أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شوفي مريم - الفوضى















المزيد.....



الفوضى


شوفي مريم

الحوار المتمدن-العدد: 4341 - 2014 / 1 / 21 - 10:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الطالبة:شوفي مريم
الفوضى
• مقدمة
يعتبر مصطلح الفوضى من المفاهيم الأساسية في العلاقات الدولية مثله مثل المفاهيم الأخرى عرف عدة محاولات لتهذيب هذا المصطلح حيث لم تعد له دلالة سلبية فقط بل أصبح يحمل أيضا معنى إيجابي،و قد حاول منظرو العلاقات الدولية إعادة صياغة معاني أخرى للفوضى تتماشى و التطورات الحاصلة في عالم ما بعد الحرب الباردة،و عليه تتمثل إشكالية بحثنا في:
إلى أي مدى يمكن القول إن مقاربات العلاقات الدولية قد وفقت في استخدام متغير الفوضى كأداة تحليل لفهم و تفسير واقع عالم ما بعد الحرب الباردة؟
الفرضيات:
1- غياب سلطة في النظام الدولي هو الذي أدى الفوضى
2- التناول النظري لمفهوم الفوضى كان انعكاسا لما يحدث في النظام الدولي
• الفوضى في مقاربات العلاقات الدولية
تُشتَق كلمة فوضى الإنكليزية Anarchy من كلمة ANARKOS اليونانية؛ ومعناها "من دون حاكم "، وهي تستعمل للدلالة على غياب حكم يحفظ السلام،غالباً ما ترافق حالات الفوضى هذه حالاتٌ من التمرد الكبير والاضطراب الاجتماعي والسياسي (1)، فالأولون يعتبرون أن المجتمع الدولي ( سواء اتفقنا مع التسمية أو لا ) يبقى، بالمقارنة مع المجتمعات الوطنية، مجتمعاً فوضوياً تماماً، بينما يعتبر الآخرون، بالعكس، إن الواقع الدولي أو البيئة الدولية بيئة منظمة بذات درجة المجتمعات والبيئات الأخرى(2).
و هو مصطلح أثار الكثير من الجدل و معناه الحرفي هو غياب الحكومة لكنه كثيرا ما يستعمل كمرادف لعدم النظام و التشويش(3)،حيث نجد أنه هناك من يعتبر هذا المصطلح يشير إلى النظام فالمراقب لحركات النَّحل أو سلوكه يَلْحَظُ التردُّدات العشوائيَّةَ التي يُمارسها دون نظام ظاهر، حركات مُستقيمة وأخرى ملتوية دائرية أو اهتزازية، سريعة أو بطيئة، لا يبدو بينها أيُّ ترابُط، ولكن ما كشفه العلمُ من أنَّ هذه الرقصاتِ والحركات العشوائية ما هي إلاَّ لغة منظمة يتواصل بها أفرادُ الخلية تُحدد من خلالها مكانَ الغذاء الذي وجدته، ورُبَّما نوعه، فهذه الفوضى الظاهريَّة في حركات النَّحل هي في الأَصْل تنظيم بديعٌ في الحركة، فلكلٍّ منها هدف محدد واضح لكل فرد منها،و بالتالي يمكن اعتبارها كلغة تواصل بينها،في الطرف الآخر هناك من يعتبرها أنها غياب أو نفي للسلطة.
