأمم المضطهَدة و إطلاق العنان لسيرورة تغيير إجتماعي – صلتهما لا تنفصم ، وبالفعل إنّه من غير الممكن تصوّر الواحدة دون الأخرى .
سيحتجّ العديديون قائلين إنّ ما نحاجج من أجله حلم مستحيل . إنّه طريق صعب ، طريق صعب جدّا سيتطلّب صراعا و تضحيات هائلة و سيتطلّب فى النهاية إنتصار الثورة البروليتارية على النطاق العالمي . لكن الحقيقة هي أنّه لا وجود لطريق آخر حقيقي للتحرّر الإجتماعي و القضاء على إضطهاد الأمم و اللامساواة بينها . ما هو مستحيل حقّا ، و ما تبيّن المرّة تلو المرّة أنّه كذلك ، هو أحلام و مخطّطات الذين يحاججون أنّه هناك طريق ما للتقدّم دون تفكيك أوصال المؤسسات الرجعية القائمة .
النساء كقوّة محرّكة من أجل الثورة :
إنّ مسألة دور النساء فى مجتمع اليوم و نظرة و برنامج كيف ينبغى تغيير ذلك مسالة مركزية للغاية بالنسبة للمسائل التى أثارها ظهور الربيع العربي وهي فى موقع القلب من أي نوع من الثورة نحتاج و أي نوع من المجتمع مرغوب فيه و ممكن .
لقد ظهرت قضية النساء ربّما كأحدّ خطّ أحمر فى البلدان العربية . وكون إخضاع النساء مبني بدقّة فى الهياكل الرجعية و الإضطهادية و كامل نظام الإستغلال يجعل النضال ضد إضطهاد النساء قوّة محرّكة ينبغى أن تكون محور أي تغيير ثوري حقيقي . و هنا يمكن أن نرى ليس فقط لماذا ثورة حقيقية جدّ ضرورية و إنّما ستكون كيفية القتال للتحرير التام للنساء كذلك حيوية لتقدّم الثورة ايضا .
عقب تفكيك الدولة القديمة وجهازها القمعي و تركيز أجهزة جديدة للسلطة الثورية بافمكان وضع حدّ بسرعة كبيرة لأكثر الجرائم فظاعة ضد النساء . مثلا ، التعبئة الجماهيرية للنساء و الرجال مسنودة بسلطة الدولة يمكن بسرعة كبيرة أن تضع حدّا لإتلاف الجهاز الجنسي الأنثوي ولوباء الإغتصاب و البغاء الواسع الإنتشار. و المبادرات الجريئة و الحيوية التى إتخذها مجموعات نساء و آخرين لحماية النساء فى ساحة التحرير أثناء المسيرات و عموما وسط القاهرة قد كشفت عن حاجة أكيدة لمثل هذه التحرّكات وهي تقدّم تجربة ثمينة لكيفية إنجاز ذلك بطريقة توحّد حتى بعض الناس المتخلّفين فى أوّل الأمر ضد العنف المناهض للنساء .لكن هذه التحرّكات تبيّن كذلك التأثير المحدود – مثل جرف الماء خارج زورق إنقلب – إذا لم تكن هذه الجهود جزءا من بناء حركة ثورية شاملة تهدف إلى أرساء سلطة دولة جديدة و تحريرية تقدر على إجتثاث الأسس الإجتماعية و الإيديولوجية الكامنة وراء هذا السلوك الإجرامي ، مغيّرة المجتمع و الناس .
فى ظلّ دولة ثورية ، المساواة القانونية الكاملة بشأن الزواج و الطلاق و الملكية وحقوق الإرث – التى لم تتحقّق أبدا فى ظلّ بورقيبة أو مبارك ن رغم سمعتهما غير المستحقّة بعكس ذلك – يمكن التوصّل إليها بسرعة و تعزيزها . و يجب ضمان التمكّن التام من تحديد النسل و الإجهاض للجميع فى الواقع كما فى القانون . فى الصين الثورية ، مثلا ، وقع القضاء فى الأساس على البغاء فى غضون بضعة سنوات، و النساء الجريحات اللاتي دفعهن الفقر و العلاقات الإجتماعية الرجعية إلى هذه الممارسة خُصّصت لهن وسائل ذات معنى للمشاركة فى بناء المجتمع الجديد. و إنجاز هذا يعنى إستنهاض الناس ليتحدّوا منظومة الأفكار و القيم الرجعية التى جعلت النساء فى موقع دوني . و سيعنى ذلك ثورة فى الثقافة و التفكير كذلك .
و هذه الأصناف من التغييرات لوحدها يمكن أن تدفع بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا دفعا كبيرا إلى الأمام مقارنة بوضع النساء فى أكثر البلدان الإمبريالية " تقدّما ". لكن أهمّ من ذلك بكثير هو كيف أنّ القتال على المدى الطويل لتجاوز إضطهاد النساء لآلاف السنين يمكن أن يكون عاملا مركزيّا و محرّكا فى نضال الإنسانية لتجاوز الإضطهاد و الإستغلال و الطبقات مرّة واحدة . سيكون نضالا حقيقيا لتغيير العائلة و ضمان أن يقوم الزواج على الحبّ و الإحترام المتبادلين . العائلة التقليدية عادة حصن للبطرياركية و التخلّف و يترتّب علينا نقد هذا و تغييره جذريّا . و الأدوار الجندرية التقليدية و مفهوم ما يعنيه أن تكون رجلا أو إمرأة سيكون ساحة معركة فى الثقافة و ضمن المضطهَدين أنفسهم .و هذه الصراعات و النقاشات ضمن الناس و التجريب الإجتماعي ضروريّان ليس فقط للحيلولة دون تقهقر الثورة إلى اوراء – حتى أهمّ ، يجب أن تساهم فى المحرّك الذى يدفعها إلى الأمام .
إنّ القتال حول دورالنساء فى المجتمع سيركّز فى المجتمع الإشتراكي المستقبلي و سيميّزه كمرحلة إنتقال ثوري إلى مجتمع مغاير كلّيا .
لا الإمبرياليون و لا الأصوليون الإسلاميون بإمكانهم أن يوفّروا لملايين النساء مخرجا حقيقيّا. لكن الثورة بوسعها ذلك ما يفسّر لماذا يمكن جلب النساء المتمرّدات ، لا سيما الشابات ، إلى نظرة و برنامج شيوعي ثوري تحرّري .
تعبئة القوى الإيجابية :
سيكون لكلّ بلد وضعه و ستكون له حاجياته الخاصين ، لكن فى كلّ مكان تواجه الثورة ذات أنواع المشاكل . فحيثما نظرنا فى عالم اليوم ، هناك إهدار هائل و فظيع – إحباط قدرات الناس و تبخيسهم ، شدّ جندر بأكمله ، نصف السكّان إلى الخلف ؛ إساءة إستعمال الأرض و الموارد الأخرى ؛ و تقنية لا تلعب دورها كما يجب كعامل إيجابي إلاّ إذا إستعملت وفق المبادئ الإشتراكية و ليس وفق مبادئ مراكمة رأس المال .
إنّ إمكانية تغيير المجتمع فى البلدان العربية ينبع من داخلها إذ أنّ أهمّ مصدر لإنتاج و مزيد تثوير هذه المجتمعات هو الملايين من المستغَلين و المقهورين أنفسهم . هذه قوّة كبيرة للثورة ، للتغيير ، للعمل الجماعي لمصلحة المجتمع بأسره ، لكنّها قوّة مكبوتة ، مشدودة إلى الوراء ، تصعقها الإمبريالية و الرجعية أو لنقول ذلك بطريقة أخرى ، القوتان اللتان " عفا عليهما الزمن " . بإمكاننا أن نرى ومضة عن هذه القوّة الكامنة فى التمرّدات التى كنست بن علي و مبارك . لكن عندما تكون السلطة السياسية عمليّا بأيدى الشعب بقيادة حزب طليعي ثوري حقيقي ، عندئذ هذه القوّة التعييرية الكامنة تستطيع حقّا أن تطلق.
لقد كان يأس الشباب المعطّل عن العمل أو الشباب فى بطالة مقنّعة هو العالم المحوري فى إشعال الربيع العربي . يمكن لفقدان الأمل التحوّل إلى أمل ، و الشباب المحبط سابقا قد يجد رضا هائلا مأتاه العمل و النضال المشترك لأجل مصلحة المجتمع بأسره . غير أنّ هذا يتطلّب صنفا مغايرا تماما من النظام الإقتصادي – الإجتماعي .
و ليس على أولئك الذين يوجدون الآن فى أسفل المجتمع فقط أن ينهضوا بدور حيوي فى بناء مجتمع تحرّري ، مغاير كلّيا .فاليوم هناك عدد كبير من الشابات و الشبّان الذين تلقّوا تعلّما فى مجال الفنّ و العلوم و يجدون مسالكا إنتاجية غير كافية لطاقاتهم و إبداعاتهم . و مجتمع ثوري بمستطاعه أن يفعل أكثر من مجرّد توفير شغل للشباب المتعلّم الذى يدفع الآن فى غالب الأحيان إلى الخارج بحثا عن المعاش ،فيقع عادة إهدار مواهبهم و مؤهلاتهم . و سيقتضى بناء مجتمع إشتراكي أكثر من مجرّد مجموعة مهارات و تعليم تقني . الهدف البعيد المدى هو بلوغ مجتمع خالي من الطبقات ، الشيوعية بما يعني تخطّى التقسيم الرهيب للعمل بين عمل فكري و عمل يدوي حتى يتمكّن الناس ككلّ من الحصول على الثمار الكبرى للثقافة الإنسانية المشتركة ، و تعلّم المنهج العلمي لفهم كلّ من العالم المادي و المجتمع من أجل تغييرهما ، و يوجد عالم مليئ بما يذهل ، ليس بمعتقداتنا التطيّرية و حجاب الجهل و إنّما نتيجة التحدّي و الإثارة للمساهمة فى التوسيع المستمرّ لمعرفة العالم الفعلي فى كلّ تعقّده و عظمته .
