أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامي المنصوري - قصة الخليقة والبعث والقيامه















المزيد.....


قصة الخليقة والبعث والقيامه


سامي المنصوري

الحوار المتمدن-العدد: 4347 - 2014 / 1 / 27 - 14:51
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قصة الخليقة والبعث والقيامه عند البابليين و عند اليهود

نبذة مختصرة عن الكاتب-ة و تلفون للاتصال ,لاستخدام الحوار المتمدن فقط
تم قبول معلوماتكم الشخصية من قبل الحوار المتمدن

قصة الخليقة والبعث والقيامه عند البابليين و عند اليهود


هذه المقالات ليس من تأليفي وانما مقتضبات واقتباسات و ملخصات واستنتاجات من بطون الكتب والمقالات والنشرات والابحاث من مصادرها كيفما وردت لكتاب وباحثين أجانب ومستشرقين وعرب منهم المسلم او المسيحي او لا ديني والعلماني وغيرهم بهذه الصوره جمع مقال عام شامل بصوره حياديه ومعتدله لتوضح التاريخ الديني والجغرافي – اذا كنت ديني عقائدي لا تقرأ المقال لانه عكس هواك

قصة الخليقة عند البابليين و عند اليهود

إن أصل الوجود و الخليقة من الأمور التي شغلت تفكير القدماء منذ أقدم الصور , ولقد عثر علماء الآثار على الكثير من النصوص في الأدب العراقي التي تعبر عن اعتقادات الأقوام السومرية و البابلية و الآشورية و المصرية في الخليقة و اصل الوجود , أكثرها يتفق مع المآثر اليهودية في التوراة مع الفارق في صيغة الشرك , أي تعدد الآلهة , في الأديان القديمة مقابل صفة الإله الواحد الخاص باليهود في الديانة اليهودية , وأكمل القصص القديمة التي عثر عليها القصة البابلية المشهورة برقم الخليقة السبعة , لأنها دونت على سبعة ألواح من الطين . وقد وردت هذه القصة بألف سطر تقريبا و يعتقد أنها ترجع على عهد حمورابي حين أصبح الإله مردوخ سيد الآلهة , رغم أنها كتبت في وقت لاحق . وملخص القصة أنه لم يكن في البدء سوى العماء CHOAS)) المكّون من " البحر الأول " أو " المياه الأولى " . .العلماء كما يفسره الباحثون جريا على ما ذهب إليه بعض فلاسفة الإغريق يمثل المادة التي تكونت منها الموجودات . وهذه المادة مؤلفة من عنصرين , من الماء : الماء العذب ( وهو العنصر المذكر ) و الماء المالح ( العنصر المؤنث ) . وقد جسّد البابليون هذين العنصرين من الماء وجعلوهما إلها و إلهة , وهما " ابسو " و " تيامة " وعدوهما أصل الآلهة الأخرى وأصل جميع الأشياء , وقد ولد هذان الإلهان آلهة أخرى . وحدث بعد دهور أن نشبت حرب بين الآلهة القديمة و الآلهة الحديثة قتل فيها الإله " ابسو " . ثم دارت حرب أخرى بين " تيامة " . زوج " ابسو " و الآلهة الحديثة قضي فيها على " تيامة " . ومن بقايا جسمها خلق العالم الممثل بالسماء و الأرض , وقد أطلق على ذلك مصطلح " آن – كي " وهي كلمة مركبة تعني السماء و الأرض . ولما كان الإله " آن " إله السماء ذكرا والآلهة " كي " أي الأرض , كانت أنثى فمن اتحاد هذين الإلهين ولد الإله " انليل " إله الهواء , ثم فصل الإله " انليل " هذا السماء عن الأرض وأخذ أمه الأرض وهيأ لخلق الإنسان و الحيوان و النبات و تأسيس المدينة , أما عن أصل الأجرام فقد اعتبروا الإله القمر المعروف بالاسمين " سين " و " ننا " لبن الإله " انليل " , كما اعتبروا الإله الشمس المسمى " أوتو " ( شمش ) لبن سين الإله القمر .

