صباح راهي العبود
الحوار المتمدن-العدد: 4345 - 2014 / 1 / 25 - 18:30
المحور:
سيرة ذاتية
عندما يستعرض العراقيون عقد السبعينات من القرن الماضي فلا بد لهم أن يتذكروا الفترة الذهبية في عمرالفن والغناء العراقي الأصيل بكل شجنه وعمقه وأصالته, هذا الفن المزدهر الذي صنعه كبار المطربين والملحنين وشعراء الأغنية حينذاك .ونحن لسنا الآن بصددإستعراض أسماء هؤلاء الأعلام بل سنحصر موضوعنا بأحد رموزهذه الفترة وواحد من أبرزهم,إنه الفنان الرائع خالد الذكر فؤاد سالم مغرد اللحن الحزين الذي يشعرك في أثناء الغناء بالحنين والشجن وينقلك الى عالم الرومانسية الجميل وتشم من خلال ذلك رائحة الهور والبردي وتتراءى لك شواطئ دجلة والفرات وشط العرب,وتحس نسيم جبال كردستان وسفوحها , وعبيق بساتين البرتقال والنخيل في كل بقعة من أرض الوطن الغالي.
أول خطوة في طريق فؤادالفنية حصلت عندما كان صبياَ إذ سُمح له بالغناء أمام الفنان حقي الشبلي مقلداَ ناظم الغزالي في أثناء حفل أقيم في أحد نوادي البصرةعام 1960 .فأعجب به الحضور ومن هنا قام أصدقاء فؤاد ورفاقه يشجعونه ويستحثونه على المضي في الغناء ,ثم بدأت الطلبات تنهال عليه لإحياء الحفلات العائلية والمناسبات الوطنية والسفرات المدرسية وغيرها.أما البداية الحقيقية لفؤاد فكانت عام1963 إذ إحتضنه الملحن البصري مجيد العلي فكان له الدور الأكبرفي دفع هذا الفنان الشاب والسعي لتطويره بعدما أحس بالشجن والإصالة في صوته الجميل الدافئ وهو يصدح بصوته على خشبات مسارح الميناء والتربية والفاو والأثل وفي السفرات السياحية التي كانت تنظمها الفرقة الفنية لنادي الميناء والتي يترأسها مجيد العلي .وفي الجلسات الخاصة وفي نادي الفنون البصري الذي أسسه ورعاه مع مجموعة من الفنانين والشعراء والكتاب البصريين كان لفؤاد حضور مميز أخذ ينمو ويتطورفنياَ بمرور الزمن لاسيما وإنه تعلم أوليات العزف والموسيقى في نادي الميناء (المعقل). وعندما عزم على الدخول في الإذاعة كمطرب لم يجد من يشجعه ويأخذ بيده فكانت محاولاته تنتهي بالرفض بحجة عدم إتقانه أداء الكثير من المقامات لكن ظهوره في برنامج (وجه لوجه) الذي كان يعرض على شاشة التلفزيون العراقي عام 1968 أثار إنتباه بعض الملحنين والعازفين مما حدى ببعضهم الى الإهتمام به مثل الفنان وديع خندة (سمير بغدادي) فاثنى عليه وشجعه الى جانب مالقيه من تشجيع من المطربة عفيفة إسكندر ومطرب العراق الأول محمد القبانجي الذي إمتدحه كثيراَ وتوقع له مستقبل زاهر في الغناء وبقي فؤاد يذكرهؤلاء بالإمتنان والشكر . على أثر ذلك تم ترشيح فؤاد كمطرب في دار الإذاعة من قبل خزعل مهدي تزامناَ مع قبول المطربة المحبوبة سيتا هاكوبيان والموسيقار طالب غالي.