سيكون للمثقّفين و للشباب المتعلّم دور حيوي يلعبونه فى هذه السيرورة و سيجدون أيضا مجالا لتحقيق الذات ومساحة للتعبير عن ذواتهم و إبداعاتهم وهي أشياء مستحيلة فى مجتمع اليوم . و لن ينجز ذلك بتعزيز المكانة ذات الإمتيازات لحفنة صغيرة من الناس وإنّما كجزء مندفع كامل المجتمع إلى الأمام إلى مكان أفضل بكثير .
المعارضة :
و من المظاهر التى يجدها الناس غير مقبولة و التى إضطلعت بدور محوري فى مطالب الإنتفاضات العربية ، غياب الحقوق و غياب أية مشاركة ذات مغزى فى الحياة السياسية . هذه ليست فى الأساس مسألة إنتخابات ، سواء كانت " مغشوشة " أم " حقيقية " ، و التى لم تكن أبدا وسيلة لإحراز تغيير جوهري . و من الأشياء التى بعثت بشحنة كهربائية فى العالم شارع الحبيب بورقيبة و ساحة التحرير ليس كنقاط مركزية للمقاومة و حسب ، بل أيضا ك " مناطق محرّرة " تزخر بالنقاش حول إتجاه الحركة و المجتمع برمّته. جميع أنواع الناس ، نساء و رجلا و منهم أناس نشأوا على الصمت فى وجه الطبقات المتعلّمة ، تحدّثوا بصوت عالي و ناقشوا و نقدوا كلّ الأشياء و كلّ الأشخاص الذين كانوا يشعرون بأنّهم يقفون فى الطريق [ فى طريق التقدّم ].
فى ظلّ الحكم الرجعي ، كان هذا النشاط يقابل بهجمات الشرطة و المجرمين على ظهور الجمال ، و التعتيم الإعلامي و المخبرين السرّيين . فى المجتمع الإشتراكي المستقبلي هذا النوع من المعارضة لن يكون " مسموحا به " و حسب ، بل يجب أن يُرحّب به و أن يلقى التشجيع من قادة المجتمع و مؤسساته الثورية . الإحتجاج و التمرّد الجماهيري و روح الإقدام على التفكير و إعادة التقييم و النقد ستوجد على نطاق قلّما يرى و يُشرك الجماهير الشعبية التى هي عادة مستبعدة من الحياة الفكرية و السياسية و كذلك المثقفين الذين سيواصلون لعب دور حيوي فى ظروف المجتمع الجديد .
ستحمى سلطة الدولة حقوق الشعب فى خوضه هذه الضروب من الصراعات . لنكون واضحين ، يمكن التعبير عن معارضة الإشتراكية طالما انّ هؤلاء المعارضين لا يحاولون عمليّا الإطاحة بالنظام بطرق غير قانونية . إنّ رؤية أفاكيان للإشتراكية رؤية حيث الجدال و المعارضة و الصراع حول الصواب و الخطأ ، و النقاش الجماهيري هي نسيج من صنع المجتمع ، و ليسوا إستثناءا. و الموارد ( النشر و مواقع النات ومحطّات التلفزة و أماكن الإجتماعات و ما إلى ذلك ) يجب أن تتوفّر كي تصبح هذه الحقوق واقعا و ذات معنى ، على عكس الديمقراطية البرجوازية أين المال و الروابط و الملكية تفرغ " الخطاب الحرّ" من جلّ معانيه .
و ما هذا التوجه بأمنية تقيّة توضع جانبا مع أوّل صعوبة . فى المجتمع الإشتراكي المستقبلي سيوجد بالتأكيد أعداء خبثاء فى الداخل و الخارج سيقومون بكلّ شيء ليرجعوا النظام الرجعي ، لكن غالبا ما تمّ النظر إلى واقع مثل هؤلاء الأعداء و الحاجة إلى قتالهم على انّه سبب لللجوء إلى طرق اليد الثقيلة و إلى عدم التعويل على الجماهير الشعبية و دفعها إلى الأمام .
ينبغى على المجتمعات الإشتراكية الجديدة للقرن الواحد و العشرين أن تتميّز بإنتشار غير مسبوق لحقوق الفردضمن السكّان . و الدولة ذاتها ستكون مختلفة نوعيّا عن الدول الموجودة اليوم فى أن تلك الدولة الإشتراكية ستكون نتيجة ثورة جماهيرية. و لكن هذا لن يغيّر من أنّه ستظلّ هناك تناقضات بين الدولة الإشتراكية و الناس طالما يظلّ من الضروري إمتلاك أية دولة أبدا . و الديمقراطية التى ستزدهر و ضمان حقوق الفرد سيكونان جزءا من النضال للحفاظ على التغيير الإجتماعي فى تقدّم و ستخلق ظروف أكثر ملائمة لتقدّم الثورة .
ولنأخذ مثالا المسألة المهمّة للقتال من أجل نظرة علمية لعالم و معارضة النظرات الدينية التى تثقل على تفكير الجماهير . فى الأساس ن فى كافة البلدان العربية ، سواء بالقانون أو بمجرّد ثقل العائلة و التقاليد و وسائل الإعلام و أحيانا مجرمين ، لا يتمّ تشجيع الناس على الإكتشاف و نقاش وجهات النظر البديلة ، و أولئك الذين لا يؤمنون يجبرون عادة على الصمت . يجب ان يوجد فصل صارم بين الدين و الدولة . و يجب على النظام التعليمي أن يتعاطى مع الدين وفق ذات المعيار العلمي المستعمل فى تفحّص كافة الظواهر الإجتماعية الأخرى .
وحده مجتمع إشتراكي مختلف جذريّا يسيّر النقاش حول الدين بطريقة جدّ مختلفة . نعلم أنّه لفترة طويلة سيرفض عديد الناس الرؤية الشيوعية العلمية للعالم و يتمسّكون بالدين . لذلك سيتمّ إحترام حرّية المعتقد و لن يضغط على أي كان كيما يدعى ما ليس عليه . هذا من جهة و من جهة ثانية ، لن يتراجع الشيوعيون عن الصراع حول الدين و النظرة للعالم بصورة أعمّ لأنّه سيكون من غير الممكن بلوغ مجتمع شيوعي إلى أن ينظر الناس إلى العالم كما هو عمليّا و يغيّرونه على ذلك الأساس . و هذا الصراع فى مجال التفكير بين المؤمنين و الشيوعيين الثوريين يمكن أن يكون مدرسة حقيقية و مثيرة يشارك فيها الملايين و يتعلّمون و يغيّرون أنفسهم .
ما هو العنصر المفتقد : الشيوعيون الثوريون :
العنصر المحوري الذى تفتقد إليه البلدان العربية اليوم هو لبّ منظّم من الشيوعيين الثوريين . و هذا لا علاقة له بأحزاب " اليسار" القديمة المتحجّرة أو تيارات أخرى صارت بطريقتها الخاصّة ، سواء كان أعضاؤها شبابا أو شيبا ، مؤسسات تابعة لمجتمع القديم . و لا يتعلّق الأمر حتى بإنجاز نقد راديكالي للمجتمع . و إنمّا يتعلّق الأمر بقوّة فى المجتمع تظهر و تستوعب بصلابة الحاجة إلى قيادة الجماهير فى تحقيق إطاحة ثورية عملية للدولة / الدول القديمة و يكون لديها تصميم و فهم علمي ضروري لبناء نوع المجتمع المختلف راديكاليّا الذى ناقشنا .
وإمكانية التغيير الحقيقي قد تظهر ثمّ تغيب عن النظر . و ترتهن حركية الناس و مبادرتهم و جرأتهم بما إذا كانوا أم لا يؤمنون بأنّ تضحياتهم يمكن أن تقود إلى نتائج تستحقّ ذلك . و عندما لا يعود بوسع الطبقات الحاكمة أن تحكم بالطريقة القديمة لأنّها منقسمة و فى مأزق و تكون هيكلة سلطتها قد فقدت شرعيتها ، لن تحلّ هذه الأزمة آليّا فى مصلحة الشعب و النظام الجديد قد يكون سيء مثل سابقه أو أسوأ منه .
