|
أزمة الوطنية.. لدى النخب الشيعية (2)
وديع العبيدي
الحوار المتمدن-العدد: 4348 - 2014 / 1 / 28 - 16:31
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أزمة الوطنية.. لدى النخب الشيعية (2) هل ايران تريد الخير للعراق وما هي الادلة العقلية والمادية؟.. لماذا يتم فرض اللطم والتدمية في العراق ويمنع في ايران؟.. الشخص الشيعي لا يكتفي بوصف نفسه بالمسلم، وانما يقول مسلم شيعي. والشيعة طائفة دينية وليست ديانة مستقلة. ولكنه لا يقبل وصف نفسه بالطائفي. ولا يكتفي بوصف نفسه بالعراقي وانما يقول عراقي شيعي، كردي عراقي، كردستان عراق. فهو يجيز لنفسه تجزئة الديانة والوطنية وتخصيصها، ولكنه لا يقبل ان يصفه احد بذلك. يخصص الشيعة انفسهم بالصلاة في مكان يسمونه (حسينية) ولا يعتمدون تسمية (مسجد/ جامع) لتمييز انفسهم وطقوس عبادتهم. واعتقد انهم ازاء كثرة انشقاقاتهم واختلافاتهم المذهبية، ناهيك عن اختلاف درجات معارفهم الدينية، عاجزون عن تحقيق مصالحة ذاتية بينهم وبين تراثهم الفكري الذي تتداخل فيه الغنوصية والاسلام،- مع اثار ديانات اخرى- عجزهم عن تصنيف معتقداتهم. المصريون اعتبروا ظهور حركة – اخون المسلمين- سبب فتنة ضد وحدة الشعب المصري، وانتهو الى اعتبارهم حركة ارهابية ممنوعة، أما في العراق فالرياح عكس ذلك، والمجتمع والبلاد مستمرة في التخلف والتشظي!. * في كتابه عن الشيعة وأصولهم يرى الباحث اسحق نقاش ان الدولة العثمانية التي كانت في حروب مستمرة، كانت بحاجة مستمرة لتجنيد الناس، وكانت ثمة اتفاقية بينها وبين دولة فارس تمنع تجنيد رعايا فارس. فعمد بعض العراقيين لتسجيل انفسهم ضمن رعايا الفرس لتجنب تجنيدهم في الحروب. وعندما قامت الدولة العراقية اعتمدت السجلات العثمانية اساسا للمواطنة العراقية. هذه احدى جوانب الاشكالية الشيعية في الدولة العراقية. فالتشيع – بحسب- الكاتب لم يكن مذهبا عقائديا، وانما كان –موقفا تكتيكيا- لاغراض تجنب التجنيد. ولكن الشيعة انفسهم يرفضون هذا الرأي ويؤكدون عمق ايمانهم وعقيدتهم المذهبية. ما يهم هنا.. هو موقفهم من مسألة الانتماء للأرض والوطنية!..ومغزى اشكالية علاقتهم المستمرة مع الدولة المدنية الحديثة في العراق. الدولة العراقية هي لكل العراقيين، بكل مكوناتهم.. ولكن بعض المكونات (الأغلبية) كانت تطلب لنفسها ما تتجاوز فيه على سواها.. وكان برنامج الدولة تأهيل المجتمع لبناء هوية وطنية وانسجام اجتماعي يوحد الوحدات المحلية. وقد استمرت الحكومات المتعاقبة لتحقيق الوحدة الاجتماعية الوطنية، بينما كانت بعض الوحدات تعمل من اجل اهداافها الفئوية. فالخلاف هنا بين برنامج وطني مدني حداثي، وبين نزعات قومية وطائفية (هويات محلية جزئية). ولم يأخذ اصحاب الطروحات الجزئية بنظر الاعتبار موقفهم من النسيج الوطني العام. وما هو مصير الهوية الوطنية والمكونات الاجتماعية الاخرى في حال استفرادهم بهوياتهم وبرامجهم الخاصة. واقع الاحتلال كشف استقلال مكونين فقط بارادتهما: هما المكون الكردي والمكون الشيعي، الذي اهتم كل منهما بترتيب