أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامي المنصوري - القطيعة الايديولوجيّة بين اليهود النصارى و العرب - إنجيل العبرانيين الذي يتّبعه اليهود- النصارى الأبيونيون















المزيد.....


القطيعة الايديولوجيّة بين اليهود النصارى و العرب - إنجيل العبرانيين الذي يتّبعه اليهود- النصارى الأبيونيون


سامي المنصوري

الحوار المتمدن-العدد: 4341 - 2014 / 1 / 21 - 15:07
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


القطيعة الايديولوجيّة بين اليهود النصارى و العرب
إنجيل العبرانيين الذي يتّبعه اليهود- النصارى الأبيونيون


هذه المقالات ليس من تأليفي وانما مقتضبات واقتباسات من بطون الكتب والمقالات والنشرات والابحاث لكتاب آجانب ومستشرقين وعرب منهم المسلم او المسيحي او لا ديني والعلماني بهذه الصوره جمع مقال عام شامل بصوره حياديه ومعتدله لتوضح التاريخ الديني والجغرافي – اذا كنت ديني عقائدي لا تقرأ المقال لانه عكس هواك



التاريخ:شهر سبتمبر سنة 629 ميلادي

جيوش المسلمين تلتقي مع الروم في منطقة مؤتة و التي سمّيت المعركة باسمها فيما بعد، و هذه المعركة هي الوحيدة الموثّقة تاريخيّا من الطرفين الاسلامي و البيزنطي مع اختلاف في التفاصيل لكنّها تتّفق في هزيمة المسلمين أمام جيش الروم، ممّا حدا بالمؤرّخين الاسلاميّين لاختلاق معركة أخرى بعدها بسنة فقط اسمها غزوة تبوك ينتصر فيها المسلمون و التي لا نجدها في أيّ مصدر تاريخيّ آخر غير المصدر الاسلامي.

يقول المؤرّخ تيوفان أنّ اليهود كانوا يتبعون محمّدا و يعتبرونه أحد أنبيائهم"1" فكيف جاءت العرب و اليهود تحارب البيزنطيّين و لماذا؟ كما أنّ هذا المؤرّخ البيزنطيّ الذي كان تحت يده أرشيف الدولة و كتب على ضوئها تاريخه سنة 811 ميلادي لم يفهم سبب دخول المسلمين من شمال الأردن رغم أنّهم قادمون من يثرب و الطريق المنطقيّ و الأسهل و الأكثر أمنا هو أن يدخلوا من الجنوب، ممّا دفعه إلى أن يعتقد بأنّ الجيوش الاسلاميّة كانت تنوي مهاجمة القبائل التي في طريقها و أنّ الاحتكاك بالروم لم يكن ضمن المشروع الحربي لهم.

لماذا أرادوا عبور الأردن على الأقدام ليدخلوا إلى الأرض المقدّسة فاصطدموا بالجيش البيزنطيّ؟

سنبدأ الحكاية من أوّلها قبل ستمائة سنة و تحديدا في فلسطين مع رجل اسمه يسوع.

يعتقد عامّة الناس أنّ تسمية يسوع بالناصري تعود لمدينة الناصرة، و هذا خطأ تاريخيّ لأنّه ببساطة لا وجود لهذه المدينة في كتب المؤرّخين المهتمّين بيهود فلسطين في القرن الأوّل ميلادي كما أنّ لوقا "2" يصفها بأنّ هذه المدينة قائمة فوق هضبة لكن مدينة الناصرة الحالية قائمة على سهل منبسط و تحيط بها بعض الهضاب الصغيرة، و أوّل ذكر تاريخيّ لها هي و الجليل نجده في القرن الثالث ميلادي حيث بنيت فيما بعد و ذلك كي يوافق العهد الجديد أماكن حقيقيّة"3" لكن ما سبب تسمية يسوع بالناصري إذن؟

فلان الناصري حسب الترجمة اليونانيّة تحيل على أنّ فلانا هذا من مدينة الناصرة بيد أنّ الخطأ في الترجمة المتأخّرة يعود إلى أنّهم ترجموا NADZARENOS أو NADZORAIOS إلى "الناصري" رغم أنّ الصحيح إن أردنا هذه الكلمة أن نقول: "NAZARETHENOS أو NAZARETHAIOS" لكن بوجود حرف الدال D في النصّ اليوناني"4" يتغيّر المعنى تماما.

