أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نبيل هلال هلال - لذلك أرفض الحكم باسم الدين:















المزيد.....

لذلك أرفض الحكم باسم الدين:


نبيل هلال هلال

الحوار المتمدن-العدد: 4345 - 2014 / 1 / 25 - 22:19
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يتوهم دعاة وصل الدين بالدولة أن الفصل بينهما يعني إبعاد الدين عن حياة الناس , والسؤال الذي يفرض نفسه الآن : هل يتم الآن تفعيل الدين في حياة الناس؟ والجواب بالنفي إلا إن كانوا يرون أن إقامة الشعائر في المجتمع هو دليل وصل الدين بالدولة , والدين- بهذا المعني - مُبْعَد عن حياتنا منذ 1400 سنة تقريبا .
وفي واقع الأمر استغنى الخلفاء عن الدين إلا مظاهره وإعلان التمسك به طلبا لمشروعية الحكم المغتصَب ولإيهام عموم الناس أنهم محكومون بخلفاء عن النبي أو الله , وأنهم يرعون مصالحهم ويقيمون الدين ويحرسون الملة .
والديموقراطية وُلدت في الغرب وهي ابنة ثقافة راسخة وممارسات استغرقت وقتا طويلا , وبذلت شعوبها من دمائها الكثير ثمنا لها, لذا لا يمكن" استيراد "هذه الديموقراطية وتفعيلها في مجتمعات غير مهيأة لاستخدامها والانتفاع بها . لذلك لا يجوز القول - دون الوقوع في خطأ جسيم – "إن أصول الديمقراطية عندنا في البيعة والشورى" فهي ليست نظاما سياسيا وإنما هي وصف جامع لمجموعة من الأدوات : الانتخابات الحرة , وتعدد الأحزاب , وحرية الصحافة , والنقابات المهنية , والمؤسسات المدنية , والتمثيل الشعبي , والبرلمان , وحرية الرأي , والتداول السلمي للسلطة , والشفافية ...ومع ذلك لا يقف الأمر عند مجرد استكمال مؤسسات المجتمع المدني , وإنما تحفيز وعي الطبقة الوسطى وتفعيل خطاب ثقافي مؤسِّس للممارسات الديمقراطية في كل هيئات المجتمع ومؤسساته - بدءا من المدارس والجامعات والمصانع والنقابات والأحزاب - ويكون ذلك بتبني المؤسسات الإعلامية والدينية والثقافية والتعليمية هذا الخطاب .
ويرى البعض أن الدولة كانت في خدمة الدين , وهذا تكلف , فالدولة (وهي السلطان وأسرته) كانت في خدمة السلطان وأسرته , فخدمة الدين تكون بتحقيق أهدافه بوضع السلطان في خدمة الناس , لكن الفقهاء وضعوا العربة أمام الحصان , فوضعوا الناس في خدمة السلطان , وبدلا من أن يقوم السلطان بدور "الحصان" الذي يجر عربة مصالح الناس , أصبح الناس هم " الحمير" التي يركبها ولي النعم , والبهائم التي يذبحها .
فالدولة الدينية كانت دائما في خدمة الإقطاع , بما في ذلك الإقطاع الديني- والتاريخ خير شاهد . وانظر إلى أملاك وإقطاعيات الكنيسة في القرون الوسطى , وانظر إلى مكاسب الأسر الحاكمة باسم الخلافة النبوية طوال تاريخنا الإسلامي , استحوذت كلها على الثروات والنفوذ , إذ كانت تمثل السلطتين الدينية والزمنية معا : السلطة الدينية بمقتضى الانحدار من السلالة النبوية , والسلطة الزمنية بمقتضى بيعة قهرية بحد السيف. وبمراجعة التاريخ نجد أن الدولة الدينية لم تكن قط في خدمة الناس, بل خدمت النُّخَب من الملأ والإقطاع الديني على حساب الناس . فالدولة الدينية لا يحكم الله ُفيها كما يزعم الكهنوت وإلا تحقق العدل , وإنما كان الكهنة هم الحاكم الحقيقي الذي بدأ حكمه بسرقة الشرعية من دين الله بينما كانت المسافة شاسعة بين دينهم الذي ابتدعوه وتعاليم الله المنزَّلة في كتبه . والدولة الدينية - حيث تختلط السلطتان الدينية والزمنية - لم تحقق رفاهية الإنسان وسعادته , فهي دولة أثبت الزمن فشلها ومغايرتها لقصد الله من بعث الرسل بالأديان , وإقامة دين الله (الإسلام : وهو دين الله المنزل على جميع أنبياء الله ورسله من آدم إلى محمد صلوات الله عليهم أجمعين) هي الوسيلة الوحيدة لتحقيق عدل الله الذي يحقق الخير والوفرة للناس كل الناس بالقضاء على الطبقية والاستغلال والاحتكار والظلم والفقر, واسمع الله يقول : { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُواْ وَاتَّقَوْاْ لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم } المائدة 65 - 66
وتأمل قول الله بأن إقامة دين الله الذي جاءت به التوراة والإنجيل يضمن أن يأكل الناس من فوقهم ومن تحت أرجلهم , أي أن تحقق الوفرة والرخاء للناس رهن بتطبيق دين الله وعدله , أي لا صلاح لأهل الكتاب مالم يطبقوا دين الله (التوراة والإنجيل) , :" قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّىَ تُقِيمُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ } المائدة 68 . ويقول :{وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقاً }الجن16 . والاستقامة على الطريق غير الاستغراق في أداء الشعائر والصلوات فقط كما يفهم الكاهن- وإلا ما رأينا هضما لحقوق الفقراء , ولكنها تعني تفعيل شريعة الله - في التوراة والإنجيل المُنزَّلين والقرآن - فهي الوحيدة التي تحقق التوازن بين حقوق الناس , فشرع الله وحده هو الذي لا يظلم أحدا ولا ينحاز لأحد على حساب آخر . وما إن يتحقق هذا العدل الإلهي حتى توزع الأرزاق على كل الناس .
ويضع الإسلام الحنيف السلطة الحقيقية في يد الناس - الأمة - إلا أن الفقيه سرقها من الناس ووضعها في جيب السلطان , وأصبح الناس بلا سلطة , أو قُل سلطة بلا سلطة . والدين معنِيّ في المقام الأول بحفظ حقوق الناس وتحقيق العدالة والمساواة والحرية , وهي غايات تسبق العبادات والشعائر, وهي أهداف لم تحققها الدولة في تاريخ الإسلام كله تقريبا , ( أرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ) الماعون 1-3 . فالمكذب بالدين هو من يعطل أحد غاياته المتعلقة بحقوق الناس قبل أن يكون تكذيبه لأمر عقائدي .
وصحيح أن الخليفة المسلم لم يكن رجل دين بمعنى الكهنوت الذي عرفته أوروبا في القرون الوسطى , فالتعاون بين الملك والكاهن اختلف في شكله وإن تماثل في مضمونه , فاستبداد أوروبا في القرون الوسطى استفحل من جانب رجال الدين فاجتاحوا مساحات من سلطات الحاكم ومارسوا السلطتين الدينية والزمنية معا . وإذا تعذر التعاون بين الملوك والكهنة بسبب الاختلاف على اقتسام السلطة والمغانم , فلا مفر من المواجهة , وهي " مواجهة دامت شرسة وضارية أكثر من قرن (من 1152- إلى 1254) بين أباطرة الإمبراطورية الرومانية وبين الكرسي البابوي من أجل السيطرة وبسط النفوذ على البلاد .
أما خلفاؤنا فقد مارسوا سلطات زمنية كاملة ولم يحتاجوا إلى السطو على مساحات من السلطة الدينية لأنهم كانوا بالفعل يتمتعون بقسط وافرمن هذه السلطات بسبب زعم الانتماء إلى السلالة النبوية.
وكان دور الفقهاء - باستثناء قِلَّة منهم - هو فعل كل شيء غير رد ظلم السلطان , ومنع ميلاد استنارة توقظ جموع الناس وتحفزهم على مناهضة الباغي واسترداد الحقوق , بل مضى الفقهاء يصطنعون "فقها" سياسيا يمنح السلطان عصمة سلطانية تحُول دون تداول السلطة , أو الخروج عليه , أو حتى تطبيق شورى ملزمة , بل لم يعترض منهم أحد على السلطان الذي حرَّم الكلام في حضرته , مجرد الكلام . ولم يقل أحد منهم للناس بتحريم السجود لغير الله , فلم يكن لدى فقهائنا استعداد حقيقي للتضحية بمكاسبهم الخاصة من أجل الدفاع عن الإسلام .
وإذا كان الإسلام يقرر حقوق الراعي والرعية - والتاريخ يشهد أن الراعي قد حصل على حقوقه وزيادة ولم تحصل الرعية على حقوقها - يكون قد تم إعطاب الإسلام والحيلولة دونه وتحقيق مصالح الناس , وهي الغاية القصوى من الدين , كل دين . فمن غاياته تقييد الأقوياء من الناس الأثرياء وأصحاب السلطة لمنعهم من التعدي على المستضعَفين , وإذا كنا نرى في الواقع تقويض مصالح الفقراء , يكون قد تم تجميد الدين وتحنيطه . نبيل هلال



