كمال محمد علي
الحوار المتمدن-العدد: 4348 - 2014 / 1 / 28 - 20:59
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
لقد أستشهد مهدي عامل من أجل فكرة وموقفه , بين ناسه وعلى أرض وطنه ,أن أغتيال الشهيد في 18ايار 1987 يعني الكثير بالنسبة للمثقفين والمناضلين على امتداد الساحة العربية ذلك لأن فكر ومنهج مهدي عامل يقول الكثير لأبناء الوطن الممتد من البحر الى البحر , بعضه يغوص في ماضيهم , وبعضه في صراع حاداً ومواجهاً لمشكلات أمتهم , وبعضه يطرح رؤية للمستقبل .
وكاتب هذه السطور , يعتقد أن الكثير من قضايا الواقع العربي مازالت بحاجة للجهد النظري المكثف والتحليل المعمق والوضوح الفكري أحد أسلحة معاركنا الضارية في الواقع وليست مجرد ترف فكري او ثقافي , لقد كان للقوى الوطنية العراقية والشيوعية تجربة قاسية مــــع البرجوازية الوطنية وقد ارتكب الحزب الشيوعي العراقي أخطاء قاتلة خلال فترة التحالف ومنها على سبيل المثال قبول الحزب بحل منظماته الجماهيرية الطلابية و النسائية و أيقاف العمل الحزبي في قطاع الجيش وغيرها , متى يتم دراسة هذه التجربة ونقدها من أجل أثراء القــوى الثورية العربية الاخرى .
أن قضية الصلة بين التحرر الوطني والتحرر الاجتماعي لجماهير وطننا ظلت عرضة للمراوغات الفكرية والتحريفات النظرية و الطائفية , وهنا يبرز فكر الشهيد مهدي عامل , ليضع التحرر الوطني الحقيقي في بوتقة التحرر الأجتماعي الشامل للطبقة العاملة العربية والجـــــماهير الكادحة , ويكشف أزمة البرجوازيات العربية وقياداتها بكشفه عجزها عن أنجاز مهام التحرر الوطني .
ليـــس مهدي عامل بأخر الشهداء , لكنه رقم كبـــير بين الشرفاء , وقضاياه ليست خاصة بـــه وأنما تتطلع أن تكون قضاياه منطلقاً لتناول قضايا الفكر والمجتمع في شمولها و أشكالياتـــــــها .
مسيرة مهدي عامل الدراسية والعلمية
حســن حمدان : من مواليد بيروت عام 1936 ولكن انحداره العائلي يعود لحاروت, وهي قرية من قرى جبل عامل في جنوب لبنان . أن الوعي المأساوي حملة على المقارنة بين مظاهر الحرمان الحاد (في بلده) ومظاهر التقدم البارز ( في فرنسا ايام الدراسة ), وعلى تبني موقف نقدي ويدفعه إلى فعلٍ نضالي يحقق التغيير .
عام 1955 أنهى مرحلة التعليم الثانوي . تلميذ في مدارس المقاصد الإسلامية , تزود منها باحساس عميق باللغة العربية حمله طّي نفسه إلى فرنسا . قومي عربي في هذه الفترة لكنه يتطلع إلى الماركسية ويُقبل عليها عام 1954 .
عام 1956 يسافر الى مدينة ليون في فرنسا لمتابعة دراسته الجامعية , هناك وخلال 7 سنوات , يقرأ في مجالات عدة في الفكر و الفلسفة والتاريخ والادب وعلم النفس وعلم الاجتماع والانتروبولوجيا و الفينومنولوجيا والمنطق و ثقافته عبر سنين حياته كانت تعني تملكاً لكثير من المعارف , لها طابع الشمولية و الكونية .
عام 1963 وبعد نيله شهادة الليسانس وخلال متابعة عمله على أطروحة الدكتوراه سافر إلى الجزائر , في دار المعلمين بمدينة قستنطينة أشتغل لأربع سنوات متتالية وكتب بالفرنسية عدة مقالات نشرها في مجلة ( ريفولوسيون أفريكان ) الصادرة في الجزائر , الكتابة , بالنسبة لحســـن تعني ,البحث في قضايا العالم الثالث و أطروحة الدكتوراه كانت تحت نفس المسمى .