لفظة الناذار مشتقّة من الجذر العبري "نذر"

و أضيف لها حرف الدال باليونانيّة فصارت NADZARAOIS و تعني المعنى نفسه بالعربيّة لاشتراكهما في الجذر السامي و هو "نذر"

الذي ينذر نذرا يحرّم على نفسه الخمر و لا يقصّ شعره و لا يقترب من جثّة ميّتة"5"


و بعد اكتشاف مخطوطات قمران و قراءة مخطوطات الأسينيّين "6" أو العيسيّين نلاحظ أنّهم تجمّع يهوديّ كان يراقب بدقّة تعاليم التوراة و ينتظرون المسيح

كلّ تلاميذ يسوع كانوا يهودا آمنوا به كمسيح لكنّهم يعتبرونه نبيّا و ليس ابن إله بالمعنى الحرفيّ للكلمة و يقومون بالختان و لا يتحلّلون يوم السبت و يتدارسون التوراة و الفرق بينهم و بين اليهود الآخرين هم إيمانهم بمجيء المسيح.
يسمّي المؤرّخون هؤلاء اليهود ب "اليهود-النصارى"

مع مجيء بولس تبعثرت الأمور و تمّ توضيحها في مجمع القدس سنة 49 ميلادي حيث نرى في الفصل الخامس عشر من أعمال الرسل أنّ بولس يقوم بدعوة غير اليهود مع تحليل الختان و السبت و باقي المحرّمات بينما يظلّ يعقوب و التلاميذ على مذهبهم اليهود-نصاري

ثمّ انتشرت المسيحيّة البولسيّة "نسبة إلى بولس" بسرعة و صارت اليهود-نصرانيّة نوعا من الهرطقة أو الزندقة بعد أن كانت هي الأصل ثمّ صارت المسيحيّة الديانة الرسميّة اثر اعتناق روما لها

هؤلاء اليهود النصارى لهم إنجيلهم الخاص و يسمّى بانحيل العبرانيّين أو الإنجيل العبراني.

لنأخذ مثلا إنجيل مرقس 1/24

بالعربيّة:

قائلا اه ما لنا و لك يا يسوع الناصري اتيت لتهلكنا انا اعرفك من انت قدوس الله

باليونانيّة:

λ-;-ε-;-γ-;-ω-;-ν-;- ε-;-α-;- τ-;-ι-;- η-;-μ-;-ι-;-ν-;- κ-;-α-;-ι-;- σ-;-ο-;-ι-;- ι-;-η-;-σ-;-ο-;-υ-;- ν-;-α-;-ζ-;-α-;-ρ-;-η-;-ν-;-ε-;- η-;-λ-;-θ-;-ε-;-ς-;- α-;-π-;-ο-;-λ-;-ε-;-σ-;-α-;-ι-;- η-;-μ-;-α-;-ς-;- ο-;-ι-;-δ-;-α-;- σ-;-ε-;- τ-;-ι-;-ς-;- ε-;-ι-;- ο-;- α-;-γ-;-ι-;-ο-;-ς-;- τ-;-ο-;-υ-;- θ-;-ε-;-ο-;-υ-;-

بالعبريّة:

א-;-ה-;-ה-;- מ-;-ה-;- ל-;-נ-;-ו-;- ו-;-ל-;-ך-;- י-;-ש-;-ו-;-ע-;- ה-;-נ-;-צ-;-ר-;-י-;- ב-;-א-;-ת-;- ל-;-ה-;-א-;-ב-;-י-;-ד-;-נ-;-ו-;- י-;-ד-;-ע-;-ת-;-י-;- מ-;-י-;- א-;-ת-;-ה-;- ק-;-ד-;-ו-;-ש-;- ה-;-א-;-ל-;-ה-;-י-;-ם-;-׃-;-