كيانه السياسي ومتطلباته، دون اعتبار للمكونات الاخرى. بالنسبة للاغلبيات يرون ان على الاقليات الانضمام للاغلبيات. حاز الاقليم الكردي على جانب كبير من مكونات شمال العراق من مسيحيين ويزدية وشبك وتركمان وبعض العرب. وانتظر الشيعة انضمام البقية لهم، وفي هذه الحالة يقصد عرب الانبار وبغداد وديالى. برامج التبعيث والتعريب الفاشية البغيضة –بحسب توصيف معارضي صدام سابقا- هي مشروعة وغير بغيضة ولا فاشية عندما يطبقها ساسة اليوم. ان مصير عراق الاحتلالين مرهون بين نقطتين: التشيع والتكريد. وإذا كان الكرد يمثلون هوية قومية ثقافية متكاملة، فأن الهوية الشيعية تفتقد عناصر التكامل، في جانبيها القومي والديني. ففي الجانب القومي ينأى الشيعة بأنفسهم عن العروبة (القومية العربية)، ويجدون انفسهم اقرب للولاء الايراني، وفي الجانب الديني يتنكرون للاسلام الاصلي الحجازي، ويدينون لعقيدة شيعية، زعامتها ايرانية. اين هي الهوية الحضارية التاريخية للوطنية العراقية؟ هذا سؤال يحتاج اجابة ممن يعيشون على ارضه!.. الشيعة والكرد لم يعودوا مظلومين في الوطن العراقي، ولكن اين هي حقوق العراق؟.. * عندما يكون نصف البلاد في اتجاه معين، فأن لهذا الاتجاه وزن ملحوظ في رسم (خراب) الهوية الوطنية. الهوية الثقافية هي هوية وطنية بالضرورة. ولكن ماذا عندما تتجه بوصلة نصف السكان خارج وتر الدائرة. لسبب أو لآخر.. تأخر سؤال الوطنية العراقية.. وتجنب الجميع مناقشة الهموم العائلية، بدعوى عدم زيادة الانقسامات الداخلية. فالحوار والمناقشة الموضوعية غائبة عن الطاولة العراقية غير المستديرة. حتام يبقى الوطن جريحا.. ويتشرد ابناؤه ويعانون.. ويعيث فيه غير الجدير. ابتهجت مكونات وأطياف عراقية - واقليمية- كثيرة لشراسة الحملة الأميركية ضد صدام حسين، فقد وجدوا جميعا فرانكشتاينهم الذي يتحمل سوءاتهم.. وعندما يزال هذا الفرانكشتاين بواسطة القدر الأميركي، سوف يتنفس الجميع الصعداء. ورقة التوت التي كشفت عيوبهم ولكن في سكرة هذه الخمرة المزغولة.. غاب الجميع عن أنفسهم.. وغابت عنهم الرؤية.. كيف تترادحون حول وطن.. تساهمون في قتله ودفنه.. متى تطابقت مصلحة الاهلي مع المستعمر.. نسى كلّ اولئك – المعتقدين ان التاريخ سوف يتجاوز فعلتهم- انهم بانطباقهم مع بوش، طابقوا بين العراق وصدام. وان عداءهم لصدام يبرر عداءهم للعراق. بالنسبة للاميركي.. السيناريو والهدف يتجاوز صدام ونظام البعث الى العراق الوطن والدولة والجيش. الولايات المتحدة تهدف للهيمنة على نفط الخليج بالتمام –سيأتي الدور على نفط ايران طبعا-، ولا تريد نظاما يتهدد مصالحها وسياستها، ويمشى معها مشي –نعامات- الخليج. ولذلك تم استهداف الانظمة العسكرية الثورية فقط دون الانظمة الرجعية ، بحسب التقسيم السياسي التقليدي للدول العربية. جرى مصادرة نفط العراق وتدمير قوته العسكرية والاقتصادية ونزع أسنانه السياسية، ولم يعد العراق قادرا على حماية نفسه من بضعة مليشيات ارهابية أو حفنة لصوص، وهذا بالطبع يطمئن دولة اسرائيل ولا يعود يهدد بلدان