في أواخر عام 1969وضمن فرقة نادي الفنون في البصرة ساهم فؤاد سالم بدور كبير ورئيس في نجاح أوبريت غنائي إسمه (بيادر خير) كتبه علي العضب بمشاركة أبو سرحان وياسين النصيروخالد خشان وأخرجه قصي البصري و قام بتلحين أغانيه حميد البصري المقيم حاليا مع زوجته في هولندا وتم تنفيذه بمشاركة أكثر من 70 فناناَ من ضمنهم سيتا هاكوبيان وزوجات بعض الفنانين وأقاربهم من أمثال زوجة طالب غالي( سلمى إبراهيم أم لنا) وزوجة حميد البصري( شوقية العطار)التي شاركت فؤاد سالم بأغنية يا عشكنه(كتب كلماتها كاظم الرويعي ) وأصبحت تمثل نشيد الأرض بالنسبة للعراقيين,وأغنية ( خيوه بنت الديرة) للشاعر أبو سرحان, الى جانب مشاركة العديد من الطاقات المبدعة الأخرى ,وقد إستمرعرضه عدة ساعات ,و حظي الأبريت على نجاح منقطع النظيرمما شجع الفرقة على تقديم أوبريتات أخرى منها أوبريت (السابلة) الذي منع عرضه من قبل الرقابة, وأوبريت (نيران السلف) الذي إحتوى على (14) أغنية كتب كلماتها الشاعر كريم راضي العماري ولحنها مجيد العلي وغناها فؤاد سالم ,وسبقهما أوبريت (المطرقة) الذي عرض بعد حوالي عام واحد من الأبريت الأول وإستغرق عرضه (2.5) ساعة,كتبه علي العضب ولحن أغانيه طالب غالي إذ أدخل فيه إيقاع الهيوه,كما ضمًن في أحد ألحانه روح النشيد الأممي, وشاركت فيه سيتا هاكوبيان بأغنية (عاد الربيع) وغنى فيه فؤاد أغنية(عمي يبو مركب) شعر كريم العراقي, وهو يجسد ويستعرض معاناة الطبقة العاملة ويسعى الى إستنهاض روحها بوعي وحس طبقي وبذلك يعد أول مطرب عراقي يؤدي الأغنية السياسية.
عمي عمي يبو مركب يبو شراع العالي...بالهوا يرفرف قميصك والهوا شكد عالي .
رايحين نشوف أهلنه شلونهم ...والله مشتاكين لنور عيونهم .
عمي ذاك طوير جنه ...جاي من نخلة أهلنه....إكبر إكبر يا وطنه نحرسك يالغالي.
عمي عمي يبو مركب يبو شراع العالي.
عمي شد الصاري بيدك وابحر بشط العرب ...يبو ثوب أزرك مطرزبالنجوم إوبالذهب
يللا نملي السلة جوري يللا نملي برتقال...أمنا حاصودة وابونه همته تهزالجبال.
الناس للناس بسعدهم والفرح من تالي. عمي عمي......
يلاحظ المراقب لهذه الأعمال إنحيازها الواضح للنزعة اليسارية حتى أن أغلبية المنفذين لها من ممثلين ومطربين وملحنين وغيرهم لهم ميول يسارية واضحة. ولقد أصبحت هذه الأعمال من أهم المحطات في حياة فؤاد سالم إذ أحدثت ضجة فنية وإعلامية وسياسية خاصة بعد عرضها على شاشة التلفزيون إذ كانت بمثابة طلقات ترمى على الحزب الحاكم وأيديولوجيته مما حدى بالسلطات لإصدار الأوامر بمنع بثها .
أما قصة فؤاد سالم مع عازف القانون سالم حسين فقد بدأت بعدما أبدى أعجابه بصوت فؤاد فأخذ بيده وقدمه للناس بلحن جميل (سوار الذهب) شعرجودت التميمي والذي أحبه الناس وانتشر بينهم,ولقد وجد سالم حسين أن إسم (فالح حسن بريج) وهو الإسم الحقيقي لفؤاد سالم غير مناسب فنياَ فاتفق معه على إسم (فؤاد) وكان هذا هو الإسم الحزبي لفؤاد سالم عندما كان رفيقا في الحزب الشيوعي حينذاك والمحبب عنده والذي يعتز به, ثم أضيف له (سالم) من قبل المسؤولين في الإذاعة وفاءاَ للموسيقار سالم حسين,فأصبح الإسم الفني لمطربنا هو(فؤاد سالم), ورشحه الفنانون ليكون خلفاَ لناظم الغزالي, لكنه وبعد فترة قصيرة إستطاع أن يؤسس لنفسه لوناَ غنائياَ خاصاَ ومتميزاَ.
فؤاد سالم من مواليد عام 1945 في التنومة ثم إنتقلت عائلته الى منطقة الرباط الكبير( محلة العطيرية ) في البصرة ,وهو من عشيرة الطريفات التابعة لقبيلة بني مالك,توفى والده وهو طفل فاحتضنه عمه الحاج كاظم بريج وأفاض عليه من رعاية وإهتمام بالغين ,وقد رفض عمه دخوله مجال الفن والغناء لاسيما وأنهم من أعيان المنطقة المعروفين وخاصة في التنومة,لكن الفن كان يسري في دم فؤاد ولم يستطع سبيلاَ لمنع نفسه من هذا,فقد كان وهو طالب في مدرسة التميمية الإبتدائية يمارس الغناء في أثناء الفرص وقبيل بدء الدروس, كما إنه مشارك فعال في إلقاء الشعر فترة الإصطفاف الصباحي كل يوم خميس لما يملكه من صوت جميل وكان يشجعه في ذلك معلمه في المدرسة الأستاذ حكمت شناوه ضمن فرقة المدرسة التي تقدم الأتاشيد والفعاليات الفنية .وبين المدرسة والبيت يضع فؤاد حقيبته على ظهره ويمتطي دراجته الهوائية وينطلق الى البيت يقطع الطريق مغنياَ,وهكذا ترى الفن والغناء مزروع في كيان فؤاد منذ الصغر.