وبالمعنى الرسمي فإنها تشير إلى عدم وجود سلطة مركزية. وبهذا المعنى فإنها بالتأكيد سمة من سمات النظام الدولي وتحدد الإطار الاجتماعي/ السياسي الذي تحدث فيه العلاقات الدولية. وبهذا المعنى ليست لها دلالة إيجابية ولا سلبية(4)
• الواقعية و نظرتها للفوضى:
بالنسبة للواقعيين الفوضى معطى مسبق في النظام الدولي و لا يمكن القضاء عليها لذا تسعى الدول للحفاظ على بقائها في ظلها بزيادة قوتها و من وجهة نظر الواقعيون الجدد المبدأ التنظيمي للنظام الدولي يأخذ شكل الفوضوية عكس التسلسلية التي تميز النظم الداخلية في الغالب، والفوضى وفقا لدعاة الواقعية هي انتفاء سلطة دولية، وهذه الحالة "لا تسمح فقط بحدوث حروب، بل تجعل من الصعب جدا بالنسبة للدول الوصول إلى غاياتها، طالما انه لا توجد هناك مؤسسات أو هيئة عليا بإمكانها فرض وسن القوانين الدولية . لكن انتفاء حكومة عالمية لا يعني انعدام النظام في العالم، الواقعيون يميزون بين حالتي الفوضى ANARCHYو اللانظام CHOES ، فحالة اللانظام قد تسود العالم لفترات قصيرة كما في حالة الحروب ، وفوضوية النظام الدولي يمكن فهمها بشكل أفضل عند مقارنة النظم الدولية والداخلية، هذه الأخيرة ميزتها التسلسلية، وتقف في علاقات رؤساء ومرؤوسين، فالبعض مخول بالحكم، والبعض ملزم بالخضوع، عكس النظم السياسية الدولية التي ميزتها التشابه الوظيفي(5).
ترى الواقعية أن الوحدات التي تعيش في حالة الفوضى لابد أن تعتمد على مبدأ "مساعدة الذات"Self helpلتحقيق أهدافها والحفاظ على أمنها على أي الاعتماد على الوسائل التي تولدها والترتيبات التي تصنعها بنفسها في ظل النظام الفوضوي ،لذلك لا توجد اختلافات واضحة وكبيرة في الوظائف بين الدول، ففي النظام الفوضوي كل الدول لها وظائف متشابهة ، فهي متمايزة من حيث القدرات وليس الوظائف،حالة الفوضى في النظام الدولي تدفع دوما نحو خلق نظام لتوازن القوة، ترى أن الفوضى سببها هو الطبيعة البشرية الشريرة للإنسان أنه في ظل بيئة دولية قائمة على الفوضى الدولية تعمل على تحقيق مصلحتها(6)
إن الواقعية الهجومية تتمسك بان الفوضى ، غياب حكومة أو سيادة عليا، توفر حوافز قوية للتوسع،وكل الدول تكافح من احل مضاعفة قوتها مقارنة بالدول الأخرى لان الدول الأكثر قوة هي فقط التي( بإمكانها ضمان بقائها، وهي تنتهج سياسات توسعية متى و أين كانت مزايا هذا الفعل تتجاوز تكاليفه.
لكن تفسيرات هذه الفوضى، كانت مبينة على أساس غياب سلطة فوق الدول على المستوى الخارجي يضمن الأمن لها، وعليه فالفوضى هي من ميزة السياسة الدولية، وليس للسياسة الداخلية التي لها سلطة مركزية. في ظل الفوضى الدولية فإن الدول لها هدف واحد أساسي هو المحافظة على الذات أو البقاء(7)
• الليبرالية و تفسيرها للفوضى:
تقوم الليبرالية على الإيمان بالنزعة الفردية القائمة على حرية الفكر والتسامح واحترام كرامة الإنسان وضمان حقه بالحياة وحرية الاعتقاد والضمير وحرية التعبير والمساواة أمام القانون ولا يكون هناك دور للدولة في العلاقات الاجتماعية، فالدولة الليبرالية تقف على الحياد أمام جميع أطياف الشعب ولا تتدخل فيها أو في الأنشطة الاقتصادية إلا في حالة الإخلال بمصالح الفرد ويظهر التقارب بين الليبرالية والديمقراطية في مسألة حرية المعارضة السياسية خصوصا، فبدون الحريات التي تحرص عليها الليبرالية فإنه لا يمكن تشكيل معارضة حقيقية ودعايتها لنفسها وبالتالي لن تكون هنالك انتخابات ذات معنى ولا حكومة منتخبة بشكل ديمقراطي نتيجة لذلك.
