عبدالحكيم سليمان وادي
الحوار المتمدن-العدد: 4341 - 2014 / 1 / 21 - 15:05
المحور:
دراسات وابحاث قانونية
الحماية الخاصة للأعيان المدنية الفلسطينية زمن النزاع المسلح.
من دراسة: المسئولية الدولية في حماية الأعيان المدنية زمن النزاعات المسلحة "العدوان الإسرائيلي على غزة 2008-2009- نموذجا
الحلقة 6
د.عبدالحكيم سليمان وادي
المطلب الثاني: الحماية الخاصة للأعيان المدنية زمن النزاع المسلح.
يتركز هذا المطلب أساساًً على ضرورة توضيح الحماية الخاصة للأعيان المدنية زمن النزاعات المسلحة الدولية وعلى بيان القواعد والمعايير الدولية المدونة في اتفاقيات جنيف لعام 1949 ، وبصورة خاصة في الملحقين الإضافيين للاتفاقية لسنة 1977، الصادر بعد اعتماده بالإجماع من المؤتمر الدبلوماسي لتأكيد تطور القانون الدولي الإنساني المطبق في المنازعات المسلحة الدولية، تلك المعايير والقواعد الدولية التي تعد المصدر القانوني للحماية الدولية العامة والخاصة المقررة للأعيان المدنية .
والأمر الأخر هو تحديد مدى مراعاة دوله الاحتلال الإسرائيلي خلال العدوان على غزة سنة 2008-2009 للقواعد والمعايير الدولية المتعلقة بالحماية الخاصة للأعيان المدنيـة الفلسطينية على ضـوء المعلومات والبيانات والحقائق المدونة حول هذه الحرب وما سبقها وتلاها من اعتداءات وهجمات عسكرية ضد الأعيان المدنية. لقد برزت العنصرية الإسرائيلية أكثر في طغيانها ومجازرها في مجزرة الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل، والتي نفذها مستوطن إسرائيلي، وصفته إسرائيل وقتها بأنه مختل عقليا علنا، لكنها عبرت عن إعجابها به وبما قام خفاء.
ووقعت المجزرة في 25/2/1994 عندما قام مستوطن يهودي باقتحام الحرم الإبراهيمي الشريف في مدينة الخليل وأطلق الرصاص والقنابل على المصلين في صلاة الفجر، وقام عدد آخر من جنود الاحتلال الإسرائيلي بإطلاق الرصاص على المصلين الهاربين من داخل الحرم، وأسفرت هذه المجزرة عن استشهاد 24 فلسطينياً، وجرح المئات.
هدى ليست الأخيرة وعلى ما يبدو فان هذه المجازر لن تكون الأولى ولا لأخيرة في تاريخ إسرائيل، فما زالت رمال شاطئ وصرخات هدى غالية تذكر القريب والبعيد بما حل بها وبأسرتها التي قصفتها الزوارق الإسرائيلية.
وفي 12/7/2006 أي في اللحظة التي ابتدأت بها إسرائيل حربها على لبنان، قصفت طائراتها من نوع "أف 16" بقنبلة وزنت طنا من المتفجرات بناية سكنية في غزة، راح ضحية هذا القصف تسعة من أفراد عائلة الدكتور نبيل أبو سلمية في حي الشيخ رضوان، عند الساعة الثالثة فجراً، ودمر الصاروخ المنزل المكون من ثلاث طبقات وأودى بحياة تسعة من أفراد عائلة الدكتور نبيل أبو سلمية، هم الأب والأم وسبعة من أبنائه.
وكذلك الأمر في تموز/ يوليو 2007عندما كانت تصطاف الطفلة هدى غالية مع عائلتها على شاطئ بحر غزة في منطقة السودانية، حيث أدى سقوط القذائف الإسرائيلية إلى استشهاد سبعة من أفراد العائلة المذكورة"بينهم الأب والأم" وإصابة باقي أفراد العائلة "أربعة أفراد" بجروح خطيرة.كل هذه مجرد نماذج نسردها للتأكيد على ضرورة توفير الحماية الخاصة للمدنيين وللأعيان المدنية الفلسطينية زمن النزاع المسلح مع إسرائيل.
الفقرة الأولي: مضمون الحماية الخاصة للأعيان المدنية زمن النزاع المسلح.
