|
مايا ... دفتر أبيض و خبز مذبوح
أحمد سليمان
الحوار المتمدن-العدد: 4348 - 2014 / 1 / 29 - 07:13
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
غفت أول زهرة من برعم حب ما انكتب ألُه يعَمّر قدام سطوة الملاحقة و الإعتقال و الخوف من مستقبل جر حياتنا وبلدنا من هيديك الأيام لـ هااللحظة . ( 1 ) إيــــدي عـــا قبــــرك … نـامــي مــــــايـا
مايا رفيقة حلم تكسّر من سنين وأنا أستلم منها خبار أهل ورفاق سجن وشعر وسياسة
وقتها أيقنت بأنُه مايا صارت أكثر من ملاك عم يحرس منامي .
فهمت أنُه الرسايل كانت تصلني مكتوبي بحبر سري من سنين من وقت هربنا وتهنا .
اليوم خبرت عَـ بكير قالوا عنها أكثر من حزن وعملت الضيعة أكتر من جنه ، وانو الوفا كله مخبى بعمرها الزغير
صارت مايا أكبر من معبد ودير ونجمة صبح ،
اليوم غابت أحلى زهرة من عمري …
قتلوها كلاب البراري السعراني و جنّو كل اللي عرفوا اني ما متت معها وما اختفت حكايتنا .
نامي مايا … مايا إيدي عا قبرك مايا
قبل شوي نهرني الأذى وخطفني لبعيد
جنان تْلَتْ أخوي بساحة ضيعة بينهن أنتِ ممدودي مُمّرغة بالوحل والدم …
وانا عم أكتب مر قدامي طيف من عشرين سني حكايي ختمت روحي بشمع أحمر .
مايا الأم الزغيري لعيلي فيها جرحى ومشردين
كل ما بيخطفها الرعد غفلي تنزل عطراف الغيم وتنام لما العتمي تمشي
مايا الحاكتني عن تاريخ العالم بجملي . مطلعها عَلَم والخاتمي محبي
مايا الشتلي العاليي بالضيعة توزع غناني مع طلة الراعي وبيصدَحوا الطّفالى و العصافير
والنجمي اللي بتشبه كتير مرتو لألله نامت عا بكير .
( 2 ) مــــــايـا … دفتر أبيض و خبـــز مذبوح
( بعد ما كسّروني من الضرب طلع مني اعتراف رسمي : ” الشارع كان سكران وأنا أبدا ما شربت “ فقِع المحقق من الضحك على جوابي وانا كمان ضحكت بالرغم من وجعي .
بسرعة وشوشو معلمو ليسأل عن قصة كتاب سميك اسمو ” النبي المسلح ” وكرر بصوت حتى الجحش يمكن يسمعو : ” والله يا سيدي شَكلُن مألفين الكتاب مشان نشر الدين تَبَعهن ”
فجأة بينطلك مثل مظلي ويسألنا حضرة المحقق : طيب ما جاوبتوني .. من إيمتا عم تنشرو هيدا الدين ؟ وكم مرة التقيتو مع ” تروتسكي ” ؟ ومن وين جبتو حق الكومبيوتر؟ ومين عم يدعمكُن بأجرة المعبد ؟
ردت مايا : الله يرحم جدك وجدي أيام ما ورطونا بقراية الكتب
وبعدين إذا سألنا اﻷ-;-هبل عن مؤلف الكتاب رح يقلك صارت عظامو مكاحل .
عن أي دين عم تحكي ؟ وأي معبد ؟ الكتاب صادر من ميت سنة الكومبيوتر صرلي من سنتين عم قسّط حُقه إيجار الغرفة من وظيفتي ،
بيكفي إستهبالنا … ماعلينا إدانة وطلعونا من الفرع واشتغلوا لحماية الناس وأمن البلد ) .
بتذكر سنين تاهت من عمري سنين مغسلولهِ بمحبتك بتذكرك مايا وحق الله انت ماغبتِ واسألي الله .
