أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عدنان عباس علي - أساليب كبرى المصارف المركزية في التعامل مع الانهيار الكبير في أسعار الذهب















المزيد.....

أساليب كبرى المصارف المركزية في التعامل مع الانهيار الكبير في أسعار الذهب


عدنان عباس علي

الحوار المتمدن-العدد: 4348 - 2014 / 1 / 28 - 13:28
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


أساليب كبرى المصارف المركزية في التعامل مع الانهيار الكبير في أسعار الذهب


بحسب الإحصائيات المتداولة في وسائل الإعلام العالمية، فإن كمية الذهب الموجودة لدى المصارف المركزية وصندوق النقد الدولي قد بلغت حوالي 20 بالمائة من الذهب الموجود في العالم. فأصولها من هذا المعدن النفيس أصبحت تزيد على 35.000 طن. وإذا كانت قيمة هذه الذخيرة قد ارتفعت، حتى العام 2011، بما يعادل مائة مليار دولار أمريكي، إلا أن هذه القيمة سجلت خلال العام 2013 تراجعاً معتبراً.

والملاحظ هو أن غالبية المصارف المركزية لا تتطرق - فيما تعلن من حسابات تدور حول ما حققت من أرباح وخسائر - إلى التغيرات التي تطرأ على قيمة احتياطيها من الذهب.

ويمكننا التدليل على ما نقول من خلال الأسلوب الذي ينتهجه المصرف المركزي الأمريكي، الاحتياطي الفيدرالي في هذا الشأن.

فبحسب البيانات الرسمية، فإن احتياطي الولايات المتحدة الأمريكية من الذهب يزيد على 8.130 طن، أي أن الولايات الأمريكية تمتلك حصة الأسد من احتياطي الذهب الموجود لدى باقي مصارف العالم المركزية (31.447,4 طن ذهب). ومع أن قيمة الاحتياطي الأمريكي تبلغ – بحسب السعر السائد حالياً في السوق – حوالي 320 مليار دولار، إلا أن قيمته الدفترية تبلغ 11 مليار دولار أمريكي فقط بناءً على الأسلوب الذي تنتهجه الولايات المتحدة في تقويم قيمة احتياطيها من الذهب.

ولا بد من الإشارة إلى أن إعادة تقويم هذا الاحتياطي أمر غير مطروح للمناقشة - في الوقت الحاضر على أدنى تقدير. فمنذ عام 1973، يسري في الولايات المتحدة قانون يفرض على وزارة الخزانة الأمريكية أن تنطلق من سعر يبلغ 9/2 42 دولار للأوقية الواحدة (أي لكل 31,1 غرام ذهب) عند احتساب قيمة احتياطيها من الذهب.

وتأسيساً على هذا القانون، ما كان للتغيرات الكبيرة، التي طرأت على سعر الذهب في السنوات السابقة، تأثير مباشر على الوضع المالي للحكومة الأمريكية.

ومهما كانت الحال، الأمر الذي تجدر الإشارة إليه، هو أن الاحتياطي الفيدرالي ما عاد هو المالك الحقيقي لاحتياطي الذهب. ففي عام 1933 أمم الرئيس الأمريكي فرانكلين ب. روزفلت، ذهب الاحتياطي الفيدرالي ومكن وزارة الخزانة الأمريكية من الاستحواذ على هذا الاحتياطي لقاء إصدارها سندات دين رسمية بقيمة الذهب الذي حصلت عليه من الاحتياطي الفيدرالي. ومن ثم، وفي عام 1934 على وجه التحديد، رفعت الحكومة الأمريكية سعر الذهب من 20,67 إلى 35,00 دولار للأوقية الواحدة.

والأمر المهم في هذا السياق، هو أن سندات الذهب هذه تظهر في ميزانية الاحتياطي الفيدرالي مقومة بالسعر الذي جرى تحديده عام 1934، أي بسعر يبلغ 35 للأوقية الواحدة.

أما المصرف المركزي الألماني، فإنه يمتلك حوالي 3500 طن من ذهب واستحقاقات بالذهب.

وكانت ميزانيته قد أشارت، في الحادي والثلاثين من كانون أول/ ديسمبر 2012، إلى أن قيمة هذه الكمية من الذهب تبلغ 137,5 مليار يورو.

ومع أن سعر الذهب كان قد سجل في نهاية العام 2013، تراجعاً كبيراً، وأدى - نظرياً، أي فيما لو كان المصرف المركزي الألماني قد اعتمده فعلاً في احتساب قيمة ما لديه من موجودات ذهبية – إلى تراجع قيمة هذه الموجودات إلى حوالي 95 مليار يورو، إلا أن التقرير السنوي القادم - مثله في ذلك مثل تقارير السنوات المنصرمة - لن يتطرق إلى مليارات اليورو التي يخسرها المصرف المذكور عند اعتماد السعر الذي سجله الذهب في آخر أيام عام 2013، فالتراجع الكبير في سعر الذهب لا ينعكس، أبداً، على أرباح المصرف المركزي، طالما ظل هذا السعر بحدود سعر الشراء الذي ساد عام 1999 والبالغ 250 يورو.

