|
من وراء الحملة ضد تجريم التطبيع؟
محمد السلايلي
الحوار المتمدن-العدد: 4342 - 2014 / 1 / 22 - 02:40
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بتزامن مع القرارات الحكومية الاخيرة الباهضة الكلفة على الوطن و المواطنين واهمها الغاء الدعم بشكل كلي عن البنزيل و الغازوال انقيادا لتوصيات صندوق النقد الدولي و القانون الذي بموجبه سيتمتع مهربي العملة بحرية التصرف بعد رفع أي متابعة ضدهم و الزيادات المهولة في اسعار المواد و الخدمات الاساسية...شرعت اطراف من داخل الدولة في تنفيذ هجوم كاسح ضد مقترح قانون تقدمت به بعض امام البرلمانالمغربي يجرم التطبيع مع الكيان الصهيوني.
هناك سباق مع الزمن لتمرير كل القرارات المجحفة، و فيما مضى كانت الدولة تخشى مجرد الاعلان عنها. نذكر انه في الثمانينات لم يكن انصياع المغرب للمؤسسات المالية التي طالبته باعادة جدولة ديونه بعد فرضها شروطا مجحفة على الشعب المغربي، ليحدث دون مواجهات مفتوحة مع السلطة كانت اقواها انتفاضتي 81 و 84.
مع حكومة "الكومبارس" التي توجه لها كل التهم في دفع المغرب للانفجار الاجتماعي، صار ممكنا المجازفة في اتخاذ كل القرارات اللاشعبية و الرضوخ للاملاءات الاجنبية المجحفة و تكسير جدار الصمت عن العلاقة الوطيدة بين الكيان الصهيوني و المغرب، و التي ظلت منذ عقود خلت تتخذ طابع العلاقة السرية، ليتم تطبيعهاو ترويد المغاربة على القبول بعلانيتها .
حين كتب الناطق الرسمي السابق للقصر السيد حسن اوريد أن "اسرائيل ليست عدوة للمغرب" فهو لم ينطق من فراغ. لقد بدات علاقة حكام المغرب بهذا الكيان المغتصب منذ عهد الحماية الفرنسية، بل ان هذه العلاقة كانت موجودة قبل تقسيم فلسطين سنة 1948.
و اول احتكاك بين مسؤولين مغاربة و ممثلين عن المنظمة الصهيونية تم على هامش مؤثمر أنفا بالبيضاء سنة 1932. حيث انشاء مكتب سري للمؤسسة اليهودية للهجرة السرية بالمغرب ( cadema ) ومن ضمن انشطتهاتعبئة اليهود المغاربة لدعم الاطروحة الصهيونية المؤسسة على " قانون الرجوع " لاغتصاب ارض فلسطين.
و بعد حصول المغرب على الاستقلال السياسي، و بسبب الصراع حول السلطة بين المؤسسة الملكية المخزنية و الجناح اليساري للحركة الوطنية انذاك، سيتم تصفية المكتب الصهيوني السري، و في المقابل، سيسمح للمخابرات الاسرائيلية بان تنشط مع بقايا المكتب المذكور في تهريب البشر و الاموال للكطيان الصهيوني.
مع اتفاقيات اوسلو، حيث لم يمض عليها الا بضع أشهر، ستخرج العلاقات المغربية و الاسرائيلية الى العلنية و تنتقل الى مستوى رفيع من التمثيلية الديبلوماسية، حيث استطاع ما سمي بمكتب الاتصال الاسرائيلي بشارع بنبركة بالرباط، ان يستثمر بشكل وجيز هذه النقلة لجر النخب المغربية للتطبيع مع الكيان الصهيوني.
و قد وجد الصهاينة استعدادا عاطفيا و سياسيا خاصة لذى النخب الاعلامية و الاقتصادية و المدنية و السياسية الجديدة ، ما جعل المشرفين على المكتب رفع عدد موظفيه الى أكثر من 54 اطار، من اجل توفير مختلف وسائط الاتصال لاستخدام هذه النخب في اختراق مواقع حساسة في الدولة و المجتمع.