عام 1967 نال شهادة الدكتوراه وعاد الى وطنـــــــه , تحت صراع داخلي بين العمل في لبنان والبقاء للعمل في الجزائر , واختار النضال في إطارالحزب الشيوعي اللبناني , والكتابة بالعربية .
عام 1968 باشر العمل في ثانوية صيدا الرسمة للبنات لتدريس مادة الفلسفة لعام 1976 . كان لهذه الفترة أهميتها في حياة حسن , بداية ممارسة نشاطة الفكري في لبنان , الدخول في أجواء المجتمع والواقع و النظر في علاقات محيطه الواسع . بدأ عامل نشاطه في الكتابة في مجلة (( الطريق)) (باسم مهدي عامل الذي صار يُعرف به فيما بعد ) , وقام بنبش المفردات العربية لتحديثها واقام بنية لغوية خاصة مميزة , تشكل ظاهرة في الكتابة الفكرية العربية .
عام 1972 صدر كتابه الأول (( مقدمات نظرية لدراسة أثر الفكر الأشتراكي في حركة التحرر الوطني, القسم الأول ( في التناقض )و القسم الثاني في عام 1976 .
عام 1973 صدر ديوان شعره الأول بعنوان ( تقاسيم على الزمان ) وبأسم له مستعار هو (هلأل بن زيتون ) , ليضع المسافة بينه كمفكر وكشاعر .
عام 1974 صدر كتابه ( أزمة الحضارة العربية أم أزمة البرجوازيات العربية ) فدخل في حوار نقدي مباشر مع طروحات في الفكر العربي لا تخدم ,في نظره , حركة التحرر الوطني .
عام 1976 صدر الجزء الثاني من كتابه مقدمات نظرية ( في نمط الانتاج الكولونيالي ) , أنتقل حسن إلى الجامعة اللبنانية متفرّغا للتــدريس في معهد العلوم الأجتماعية . ودخل وطنه الحرب الأهلية مما ترك أثره على موضوع كتاباته , ومثل هذا الامر لا يستغرب من مفكر ماركسي شيوعي لا يفصل بين النظرية والممارسة .
عام 1979 صدر له كتاب ( النظرية في الممارسة السياسية ) بحث في أسباب الحرب الأهلية في لبنان . وطيلة السنوات الاولى من الحرب الاهلية , كان ينتقل بين قرى الجبل وبعض المدن محاضرا ومحاورا ومناقشا في القضايا المتعلقة بالمسألة الوطنية اللبنانية وعرفوه باسم الرفيق طـــــارق , فقيل عنه : أنه ورشة عمل هـــــادئه .
عام 1980 صدر كتابه ( مدخل إلى نقض الفكر الطائفي ـ القضية الفلسطينية في أيديولوجية البرجوازية اللبنانية ) .
عام 1982 كان الأجتياح الأسرائيلي وحصار بيروت , ناضل وقاومة وكتب جمليه الشهيرة (( لستَ مهزوماً مادمت تقاوم)).
عام 1984 صدر ديوان شعره الثاني ( فضاء النون ).
عام 1985 صدر كتابه ( في علمية الفكر الخلدوني ).
عام 1986 صدر كتابه ( في الدولة الطائفـــــية ).
صدر كتابه (ماركس في استشراق إدوارد سعيد ), يشارك في ( الندوة اللبنانية العربية العالمية ) كانت كلمته التي ألقاها كبيان في ( الثقافة والثورة).
عام 1978 يشترك في المؤتمر الخامس للحزب الشيوعي اللبناني , ويصبح عضواً في اللجنة المركزية للحزب .كان يهيئ وقته لأنجاز الفصل الاخير من كتابه ( نقد الفكر اليومي) , فكان أغتياله في 18 أيار من هذا العام , كأنهم ضاقوا بتدفق هذا الفكر المضيء, بنضاله الجريء يقف واضحا ضد الامبريالية والصهيونية و ينتج مفاهيم التحرر الوطني .
عام 1988 صدر كتابه الذي لم يكتمل ( نقد الفكر اليومي), لقد رسم فضاءه وناضل من أجل الحرية والتغير وشهيدا من أجلهما رحــــــــــل .