لما ضبطوا مسودة كلام انكتب عنِك قلتي لخفافيش الحي : انتو مجرد أدوات وهوي أكثر من انسان
أخذو منك كتاب ” النبي ” لجبران وبعدها شوية وراق منقولي من مجاميع تروتسكي ومناشير انكتبت عن دولة اصنام
جروكِ بجنح الليل عَـــ زنزانة بجنبي
صرنا كل واحد يكتب وصية عا حيطو ونهمس لبعض
بعد شوي صبوعلينا مية شتي وضاعت صواتنا بعتمي تحت الأرض
مايا ابدا مَنّا حكايي هي روح كل صبايا بلادي
في منها بخان العسل والقصير وتلبيسة والغوطة والتريمسة والقبير والحولا وبابا عمر وعكرمة وعين حليقيم .
من سنين لما مرضت مايا ماتو جوز حساسين
بعد عشرين سني انقتلت مايا .
قبلها بيومين تهجرو العصافير والطفالى واختفى الراعي بوادي الضباع .
بعدني عم اتفحص صور تبدّلت شوي عن ملمحا
فجأة شفت عيون عم تهجم صوبي
فجأة جفت عيوني وما حظيت إلا بأثر بعيد مدري هوي وهم أو انو عالم أكيد
تبدلت الملامح يا الله والعيون انطفو
مثل ما فهمت كل واحد عندو جرح تخطى عمرو إلا أنا اجتمعو فيني كل جروحات العالم وغرقت بنهر مليان براكين
( 3 ) مــــــايـا … انت الهدف وانا المذبوح
بلشت من دفتر أبيض و خبـــز مكَـــسّر مليت من رمي الخبز عالبط الموزع بنهر إيزار
كانو الصبايا منتشرين من كل صوب وانا مشدود بخيال بعيد عين على وطن والتانيي عا شعب عم ينذبح
وفوق جبيني روح مــــــايـا بترفرف من سنين .
مريت بقرب جامع كان مسكر
وعند رَجعّتي بلش ينزل مطر ناعم بيشبة لمسة مــــــايـا اللي عم يحرسني
حبيت منظر تيابي المبللي إي والله … مثل تياب عاشق ناطر خاتمي لحكايتو
وقعت بحيرة خبرك بين طعنة سكين واللا طلقة قناص
انطفت روحي يا الله وخبرت … روحي انطفت يا الله لما رشـــــــو البشر كيماوي .
مايــا أنت الهدف وأنا المذبوح …
بعد جلسة صفا بكنيسي حد بيتي سألني القس وين سارح يا بني ؟
صفنت بنظرتو وما عرفت أحكي
دهن جبيني بزيت معطر بعدها مَرّر مبخرة حواليي وقللي إذا بتحبا خبي صورتا واحتفظ فيها بقلبك
ختم حديثُه و عطاني قطعة خبز يابس وكرر جملتُه بعد ما غمض عينُه : رح يباركك الرب .
تذكرت سياط الشيخ رحمو لما تلعثمت بترديد آية الكرسي
اخذني بعدها بيي لعندو وطلب منو يعلم الزغار دين المحبة وينس سياط عرق الرمان .
وصل الشيخ رحمو عالإسلام بعد ما هجر تعاليم التوراة بتأدُف الضيعة المشلوحة عطراف الباب
بعد هاي الحادثي المعلمي بوعيي قريت نشيد الإنشاد ومزامير سليمان وماخلصت لما شربت مية زمزم وما شفيت من منظر البحر اللي انقسم بزمن حملو الناس فيو مصحف أبيض
يومها كان العالم أصغر سهل التسامح والعيش بنظافي
فجأة صرنا بعهد جديد كل ملّي حطت لحاﻻ-;- كتاب وإنشاد وقرآن مقدس
صاروا الإخوة اعداء قبل ما يفتحو عيونُن وماتت الرأفي بنفوس البشر
اختفت فكرة تكوين العالم ضاعت أسفار الخلق وقعت بلادنا تاهت أعمارنا خطفوا الوردات وزرعو مدافع وبواريد وبين كل قصف سكود ورشاش يهبط برميل معبا قنابل أبشع من الخردل والنابالم والسارين
صار الذبح ماركة مسجلي وحلال مرة بإسم رئيس عم يشتغل اجدب ومرة بإسم عيلة مسوخ ومرات بيطلعوا وحوش حاطين عاجبينن آيات ويشرعوا الذبح بإسم الله
الخاتمي أصلاً يا بشر لعبة هِمجّ ترعاها أُممّ
وهون كلمة فصل وتنديد بإسم كل مايا انذبحت والطفالى … والسوريين وبإسمي أنا المقتول وهيدا صوتي بيصدح يالله : لا تغفر لَهم أبتاه إنِهم يعرفون ماذا يذبحون .