الخليج. بالنتيجة.. ذهب صدام.. وذهب العراق.. فلا وطن.. ولا وطنية.. نجحت الولايات المتحدة في ضمان مصالحها وامنها الاستراتيجي في العراق.. وخسر العراق واهل العراق مصالحهم وأمنهم الاستراتيجي.. المواطن العراقي اليوم بلا سقف يحميه، ولا حكومة تعنى بحاجاته الاساسية. ما هو هدف معارضي النظام السابق، وما هو برنامجهم السياسي البديل؟. كان النظام السابق بعبعا يقلق مضاجعهم.. ولكن هذا النظام جزء من شعبهم ولم يأت من بلد آخر.. اهدافه وسياساته ووسائله عراقية ووطنية، - حتى ولو اختلف المنظور- ، ووظيفة القوى المعارضة المحافظة على الوطن وعدم التفريط بمصالحه الستراتيجية الوطنية العظمى، والبحث عن افضل السبل لتصحيح الاوضاع من الداخل، سواء بالتحاور مع الحكومة أو مواجهتها.. ولكن ما يسمى بالمعارضة ، كانت معارضة مكاتب وقصور وحضانات اجنبية، توزعت على البلدان المناوئة للحكم العراقي، سوريا وايران والسعودية وبريطانيا والولايات المتحدة.. باعوا الوطن وكسبوا مكافآت ورواتب.. لمجرد عجزهم وخوفهم من مواجهة صدام وسجونه.. كيف تكون مناضلا ووطنيا وانت لا تضحي من اجل شعبك بدخول السجن.. ربما خافوا من التعذيب أو الاعدام.. إذن.. لماذا اشتغلوا بالسياسة والمعارضة.. متى كانت المعارضة السياسية وظيفة سهلة.. الواقع ان السهل هو الخيانة والتجارة البائسة بالناس والوطن الذي يجمع الناس ويؤمن وجودهم ومستقبلهم.. كسبت الولايات المتحدة ما تريده.. وخسر العراق وشعبه كلّ شيء.. العراق الذي كان رمزا للكرامة والكبرياء، صار رمزا للذل والمهانة والانكسار.. اتباع الاحتلال ينسبون كلّ المباذل والكوارث للنظام السابق.. ويبرئون انفسهم من جرائم خيانة الوطن وتدمير امنه الستراتيجي.. وهم يشاركون في سرقته منذ عقد من السنين.. خلال عشرين سنة تحولت اليابان المكسورة في الحرب العالمية الثانية الى دولة صناعية عظمى تتحدى الولايات المتحدة، بينما يضيع خدم الاحتلال عشر سنين وهم يتخاصمون ويتحاصصون طائفيا وقوميا ومناطقيا وعائليا وحزبيا وقبل ان ينتهوا يعودون ويختلفون ويبداون اللعبة من جديد.. والشعب ينزف.. والبلد يتراجع.. والاموال تهدر.. وبرامج التشيع والتقسيم والامتهان تعمل بضراوة.. من يضحك على من.. ومن لا يستحي يفعل كل المخازي.. ولا يجرؤ احد على الاعتراف بالاملااءات الاميركية والايرانية حول ترك العراق يعود للعصر الحجري – عقوبة اضافية لعقوبات الحصار-. الغائب في عراق الاحتلال وساسته وسياساته والمتلاعبين فيه هو سؤال الوطنية.. المبادئ الوطنية الوطنية.. المصالح الستراتيجية للوطن العراقي ومستقبله الاقتصادي والسياسي. منذ الاحتلال وجماعات الاحتلال تعمل بشكل منفرد على خدمة اجندتها الخاصة.. الشيعة يعملون على تشييع العراقيين ويزرعون مراكز للمرجعية الايرانية في كل مدينة وقضاء لشراء الفقراء وتزوير الذمم. الكرد يجتهدون في بناء دولة وتوسيع حدودها وترسيخ هويتها وثقافتها القومية المستقلة.. بينما.. على الهامش تعيش القوميات والطوائف الأقلوية حالة من الهوان والضياع بين الأغلبيات.. بدلا من برامج