و التشابه بين قصة الخليقة البابلية و بين التوراة واضح , فكلتاهما تشير إلى وجود"عماء " مظلم من الماء , كما أن الكلمتين المستعملتين متشابهتان في كلا المصدرين . فتقول التوراة :" وكانت الأرض خربة و خالية وعلى وجه القمر ظلمة وروح الله يرف على وجه الماء " والاختلاف بين العقيدة البابلية وبين رواية التوراة هو أم التوراة تنص على وجود الله منذ الأزل وقد سبق وجود المادة وهو الذي خلق المادة , في حين أن الرواية البابلية تشير إلى أن المادة وجدت منذ الأزل ولكنها كانت ذات صفة ثنائية لأنها كانت إلها في الوقت نفسه فولدت من هذه " المادة الإله " جميع الأشياء الموجودات .

وتتفق قصة الخليقة البابلية مع رواية التوراة اليهودية وذلك بفصل الإله مردوخ جسم " تيامة " ( الماء المالح المؤنث ) وكّون من نصفه السماء , وصنع من شطره الثاني الأرض بهيئة قبة ( أي نصف كرة ) ووضعها في البحر , أي مياه " الأبسو " ( مياه البحار السفلى و مصدر المياه جميعها ) . وورد في سفر التكوين أن الأرض أول ما خلقت كانت طافية في الماء , وفي اليوم الثالث أمر الله أن تجتمع المياه جميعها في موضع واحد فظهرت اليابسة . وتطغى على أساطير الخليقة البابلية صبغة الشرك أي تعدد الآلهة التي هي من ابرز ميزات الدين البابلي .أما عن اصل الوجود و الخليقة عند الفراعنة فإننا نجد في أسطورة فرعونية قديمة ما يشبه الوصف البابلي للخليقة حيث تقول :" في البدء كان الماء الأول أو المحيط المظلم . وكان الإله ( انون ) وحده فخلق الآلهة و البشر و الأشياء ".وهناك أسطورة أخرى تقول :"أن الأرواح كانت ترفرف فوق البحار , وفي الفضاء , ونفذ روح الإله (أمون ) في ذلك الفضاء , وخلق الأرض و السماء و البشر وكل شيء".

وهماك تشابه بين المدونات السومرية و البابلية وبين مدونات التوراة في صفة كون الإنسان خلق على صورة الإله أو الآلهة ". فقد عزا السومريون و البابليون إلى آلهتهم صفات البشر جميعها , لها عواطفها و ميولها مثل البشر , وهي تعيش و تأكل وتتزاوج , وتسكن في بيوت , هي المعابد المشيدة لها وفيها خدمها و طهاتها وكهنتها , ولكل إله زوج أو زوجات وسراري و معشوقات وله بنات و أولاد الخ ...زمن ظواهر صفة التشبيه تأليه الملوك العظام في حياتهم وبعد مماتهم . وتمتاز الآلهة عن البشر بصفات أبرزها أنها تتصف بصفة الخلود فهي بخلاف الإنسان لا تموت , وان مات بعضها مثل الإله الذي يمثل فصل الربيع فإنما يكون ذلك لأمد محدود , وأن رجوع الإله الميت إلى الحياة أمر ممكن بعكس الإنسان . ومساكن الآلهة الأصلية في السماء وبإمكانها أن تنزل إلى الأرض وفي يدها مصير البشر ... وكانت الغاية من خلق الإنسان ليعبدها و يمدها بما تحتاجه من المؤن ليعيشها . لذلك فإن عدم تحقيق هذه الغاية أو التقصير فيها يعرض الإنسان إلى بطشها ونقمتها و غضبها في هذه الحياة بشتى ضروب العقاب .. إذن فالحصول على رضا الآلهة هو أقصى ما يتوق إليه العبد و يسعى إليه أن سخط الآلهة مجلبة للويلات و الدمار " . ومثل ذلك ورد في التوراة : فالإله الرب خلق الإنسان على صورته , ذكرا و أنثى . ثم أن نفس ما ورد في النصوص السومرية و البابلية حول كسب رضا الإله الموجود في التوراة , فعلى بني إسرائيل ( اليهود )أن يكسبوا رضا إلههم " يهوه " وإلا فعاقبتهم وخيمة إذا أعرضوا عن عبادته و طاعته فيسلط عليهم الأعداء و يعرضهم إلى شتى أنواع العقوبات . وكذلك فإن النص السومري الذي يشير إلى أن الإله ينزل من السماء و يختار الأماكن على الأرض هو نفسه وارد في التوراة .