وبعد اغلاق هذا المكتب، لم تتوقف الزيارات لاسرائيل من قبل فنانون و اعلاميون و سياسيون و اقتصاديون، هذه الفئة الاخيرة اصبحت مرتبطة بمشاريع تجارية و اصبحت تشكل ما يشبه اللوبي المنافس للوبي الفرنسي.
اذن فالسيد اوريد لم يخطأ، فالمغرب الرسمي ليس عدوا للكيان الصهيوني. كما كتب متهجما على مشروع قانون تجريم التطبيع، المنشور بمجلة" زمان" مؤخرا.
ربما لو دافع زميل الملك في الدراسة عن رايه الشخصي في القضية الفلسطينة دون استعماله للغة مؤثثة تنفي حق الاخر في الجهر برايه و العمل على تفعيله مؤسساتيا بالوسائل التي يحميها الدستور، لكان شان اخر.
تاتي خرجة السيد اوريد، في سياق و طني و اقليمي متميز، اصبح مؤكدا فيه ان الكيان الصهيوني و راعيته الاكبر الولايات المتحدة الامريكية، استغلت الحراكات الشعبية المطالبة باسقاط الفساد و الاستبداد لزرع نخب جديدة قادرة من جهة على خدمة مصالحها، و من جهة ثانية تشكل البديل للانظمة التي فقدت مشروعية وجودها.
ليس صدفة ان يلقى نفس المشروع بتونس هذا الرفض، غير ان تونس بعد ان انجزت ثورتها و دخلت لمرحلة يصفها السيوسيولوجيون بمرحلة الفرز، تتوفر على قاعدة شعبية قادرة في اي وقت على استرجاع اي مبادرة سياسية او غيرها لا تنسجم مع ما كانت تطمح اليه من وراء حراكها الشعبي الكبير.
بالمغرب، لم تقم الاحزاب نفسها التي دفعت بالمشروع للبرلمان بتعبئة اي قاعدة شعبية تساندها على اقراره و مواجهة اي عرقلة لمناقشته علنيا بقبة البرلمان. فبعد ان سحب حزب الاصالة و المعاصرة توقيعه لطرح المشروع على البرلمان، سيفتح المجال لمهاجمة هذا المجال اعلاميا و مدنيا من خلال برمجة ندوات و لقاءات الغاية منها تسفيه المقترح و تجريم طرحه.
تعطي الحملة المضادة ضد المقترح انطباعا ان هناك سباق نحو السلطة من بوابة الدفاع عن العلاقات المغربية الاسرائيلية. و هو تمرين تلجا له النخب الجديدة على خطى النخب السياسية الغربية. ربما في المستقبل القريب، سيتطور هذا التمرين للقيام بزيارات ماراطونية لتل ابيب قبل ان يرشح اي عضو منها لاستلام السلطة؟
#محمد_السلايلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لا تصبوا الزيت في النار
-
محمد الساسي و إمكانية التحالف مع الاسلاميين ؟
-
مصرنة الصراع السياسي بالمغرب !
-
معركة المعتقلين السياسيين مستمرة بالمغرب
-
التحول الذي يخيف المخزن المغربي
-
المغرب يعيش فوق طاقته ؟
-
حين يفقد المثقف البوصلة أو يغير الاتجاه؟
-
الأحزاب و دينامية المجتمع المغربي
-
النخب المغربية والحراك الشعبي
-
الدولة في مواجهة المجتمع
-
لماذا يغلب منطق التمرد على منطق الثورة ؟
-
الإسلاميون يحكمون و يعارضون ؟
-
من الضحية : الإخوان أم الثوار؟
-
بروبغاندا الإستثناء المغربي
-
هل أصبح الريسوني منظرا للثورة المضادة؟
-
من يستفيد من عيد الأضحى؟
-
الإكتساح الكبير هو بداية للأفول
-
- البارطاج- في وجه الجشع الرأسمالي
-
التابث و المتحول في السياسية المغربية
-
رمضان سياسي بامتياز
المزيد.....
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|