لكن التباعد بينهما يظهر من ناحية أخرى، فإن الليبرالية لا تقتصر على حرية الأغلبية بل هي في الواقع تؤكد على حرية الفرد بأنواعها وتحمي بذلك الأقليات بخلاف الديمقراطية التي تعطي السلطة للشعب وبالتالي يمكن أن تؤدي أحيانا إلى اضطهاد الأقليات في حالة غياب مبادئ ليبرالية مثبتة في دستور الدولة تمنع الأغلبية من اضطهاد الأقليات وتحوّل نظام الحكم إلى ما يدعى بالديمقراطية الليبرالية،كذلك يرى بعض الكتـّاب مثل الأمريكي فريد زكريا أنه من الممكن وجود ليبرالية بدون ديمقراطية كاملة أو حتى بوجود السلطة بيد حاكم فرد وهو النظام الذي يعرف بالأوتوقراطية الليبرالية(8)
إن الليبرالية الجديدة تحاول أن تعطي بعض الحرية لسلوك الدولة على الرغم من وجود الفوضى فمثلا يرى كل من "كيوهين و أكسيلرود بأن الفوضى يعني غياب حكومة عالمية ولكن هذه الصورة الثابتة للسياسات العالمية تسمح بتنوع في أنماط التفاعل بين الدول إن الليبرالية ترى أن الفوضى تعني عدم وجود سلطة قادرة على تطبيق التعاقدات ومنع النتائج دون المثالية(9)
ترى الليبرالية أنه في ظل نظام فوضوي هناك إمكانية للتعاون و التكامل سواء إقليمي أو دولي بوجود تكتلات اقتصادية و سياسية و عسكرية، الليبرالية ترى إمكانية وجود حلول للفوضى الدولية من خلال المؤسسات الدولية(10).
• البنائية و تفسيرها للفوضى:
تقر البنائية بفوضوية النظام الدولي ، لكن ليست هي سبب كل شيء كما يعتقد الواقعيون. وإنما البنية الاجتماعية و إدراكها الجماعي هي القادرة على إدراك أو تأويل نتائج الفوضى أو آثار فوضى النظام.
ويعتبر البنائيون أن الفوضى هي أقرب من أن تكون مزيجا مهيكلا ناتجا عن ممارسة الفاعلين أنفسهم و الذين يوجهون و يتحكمون ( حسب مصالحهم و هوياتهم) في القواعد و المصادر المتاحة من قبل بنية معينة، و يساهمون بهذا في تشكيل و إنتاج هذه الفوضوية و لكن كذلك المساهمة في تحويلها أو تغييرها.
و عليه فالعالم هو نتاج ما نفعله نحن فلا وجود للحتمية ، كون الدول و الفوضى هي معطى مسبق يتشكل بمعزل عن الفواعل بداخله و يفرض عليها- بل المسؤولية، فالترتيب و التوزيع المادي للعالم يشكل بفعل الأفكار و المعتقدات، فالفوضى إذا هي نتاج ما تصنعه الدول و ليست قانون مسبق، ومنه :الفوضى هي بنى اجتماعية و ليست طبيعة للنظام الدولي(11).