19.01.2014 1. النص يتحدث عن حب قديم لشابة مسيحية إسمها ” مايا ” وقد عرفت البارحة عن مقتلها على أيدي برابرة العصر الحديث . 2. يرد في الإنجيل وفقا للرواة والقساوسة أن السيدة مريم أم يسوع ، ويسوع هو روح القدس ، القداسة هنا يُعنى بها الله خالق الكون والسموات . فقد جاء القطع الأخير من النص أعلاه تماهيا لا غير 3 . النص مكتوب باللهجة المحكية التي يتداولها عدد من سكان قرى شمال حلب ومنها مسقط رأسي . www.opl-now.org
#أحمد_سليمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أحمد سليمان : الكاهن إبراهيم سروج و” محرقة ” مكتبته
-
حلب صندوق دنيا يحترق
-
كيماوي “بشار” نووي إيران وفخ أمريكي
-
تعليق علي ما حدث بسيناء
-
الحركة الإحتجاجية في سوريا وآفاق العصيان المدني
-
بعد ثورتين ... يسيل لُعابنا وتذبل عيوننا كُلما قرأنا عن مظاه
...
-
ملف مفتوح : النظام يتبع الهوى وليس القانون، و يتجاوز القواني
...
-
إلى ” طل الملوحي ” أصغر أم و كاتبة وعبرها لنساء سوريا … لن ت
...
-
أحمد سليمان : لن أكتب … اعدوا لنا ” مناشيت ” يخص المرأة وآخر
...
-
سوريا : قضاء- اللا - نزاهة وتشريع الإستبداد ... نفي معلمون ا
...
-
من أحمد سليمان و ندى عبود : إلى أهلنا في ” الحاكمية السورية
...
-
أسيل كقطيع تذيبة صفوة الإناث : عن حفيدي - أورهان - عن أحمدسل
...
-
أسئلة الحرب والسلم في لبنان … أسئلة المنعطف : د. هيثم مناع :
...
-
ملف مفتوح : صيف عربي لاهب وحزين / لبنان بمهب إعتداءت إسرائيل
...
-
زهور النار: فهمنا بأن السريالية تقتل بشاعة العالم، ثم أدركنا
...
-
مات الشاعر عقيل علي: سنقرأ له على قارعة الرصيف
-
قبعـــة المنـــام... غبار وبايب وخسائر
-
طـــلال معـــلا في غوتنغن / ملـــــــــــف: ترجمة حسية لعالم
...
-
ملـهاة القنــدريس : إذ طالما ابتعدناعن سيدة تلون أعيننا
-
إغتيال بابا نويل :عذرا لن أعايدكم....لأن هذه السنة ستكون بلا
...
المزيد.....
-
هكذا أعادت المقاومة الإسلامية الوحش الصهيوني الى حظيرته
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة-إيفن مناحم-بصلية
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تعلن استهداف مستوطنة كتسرين بصلية
...
-
المواجهات الطائفية تتجدد في شمال غربي باكستان بعد انهيار اله
...
-
الإمارات تشكر دولة ساعدتها على توقيف -قتلة الحاخام اليهودي-
...
-
أحمد التوفيق: وزير الأوقاف المغربي يثير الجدل بتصريح حول الإ
...
-
-حباد- حركة يهودية نشأت بروسيا البيضاء وتحولت إلى حركة عالمي
...
-
شاهد.. جنود إسرائيليون يسخرون من تقاليد مسيحية داخل كنيسة بل
...
-
-المغرب بلد علماني-.. تصريح لوزير الشؤون الإسلامية يثير جدلا
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف حيفا ومحيطها برشقة صاروخي
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|