|
شهوة الطريق و سارة العقاد(1)
شوكت جميل
الحوار المتمدن-العدد: 4345 - 2014 / 1 / 25 - 20:52
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
ليس من النادر أن أعيد اكتشاف الكتاب في قراءته الثانية،فكأنها القراءة البكر له كتاباً و كاتباً، فإذا الكتاب ليس الكتاب الذي عهدت،و لا الكاتب هو الكاتب الذي عرفت،و العقاد العظيم،في نظري، واحد من أولئك الجديرون بإعادة القراءة مرة فمرة؛إنما أقول ذلك وقد عدت إلى روايته"سارة"من بعد قراءة متسرعة بالصبا ..
و بعيداً عمّا روّجه الآخرون،أو روّجه هو عن نفسه "كعدو للمرأة"، و بعيداً عن افتراض تقنُّع السارد خلف واحد من شخوصه الروائية،أو أنه"همام"بطل روايته بعينه و حذافيره... بعيداً عن ذلك كله،يتبقى شيء في الرواية،يطل علينا من أكثر أسطرها لا يخفي على أحد،و يكاد يقول خذوني،و ما أحسب أنه _أي العقاد_رغب أوتكلف عناء إخفائه.... أنها"المرارة الطافحة"للسارد.
و الحقيقة أنه كسارد كان يتدخل كثيراً،فلا يترك أهل روايته لحالهم،و لا يخلي فيما بينهم؛ فيقحم نفسه بين شخوصه لا سيما في تحليلاته "لسارته"،و التي و إن جاء طرفها الأكبر على لسان"همام"إلا أنه تتبقى قطع كاملة تبدو كتعليقٍ و تفسير للسارد تفسه..و في أحيان أخرى يترك الكاتب الأمر على غموضه ما بين همام و السارد ليستشف القاريء ما يحلو له.
واللافت للنظر أن العقاد كمفكر من الطراز الأول قبل أن يكون فناناً،يفرق في تحليلاته بين ما في سارة ويخصها وحدها كفرد في جنسها،و ما في سارة كعنوان لجنسها بأكمله، لذا يعرض مقابل أنثوي آخر هو"هند"،و لكن سارة تبدو لنا في روايته هي الأنموذج للمرأة الصرفة بدون مواربة أو خجل أو محاولة للمجاملة أو التجميل ،سارة المتمردة التي لا تجد حرجاً في تعرية حقيقتها كاملة،تهزأ بالرياء ألأنثوي، رضى الناس عنها أو لم يرضوا، وافقها العرف عليها أو أنكرها،وعلى النقيض نألف "هنداً"التي تؤثر التقية و التحفظ و الإحتياط...لذا لا نكون جاوزنا الصواب كثيراً إذا إستبدلنا لفظ"المرأة كما هي"بلفظ"سارة"،في أغلب الرواية...فيا ترى ماذا رأى العقاد في سارة؟
سارة و شهوة الطريق.. يقول العقاد واصفاً حال همام:(و كان قد خبر أحوال المرأة و الرجل ما أقنعه أن الخيانة بينها ليست من الصعوبة و الآمتناع بحيث يتوهمان.فما من رجل كبر أو صغر إلا و المرأة واجدة بديلاً منه يغنيها عنه في جميع نواحيه أو بعض نواحيه،إن كان محبوباً ففي الرجال من هو أحب،و إن كان مهيباً ففي الرجال من هو أهيب،و إن كان جميلاً أو سرياً أو قوياً ففي الرجال من هو أجمل و أسرى و أقوى.و لقد تستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير،فليس من الضروري أن تفاضل المرأة بين الحسن و الأحسن و الصالح و الأصلح،و ليس من الضروري_إن هي فاضلت_أن تكون مختارة مفتوحة العينين فيما تدع و فيما تأخذ فقد تكون مخدوعة مسوقة ثم تستنيم إلى الخديعة،و قد تؤثر الرجل على الرجل شهوة طريق،كما يذهب الإنسان إلى غدائه فيلقاه مطعم يفعم أنفه ببعض روائح فيميل إليه،و قد يعافه في غير تلك الساعة.)..