حيث تجادل البنائية بأنه لا يوجد منطق متأصل للفوضوية. فالمفاهيم التي تبدو منحدرة منها (مثل المساعدة الذاتية، سياسة القوة، السيادة) هي في واقع الأمر مؤسسات تكونت اجتماعيا وليست سمات أساسية للفوضوية فالفوضوية وفقا ل"وندت" هي ما تصنعه الدول منها أو بها Anarchy is. «what states make of It وبهذه الطريقة بدأ التفكير الجديد في مجال العلاقات الدولية يشكك بالوضع الأبستمولوجي و الأنطولوجي للنظرية و يجادل بأن افتراض الفوضوية ينطوي على قصر نظر و هو بشكل خاص يعطي امتياز ا للدولة لا للناس أو الأفراد ومن خلال إن الفوضى العالمية عند البنائية هي هيكلية وذلك لأنها تنشأ نتيجة للتأثير المتبادل للفاعلين الذين يستخدمون قواعد معينة ويدخلون في معاملات اجتماعية. وهذا يعني أن الفوضى لها معاني مختلفة نتيجة لتعدد الفاعلين الذين ينطلقون من الفهم الجماعي لمجتمعاتهم ومن معاملاتهم الاجتماعية. فعلى أحد أطراف النظام الأمني هناك الفهم "التنافسي" للفوضى حيث تنظر كل دولة بصورة سلبية لأمن الدولة الأخرى. فكسب دولة ما يعني خسران الدولة الأخرى. والعلاقة السلبية التي تنشأ في ظل الفوضى تكون نظام الواقعية الذي يركز على القوة بحسبانها مفتاح السياسة العالمية. وعلى هذا فإن الفوضى ليس لها منطق مستقل عن العمليات التي تتم داخل النظام. ولذلك يمكن أن تولد الفوضى مخرجات مختلفة استنادا إلى نوع الثقافات والأدوار التي تسيطر على النظام(12)
كما تقر أن تقر البنائية على مسالة البنية الفوضوية للنظام الدولي وتفق مع الواقعية على الطبيعة الفوضوية للنظام غير أن الفوضى لا تحتل نفس القيمة التحليلية بنفس الشكل لكل منهما، ففوضوية النظام الدولي ليست هي سبب كل شيء كما يعتقد الواقعيون. فالبنية الاجتماعية و إدراكها الجماعي هي فقط القادرة على إدراك أو تأويل نتائج الفوضى أو آثار فوضى النظام(13).
• أشكال الفوضى في النظام الدولي
• الفوضى الهدامة:
تعم الفوضى الهدامة أو المدمرة في كل دولة لم تعد قادرة على تقديم السلع السياسية و الاقتصادية الايجابية لشعبها ، فضلاً عن مشروعات اقتصادية تنموية وثقافية,و بالتالي ستصنف ضمن الدول الفاشلة، وهنا ينبغي أن نميز بين الدولة الفاشلة والدولة الضعيفة، فالضعف يرشحها جدياً للفشل ولأدوار من خارج الدولة ذاتها، ويؤهلها لدخول ديناميكيات الفشل.
ففي تعريف الدولة الفاشلة:" هي تلك التي تمتاز بالتوتر والصراعات العميقة، تموج بها حالات العصيان والتمرد بسببٍ من عمق درجة الاستياء المجتمعي، ومن ثم لجوء هذه الدولة إلى العنف في مواجهة المطالب الشعبية السياسية والحقوقية المختلفة. عندها تتدهور مستويات المعيشة بدرجة أكبر، إلى حدود ضعف البنية الأساسية للحياة العادية"،حيث يعرفها "نعوم تشو مسكي": هي "الدول غير القادرة أو غير الراغبة في حماية مواطنيها من العنف وربما من الدمار نفسه"، والتي "تعتبر نفسها فوق القانون، محلياً كان أم دولياً".
يرى بعض الباحثين انه مع بداية الألفية الجديدة، شهد المسرح السياسي العالمي تغيرات بنيوية جذرية. وبدأ هذا التحول مع النصف الثاني للقرن الماضي. وبعيدا عن مستقبل اليقين ونهاية الصراع، فقد صار العالم أكثر تعقيدا وغموضا وخطورة بسبب سيرورتين محدودتين هما: العولمة والتفكك. وبينما تتجه الدول القوية او العظيمة نحو العولمة والتكامل وقبول التعددية الثقافية، نجد دولا او مجموعات داخل دول تقاوم مثل هذه العمليات، مما نتج عنه عدم استقرار واسع وتهديد متزايد للسلام الإقليمي والعالمي. ومعظم هذه الدول توصف بأنها فاشلة او في طريقها إلى الفشل. والملاحظ إن إعداد مثل هذه الدول تتزايد. فقد حدث الانهيار والتفكك والصراع المسلح في الاتحاد السوفيتي السابق والبلقان والقوقاز وشمال ووسط إفريقيا. ونتج عن ذلك ظهور الكثير من الكيانات بحكم ذاتي نال بعضها الاعتراف او تسعى لنيله كدولة مستقلة ذات سيادة(14) .
