صالح حمّاية
الحوار المتمدن-العدد: 4346 - 2014 / 1 / 26 - 17:52
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أقر نواب المجلس التأسيسي في تونس أمس فصول مسودة الدستور التونسي الجديد ، و التي كان من بينها الفصل السادس المثير للجدل الذي يتكلم عن منع التكفير .. و حقيقةً أول ما يتبادر للذهن بعد الاضطلاع على هذا الخبر هو " هل أدرك النواب وهم يقرون هذا الفصل الدستوري التبعات القانونية الناتجة عنه ؟ " فهل هم أدركوا مثلا أن هذا الفصل بنصه الحالي يحكم على القرآن بالمنع (و الذي كان يمكن وفق النص السابق أن يصبح حجر ) ، فكما نعلم ووفق آيات كثيرة فالقرآن يمارس التكفير ضد الآخرين ، وهو ما يعني انه وحال إقرار الدستور فالدولة التونسية مطالبة بالتصدي لدعوات القرآن التكفيرية ، أو هي ستنتهك نصا دستوريا إن لم تفعل ، فهل ستقدم الدولة التونسية على هذا ؟ .
برأيي طبعا الجواب هو "لا" ، لأنه و في الفقرة نفسها من الفصل السادس يشير الفصل إلى واجب الدولة في حماية الدين ، وهو ما يعني أن هذا التنصيص على المنع في حقيقته لم يكن سوى حالة أخرى من حالات التناقض الفادح التي تمتلئ بها الدساتير في بلادنا حيث و بدل أن تكون النصوص الدستورية واضحة ودقيقة ، يتم حشر الدساتير بكل الآراء لإرضاء كل الإطراف رغم تعارضها .
إذن يمكن القول أن ما تم في تونس من إدعاء لمنع دعوات التكفير لم يكن سوى إجراء عبثي لا يفيد بشيء ، و هي الحقيقة في كل الأحوال فالتكفير لا يمكن أن يجرّم إلا إذا أردنا إلغاء الأديان ، وهو الأمر المستبعد ليس في تونس فقط بل في كل العالم في الوقت الراهن ، على هذا أرى أنه على تونس إذا كانت تريد حماية حقيقية لنفسها من الإرهاب و الشمولية الدينية أن تنص في دستورها على الحرية الكاملة في الرأي والاعتقاد و الضمير ، وأن يتم التأكيد على واجب الدولة و القانون في حماية هذا ، زائد أيضا الحرص على ضرورة حذف أي حديث عن حماية المقدسات أو رعاية الدين في الدستور ، لأن هذا الأمر يلغي بالضرورة أي معنى لمفهوم الحرية قد يتضمنه ؛ و هذا هو الأمر الوحيد الذي يضمن الحد من تبعات التكفير ومن الشمولية الدينية ، لكن وفي ظل ما يجري الآن فالأمر حقيقةً ليس سوى تلغيم للدستور بحيث يلقى بالمشكلة لتنفجر في وقت لاحق ، وهو ما يعني أن تونس لا تصنع دستورا لبناء دولة لها مستقبل ، بدل تصنع ألغاما لتنفجر في التونسيين مستقبلا .
#صالح_حمّاية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