فسواء ارتفع أو انخفض سعر الذهب، لا يفعل المصرف المركزي الألماني أكثر من تغيير القيمة المدرجة في ميزانيته تحت بند "حسابات إعادة التقييم" (Revaluation accounts).

وهكذا، وإذا كان هذا البند قد سجل ارتفاعات متواصلة خلال السنوات المنصرمة، أعني خلال السنوات التي تميزت بارتفاع متواصل في سعر الذهب، فإنه سجل في عام 2013 تراجعاً بلغ حوالي 40 مليار يورو بسبب انخفاض سعر الذهب إلى 885 يورو، أي بسبب انخفاض هذا السعر بحوالي 28 بالمائة، علماً أن نسبة الانخفاض هذه كانت أكبر نسبة يسجلها سعر الذهب منذ ثلاثة عقود من الزمن.

وخلافاً للاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والمصرف المركزي الألماني، ينطلق المصرف المركزي السويسري (SNB)، من سعر السوق عند احتساب قيمة ما لديه من احتياطي من الذهب. وبهذا المعنى، فإن أي تغير في سعر الذهب ينعكس على حسابات الربح والخسارة.

من هنا، لا غرو أن يعلن المصرف المركزي السويسري (البنك الوطني السويسري كما يسمى رسمياً) في السادس من كانون ثاني/يناير من العام الجاري أن التراجع الكبير في قيمة حيازته من الذهب كبده خسارة بلغت حوالي 10 مليارات دولار، وذلك لأن أسعار الذهب قد تراجعت بأكبر وتيرة جرى تسجيلها خلال ثلاثة عقود من الزمن.

وأوضح المصرف المركزي السويسري أن قيمة احتياطيه من الذهب قد تراجعت بحوالي 15 مليار فرنك سويسري (16,6 مليار دولار أمريكي)، وذلك تزامناً مع هبوط أسعار الذهب بحوالي 28 بالمائة. وهكذا تكبد المصرف المركزي السويسري أكبر خسارة سنوية منذ عام 1981.

على صعيد آخر أعلن البنك الوطني السويسري أنه قد يُلغي صرف عوائد نقدية لمساهميه للمرة الأولى منذ تأسيسه عام 1907، كما أنه لن يكون قادراً على تقديم مدفوعات إضافية إلى 26 كانتوناً (ولاية) سويسرية لأول مرة منذ عام 1991.

ومن حيث قيمة احتياطيها من الذهب تحتل إيطاليا المرتبة الثانية وفرنسا المرتبة الثالثة في قائمة دول الاتحاد الأوربي. ففي نهاية العام 2012، كان لدى المصرف المركزي الإيطالي احتياطي ذهب يبلغ يزن 2.451,8 طن. وكان هذا المصرف قد قدر في نهاية العام المذكور قيمة احتياطيه من الذهب بحوالي 100 مليار يورو.

والأمر المهم هاهنا هو أن أرباح وخسائر المصرف المركزي الإيطالي، لا تتأثر أيضاً، بنحو مباشر، بالتغيرات التي تطرأ في الأسواق على أسعار الذهب. فكما هو الحال بالنسبة للمصرف المركزي الألماني، فسواء ارتفع أو انخفض سعر الذهب، لا يفعل المصرف المركزي الإيطالي أكثر من تغيير القيمة المدرجة في ميزانيته تحت بند "حسابات إعادة التقييم" (Revaluation accounts)، علماً أن قيمة هذا الحساب كانت قد بلغت 86,9 مليار يورو في نهاية العام 2012، وأن حوالي 80 مليار من هذا المبلغ كانت قد تحققت بفعل ارتفاع سعر الذهب في السوق العالمية.

وتأسيساً على ذلك، فإن تدهور أسعار الذهب في العام 2013، لن ينعكس في حسابات الربح والخسارة، بل في تغيرات يجري رصدها في حسابات إعادة التقييم، الموجودة في جانب الخصوم (liabilities) من ميزانية المصرف المعني هنا.

وينتهج المصرف المركزي الفرنسي ذات الأسلوب الذي ينتهجه المصرفان المركزيان الألماني والإيطالي. فالمصرف المركزي الفرنسي أيضاً غير مطالب بأن يدفع إلى وزارة المالية الفرنسية جزءاً من الأرباح التي يحققها بفعل إعادة تقييم احتياطيه من الذهب.