سارة و غريزة الغش: و يذكر العقاد رأي همام في المرأة:(و كان همام يعتقد أن الغش كالعظمة عند فصائل الكلاب،يعضعضها الكلب المدلل و يدخرها حيث يعود إليها و إن شبع جوفه من اللبن و اللحم و الأعذية الشهية.لأن ألوفا من السنين قد رب أسنانه و فكيه على قضم العظام و عرقها فهو يطلبها ليجهد أسنانه و فكيه في القضم و العرق و لو لم تكن به حاجة إلى أكلها).. ثم ينتقل العقاد إلى قطعة آخرى،و لا نعلم أهي لهمام أم للسارد نفسه؟:(و ألوف من السنين قد غبرت على المرأة و هي تخاف و تحتال و ترواغ و ترائي و تلعب بمواطن الضعف في الرجل حتى أصبح بعض النساء ممن قويت فيهن عناصر الوراثة و برزت في طباعهن عقابيل الرجعة ينشدن الغش التذاذا به و شحذا للإنسان القديم التي نبتت عليه،و يسرهن أن يصنعن الشيء و يخفيهن و لو لم تكن بهن حاجة إلى صنعه و لا إخفائه.لأن المرأة من هؤلاء تشتهي العظمة بجوع عشرين ألف سنة،و تشتهي اللحم و اللبن بجوع ساعات!).
وثنية سارة: و الكلام هذه المرة على لسان العقاد السارد:(و هي وثنية في مقايس الأخلاق ما هي وثنية في التدين،لا تؤمن بالعصمة لإنسانية في أحد و لا في صفة،و شديدة الإيمان بضعف الإنسان مع أضعف المغريات..استطرد الحديث يوماً إلى جان دارك فقالت هازئة: _كم رجلاً يا ترى عرف أنها عذراء!. فقال لها همام_إنها عذراء بشهادة الطب وشهادة الخواتين الموقرات..
و يستطرد العقاد:إذا قيل أمامها إن فلانة أباحت نفسها لخادمها قالت:و هي تزعم المناقشة حباً في المناقشة:إن المرأة قد تهفو هذه الهفوة و هي لا تنظر إلى مثل ذلك الرجل،كما تنظر إلى حذاء،و ليس كل رجل يصل إلى فراش المرأة يسودها،بل هو قد يكون خدامها في ذلك الفراش!....وما نفرت قط من مذمة خبيثة عن مبدأ و عقيدة و إنما تنفر من جميع الأشياء التي تأباها كما ينفر المرء من طعام يعافه؛فهي مسألة ذوق و رغبة و ليست مسألة شرف و اعتقاد... و مثل هذه الكرامة لن تعصم صاحبها إن يقارف أخبث المنكرات كلما حلت له و غفلت عنه عين الرقيب!).
....يتبع
#شوكت_جميل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الكذب لحساب الله!
-
صحراء النيل
-
مصر:المرهم أم المشرط؟
-
جهاد الفِراش في الحرب و السلام
-
مصالحة الذئاب و سِمّاوي الكلاب
-
علة العرب النفسدينية و قضية القُبلة
-
أبالهوية أم بالمقود تتمسكون؟(2)؟
-
أبالهوية أم بالمقود تتمسكون؟(1)
-
هل تأكل الثورة أبناءها،و لِمَا؟
-
و بعض التخاذل عنصرية_دلجا_
-
عقد فاوست و بيعة أم ورقة إقتراع؟
-
أوراق صفراء معاصرة_الورقة الأخيرة_أقسم بالله..لست من الإخوان
...
-
الخبز و ثورة 30 يونيو
-
حمائم على مذابح الصولجان
-
أوراق صفراء معاصرة_الورقة الثامنة_فتنة!
-
أوراق صفراء معاصرة_الورقة السابعة_الشعب الذي يقول:لا
-
أوراق صفراء معاصرة_الورقة السادسة_أخٌ..في الله!
-
أوراق صفراء معاصرة_الورقة الخامسة_(الضحابا..و المساكين!)
-
أوراق صفراء عتيقة معاصرة_الورقة الرابعة_(خيار و فقوس في مواز
...
-
أوراق صفراء عتيقة معاصرة_الورقة الثالثة_(إرهاب بالجملة)
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|