بعد النجاح الذي تحقق في بغداد مع الملحن سالم حسين والملحن محمد نوشي في أغنية (موبدينه نودع كلوب الحبايب) قبل منتصف سبعينات القرن الماضي,إنهالت على فؤاد سالم عروض لآروع الألحان من لدن أبرز الملحنين مثل طالب القرةغولي(إلعب ياشوق), كوكب حمزة(وين يالمحبوب ,تانيني) وكان كوكب حينها يدرس الغناء والموسيقى في البصرة,ياسين الراوي(الله شحلات العمرياسمرة),محمد جوادأموري, طالب غالي (حلو حلو وطنه) والتي منعت من التداول بعد تفسيرها سياسياَ,طارق الشبلي ,خزعل مهدي(إترك هوى الحلوين) من كلمات خزعل نفسه, وكمال السيد ونامق أديب الى جانب ماقدمه حميد البصري ومجيد العلي وغيرهم من ألحان في الأوبريتات المنجزة.ومن الروائع التي لحنها له مجيد العلي أغنية يا بو بلم عشاري التي إشتهرت وذاع صيتها وبقيت خالدة في ذاكرة العراقيين وهي من كلمات الشاعر علي الغضب.
يابو بلم عشاري الشوك هزني بوبلم هيج عليً أفكاري....حمدان حدر روح إل حبيبي...إحجيله عن أخباري يابو بلم عشاري
بصرتنة ما عذبت محب واحنه العشك عذبنه....يابو بلم شط العرب يعرفنه ويوالفنه.....يا ما كعدنه والنخل عالي فيًلنه
نذكر حبيبي بو بلم................
وكان فؤاد يختار كلمات أغانيه من شعراء مهمين بعد أن يقتنع بها هو نفسه,ومن هؤلاء الشعراء كاظم الرويعي,جودت التميمي,ناظم السماوي,أبو سرحان , داود غنام,علي العضب,محمد هاشم ,كريم العراقي,كاظم إسماعيل كاطع,عريان السيد خلف, مظفر النواب, كاظم الركابي, فاضل عبد الجليل وغيرهم.كما غنى من شعر الجواهري( دجلة الخير),ومن شعر السياب( غريب على الخليج) .أما أغاني المهجرفأغلبها كان من شعر فؤاد وألحانه.
ولغرض تطوير أداءه الفني تقدم فؤاد للدراسة في معهد الفنون الجميلة ببغداد (بعد أن ترك الدراسة في إعدادية التجارة) وكانت هذه فرصة ثمينة إذ تعرف عن قرب بأساتذة رائعين أثروا فيه أيما تأثير منهم الفنان سالم شكر والفنان غانم حداد وآخرون.ولم يستطع إكمال دراسته في المعهدبسبب المضايقات والإضطهاد التي تعرض لها من قبل السلطات الحاقدة والتي تكللت بفصله من المعهد,وتوجت هذه الأساليب القاسية باعتقال فؤاد بسبب أفكاره اليسارية ولنشاطه الجماهيري الذي إستقطب الفقراء حوله من عمال وفلاحين وكسبة وجماهير واسعة من الناس حول أغانيه مثل (عمي يابو جاكوج خذني خذني وياك...ذبني وية العمال حلوه عيشتي هناك) الموجهة للعمال و(عمي يابو منجل) التي ينادي بها الفلاحين.أما أغنية ياعشكنه فتمثل قمة في حب الوطن وعشق الأرض وإلإلتصاق بها حد التجذر لما تحمله كلمات هذه الأغنية من معان وطنية راقية إضافة للحنها الرائع.
يا عشكنه.....فرحة الطير اليرد لعشوشه عصاري ..إيمد سوابيط العنب ونحوشه عصاري
كاعنه فضه وذهب وإحنه شذرها.......وشحلاة العمر لو ضاع بعمرها.ياعشكنه ياعشكنه.
خذني للمرواح عود خذني سن إلمنجلك....ومن يشع ضي الخدود شمعه وبديرة هلك
أضوي ليام الحصاد الجاية....والبيادر جالجبال العالية...ماينه شطوط وسعد..وأنسامنه طيور إورد
وكاعنه فضه وذهب.............................الخ.