ويوجد تشابه بين قصة خلق الإنسان السومرية أن الإنسان صنع من الطين , ونص التوراة مشابه تماما لذلك حيث ورد في سفر التكوين ما هذا نصه:" وجبل الرب الإله ادم ترابا من الأرض , ونفخ في أنفه نسمة حياة , فصار ادم نفسا حية ."

يتضح مما تقدم أن اليهود اقتبسوا أكثر قصصهم ورواياتهم من الآداب السومريةو البابلية و الكنعانية , وقد جاء أسلوب تدوينهم للأحداث مطابقا للأسلوب المتبع في تدوين القصائد و الملاحم السومرية و البابلية و التي من صفاتها الإعادة و التكرار , فقد اقتبس اليهود هذا النوع من الشعر من البابليين و السومريين وهو شعر موزون ولكنه غير مقفى . ويؤكد الاستاذ طه باقر هذا الرأي في بحثه عن اصل الخليقة في معتقدات قدماء سكان العراق , فيقول :" ومما لا شك فيه أن العبرانيين ( أي اليهود ) أخذوا أشياء كثيرة عن البابليين ولعل أبرز ما يجده المرء عن ذلك قصة الخليقة البابلية و المعروفة ب " انيوما – ايليش "

عن كتاب " العرب و اليهود في التاريخ " للكتور أحمد سوسة
إذا الواح حكا بتقولوا الواح حكا , وإذا الواح ماحكا بتقولوا الواح ماحكا , وشو بدو يحكي الواح ليحكي !

من أقوال جودة في ضيعة ضايعة .


وفي نصوص بابل الميثيولوجية يظهر تموز كزوج أو كشاب محب لعشتاروت - السيدة , التي تتجسد فيها قوى التناسل في الطبيعة . والاشارات إلى العلاقة بينهما في الميثيولوجيا البابلية متقطعة و غامضة . غير أننا نستنج منها أن الناس كانوا يعتقدون ان سيد الخصب تموز ( تموزي ) يموت كل سنة , اي ينزل إلى العالم المظلم تحت الأرض في أواخر الصيف و أوائل الخريف . وأن قرينته عشتار تحزن في غيابه وتبكيه . ثم تقرر الذهاب وراءه إلى" دار الظلام حيث التراب مكّوم على الأبواب " . وفي أثناء غيبتهما تنقطع عاطفة الحب عن الشبوب في الصدور , وينسى الغنسان و الحيوان على السواء مسالة الجنس و بالتالي تجديد الحياة . ويذبل النبات و تيبس المزروعات , ويهدد الفناء كل مظاهر الحياة :

طرفاء في الجنينة لم ترو بالماء
فلم يزهر تاجها بالنور
وصفصافة لم تهدهد جذعها المياه الجارية
فسيبت جذورها و تفسخت

ويبدو أن الناس كانوا يبكونه ويغمرهم الشجو و الأسى . وينشدون المراثي التي تعبر عن حزنهم العميق لغيابه و الحنين المشبوب إلى يوم قيامته من الموت , ليبعث الحياة في الأرض وما يدرج عليها من إنسان و حيوان ونبات :