بالفرنسيّة:

en disant : « Que nous veux-tu, Jésus le Nazarénien ? Es-tu venu pour nous perdre ? Je sais qui tu es : le Saint de Dieu

كلمة الناصري -بمعنى مدينة الناصرة-تكتب باليونانيّة بحرف السيجما"Σ-;-" و ليس بحرف الزاتا و تكتب nazarethanos/nazarethenos/nazaretaios

Ν-;-α-;-Σ-;-α-;-ρ-;-έ-;-τ-;-ο-;-ς-;-

بينما في المثال الذي عندنا أعلاه و هو النصّ المعتمد باليونانيّة هي مكتوبة بحرف الزاتا ν-;-α-;-ζ-;-α-;-ρ-;-η-;-ν-;-ε-;- و تعني نَزارينْ المشتقّة من الجذر العبري "نَزَر" أو "نَذَرَ"

و لاحظ أنّ الترجمة الفرنسيّة صحيحة بينما العربيّة خاطئة و كذلك العبريّة حيث ترجمت الكلمة دون الرجوع إلى الترجمة السبعينيّة حيث أنّ الزاتا اليونانيّة لا تقابلها צ-;- التسادا العبريّة كما هو مرسوم و إنّما زين ז-;- و هو ما نراه بصورته الصحيحة تماما في سفر العدد 6/2

كلم بني إسرائيل وقل لهم : إذا انفرز رجل أو امرأة لينذر نذر النذير ، لينتذر للرب
باليونانيّة:
Λ-;-α-;-λ-;-η-;-σ-;-ο-;-ν-;- π-;-ρ-;-ο-;-ς-;- τ-;-ο-;-υ-;-ς-;- υ-;-ι-;-ο-;-υ-;-ς-;- Ι-;-σ-;-ρ-;-α-;-η-;-λ-;- κ-;-α-;-ι-;- ε-;-ι-;-π-;-ε-;- π-;-ρ-;-ο-;-ς-;- α-;-υ-;-τ-;-ο-;-υ-;-ς-;-, Ο-;-τ-;-α-;-ν-;- α-;-ν-;-η-;-ρ-;- η-;- γ-;-υ-;-ν-;-η-;- ε-;-υ-;-χ-;-η-;-θ-;-η-;- ε-;-υ-;-χ-;-η-;-ν-;- Ν-;-α-;-ζ-;-η-;-ρ-;-α-;-ι-;-ο-;-υ-;-, δ-;-ι-;-α-;- ν-;-α-;- α-;-φ-;-ι-;-ε-;-ρ-;-ω-;-θ-;-η-;- ε-;-ι-;-ς-;- τ-;-ο-;-ν-;- Κ-;-υ-;-ρ-;-ι-;-ο-;-ν-;-

بالعبريّة:
ד-;-ב-;-ר-;- א-;-ל-;-־-;-ב-;-נ-;-י-;- י-;-ש-;-ר-;-א-;-ל-;- ו-;-א-;-מ-;-ר-;-ת-;- א-;-ל-;-ה-;-ם-;- א-;-י-;-ש-;- א-;-ו-;-־-;-א-;-ש-;-ה-;- כ-;-י-;- י-;-פ-;-ל-;-א-;- ל-;-נ-;-ד-;-ר-;- נ-;-ד-;-ר-;- נ-;-ז-;-י-;-ר-;- ל-;-ה-;-ז-;-י-;-ר-;- ל-;-י-;-ה-;-ו-;-ה-;-׃-;-

بالفرنسيّة:
« Parle aux Israélites -;- tu leur -dir-as :Si un homme ou une femme entend s acquitter d un vœu, le vœu de naziréat, par lequel il s est voué à Yahvé

تسادا العبريّة צ-;- يقابله سيجما Σ-;- اليونانيّة

زين ז-;- العبريّة تقابلها دزاتا ζ-;- اليونانيّة

المشكلة هي كيف سنترجمها إلى العربيّة؟

يسوع الناصري؟ نعم ربّما و لكن من اشتقاق فعل نذر العبري و ليس مدينة الناصرة كما أنّ هذه المدينة غير موجودة في زمنه أصلا


