|
من المسؤول، مرسي أم السيسي
وليد الحلبي
الحوار المتمدن-العدد: 4341 - 2014 / 1 / 21 - 10:48
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في حمأة ما جري ويجري على أرض الكنانة منذ حوالي الثلاث سنوات، ونظراً لحساسية ما يود البعض وصف الكتابة فيه بأنه (تدخل في الشأن المصري)، لا بد من القول أن ما يجري داخل أي بلد عربي هو مهم بالضرورة لجميع العرب من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر، رغم أن هذا المصطلح الستيني (منذ أيام ستينيات القرن الماضي) قد فقد بريقه وبهاءه تحت وطأةِ إقليميةٍ عربية بغيضة، بحيث أصبحت شؤون كل قطر عربي لا تخص سوى أهله فقط، أما باقي العرب، فينبغي عليهم التعامل مع هذه الشؤون وكأنها تخص بلداً آخر في كوكب آخر. ما تعيشه مصر منذ ثلاث سنوات، والشرخ الذي ضرب بنيتها الاجتماعية والسياسية - وهي التي كنا نفاخر بأن مجتمعها هو في التماسك واللحمة من أرقى المجتمعات العربية، بل وعلى مستوى العالم – هذا الواقع غيّر حال المجتمع المصري هذه الأيام، وجعله لا يسر صديقاً ولا يغيظ عدواً. ولي أن أقرر منذ البداية، وبالدليل القاطع، أن ما تمر به مصر الآن لم يتسبب فيه الرئيس المعزول محمد مرسي، ولا وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي، وتفصيل ذلك أن تشرذم القوى السياسية المصرية في أعقاب سقوط نظام مبارك، وتكالبها على السلطة لغايات شخصية بحتة، وبتجاهل تام لمصلحة الوطن والشعب، قد ألقى البلاد في هذه الأزمة التي عليها يتوقف مستقبل مصر على المديين: القصير والمتوسط. عندما تخلى مبارك عن السلطة، انتقل تسيير الأمور في البلاد إلى المجلس العسكري لمدة أربعة أشهر، أصدر خلالها هذا المجلس مراسيم دستورية كان لها الأثر السلبي على الحياة السياسية المصرية، وربما كان من أخطر تلك القرارات، التساهل الذي منح من يحصل على عشرين ألف توقيع فقط من خمس عشرة محافظة مصرية، منحه الحق في الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية، وهذا ما فتح الباب واسعاً أمام ترشح عدد كبير لمنصب الرئاسة، ذلك أن نسبة العشرين ألف هذه لو قسمت على سبعين مليون، عدد الشعب المصري، لوجدنا أن ذلك يعني ما نسبته حوالي ثلاثة من كل عشرة آلاف، وهي نسبة ضئيلة جداً يستطيع أي شيخ غفر أن يحصل عليها، ومن ثم يترشح لرئاسة الجمهورية. نتج عن ذلك ترشح ثلاثة وعشرين شخصية لمنصب الرئاسة، وبعد استبعاد لجنة الترشيحات عشرة منهم لأسباب ارتأتها، بقي في السباق ثلاثة عشر مرشحاً (يؤمن البعض بأنه رقم مشؤوم، بدليل ما حصل بعده)، وقد كان من أبرز المرشحين أحمد شفيق مرشح المجلس العسكري ورئيس وزراء مبارك، ومحمد مرسي عن الإخوان المسلمين، وحمدين صباحي عن القوميين والناصريين، وبمراجعة نتائج انتخابات الدورة الأولى، يتبين حجم الكارثة التي سببتها كثرة عدد المرشحين، وبالتالي تشتت أصوات الناخبين أمام أحمد شفيق ومحمد مرسي، أما حمدين صباحي فقد جاء في المركز الثالث بعد المذكورَيْن، وبحسبة نتائج الدورة