ترفع صوتها بالنواح إذ فارق الدنيا
ترفع صوتها بالنواح : وا ولداه
هناك حيث أرسلت شجرة الأرز جذورها
في التلال و الوهاد , ترفع صوتها بالنواح
تنوح على غرسة جفت جذورها عطشا
تنوح على حقول من القمح لا تخضر ولا تفرخ السنابل
امرأة نال الاعياء منها . طفلة اضناها التعب
تنوح على نهر عظيم جف , فذبل صفصافه من العطش
تنوح على بركة لا يتكاثر السمك فيها
تنوح على غابات لا يعطي نخيلها العسل
وعلى مروج لا يخضر النبت فيها

وفي فصل اخر ( الربيع ) يعود تموز و عشتار ( سيدا الخصب ) إلى الأرض ظافرين , فيخضر وجه الأرض وتزهر الحقول وتستيقظ عاطفة الحب في صدر الانسان و الحيوان , فيحتفل الناس ببعثه في جو من الغبطة و الفرح العميق .

من كتاب " تاريخ الله "


إن الجنة و النار حسب المفهوم الاسلامي و التوراتي هو مفهوم الشعوب التي سكنت منطقة الرافدين وقد أتى بها اليهود أثناء فترة السبي البابلي واقرأ معي :

"إن الإنسان يموت وبينما يوضع جسمه في القبر تنزل روحه المنفصلة عنه إلى "البلد الذي لا عودة منه" إلى " الشيئول " أي الهاديس وهو ذلك المكان المليء بالتراب ذلك المكان المظلم الذي ترفرف فيه الأشباح مثل الطيور في وجود خامل وخال من السرور : تغطي الغبرة الباب والمزلاج وكل ما ابتهج به قلب الإنسان سابقا تحول إلى عفن وتراب . تجاه مثل هذا المستقبل الكئيب لا يستعصي عن الفهم أن العبرانيين والبابليين على حد سواء كانوا يعتبرون العمر الطويل خير ما يرجى . ويشهد على ذلك الشارع الطويل الذي اكتشفته بعثتنا في بابل والذي سارت عليه مواكب عباد الإله مردوخ , وهو شارع معبّد بألواح حجرية نقشت على كل منها صلاة من صلوات الملك نبوخذنصر , وكل صلاة تنتهي بالعبارات التالية :" يا ربي مردوخ, أهدني عمرا طويلا" ولكن ما يدعو للعجب أن التصور البابلي عن العالم الأسفل ألطف بعض الشيء من الذي نجده في العهد القديم. فعلى اللوح الثاني عشر نجد وصفا دقيقا جدا للعالم السفلي البابلي . في هذا النص نقرأ عن مكان خاص بالعباد تقى" حيث يضطجعون على الأرائك ويشربون الماء النقي" وقد عثر على عدد كبير من التوابيت البابلية في الوركاء ونيبور وبابل و واقتنى قسم الشرق الأدنى التابع لمتاحف برلين مخروطا طينيا صغيرا كان قد وضع في أحد هذه التوابيت وعليه نقش كلمات مؤثرة تنص على رجاء من وجد هذا التابوت أن يتركه في مكانه ولا يمسه بضرر. ويختم هذا النص الصغير بدعاء البركة لمن يعمل هذا المعروف: "ليبقى اسمه مباركا في الدنيا ولتشرب روحه الماء النقي في العالم الأسفل " أي أن يقيم في الشيئول في المكان الخاص بالناس الأكثر تقى حيث يضطجعون على الأرائك ويشربون الماء القراح. أما بقية الشيئول فيدخلها عموما غير الأتقياء وهو مكان مليء بالتراب لا ماء فيه أو إذا وجد كان ماء معكرا على أكثر تقدير . على كل حال إنه مكان يعانى فيه من العطش , أليس كذلك ؟ وفي سفر أيوب الذي يبدوا أنه كان عالما بالمعتقدات البابلية نجد في (24:18) الفرق بين صحراء حارة وخالية من الماء للمخطئين وجنة نجري فيها المياه النقية للأتقياء. ثم نقرأ في العهد الجديد – الذي يقوم بدمج عجيب بين هذا التصور ومقاطع سفر أشعياء الأخيرة – عن جحيم ملتهب يحترق فيه الرجل الغني ظمأ وعن جنة يشرب فيها العازر الفقير الماء النقي . ومن المعروف إلام حول منذ ذلك الوقت الرسامون والشعراء وعلماء الكنيسة وأخيرا المسلمون هذا الجهنم وذلك الفردوس. انظروا إلى هناك إلى ذلك البدوي الفقير والمريض هل تركته القافلة وراءها في الصحراء لأن جسمه الضعيف لم يعد يتحمل متاعب السفر ؟ إنه يحفر بيده في رمال الصحراء قبرا لنفسه ومع جرة صغيرة إلى جانبه ينتظر موته بخشوع . وتلمع عيناه لأن خطوات قليلة فقط تفصل بينه وبين أبواب الجنة المفتوحة على مصراعيها حيث يقف الملائكة الذين يقولون له , "السلام عليك أيها التقي , ادخل إلى الجنة التي أعدها الله لعباده وهم فيها خالدون . إن هذه الجنة تمتد على طول امتداد السماء والأرض , وتكثر فيها الأشجار بظلالها الوارفة وثمارها الدانية , وتجري من تحتها الأنهار وتتفجر الينابيع في كل أرجائها . أما على ضفة أنهار الجنة فعرائش لا يرى فيها أصحاب الجنة شمسا ولا زمهريرا . تتهلل وجوه الطيبين سعادة وابتهاجا. إنهم يلبسون ثيابا خضرا من سندس وإستبرق ويحلون فيها بأساور من فضة وذهب . وهم متكئون على أرائك ووسادات ناعمة و أرجلهم على سجاد سميك . هكذا يرتاحون على سرر متقابلين ويأكلون ما يشتهون إليه . ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا , وبأيديهم آنية من فضة وأكواب قوارير يسقون فيها كأسا من معين من عين " تاسمين " الذي هو أنقى ماء يشرب منه رؤساء الملائكة , له رائحة الكافور والزنجبيل ويسمى سلسبيلا يشربوا منه مايشاؤون لأنه لا يسكر ولا يسبب وجع رأس . وبالإضافة إلى ذلك هناك حور الجنة وهن فتيات ناعمات نعومة بيض النعام , ونهودهن ممتلئة وعيونهن مثل اللالىء في الصدفة أو مثل عيون الغزال ونظراتهن عفيفة وفاتنة في آن واحد ويسمح لكل رجل يدخل الجنة أن يختار لنفسه اثنتين وسبعين فتاة من فتيات الجنة بالإضافة إلى النساء اللواتي كن زوجاته في الدنيا إذا كان يرغب فيهن ( ولا شك أن هذا الرجل الطيب يرغب دائما بالزوجات الطيبات ). وقد فارق كل غل صدور المتقين فلا تسمع في الجنة لغوا أو رياء بل يقولون " السلام عليك , السلام " –إن هذه هي النتيجة الأخيرة التي وصل اليها التصور البابلي المتواضع عن الماء النقي الذي يشربه أكثرهم تقى في العالم الأسفل . وما تزال حتى يومنا هذا التصورات هذه عن عذاب جهنم ونعيم الجنة تسيطر على عقول الملايين .
وأخيرا نعرف أن التخيل عن رسل الإله أي الملائكة منشؤه بابل أيضا ولا يذكرهم المصريون القدامى البتة . وكذلك صور الكر وبيم والسار وفيم والملائكة الحارسين الذين يرافقون الإنسان ترجع في أصلها إلى بابل


البعث و القيامة عند اليهود وعند السومريين والبابليين و المصريين :