إن سر نجاح فؤاد سالم الى جانب مايملكه من بساطة وأخلاق عالية هو إمتلاكه لثقافة واسعة الى جانب موهبته الغنائية مما أتاح له فرصةالإبداع ,وكان يساهم في جميع الأنشطة الفنية الخاصة بالحزب الشيوعي العراقي ,ففي عام 1974 نظم الشيوعيون سفرة الى جزيرة أم الخنازير في بغداد خاصة بالأدباء والفنانين الذي ساهموا بالأنشطة الفكرية للحزب ودامت السفرة لخمس ساعات كان فؤاد خلالها يغني ويردد أغاني الحزب تشاركه في ذلك الفنانة أنوار عبد الوهاب وهي بنت الكاتب السياسي المعروف عبد الجبار وهبي (أبو سعيد) الذي قتل تحت التعذيب في قصر النهاية ببغداد عام 1963. ولقد كان لهذه الفعاليات والنشاطات والأغاني وغيرها الوقع السيء على السلطات وتمثل إستفزازاَ لها وقلقاَ كبيراَ وهم يشاهدون بأعينهم الإستقطاب الجماهيري حول تلكم الفعاليات فتم الإيعاز للدوائر الإعلامية بعدم بث وترويج ذلك ,وإمعاناَ في المحاربة أصدرت الأوامر بمنع بث أغاني فؤاد سالم عبر وسائل الإعلام العراقية ومطاردة كل من يسعى لترويجها, ثم صدرت أوامر أخرى بمنع فؤاد سالم من الغناء نهائياَ في كل المحافل.ولا بد لنا من الإشارة الى إن تباشير الفكر اليساري الذي يدين به فؤاد سالم( والذي سبب له كل هذه المشاكل والمضايقات من قبل أزلام السلطة) كانت قد بدأت منذ أن كان طالباَ في متوسطة المربد في البصرة إذ كان يوزع مناشير وأدبيات الحزب الشيوعي قبل و بعد إنقلاب شباط 1963,وقد إمتد هذا النشاط ليشمل الكثير من أغانيه ونشاطاته الفنية حتى وهو في المهجر.
في حوارمع لفؤاد مع إحدى القنوات الفضائية قال :- ( ذات مرة وبعد منعي من الغناءغنيت في مكان ما,وعند خروجي من هذا المكان كان ينتظرني في الخارج جلاوزة النظام فأوقفوني ثم بدأوا يضربونني بأخماص مسدساتهم وبعدها تركوني سابحاَ بدمائي, عندها أدركت أن لا مكاناَ آمناَ لي في العراق لأنهم سيقتلوني في المرة القادمة لا محالة, فغادرت وطني الحبيب متوجها الى الكويت في اليوم التاسع من شهر كانون أول 1977 وقلبي على كفي).
لقد إتسعت وتعددت مساحة الأغاني التي أداها فؤاد سالم قبل الرحيل لتشمل الحب والفرح والحزن نذكر منها:-
المحبوب ,إلي الله, إنت البديت, إنتظار, درب الشوق, ضحكة حبيبي, جيناكم, رنة الخلخال, حدٌر يهل بلام, شوق الغريب, كلام الناس, جنت أودكم,إلعب ياشوك,ياليله لا تكضين,يا ريت أنسه,أريدك,لا هيه عشرت يوم,آه يا طبع الحبايب,بحر عينك,يالغريب وياك,آخر زمن,لا بد عله سباب,ليش الزعل,لأجل الضوة إل بالنار,كلتلهه أحبج,ورده,يا قطار,وين صار,جوزي,آه يا دار,ماتدرين, محلاهه العيون, موبديه, سعادة, مثل كل العاشقين, يا بعد عمري, وينك حبيبي, ثلاث نخلات,هوى الحلوين,وتسافرين, أنا ياطير, ودعونه, صابرين, هلي حبينه ضي الكمر, الشموع, إجه العيد, أم راشد, ما شفتك سنه, مسافر بليل كمرة,روجات المشرح, أول هوى وآخر هوى, لا تجينه, أخاف,دارج ييمه, إتعودت, ياحنينة, يابحر, حلم أخضر, زهرة شبابي, هي مره بنادم يحب, أيام المزبن, وتكول بت عشيري, ماندرين, يمه يوحيد, درب الشوق, أعاتب والعتب سكته, تانيني, زغيره وما تعرف تحب, وادعيني......حتى بلغ رصيد فؤاد سالم من الأغاني أكثر من 300 أغنية.ناهيك عن العدد الكبير من المواويل والأبوذيات التي يؤديها غالبا قبل كل أغنية, كما غنى النايل والعتابه والسويحلي,وغنى بعض الأغاني الكردية مثل أور ليلي ونوره دلم نوره.