هذا هو نوع الوضعية التى عالجها أفاكيان فى رسالته إلى الشعب المصري عقب إلحاق الهزيمة بمبارك:
" فى روسيا ، فى فبراير/ فيفري 1917 ، أطاحت إنتفاضة شعبية بقيصر مستبدّ (الحاكم المطلق). و مرّة أخرى ، حاول إمبرياليو الولايات المتحدة و بريطانيا و بعض القوى الإمبريالية الأخرى و الرأسماليون الروس إضطهاد الشعب بشكل جديد، بإستخدام آليّات " الحكم الديمقراطي" و الإنتخابات والتيحتى مع السماح بشيء من المشاركة العريضة للأحزاب المختلفة ، ستكون تحت السيطرة الكاملة لمستغلّى الشعب و سوف تضمن إستمرارية حكمهم و المزيد من معاناة الجماهير الشعبية. إلاّ أنّه فى هذه الحالة ، تمّ تمكين الجماهير من تعرية المناورات و التلاعب كي تستطيع المضي قدما بالهبّة الثورية عبر منعرجات مختلفة حتى إستطاعوا الوصول فى أكتوبر 1917 إلى دحر و تفكيك مؤسسات و آليّات الدكتاتورية البرجوازية وإقامة نظام سياسي و إقتصاديّ جديد ، الإشتراكية الذى إستمرّ فى التقدّم لعقود منالزمن نحو إلغاء علاقات الإستغلال و الإضطهاد كجزء من الصراع العالمي نحو تحقيق الهدف النهائي- الشيوعية. إنّ الفرق الجوهري يكمن فى أنّ الإنتفاضات الروسية كان لها قيادة فى المركز ، قيادة شيوعية، قيادة تملك فهما واضحا و علميّا لطبيعة النظام القمعي برمّته و ليس فقط لهذا الحاكم المستبدّ او ذاك و للحاجة إلى إستمرار النضال الثوري لا من أجل الإطاحة بحاكم معيّن فحسب و لكن لمحو النظام برمّته و إستبداله بنظام يجسّد و ينفخ الحياة فى الحرّية و فى المصالح الأساسية للشعب فى ق سعيهنحو إزالة كافة أشكال القمع و الإستغلال.
و بالرغم من أنّه تمّفى النهاية الإنقلاب على الثورة فى روسياو إسترداد الرأسمالية فى خمسينات القرن الماضي ، وبالرغم من أنّ روسيا اليوم لم تعد تخفى حقيقتها كقوّة رأسمالية-إمبريالية، فإنّ الثورة الروسية لسنة 1917تقدّم دروسا قيّمة و حاسمة فى عالم اليوم . و لعلّ الدرس الأكثر حسما هو أنّه : عندما تخرج الجماهير بالملايين وتكسر القيود التي كبّلتها ضد مضطهِدِيها و ظالميها ، فإن السؤال حول إذا ما كان نضالها البطولي هذا سيؤدّى يؤّدى إلى إحداث التغيير الأساسي أي التحرّك نحو إلغاء كافة أشكال الإستغلال و الظلم ، فإنّ هذا يعتمد على وجود قيادة ، قيادة شيوعية ، التى تتسلّح بالفهم و الأسلوب العلمي ،و تستطيع على هذا الأساس تطوير النهج الإستراتيجي المطلوب و التأثير على و توطيد الروابط المنظّمة بين الأعداد المتزايدة من الجماهير ،من أجل قبادة إنتفاضة الشعب عبر كلّ المنعرجات و المنعطفات نحو الهدف وهو التحوّل الثوري الحقيقي للمجتمع بما يتوافق مع المصالح الأساسية للشعب . و عندها ، عندما تحطم الجماهير الغفيرة " الروتين الرتيب " و القيود التى كانت تكبلها بسبب العلاقات القمعية التى كانوا يرزحزم تحتها –عندما يحطمون كلّ ذلك وينتفضون بالملايين – تكون هذه هي اللحظة الحاسمة للتنظيم الشيوعي لتطوير علاقته مع هذه الجماهير و رصّ صفوفه و تعزيز قدرته على القيادة . أو إذا لم يكن هذا للتنظيم الشيوعي موجودا ، أو كان متواجدا فى شظايا معزولة ، فإنّ هذه اللحظة تكون هي الحاسمة لإنطلاقة التنظيم الشيوعي و تطويره ليأخذ على عاتقه مواجهة التحدّى المتمثّل فى دراسة وتطبيق النظرية الشيوعية بطريقة خلاّقة فى خضمّ هذه الظروف المضطربة و لتطوير علاقته بإستمرار مع الجماهير و التأثير فيها للوصول فى نهاية المطاف إلى قيادة الأعداد الغفيرة منهذه الجماهير نحو الثورة التى تمثّل المصالح الأساسية و السامية ، ألا وهي الثورة الشيوعية .
... إلى كلّ الذين يريدون حقّا أن يروا هذا النضال البطولي للجماهير المضطهَدة فى ظلّ القيادة المطلوبة يتطوّر فى إتجاه التحوّل الثوري الحقيقي و تحرّر أصيل للمجتمع : الإنخراط و الإلتزام بوجهة النظر و الأهداف التحررية للشيوعية ،و فى التحدّي فى إعطاء هذا التعبير المنظّم و فى التأثير و الحضور المتنامي بين الجماهير المناضلة . " (38)

ماذا سينتج عن الإنتفاضات العربية ؟
لقد وفّرت السنوات القليلة الأخيرة دروسا غنية ، إيجابية و سلبية حول التأثير القوي لأقلية صغيرة نسبيّا فى علاقة ببقيّة المجتمع . عندما كانت عموما متخندقة إلى جانب المصالح الأساسية للشعب ، كانت مثابرة الشباب وآخرين عاملا باعثا لجوّ عام عبر المجتمع سنة 2011 . لئن ترقّبوا إلى أن تقرّر الجماهير عامة ، أو غالبيتها ، و عن وعي الحاجة إلى تغيير المجتمع و إمكانيته و كيفية القيام بذلك و توقيته ، لكان مبارك و بن علي لا يزالان جالسين فى قصورهما و لكانت غالبية الناس تقول بأّنه لا وجود لبديل . لكن هذه الفترة مدّتنا بدروس مُرّة أيضا .
فالأزمة الثورية لا يمكن أن تصبح إمكانية حقيقية للقيام بالثورة دون عمل حزب ثوري و ظهور حركة شيوعية ثورية فى صفوف الجماهير – حركة تقودها الشيوعية كعلم و كهدف ، حركة حتى و إن كانت صغيرة تبحث عن كلّ فرصة ليكون لها تأثير كبير على المجتمع برمّته و بناء قوّة تهدف للتمكّن من إفتكاك السلطة حينما تنضج الظروف . و الأحداث إلى ألان فى 2013 قد أظهرت الحاجة الماسة إلى مثل هذه الحركة : و فى النهاية ستجد فترة الإضطراب التى إفتتحها الربيع العربي معالجة ، و دون ظهور قيادة و إتجاه مختلف ، قيادة شيوعية ثورية ، سيتوفّر حلّ رجعي ، مثلما نشاهد ، هو بصدد التشكّل و الإختبار بأشكال متباينة اليوم .
و يمكن أن نرى أهمّية هذا من تجربة الشعب الإيراني خلال ثورة 1979 ضد الشاه و بعد ذلك . و الرفاق من إيران الذين عاشوا تجربة الثورة هذه التى وقع السطو عليها و تحويل وجهتها و هزيمتها ، قد لخّصوا هذه الدروس المُرّة . و على المصريين و التونسيين و آخرين الذين لهم أوهام حول القوى الإسلامية و كذلك الذين ينوون وضع أنفسهم بين أيدي الجيوش الموالية للإمبرياليين للحيلولة دون العذابات التى عانى منها الشعب الإيراني مذّاك ، عليهم مراعاتها .(39)
و لكن إن ظهرت حركة ثورية لها قوّة كافية لتشرع فى كسر عُقلة القوتين اللتين " عفا عليهما الزمن " و حتى أكثر إن حدثت ثورة فى أي بلد ، فإنّ ذلك سيفرز تغييرا حقيقيا الحاجة إليه كبيرة جدا فى وضع المنطقة و فى العالم الصعب اليوم . قد تساعد على التقدّم فى القيام بالثورة فى بلدان أخرى و بدورها قد تأثّر على الوضع بحداث الإختراق الأوّل . و بالرغم من كلّ شيء ، إذا إستطاع ما جدّ بسيدي بوزيد وهي مدينة منعزلة فى بلد صغير أن يمتدّ عبر المنطقة و يأثرّ فى الناس عبر العالم ، فكّروا فى ما يمكن أن يجدّ لو ظهر شيء ثوري حقّا ، حركة تقاتل من أجل مخرج فى تناقض مع الفظائع التى يعتبر غالبية الناس الآن أنّها الإمكانيات الوحيدة .
و هناك حجة تقول إنّه إن لم يستطع الليبراليون و الإصلاحيون و التحريفيون و " الشيوعيون " إيجاد آذان صاغية فى المجتمع ، فإنّه لا مجال لأن تتمكّن الشيوعية الثورية من الإرتباط بالجماهير . لكن محاولة إيجاد رأسمالية دون إستغلال و إضطهاد خبيثين للأمم أو حكم إسلامي " إنساني " دون إضطهاد النساء – هذه هي الحلول غير الممكنة التحقيق و بقدر ما يكون سريعا كسب قطاع من القادة و الناشطين الممكنين إلى فهم هذا الواقع و الفعل فيه بقدرما يكون ذلك أفضل . و السعي إلى تجنّب الجدال لن يخدع الشعب أو يخفّف من أفكاره الدينية المسبّقة فقط بل سيضمن أنّ الكثير من تفكيره الذى صاغته العلاقات الإقتصادية و الإجتماعية السائدة ، سيظلّ كما هو فى تناقض مع أعمق طموحاته و مصالحه الجوهرية .