في فضاءات مهدي عامل الفكرية والشعرية:
لقد تطرق مهدي حول التناقض , التناقض الطبقي , في الحقل الأيديولوجي للصراع الطبقي بين الطبقة العاملة والطبقة البرجوازية , حيث التحالف الطبقي نفسه , لاسيما بين القوى الثورية , يفرض بالضرورة عدم المهادنة الايديولوجية , التي تطرقت لها في تجربة الحزب الشيوعي العراقي , اذ ظهر تيار من الحزب كان يدعوا الى دمج الحزب مع القوميين العرب. واليوم تحالف الحزب الشيوعي في كردستان العراق مع الاحزاب القومية الضيقة الأفق الذي حجم دور الحزب في الصراع الطبقي بل اصبح شبة هامشي ومواقف الحزب الشيوعي العراقي الخجولة أمام الاحزاب الدينية الحاكمة .
حول أزمة التطور الحضاري , أزمة الحضارة العربية , يرى عامل , الحضارة واحدة حيث هي حضارة أنسانية سائرة في خـــط صاعد مستمرو لكن هنالك أزمة تطور , أي عدم قدرتها على الوصول الى ما وصلت ألية الحضارة الانسانية من تقدم , ويعزوا ذلك الى سيـطرة الافكار البرجوازية التي لم تتمكن من فهم الواقع , أذ هذا الفكر يرى العلة حضارية وليست أجتماعية تاريخية , فهم يتحدثون حول التخلف (السياسي , الفكري, الديني ,الاخلاقي) ويحاولون قرأة ( الحاضر ) في الماضي , بدلا من أن يقرأه في ذاته , أي في علاقة القطع التي تربطه بالماضي , أذ يقول مهدي عامل ( أن الحاضر هو الذي يمتلك مفتاح الماضي وليس العكـــــس )ويذكر ماركــــس ( أن حركة التاريخ ليست استمرار او تواصلا وتتابعا , بل هي حركه تقطع تترابط فيها انماط الانتاج في قفزاتها البنيويه من نمط الى اخر اي بكلمه اخرى لايمكن قراءة نمط الانتاج الراسمالي مثلا في بنية نمط الانتاج الاقطاعي) .
يمكن القول أن علاقات الانتاج الرأسمالية في البلدان العربية بدأت مع التغلغل الامبريالي في النصف الثاني من القرن التاسع عشر وظهر لا حقاً الفكر الوضعي بل التجريبي ونظرته في سير الحضارة العربية , الماضي والحاضر , التخلف والتقدم , فعندهم حركة التاريخ حركة خطية مستمرة واحدة في سيرها الصاعد , أي علينا أن نقيس تطور حضارتنا على ما توصلت الحضارة بشكل عام من تطور في البلدان الاخرى , ويكون بذلك مقياس الحضارة مقياساً كمياً . وبذلك لم يتمكنوا من الوصول الى السبب الرئيسي الى أزمة الطبقة البرجوازية المرتبطة بتغلغل الأستعماري .ويحاول منظري الفكر البرجوازي و أغلب أصحاب الفكر الوضعي أمثال (د.شاكر مصطفى و زكي نجيب محمود وفؤاد زكريا ) , ان يصفوا عصرنا عصر ( تقني) ويتجاهلون التطور الامبريالي للايديولوجية , ان وضع التطور الامبريالي للبرجوازية يساعد البرجوازية المسيطرة في مجتمعاتنا العربية على أظهار أيديولوجيتها بمظهر مقبول , أي بمظهر علمي عقلاني , وبذلك تختفي علاقة التبعية البنيوية التي تربط البنية الاجتماعية العربية من حيث هي بنية كولونيالية , ويقف خلف ذلك أخفاء السيطرة الامبريالية التي تتحكم بتطور البنية الاجتماعية العربية كبنية كولونيالية وهذا ماتسعى له البرجوازية العربية في أخفاء أهمية التحرر من السيطرة الامبريالية , أي من علاقة التبعية .