لست أشكو حرب جفني والكرى إن يكن بيني وبين النوم صلح
كم أداوي القلب قلٌت حيلتي وكل ما داويت جرحاَ سال جرح
جفوني من السهر ياليل يرحن
وعن قلبي الهموم إشوكت يرحن
أنا شكلما أدواي القلب يرحن
بعد ما طاب سال آخر عليً
ثم يعقب ذلك بأغنية:- تمشي اوتصد عين او عين... تتغشه مني داده عبد مستحيه مني
خل تفرح الشمات ذبني ومشه وراح داده عبد ذبني ومشه وراح
وحجيه زجر وياي ومعاتبه صياح داده عبد ومعاتبه صياح
يا كتر بالدلال خالي من العيوب داده عبد خالي من العيوب
وبيا مجان يصير جرح اليجي النوب داده عبد جرح اليجي النوب
ولا ينكر دوره في إحياء عدد كبيرمن الأغاني الفولكلورية منها على سبيل المثال (كلي ياحلو,يدكة المحبوب,مالوم أنه مالوم,تمشي وتصد عين وعين,يابو الكرانيل,فوك النخل,تحبون الله ولتقولون,خدري الجاي خدريه,ياعين موليتين,يم العبايه..........).وأعاد غناء الكثير من الأغاني المحببة للناس والتي أداها رواد ومشاهير المطربين قبله نذكر منها كأمثلة ,زهور حسين( إهنا يالحادي,أويلاخ يابه,سوده شلهاني) .( يعنيد ييابه, وردة إسكيتها) للمطرب الريفي عبد محمد . (اليوم إله يومين, إشلون حالي وشلون) وهما للمطرب يوسف عمر.(عليمن يا قلب تعتب,أرد أوكف بحي الولف,هذا منو دك الباب) للمطربة وحيدة خليل.(على درب إليمرون,عمي يبياع الورد,هلي يظلام) من أغاني حضيري أبو عزيز.شدعي عليك ياللي حركت قلبي نرجس شوقي وهي مطربة سورية الأصل. (حركت الروح لمن فاركتهم وأغنية جوز منهم) لعفيفه إسكندر. ويه يا يمه الهوى دك بابي لصباح غازي,(إبن الحمولة,أرد أبجي بالعباس,يم العيون السود) لناظم الغزالي.(الأفندي )هي أغنية لصديقة الملاية.(يابو ردين يابو ردانه) التي غنتها مسعوده العمارتيه عام 1937وسجلتها على إسطوانة ضمن حملة تسجيل إسطوانات لبعض من أغنياتها في حلب . وهذا غيض من فيض
كما أنه غنى أغلب المقامات العراقية الأصيلة منها الركباني,الأوج,الحويزاوي,الزهيري,الحكيمي,الجمًال, اللامي وغيرها.
فمن شعر بهاء الدين زهيرأدى فؤاد مقام الحويزاوي بتمكن عالي (سبقه ناظم الغزالي في ذلك).
وقائلة لما أرد وداعها حبيبي أحقاَ أنت بالبين فاجعي
يارب لا يصدق حديث سمعته لقد راع قلبي ما جرى في مسامعي
تسلم باليمنى عليَ إشارة وتمسح باليسرى مجاري المدامعي
ما برحت تبكي وأبكي صبابة الى أن تركنا الأرض ذات نقائع..............
الذي يؤسف له هوقيام السلطات في بغداد بتلف جميع التسجيلات التي تخص الفنان فؤاد سالم كمؤشر للحقد والكراهية لهذا الفنان الرائع.
أما أغاني الحنين والشوق وألم البعاد وأحلام العودة فقد حل أوانها بعد أن هاجر فؤاد مغادراَ وطنه منها. ذبل عودي يدنيه,يا باب قفلك,غريب على الخليج, نبكي على العراق, شوق الغريب,يا نغم (وهي موجهة لإبنته يعتذر منها لأنه إضطر الى تركها مهاجراَ),آخر زمن ينسوني أحبابي,ياطير الرايح لبلادي, بيت العراق هو بيتنه,يا دجلة رويني,إنتظار, ما انام أبدا يا وطن , بغداد شمعه,وغيرها.
يا طير الرايح لبلادي..أخذ عيوني تشوف بلادي
مشتاق إل أهلي الطيبين...مشتاق إلهم صار سنين..........ياعيني آآآآيبلادي.
في الكويت إلتقى بصديقه الملحن الشاب طالب غالي وعاشا سوية ثمان سنوات قدما خلالها أروع الألحان والأغاني وكان فؤاد يشعر بالفخر والإعتزاز بهذا الموسيقار الرائع أبو( لنا ) الذي قدم لفؤاد أكثر من ثلاثين لحناَ تعد من أعذب الألحان مثل عمي يابو نورة شعر زهيرالدجيلي, مشكورة الذي كتب كلماتها فؤاد نفسه, ياطير إلرايح لبلادي,إنتظار, طال عمرج, ماضي فعلك لو أمر,ياحبيبي, دجلة الخير,غريب على الخليج( التي كانت تمثل صرخة فؤاد في غربته) ,هلا يبلام وغيرها.وكانت كلمات الأغاني تصله من العراق في ظروف خطيرة و صعبة للغاية يرسلها له أصدقاؤه الشعراء ومن هؤلاء الشعراء ذياب خليل وداود غنام.وفي الكويت أدى الكثير من الأغاني بعضها باللهجة الكويتية لكن بنكهة عراقية لاقت نجاحاَ كبيراَ مثل( إحنه نبي اللي يبينه و مشكورة و طال عمرج).