و الميزة الكبرى هي أنّ الإطار [ النظري ] الجوهري يوجد فى العالم ، إنه الخلاصة الجديدة للشيوعية الثورية التى طوّرها أفاكيان ، و هي قادرة على تمكين الثوريين فى كلّ البلدان على أن يروا ، بطريقة أساسية ، نوع التغيير الثوري الذى يحتاجه العالم وهو ممكن . وكلّ من يرغب فى القتال من أجل تحرير الجماهير يجب أن يتفاعل مع الفهم العلمي الأكثر تقدّما الذى برز . و لأنّ النظرة و المنهج و التحليل الشيوعي الثوري يتناسبون مع الواقع و يمكن أن يوفّروا أجوبة للمشاكل التى دفعت الناس للتحرّك .
يجب على التيّار الشيوعي الثوري أن يركّز نفسه و يرمى بجذوره ضمن عدد متنامي من الناس ، من قاع المجتمع و عبره ، يتبنّى هذه القضيّة و ينهض عن وعي بدور نشيط فى تغيير العالم وهي نظرة و حركة لا أحد آخر يمكن أن يوفّرها لهم . لئن كان عدد كبير من الناس ينوون التضحية بحياتهم دون رؤية واضحة لما يمكن أن ينجرّ عن التضحيات ، تصوّروا ما الذى يمكن أن يحدث إذا كانت نظرية علمية لمجتمع ممكن جديد و تحرّري تحفز أعدادا متزايدة من الناس و تصبح قوّة فى النضالات حول كافة المشاكل و المواضيع التى واجهها الملايين و ناقشوها غداة الإنتفاضات العربية .
و إحتداد الصراعات التاريخية علامة على عمق هذا النوع من الأزمات الإجتماعية يمكن أن يعني إفلاس هذه المشاريع الرجعية التى يقع " إختبارها " بسرعة ، و إمكانية أن يتوصّل ملايين الناس بسرعة أكبر بكثير إلى فهم أساسي لما يجب القيام به . و لكن هذا ليس بوسعه أن يتمّ إلاّ إذا ظهرت قوّة سياسية بمقدورها أن تقاتل من أجل أن تسلّط ضوءا حقيقيّا أي علميّا على طبيعة المشكل و حلّه العلمي . توجد إمكانية تقدّم ثوري حقيقي و أيضا توجد إمكانية التعرّض مستقبلا حتى إلى فظائع أسوأ. فى ظلّ الظروف القائمة الآن فى شمال أفريقيا و الشرق الأوسط ،حتى مجموعات صغيرة من الناس تحمل فهما شيوعيّا ثوريّا بوسعها أن تحرّك لناس على نطاق واسع . و العدد القليل اليوم قد يستحيل إلى آلاف يقودون الملايين .
و هذا ما يجعل مهمّة التفاعل مع الخلاصة الجديدة للشيوعية و إستيعابها مهمّة حيوية و ملحّة إلى أقصى الحدود ، لا سيما فى خضمّ التطلعات الثورية و المخاطر المتزايدة فى منطقة الشرق الأوسط و شمال أفريقيا .
--------------------------------------------------
الهوامش :
1- لقد تمتّع الجيش المصري بمكانة معينة فى صفوف الشعب نظرا لدوره التاريخي . فقد أطاح إنقلاب 1952 بالنظام الملكي الذى كانت تهيمن عليه بريطانيا و فى السنوات التالية فى ظلّ جمال عبد لناصر وقع تجريد الإقطاعيين الموالين بريطانيا من الكثير من أراضيهم و سلطتهم . لكن عبد الناصر قدعوّل دائما على الرأسمال الأجنبي و الحماية العسكرية من واحدة أو اخرى من القوى العظمى وسط وضع عالمي متغيّر و معقّد ، متميّز بتنافس شديد بين الإمبرياليين البريطانيين والفرنسيين المنهكين من جهة و الإمبريالية الأمريكية التى صارت قوية بشكل كبير من جهة أخرى ،و ظهور الإتحاد السوفياتي كقوّة إمبريالية عقب إعادة تركيز الرأسمالية هناك فى شكل رأسمالية دولة " إشتراكية ". و كان خليفة ناصر، أنور السادات ، أوفر نجاحا منناصر فى توجيه ضربة للغزاة الصهاينة فى 1973 إلاّ أنّ الجيش المصري إستغلّ ذلك كفرصة للتفاوض على إستسلامه لمطالب الصهاينة و راعيتهم الولايات المتحدة . و إنتهت هذه السيرورة إلى إتفاقيات سلام 1979 مع إسرائيل تضمّنت الإعادة الشكلية لمظهر عديدة من السيادة المصرية على شبه جزيرة سيناء و القنال و أطلقت بالفعل تحالف مصر مع إسرائيل ضد الحركة الوطنية الفلسطينية. و ستكون مبالغة صغيرة فقط أن نقول إنّ " إسرائيل و الجيش المصري يد واحدة " . و حينما عاد الجنرالات بقيادة عبد الفتّاح السيسي إلى الحكم مباشرة فى 3 جويلية 2013 ، صرّح السفير الإسرائيلي فى مصر : " السيسي ليس بطلا قوميّا بالنسبة لمصر إلاّ أنّه بطل بالنسبة لكافة اليهود فى إسرائيل ..." ( ذكره راي بوش فى إفتتاحية شهر أوت ضمن " المسألة الإفتراضية " من " مجلّة الإقتصاد السياسي الأفريفي ".)
2- و قد بدأوا نشاطهم فى السنوات الأخيرة لمبارك و أثناء إنتخابات مرسي لسنة 2012 ، حاجج الإشتراكيون الثوريّون بأنّه ينبغى مساندة الإخوان المسلمين ( سميح نجيب : " أحيانا مع الإخوان المسلمين ، لكندائما ضد الدولة ") وهو تحليل قلّص الدولة إلى شخص مبارك و الجنرالات الأقرب إليه. ثمّ ، إثر الإنقلاب فى 3 جويلية 2013 ، تذمّروا : " لقد خان محمد مرسي و الإخوان الثورة . لم يطبّقوا و لا واحد منمطالب الثورة بالعدالة الإجتماعية و الحرّية و الكرامة الإنسانية و القصاص لشهداء الثورة ." ( سميح نجيب ؛ " مصر : أربعة أيّام هزّت العالم " 3 جويلية 2013). و رحّب أحمد شوقي ، ناشر " مجلّة الإشتراكي العالمي " ، بتولّى الجيش أمر السلطة على أنّه إعتراف بواقع أنّ إرادة الشعب المصري لم تعد نقبل بحكومة مرسي " ( أحمد شوقي " مصر كلّها هي التحرير " ، 5 جويلية 2013).
ثمّ التحوّل إلى الضفّة الأخرى من جديد ، بعد مدّة طويلة من تظاهر القادة الليبراليين و عديد الآخرين من أجل عزل مرسى ، شرعوا فى النأي بأنفسهم عن مجزرة الجيش ضد مساندي الإخوان المسلمين ، و ندّدوا ب " الحكم العسكري " فى نفس الوقت الذى إستفاقوا فيه على كون الإخوان المسلمين كانوا فئويين . و مع ذلك " ظلّوا يعتبرون أنّ عزل مرسى أتى نتيجة " الموجة الثورية ل 28 جوان " - التى عبّدت الطريق للإنقلاب ( " حكم الرعب العسكري فى القاهرة " 14 أوت 2013).بإختصار إن كانت المواقف السياسية للإشتراكيين الثوريين متقلّبة فلأنّهم إجتهدوا بثبات لركوب أمواج التقلّبات السياسية و ليبرّروا هذه التقلّبات السريعة على أنّها تكتيكات " ماركسية " ( فى الواقع ، تروتسكية ) .
و فى نفس الوقت ، بمزاج أكثر برودة بعد مدّة ليست طويلة عن التسمّم الأولى ب " نجاح" المسيرات الموالية للإنقلاب ،إستخلص نجيب أنّه نظرا لمساندة حكّام العربية السعودية والإمارات المتحدة العربية لإبعاد مُرسى و لوعودهم بتمويل الحكومة الجديدة ، لن تكون الثورة ممكنة فى مصر إلى أن تسقط هذه الأنظمة – ما يعنى على الأرجح أبدا بما أنّ الظروف فى مصر بجماهيرها الغفيرة المسحوقة فى الريف و المدن ، أكثر مواتاة بكثير للثورة من تلك فى البلدان التى تتميّز بصورة خاصّة يغياب مثل هذه الظروف. و يشكو نجيب من أنّ العالم الآخر الذى يعرقل الثورة فى مصر هو ثقل الريف وخاصة الجنوب المصري " أين للحركات الإسلامية أكبر الدعم ". ( ينبغى على الثورة المصرية أن تنتشر لكي تكسب " ، 16 جويلية 2013 . و إنظروا كذلك " لرسالة الإشتراكيين الثوريين إلى الأنصار " ، 14 أوت 2013 . و كافة هذه النصوص نشرت على موقع الأنترنت :
socialistworker.co.uk
سنُعنى أكثر بمسألة الفكر الإسلامي و الفقر لاحقا ، لكن هنا سنثير سؤالين إثنين : منذ متى كان الفقر و غياب " التطوّر " معرقلين للثورة ؟ و إن كان صحيحا أن الفكر الإسلامي ( ليس فحسب فى الريف بل واقعيّا فى سائر المجتمع ) مشكل فلماذا لم يعرضه الإشتراكيون الثوريون – إلى اليوم؟
لقد إتبع الإشتراكيون الثوريون على الدوام تكتيك معارضة كلّ ما يحدّدونه على انّه " العدو الرئيسي " فى أية لحظة . لكن ما هي الإستراتيجيا - ما هي الأهداف - التى يحاول هؤلاء التكتيكيين البارزين تطبيقها، عدا " فرصة لا تفوّت للنموّ " مثلما يصف نجيب الوضع اليوم ؟ أليس هذا هو عين مفهوم الإنتهازية ؟
3 - نجيب ، " مصر : أربعة أيّام هزّت العالم ".