الأولى، يتبين أنه لو اتفقت قوى اليسار والقوميين والناصريين والليبراليين على دعم حمدين صباحي، لفاز بالمركز الأول من الدورة الأولى، متقدماً على مرسي وشفيق. في الجولة الأولى كانت النتائج كالتالي (نقلاً عن بوابة الأهرام، وأهرام أون لاين): محمد مرسي: 24.78% أحمد شفيق: 23.66% حمدين صباحي: 20.72% بينما حصل العشرة الباقون على النسبة المتبقية وهي 30.79% ، أي بمتوسط قدره حوالي 3% لكل منهم، ولو تنازل أولئك العشرة عن أصواتهم لحمدين صباحي مثلاً، لفاز بالرئاسة من الدورة الأولى بنسبة 51.51% حيث أن نسبة ما فوق الخمسين بالمئة تؤهل الحاصل عليها للفوز بالرئاسة من الدورة الأولى دون الحاجة لدورة إعادة، وعندما تتفحص نتائج العشرة الباقين، (باستثناء عبد المنعم أبو الفتوح 17.47% وعمرو موسى 11.13%)، تذهل عندما ترى أن نسبة المصوتين للثمانية الباقين منهم لم تزد على 1% لكل منهم (أقل مرشح عبد الله الأشهل .05%، وأكثر مرشح محمد سليم العوا 1.01%). هذه الدراما السوداء البائسة في التهافت على منصب الرئاسة، وبالتالي تشتت الأصوات، دفع المصريين إلى ترجيح الدولة الدينية مع محمد مرسي على الدولة البوليسية مع أحمد شفيق، وكنت قد ذكرت في مقال سابق أنه من سعد المجتمع المصري وحسن حظه أن يصل الإخوان إلى الحكم فيفشلوا، كما فعلوا، فيستريح الناس من هذا الصداع المزمن المسمى (الدولة الدينية). الآن أعتقد أن كل من قرأ المقال يتفق معي بأنه لا محمد مرسي مسؤول عن حالة التردي التي وصلت إليها مصر، بل هي النخبة السياسية المصرية الفاشلة التي أوصلته إلى الرئاسة، تلك النخبة التي لم تستطع قراءة الواقع السياسي على حقيقته، فأودت بالبلاد في هاوية صراع مخيف سخيف على مطامع دنيئة، وغايات بذيئة، ولا عبد الرحمن السيسي مسؤولٌ عن هذه الحالة، لأن فشل الإخوان في الحكم هو الذي دفعه إلى القيام بما قام به. الختام يستوجب مني الاعتذار من الإخوة المصريين عن كتابتي في الشأن المصري، وتدخلي فيما لا يعنيني – مع أنه يعنيني -، لكن طالما أن المصريين يفتأون يرددون أن مصر هي (أم الدنيا)، وبما أننا نحن العرب من سكان هذه الدنيا، فذلك يعني أن مصر أمنا جميعاً، أما إذا كان لدى البعض من شعب أرض الكنانة رأي مخالف، فهذا شأنهم، لا ألتفت إليه، ولا أهتم به.
20 يناير 2014
#وليد_الحلبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
(شرم الجنيف)
-
ثواب وعذاب
-
أمة العبقريات
-
وكر الشيخ
-
نظارة من فييتنام
-
وزراء الدفاع،،، عن مصالحهم
-
وداعاً يا عرب
-
القداسة المزيفة
-
كفٌّ حنون
-
اعرف عدوك
-
بغل أبي فيصل
-
استنتاجات خنفشارية، من المظاهرات المليونية
-
حصاد اسبوع من الحقل المصري
-
قطرات الزمن المهتريء (شتتت النكبة الفلسطينية الأسرة الواحدة
...
-
المعارضة المصرية: ما لها، وما عليها
-
هل في الحزبية والأحلاف ديمقراطية؟
-
الدفاتر القديمة
-
لكل أمة طباع
-
نهاية جميلة
-
الرقدة الأخيرة
المزيد.....
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|