تدل النصوص السومرية والبابلية على أن هناك تشابها تاما بين تلك النصوص حول فكرة البعث و النشور في حياة أخرى بعد الموت , فكلاهما ينكران البعث و القيامة , فقد وصف السومريون و البابليون العالم الآخر على أنه عالم الظلام و الرهبة , وهو المكان الذي إذا ذهب غليه الإنسان لا يخرج منه أبدا . وقد سماه السومريون العالم السفلي الذي يحكم فيه الإله" نرجال " وينعتونه أحيانا بمدينة الأموات , وقد سماه البابليون " أرالوا " و الناس في هذا العالم كما ورد في ملحمة جلجامش متساوون . وقد ورد في وصف الآخرة في القصيدة التي تصف نزول الآلهة عشتار إلى هذا العالم في بداية الربيع من كل عام لتخرج زوجها تموز إله الخضار و الربيع فقيل إنه موضع مخيف مسّور بسبعة أسوار ضخمة يحرس كلا منها مردة الشياطين وتتولاه الإلهة " إيرشكيكال " إلهة الظلام و الدجى و الموت . وخلاصة القول أنه ليس في عقائد البابليين و السومريين ما يوعد به الإنسان من آمال دينية لذيذة بعد الموت , أي لا توجد عندهم جنة ونار أو نعيم أو جحيم . وأثر هذا الاعتقاد في الحضارة السومرية و البابلية جلي واضح في جميع مقوماتها حيث تطغى عليها صفة المادية و النعيم و المتعة في هذه الحياة .
نفس المصدر
( تظهر إحدى الصور أنابيب خزفية في جوف الأرض لإيصال النذور و القرابين إلى آلهة العالم السفلي وقد وجدت هذه الأنابيب الخزفية مدفونة تحت الأرض في مدينة أور السومرية ممتدة بصورة عمودية إلى زهاء أربعين قدما و يعتقد أنها دفنت بهذا العمق بغية إيصال النذور و القرابين إلى الآلهة " إير شكيكال " آلهة الظلام و الموت . وقد استدل الباحثون على ذلك بما عثروا عليه داخل الأنابيب من شقف الأواني التي رميت في فتحة الأنبوب تحت أرضية البناء وهي نوع من الأواني التي كان السومريون يقدمون فيها نذورهم إلى الآلهة فوق الأرض ).

وكان أقرب مثال واقعي للموت عند الأقوام هو النوم , فكان السومريون و البابليون يعتقدون بأن الميت يحتفظ بشيء من الشعور يستمر ملازما له عند اللحظة التي يغمض فيها عينيه , وكانوا يتصورون " أن روح الميت تتمثل في شبح سموه " أدمو " ينزل مع الميت إلى العالم السفلي ويبقى معه هناك في حال دفن الميت وفق الطرق و المراسيم الدينية المقررة , وإذا لم تتوفر هذه الشروط انقلب هذا الشبح روحا خبيثة يخرج من عالم الأموات في الأرض السفلى ويكزن ديدنه إلحاق الضرر و الأذى بالأحياء ولا سيما بأقارب الميت, ولذلك عني الناس عناية شديدة بدفن الميت بموجب القواعد الدينية منعا لخروج " أدمو " من عالم الأموات .

أما إذا رجعنا إلى التوراة فلا نجد أي ذكر فيها لفكرة البعث و النشور في حياة أخرى أو لدار العقاب ودار الثواب في العالم الآخر . و التشابه ظاهر جلي في كلا المصدرين البابلي و التوراتي في الثواب و العقاب الزمنيين , فالنص التوراتي يشبه تماما النص البابلي في أن العقاب زمني في هذه الدار الدنيا كالآلام و المرض وفقد المال و الموت العاجل و تسلط الأعداء الخ ... أما بعد الموت فيذهب الإنسان إلى دار الأموات " وفي الظلام يذهب و اسمه يغطي بالظلام " وهذا نفس عالم الظلام البابلي حيث يتساوى الجميع فيه , " أليس إلى موضع واحد يذهب الجميع " , وكلمة التساوي هذه هي نفس التعبير الوارد في النص البابلي . وقد سمت التوراة العالم السفلي البابلي و السومري باسم " سلاه " ولعل كلمة " سلاه " تعريب لكلمة " شيئول " العبرية التي تعني الهاوية , و الهاوية معناها في الأصل الميثيولوجي مكان الأموات من هبط إليه لا يصعد , وهذا نفس كلام السومريين و البابليين " المكان الذي لا خروج منه " , وسمته أيضا : " الظلام و ظل الموت " وهو نفس كلام البابليين " عالم الظلام و الرهبة " وفي مكان آخر سمته " الجب و أسافل الجب " ووادي ظل الموت . ومن المرجح أن الكنعانيين الذين أخذ الإسرائيليون عنهم تقاليدهم وعاداتهم بل و أكثر شرائعهم كانوا يحملون نفس الفكرة التي اعتنقها اليهود في هذا الصدد .

