مليكة نايت لشقر
الحوار المتمدن-العدد: 4346 - 2014 / 1 / 26 - 18:31
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
الحرب أو الصراع أصل أزلي ارتبط وجوده بوجود الإنسان ،ذلك أن نزول آدم عليه السلام إلى الأرض كان مقرونا بحرب مفتوحة بينه وبين إبليس في إطار منظومتي الإيمان والكفر بالله تعالى،وكل أشكال الصراع الأخرى إنما جاءت تباعا وإن اختلفت ألوانها ، ويمكن القول أن نزول الهدى المقدس إنما كان القصد منه تهذيب هذا الصراع وفق قيم تنتصر للحق والخير، وتتنكر للظلم والشر.
والتأريخ لدوافع الصراع ترجع في بدايتها إلى "إشكالية الأفضلية الإبليسية" ،حيث ادعى إبليس أنه أفضل من آدم، واعتمد في ذلك على أصل الخلق حيث اعتبر النار أفضل من التراب.
وبسبب هذه الإشكالية اقترفت أول جريمة إنسانية أرضية حين قتل قابيل هابيل،وبسببها أيضا انتصرت جيوش وهزمت أخرى في حروب دينية وسياسية،ولأجلها تعرضت شعوب للاضطهاد والظلم اجتماعيا وفكريا ،ومن خلالها سلبت الحقوق والأعراض وانتهكت الكرامات.
لذلك فالصراع أحد أهم دعائم وجود الإنسان واستمراريته،فالأصل هو الصراع مع العدو الأول، والسلم وسيلة لتخفيف أمواج الصراع العاتية في النفس الانسانية ،فأينما وجد الإنسان فتمت صراع مختلف ألوانه،وأينما وجد الصراع فاعلم أن هناك منظومتين متعارضتين ترجع أصولهما إلى إشكالية الأفضلية الإبليسية.
والصراع قد يكون بشري إبليسي، وقد يكون بشري بشري، وكل منهما لا يخرج عن نطاق الإشكالية الأصل .
فإذا كان الصراع سَكَنٌ للإنسان مقترن بوجوده واستمراريته في إطار إعمال نظرية القيم، فهل يمكن اعتبار درجة حرارة الصراع الحالي مؤشر على هزيمة الإنسان في معركته الأزلية تحت عنوان "إشكالية الأفضلية" ؟، وأن الإنسان غير مؤهل لقيادة العالم ؟ وهل يمكن اعتبار أن توبة الإنسان "آدم" العلوية لم يواكبها صلاح في الأرض ؟ وأن إبليس أفلح في جعل غواية الإنسان مصيدة لهزيمته .
إن حجم الظلم والشر ودرجة الانتهاكات وبحور الدماء التي عرفها الكون تحت سلطة الآدمية تجعل الإنسان مثقلا بالسلبية ومتهما بالتقصير وعدم الاستحقاق للخلافة،وبذلك يعتبر تساؤل الملائكة :"أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء"،أهم سند واقعي للإثبات.
#مليكة_نايت_لشقر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