بعد رجم يعقوب سنة 62 ميلادي رحل هؤلاء اليهود-النصارى عن فلسطين و استوطن بعضهم الأردن و البعض الآخر سورية، يقول ETIENNE NODET "1" :لم تكن هجرتهم اعتباطيّة إلى هذه الأماكن و إنّما هي عودة إلى الصحراء ليعيدوا مرّة أخرى "الخروج التوراتيّ" و يدخلوا إلى الأرض المقدّسة

و قد كان إنجيلهم هو إنجيل العبرانيّن الذي يعتمد على إنجيل متى و إنجيل الطفولة و إنجيل توما و طبعا العهد القديم.
لم يصلنا إنجيل العبرانيين بنسخته العبريّة و قد وجد منه القديس جيروم نسخة منه في حلب و ترجمها إلى اليونانيّة و اللاتينيّة، لكن للأسف لم تصلنا أيضا هاتان النسختان لكن مقاطع عديدة من هذا الإنجيل وصلتنا متفرّقة في كتابات المؤرّخين و رجال الكنيسة الأوائل.
كتب القديس جيروم:"2"

إنجيل العبرانيين الذي يتّبعه اليهود-النصارى و المكتوب بالأراميّة يشبه كثيرا إنجيل متى و المحفوظ في مكتبة قيصر

كتب EUSEBE"3"

لا يستعملون إلاّ إنجيل العبرانيين و لا يؤمنون إلاّ بإنجيل متى دون الفصلين الأوّلين

يرى العديد من الباحثين أنّ اليهود-النصارى هم نفسهم الأبيونيون حيث كتب EPIPHANE في القرن الرابع ميلادي "4"

الأبيونيون لا يتجاهلون إنجيل متى لكنّهم يتّبعون إنجيلا واحدا فقط يسمّونه الإنجيل حسب العبرانيين، لكن إنجيل متى الذي عندهم غير كامل و حرّفوه

تتبّع المؤرّخون خطى هؤلاء اليهود-النصارى و لن ندخل في التفاصيل التاريخيّة و إنّما نشير فقط إلى أنّهم كانوا متواجدين بكثرة في الأردن و سوريا و شمال الجزيرة العربيّة و سنركّز فقط على رؤيتهم الدينيّة التي تكوّنت و تشكّلت عبر الزمن حتى القرن السابع ميلادي.

عيسى:

لم يصلب على الصليب و إنّما أُلقي شبهه على شمعون الذي صلب مكانه بينما رفع الله عيسى حيّا إليه"5"

تسمية يسوع بعيسى:

اليهود-النصارى يطلقون لفظ عيسى على يسوع و ذلك إمّا لأنّه أسينيّ -عيسيّ- و التقارب الشديد بين الإيديولوجيّة الدينيّة للفريقين و إمّا هو تأخير حرف "العين" لنفي صفة المخلّص كابن لله و جعله فقط نبيّا كبيرا

تحريم الخمر:

شرب الخمر حسب الرؤية الدينيّة في أشعياء و نشيد الإنشاد يعني حلول مملكة الله على الأرض حتى و إن كنا لا نشعر بها لكن اليهود-النصارى يرون أنّ مملكة الله لم توجد بعد و عليهم نذر أنفسهم لتحقيقها كما جاء في التوراة و من ضمن المحرمات أثناء النذر هو شرب الخمر حيث يرون أنّ عليهم إعادة الدخول إلى الأرض المقدّسة مشيا على الأقدام من ناحية الأردن بقيادة نبيّ محارب و إعادة بناء المعبد ثمّ يعود المسيح مرّة أخرى بعد هذا التحضير فيحارب كلّ الكفار و الأشرار و يعيد الأمور إلى نصابها لتنتشر مملكة الله على الأرض و يعيش الناس في أمن و سلام