4 - فرضية و حجّة أنّه نظرا لكون الجماهير بملايينها فى حركة ، مهما تقوم به سليم و صحيح وهو فى الأخير فى مصلحتها ... هذه الأبستيمولوجيا الشعبوية مقاربة تحدّد الحقيقة بما يفكّر فيه الناس أي بالرأي العام. إنّها لا تطبّق العلم لفهم الواقع الموضوعي فى سيره و ديناميكيته الكامنين ، غنّها لا تتحدّى و لا تدحض ولا تغيّر الأفكار و طرق التفكير الخاطئة لدي الناس الذين هم غير منسجمين مع الواقع الموضوعي ، و من هنا فى الأخير تترك العالم " كما هو" . ( " ملايين الناس يمكن أن يكونوا خاطئين – الإنقلاب فى مصر ليس ثورة شعبية " ، الثورة عدد 312 ، جريدة الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ).
و أرقام 17 مليونا ( أو 33 مليونا مثلما يدّعى الكثيرون ) فى شوارع مصر تدعو الجنرالات ان يتدخّلوا مجرّد وهم يبحث عن ملجأ من الوضع السياسي المعقّد اليوم بالإعتماد على فكرة أنّ الملايين لا يمكن أن يكونوا على خطإ و المبالغة فى عدد الملايين عدّة مرّات و تجاهل الملايين المساندة للإخوان المسلمين ( الملايين الخاطئة ) . لقد كان هذا مشكلا على الدوام . ساحة التحرير ليس بوسعها الإتساع حتى لمليون شخص . و إدعاء أنّ الملايين نهضوا فى جانفي 2011 لمعارضة حجّة نظام مبارك بأنّه يتمتّع بمساندة " الغالبية الصامتة " كان مؤشّرا أوّليّا على فهم غالط ( فكرة أنّ الشرعية السياسية تتأتّى من مساندة الغالبية ) التى جعلت الكثير من الناس ذوى الفتكير الثوري مضطربين فى التوجه وهوشيء بديهي خاصة الآن و الشعب منقسم بمرارة كبيرة .
5- قدّم بعض الناس مفهوم " الدولة العميقة " و قصدوا به رجعيين متآمرين لا يلينون متمترسين فى صفوف القوات المسلّحة و المؤسسات الأمنية . و هذا ينحو إلى رؤية الدولة كشقين واحد منتخب يمكن تغييره لخدمة مصالح الشعب و الآخر غير منتخب وهو يمثّل المصالح الرجعية و يقاومالتغيير . إنّ جهاز الدولة ككلّ أداة لدكتاتورية الطبقات الحاكمة ضد الشعب ، و الإنتخابات تهدف إلى خدمة هذه الدكتاتورية بما فى ذلك تحديد الإطار الذى يمكن فيه للناس أن يشاركوا فى السيرورة السياسية . ( ستكون لنا فرصة المزيد من الحديث عن مسألة الإنتخابات لاحقا ) .هناك فرق بين جهاز الدولة و الحكومة القائمة اليوم ، بيد أنّ الحكومة التى لا تخدم مصالح الطبقة الحاكمة لن تدوم – مرسى مثال ذلك. لسخرية الأقدار ، سهّل مرسى التغييرات فى قيادات القوات المسلّحة بما أفرز الجنرالات الالمصطفين مع بعض الذين أطاحوا به . و شكاوى أنّمرسى ترك القوات المسلّحة و الشرطة و القضاء و هياكل أخرى تطوّرت فى ظلّ مبارك كما هي "غير عادلة " ، بمعنى أنّه لم يكن يملك أبدا ذلك الخيار إلاّ أنّه من المهمّ أيضا أنّ نقرّ بأن الإخوان المسلمين أرتأوا تقاسم السلطة مع قوى النظام القديمة و سُمح لها – أو بالأحرى وقع التآمر – بالمشاركة فى الحكومة على أمل أن يساعد ذلك على إعادة الشرعية لوضع لم يعد ملايين المصريين بعدُ يقبلون به .
6 - لقد كان بوب أفاكيان رئيسا للحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية منذ تأسيسه سنة 1979. و قد نهض أفاكيان بدور حاسم فى تحليل الثورة المضادة التى حصلت فى الصين بعد وفاة ماو فى 1976 و فى توحيد الشيوعيين حول العالم للمضيّ قدما على خطى الإرث الثوري لماو تسى تونغ . و فى العقود العديدة الأخيرة كان يتفحّص المظاهر الإيجابية و السلبية لتجربة بناء الإشتراكية فى الإتحاد السوفياتي و الصين ، علاوة على التطوّرات الأخرى فى المعرفة الإنسانية . و كانت النتيجة هي خلاصة جديدة للشيوعية . و مثلما كتب : " تعنى الخلاصة الجديدة إعادة تشكيل و إعادة تركيب الجوانب الإيجابية لتجربة الحركة الشيوعية و المجتمع الإشتراكي إلى الآن ، بينما يتمّ التعلّم من الجوانب السلبية لهذه التجربة بابعادها الفلسفية والإيديولوجية و كذلك السياسية ، لأجل التوصّل إلى توجه و منهج و مقاربة علميين متجذّرين بصورة أعمق و أصلب فى علاقة ليس فقط بالقيام بالثورة و إفتكاك السلطة لكن ثمّ ، نعم ، تلبية الحاجيات المادية للمجتمع و حاجيات جماهير الشعب ، بطريقة متزايدة الإتساع ، فى المجتمع الإشتراكي – متجاوزة ندب الماضى ومواصلة بعمق التغيير الثوري للمجتمع ، بينما فى نفس الوقت ندعم بنشاط النضال الثوري عبر العالم و نعمل على أساس الإقرار بأن المجال العالمي و النضال العالمي هما الأكثر جوهرية و أهمّية ، بالمعنى العام – معا مع فتح نوعي لمزيد المجال للتعبير عن الحاجيات الفكرية و الثقافية للناس ، مفهوما بصورة واسعة ، و مخوّلين سيرورة أكثر تنوّعا و غنى للإكتشاف و التجريب فى مجالات العلم و الفنّ و الثقافة و الحياة الفكرية بصفة عامة ، مع مدى متزايد لنزاع مختلف الأفكار و المدارس الفكرية و المبادرة و الخلق الفرديين و حماية الحقوق الفردية ، بما فى ذلك مجال للأفراد ليتفاعلوا فى " مجتمع مدني " مستقلّ عن الدولة – كلّ هذا ضمن إطار شامل من التعاون و الجماعية و فى نفس الوقت الذى تكون فيه سلطة الدولة ممسوكة و متطوّرة أكثر كسلطة دولة ثورية تخدم مصالح الثورة البروليتارية ، فى بلد معيّن وعالميا و الدولة عنصر محوري ، فى الإقتصاد و فى التوجّه العام للمجتمع ، بينما الدولة ذاتها يتمّ بإستمرار تغييرها إلى شيئ مغاير راديكاليا عن الدول السابقة ، كجزء حيوي من التقدّم نحو القضاء النهائي على الدولة ببلوغ الشيوعية على النطاق العالمي." ( بوب أفاكيان ، " القيام بالثورة و تحرير الإنسانية " ، الثورة عدد 105 ، 21 أكتوبر 2007 ).
7- " لا وجود ل " ضرورة دائمة " لأنّ تكون الأشياء على ما هي عليه – يمكن إيجادعالم مختلف و أفضل راديكاليّا عبر الثورة " ؛ الثورة عدد 195 ، 17 مارس 2010.
8 - مع أواسط العشرية الأولى من الأفلية الثانية ، كانت البنوك الإسلامية العاملة فى مصر تتحكّم فى حوالي 10 بالمائة من الودائع التجارية فى النظام البنكي للبلاد ... 8 من العشرين عائلة الأغنى فى مصر أثناء التسعينات و العقد الأوّل من الألفية الثانية ، بركائز محاصصة بينها واسعة و مترابطة من خلال القطاع الخاص ، لها صلات مباشرة سواء بالإخوان المسلمين أو المجموعات السلفية الأخرى . و أحدث من ذلك الرهن الإسلامي الذى ظهر لاعبا مفتاحا فى إحدى صناعات البلاد الأكثر إستراتيجية و نموّا . فى الألفية الثانية ، كان الفكر الإسلامي يركّز نفسه فى أعلى السلّم الإجتماعي المصري " طارق عصمان ؛ " مصر على حافة الهاوية " منشورات جامعة يال 2010 ، الصفحة 109- 110 .