#نبيل_هلال_هلال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لن تتحقق للمسلمين العدالة وإن صلوا وإن صاموا
- هيا ننصب باسم الدين
- كيف يتحول رجل الدين إلى رجل بلا دين
- اقرأ هذا المقال قبل انتخاب الفريق السيسي
- هل تعلمون من هو أفضل مرشح للرئاسة
- 3- تأويل مختلف لسورة الإسراء-المراجع
- 2- تأويل مختلف لسورة الإسراء - المقال الثاني
- تأويل مختلف لسورة الإسراء - المقال الأول
- 6- المقال الختامي في سلسلة مكان المسجد الأقصى المذكور في سور ...
- هذا هو مكان المسجد الأقصى المذكور في سورة الإسراء(ج5)
- 4- مكان المسجد الأقصى المذكور في سورة الإسراء(المقال الرابع ...
- 3- مكان المسجد الأقصى المذكور في سورة الإسراء(المقال الثالث ...
- 2- مكان المسجد الأقصى المذكور في سورة الإسراء(المقال الثاني)
- أين هو المسجد الأقصى المذكور في سورة الإسراء؟ المسجد الأقصى ...
- 16 - خاتمة مقالات تفنيد العروج
- 15- أصل حكاية نهري دجلة والفرات اللذين في الجنة- المقال الخا ...
- 14- أنهار الجنة في أرض الحجاز-المقال الرابع عشر من سلسلة الق ...
- 14- هذه هي أماكن جنة المأوى وسدرة المنتهى في مكة-المقال الرا ...
- جنة المأوى وسدرة المنتهى أماكن في مكة وليست في السماوات – ال ...
- التاريخ الإنساني حافل بالكثير من قصص العروج :المقال الثاني ع ...


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نبيل هلال هلال - لذلك أرفض الحكم باسم الدين: