|
صقيع التعصب و نفاق الحب
مزوار محمد سعيد
الحوار المتمدن-العدد: 4344 - 2014 / 1 / 24 - 21:15
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
" هذه الأحداث مقتبسة من حقائق وقعت على الواقع، أنا أسردها كما فهمتها باعتباري كنت جزء منها، و أنا أتمنى من المشاركين في صناعتها أن يصححوا لي، إن كنت قد دخلت في متاهات لا تجدي نفعا، لأنني أعتبر أنّ هذه الأحداث تخفي و تعكس واقع الجزائريين عبر عيّنة منهم، كما أتحدى أبطالها الذين لم تعجبهم هذه الكلمات أن يسقطوها بالكلمات، لأنّ الله سبحانه وتعالى حاور إبليس عندما عصى الأوامر، كدليل على قيمة الحوار، فرغم خبث إبليس و جبروت الله الجبار العزيز القادر على كلّ شيء، إلا أنه حاور مخلوقه في صورة جميلة جدا، أنا السيّد: مزوار محمد سعيد (الفيلسوف الجزائري)، مسؤول عن أقوالي كاملة." قد تأتي الرياح التي تحاول اقتلاع الإنسان من منبته، من الاتجاه الذي لا يتوقعه، ففي لحظة ماكرة، يعبث المخاطب بالكلمات، يحاول أن يجعل من ذاته بطلة في وجه الحياة، ينكر عن نفسه العصمة، في الوقت الذي يتصرف فيه كالمعصوم، يحرك هواجس سامعيه، و يكسب لفكرته تبريرا يخيف متلقيها، و ما أسهل كسب امتياز إضافي لأفكار مسمومة، بذرائع جاهزة، إما بمحاولة إعطاء شرعية لها عبر تأليهها، و إما عبر تغطيتها برداء النبوة الطاهر، و إما بالسبّ و الشتم أو تجريم من يخالفها.
1. صقيع التعصب: أثناء رحلة عابرة في سيارة على إحدى طرق الجزائر التي ارتوت بدماء الشرفاء من الشهداء، دار حديث أقرب إلى واقع الحال من خيال المحال، كان حوارا أشبه بالقتال، و كأنّ المتدخلين كانوا فرسانا يمتطون الجمال.
أ. حكاية الطائرات: دار الحديث عن الطائرات، و راح أحدهم يتكلم عن إسقاط إحداها من طرف الجيش، فصحح له ثان الخبر، جاعلا منه غير سليم، ليتحوّل اتجاه الكلام إلى اقتناء طائرات بلا طيار من أجل حماية الحدود البحرية في إطار صفقات تجارية و بغطاء دولي من أجل خدمة و حماية البيئة، بينما تدخل السائق ليعطي معلومة جديدة، بحيث أنه شرح كيف أنّ أحد الجزائريين صنع طائرة بدون طيار تعبر الأجواء من العاصمة بلا وقود وصولا إلى الجنوب ذهابا و رجوعا، و كأنّه جديد في تقنيات لم يكتشفها سوى سائقنا، صاحب رباطة الجأش العميقة.
ب. حكاية المباني: دار الحديث فيها حول كيفية البناء، و تدخل سائقنا المتابع لآخر الصيحات، حيث شرح كيف أنّ بلدا مثل ألمانيا يستعمل طرقا جديدة في البناء، بينما قاطعه ذاك الذي يجلس بجانبه ليلقي مقارنة جميلة بين الألمان و الجزائريين، فراح المستمع إليهما يتخيّل أنهما قضيا أكثر من أنصاف أعمارهما في التجوال ما بين مدن ألمانية كبرلين و فرانكفورت و ميونخ و كلن، و أخرى جزائرية كالعاصمة و بشار و الغزوات و الورقلة حتى تمكنوا أخيرا من أن يعقدوا هذه المقاربة المعمارية.
ت. حكاية الطبخ: دار الحديث فيها لتنعقد مقارنة أخرى أيضا، لا تنم سوى عن خبراء و أصحاب خبرة عالية في مجال التغذية و الصحة، فراح بعضهم يجعل الطباخ الجيّد هو ذكر في أثناء طبخه للكمية الكبيرة من المأكولات، و هو أفضل من النساء الطباخات في هذا النوع من المهام، ثم انتقل الحديث إلى نوعية المطاعم و كيفية مراقبة هذا النوع من الحرف، و انتهاء بحكم خطير، و هو أنّ الجزائريين لا يصونون حق تقديم الأكل النظيف لزبائنهم في مطاعمهم، و عليهم ترك هذه المهمة للأجانب المتقنين لها حسب رأي خبرائنا من سكان أوربا و غيرها.
ث. ملاحظة: هذا الحوار، و حتى هذه النقطة، دار دون تدخل الطرف الرابع، الذي هو الفيلسوف الجزائري، فقد كان جالسا خلف مقعد السائق صامتا، و مصغيا إلى أصحاب المعالي من السائق و الأخ الذي بجواره، إضافة إلى تلميذ الفلسفة الجالس بجوار الفيلسوف الجزائري. "... عصمة الناس و المعين على الدهر .... و غيث المنتاب و المحروب قل لأهل الضراء و البؤس موتوا قد .... سقته المنون كأس شعوب..." عاتكة بنت زيد رضي الله عنها
2. نفاق الحب: الخطوة التالية في الحوار، كانت عبارة عن قنبلة موقوتة، أذن لها المتحاورون بالانفجار، تلك التي زرعت منذ معركة صِفِين بين المسلمين، و هي التي تنفجر في العالم الإسلامي كلما سمحت لها الفرصة لذلك، و ما أن تصيب البعض، و تقتل البعض الآخر، حتى تعود للاختباء وراء كلمات و شعارات براقة. لقد انفجرت هذه القنبلة عندما أراد الأخ الجالس بجوار سائقنا المحترميْن، أن يسقط أفكاره على حديث نبويّ شريف في حواره، و الغريب في الأمر أنّه نسب إلى الحبيب المصطفى ما لم يقله، ظنا منه أنّه على صواب، أنّه مالك الحقيقة النبوية، و أنّ رسول الإسلام عليه السلام، رسول هذا الأخ وحده دون غيره من المسلمين، يجوز له أن يتكلم و ينسب له ما يريد، و بالطريقة التي يراها مناسبة. هذا الموقف بدا للفيلسوف الجزائري الصامت منذ بداية الحوار سببا كافيا لخروجه من دائرة صمته، فالأخ المتكلّم يُدخل نبيّ الإسلام حيّزا لا ينبغي أن يدخله عملاق خير أمة أخرجت للناس. لقد طلب هذا الفيلسوف الجزائري من محدثه (الأخ) نص الحديث كاملا، من رواة و انتساب و حيثياته المتعارف عليها عند العلماء الذي يؤدون أمانة رسول الله بكل جدية، فعجز المتكلم (الأخ) عن تلبية هذا الطلب البسيط، و احتج بأنه ليس من أهل الاختصاص، في حين تدخل تلميذ الفلسفة الجالس بجانب الفيلسوف الجزائري، و هو يتحرك بخلفية قبلية عنصرية، ليصف طلب الفيلسوف الجزائري بـ: التعصب، و بدلا من أن يتم تصحيح الأفكار، و تبرئة النبيّ محمّد أبا القاسم بن عبد الله عليه الصلاة و السلام من نجاسة ألفاظ الجاهلين من المسلمين بأقواله و سيرته كما يجب، تم اتهام الفيلسوف الجزائري المدافع عن نبيّ الإسلام عليه الصلاة و السلام مما يُنسب إليه زورا و بهتانا بـ: التعصب، و مِن مَن؟ من طرف تلميذ الفلسفة، و الأخ الذي يفتري على خاتم المرسلين !!!!! يا الله، لله ذرك يا رسول الله، من زمن أصبح المدافع عنك و لو بالكلمة يوصف بالتعصب و الغلو، من طرف أحدهم ينسب إليك أقوالا لم تقلها، و يدّعي التأكد منها، و بمساعدة من تلميذ فلسفة ذا نزعات قبلية، ظن الكثير من المسلمين، و في الجزائر المستقلة على وجه الخصوص، أنها انتهت و ولّت مع ظهور الإسلام، و أنها من عادات الجاهلية الأولى. عندما يعبث المحاور بالكلمات، فهذا دليل على أنه منافق، و عندما ينتقل الحوار من تبادل الأفكار إلى محاولة إقصاء أحد الأطراف المتحاورة، و ذلك بوصفه بإحدى التهم الجاهزة كالتعصب أو الخيانة على سبيل المثال، فهذه حجة على ضعف و فقر شديديْن في الإحاطة بأساليب الحوار الجاد. رحلة قصيرة بسيارة جميلة كشفت الوجه القبيح لمن يدّعون حبّ الإسلام و الانتساب إليه، و عجز عن بيان لحُجةٍ من سيرة خير خلق الله، أظهرت تسيّبا واضحا لدين متسامح كالإسلام، فهمه الدجالون على هواهم، مما أدّى ذلك إلى إصدار فتاوى باسم الله، و باسم نبيّ الله، و باسم الإسلام، ليبرروا مجازر في حق المسلمين، و بأيدي بعض المسلمين أنفسهم، و من يحاول التفكير بروية في هذا المجال، و إنصاف خاتم الأنبياء يصبح من المتعصبين و الخونة أو الجبناء. اللهم اهدي قومي فإنهم لا يعلمون. الجزائر
السيّد: مــــزوار محمد سعيد
#مزوار_محمد_سعيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما لم يعلم
-
صاحب الرداء الأسود
-
القيصر
-
سمعتُ أنين قيصر آخيا من الجزائر
-
-عالمية الفكرة- عند مالك بن نبي - الثقافة نموذجا-
-
مَتْنُ الصدّيق الفلسفي (دراسة حول -الظاهرة القرآنية-)
-
ضمير تساليا الجزائرية
-
سيارة الإسعاف و الهواري سائقا
-
أسيادهم على مرّ الزمن
-
يوجد موطن الإنسان أينما توجد راحته
-
فلسفة اللآلئ المتوسطية (المدينة: المكونات الفكرية)
-
لا بديل عن الإنسان
-
الجزيرة
-
هناك أكثر من طريقة لسلخ القطة
-
الزلال و الزلزال
-
نَكتة مزمحيداس
-
الفلسفات في العصر الوسيط -العرب و الغرب- دراسة تحليلية نقدية
-
فَلْسَفَة المُسْلِمِينْ الأَوَائِلْ
-
محاورة دوبينوس
-
العنوان الجذاب يخفي موضوعا سيّئا
المزيد.....
-
العثور على قط منقرض محفوظ بصقيع روسيا منذ 35 ألف عام.. كيف ب
...
-
ماذا دار خلال اجتماع ترامب وأمين عام حلف -الناتو- في فلوريدا
...
-
الإمارات.. وزارة الداخلية تحدد موعد رفع الحظر على عمليات طائ
...
-
صواريخ حزب الله تقلق إسرائيل.. -ألماس- الإيرانية المستنسخة م
...
-
كيف احتلّت إسرائيل جنوب لبنان عام 1978، ولماذا انسحبت بعد نح
...
-
باكستان ـ عشرات القتلى في أحداث عنف قبلي طائفي بين الشيعة وا
...
-
شرطة لندن تفجّر جسما مشبوها عند محطة للقطارات
-
أوستين يؤكد لنظيره الإسرائيلي التزام واشنطن بالتوصل لحل دبلو
...
-
زاخاروفا: -بريطانيا بؤرة للعفن المعادي لروسيا-
-
مصر.. الكشف عن معبد بطلمي جديد جنوبي البلاد
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|