9- ما يناهز العشرة ملايين إنسان كانوا و عائلاتهم فى السابق مزارعين إضطرّوا إلى مغادرة الأرض فى العقدين الماضيين . و هذا من سكّان يعدّون تسعين مليونا . (بوش ، إفتتاحية " مجلّة الإقتصاد السياسي الأفريقي " ، أوت 2013).
10- هذه الحجّة يقدّمها جلبار الأشقر فى " الشعب يريد : إستقراء راديكالي للإنتفاضات العربية " دار الساقي 2013 ، ص 250-261.
11- " وفقا للمفهوم المادي عن التاريخ ، يشكّل إنتاج و تجديد إنتاج الحياة الفعلية العنصر الحاسم ، فى آخر المطاف ، فى العملية التاريخية . و أكثر منهذا لم نؤكّد فى يوم من الأيّام ، لا ماركس و لا أنا . أمّا إذا شوّه أحدهم هذه الموضوعة بمعنى أن العنصر الإقتصادي هو ، على حدّ زعمه ، العنصر الحاسم الوحيد ، فإنه يحول هذا التأكيد إلى جملة مجرّدة ، لا معنى لها ، و لا تدلّ على شيء. إنّ الوضع الإقتصادي إنما هو الأساس ، و لكن مختلف عناصر البناء الفوقي تؤثّر هي أيضا فى مجرى النضال التاريخي ، و تحدد على الأغلب شكله فى كثير من الأحيان ...".
( إنجلز " رسالة إلى يوسف بلوخ " ، 21-22 سبتمبر 1890) .
12- كريس هارمان ، " الرسول و البروليتاريا : الأصولية الإسلامية و الطبقة و الثورة " حزب العمّال الإشتراكي ، لندن 1999. و النصّ الكامل متوفّر على الأنترنت على موقع
www.socialistworkers.co.uk
هذا هو الأساس النظري لمساندة الإسلاميين وهو بمثابة نداء للتيار الإشتراكي العالمي ، رغم أنّ مثل هذا التفكير من الصعب أننحصره لدى التروتسكيين .
13- كان سمير أمين أحد أكثر المنظّرين بروزا ضمن معارضي الإمبريالية لعقودو ضوء قائد للمنتدى الإجتماعي العالمي. و مع ذلك ساند الغزو الفرنسي لمالي و الإنقلاب فى مصر بحجّة أنّه نظرا لكون الفكر الإسلامي يبقى البلدان فى حالة ضعف ، فإ،ّ تحرّكا عسكريّا ضد الإسلاميين يمثّل صفعة للهيمنة الأمريكية . يجب أن يسمى هذا خيانة من شخص كسمير أمين يعتبر نفسه ماركسيّا ، لكن لسوء الحظّ يعدّ ذلك رأيا شائعا فى أوساطعديد المصريين و غيرهم . ( للإطلاع على كتابات سمير أمين عن الفكر الإسلامي طول سنوات ، أنظروا موقع " مونثلي ريفيو " على الأنترنت . و بالنسبة لكتابات مشابهة وموقفه من مالي
www.pambuka.org
وعن الإنقلاب ، " الأمة المصرية و جيشها "
www.ahewar.org
و هذا الموقف مرتبط بوجهات نظر سمير أمين حول الإمبريالية و التطوّر الرأسمالي إذ كان شريكا لأندري غاندر فرانك الذى كتب " تطوّر التخلّف " و عرض أطروحات أنّ الإمبريالية تمنع التطوّر الإقتصادي لبلدان مثل البرازيل ، و هذا نسخة للنظرية التطوّرية الكلاسيكية الرجعية للداخل – الخارج و التى كانت تدافع عن أنّ التطوّر الإقتصادي سيوفّر حلاّ لمشاكل هكذا بلدان. و نرى اليوم أنّ هذه النظرية لا تصمد أمام تطوّرات الوضع فى البرازيل .
إنّ الفكرة الخاطئة أنّ الإمبريالية تعرقل التطوّر قد أثرت على نظرة سمير أمين للثورة الصينية إذ رأي التطوّر الإقتصادي كمسألة مفتاح و أخفق فى أن يلاحظ كما يجب الإختلاف بين مشروع ماو للتطوّر المتوازن والمندمج خدمة لتجاوز المجتمع الطبقي و مشروع دنك سياو بينغ للتطوّر مهما كان الثمن . و رغم إعتبار نفسه ماويّا ، فإنّ سمير أمين إنتهى إلى دعم " أتباع الطريق الرأسمالي " الذين أطاح إنقلابهم بالإشتراكة و عكس التوجه الذى قاد فيه ماو الصين .
وهو يعير سمعته إلى الإنقلاب العسكري فى مصر ، كتب سمير أمين أنّ الأمر نفذته " الأمة المصرية وجيشها " . للطبقات الحاكمة المصرية المرتبطة بالإمبريالية جيش لا علاقة لمهمّته بمصالح جماهير الشعب المصري أو الأمةّ المصرية . أسلحته موجّهة لقتل المصريين أو لإستعراض القوّة ، على غرار الطائرات من الدرجة الثانية التى تزوّده بها أمريكا وهي طائرات منزوعة التقنية التى يمكن غستعمالها ضد إسرائيل او ربّما تُستعمل ضد آخرين ، جيران أضعف.
الجيش المصري منظّم بصورة خاصة ليس لقتال دولة على الحدود كانت قد غزت البلاد لعدّة مرّات وهي تشكّل التهديد الحقيقي الوحيد لها . أمّا بالنسبة لفكرة أنّ هناك شيئا خاصا بالجيش المصري لأنّ غالبية أعضائه مجنّدين فتتضارب مع حجّة أن القوات الأمريكية فى فتنام كان يمكن أن تسمّى " الجيش الشعبي ".
14- " نوع دولة جديد راديكاليّا ن نظرة للحرّية مختلفة راديكاليّا و أعظم بكثير " ، الثورة عدد 37 ، 5 مارس 2006.
15- مثلا ، أنظروا روبار دريفوس ، " لعبة الشيطان ، كيف ساعدت الولايات المتحدة إطلاق الأصولية الإسلامية " كتب متروبوليتان سنة 2005 . لا تزال آثار سحق حركة التحرّر الفلسطينية العلمانية بما فى ذلك قتل إسرائيل المنظّم للمثقّفين الفلسطينيين ، لا تزال محسوسة بألم فى البلدان العربية اليوم .
16- بوب أفاكيان ، " لنتخلّص من كافة الآلهة ! تحرير العقول و تغيير العالم راديكالياّ "، الصفحات 101-106 . و فى الصفحات التالية ، يواصل أفاكيان نقاش تجارب إيران و منظّمة التحرير الفلسطينية و جمال عبد الناصر .
17- و أحد أمثلة هذا الخطاب الإسلامي الذى تتسبّب فيه السوق الحرّة و إقتلاع الفلاحين من أراضيهم و الفساد الذى جلبه الغرب و نفاق مثله العليا و ممارساته و تدمير البيئة و الظروف المريعة للنساء فى ظلّ " العصرنة " ، أنظروا كتابات المغربي الشيخ عبد السلام ياسين مثل كرّاس " المرأة المؤمنة فى عالم متقلّب " ( دون دار نشر ، يوزّع بصورة غير رسمية ) مترجم إلى ألنجليزية ضمن كتاب أطول ألّف سنة 1993. و قد إكتسب هذا الموقف شرعية فى صفوف بعض الناس الذين يعتبرون أنفسهم أنصارا للحركة النسوية و مناهضين للإستعمار .
18- " نوع دولة جديد راديكاليّا ..."
19- مثلما وقع الإستشهاد به فى " القانون الأساسي للحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية " ، 2008 ( وهو مقتطف نشر فى الأصل سنة 2004).
20- " إنهيار أمريكا " ، بانار براس 1984.
21- بحث مَعلمٌ و تحليل العلاقة بين الإقتصاد الداخلي المصري و الهيكلة الطبقية و إدماجها فى الإقتصاد الإمبريالي العالمي من تأليف كاتبين مصريين يمضيان بإسم مستعار هو محمود حسين ، كانا حينها متأثّرين بالماوية كما فهماها . و قدطوّرا أطروحة أنّ مصر تتميّز بإنتقال غير تام إلى الرأسمالية ، بكلّ من عناصر عالية التطوّر من الرأسمالية الإحتكارية المرتبطة بالإمبريالية و تواصل مظاهر أخرى من الإقطاعية و ما قبل الرأسمالية ، و كلا المظهرين يعملان على تأبيد العلاقات الإجتماعية و المؤسسات السياسية و التقاليد و الأفكار المتخلّفة و يحاججان أيضا بأنّ التديّن البارز للبلاد يعكس ذلك الوضع الموضوعي ؛ النزاع الطبقي فى مصر 1945-1971 ، منشورات مونثلي ريفيو ، 1974.
22- " أزمة المجتمع الريفي فى مصر" ، حبيب إياب ، منشورات كرتالا ، 2010.