وقد ظهرت جماعة من اليهود مؤلفة من طبقة الكهنة وبعض الكتبة كانت تجاهر بمبدأ نكران البعث و النشور و القيامة وتذهب إلى أن عقاب العصاة وإثابة المحسنين إنما يحصلان في حياتهم , وهؤلاء صاروا يعرفون بالصدوقيين نسبة إلى رائدهم الأول صدّوق أو صادق , وكان هؤلاء يرفضون كل ما هو خارج عن الوحي المدّون في أسفار موسى الخمسة ثم نشأت فكرة العقاب عند علماء اليهود في وقت لاحق . فقال بعضهم بوجود سبع دور متناوبة الدرجات , ورأى بعضهم أن للعقاب دارين دار عليا وأخرى سفلى , واحدة لعقاب الجسد في هذه الحياة و أخرى لعقاب النفس في الآخرة , ولهذه سبع دركات متفاوتة حسب تفاوت الذنوب , ومنهم من قال أن الناس يقسمون بعد الموت إلى ثلاث فرق , فرقة صالحة حسناتها تربو على سيئاتها تتمتع بالسعادة الأبدية حالا و فرقة طالحة تزيد سيئاتها عن حسناتها تعذب عذابا أبديا وفرقة ثالثة بين بين تعذب في جهنم مدة حتى تطر من ذنوبها فتصعد إلى السماء .

وقد ظهرت قبيل عهد المسيح فرق من اليهود تؤمن بالقيامة و بالعقاب و بالملائكة فكان أقدمهم السامريون الذين اتخذوا هيكلا خاصا لهم في جبل جرزيم في شكيم ( نابلس الحالية ) , حيث مارسوا عبادتهم منعزلين عن اليهود الذين كانوا على خلاف ديني معهم وقد اشتدت العداوة بينهما , " ويلاحظ في سفر المكابيين تأكيدا قويا للمجازاة في الحياة الأخرى ولقيامة الموتى وذلك دليل على فكرة متطورة عما بعد الموت اعتنقها فيما بعد الفريسيون وعلّمها المسيح و تركها للكنيسة " . و الفريسيون فرقة من الفرق اليهودية المتأخرة يؤمن منتسبوها بالقيامة و بالروح و بالملائكة على نقيض الصدوقيون الذين لا يؤمنون بالقيامة ولا بالروح ولا بالملائكة , وكان بولس الرسول فريسيا من حيث إيمانه بالقيامة قاومه اليهود وناصبوه العداء وهم الصديقيون . " ولما علم بولس أن قسما منهم صدوقيون و القسم الآخر فريسيون صاح في المحفل أيها الرجال الأخوة أنا فريسي وأنا على الرجاء و قيامة الأموات أحاكم , فلما قال ذلك وقع خلاف بين الفريسيون و الصدوقيون و انشقت الجماعة , لأن الصدوقيون يقولون بعدم القيامة وعدم الملاك و الروح والفريسيون يقرون بذلك كله ". ولابد من الإشارة في هذا الصدد إلى أن قول بولس أنه فريسي إنما عنى به اتفاقه معهم في الإيمان بالقيامة , ولكنه كان يختلف معهم في قبول الأحكام المتوارثة على لسان الأسلاف وفي جملتها التلمود , ولذلك كان الفريسيون بزعامة يوحنا بن ذكاّي الذين لا يقبلون بغير التوراة المدّونة ومعهم الصدّيقيون الذين لا يؤمنون بالقيامة وقد ناصب كلاهما المسيح العداء .