لكن الذي يموت أثناء هذه الحروب فإنّه يشرب الخمر في الجنّة، حيث هي محرّمة في الدنيا و حلال في الجنّة"6"

طفولة مريم:

"حنّة أمّ مريم قالت:كما أنّ قول الله حقّ فإنّي سأهب حملي -ولدا كان أم بنتا-إلى الله، و سوف يخدمه كلّ حياته" "7"

"كانت مريم تعيش في المعبد كالحمامة و تحصل على رزقها من يد ملاك "8"

"النخلة مالت على مريم مسقطة عليها التمر كي تغذّي ابنها طوال رحلتهما إلى مصر "9"

و طبعا بما أنّهم يهود فهم يحرّمون لحم الخنزير و يقدّمون الرجل على المرأة و يراقبون تعاليم التوراة.

كانت هذه التعاليم منتشرة و قد قوي ساعد هؤلاء اليهود النصارى في شمال الجزيرة العربيّة و سوريا و الأردن و كان منهم قبيلة اسمها قريش!

هذه القبيلة لم تكن في مكّة كما جاء في السيرة العربيّة و إنّما في سوريا و منها خرج محمّد، و سنتعرّض لهذا الأمر بالتفصيل
جاء في مخطوط لكاتب سريانيّ اسمه نارساي في القرن الخامس ميلادي "1"

هجومات أبناء هاجر هي أكثر قسوة من المجاعة، و تخبر عن الرغبة المعدية في التوحّش، و أكثرهم توحّشا هم قبيلة قريش الذين كالحيوانات

المكان الذي يقصده يقع في الشمال الغربي للعراق الحاليّة مع الحدود السوريّة، و تسمية قبيلة قريش تقع على بعد 400 كيلومترا من هذا المكان، قبيلة القرشيّين هذه في الشمال السوريّ قرب البحر على بعد عشرة كيلومترات تقريبا من جنوب الحدود التركيّة.

أمّا قريش مكّة فتقع على بعد 1200 كيلومترا و بينها و بين نارساي هذا منطقة صحراويّة، و لا ندري كيف يعبرون كلّ هذه المسافة للهجوم و هم يشتغلون بالتجارة؟ إلاّ إذا كانت قريش أصلا على بعد 400 كيلومتر من مكان نارساي في الشمال السوريّ ممّا يرجّح احتمال الاحتكاك بينهم و بين السريانيّين.

لا شيء ينفي أنّهم هاجروا فيما بعد إلى مكّة أو أنّ إحدى بطونهم هناك لكن ما يبعث على التساؤل هو سبب ذهابهم إلى مكّة في منطقة صحراويّة لا توجد بها فلاحة.

نلاحظ أنّ هاشم بن عبد مناف جدّ محمّد كان يمتلك أملاكا بغزّة "2" و كذلك أبو سفيان بالبلقاء "3" و كلّها تسمّى الشام قديما

و قد درج الاعتقاد على أنّ قريش لم تساند دعوة محمّد رغم أنّنا لو جمعنا الأسماء لوجدنا أنّ قريش كانت من المؤسّسين الرئيسيين للإسلام و ليس أعداء له كيزيد بن أبي سفيان و خالد بن الوليد و نرجّح أنّهم كانوا جميعا عربا يسكنون الشام و يعتنقون اليهود-نصرانيّة



نعود إلى القرن السابع ميلادي و نستمع إلى تيوفيل الرهوي"2"750 ميلادي:

حينما بلغ محمّد سنّ الشباب بدأ يتاجر انطلاقا من مدينته يثرب ليشتري و يبيع في فلسطين

مرّة أخرى يثرب و لا ذكر لمكّة و مرّة أخرى فلسطين!

يقول تيوفان "3" نقلا عن جورج الرهوي سنة 811 ميلادي:

لقد اتّبع اليهود محمّدا و اعتبروه أحد أنبيائهم

طبعا اليهود هنا هم اليهود النصارى لأنّهم يؤمنون بأنّ عيسى هو المسيح، بينما اليهود التقليديّين لا يعتبرون عيسى مسيحا بينما المسيحيون يعتبرونه ابن الله بعكس اليهود النصارى الذين يعتبرونه نبيّا و مسيحا فقط.