و لابد من التمييز بين الدولة و الفاشلة و بعض المصطلحات المشابهة لها:
1- الدولة الضعيفة: مفهوم الدول الضعيفة استخدم خلال الستينات من طرف المفكر "Gunnar Myrdal" إشارة للدولة الإفريقية حديثة الاستقلال أو الدول الحديثة النشأة،حيث بدا انسجامها و استقرارها معرضا للخطر فقد كانت قائمة على حدود غير واضحة المعالم، بدون وحدة وطنية أو حتى دينية أو ثقافية، كانت موجهة بسلطات ضعيفة و لم تشهد نموا اقتصاديا يحقق احتياجات شعوبها.
2- الدولة المنهارة the callapes state هي الدولة التي زالت أو انهارت كلية أجهزتها الدول و تنظيمها السياسي بسبب صعوبات ذات طبيعة داخلية (حروب أهلية) مثل يوغوسلافيا سابقا.
3- الدولة المخترقة l’état assailli هي الدول التي تواجه تسريبات و فوضى قادمة من الدول المجاورة مثل الزايير سابقا.
4- الدولة المارقة "Rogue State" و هي الدولة التي تتبنى سياسات تهدد محيطها،بتعديها على الاتفاقيات الدولية، حقوق الإنسان و تمارس دكتاتورية بوليسية، وتمتلك أو تسعى لامتلاك أسلحة الدمار الشامل(15).
• الفوضى الخلاقة(البناءة):
يعيد البعض هذا المفهوم إلى نيكول ميكيافليي في كتابه الأمير بقوله"الشجاعة تنتج السلم و السلم ينتج الراحة و الراحة تتبعها الفوضى و الفوضى تؤدي إلى الخراب و من الفوضى ينشأ النظام و النظام يقود إلى النجاة" و قد ظهر هذا المصطلح حليا في مسرح التداول السياسي و الإعلامي بعد الغزو الأمريكي للعراق في عهد بوش الابن و تعتبر نظرية الفوضى الخلاقة أن الاستقرار في العالم العربي يشكل عائقا أساسيا أمام تقدم مصالح و.م.أفي المنظمة لذا لابد من الاعتماد على سلسة من التدابير تضمن السيطرة و الهيمنة(16).
هو مفهوم أطلقه المحافظون الجدد في و.م.أ تجاه عمليات التغيير في الشرق الأوسط حيث أكد هؤلاء في مجمل اطروحاتهم الفكرية و السياسية بان المجتمعات القريبة منها من محاذاة الأطلسي في الغرب و حتى حدود أفغانستان راكدة سياسيا و لكي يتحرك ركودها لابد من إحداث شيء من الفوضى حتى يحصل التغيير في هذه الدول نحو الأفضل هذا المصطلح لا يختلف كثيرا عن نظرية الدوم ينو أو قد يعتبر امتداد لها حيث هناك من يرى أنها أسلوب أمريكي جديد بل هو استنباط راهن لوسيلة قديمة جاهدت الو.م.أ في استخدامها لتفكيك النظام العالمي القديم و مع تقدم الفوضى الخلاقة أو البناءة كأحد أسس وجود الإستراتيجية الأمريكية و تدخلها في تفاصيل آليات الهدم و البناء.(17)
هي مصطلح تكرس مع وصول المحافظين الجدد و تعود جذور هذه النظرية إلى أفكار الفيلسوف "ليوستراوس" الذي رأى: "السلطة الحقيقية لا يمكن ممارستها إذ ما بقي المرء في حالة ثبات، أو حافظ على الوضع الراهن، بل على العكس ينبغي العمل على تدمير كل إشكال المقاومة".(18) و قد صممت كنظرية في معهد « American Enterprise » الذي يعتبر قلعة المحافظين الجدد، و يركز هذا المعهد في اهتماماته على صياغة مشاريع بوش الابن للشرق الأوسط التي تفرض بالقوة العسكرية، فالاستقرار في العالم لا يخدم المصالح الإستراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية و بالتالي يجب تدمير هذا الاستقرار من اجل نشر الفوضى البناءة.