أما المصريون القدماء , فكانوا يعتقدون بوجود دار للعقاب ودار للثواب , وأن النفس بعد الموت تحاكم في حضرة الإله " أوسيرس " واثنين وأربعين قاضيا , وتوزن هي وأعمالها , فإذا وجدت ناقصة حكم عليها لاعقاب , إما بأن تساق إلى الأرض لتحل في جسم حيوان من الحيوانات النجسة أو تلقى في دار العقاب حيث النار و الأبالسة , وقد تطهّر من آثامها فيسمح لها بالعودة للأرض و الظهور في جسد الناس , ذلك ما يدل بوضوح على أن الاعتقاد بخلود الروح وفي الحياة بعد الموت كان مبدأ دينيا أساسيا في حياة المصريين القدماء , بخلاف ما كان عليه السومريون في هذه الناحية , وذلك على الرغم من العثور في مقبرة أور السومرية على مواد تركت للأموات عند حجر قبورهم و التي تعطي الانطباع أن السومريين كانوا يعتقدون بالحياة الأخرى أيضا , إذا يؤكد المستر وولي الذي قام بالتنقيب في هذه المقبرة أنه لم يجد أي دليل على ارتباط هذه المواد بأية صلة دينية تتعلق بالاعتقاد في الحيلة بعد الموت . وقد ابتكر المصريون طريقة التحنيط للأجساد لحفظها من عوامل البلى وشيدوا أهراماتهم و جعلوها قبورا تحفظ فيها الأجساد بعد انفصالها عن الأرواح , لذلك كان الأهل و الأقرباء يتركون في الحجرة التي يوضع فيها الدفين ما يحتاجه بعد عودة الحياة إلبه من مفاخر الطعام ولذيذ الشراب . وكانوا يزينون حجرة الميت بزخارف ينقشونها على الجدران تشتمل على مشاهد تمثل مختلف تحركات الميت في حياته اليومية الأكثر دينية .
إذا الواح حكا بتقولوا الواح حكا , وإذا الواح ماحكا بتقولوا الواح ماحكا , وشو بدو يحكي الواح ليحكي !

من أقوال جودة في ضيعة ضايعة .



#سامي_المنصوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسطورة خلق أدم و الجنه
- أسطورة شعب الله المختار - أصل التوحيد الإبراهيمي
- الاساطير في الاديان
- تأثيرات زرادشتية ( فارسية) في - الاديان – 4
- تأثيرات زرادشتية ( فارسية) في - الاديان - 3
- تأثيرات زرادشتيه في الا ديان – 2 -
- تأثيرات زرادشتية ( فارسية) في - الاديان - 1 -
- أساطير صينية ايضاً موجودة في القرآن
- اساطير سرجون السومري و موسى 2
- ألتناقض بين بولس و المسيح - 3 -
- ألتناقض بين بولس و المسيح - 2 -
- ألتناقض بين بولس و المسيح - 1 -
- موسى و سرجون ألاكدي
- هل كان الله هو الإله القمر
- هاروت وماروت
- عام الفيل
- المتاهة الكبرى في ( اليهوديه - المسيحيه - المندائيه – الاسلا ...
- المتاهة الكبرى في ( اليهوديه - المسيحيه - المندائيه – الاسلا ...
- خريطة المتاهة الكُبرى - في اليهوديه المسيحيه الاسلام - 2 -
- خريطة المتاهة الكُبرى - في اليهوديه المسيحيه الاسلام - 1 -


المزيد.....




- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 بجودة عالي ...
- طقوس بسيطة لأسقف بسيط.. البابا فرانسيس يراجع تفاصيل جنازته ع ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامي المنصوري - قصة الخليقة والبعث والقيامه