23- " لقد نمى إقتصاد مصر بحوالي 5 بالمائة بالمعنى الملموس كلّ سنة منذ 1980. و من طموح كافة الدول النامية بلوغ مثل هذا المستوى من النموّ ، لا سيما حيث ذلك يفوق نموّ عدد السكّان . ومع ذلك ، فإنّ النموّ الإقتصادي المستديم بصورة فريدة أخفق فى توفير مواطن شغل و تقليص الفقر . و بارونات السرقة فى الحزب الوطني الديمقراطي [ حزب مبارك الحاكم قبلا ] نجحوا فى تقديم الهدايا لأنفسهم – الرفاه و الأرض و الإسمنت و الحديد و بالطبع الجيش أيضا – فى نهاية المطاف ، ألم يحصل الجيش على "ألعاب للصبيان " بقيمة 1.3 بليون دولار أمريكي سنويّا من الولايات المتحدة الأمريكية ،و كذلك على ضمانات مغامرات التجارة الخاصة الهائلة فى الأرض و الرفاه و التصنيع ؟ لكن الفقر المديني و الريفي - وإستبعاد غالبية المصريين من الثروة التى أنتجوها – هو الإتهام الأكبر للثلاثين سنة الماضية. فى أفضل الأحوال ، تطوّرت مصر لكن المصريين لم يتطوّروا ! مستويات البطالة قد تبلغ 50 بالمائة و الزيادات فى أسعار المواد الغذائية بعشرين بالمائة تسرّع فى تفشّى الفقر و جوع الأطفال . و مسيرات الخبز أمام الخبّازين فى القاهرة فى 2008 كانت علامات أولية للنقاط المنذرة بما هو قادم" ( راي بوش ؛ " مصر : ثورة مستمرّة ؟ " " مجلّة الإقتصاد السياسي الأفريقي " المجلّد 38 ، العدد 128 ، جوان 2011).
24- إحدى التعبيرات الأكثر حيوية عن ذلك وجدت فى الأدب . فقد شهد العقد الأخير ظهور جنس أدبي مسمّى بقصّة السكن و أشهر عمل لعلاءالأسواني " عمارة يعقوبيان "، كانت أفضل القصص العربية مبيعا لمدّة سنتين ( 2002 – 2003) قبل تحويلها إلى فلم ثمّ إلى مسلسل تلفزي. و ظهر مؤلّف حمدى أبو جليل " لصوص متقاعدون " سنة 2002 . كلاهما يستخدمان عمارة و سكّانها كصورة عن المجتمع المصري. و يبحث الأسواني عن تقديم صورة بانورامية عن كافة الطبقات الإجتماعية للبلاد فى علاقة ببناء مدينة القاهرة ، فى حين أن أبو جليل يركّز على النازحين من الريف فى الضاحية الجنوبية الفيرة حلوان ، و قد زيّنت حلوان مرّة على أنّها مثال للإهتمام الأبوي لنظامجمال عبد الناصر برفاه الطبقة العاملة . كلا المؤلّفان يرسمان صورة عنيدة عن مجتمع فيه الأبواب أغلقت البواب و النوافذ بالمسامير و الروائح النتنة الخانقة للتعفّن تملئ أجواء كلّ غرفة من قمّتها إلى قاعها. وحشية النظام و فساده قد سمّمت كلّ مظهر من مظاهر الحياة ، حتى ، و ربّما ألكثر إيلاما ، العلاقات الأكثر عاديّة بين الناس . (نشرا باللغة الأنجليزية تباعا من قبل منشورات هاربار بارانيال و الجامعة الأمريكية بالقاهرة ).
25- إعادة صياغة جمل و تلخيص لمقال " الرأسمالية الليبرالية ، الرأسمالية الهرمة و تطوّر البروليتاريا الرثّة " ، وهو مقال نشر فى الأصل فى بنبتزوكا
www.pambazuka.org
و أعيد نشره على موقع
www.fsm2013.org
26- حيلي باجي ، " أمينة ، التاريخ يسير" ، لومند ، 15 جوان 2013 :" و يجب أن نضيف أنّ فى كافة المجتمعات الذكورية اليوم ، بما فى ذلك تونس و فرنسا ، بلدان أين كانت حركة فيمان ناشطة ، فإنّ التعرّي فى المجالات العامة لا يمكن عادة أن يتجنّب التحديق بالنظر الذكوري و تشييئ النساء ، لذا لا يمكن أن يكون تكتيكا عاما لتحرير النساء ."
27- النيويورك تايمز ، 17 نوفمبر 2011. و أنظروا أيضا الحوار الصحفي لعلياء امجدا المهدي الذى أعيدت طباعته ضمن كتاب إسماعيل لعشر " إنتفاضات عربية " ، ليبالا ،2013.
28- أنظروا فصل " كره جسد النساء " من كتاب لعشر " إنتفاضات عربية " .هذا السوسيولوجي الفرنسي المولود بالجزائر بطل التنوير ، لكنه يتمتّع بصراحة الإشارة إلى أنّ ديدرو مثلا ، يشاطر تماما النظرة الإسلامية بأنّ النساء " مكمّلات" و ليست مساويات للرجال. و قال إنّه حتى القادة العرب الشهيرينبالوطنية و العلمانية مثل جمال عبد الناصر و بومدين ( أو بورقيبة ) كانوا مساندين غير مرتبكين للنظام الأبوي و القبلية و الإسلام ( ص 142) ، و ينقد الإنتفاضات الحالية لكونها بعدُ لم تمضى من معارضة " الطغاة " و " أنماط الحكم " إلى نوع من " التحدّى الجذري للنظام الإجتماعي " يبحث عن وضع حدّ لطغيان الرجال على النساء فى كافة مظاهر الحياة . و يدين كذلك المدافعين الغربيين عن النسبية الثقافية لعدم تقييمهم للحركات الإجتماعية العربية على أنّها إمّا ثورية أو معادية للثورة فى علاقة بالنساء ( ص 279-281) . و يندّد بشدّة بإدعاء المدافعين عن النسبية الثقافية أنّه على الإنسان أن يتجنّب المدّعى " التحديق بالنظر الغربي " فى قضية تحرير النساء فى العالم الإستعماري الجديد – الإضطهاد إضطهاد مهما كان من ينظر إليه. لمذا يستطيع ديمقراطي صريح أن يتخذ موقفا من هذا القبيل فى حين أنّ العديد ممّن يدّعون أنّهم " إشتراكيون " و " ماركسيون" و " شيوعيون " يخفقون فى القيام بذلك ؟
29- قد تفكّرون أنّه إثر الإنقلاب الذى ساعدت على إنجازه ، ستنهى الشرطة إضرابها عن حماية النساء من الإعتداءات و الإغتصاب فى الشوارع. هذا لم يحدث . مع خروج الحشود الكثيفة لتملآ شوارع القاهرة من الجدار إلى الجدار خلال إحتفالات عيد الفطر ، كان تعرضت نساء و صبيّات عديدات إلى العنف الجنسي ، عادة على أيدى أطفل صغار السنّ . و شخص من المجموعات الكثيرة العاملة على إيقاف هذه الفظائع قال :" يشعر الناس الآن أنّه من حقّهم أن يقوموا بهرسلة النساء . إن سرقت هاتفا جوّالا تهرب ركضا على الأقدام لأنّك تعلم أنّك مجرم . الآن ، عندما يهرسل أحد النساء لم يعد يلوذ بالهرب. يقف مكانه لا غير. " و يتطوّع الكثيرون ، لا سيما النساء للإلتحاق بالمجموعات المناهضة للعنف الجنسي. لكن السلطات لا تزال تقف بعيدا . ( دايلي نيوز مصر ، 14 أوت 2013).
30- بيان " من أجل تحرير النساء وتحرير الإنسانية جمعاء " ، الثورة عدد 159 ،مارس 2009. البيان بأكمله متوفّر بالعربية ترجمة شادي الشماوي ضمن كتاب " المعرفة الأساسية لخطّ الحزب الشيوعي الثورى ، الولايات المتحدة الأمريكية " ، بمكتبة الحوار المتمدّن و كذلك على الموقع الفرعي لشادي الشماوي بالحوار المتمدّن .
31- " لم تجلب الرأسمالية تحرير النساء و لا يمكنها أن تجلبه . فالرأسمالية بالكاد غيّرت أشكال إضطهاد النساء و أخفت طبيعة هيكلة هذا الإخضاع النظامي و المنظّم الذى تواجهه النساء و غيرهن . فى حين أن النضال من أجل مساواة النساء جزء أساسي بالتأكيد فى تحرير النساء ، فإنه فى حدّ ذاته ليس تقريبا جذريا بما فيه الكفاية. إذا تحدّدت المعركة من أجل المساواة بالآفاق الضيّقة للعالم الرأسمالي و إذا بقي النظام الرأسمالي نفسه سليما ، ستغدو النساء " فى أفضل الأحوال" "مالكات" لذواتهن كسلعة ، أو يمكنهن كسب السيطرة على آخرين معاملات إياهم كسلع ، بيد أنه لن يمكنهن مطلقا الخروج عن الحدود الضيقة و التتقلصة لهذا النظام الإستغلالي." ؛ المصدر السابق .
32- أنظروا " الشيوعية : بداية مرحلة جديدة ، بيان للحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية " ( شيكاغو ، منشورات الحزب الشيوعي الثوري ، 2009 ) وهو متوفّر على الأنترنت بالأنجليزية على الرابط التالي :
www.revcom.us/Manifesto/Manifesto.html
و باللغة العربية ضمن كتاب شادى الشماوي الذى مرّ بنا ذكره.