رأى Michael Leeden احد كبار المحافظين الجدد أن فكرة الفوضى و التغيير عبر الفوضى هي فكرة قديمة تمتد جذورها في الفكر الغربي الليبرالي حيث يقول:"الفوضى الخلاقة هي معلم أساسي في فكرنا داخل مجتمعنا و خارجه...نحن ندمر النظام القديم كل يوم...و لطالما خشي أعداؤنا هذه الزوبعة المؤلفة من الطاقة الخلاقة التي تهدد تقاليدهم...ينبغي علينا تدميرهم لنتقدم نحو مهمتنا التاريخية".(19)
كذلك يشرح"جيل سورونسورو"هذه الإستراتيجية بأنها تتضمن استغلال عناصر داخل المجتمع تتطلع نحو التغيير، دعمها عبر تحريك الإعلام العالمي و المحلي، اختراع رمز يمكنهم التوحد حوله، و زيادة الضغط الدولي تجاه القوى التي يعارضونها.
اعتمدت الولايات المتحدة الأمريكية سياسة المحافظة على الاستقرار- ولاية بوش الأب - و لكن بوصول بوش الابن للحكم أصبح هذا الاستقرار يمثل المشكلة و العقبة الأساسية في وجه تحقيق المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، و بالتالي في هذه الفترة تطلع المحافظون الجدد في ممارستهم للسياسة الخارجية إلى إعادة رسم الخارطة السياسية و أحيانا الجيوسياسية للمنطقة، و ذلك بما يخدم المصالح الأمريكية.
وعلى العموم يمكن إيجاز خصائص نظرية الفوضى البناءة في:
1- القضاء على النظام الإقليمي العربي، عبر دفع كل دولة للتعامل مع الأجندة الأمريكية دون اعتبار للدول الأخرى، و ربما على حسابها بالذوبان في الشرق الأوسط الجديد
2- وضع النظام في حالة قلق مستمر من خلال الضغوط و التلويح بضرورة التغيير و إحداث تغيير بطيء لبعض الدول مثل: مصر، و سريع بالنسبة إلى أنظمة أخرى مثل: سوريا، لبنان و لاسيما العراق.
3- إعادة صياغة النظم وفق حالة العراق، حيث جرى تهديم الدولة، البنى التحتية لتعاد صياغته انطلاقا من انه كيان يتشكل من كتل غير متجانسة (السنة، الشيعة، و الأكراد).
و لقد طبقت هذه النظرية كإستراتيجية في العديد من دول الشرق الأوسط مثل: لبنان، سوريا،إيران، القرن الإفريقي – الصومال - و العراق الذي يعد النموذج الأمثل لتطبيق إستراتيجية الفوضى البناءة (حرب 2003 كمحور مستقل).(20)
• الفوضى الناضجة:
ظهرت في ثمانينات و تسعينات القرن العشرين حيث تدرك فيها الدول الأخطار التي تنطوي عليها مواصلة المنافسة الشديدة في العالم النووي.
حيث جادل بوزان أن إحدى السمات اللافتة و الهامة لثمانينات و تسعينات القرن العشرين هو الظهور التدريجي لنوع من الفوضى الأكثر نضوجا حيث تدرك فيها الدول الأخطار الشديدة التي تنطوي عليها مواصلة المنافسة الشديدة في عالم نووي.