مشكوره تردين الصدك ما كصريتي
جنت أشوفج يقظه باحلام السعادة ودنيا مليانه أمل
جنت أشوفج فرح عرسي وشمع ليلي ودهر أيامه عسل
هدمتي بيه شما بنيت...كتبتي بيه شما محيت
يعني شفتيني رجيج الحال يمعوده اشتفيتي...........مشكوره
وكان فؤاد يجلس على رمل شواطي الخليج ويتطلع الى العراق الذي غادره مرغماَ ويغني من شعرالسياب (غريب على الخليج) وهي قصيدة حوار بين غريب وبلده,ثم يبكي بحرقة وألم.
ومن الأعمال المهمة في حياة فؤاد هو تسجيل شريط خاص لأغاني أسماه( شهداء الطريق) وكانت من شعر فالح حسون الدراجي وألحان فؤاد وهؤلاء الشهداء هم ( فهد,سلام عادل,حسن سريع,شمران الياسري عايده ياسين,هذال,محمدالخضري,بيا صليوه, جورج تلو,جمال الحيدري,فكرت جاويد).
سلام الحب يا أحلى الأسامي .....كبرك وين حتى ابعث سلامي........(من أغنية بحق سلام عادل).
يجمال الغالي عذبنه الفراق......مدري نبجي عليك, مدري نبجي عله العراق....(من أغنية بحق جمال الحيدري).
لقد إستقرت أغاني فؤاد في القلب وإخترقت الحدود وشملت حتى دول الجوار رغم طوق العزلة الذي فرضه النظام السابق على تلك الأغاني وصاحبها في الوقت الذي وصفه المفكر العراقي هادي العلوي بأنه (شرف الأغنية).وكان شعراء الأغنية العراقيين كما أسلفنا يرسلون له سراَ كلمات أغاني ليلحنها ويغنيها من دون ذكر إسم كاتبها خوفاَ مما قد يحل بكاتب تلكم الأغاني من عقاب ربما يصل حد الإعدام. ففي إحدى المرات ذكر فؤاد ضمن لقاء بثته إذاعة الكويت إسم الشاعر (داود غنام) بصورة عفوية فقامت السلطات العراقية على أثر ذلك بإعتقال داودغنام وأشبعوه ضرباَ وتعذيباَ,وهذا الشاعركتب الكثيرمن الأغاني وأرسلها الى فؤاد في الهجرمن ضمنها ياطير الرايح لبلادي الى جانب آخرين.
و قد يظن القاريء الكريم أن فؤاد سالم تخلص نهائيا من سطوة النظام الحاكم في العراق بعد وصوله الكويت,لكن الحقيقة ليست كذلك إذ ظلت مخابراته تلاحقه وتتابع كل تحركاته هناك, الى جانب ماكان يسمعه من أخبار إغتيال بعض رجالات المعارضة الموجودين في الكويت ولبنان وغيرها من دول العالم فأخذ يتنقل بين دول الخليج يجوب بها دون إستقرار لكنه أخيراَ قرر الرحيل الى جمهورية اليمن الجنوبي وعاصمتها عدن إذ كان ينتظره هناك كثير من أصدقائه ورفاقه وبقيً هناك حيث أكمل دراسته في المعاهد الفنية مما شجعه على تلحين أكثر أغانيه بنفسه, ثم عاد الى الكويت ليتمم إنجاز (13)ألبوما غنائياَ الى جانب الكثير من اللقاءات والأعمال الفنية الأخرى, بعده سافر الى الإمارات فالسعودية ثم سافر الى سوريا وبقي فيها الى أن حصل على اللجوء السياسي من أمريكا فشد رحاله على الفور وطار الى هناك وهو يغني مع نفسه أغنية لحنهابالغربة..
ربي أستر يالطيف إكفيني شر هذا الزمن غيري يشحذ له رغيف وآني أشحذلي وطن
ربي بس أنظر لحالي.. واحميني من جور الليالي...مالي غير الوطن مالي..عيوني لفراكه عمن
تدري صاير سندباد إنقذني يا رب العباد....وين أولي ليا بلاد ؟ وين ألكالي سكن؟
الله أكبر يازمن ...............لا بيت عندي ولا سكن!!
ويذكر أن فترة مغادرة فؤاد للعراق شهدت هروب الكثير من الكوادروالكفاءات العراقية المهمة من فنانين وصحفيين وكُتاب ومثقفينن ومبدعين آخرين إذ رافق هذا إعدام عدد كبيرمن الوطنيين الأحراروخاصة الشيوعيين منهم لمعارضتهم نظام الحكم أو لمجرد الشك في ذلك أولممارسة أدنى نشاط سياسي لا يصب في خدمة القائد أو لرفضهم الإنتماء لحزب السلطة الحاكم.
عاش فؤاد ومنذ صباه مناضلاَ لايكل ولا يمل, نذر نفسه وفنه لخدمة جموع الفقراء والكادحين وإصطف معهم وحمل همومهم في أحلك الظروف السياسية وأقساها والتي عانى فيها الشعب العراقي من الويل كثيراَ فأحبوه وعشقوا فنه وبقيً حاضراَ في ضميرهم رغم غيابه وبعده عنهم في دول المنافي والشتات لعقود من الزمن ,وكم حاول الحاقدون إبعاده عن ذاكرة محبيه لكنهم فشلوا إذ كان الناس يتداولون أشرطته الغنائية حال صدورها . وبقيً أميناَ على الفن العراقي وملهماَ لتراثه وحريصاَعلى سمعته فرفض الغناء في الملاهي والفنادق وبذلك إحترم نفسه وفنه وفكره وإختار من الشعرأرقه وأجمله وإبتعد عن الإبتذال وغناه بحس وعاطفة وشجن فأجاد في كل ذلك لما يملكه من موهبة وثقافة وإبداع وحنجرة فذة وصوت بصراوي دافئ رشيق مخلوط بنكهة بغدادية محببة الى النفس وبذلك فقد أعطى حصة كبيرة من حياته وفنه لوطنه وشعبه وبقيً في ذاكرة العراقيين, ولم نسمع من قبل أن فناناَ غاب عن وطنه عقوداَ من الزمن وبقيً شعبه يتابعه ويغني أغانيه,لا بل ينتظرون عودته مثل ما حصل مع فؤاد سالم فمنحه الناس لقب (فنان الشعب) يقابله إهمال حكومي لازمه الى يوم رحيله الأبدي عنا.
لقد أضحت الأغاني الوطنية التقدمية والثورية الهادفة( التي أداها الفنانون رسل الحرية والسلام) تراثاَ تمتلكه كل شعوب العالم التي تعاني من الظلم والإضطهاد ,وتسلط الحكام الجائرين,كما أنهاغدت سلاحاَ فعالاَ تحارب به الشعوب حكامها الظالمين,ومن هؤلاء القلة المميزة من الفنانين التي تغنت للحرية والسلام الشيخ إمام في مصر والذي غادرنا منذ فترة قصيرة,وفكتور جارا الذي وقف يغني ويعزف على آلته يقارع الفاشيين بصلابة الأبطال وليقف في وجه الإرهابي بينوشت قائد الإنقلاب الفاشي على السلطة الشرعية في شيلي في بداية سبعينات القرن الماضي ولم يمنعه قطع أصابعه من الإستمرارفي أداء الأناشيد الثورية التي تدعو للحرية ومحاربة الظلم , ولقد كان فؤاد سالم واحداَ من هؤلاء النخبة القليلة التي آلت على نفسها حمل رسالةالشعب والنضال ضد الدكتاتورية التي أبتلي بها الشعب العراقي فإنضم فؤاد الى المعارضة ليحكم عليه بالإعدام غيابياَ (مرتين) وبتوقيع صدام حسين, وصودرت أمواله المنقولة وغير المنقولة وهي عبارة عن(( آلة عود)) فقط تمت السيطرة عليها من قبل اللجان المسؤولة عن مصادرة الأموال!!!!,وخلال نشاطه السياسي خارج العراق قدم الكثير من الأغاني الثورية والوطنية ضمن حملة معارضة النظام السابق خاصة بعد إنتفاضة 1991 وكانت تبث في إذاعات المعارضة العراقية مثل (عمي يابو حمزه,إشرد إجوك العراقيين, صح إحنه بلد نفطي,بغداد شمعه ماهو اليطفيها من شعر كريم العراقي وألحان كمال السيد, راس غليص,دجلة رويني,كل العالم صاح,شعبنا يايمه حلف,عد حدك أوكف,هلا ياهلي العراقيين حلبجه آه,حنه يبويه الرفاكه, لأنني بروليتاري,.........).
من نوادر الموالات الرائعة لفؤاد سالم والتي كتبها الشاعرالراحل كاظم اسماعيل كاطع على هيئة رسالة من أم أحد المناضلين تصف لولدها السجين ما تعانيه في غيابه وفي أثناء زيارتها له في سجنه (نختار منها).