وقبل ان اتطرق الى موضوعة التخلف عند مهدي عامل وممثلي التيار الوضعي , اود ان أذكر رأي المؤرخ الفرنسي , حول الاسباب التي منعت البلدان العربية من القيام بالثورة الصناعية قبل أوروبا , أذ يذكر ( أيف لآكوست )*( أن العامل الاجتماعي الذي أفتقدته البلدان العربية والذي توفر وجوده في أوروبا هو تكّون طبقة أجتماعية هي البرجوازية التي أستخدمت المعارف العلمية والتقنية في حقل الانتاج الاقتصادي بشكل كان حافزاً قوياً لتطور العلم والتقنية وعدم تكّونها في المجتمعات العربية الاسلامية راجع الى البنية نمط الانتاج الاستبدادي ( الاسيوي ) التي يتميز بانعدام الملكية الخاصة فية لوسائل الانتاج حتى في شكلها الاقطاعي .
اما بخصوص التخلف , انتقد مهدي عامل التفكير الوضعي التي تعتبر , ان التاريخ القديم مايزال برغم منا , والتراث ,تراث ثقيل يضع العرب أما أشكالية الغربة عن التراث وأشكالية الغربة عن العصر و الغربة يعني بها هي التخلف وهذا التخلف تاريخه يرجع الى عصر الأموي و العباسي . وقدم مهدي عامل تعريف ماركســـي للتخلف (أذ كلمة التخلف ليست مفهوما علميا , التخلف , ليس نمطاً من الأنتاج أو بنية لعلاقات أنتاج , أنما هو مفهوم أيديولوجي برجوازي له دور محدد بضرورة أخفاء علاقة السيطرة الأمبريالية وأخفاء الصراع الطبقي ضد الأمبريالية , فالبرجوازية هي التي تنظر الى الحركة في تطور القوى المنتجة على أنها حركة تقدم مستمر لا يحدها عائق ولا تحدها بنية , وهذا مفهوم الوضعية التي أسسها ( أوغست كونت )* وهم يوهمون الطبقة العاملة ويتجاهلون , قفزات التاريخ حين تدخل البنية الاجتماعية في مرحلة تاريخية ثورية تظهر فيها ضرورة تحويل بنية علاقات الانتاج كشرط أساسي لتحرير تطور القوى المنتجة حسب تعبير مهدي عامل .
أن البرجوازيات العربية المسيطرة هي ( الشكل الجديد لتلك الطبقات المستغلة القديمة ), وهي لم تولد ولادة مثيلتها الغربية , بل كان للتدخل المباشر من القوى الاجنبية الخارجية الأستعمارية وتحت رعايتها و وكذلك بدور السند الرئيسي للقوى الرجعية الداخلية وبالدرجة الاولى حماية العلاقات الاقطاعية وما قبل الاقطاعية ـ كبار ملاك الاراضي وشيوخ القبائل . ولذلك بالذات فان الامبريالية والاحتكارات الاجنبية هي العدو الرئيسي للشعوب المضطهدة . ونحن نرى أنتشار الانتاج الحرفي في المجتمعات العربية ولكن لايعني أن البنية الاجتماعية العربية أقطاعية ولكن , أنه , في تطوره في البنية الاجتماعية الكولونيالية بتعبير مهدي عامل . أن الشكل الكولونيالي من الأنتاج الرأسمالي المسيطر في المجتمعات العربية هو سبب ذلك التخلف , أذ أن هذا الشكل يعجز عن القضاء على علاقات الأنتاج السابقة على الرأسمالية . لذلك تسعى البرجوازيات العربية الى أظهار التراث بمظهر السبب في التخلف وليس فشلها وعجزها ومصلحتها الطبقية .
وبخصوص التخلف الفكري , أنتقد مهدي عامل المنهج الغيبي الذي أعتمده أودونيس وغيره من الادباء , وكيف ينظرون الى ( التخلف الفكري ) وعن كيفية بناء نظريتهم في دراسة التخلف والتقدم , ان تخلف الوعي الاجتماعي عن الوجود الاجتماعي يعزى الى ان الوجود الاجتماعي للناس هو الذي يتغير اولا ثم يعقبة تغير في وعيهم . ويعود هذا التخلف ايضا الى الحيوية الكبيرة للأراء و الافكار القديمة . وهذه الحيوية ليست امرا عرضيا : فالطبقات الحاكمة تستخدم كل الوسائل المتوفرة لديها لغرس أيديولوجيتها بعمق في أذهان كل افراد المجتمع . وعلى سبيل المثال , تستخدم البرجوازية الامبريالية المعاصرة كل ترسانة التأثير الايديولوجي ( الصحافة , السينما , الاذاعة , التلفزيون الخ) لتسمم وعي الشغيلة وتجردهم من السلاح الايديولوجي . ولهذا السبب تظل رواسب الايديولوجية القديمة ماثلة في عقول بعض الناس زمنا طويلا حتى بعد انتصار النظام الجديد .