و يرى بوزان أنه مع التسليم بوجود نزعة لدى الدول للتركيز على مصالحها الأمنية المحدودة الضيقة فإنه يسود اعتقاد متزايد بين الدول الأكثر نضوجا في النظام الدولي بأن هناك أسباب أمنية وجيهة لأخذ مصالح جيرانها باعتبار رسم لسياستها الخاصة حيث يستشهد ببلدان الشمال كمثال على مجموعة من الدول التي انتقلت عبر عملية النضوج من المزاحمة العسكرية إلى جماعة أمنية و يسلم بأن مثل هذا التطور للمجتمع الدولي ككل سيكون بطيئا في الغالب و غير متساو في انجازاته
• الفوضى القادمة:
جاء مصطلح الفوضى القادمة بعد إدراك الولايات المتحدة الأميركية ما يحدث على الساحة الدولية من متغيرات على الصعيدين الجيوستراتيجي و الجيوبوليتيكي , وخصوصا تلك التي قد تؤثر في مساعيها الراهنة لترسيخ هيمنتها على العالم , ومنه فان تلك الرؤية المستقبلية الهادفة للبقاء على قمة الهرم القيادي خلال السنوات المقبلة , وبالطبع فان تلك الرؤية المستقبلية لما قد يترتب على تلك المتغيرات من تحولات في بناء ميزان القوى , والتوازن الاستراتيجي العالمي , وخصوصا في ظل تسارع الأحداث الدولية , ومختلف التحولات على الخارطة العالمية , كانتشار الفوضى والإرهاب , وسعي بعض الدول إلى امتلاك الأسلحة النووية , وزيادة العنف , وتوسع طرق الرد والرد المضاد للدول والجماعات والأفراد , وصعوبة استنفار رد منسق على أي عدوان محتمل موجه إلى الولايات المتحدة الاميريكة أو أي من حلفائها , وما ترتب على ذلك من تضخم بيئة الفلتان الأمني والعسكري والسياسي , والذي أدى بدوره إلى الحد من اتساع الفلك الأميركي خلال السنوات الأخيرة , دفع هذه الإمبراطورية إلى البحث عن خيارات جديدة ومناسبة لاحتواء تلك البيئة الشرسة والمارقة من وجهة نظرها كذلك تيقن الولايات المتحدة الاميريكة بان هناك العديد من الحلفاء " الأصدقاء الأعداء " , الذين ينتظرون الفرصة السانحة للانقضاض عليها , وذلك بهدف الحد من هيمنتها وتوسعها الامبريالي في العالم , والذي اثر كثيرا بأهدافهم وطموحاتهم التي لا تختلف كثيرا عن أهدافها , من حيث الرغبة في التوسع ونيل النصيب الأكبر من ثروات العالم , وخصوصا في ظل سرعة تقلب الصداقات والعداوات الدولية في عالم السياسة , وعليه فانه بات من الضروري اتخاذ الإحتياطات اللازمة للتصدي لأي خطر أجنبي خاصة على المناطق ذات الحساسية الجيواستراتيجية آو الجيوبوليتيكة , كونها ذات قابلية لقلب موازين القوة في أي لحظة .
ومن ابرز المخاوف الاميريكة الحاضرة , حدوث ما سنطلق عليه بــالانقلاب العالمي في موازين القوة العسكرية خلال القرن الحادي والعشرون , ولا نقصد حدوث ذلك التغير على مستوى الدول الكبرى فقط , بل من خلال بروز تلك التهديدات من قبل بعض الدول أو الأفراد أو المنظمات الإرهابية أو الجماعات الحانقة على السياسات الاميريكة
وقد وجدت الولايات المتحدة الاميريكة أنم الوسيلة المناسبة لحفظ مكانتها, هو التغيير العسكري الجذري الاستراتيجي في قدراتها العسكرية , وذلك بتطوير أسلحتها التقليدية وغير التقليدية , وبناء عدد من المنظومات الدفاعية والهجومية ونشرها في مختلف أنحاء العالم , وإعداد قوات مسلحة أمريكية مجهزة بأجهزة عالية الدقة والتطور, ومدعومة بكل ما من شانه إدخال العالم إلى شبكتها الاستخباراتية , المكونة من عشرات الأقمار الصناعية وأجهزة الحواسيب العملاقة , وملايين الأجهزة المعلوماتية الدقيقة , وغيرها من الآلات التي باتت قادرة على حساب أدق التفاصيل في حركة الإنسان وحياته الشخصية , وذلك للتقليل من الاعتماد على الحلفاء في مجال إدارة العمليات العسكرية ذلك أنه عند إدراك كبار القادة من قدراتهم فانه سيزيد من نزوعهم إلى التهديد باستخدام القوة كأداة للدبلوماسية .