لقد لاحظت العديد من الدول بجانب ملاحظات اللجنة الدولية للصليب الأحمر في المؤتمر الدبلوماسي المهتم بتطوير قواعد القانون الدولي الإنساني وذلك منذ فترة 1974 إلي فترة 1977 بضرورة أن تضفي حماية خاصة لبعض الفئات من الأعيان المدنية.وذلك بالنظر إلي طبيعتها ووظيفتها من جهة,وما يمكن أن يترتب عليها اثر الهجمات العسكرية من أضرار كبيرة بالنسبة للمدنيين سواء كانت هذه الأضرار مادية أو معنوية.
من هنا وبناءا على أهمية توفير الحماية الخاصة المقررة للأعيان المدنية.
فقد خص البرتوكولين الإضافيين لسنة 1977 فئات معينة من الأعيان المدنية بحماية خاصة وذلك بالنظر إلي ضرورتها للمدنيين.كما لم يغفل البرتوكولين عن حماية الجانب الروحي للشعوب من خلال إقرار حماية خاصة للتراث وللممتلكات الثقافية.
وقد تم النص على بنود الحماية هذه في كل من المواد التالية: 53 والمادة 54 والمادة 55 والمادة 56 من البروتوكول الإضافي الأول.وكذلك في المواد 14 -15-16 من البرتوكول الإضافي الثاني لسنة 1977.وقد تم توفير الحماية إلي 4 أنواع من الأعيان المدنية وهي كتالي:
الأعيان التي لا غني عنها لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة من جانب أول,والأشغال الهندسية والمنشات المحتوية على قوي خطرة من جانب ثاني,والأعيان الثقافية وأماكن العبادة من جانب ثالث.وحماية البيئة الطبيعية من جانب رابع.ولأهمية هذه الفئات الأربعة.
حيث تنص المادة 54 من البرتوكول الإضافي الأول لسنة 1977على ما يلي:
1- يحظر تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب.
2- يحظر مهاجمة أو تدمير أو نقل أو تعطيل الأعيان والمواد التي لا غني عنها في بقاء السكان المدنيين ومثالها المواد الغذائية والمناطق الزراعية التي تنتجها و المحاصيل والماشية ومرافق مياه الشرب وشبكاتها وأشغال.أذا تحدد القصد من ذلك في معناها عن السكان المدنيين أو الخصم لقيمتها الحيوية مهما كان الباعث,سواء كان بقصد تجويع المدنيين أم لحملهم على النزوح أم لأي باعث أخر.
3- لا يطبق الحظر الوارد في الفقرة الثانية على ما يستخدمه الخصم من الأعيان والمواد التي تشملها تلك الفقرة :
أ-زاد لأفراد قواته المسلحة وحدهم.
ب- أو أن لم تكن زادا فدعما مباشرا لعمل عسكري شريطة أن لا يتخذ مع ذلك حيال هذه الأعيان والمواد في اى حال من الأحوال إجراءات يتوقع أن تدع السكان المدنيين مما لا يغنى من مآكل ومشرب على نحو يسبب مجاعتهم أو يطرهم للنزوح.
4- لا تكون هذه الأعيان والمواد محلا لهجمات الردع.
5- يسمح مراعاة للمتطلبات الحيوية لأي طرف في النزاع من اجل الدفاع عن إقليمه الوطني ضد الغزو,بان يضرب طرف النزاع صفحا عن الحظر الوارد في الفقرة الثانية في نطاق مثل ذلك الإقليم الخاضع لسيطرته إذا أملت ذلك ضرورة عسكرية ملحة. 27
ولأهمية هذه الفئات الأربعة الأعيان التي لا غني عنها لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة من جانب أول,والأشغال الهندسية والمنشات المحتوية على قوي خطرة من جانب ثاني,والأعيان الثقافية وأماكن العبادة من جانب ثالث.وحماية البيئة الطبيعية من جانب رابع.سوف نتناولها بالتفصيل كلا على حدي ضمن المواضيع والفقرات التالية.
يتبع ...في الحلقة 7
الفقرة الثانية: حماية الأعيان المدنية والفئات الهشة والمواد التي لاغني عنها لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة.
د.عبدالحكيم سليمان وادي
رئيس مركز راشيل كوري الفلسطيني لحقوق الإنسان ومتابعة العدالة الدولية
http://rachelcenter.ps/index.php
#عبدالحكيم_سليمان_وادي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