يحاول أدونيس أيجاد علاقة العامة وأعتبارها علاقة أنتاج , حيث ينظر أدونيس الى الانسان كمنتج والموضوع كمجال للانتاج , اي جعل منها علاقة ذاتية فردية , وهذا التحليل يقودنا الى علاقة الفرد والجماعة( أي بين الفرد والدولة ) , في حين ترى الماركسية أن علاقة الانتاج , من حيث هي علاقة أجتماعية محدده , علاقة بين قوة العمل ووسائل الانتاج التي تضم موضوع العمل وأدارة العمل وأن وسائل الانتاج تكون مختلفة في مراحلة الانتاج المختلفة , حيث في الاقطاعية لها أدواتها كذلك في الراسمالية وكذلك أن وسائل الانتاج أيضا لا تدخل في علاقة الانتاج بشكل عام , بل تتحدد من خلال الملكية الى هذه الوسائل , كما يذكر ماركس ( ان قوة العمل تتحول الى سلعة مثلا في الانتاج الراسمالي فقط ) .
من خلال متابعة مهدي عامل لنشاط الفكر العربي , رأى ان بعض الذين يتخذون , المذهب المثالي في تحليلهم لحركة الفكر أمثال أدونيس , أذ ينطلق الاخير من فكر أسلامي محدد , أي ياخذ الفكر في نموذجة ( أخذ أدونيس المفكر الغزالي) بدلا من أن ياخذه في حركته التاريخية, بحركة الصراعات الطبقية في تاريخ البنية الاجتماعية . وبذلك توصل الى فهم ونتيجة خاطئة , أي الفكر السائد في الماضي هو الفكر السائد في الحاضر وكذلك علاقات الانتاج الموروثة هي علاقات الانتاج القائمة في الحاضر أذن الماضي هو الحاضر , لاشئ تغير .
في حين يرى مهدي عامل أن الاسلام الذي نراه مثلا في التيار العقلاني عند ابن رشد ليس هو الاسلام نفسه الذي نراه عند حسن البنا أو سيد قطب او وجودة في ممارسات الاخوان المسلمين حاليا . فالاسلام عند ابن رشد وتاريخة يتحدد فية بالممارسة الايديولوجية لما يمكن تسميته بالطبقة الاستقراطية العربية المسيطرة في المجتمع الاستبدادي في القرون الوسطى .أما الاسلام في حالة الاخوان المسلمين وسيد قطب , فان الفكر يتحدد بحقل أخر الممارسات الايديولوجية الطبقية يغلب عليها الطابع الكولونيالي , في أنتمائها التاريخي الى نمط الانتاج الراسمالي , فهو أذن في الممارسة الايديولوجية للبرجوازية الكولونيالية المسيطرة .
أما رأي مهدي عامل عن ما الذي يجب أن يتحرر منه الفكر العربي , يقول ( أن التحرر الفكري (جزء) من التحرر الكلي .وأن عملية اتحرر الفكر تتحقق في عملية تحرر الكل الاجتماعي , وعملية التحرر هذه لاتتحقق ألا بعملية من الصراع الطبقي ضد البرجوازية المسيطرة في علاقات الانتاج الكولونيالي وان الطبقة العاملة من حيث هي الطبقة الثورية النقيض في علاقات الانتاج هذة , هي التي تعود اليها بالضرورة قيادة تلك العملية من الصراع الطبقي الذي هو التحرر الوطني .