• قائمة المراجع:
1- مارتن غريفيش و تيري أوكلاهان،"المفاهيم الأساسية في العلاقات الدولية".الإمارات،مركز الخليج للابحاث،2008،ص 324.
2- سماعيل صبري مقلد ، "العلاقات السياسية الدولية : النظرية و الواقع" . أسيوط، ط4، أسيوط 2004ـص27.
3- غراهام إيفانز و جيفري نوينهام،"قاموس بنغوين للعلاقات الدولية".مركز الخليج للأبحاث،ص 22.
4- عادل زقاغ،"الفوضى"، نقلا عن موقع:
http://www.geocities.com/adelzeggagh/anarchy.htm
5- أنور محمد فرج،"نظرية الواقعية في العلاقات الدولية".السليمانية،مركز كردستان للدراسات الاستراتيجية،2008،ص 124.
6- حكيمي توفيق،"الحوار النيوواقعي- النيوليبرالي حول مضامين الصعود الصيني".مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير في العلوم السياسية و العلاقات الدولية،تخصص علاقات دولية و دراسات استراتيجية،جامعة باتنة،2007-2008،ص 14.
7- عبد اللطيف بوروبي،"تحول النظريات و الافكار في العلاقات الدولية بعد الحرب الباردة".رسالة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه في العلوم شعبة علوم سياسية فرع علاقات دولية،جامعة قسنطينة،2008-2009،ص117-127.
8- طلعت رميح،"الفوضى الخلاقة معبر الليبراليين الجدد للحكم.....كيف نواجهها؟"من موقع:http://almoslim.net
9- أنور محمد فرج،مرجع سبق ذكره،ص410.
10- عبد اللطيف بوروبي،مرجع سبق ذكره،ص 125-157.
11- جون بيليس و ستيف سميث،عولمة السياسة العالمية.مركز الخليج للأبحاث،الطبعة الأولى2004 ،ص 235.
12- أنور محمد فرج،مرجع سبق ذكره،ص 436-437.
13- عمار حجار.، السياسة الأمنية الأوروبية تجاه جنوبها المتوسط، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في العلاقات الدولية، جامعة باتنة، دورة جوان 2002،ص 43.
14- عبد الهادي خلف،"متى تكون الدولة فاشلة؟http://www.alwaqt.com
15- نبيل حاجي نائف ،"الدولة الناجحة والدولة الفاشلة", نقلا عن موقع: http://www.ahewar.org
16- نديم منصوري،"الثورات العربية بين المطامح و المطامع".بيروت،منتدى المعارف،الطبعة الأولى،2012،ص 35.
17- ناظم عبد الواحد الجاسور،"موسوعة المصطلحات السياسية و الفلسفية و الدولية".بيروت،دار النهضة العربية،الطبعة الاولى،2008،ص459-460.
18- تيري ميسان،" المحافظون الجدد و الفوضى البناءة، النموذج اللبناني"، ترجمة عيسى الأيوبي، في موقع:
http://www.voltairnet.org/article/42882.htm
19- هادي الفبيسي،"السياسة الخارجية الأمريكية بين المدرستين،المحافظون الجدد و الواقعية".بيروت،الدار العربية للعلوم الناشرون،2008،ص 58.
20- - محمد بن سعيد الفطيسي،"الفوضى القادمة في السياسات العسكرية ".نقلا عن موقع: http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp



#شوفي_مريم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التصور الامني لمدرسة كوبنهاجن


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شوفي مريم - الفوضى