كما أوضحنا سابقا فإنّ المنطلق الديني لليهود النصارى هو:

المسيح جاء ثمّ لم يصلب و رفعه الله إليه ليعود مرّة أخرى إلى الأرض

كي يعود المسيح، يجب أن يسبقه نبيّ محارب يقوم بتحضير الناس و يفرض دينه -الذي يراه حقّا -عليهم

لا بدّ لهذا النبيّ أن يدخل إلى الأرض المقدّسة من مكان عبور موسى في إعادة للخروج و للتحرير

بعد دخول الأرض المقدّسة يجب إعادة بناء المعبد و هي المرحلة الأخيرة التي ستفتح الباب لعودة المسيح

يقول SOPHRONE سنة 634 ميلادي "1"

إنّهم "أي المهاجرايا*" يتفاخرون بأنّهم سيحكمون كلّ العالم و يقلّدون قائدهم بلا أيّ تحفّظ"

*المهاجرايا هي الاسم الذي كان يطلقه المسيحيون السريان على المسلمين و هي تعني المهاجرون بالعربيّة مع الإشارة إلى أنّ لفظة المسلمين جاءت متأخّرة فوجودها في النصوص الأجنبيّة يبدأ سنة 775 ميلادي

كتب يعقوب الرهوي سنة 708:"2"

أن يكون المسيح من نسل داود ضرورة، فهذا ما لا يختلف فيه اليهود و المهاجرايا و المسيحيون

هؤلاء المهاجرون الذين هم اليهود النصارى الذين هم قريش الذي محمّد قائدهم و نبيّهم ينشرون عقيدتهم بحدّ السيف و هذا ليس اختيارا مجّانيّا منهم أو رغبة في القتل و إنّما هو من صميم عقيدتهم التي يجب أن تنتشر ليأتي المسيح بعدها.

يقول توما المعرّف سنة 640 ميلادي متحدّثا عن معركة غزّة التي حدثت سنة 634 ميلادي:"3"

في السنة 945 الجمعة 4 شباط "هذا التاريخ البيزنطيّ يوافق 4 فيفري 634 ميلادي" و على الساعة التاسعة صباحا، بدأت المعركة بين الروم و برابرة محمّد، في فلسطين، على بعد 12 ميلا شرق غزّة، الروم أخذت في الهروب مخلّفين وراءهم قائد الجند "بار يردن" فقتلوه، و قد قتل هناك قرابة 4000 شخص و البرابرة دمّروا كلّ المنطقة
جاء في doctrina jacobi و هي رسالة أرسلها أبراميس إلى أخيه جيستوس من قرطاج باليونانيّة سنة 640 ميلادي:"4"

يُقال بأنّ النبيّ ظهر قادما مع العرب و يعلن عن مجيء المسيح

و أنا أبرامس، توقّفت عند شيخ عارف بالناموس و سألته:

ماذا تقول في النبيّ الذي جلب معه العرب؟

أجابني متنهّدا:

إنّه ليس نبيّا، و هل تأتي الأنبياء مسلّحة حتى أخمص قدميها؟

و أنا أبرامس، بحثت في الأمر بنفسي، و عرفت ممّن قابلوه أن لا شيء يوحي بأنّه نبيّ، فلا يعرف إلاّ التقتيل و الحروب، و أكثر ما يثير العجب هو قوله بأنّ مفاتيح الجنّة بين يديه

هذا هو تماما مذهب اليهود النصارى، التحضير الحربي لمجيء المسيح

و قد انهزموا في غزوة مؤتة بعد أن عبروا من الأردن مشيا على الأقدام ليدخلوا القدس، لكنّهم عادوا و انتصروا في معركة غزّة و دخلوا إلى الأرض المقدّسة