في فضاءات مهدي عامل الشعرية:
كذلك في شعره يستخدم عامل , كلمات لها معاني تناقضية , أذ يتردد في شعره كلمة الفضاء , فهي الفراغ و ألامتلاء ,هي الحدود و اللاحدود : وحلّقي ما شئت ......في تلك الفضاءات السحيقة ......سوف يبقى بعدها دوماً فضاء ......ثم ينفتح الفضاء على الفضاء ....وأنت في شَرِك السراب تحلقين .
ودلالة النون وفضائها عند عامل , تعكس نونانه المتعدده مشاعر مهدي المتناقضة الثائرة , عين الرقيب ,النون هي البحث عن الأمنية ,عن الأنثى , الحنين .( قرأتك ...فأشتهيتك....أي الأحرف أختار لأفرح في هذا الليل المكتظ بك ؟ .....النون المولودة في الزمن الدفاق ....النون الموؤدة في الحوض الوحشي ... العين تعيد الذاكرة الاولى .....وأنا الصامد في وحدتها ..... وأنا القادم في قسوتها ...... فلتعصف بي نقطة هذا الحرف الذهبي .....لأبدأ منك جهات القلب .... وأبقى في دائرة القلب ...كسرّ النون ..عصيّاً .....لا يدركه إلا هذا الليل الذاهب في نافذة الليل إلي ....وفي سرّته ....يختبئ الموت ....بأ لاحرف أقفز من عتبات الليل إليكِ ؟ )
في قصائد كتبت في بيروت بين 1980 ــ1982 , يمثل الموت النهاية الحتمية والقدر اليقيني الذي يعرفه الشاعر , لا كمصير فحسب وإنما كوجود عيني متحقق , أن الموت الذي شهده بيروت وتشهده بيروت كان قادرا ان يخلق مقاومته ورفضه , وفي بعض النصوص نجد بين الشاعر و الموت عائق يمنعه , وهذا العائق هو الحب و المرأة و تأخذ بيروت أسم سعاد و تأخذ سعاد أسم بيروت و ينتصر الحب على الموت القادم عبر المقاومه , الموت القادم عبر الحدود العدو الاسرائيلي الهمجي ( ونبقى ...جسداً يتصبب جسداً ....فيرق الموت ........... أحبك ...كي لا ينهزم الماء ...... يسترسل في دوران القلب العالم ) وفي مقطع أخر ( سعاد تطوقني وتجود ....كأني في سرّتها ملك الكونين ... نحلق في فلوات الحلم ...... نجوب سماوات الشهوة..... نخترق حصار الموت ....وبين القصف وبين العصف .... يجيء الصبح جميلاً في بيروت ....وبيروت تلملم قتلاها .... وتقاوم ) ( بيروت / سعاد ..... تعانقنا ضد قنابلهم ....وتسلقنا سفح الخوف يداً بيد ..... أتذكّر ........ فرحٌ في قلبي ) وفي الشعر مســـــــــــــــــــــك الختام .
******************************************************
المصادر والملاحظات :
*( أوكست كونت ) ولد في بولية بفرنسا 1798 , عالم أجتماع فرنسي وفيلسوف , أعطى علم الاجتماع الاسم الذي يعرف به , أن كتاباته كانت على جانب عظيم من التأمل الفلسفي ويعد الاب الشرعي والمؤسس للفلسفة الوضعية ومن اهم مؤلفاته (( محاضرات في الفلسفة الوضعية )) ويرى ان الفكر قد مر من خلال تطوره التاريخي في حالات ثلاث (المرحلة اللاهوتية ,الميتافيزيقية , الوضعية )
*( أيف لاكوست ) مؤلف ,وجغرافي مؤرخ ومؤسس ومدير مجلة ( هيرودوت ) الشهيرة وأستاذ في الجامعات الفرنسية أحد أهم الكتب التي نشرها وأثارة الكثير من الاهتمام والنقاشات ( الجغرافية تخدم أولا في صنع الحرب )
ـــــــالنظرية والممارسة في فكر مهدي عامل .ندوة فكرية.
ــــــــ أزمة الحضارة العربية أم أزمة البرجوازيات العربية . مهدي عامل .
ـــــــ أسس المعارف الفلسفية . أفاناسييف .
ـــــــ مقدمات نظرية في نمط الانتاج الكولونيالي . مهدي عامل .
ـــــــ ديوان شعره ( فضاء النون )
#كمال_محمد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