وكما هو الحال مع الدول الأوربية الأخرى، فإن احتياطي المصارف المركزية من الذهب، كان، دائماً وأبداً، محط أنظار النخب السياسية. فالكثير من السياسيين كانوا يحثون المصارف المركزية في بلدانهم على بيع جزء مما لديها من ثروة ذهبية، وذلك على أمل أن تحصل حكومات الدول المعنية على جزء معتبر من الأرباح التي ستتحقق جراء بيع الذهب بسعر السوق.

فحينما تقلد نيكولاس ساركوزي منصب وزير المالية، فإنه كان قد درج خلال العام 2004، على حض المصرف المركزي الفرنسي على بيع جزء من احتياطيه من الذهب، بحجة أن حيازة الأوراق المالية أفضل بكثير من حيازة الذهب، وذلك لأن الأوراق المالية تدر فوائد لا يدرها الذهب أبداً.

وهكذا، باع المصرف المركزي الفرنسي خلال خمسة أعوام 589 طن من احتياطيه الذهبي، وحقق من عملية البيع هذه مبلغاً وصلت قيمته إلى 4,6 مليار يورو. علماً أن المصرف المركزي الفرنسي كان قد دفع إلى وزارة المالية حوالي 800 مليون من هذا المبلغ.

وكان ديوان المحاسبة الفرنسي قد انتقد، في وقت لاحق، استسلام المصرف المركزي الفرنسي لضغوط ساركوزي وشروعه ببيع جزء من الاحتياطي الذهبي. فلو كان المصرف المركزي الفرنسي قد احتفظ بمجمل ما بحوزته من ذهب، لكانت قيمة احتياطيه من الذهب قد ارتفعت - بعد الزيادات الكبيرة التي سجلتها أسعار الذهب حتى العام 2012 – بحوالي 19,5 مليار دولار.

وغني عن البيان أن تدهور أسعار الذهب في الحقبة الأخيرة لا يعني، بأي حال من الأحوال، أن المصارف المركزية قد بدأت تصرف النظر عن الذهب. إن العكس هو الصحيح. فالملاحظ هو أن هذه المصارف قد اهتمت في العام 2013 اهتماماً كبيراً في زيادة احتياطيها من الذهب. فهذه المصرف لا تنظر لسعر الذهب من منظور قصير الأجل أبداً. إنها تعلي من شأن هذا المعدن. فخلافاً لاحتياطي العملات الأجنبية، فإن سعره لا يحافظ على مستواه في الأجل الطويل فحسب، بل هو يحقق ارتفاعات أكيدة عبر عقود الزمن.

فمن ناحية، فأن من مزايا الذهب هو أن عرضه في السوق العالمية محدود، وذلك لأنه نادراً ما يجري العثور على مناجم جديدة. ومن ناحية أخرى، فإن من غير المحتمل أن يتراجع الطلب العالمي على الذهب بنحو يؤدي إلى خسارة تذكر في قيمته في الأمد الطويل. وتظل هذه الحقيقة قائمة حتى وإن أخذنا بالاعتبار التغيرات الكبيرة والخسائر الفادحة التي شهدها سعر الذهب في عقود الزمن المنصرمة.
د. عدنان عباس علي
أستاذ جامعي من العراق



#عدنان_عباس_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القرن القادم: هل هو قرن صيني أم أمريكي؟
- العملة الصينية تسير بخطوات مترددة ووئيدة صوب التحول إلى عملة ...
- الاتجاهات المثالية والمادية في الفلسفة الأوربية الحلقة الثان ...
- الاتجاهات المثالية والمادية في الفلسفة الأوربية (الحلقة الأو ...
- آفاق التعاون بين الاتحاد الأوربي ودول المغرب العربي في مجال ...
- الصناديق السيادية - وأهميتها في النظام المالي الدولي
- النشاط الاقتصادي الصيني في أفريقيا: أهو استعمار جديد أم منهج ...


المزيد.....




- زيادة جديدة.. سعر الذهب منتصف تعاملات اليوم الخميس
- -الدوما- يقر ميزانية روسيا للعام 2025 .. تعرف على حجمها وتوج ...
- إسرائيل تعلن عن زيادة غير مسبوقة في تصدير الغاز إلى مصر
- عقارات بعشرات ملايين الدولارات يمتلكها نيمار لاعب الهلال الس ...
- الذهب يواصل الصعود على وقع الحرب الروسية الأوكرانية.. والدول ...
- نيويورك تايمز: ثمة شخص واحد يحتاجه ترامب في إدارته
- بعد فوز ترامب.. الاهتمام بـ-التأشيرات الذهبية- بين المواطنين ...
- الأخضر اتجنن.. سعر الدولار اليوم الخميس 11-11-2024 في البنوك ...
- عملة -البيتكوين- تبلغ ذروة جديدة
- الذهب يواصل رحلة الصعود وسط التوترات الجيوسياسية


المزيد.....

- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عدنان عباس علي - أساليب كبرى المصارف المركزية في التعامل مع الانهيار الكبير في أسعار الذهب