و الآن و بعد تحقّق الوعد و وراثة الأرض لم يبق سوى شيء واحد فقط ليعود المسيح، و هو بناء المعبد، فكان ذلك أوّل ما فعله عمر بن الخطّاب سنتعرّض لشهادات من كان هناك..
بعد انتصار غزّة، يسرع اليهود النصارى إلى مكان قدس الأقداس في فلسطين لإعادة بناء المعبد و قد ذهب بعض الباحثين "1" اعتمادا على بعض الشهادات إلى أنّ محمّدا كان حاضرا في معركة غزّة سنة 634 ميلادي و هو من قام بنفسه ببناء هذا المعبد على شكل مكعّب أي كعبة و شخصيّا أرى هذا الرأي ضعيفا لأنّ محمّدا لم يذكر بالاسم في هذه الشهادات، و نأخذ مثلا قصيدة الشاعر اليهوديّ الحبر أليعازر قلير و الذي كان شاهد عيان سنة 634 ميلادي، يقول فيما معناه"2":

جاء مسيح الحرب إلى الأرض المقدّسة، جاء ليعلن عن اقتراب مجيء المسيح، دخل إلى الأرض المقدّسة و أعاد بناء الهيكل، لكنّه اغتيل بعد ثلاثة شهور

يرى GALLEZ "3" أنّ محمّد توفّي سنة 634 ميلادي اثر الإغتيال و ليس 632 ميلادي و أنّ الشاعر يقصد محمّدا بقوله مسيح الحرب، و يدعّم رأيه بأنّ أبا بكر الذي كان من المفترض أن يحكم بين 632 ميلادي و 634 ميلادي لم يقع ذكره في أيّ مرجع تاريخيّ غير إسلاميّ بعكس عمر و عثمان و من بعدهما.

و كي يصلح المؤرّخون المسلمون هذه الفجوة وضعوا أبا بكر خليفة، و يرى أنّ أبا بكر الوحيد الذي مات ميتة طبيعيّة في السيرة، و في فترة شهدت حروبا أهليّة متواصلة.

كما يستشهد أيضا بهذه الشهادة "4" لكاتب مجهول سنة 750 ميلادي تحت عنوان أسرار الحبر ابن يهوه:

الملك الثاني الذي نهض في بني اسماعيل ، عمر، أعاد بناء الهيكل

و قد كان يجدر أن يقول الثالث لو كان أبو بكر موجودا. و على كلّ حال هذا استقراء ننتظر تدعيمه بشواهد أخرى.

بنى اليهود النصارى/المسلمون/المهاجرون/المهاجرايا الكعبة شمال وادي بكّة في القدس سنة 634 ميلادي بعد أن استطاعوا تحديد مكان قدس الأقداس، يقول شلومون بن يرحوم سنة 950 ميلادي "5"

حين انتصرت مملكة اسماعيل، أتاحت لإسرائيل الصلاة في بيت الله، و قد كانوا يصلّون لفترة هناك

بيت الله هنا هو الكعبة شمال وادي بكّة في القدس في مكان قدس الأقداس.

و قد كان اليهود النصارى يصلّون متوجّهين إلى هذا المكان ، يقول يعقوب الرهوي سنة 660 ميلادي "6" أي بعد أكثر من ثلاثين على تاريخ تحويل القبلة حسب السيرة العربيّة:

اليهود لا يصلّون ناحية الجنوب، و لا المهاجرايا، فاليهود الذين في مصر مثلهم مثل المهاجرايا يصلّون باتّجاه الشرق، و قد رأيتهم بأمّ عينيّ كما سأخبركم الآن، هذان الشعبان يواصلان الصلاة إلى اليوم هكذا: اليهود يصلّون نحو القدس، و المهاجرايا نحو الكعبة، فاليهود الذين في جنوب القدس يصلون نحو الشمال، و الذين في بابل يصلون نحو الغرب، و كذلك المهاجرايا نحو الغرب، نحو الكعبة، و الذين في جنوب الكعبة يصلون نحو الشمال باتّجاه هذا المكان