و أيضا " لنعيد الأمور إلى نصابها " على موقع :
www.thisiscommunism.org
و أخيرا ، بوب أفاكيان : " الثورة الثقافية فى الصين ... الفنّ و الثقافة ...المعارضة و الصراع ... و المضي بالثورة نحو الشيوعية " ، فى " تمايزات " مجلّة شيوعية نظرية و جدالية ، عدد2 ، صائفة – نهاية 2012، و الرابط على الأنترنت هو :
www.demarcations-journal.org
33- " الثورة التى نحتاج و القيادة التى لدينا " ، الحزب الشيوعي الثوري ،
www.revcom.us
و بالعربية ، بكتاب شادي الشماوي المذكور أعلاه.
34- ريموند لوتا " لهوغو تشافيز إستراتيجيا نفطية ...لكن هل يمكن لهذا أن يقود إلى التحرّر ؟ ، الثورة عدد 94 ، 1جويلية 2007 . وتجدون ترجمة عربية للوثيقة بالموقع الفرعي لشادي الشماوي على الحوار المتمدّن .
35- ريموند لوتا ، " كوريا الشمالية ليست بلدا إشتراكيّا " ، الثورة عدد 301 ، 14 أفريل 2013. وتجدون ترجمة عربية للوثيقة بالموقع الفرعي لشادي الشماوي على الحوار المتمدّن .
36- فى مقاله " الجغرافيا الإجتماعية و السياسية للثورة التونسية " : ثورة عشب الحلفاء " فى أوت 2013 فى " مجلّة الإقتصاد السياسي الأفريقي " المذكورة أعلاه ، يستعمل أياب المقارنة المجازية بين سيدى بوزيد، المدينة اليائسة من المناطق الداخلية أين أحرق محمد بوعزيزي نفسه و أشعل الإنتفاضة التونسية ،و سيدى بوسعيد وهي منطقة غنية شمال تونس ، ليكشف عن التفاوتات الفاحشة بين المناطق الساحلية الشمالية و الشرقية لبلد موجّه إلى التصدير ، و جنوب تونس و وسطها و غربها المحجوبين عن البحر . و يربط تحويل المياه لأنتاج التمور و زيت الزيتون للتصدير و للسياحة بسحق المزارعين الصغار الذين عادة ما كانوا يغذّون أنفسهم و البلاد. و فى حين تتمتّع قلّة من البلدان بالقدرات الفلاحية المصرية ، يبيّن أياب أنّ إرتهان تونس لتوريد الغذاء ليس النتيجة الحتمية للجغرافيا و المناخ .
37- مسألة مصادر المياه و تبعاتها الإقتصادية والإجتماعية و البيئية تناقش مطوّلا فى كتاب آياب" أزمة المجتمع الريفي فى مصر " .ويصوغ أياب تقييما موجزا لإخفاقات الناصرية فى إحداث تغيير جوهري ( ص 135) : لا تصنيع حقيقي يتماشى و حاجيات الإقتصاد العام الأقلّ تطوّرا ، لا تشغيل تام لليد العاملة ، لا تحسّن فى مستوى عيش الفلاحين بالرغم من المحاولات الشديدة للإصلاح الزراعي . لقد إفتكّت إسرائيل شبه جزيرة سينا و إحتلّتها عقب الهزيمة المدمّرة فى حرب 1967 التى أعلنت بداية نهاية الناصرية ،و جرى التخلّى عن تحرير فلسطين . و الكتاب المذكور آنفا ، " النزاع الطبقي فى مصر 1945-1971 " يوفّر مزيدا من التحليل النظري للناصرية . و يناقش بوب أفاكيان الخلاصات العلمية و الخلاصات الخاطئة لتجربة جمال عبد الناصر فى كتاب " لنتخلّص من كافة الآلهة ! تحرير العقل و تغيير العالم راديكاليّا !" ، إنسايت براس ، 2008 ، ص 107-109.
38- " مصر 2011: الملايين لإنتفضت ببسالة ...أمّا المستقبل فلم يكتب بعدُ " ، الثورة عدد 224 ، فيفري 2011 .
39- " من إيران إلى الرفاق الثوريين فى الشرق الأوسط و شمال أفريقيا "، بيان للحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي - اللينيني - الماوي ) بمناسبة غرّة ماي 2011 وفيه تتمّ الإشارة إلى أنّ فى إيران: " و قد جرت معالجة الأزمة الثورية التي أفرزها الصراع الطبقي فى المجتمع على نحو سلبي كانت نتيجته ثلاثة عقود من الآفات عانت منها الطبقة العاملة و الشعب الإيراني و كان لها الوقع السلبي الهائل على تيّار الثورة فى الشرق الأوسط و كذلك عبر العالم إذ هي عزّزت الجوّ العام للثورة المضادة."و يشرح أيضا :" إذا إفتقد الشعب حركة شيوعية ثورية قادرة على تقديم إجابات على " ما الذى نريده" إنطلاقا من موقف البروليتاريا و المضطهَدين و المستغَلين الآخرين فى المجتمع و قيادة الجماهير فى القتال من أجل هذا الهدف ، إذا إفتقدنا ذلك ، فإنّ الطبقات الرجعية و ممثّليها سيفرضون أجندتهم الخاصّة على الجماهير و يقولون لها " ما الذى يجب أن تريد ... هذان طريقان مختلفان راديكاليّا. لئن كسب الطريق الثاني ، لا ظلّ للشكّ أنّ وجه هذه المنطقة و العالم سيتغيّر لصالح شعوب هذه المنطقة و شعوب العالم. غير أنّه لجعل الطريق الثاني المنتصر ، ينبغى أن يتوصّل ملايين الناس إلى معرفة ما هي الثورة الحقيقية و ما هي طبيعة المجتمع الذى يحتاجون إليه و يريدونه و ما هي طبيعة القيادة الطبقية التي بمقدورها أن تقود نحو تحقيق ذلك. ودون إكتساب الملايين للوعي على هذا النحو و تنظيم صفوفهم للقتال من أجل هذا الهدف ، بإمكان الأعداء أن يبيعوا أي شيء للناس بإسم " الثورة". و قد رأينا هذا فى حال الثورة الإيرانية لسنة 1979. و بالنتيجة ، فى إيران ، ظلّ الوضع جوهريّا على حاله و حتى صار أسوأ."
( للإطلاع على الوثيقة بأكملها ، أنظروا
www.sarbedaran.org
و أنقروا على " لغات أخرى " للحصول على ترجمة إلى الأنجليزية و أخرى إلى العربية ).
===========+++++++++++++++++++++++============



#شادي_الشماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصر و تونس و الإنتفاضات العربية : كيف وصلت إلى طريق مسدود و ...
- أساليب التفكير و أساليب العمل - الفصل 22 من - مقتطفات من أقو ...
- فهارس كتب شادي الشماوي- ( الماوية : نظرية و ممارسة - من العد ...
- طريق إفتكاك السلطة فى إيران - برنامج الحزب الشيوعي الإيراني ...
- عن بعض أمراض المجتمع - برنامج الحزب الشيوعي الإيراني ( المار ...
- الخطوات الفورية و إرساء إتجاه التغيير-- برنامج الحزب الشيوعي ...
- طبيعة الثورة و آفاقها- فى إيران - برنامج الحزب الشيوعي الإير ...
- بعض التناقضات الإجتماعية المفاتيح - برنامج الحزب الشيوعي الإ ...
- الطبقات و موقعها فى سيرورة الثورة فى إيران - برنامج الحزب ال ...
- لمحة عن إيران المعاصرة - برنامج الحزب الشيوعي الإيراني ( الم ...
- السياسة و الثقافة و الإقتصاد فى المجتمع الإشتراكي - برنامج ا ...
- برنامج الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي– اللينيني – الماوي) ...
- مقدّمة مترجم برنامج الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي– اللين ...
- مراجع كتاب - عن الخطوات البدائية و القفزات المستقبلية -
- عن الخطوات البدائية و القفزات المستقبلية - بحث فى ظهور الإنس ...
- إبراهيم كايباكايا قائد بروليتاري شيوعي ماوي.
- العلم أم البراغماتية ؟ مقتطف من : الخلاصة الجديدة للشيوعية و ...
- القومية أم الأممية ؟ مقتطف من : الخلاصة الجديدة للشيوعية و ب ...
- وحدة من أجل تحرير الإنسانية أم وحدة بلا مبادئ للحصول على- قو ...
- لن يتحرّر أي إمرء دون تحطيم الدولة البرجوازية : دروس النيبال ...


المزيد.....




- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ...
- جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر ...
- بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
- «الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد ...
- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
- متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
- نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
- اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا ...
- الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
- اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»


المزيد.....

- الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) / شادي الشماوي
- هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي ... / ثاناسيس سبانيديس
- حركة المثليين: التحرر والثورة / أليسيو ماركوني
- إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات ... / شادي الشماوي
- المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب - ... / شادي الشماوي
- ماركس الثورة واليسار / محمد الهلالي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - مصر و تونس و الإنتفاضات العربية : كيف وصلت إلى طريق مسدود و كيف الخروج منه / الجزء الثاني