يبني.......خنوا كل ضواي وذبحوا بعيني شمعه
إوجهك اليضحك مغندب ومابيه لمعه
والكمر شد نكله جاي يشيل.... ظل إبلا ضوه جا شنهي نفعه
والعكارب ينط بكل درب سمها.... وعدنه محسود التلسعه فرد لسعه
والسلف ياكل لحم موتاه يبني.... مالكه خبزه التشبعه
وذني حلوات السلف باكوا كحلهن.... والرمد طش وترس كل عين وسعه
يمه شحجيلك ظلمهم من إجينه نواجهك مصباح جمعه
ويم سجنهم صارت علينه البنادق يبني فزعه
واحد يحط بعيني يايمه صبعه
إو واحد يجر شيلت اختك.... راسها بشارع يفرعه
واحد يكول ام شيوعي إطوها دفعه................
كون أجيك بنار كلبي ..جا حديدك كله اموعه.
لفؤاد موهبة شعرية إضافة الى ما يمتلكه من مقدرة على الغناء ,وقد أصدر أربعة دواوين شعرية هي (ديوان للوطن للناس,ديوان عسر الحال,ديوان مشكورة, ديوان عن أدب الفنون الشعبية يضم 140 أبوذية و200 دارمي.
عاش فؤادهموم شعبه ووطنه وهو في غربته التي عصرته حد الجفاف,وظل يدق على باب الوطن طويلاَ ولم يُفتح له الباب إلَا متأخراَ فعاد له مريضاَ منهكاَ ليستقبله الناس والأدباء والمثقفون فلم يجد مكاناَ أوسع من ملعب الشعب في بغداد ليغني فيه لأحبابه السعداء بعودته اليهم بعد غربة قاتلة وهجر للوطن أضطر عليه مكرهاَ لا بطلاَ.
ياباب قفلك منظرة شكد يجرح.....واليجرح أكثر من أدك ماتفنح
دمعاتي ماتقهرك؟......إفتحلي لا أكسرك ......فركت حبيبي ألله يشهد تذبح
باب قفلك منظره شكد يجرح.
عاش في الغربة 36 عاماَ يجول بعائلته في المنافي دون مستقرلكنه أخيراَ عاد إلى وطنه بعدأن ولى النظام السابق .وفي إحدى الزيارتين لبغداد حل فؤاد ضيفاَعلى إتحاد الأدباء والكتب في العراق ضمن منهاج ملتقى الخميس الإبداعي وقد إستقبله الحاضرون بأغنية ياطير الرايح لبلادي. وفي أثناء الحفل وبعد إلحاح الحاضرين عليه أدى بعض من أغانيه (بغياب العود) مثل مشكوره وياطير.أجمع الحاضرون على أن فؤاد هو إبن العراق البار وليس لحزب معين وبذلك إستحق لقب (فنان الشعب) بجدارة,ولقد كان منظرإبنته (نغم) مؤثراَ عندما صعدت إليه وعانقته على المنصة و(نغم) هي إبنته من الفنانة الراحلة (مي جمال) إضافة الى حسن وجمانه وحيدر أبناءه من زوجته إبنة عمه . وبعد الزيارة الثانية شد رحاله عائداَ الى دمشق بعد أن شعر بالخذلان من المسؤولين في الدولة إذ أداروا ظهرهم له.وفي دمشق عانى من شظف العيش والعوز الى حد لم يستطع معه شراء الدواء الذي يحتاجه فإشتد عليه المرض الى أن فاضت روحه وذلك فجر السبت 21/12/2013,ثم نقل جثمانه من دمشق الى بيروت ثم الى مدينة النجف ليكون في إستقباله في المطار جمع غفير من المثقفين والفنانين والشعراء والدمقراطيين حملوا نعشه على الأكتاف في جو من الأسى والألم والحسرة على فنان قضى جل عمره مناضلاَ من أجل الشعب العراقي وقضاياه الوطنية حاملاَ هموم الناس وهو في غربته.
شيعت جماهير النجف عصر الثلاثاء 24/12 جثمان فنان الشعب فؤاد سالم من باب المطار الى مثواه الأخير في مقبرة السلام .شارك في التشييع نقابة الفنانين العراقيين المركز العام و فرع النجف, وإتحاد الأدباء والكتاب العراقيين فرع النجف وجمع من الأدباء والفنانين في المحافظة وبعض المنظمات الجماهيرية ومنظمتي الحزب الشيوعي العراقي في النجف وبابل.وحضر الجفاء الحكومي بكل تعمد ليعلن للناس موقفه من الإبداع...ولا غرابة.
وداعاً أبا حسن ..........
#صباح_راهي_العبود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