يعارض بعض الباحثين المسلمين هذا الكلام على أساس أنّ يعقوب الرهوي ليس جغرافيّا و تنقصه الدقّة، و أنّه كان يريد أن يقول انطلاقا من الاسكندريّة شرق-جنوب لكنّنا نتساءل هل أخطأ أيضا في وصف القبلة انطلاقا من العراق؟ كما أنّه أشار في البداية إلى أنّهم يصلّون نحو المكان نفسه، و لو سلّمنا بذلك فإنّه لم يرهم بأمّ عينه كما قال خاصّة أنّه تحدّث عن الذين في جنوب الكعبة، و لو كان يقصد بكلامه جنوب كعبة مكّة لقلنا يقصد اليمن، لكن يعقوب الرهوي لم يذهب أبدا إلى هناك، بينما لو كان يقصد بكلامه كعبة القدس فهو عبر فعلا من هناك في رحلته من النجف نحو الاسكندريّة

يقول سبيوس سنة 660 ميلادي "7"

اليهود الذين وجدوا مؤازرة من أبناء إسماعيل، اجتمعوا لإعادة بناء هيكل سليمان، و بعد أن استطاعوا تحديد مكان قدس الأقداس، بنوا فيه بناء مربّعا للصلاة، لكنّ الاسماعيليّن اختلفوا معهم و طردوهم من ذلك المكان و سمّوا البناء كعبتهم الخاصّة

و الآن و بعد الانتهاء من بناء المعبد لم يبق سوى شيء واحد فقط:عودة المسيح.

لكنّ المسيح لم يظهر، مات محمّد، و مات من خلَفَه، و المسيح لم يظهر أبدا

هذه الإمبراطوريّة الوليدة الجديدة و التي اتّسعت بصفة مذهلة في زمن قياسيّ سوف تقع في مأزق ايديولوجيّ قاصم، و هو عدم عودة المسيح الذي أنبأ عنه النبيّ المحارب.

قليلون هم الناس الذين يعرفون متى يأخذون القرارات المصيريّة و التي تغيّر مجرى التاريخ، الذين يصنعون امبراطوريّة من مجرّد فكرة و رأي صائب. و ربّما كان يزيد بن معاوية بن أبي سفيان من ضمن هؤلاء الرجال.

لا نعرف تحديدا متى بدأت القطيعة الايديولوجيّة بين اليهود النصارى و العرب، و نلاحظ أنّ سبيوس يتحدّث عن هذا الاختلاف في الاستشهاد أعلاه سنة 660 ميلادي، و نلاحظ الحروب العقائديّة التي صبغت تلك الفترة بين اليهود النصارى (الذين صار اسمهم شيعة فيما بعد و تغيّر المسيح المنتظر مع الزمن إلى المهدي المنتظر) و بين الأمويين، و نلاحظ أعمال هدم و بناء للمساجد في تلك الفترة من أجل تغيير القبلة إلى مكّة و بناء الكعبة، كلّ هذه الأحداث تنبئ عن ميلاد الإسلام الذي نعرفه اليوم: الإسلام العربيّ.



#سامي_المنصوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجذور الوثنية للديانات التوحيدية
- وثيقة يوحنا الدمشقي المسماة الهرطقات
- الدافع إلى التدين اليهوديه - المسيحيه
- كاتب مجهول قصة الاسلام
- عقيدة الثالوث
- كتابك المقدس يختلف - نبذة عن التراجم
- مختطفات اسلاميه ( 3 )
- المسيحيه و مجمع نيقية
- نداء الى كل مسيحي معتدل
- انجازات الحكومه العراقيه للاردن الشقيق
- ألانسان هو الأله
- أحمد صبحي منصور و علي بن ابي طالب
- علي بن ابي طالب برئ
- الكعبه والقرآن في زمن الحجاج بن يوسف الثقفي
- الزرادشتيه و الاسلام
- رساله الى المؤمنيين
- أرض الميعاد في اليمن
- في الماضي الصفحة السوداء للمسيحيّة
- قصة إبليس الأسطورية
- أهل الكهف عند السريانيين


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامي المنصوري - القطيعة الايديولوجيّة بين اليهود النصارى و العرب - إنجيل العبرانيين الذي يتّبعه اليهود- النصارى الأبيونيون