التبعيث للنظام السابق تتم اليوم برامج التشيع.. وبدل التعريب برامج التكريد والتفريس.. ولأجل تكريس وتمرير البرامج القومية والطائفية لابد ان يعاني الناس ويجوعوا حتى يمكن اذلالهم وشراؤهم بالمال والخبز والوظيفة.. * لفهم ما جرى ويجري منذ بدء الاحتلال ينبغي استعادة شريط الاحداث منذ خروج خميني من العراق عام 1975. وسلسلة التوترات التي اصابت موقف مراجع النجف مع الحكومة يومها، وصولا الى احداث حرب الثمانينيات. كل ما حدث هو معاقبة العراقيين على مشاركتهم في الحرب ضد ايران.. تدمير الجيش العراقي العقائدي الوطني.. تصفية الطيارين العسكريين.. الضباط الكبار.. مسؤولي النظام السابق.. الاغنية العراقية واغاني المعركة وشعر المعركة والقادسية وما اليه.. ما زالت الاغنية ممنوعة في عراق اليوم ترضية لزعل ايران.. مثقفي العهد البعثي مطالبون بالتوبة والخضوع للاجندة الجديدة.. نشر طقوس عاشور بشكل مبالغ فيه ردا على منع النظام السابق للطقوس غير الحضارية.. وهكذا كل شيء بالعكس والضد وباللغة العراقية (عالعناد!). اين هو العقل العراقي، العقل السياسي، العقل الشيعي.. اين هي النخب الشيعية العلمانية.. النخب الشيعية العراقية الرافضة للهيمنة الايرانية.. إذا كان حزب الدهوة عراقيا في اساسه، فهل انحرف عن مبادئه، لماذا يخدم اجندة ايرانية ولا يخدم مصالح بلده العراق واحتياجات اهله واعمار الاقتصاد العراقي وتشغيل البطالة العراقية بدل استيراد الطماطة والغاز من ايران والامارات. بدون حب الأرض لا يكتمل كيان الانسان..وبدون عقل لا توجد نخب.. وبدون نخب وطنية لا توجد هوية وطنية ولا مستقبل.. حكومات الاحتلال وسياساتها ورموزها طارئة.. ويبقى الوطن.. مقبرة للجميع! [يا بلادا ابتلعت كل غاصب ومحتل في بطنها.. وحوّلته ترابا بلا ذكرى.. (عراق) ايتها العروس التي لا يملك مهرك أحد!]- عن: خريف الغضب/ رواية نصرالله ابراهيم- (بتصرف).
#وديع_العبيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أزمة الوطنية.. لدى النخب الشيعية.
-
النخبة.. غياب أم تغييب..!
-
في صراع العقل والغريزة..
-
في علم الاجتماع القبلي (الكتاب كاملا)
-
جدلية الوطن والمنفى في قصيدة أسعد البصري
-
نحو علمنة الدين..! (الكتاب كاملا)
-
في قصور الفلسفة..
-
في رثاء الحضارة ..!
-
شاكر النابلسي.. وعلم نقد الدين
-
سعدي يوسف.. صورة في الثمانين (الكتاب كاملاً)
-
احتفالية سعدي يوسف في عيده الثمانين (18)
-
احتفالية سعدي يوسف في عيده الثمانين (17)
-
احتفالية سعدي يوسف في عيده الثمانين (16)
-
احتفالية سعدي يوسف في عيده الثمانين (15)
-
احتفالية سعدي يوسف في عيده الثمانين (14)
-
احتفالية سعدي يوسف في عيده الثمانين (13)
-
احتفالية سعدي يوسف في عيده الثمانين (12)
-
احتفالية سعدي يوسف في عيده الثمانين (11)
-
احتفالية سعدي يوسف في عيده الثمانين (10)
-
احتفالية سعدي يوسف في عيده الثمانين (9)
المزيد.....
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
-
“ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|